أي ( قل ) يا محمد للكافرين هل نخبركم . الآية ، فإذا طلبوا ذلك فقل لهم ( أولئك الذين كفروا ) والأخسرون أعمالا عن علي هم الرهبان كقوله ( عاملة ناصبة ) . وعن مجاهد : هم أهل الكتاب . وقيل : هم الصابئون . وسأل ابن الكواء عليا عنهم فقال : منهم أهل حروراء . وينبغي حمل هذه الأقوال على [ ص: 167 ] التمثيل على الحصر إذ الأخسرون أعمالا هم كل من دان بدين غير الإسلام ، أو راءى بعمله ، أو أقام على بدعة تئول به إلى الكفر ، والأخسر من أتعب نفسه فأدى تعبه به إلى النار . وانتصب ( أعمالا ) على التمييز وجمع ؛ لأن أعمالهم في الضلال مختلفة وليسوا مشتركين في عمل واحد و ( الذين ) يصح رفعه على أنه خبر مبتدإ محذوف ، أي : هم ( الذين ) وكأنه جواب عن سؤال ، ويجوز نصبه على الذم وخبره على الوصف أو البدل ( ضل سعيهم ) ، أي : هلك وبطل وذهب و ( يحسبون ) و ( يحسنون ) من تجنيس التصحيف وهو أن يكون النقط فرقا بين الكلمتين . ومنه قول : أبي عبادة البحتري
ولم يكن المغتر بالله إذ سرى ليعجز والمعتز بالله طالبه
ومن غريب هذا النوع من التجنيس . قال الشاعر :
سقينني ربي وغنينني بحت بحبي حين بن الخرد
صحف بقوله :
سقيتني ربي وغنيتني بحب يحيى بن الجرد
وقرأ ابن عباس وأبو السمال ( فحبطت ) بفتح الباء والجمهور بكسرها . وقرأ الجمهور ( فلا نقيم ) بالنون ( وزنا ) بالنصب ومجاهد ( فلا يقيم ) بالياء لتقدم قوله ( وعبيد بن عمير بآيات ربهم ) وعن عبيد أيضا ( يقوم ) بفتح الياء كأنه جعل قام متعديا . وعن مجاهد وابن محيصن ويعقوب بخلاف عنهم : فلا يقوم مضارع قام ( وزن ) مرفوع به . واحتمل قوله ( فلا نقيم ) إلا به أنهم لا حسنة لهم توزن في موازين القيامة ، ومن لا حسنة له فهو في النار . واحتمل أن يريد المجاز كأنه قال : فلا قدر لهم عندنا يومئذ .
وفي الحديث : " فلا نقيم ) الآية . وفي الحديث أيضا : " يؤتى بالأكول الشروب الطويل فلا يزن جناح بعوضة " ثم قرأ ( يأتي ناس بأعمال يوم القيامة هي عندهم في العظم كجبال تهامة فإذا وزنوها لم تزن شيئا " .
( ذلك جزاؤهم ) مبتدأ وخبر و ( جهنم ) بدل و ( ذلك ) إشارة إلى ترك إقامة الوزن ، ويجوز أن يشار بذلك وإن كان مفردا إلى الجمع فيكون بمعنى أولئك ويكون ( جزاؤهم جهنم ) مبتدأ وخبرا . وقال أبو البقاء : ( ذلك ) ، أي : الأمر ذلك وما بعده مبتدأ وخبر ، ويجوز أن يكون ( ذلك ) مبتدأ و ( جزاؤهم ) مبتدأ ثان و ( جهنم ) خبره . والجملة خبر الأول والعائد محذوف ، أي : جزاؤه انتهى . ويحتاج هذا التوجيه إلى نظر قال : ويجوز أن يكون ( ذلك ) مبتدأ و ( جزاؤهم ) بدل أو عطف بيان و ( جهنم ) الخبر . ويجوز أن يكون ( جهنم ) بدلا من جزاء أو خبر لابتداء محذوف ، أي : هو جهنم و ( بما كفروا ) خبر ذلك ، ولا يجوز أن تتعلق الباء بـ ( جزاؤهم ) للفصل بينهما و ( اتخذوا ) يجوز أن يكون معطوفا على ( كفروا ) وأن يكون مستأنفا انتهى . والآيات هي المعجزات الظاهرة على أيدي الأنبياء ، والصحف الإلهية المنزلة عليهم .