[ ص: 192 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=41nindex.php?page=treesubj&link=28990واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=42إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=44يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=49فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=50ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا ) .
[ ص: 193 ] ( واذكر ) خطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم - والمراد اتل عليهم نبأ ( إبراهيم ) وذاكره ومورده في التنزيل هو الله تعالى ، ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما ذكر قصة
مريم وابنها
عيسى واختلاف الأحزاب فيهما وعبادتهما من دون الله ، وكانا من قبيل من قامت بهما الحياة ذكر الفريق الضال الذي عبد جمادا والفريقان وإن اشتركا في الضلال ، والفريق العابد الجماد أضل ، ثم ذكر قصة
إبراهيم مع أبيه - عليه السلام - تذكيرا للعرب بما كان
إبراهيم عليه من توحيد الله ، وتبيين أنهم سالكو غير طريقه ، وفيه صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما أخبر به وأن ذلك متلقى بالوحي . والصديق من أبنية المبالغة ، وهو مبني من الثلاثي للمبالغة ، أي : كثير الصدق ، والصدق عرفه في اللسان ويقابله الكذب ، وقد يستعمل في الأفعال والخلق وفيما لا يعقل ، يقال : صدقني الطعام كذا وكذا قفيزا ، وعود صدق للصلب الجيد فوصف
إبراهيم بالصدق على العموم في أقواله وأفعاله ، والصديقية مراتب ألا ترى إلى وصف المؤمنين بها في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=69من النبيين والصديقين ) ومن غريب النقل ما ذهب إليه بعض النحويين من أن فعيلا إذا كان من متعد جاز أن يعمل فتقول هذا شريب مسكر كما أعملوا عند البصريين فعولا وفعالا ومفعالا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والمراد فرط صدقه وكثرة ما صدق به من غيوب الله وآياته وكتبه ورسله ، وكان الرجحان والغلبة في هذا التصديق للكتب والرسل ، أي : كان مصدقا لجميع الأنبياء وكتبهم وكان نبيا في نفسه لقوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=37بل جاء بالحق وصدق المرسلين ) وكان بليغا في الصدق ؛ لأن ملاك أمر النبوة الصدق ، ومصدق الله بآياته ومعجزاته حري أن يكون كذلك ، وهذه الجملة وقعت اعتراضا بين المبدل منه وبدله أعني (
إبراهيم ) .
و ( إذ قال ) نحو قولك : رأيت زيدا - ونعم الرجل - أخاك ويجوز أن تتعلق ( إذ ) بكان أو بـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=41صديقا نبيا ) ، أي : كان جامعا لخصائص الصديقين والأنبياء حين خاطب أباه تلك المخاطبات . انتهى .
فالتخريج الأول يقتضي تصرف ( إذ ) وقد تقدم لنا أنها لا تتصرف ، والتخريج الثاني مبني على أن ( كان ) الناقصة وأخواتها تعمل في الظروف وهي مسألة خلاف . والتخريج الثالث لا يصح ؛ لأن العمل لا ينسب إلا إلى لفظ واحد ، أما أن ينسب إلى مركب من مجموع لفظين فلا ، وجائز أن يكون معمولا لـ ( صديقا ) لأنه نعت إلا على رأي
الكوفيين ، ويحتمل أن يكون معمولا لـ ( نبيا ) ، أي : منبأ في وقت قوله لأبيه ما قال ، وأن التنبئة كانت في ذلك الوقت وهو بعيد .
وقرأ
أبو البر هثيم ( إنه كان صادقا ) . وفي قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=42ياأبت ) تلطف واستدعاء بالنسب . وقرأ
ابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج وأبو جعفر ( يا أبت ) بفتح التاء وقد لحن
هارون هذه القراءة ، وتقدم الكلام على ( يا أبت ) في سورة
يوسف - عليه السلام - وفي مصحف
عبد الله وا أبت بواو بدل ياء ، واستفهم
إبراهيم - عليه السلام - عن السبب الحامل لأبيه على عبادة الصنم وهو منتف عنه السمع والبصر والإغناء عنه شيئا تنبيها على شنعة الرأي وقبحه وفساده في عبادة من انتفت عنه هذه الأوصاف .
وخطب
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري فقال : انظر حين أراد أن ينصح أباه ويعظه فيما كان متورطا فيه من الخطأ العظيم ، والارتكاب الشنيع الذي عصى فيه أمر العقل ، وانسلخ عن قضية التمييز ؛ كيف رتب الكلام معه في أحسن اتساق ، وساقه أرشق مساق ، مع استعمال المجاملة واللطف والرفق واللين والأدب الجميل والخلق الحسن ، منتصحا في ذلك نصيحة ربه - جل وعلا - . حدث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة - رضي الله عنه - قال :
قال رسول الله : " أوحى الله إلى إبراهيم - عليه السلام - إنك خليلي حسن خلقك ولو مع الكفار ، تدخل مداخل الأبرار " ، كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أظله تحت عرشي وأسكنه حظيرة [ ص: 194 ] القدس ، وأدنيه من جواري . وسرد
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري بعد هذا كلاما كثيرا من نوع الخطابة تركناه .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=42ما لا يسمع ) الظاهر أنها موصولة ، وجوزوا أن تكون نكرة موصوفة ، ومعمول ( يسمع ) و ( يبصر ) منسي ولا ينوي ، أي : ما ليس به استماع ولا إبصار ؛ لأن المقصود نفي هاتين الصفتين دون تقييد بمتعلق . و ( شيئا ) . إما مصدر أو مفعول به ، ولما سأله عن العلة في عبادة الصنم ولا يمكن أن يجد جوابا ، انتقل معه إلى إخباره بأنه قد جاءه من العلم ما لم يأته ولم يصف أباه بالجهل إذ يغني عنه السؤال السابق . وقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43من العلم ) على سبيل التبعيض ، أي : شيء من العلم ليس معك ، وهذه المحاورة تدل على أن ذلك كان بعدما نبئ ، إذ في لفظ ( جاءني ) تجدد العلم ، والذي جاءه الوحي الذي أتى به الملك أو العلم بأمور الآخرة وثوابها وعقابها أو توحيد الله وإفراده بالألوهية والعبادة أقوال ثلاثة (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43فاتبعني ) على توحيد الله بالعبادة وارفض الأصنام (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43أهدك صراطا مستقيما ) وهو الإيمان بالله وإفراده بالعبادة . وانتقل من أمره باتباعه إلى نهيه عن عبادة الشيطان ، وعبادته كونه يطيعه في عبادة الأصنام ثم نفره عن عبادة الشيطان بأنه كان عصيا للرحمن ، حيث استعصى حين أمره بالسجود
لآدم فأبى ، فهو عدو لك ولأبيك
آدم من قبل . وكان لفظ الرحمن هنا تنبيها على سعة رحمته ، وأن من هذا وصفه هو الذي ينبغي أن يعبد ولا يعصى ، وإعلاما بشقاوة الشيطان حيث عصى من هذه صفته وارتكب من ذلك ما طرده من هذه الرحمة ، وإن كان مختارا لنفسه عصيان ربه لا يختار لذريته من عصى لأجله إلا ما اختار لنفسه من عصيانهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45ياأبت إني أخاف ) قال
الفراء nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري ( أخاف ) أعلم كما قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=80فخشينا أن يرهقهما ) ، أي : تيقنا ، والأولى حمل ( أخاف ) على موضوعه الأصلي ؛ لأنه لم يكن آيسا من إيمانه بل كان راجيا له وخائفا أن لا يؤمن وأن يتمادى على الكفر فيمسه العذاب ، وخوفه
إبراهيم سوء العاقبة وتأدب معه إذ لم يصرح بلحوق العذاب به بل أخرج ذلك مخرج الخائف ، وأتى بلفظ المس الذي هو ألطف من المعاقبة ونكر العذاب ، ورتب على مس العذاب ما هو أكبر منه وهو ولاية الشيطان ، كما قال في مقابل ذلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72ورضوان من الله أكبر ) ، أي : من النعيم السابق ذكره ، وصدر كل نصيحة بقوله ( يا أبت ) توصلا إليه واستعطافا .
وقيل : الولاية هنا كونه مقرونا معه في الآخرة وإن تباغضا وتبرأ بعضهما من بعض . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير إني أخاف أن تكون وليا في الدنيا للشيطان فيمسك في الآخرة عذاب من الرحمن . وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45أن يمسك عذاب من الرحمن ) لا يعين أن العذاب يكون في الآخرة ، بل يحتمل أن يحمل العذاب على الخذلان من الله فيصير مواليا للشيطان ، ويحتمل أن يكون مس العذاب في الدنيا بأن يبتلى على كفره بعذاب في الدنيا ، فيكون ذلك العذاب سببا لتماديه على الكفر وصيرورته إلى ولاية الشيطان إلى أن يوافى على الكفر كما قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=168وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ) وهذه المناصحات تدل على شدة تعلق قلبه بمعالجة أبيه ، والطماعية في هدايته قضاء لحق الأبوة وإرشادا إلى الهدى "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374573لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " .
( قال ) ، أي : أبوه (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46nindex.php?page=treesubj&link=28990أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم ) استفهم استفهام إنكار ، والرغبة عن الشيء تركه عمدا ، وآلهته أصنامه ، وأغلظ له في هذا الإنكار وناداه باسمه ولم يقابل ( يا أبت ) بيا بني . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقدم الخبر على المبتدأ في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46أراغب أنت عن آلهتي ) لأنه كان أهم عنده وهو عنده أعني وفيه ضرب من التعجب والإنكار لرغبته عن آلهته ، وإن آلهته ما ينبغي أن يرغب عنها أحد . وفي هذا سلوان وثلج لصدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما كان يلقى من مثل ذلك من كفار قومه . انتهى .
والمختار في إعراب (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46أراغب أنت ) أن يكون راغب مبتدأ لأنه قد اعتمد على أداة الاستفهام ، و ( أنت ) فاعل سد مسد الخبر ، ويترجح هذا
[ ص: 195 ] الإعراب على ما أعربه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري من كون (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46أراغب ) خبرا و ( أنت ) مبتدأ بوجهين :
أحدهما : أنه لا يكون فيه تقديم ولا تأخير إذ رتبة الخبر أن يتأخر عن المبتدأ .
والثاني : أن لا يكون فصل بين العامل الذي هو (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46أراغب ) وبين معموله الذي هو (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46عن آلهتي ) بما ليس بمعمول للعامل ؛ لأن الخبر ليس هو عاملا في المبتدأ بخلاف كون ( أنت ) فاعلا فإنه معمول (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46أراغب ) فلم يفصل بين (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46أراغب ) وبين (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46عن آلهتي ) بأجنبي إنما فصل بمعمول له .
ولما أنكر عليه رغبته عن آلهته توعده مقسما على إنفاذ ما توعده به إن لم ينته ومتعلق ( تنته ) محذوف واحتمل أن يكون عن مخاطبتي بما خاطبتني به ودعوتني إليه ، وأن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لئن لم تنته ) عن الرغبة عن آلهتي (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لأرجمنك ) جواب القسم المحذوف قبل ( لئن ) . قال
الحسن : بالحجارة . وقيل : لأقتلنك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج : لأشتمنك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : علام عطف (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46واهجرني ) ؟ قلت : على معطوف عليه محذوف يدل عليه (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لأرجمنك ) ، أي : فاحذرني (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46واهجرني ) ؛ لأن (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لأرجمنك ) تهديد وتقريع . انتهى . وإنما احتاج إلى حذف ليناسب بين جملتي العطف والمعطوف عليه ، وليس ذلك بلازم عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه بل يجوز عطف الجملة الخبرية على الجملة الإنشائية . فقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46واهجرني ) معطوف على قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لئن لم تنته لأرجمنك ) وكلاهما معمول للقول . وانتصب (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46مليا ) على الظرف ، أي : دهرا طويلا ، قاله الجمهور
والحسن ومجاهد وغيرهما ، ومنه الملوان ، وهما الليل والنهار . والملاوة بتثليث حركة الميم الدهر الطويل من قولهم : أمليت لفلان في الأمر إذا أطلت له . وقال الشاعر :
فعشنا بها من الشباب ملاوة فأنجح آيات الرسول المحبب
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : سير عليه ملي من الدهر ، أي : زمان طويل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46مليا ) معناه سالم سويا فهو حال من فاعل (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46واهجرني ) . قال
ابن عطية : وتلخيص هذا أن يكون بمعنى قوله مستندا بحالك غنيا عني مليا بالاكتفاء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : معناه أبدا . ومنه قول
مهلهل :
فتصدعت صم الجبال لموته وبكت عليه المرملات مليا
وقال
ابن جبير : دهرا ، وأصل الحرف المكث ، يقال : تمليت حينا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أو (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46مليا ) بالذهاب عني والهجران قبل أن أثخنك بالضرب حتى لا تقدر أن تبرح ، فلان ملي بكذا إذا كان مطيقا له مضطلعا به انتهى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47قال سلام عليك ) . قرأ
أبو البر هثيم : سلاما بالنصب . قال الجمهور : هذا بمعنى المسالمة لا بمعنى التحية ، أي : أمنة مني لك وهؤلاء لا يرون ابتداء الكافر بالسلام . وقال
النقاش حليم خاطب سفيها كقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) . وقيل : هي تحية مفارق ، وجوز قائل هذا تحية الكافر وأن يبدأ بالسلام المشروع وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة مستدلا بقوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم ) الآية وبقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم ) الآية .
و ( قال )
إبراهيم لأبيه (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سلام عليك ) وما استدل به متأول ، ومذهبهم محجوج بما ثبت في صحيح مسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374690لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام " ورفع ( سلام ) على الابتداء ونصبه على المصدر ، أي : سلمت سلاما دعاء له بالسلامة على سبيل الاستمالة ، ثم وعده بالاستغفار وذلك يكون بشرط حصول ما يمكن معه الاستغفار وهو الإيمان بالله وإفراده بالعبادة ، وهذا كما يرد الأمر والنهي على الكافر ، ولا يصح الامتثال إلا بشرط الإيمان . ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سأستغفر لك ) أدعو الله في هدايتك فيغفر لك بالإيمان ، ولا يتأول على
إبراهيم - عليه السلام - أنه لم يعلم أن الله لا يغفر لكافر . قال
ابن عطية : ويجوز أن يكون
إبراهيم - عليه السلام - أول نبي أوحي إليه أن الله لا يغفر لكافر ؛ لأن هذه الطريقة إنما طريقها السمع ، وكانت هذه المقالة منه لأبيه قبل أن يوحى إليه ، وذلك أنه إنما تبين له في أبيه أنه عدو لله بأحد وجهين : إما بموته على الكفر كما روي ، وإما أن
[ ص: 196 ] يوحى إليه الحتم عليه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ولقائل أن يقول الذي يمنع من الاستغفار للكافر إنما هو السمع ، فأما القضية العقلية فلا تأباه ، فيجوز أن يكون الوعد بالاستغفار ، والوفاء به قبل ورود السمع بناء على قضية العقل ، والذي يدل على صحته
nindex.php?page=treesubj&link=28990قوله تعالى ( nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك ) فلو كان شارطا للإيمان لم يكن مستنكرا ومستثنى عما وجبت فيه . وقول من قال إنما استغفر له لأنه وعده أن يؤمن مستدلا بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=114إلا عن موعدة وعدها إياه ) فجعل الواعد
آزر والموعود
إبراهيم - عليه السلام - ليس بجيد لاعتقابه في هذه الآية الوعد بالاستغفار بعد ذلك القول الجافي من قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لئن لم تنته ) الآية . فكيف يكون وعده بالإيمان ؟ ولأن الواعد هو
إبراهيم ويدل عليه قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=15740حماد الراوية ( وعدها إياه ) .
والحفي المكرم المحتفل الكثير البر والألطاف ، وتقدم شرحه لغة في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187كأنك حفي عنها ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : رحيما . وقال
الكلبي : حليما . وقال
القتبي : بارا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : حفيك من يهمه أمرك ، ولما كان في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لأرجمنك ) فظاظة وقساوة قلب قابله بالدعاء له بالسلام والأمن ، ووعده بالاستغفار قضاء لحق الأبوة ، وإن كان قد صدر منه إغلاظ . ولما أمره بهجره الزمان الطويل أخبره بأنه يتمثل أمره ويعتزله وقومه ومعبوداتهم ، فهاجر إلى الشام قيل أو إلى حران وكانوا بأرض كوثاء ، وفي هجرته هذه تزوج
سارة ولقي الجبار الذي أخدم
سارة هاجر ، والأظهر أن قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وأدعو ربي ) معناه وأعبد ربي كما جاء في الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373907الدعاء العبادة " لقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=49فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله ) ويجوز أن يراد الدعاء الذي حكاه الله في سورة الشعراء (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=83رب هب لي حكما ) إلى آخره ، وعرض بشقاوتهم بدعاء آلهتهم في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا ) مع التواضع لله في كلمة ( عسى ) وما فيه من هضم النفس . وفي ( عسى ) ترج في ضمنه خوف شديد ، ولما فارق الكفار وأرضهم أبدله منهم أولادا أنبياء ، والأرض المقدسة فكان فيها ، ويتردد إلى
مكة فولد له
إسحاق وابنه
يعقوب تسلية له وشدا لعضده ،
وإسحاق أصغر من
إسماعيل ، ولما حملت هاجر
بإسماعيل غارت
سارة ثم حملت
بإسحاق .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=53من رحمتنا ) قال
الحسن : هي النبوة . وقال
الكلبي : المال والولد ، والأحسن أن يكون الخير الديني والدنيوي من العلم والمنزلة والشرف في الدنيا والنعيم في الآخرة . ولسان الصدق : الثناء الحسن الباقي عليهم آخر الأبد قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وعبر باللسان كما عبر باليد عما يطلق باليد وهي العطية . واللسان في كلام العرب : الرسالة الرائعة كانت في خير أو شر . قال الشاعر :
إني أتتني لسان لا أسر بها
وقال آخر :
ندمت على لسان كان مني
ولسان العرب لغتهم وكلامهم . استجاب الله دعوته (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=84واجعل لي لسان صدق في الآخرين ) ، فصيره قدوة حتى عظمه أهل الأديان كلهم وادعوه . وقال تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78ملة أبيكم إبراهيم ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=135ملة إبراهيم حنيفا ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا ) وأعطى ذلك ذريته فأعلى ذكرهم وأثنى عليهم ، كما أعلى ذكرهم وأثنى عليهم كما أعلى ذكره وأثنى عليه .
[ ص: 192 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=41nindex.php?page=treesubj&link=28990وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=42إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=44يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=49فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=50وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ) .
[ ص: 193 ] ( وَاذْكُرْ ) خِطَابٌ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُرَادُ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ( إِبْرَاهِيمَ ) وَذَاكِرُهُ وَمُورِدُهُ فِي التَّنْزِيلِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ قِصَّةَ
مَرْيَمَ وَابْنِهَا
عِيسَى وَاخْتِلَافَ الْأَحْزَابِ فِيهِمَا وَعِبَادَتَهُمَا مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وَكَانَا مِنْ قَبِيلِ مَنْ قَامَتْ بِهِمَا الْحَيَاةُ ذَكَرَ الْفَرِيقَ الضَّالَّ الَّذِي عَبَدَ جَمَادًا وَالْفَرِيقَانِ وَإِنِ اشْتَرَكَا فِي الضَّلَالِ ، وَالْفَرِيقُ الْعَابِدُ الْجَمَادَ أَضَلُّ ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ
إِبْرَاهِيمَ مَعَ أَبِيهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَذْكِيرًا لِلْعَرَبِ بِمَا كَانَ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ ، وَتَبْيِينَ أَنَّهُمْ سَالِكُو غَيْرِ طَرِيقِهِ ، وَفِيهِ صِدْقُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ مُتَلَقًّى بِالْوَحْيِ . وَالصِّدِّيقُ مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالِغَةِ ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ مِنَ الثُّلَاثِيِّ لِلْمُبَالَغَةِ ، أَيْ : كَثِيرُ الصِّدْقِ ، وَالصِّدْقُ عُرْفُهُ فِي اللِّسَانِ وَيُقَابِلُهُ الْكَذِبُ ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَفْعَالِ وَالْخُلُقِ وَفِيمَا لَا يَعْقِلُ ، يُقَالُ : صَدَقَنِي الطَّعَامَ كَذَا وَكَذَا قَفِيزًا ، وُعُودٌ صِدْقٌ لِلصُّلْبِ الْجَيِّدِ فَوُصِفَ
إِبْرَاهِيمُ بِالصِّدْقِ عَلَى الْعُمُومِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ ، وَالصِّدِّيقِيَّةُ مَرَاتِبُ أَلَا تَرَى إِلَى وَصْفِ الْمُؤْمِنِينَ بِهَا فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=69مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ ) وَمِنْ غَرِيبِ النَّقْلِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ مِنْ أَنَّ فِعِّيلًا إِذَا كَانَ مِنْ مُتَعَدٍّ جَازَ أَنْ يَعْمَلَ فَتَقُولُ هَذَا شِرِّيبٌ مُسْكِرٌ كَمَا أَعْمَلُوا عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ فَعُولًا وَفَعَّالًا وَمِفْعَالًا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالْمُرَادُ فَرْطُ صِدْقِهِ وَكَثْرَةُ مَا صَدَّقَ بِهِ مِنْ غُيُوبِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ، وَكَانَ الرُّجْحَانُ وَالْغَلَبَةُ فِي هَذَا التَّصْدِيقِ لِلْكُتُبِ وَالرُّسُلِ ، أَيْ : كَانَ مُصَدِّقًا لِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَكُتُبِهِمْ وَكَانَ نَبِيًّا فِي نَفْسِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=37بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ) وَكَانَ بَلِيغًا فِي الصِّدْقِ ؛ لِأَنَّ مِلَاكَ أَمْرِ النُّبُوَّةِ الصِّدْقُ ، وَمُصَدِّقَ اللَّهِ بِآيَاتِهِ وَمُعْجِزَاتِهِ حَرِيٌّ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ وَقَعَتِ اعْتِرَاضًا بَيْنَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ وَبَدَلِهِ أَعْنِي (
إِبْرَاهِيمَ ) .
وَ ( إِذْ قَالَ ) نَحْوُ قَوْلِكَ : رَأَيْتُ زَيْدًا - وَنِعْمَ الرَّجُلُ - أَخَاكَ وَيَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ ( إِذْ ) بَكَانَ أَوْ بِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=41صِدِّيقًا نَبِيًّا ) ، أَيْ : كَانَ جَامِعًا لِخَصَائِصِ الصِّدِّيقِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ حِينَ خَاطَبَ أَبَاهُ تِلْكَ الْمُخَاطَبَاتِ . انْتَهَى .
فَالتَّخْرِيجُ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي تَصَرُّفَ ( إِذْ ) وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا أَنَّهَا لَا تَتَصَرَّفُ ، وَالتَّخْرِيجُ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ( كَانَ ) النَّاقِصَةَ وَأَخَوَاتَهَا تَعْمَلُ فِي الظُّرُوفِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ . وَالتَّخْرِيجُ الثَّالِثُ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَا يُنْسَبُ إِلَّا إِلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ ، أَمَّا أَنْ يُنْسَبَ إِلَى مُرَكَّبٍ مِنْ مَجْمُوعِ لَفْظَيْنِ فَلَا ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِـ ( صِدِّيقًا ) لِأَنَّهُ نَعْتٌ إِلَّا عَلَى رَأْيِ
الْكُوَفِيِّينَ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِـ ( نَبِيًّا ) ، أَيْ : مُنَبَّأً فِي وَقْتِ قَوْلِهِ لِأَبِيهِ مَا قَالَ ، وَأَنَّ التَّنْبِئَةَ كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهُوَ بَعِيدٌ .
وَقَرَأَ
أَبُو الْبِرِّ هُثَيْمٍ ( إِنَّهُ كَانَ صَادِقًا ) . وَفِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=42يَاأَبَتِ ) تَلَطُّفٌ وَاسْتِدْعَاءٌ بِالنَّسَبِ . وَقَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ وَأَبُو جَعْفَرٍ ( يَا أَبَتَ ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَقَدْ لَحَّنَ
هَارُونُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ( يَا أَبَتِ ) فِي سُورَةِ
يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَفِي مُصْحَفِ
عَبْدِ اللَّهِ وَا أَبَتِ بِوَاوٍ بَدَلَ يَاءٍ ، وَاسْتَفْهَمَ
إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنِ السَّبَبِ الْحَامِلِ لِأَبِيهِ عَلَى عِبَادَةِ الصَّنَمِ وَهُوَ مُنْتَفٍ عَنْهُ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْإِغْنَاءُ عَنْهُ شَيْئًا تَنْبِيهًا عَلَى شُنْعَةِ الرَّأْيِ وَقُبْحِهِ وَفَسَادِهِ فِي عِبَادَةِ مَنِ انْتَفَتْ عَنْهُ هَذِهِ الْأَوْصَافُ .
وَخَطَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فَقَالَ : انْظُرْ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ أَبَاهُ وَيَعِظَهُ فِيمَا كَانَ مُتَوَرِّطًا فِيهِ مِنَ الْخَطَأِ الْعَظِيمِ ، وَالِارْتِكَابِ الشَّنِيعِ الَّذِي عَصَى فِيهِ أَمْرَ الْعَقْلِ ، وَانْسَلَخَ عَنْ قَضِيَّةِ التَّمْيِيزِ ؛ كَيْفَ رَتَّبَ الْكَلَامَ مَعَهُ فِي أَحْسَنِ اتِّسَاقٍ ، وَسَاقَهُ أَرْشَقَ مَسَاقٍ ، مَعَ اسْتِعْمَالِ الْمُجَامَلَةِ وَاللُّطْفِ وَالرِّفْقِ وَاللِّينِ وَالْأَدَبِ الْجَمِيلِ وَالْخُلُقِ الْحَسَنِ ، مُنْتَصِحًا فِي ذَلِكَ نَصِيحَةَ رَبِّهِ - جَلَّ وَعَلَا - . حَدَّثَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " أَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِنَّكَ خَلِيلِي حَسِّنْ خُلُقَكَ وَلَوْ مَعَ الْكُفَّارِ ، تَدْخُلْ مَدَاخِلَ الْأَبْرَارِ " ، كَلِمَتِي سَبَقَتْ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ أُظِلُّهُ تَحْتَ عَرْشِي وَأُسْكِنُهُ حَظِيرَةَ [ ص: 194 ] الْقُدْسِ ، وَأُدْنِيهِ مِنْ جِوَارِي . وَسَرَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ بَعْدَ هَذَا كَلَامًا كَثِيرًا مِنْ نَوْعِ الْخَطَابَةِ تَرَكْنَاهُ .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=42مَا لَا يَسْمَعُ ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ ، وَجَوَّزُوا أَنْ تَكُونَ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً ، وَمَعْمُولُ ( يَسْمَعُ ) وَ ( يُبْصِرُ ) مَنْسِيٌّ وَلَا يَنْوِي ، أَيْ : مَا لَيْسَ بِهِ اسْتِمَاعٌ وَلَا إِبْصَارٌ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ دُونَ تَقْيِيدٍ بِمُتَعَلِّقٍ . وَ ( شَيْئًا ) . إِمَّا مَصْدَرٌ أَوْ مَفْعُولٌ بِهِ ، وَلَمَّا سَأَلَهُ عَنِ الْعِلَّةِ فِي عِبَادَةِ الصَّنَمِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَجِدَ جَوَابًا ، انْتَقَلَ مَعَهُ إِلَى إِخْبَارِهِ بِأَنَّهُ قَدْ جَاءَهُ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِهِ وَلَمْ يَصِفْ أَبَاهُ بِالْجَهْلِ إِذْ يُغْنِي عَنْهُ السُّؤَالُ السَّابِقُ . وَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43مِنَ الْعِلْمِ ) عَلَى سَبِيلِ التَّبْعِيضِ ، أَيْ : شَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ لَيْسَ مَعَكَ ، وَهَذِهِ الْمُحَاوَرَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَمَا نُبِّئَ ، إِذْ فِي لَفْظِ ( جَاءَنِي ) تَجَدُّدُ الْعِلْمِ ، وَالَّذِي جَاءَهُ الْوَحْيُ الَّذِي أَتَى بِهِ الْمَلَكُ أَوِ الْعِلْمُ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ وَثَوَابِهَا وَعِقَابِهَا أَوْ تَوْحِيدُ اللَّهِ وَإِفْرَادُهُ بِالْأُلُوهِيَّةِ وَالْعِبَادَةِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43فَاتَّبِعْنِي ) عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ بِالْعِبَادَةِ وَارْفُضِ الْأَصْنَامَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43أَهْدِكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ) وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَإِفْرَادُهُ بِالْعِبَادَةِ . وَانْتَقَلَ مَنْ أَمْرِهِ بِاتِّبَاعِهِ إِلَى نَهْيِهِ عَنْ عِبَادَةِ الشَّيْطَانِ ، وَعِبَادَتُهُ كَوْنُهُ يُطِيعُهُ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ ثُمَّ نَفَّرَهُ عَنْ عِبَادَةِ الشَّيْطَانِ بِأَنَّهُ كَانَ عَصِيًّا لِلرَّحْمَنِ ، حَيْثُ اسْتَعْصَى حِينَ أَمَرَهُ بِالسُّجُودِ
لِآدَمَ فَأَبَى ، فَهُوَ عَدُوٌّ لَكَ وَلِأَبِيكَ
آدَمَ مِنْ قَبْلُ . وَكَانَ لَفْظُ الرَّحْمَنِ هُنَا تَنْبِيهًا عَلَى سِعَةِ رَحْمَتِهِ ، وَأَنَّ مَنْ هَذَا وَصْفُهُ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعْبَدَ وَلَا يُعْصَى ، وَإِعْلَامًا بِشَقَاوَةِ الشَّيْطَانِ حَيْثُ عَصَى مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ وَارْتَكَبَ مِنْ ذَلِكَ مَا طَرَدَهُ مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا لِنَفْسِهِ عِصْيَانَ رَبِّهِ لَا يَخْتَارُ لِذُرِّيَّتِهِ مَنْ عَصَى لِأَجْلِهِ إِلَّا مَا اخْتَارَ لِنَفْسِهِ مِنْ عِصْيَانِهِمْ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ ) قَالَ
الْفَرَّاءُ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَالطَّبَرِيُّ ( أَخَافُ ) أَعْلَمُ كَمَا قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=80فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا ) ، أَيْ : تَيَقَّنَّا ، وَالْأَوْلَى حَمْلُ ( أَخَافُ ) عَلَى مَوْضُوعِهِ الْأَصْلِيِّ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ آيِسًا مِنْ إِيمَانِهِ بَلْ كَانَ رَاجِيًا لَهُ وَخَائِفًا أَنْ لَا يُؤْمِنَ وَأَنْ يَتَمَادَى عَلَى الْكُفْرِ فَيَمَسَّهُ الْعَذَابُ ، وَخَوَّفَهُ
إِبْرَاهِيمُ سُوءَ الْعَاقِبَةِ وَتَأَدَّبَ مَعَهُ إِذْ لَمْ يُصَرِّحْ بِلُحُوقِ الْعَذَابِ بِهِ بَلْ أَخْرَجَ ذَلِكَ مَخْرَجَ الْخَائِفِ ، وَأَتَى بِلَفْظِ الْمَسِّ الَّذِي هُوَ أَلْطَفُ مِنَ الْمُعَاقَبَةِ وَنَكَّرَ الْعَذَابَ ، وَرَتَّبَ عَلَى مَسِّ الْعَذَابِ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَهُوَ وِلَايَةُ الشَّيْطَانِ ، كَمَا قَالَ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ) ، أَيْ : مِنَ النَّعِيمِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ ، وَصَدَّرَ كُلَّ نَصِيحَةٍ بِقَوْلِهِ ( يَا أَبَتِ ) تَوَصُّلًا إِلَيْهِ وَاسْتِعْطَافًا .
وَقِيلَ : الْوِلَايَةُ هُنَا كَوْنُهُ مَقْرُونًا مَعَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ تَبَاغَضَا وَتَبَرَّأَ بَعْضُهُمَا مِنْ بَعْضٍ . وَقِيلَ : فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ، وَالتَّقْدِيرُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ وَلِيًّا فِي الدُّنْيَا لِلشَّيْطَانِ فَيَمَسَّكَ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ . وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ ) لَا يُعَيِّنُ أَنَّ الْعَذَابَ يَكُونُ فِي الْآخِرَةِ ، بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ الْعَذَابُ عَلَى الْخِذْلَانِ مِنَ اللَّهِ فَيَصِيرَ مُوَالِيًا لِلشَّيْطَانِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَسُّ الْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا بِأَنْ يُبْتَلَى عَلَى كُفْرِهِ بِعَذَابٍ فِي الدُّنْيَا ، فَيَكُونَ ذَلِكَ الْعَذَابُ سَبَبًا لِتَمَادِيهِ عَلَى الْكُفْرِ وَصَيْرُورَتِهِ إِلَى وَلَايَةِ الشَّيْطَانِ إِلَى أَنْ يُوَافَى عَلَى الْكُفْرِ كَمَا قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=168وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) وَهَذِهِ الْمُنَاصَحَاتُ تَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ تَعَلُّقِ قَلْبِهِ بِمُعَالَجَةِ أَبِيهِ ، وَالطَّمَاعِيَةِ فِي هِدَايَتِهِ قَضَاءً لِحَقِّ الْأُبُوَّةِ وَإِرْشَادًا إِلَى الْهُدَى "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374573لَأَنْ يَهْدِي اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ " .
( قَالَ ) ، أَيْ : أَبُوهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46nindex.php?page=treesubj&link=28990أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ ) اسْتَفْهَمَ اسْتِفْهَامَ إِنْكَارٍ ، وَالرَّغْبَةُ عَنِ الشَّيْءِ تَرْكُهُ عَمْدًا ، وَآلِهَتُهُ أَصْنَامُهُ ، وَأَغْلَظَ لَهُ فِي هَذَا الْإِنْكَارِ وَنَادَاهُ بِاسْمِهِ وَلَمْ يُقَابِلْ ( يَا أَبَتِ ) بِيَا بُنِيَّ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَقُدِّمَ الْخَبَرُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي ) لِأَنَّهُ كَانَ أَهَمَّ عِنْدَهُ وَهُوَ عِنْدَهُ أَعْنِي وَفِيهِ ضَرْبٌ مِنَ التَّعَجُّبِ وَالْإِنْكَارِ لِرَغْبَتِهِ عَنْ آلِهَتِهِ ، وَإِنَّ آلِهَتَهُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْغَبَ عَنْهَا أَحَدٌ . وَفِي هَذَا سُلْوَانٌ وَثَلْجٌ لِصَدْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّا كَانَ يَلْقَى مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ كُفَّارِ قَوْمِهِ . انْتَهَى .
وَالْمُخْتَارُ فِي إِعْرَابِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46أَرَاغِبٌ أَنْتَ ) أَنْ يَكُونَ رَاغِبٌ مُبْتَدَأً لِأَنَّهُ قَدِ اعْتَمَدَ عَلَى أَدَاةِ الِاسْتِفْهَامِ ، وَ ( أَنْتَ ) فَاعِلٌ سَدَّ مَسَدَّ الْخَبَرِ ، وَيَتَرَجَّحُ هَذَا
[ ص: 195 ] الْإِعْرَابُ عَلَى مَا أَعْرَبَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ كَوْنِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46أَرَاغِبٌ ) خَبَرًا وَ ( أَنْتَ ) مُبْتَدَأٌ بِوَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَلَا تَأْخِيرٌ إِذْ رُتْبَةُ الْخَبَرِ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنِ الْمُبْتَدَأِ .
وَالثَّانِي : أَنْ لَا يَكُونَ فُصِلَ بَيْنَ الْعَامِلِ الَّذِي هُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46أَرَاغِبٌ ) وَبَيْنَ مَعْمُولِهِ الَّذِي هُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46عَنْ آلِهَتِي ) بِمَا لَيْسَ بِمَعْمُولٍ لِلْعَامِلِ ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ هُوَ عَامِلًا فِي الْمُبْتَدَأِ بِخِلَافِ كَوْنِ ( أَنْتَ ) فَاعِلًا فَإِنَّهُ مَعْمُولُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46أَرَاغِبٌ ) فَلَمْ يُفْصَلْ بَيْنَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46أَرَاغِبٌ ) وَبَيْنَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46عَنْ آلِهَتِي ) بِأَجْنَبِيٍّ إِنَّمَا فُصِلَ بِمَعْمُولٍ لَهُ .
وَلَمَّا أَنْكَرَ عَلَيْهِ رَغْبَتَهُ عَنْ آلِهَتِهِ تَوَعَّدَهُ مُقْسِمًا عَلَى إِنْفَاذِ مَا تَوَعَّدَهُ بِهِ إِنْ لَمْ يَنْتَهِ وَمُتَعَلِّقُ ( تَنْتَهِ ) مَحْذُوفٌ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ عَنْ مُخَاطَبَتِي بِمَا خَاطَبْتَنِي بِهِ وَدَعَوْتَنِي إِلَيْهِ ، وَأَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ ) عَنِ الرَّغْبَةِ عَنْ آلِهَتِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لَأَرْجُمَنَّكَ ) جَوَابُ الْقَسَمِ الْمَحْذُوفِ قَبْلَ ( لَئِنْ ) . قَالَ
الْحَسَنُ : بِالْحِجَارَةِ . وَقِيلَ : لَأَقْتُلَنَّكَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ : لَأَشْتُمَنَّكَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : عَلَامَ عُطِفَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46وَاهْجُرْنِي ) ؟ قُلْتُ : عَلَى مَعْطُوفٍ عَلَيْهِ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لَأَرْجُمَنَّكَ ) ، أَيْ : فَاحْذَرْنِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46وَاهْجُرْنِي ) ؛ لِأَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لَأَرْجُمَنَّكَ ) تَهْدِيدٌ وَتَقْرِيعٌ . انْتَهَى . وَإِنَّمَا احْتَاجَ إِلَى حَذْفٍ لِيُنَاسِبَ بَيْنَ جُمْلَتَيِ الْعَطْفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ بَلْ يَجُوزُ عَطْفُ الْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْإِنْشَائِيَّةِ . فَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46وَاهْجُرْنِي ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ ) وَكِلَاهُمَا مَعْمُولٌ لِلْقَوْلِ . وَانْتَصَبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46مَلِيًّا ) عَلَى الظَّرْفِ ، أَيْ : دَهْرًا طَوِيلًا ، قَالَهُ الْجُمْهُورُ
وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا ، وَمِنْهُ الْمَلَوَانُ ، وَهُمَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ . وَالْمُلَاوَةُ بِتَثْلِيثِ حَرَكَةِ الْمِيمِ الدَّهْرُ الطَّوِيلُ مِنْ قَوْلِهِمْ : أَمْلَيْتُ لِفُلَانٍ فِي الْأَمْرِ إِذَا أَطَلْتُ لَهُ . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
فَعِشْنَا بِهَا مِنَ الشَّبَابِ مُلَاوَةً فَأَنْجَحَ آيَاتُ الرَّسُولِ الْمُحَبَّبِ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : سِيرَ عَلَيْهِ مَلِيٌّ مِنَ الدَّهْرِ ، أَيْ : زَمَانٌ طَوِيلٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46مَلِيًّا ) مَعْنَاهُ سَالِمٌ سَوِيًّا فَهُوَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46وَاهْجُرْنِي ) . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَتَلْخِيصُ هَذَا أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ مُسْتَنِدًا بِحَالِكَ غَنِيًّا عَنِّي مَلِيًّا بِالِاكْتِفَاءِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : مَعْنَاهُ أَبَدًا . وَمِنْهُ قَوْلُ
مُهَلْهِلٍ :
فَتَصَدَّعَتْ صُمُّ الْجِبَالِ لِمَوْتِهِ وَبَكَتْ عَلَيْهِ الْمُرْمِلَاتُ مَلِيًّا
وَقَالَ
ابْنُ جُبَيْرٍ : دَهْرًا ، وَأَصْلُ الْحَرْفِ الْمُكْثُ ، يُقَالُ : تَمَلَّيْتُ حِينًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَوْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46مَلِيًّا ) بِالذَّهَابِ عَنِّي وَالْهِجْرَانِ قَبْلَ أَنْ أُثْخِنَكَ بِالضَّرْبِ حَتَّى لَا تَقْدِرَ أَنْ تَبْرَحَ ، فُلَانٌ مَلِيٌّ بِكَذَا إِذَا كَانَ مُطِيقًا لَهُ مُضْطَلِعًا بِهِ انْتَهَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ) . قَرَأَ
أَبُو الْبِرِّ هُثَيْمٌ : سَلَامًا بِالنَّصْبِ . قَالَ الْجُمْهُورُ : هَذَا بِمَعْنَى الْمُسَالَمَةِ لَا بِمَعْنَى التَّحِيَّةِ ، أَيْ : أَمَنَةً مِنِّي لَكَ وَهَؤُلَاءِ لَا يَرَوْنَ ابْتِدَاءَ الْكَافِرِ بِالسَّلَامِ . وَقَالَ
النَّقَّاشُ حَلِيمٌ خَاطَبَ سَفِيهًا كَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ) . وَقِيلَ : هِيَ تَحِيَّةُ مُفَارِقٍ ، وَجَوَّزَ قَائِلُ هَذَا تَحِيَّةَ الْكَافِرِ وَأَنْ يُبْدَأَ بِالسَّلَامِ الْمَشْرُوعِ وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ ) الْآيَةَ وَبِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ ) الْآيَةَ .
وَ ( قَالَ )
إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سَلَامٌ عَلَيْكَ ) وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مُتَأَوَّلٌ ، وَمَذْهَبُهُمْ مَحْجُوجٌ بِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374690لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ " وَرَفْعُ ( سَلَامٍ ) عَلَى الِابْتِدَاءِ وَنَصْبُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ ، أَيْ : سَلَّمْتُ سَلَامًا دُعَاءً لَهُ بِالسَّلَامَةِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِمَالَةِ ، ثُمَّ وَعَدَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ وَذَلِكَ يَكُونُ بِشَرْطِ حُصُولِ مَا يُمْكِنُ مَعَهُ الِاسْتِغْفَارُ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَإِفْرَادُهُ بِالْعِبَادَةِ ، وَهَذَا كَمَا يَرِدُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ عَلَى الْكَافِرِ ، وَلَا يَصِحُّ الِامْتِثَالُ إِلَّا بِشَرْطِ الْإِيمَانِ . وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ ) أَدْعُو اللَّهَ فِي هِدَايَتِكَ فَيَغْفِرُ لَكَ بِالْإِيمَانِ ، وَلَا يُتَأَوَّلُ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لِكَافِرٍ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ
إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوَّلَ نَبِيٍّ أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لِكَافِرٍ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ إِنَّمَا طَرِيقُهَا السَّمْعُ ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ مِنْهُ لِأَبِيهِ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا تَبَيَّنَ لَهُ فِي أَبِيهِ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ : إِمَّا بِمَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ كَمَا رُوِيَ ، وَإِمَّا أَنْ
[ ص: 196 ] يُوحَى إِلَيْهِ الْحَتْمُ عَلَيْهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الَّذِي يَمْنَعُ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ لِلْكَافِرِ إِنَّمَا هُوَ السَّمْعُ ، فَأَمَّا الْقَضِيَّةُ الْعَقْلِيَّةُ فَلَا تَأْبَاهُ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَعْدُ بِالِاسْتِغْفَارِ ، وَالْوَفَاءُ بِهِ قَبْلَ وُرُودِ السَّمْعِ بِنَاءً عَلَى قَضِيَّةِ الْعَقْلِ ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=28990قَوْلُهُ تَعَالَى ( nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) فَلَوْ كَانَ شَارِطًا لِلْإِيمَانِ لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكَرًا وَمُسْتَثْنًى عَمَّا وَجَبَتْ فِيهِ . وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّمَا اسْتَغْفَرَ لَهُ لِأَنَّهُ وَعَدَهُ أَنْ يُؤْمِنَ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=114إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ ) فَجَعَلَ الْوَاعِدَ
آزَرَ وَالْمَوْعُودَ
إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَيْسَ بِجَيِّدٍ لِاعْتِقَابِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْوَعْدَ بِالِاسْتِغْفَارِ بَعْدَ ذَلِكَ الْقَوْلِ الْجَافِي مِنْ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ ) الْآيَةَ . فَكَيْفَ يَكُونُ وَعْدُهُ بِالْإِيمَانِ ؟ وَلِأَنَّ الْوَاعِدَ هُوَ
إِبْرَاهِيمُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=15740حَمَّادٍ الرَّاوِيَةِ ( وَعَدَهَا إِيَّاهُ ) .
وَالْحَفِيُّ الْمُكْرِمُ الْمُحْتَفِلُ الْكَثِيرُ الْبِرِّ وَالْأَلْطَافِ ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ لُغَةً فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : رَحِيمًا . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : حَلِيمًا . وَقَالَ
الْقُتَبِيُّ : بَارًّا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : حَفِيُّكَ مَنْ يَهُمُّهُ أَمْرُكَ ، وَلَمَّا كَانَ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لَأَرْجُمَنَّكَ ) فَظَاظَةٌ وَقَسَاوَةُ قَلْبٍ قَابَلَهُ بِالدُّعَاءِ لَهُ بِالسَّلَامِ وَالْأَمْنِ ، وَوَعَدَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ قَضَاءً لِحَقِّ الْأُبُوَّةِ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ صَدَرَ مِنْهُ إِغْلَاظٌ . وَلَمَّا أَمَرَهُ بِهَجْرِهِ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ يَتَمَثَّلُ أَمْرَهُ وَيَعْتَزِلُهُ وَقَوْمَهُ وَمَعْبُودَاتِهِمْ ، فَهَاجَرَ إِلَى الشَّامِ قِيلَ أَوْ إِلَى حَرَّانَ وَكَانُوا بِأَرْضِ كَوْثَاءَ ، وَفِي هِجْرَتِهِ هَذِهِ تَزَوَّجَ
سَارَةَ وَلَقِيَ الْجَبَّارَ الَّذِي أَخْدَمَ
سَارَةَ هَاجَرَ ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وَأَدْعُو رَبِّي ) مَعْنَاهُ وَأَعْبُدُ رَبِّي كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373907الدُّعَاءُ الْعِبَادَةُ " لِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=49فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ الدُّعَاءُ الَّذِي حَكَاهُ اللَّهُ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=83رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا ) إِلَى آخِرِهِ ، وَعَرَّضَ بِشَقَاوَتِهِمْ بِدُعَاءِ آلِهَتِهِمْ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ) مَعَ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ فِي كَلِمَةِ ( عَسَى ) وَمَا فِيهِ مِنْ هَضْمِ النَّفْسِ . وَفِي ( عَسَى ) تَرَجٍّ فِي ضِمْنِهِ خَوْفٌ شَدِيدٌ ، وَلَمَّا فَارَقَ الْكُفَّارَ وَأَرْضَهُمْ أَبْدَلَهُ مِنْهُمْ أَوْلَادًا أَنْبِيَاءَ ، وَالْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَكَانَ فِيهَا ، وَيَتَرَدَّدُ إِلَى
مَكَّةَ فَوُلِدَ لَهُ
إِسْحَاقُ وَابْنُهُ
يَعْقُوبُ تَسْلِيَةً لَهُ وَشَدًّا لِعَضُدِهِ ،
وَإِسْحَاقُ أَصْغَرُ مِنْ
إِسْمَاعِيلَ ، وَلَمَّا حَمَلَتْ هَاجَرُ
بِإِسْمَاعِيلَ غَارَتْ
سَارَةُ ثُمَّ حَمَلَتْ
بِإِسْحَاقَ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=53مِنْ رَحْمَتِنَا ) قَالَ
الْحَسَنُ : هِيَ النُّبُوَّةُ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : الْمَالُ وَالْوَلَدُ ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ الْخَيْرَ الدِّينِيَّ وَالدُّنْيَوِيَّ مِنَ الْعِلْمِ وَالْمَنْزِلَةِ وَالشَّرَفِ فِي الدُّنْيَا وَالنَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ . وَلِسَانُ الصِّدْقِ : الثَّنَاءُ الْحَسَنُ الْبَاقِي عَلَيْهِمْ آخِرَ الْأَبَدِ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَعَبَّرَ بِاللِّسَانِ كَمَا عَبَّرَ بِالْيَدِ عَمَّا يُطْلَقُ بِالْيَدِ وَهِيَ الْعَطِيَّةُ . وَاللِّسَانُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : الرِّسَالَةُ الرَّائِعَةُ كَانَتْ فِي خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ . قَالَ الشَّاعِرُ :
إِنِّي أَتَتْنِي لِسَانٌ لَا أُسَرُّ بِهَا
وَقَالَ آخَرُ :
نَدِمْتُ عَلَى لِسَانٍ كَانَ مِنِّي
وَلِسَانُ الْعَرَبِ لُغَتُهُمْ وَكَلَامُهُمْ . اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعَوْتَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=84وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ) ، فَصَيَّرَهُ قُدْوَةً حَتَّى عَظَّمَهُ أَهْلُ الْأَدْيَانِ كُلُّهُمْ وَادَّعَوْهُ . وَقَالَ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=135مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ) وَأَعْطَى ذَلِكَ ذُرِّيَّتَهُ فَأَعْلَى ذِكْرَهُمْ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ ، كَمَا أَعْلَى ذِكْرَهُمْ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ كَمَا أَعْلَى ذِكْرَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ .