(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=4قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=6ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=8وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=9ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون ) .
[ ص: 295 ] هذه السورة مكية بلا خلاف ، وعن
عبد الله : الكهف ،
ومريم ، وطه ، والأنبياء من العتاق الأول ، وهن من تلادي أي من قديم ما حفظت وكسبت من القرآن كالمال التلاد .
nindex.php?page=treesubj&link=28862ومناسبة هذه السورة لما قبلها أنه لما ذكر (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=135قل كل متربص فتربصوا ) قال مشركو
قريش :
محمد يهددنا بالمعاد والجزاء على الأعمال وليس بصحيح ، وإن صح ففيه بعد فأنزل الله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقترب للناس حسابهم ) ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقترب ) افتعل بمعنى الفعل المجرد وهو قرب كما تقول : ارتقب ورقب . وقيل : هو أبلغ من قرب للزيادة التي في البناء . والناس مشركو
مكة . وقيل : عام في منكري البعث ، واقتراب الحساب اقتراب وقته والحساب في اللغة إخراج الكمية من مبلغ العدد ، وقد يطلق على المحسوب وجعل ذلك اقترابا لأن كل ما هو آت وإن طال وقت انتظاره قريب ، وإنما البعيد هو الذي انقرض أو هو مقترب عند الله كقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=47وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ) أو باعتبار ما بقي من الدنيا فإنه أقصر وأقل مما مضى . وفي الحديث : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374709nindex.php?page=treesubj&link=30182بعثت أنا والساعة كهاتين ) . قال الشاعر :
فما زال من يهواه أقرب من غد وما زال من يخشاه أبعد من أمس
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1للناس ) متعلق باقترب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : هذه اللام لا تخلو من أن تكون صلة لاقترب ، أو تأكيدا
[ ص: 296 ] لإضافة الحساب إليهم كما تقول أزف للحي رحيلهم ، الأصل أزف رحيل الحي ثم أزف للحي رحيلهم ونحوه ما أورده
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه في باب ما يثنى فيه المستقر توكيدا عليك زيد حريص عليك ، وفيك زيد راغب فيك ومنه قولهم : لا أبا لك لأن اللام مؤكدة لمعنى الإضافة ، وهذا الوجه أغرب من الأول . انتهى . يعني بقوله صلة أنها تتعلق باقترب ، وأما جعله اللام تأكيدا لإضافة الحساب إليهم مع تقدم اللام ودخولها على الاسم الظاهر فلا نعلم أحدا يقول ذلك ، وأيضا فيحتاج إلى ما يتعلق به ولا يمكن تعلقها بحسابهم لأنه مصدر موصول ولا يتقدم معموله عليه ، وأيضا فالتوكيد يكون متأخرا عن المؤكد وأيضا فلو أخر في هذا التركيب لم يصح . وأما تشبيهه بما أورد
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه فالفرق واضح لأن عليك معمول لحريص ، وعليك الثانية متأخرة توكيدا وكذلك فيك زيد راغب فيك يتعلق فيك براغب ، وفيك الثانية توكيد ، وإنما غره في ذلك صحة تركيب حساب الناس . وكذلك أزف رحيل الحي فاعتقد إذا تقدم الظاهر مجرورا باللام وأضيف المصدر لضميره أنه من باب فيك زيد راغب فيك وليس مثله ، وأما لا أبا لك فهي مسألة مشكلة وفيها خلاف ، ويمكن أن يقال فيها ذلك لأن اللام جاورت الإضافة ولا يقاس على مثلها غيرها لشذوذها وخروجها عن الأقيسة ، وقد أمعنا الكلام عليها في شرح التسهيل والواو في ( وهم ) واو الحال .
وأخبر عنهم بخبرين ظاهرهما التنافي لأن الغفلة عن الشيء والإعراض عنه متنافيان ، لكن يجمع بينهما باختلاف حالين أخبر عنهم أولا أنهم لا يتفكرون في عاقبة بل هم غافلون عما يؤول إليه أمرهم . ثم أخبر عنهم ثانيا أنهم إذا نبهوا من سنة الغفلة وذكروا بما يؤول إليه أمر المحسن والمسيء أعرضوا عنه ولم يبالوا بذلك ، والذكر هنا ما ينزل من القرآن شيئا بعد شيء . وقيل المراد بالذكر أقوال النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الشريعة ووعظه وتذكيره ووصفه بالحدوث إذا كان القرآن لنزوله وقتا بعد وقت . وسئل بعض الصحابة عن هذه الآية فقال محدث النزول محدث المقول . وقال
الحسن بن الفضل : المراد بالذكر هنا النبي صلى الله عليه وسلم بدليل (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هل هذا إلا بشر مثلكم ) وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا ) وقد احتجت المعتزلة على حدوث القرآن بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2محدث ) وهي مسألة يبحث فيها في علم الكلام . وقرأ الجمهور (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2محدث ) بالجر صفة لذكر على اللفظ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة بالرفع صفة لذكر على الموضع ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي بالنصب على الحال (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2من ذكر ) إذ قد وصف بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2من ربهم ) ويجوز أن يتعلق (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2من ربهم ) بيأتيهم . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2استمعوه ) جملة حالية وذو الحال المفعول في ( ما يأتيهم ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2وهم يلعبون ) جملة حالية من ضمير (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2استمعوه ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهية ) حال من ضمير ( يلعبون ) أو من ضمير (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2استمعوه ) فيكون حالا بعد حال ، واللاهية من قول العرب لهي عنه إذا ذهل وغفل يلهى لهيا ولهيانا ، أي وإن فطنوا لا يجدي ذلك لاستيلاء الغفلة والذهول وعدم التبصر بقلوبهم . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة وعيسى (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهية ) بالرفع على أنه خبر بعد خبر لقوله ( وهم ) .
و ( النجوى ) من التناجي ولا يكون إلا خفية فمعنى ( وأسروا ) بالغوا في إخفائها أو جعلوها بحيث لا يفطن أحد لتناجيهم ولا يعلم أنهم متناجون . وقال
أبو عبيد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=52أسروا ) هنا من الأضداد يحتمل أن يكون أخفوا كلامهم ، ويحتمل أن يكون أظهروه ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق :
فلما رأى الحجاج جرد سيفه أسر الحروري الذي كان أضمرا
وقال
التبريزي : لا يستعمل في الغالب إلا في الإخفاء ، وإنما أسروا الحديث لأنه كان ذلك على طريق التشاور ، وعادة المتشاورين كتمان سرهم عن أعدائهم ، وأسروها ليقولوا للرسول صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين إن ما تدعونه حقا فأخبرونا بما أسررناه وجوزوا في إعراب (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3الذين ظلموا ) وجوها
[ ص: 297 ] الرفع والنصب والجر ، فالرفع على البدل من ضمير ( وأسروا ) إشعارا أنهم الموسومون بالظلم الفاحش فيما أسروا به قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد ، وعزاه
ابن عطية إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أو على أنه فاعل ، والواو في (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=52أسروا ) علامة للجمع على لغة أكلوني البراغيث قاله
أبو عبيدة والأخفش وغيرهما . قيل : وهي لغة شاذة . قيل : والصحيح أنها لغة حسنة ، وهي من لغة
أزد شنوءة وخرج عليه قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=71ثم عموا وصموا كثير منهم ) وقال شاعرهم :
يلومونني في اشتراء النخيل أهلي وكلهم ألوم
أو على أن ( الذين ) مبتدأ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3وأسروا النجوى ) خبره قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي فقدم عليه ، والمعنى : وهؤلاء أسروا النجوى فوضع المظهر موضع المضمر تسجيلا على فعلهم أنه ظلم ، أو على أنه فاعل بفعل القول وحذف أي يقول (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3الذين ظلموا ) والقول كثيرا يضمر واختاره النحاس قال ويدل على صحة هذا أن بعده هل هذا إلا بشر مثلكم . وقيل التقدير أسرها الذين ظلموا . وقيل : ( الذين ) خبر مبتدأ محذوف ، أي هم ( الذين ) والنصب على الذم قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، أو على إضمار أعني قاله بعضهم . والجر على أن يكون نعتا للناس أو بدلا في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقترب للناس ) قاله
الفراء وهو أبعد الأقوال .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هل هذا إلا بشر مثلكم ) استفهام معناه التعجب أي كيف خص بالنبوة دونكم مع مماثلته لكم في البشرية ، وإنكارهم وتعجبهم من حيث كانوا يرون أن الله لا يرسل إلا ملكا . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3أفتأتون السحر ) استفهام معناه التوبيخ و ( السحر ) عنوا به ما ظهر على يديه من المعجزات التي أعظمها القرآن والذكر المتلو عليهم ، أي أفتحضرون (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3السحر وأنتم تبصرون ) أنه سحر وأن من أتى به هو (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3بشر مثلكم ) فكيف تقبلون ما أتى به وهو سحر ، وكانوا يعتقدون أن الرسول من عند الله لا يكون إلا ملكا وأن كل من ادعى الرسالة من البشر وجاء بمعجزة فهو ساحر ومعجزته سحر ، وهاتان الجملتان الاستفهاميتان الظاهر أنهما متعلقتان بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3وأسروا النجوى ) وأنهما محكيتان بقوله للنجوى لأنه بمعنى القول الخفي ، فهما في موضع نصب على المفعول بالنجوى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : في محل النصب بدلا من ( النجوى ) أي ( وأسروا ) هذا الحديث ويجوز أن يتعلق بقالوا مضمرا . انتهى .
وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وحفص nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى وأيوب وخلف nindex.php?page=showalam&ids=13220وابن سعدان وابن جبير الأنطاكي nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=4قال ربي ) على معنى الخبر عن نبيه عليه الصلاة والسلام . وقرأ باقي السبعة قل على الأمر لنبيه صلى الله عليه وسلم ( يعلم ) أقوالكم هذه ، وهو يجازيكم عليها و ( القول ) عام يشمل السر والجهر ، فكان في الإخبار بعلمه القول علم السر وزيادة ، وكان آكد في الاطلاع على نجواهم من أن يقول يعلم سرهم . ثم بين ذلك بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=4وهو السميع العليم ) ( السميع ) لأقوالكم ( العليم ) بما انطوت عليه ضمائركم .
ولما ذكر تعالى عنهم أنهم قالوا إن ما أتى به سحر ذكر اضطرابهم في مقالاتهم فذكر أنهم أضربوا عن نسبة السحر إليه و ( قالوا ) ما يأتي به إنما هو (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5أضغاث أحلام ) وتقدم تفسيرها في سورة
يوسف عليه السلام ، ثم أضربوا عن هذا فقالوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5بل افتراه ) أي اختلقه وليس من عند الله ، ثم أضربوا عن هذا فقالوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5بل هو شاعر ) وهكذا المبطل لا يثبت على قول بل يبقى متحيرا ، وهذه الأقوال الظاهر أنها صدرت من قائلين متفقين انتقلوا من قول إلى قول أو مختلفين قال كل منهم مقالة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يكون تنزيلا من الله لأقوالهم في درج الفساد ، وأن قولهم الثاني أفسد من الأول ، والثالث أفسد من الثاني وكذلك الرابع من الثالث . انتهى .
وقال
ابن عطية ثم حكى قول من قال إنه شاعر وهي مقالة فرقة عامية لأن بنات الشعر من العرب لم يخف عليهم بالبديهة ، وإن مباني القرآن ليست مباني شعر . وقال
أبو عبد الله الرازي : حكى الله عنهم
[ ص: 298 ] هذه الأقوال الخمسة وترتيب كلامهم أن كونه بشرا مانع من كونه رسولا لله سلمنا أنه غير مانع ، ولكن لا نسلم أن هذا القرآن ثم إما أن يساعد على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28914فصاحة القرآن خارجة عن مقدار البشر قلنا لم لا يجوز أن يكون ذلك سحرا وإن لم يساعد عليه فإن ادعينا كونه في نهاية الركاكة قلنا إنه أضغاث أحلام ، وإن ادعينا أنه متوسط بين الركاكة والفصاحة قلنا إنه افتراء ، وإن ادعينا أنه كلام فصيح قلنا إنه من جنس فصاحة سائر الشعر ، وعلى جميع هذه التقديرات لا يثبت كونه معجزا .
ولما فرغوا من تقدير هذه الاحتمالات قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ) اقترحوا من الآيات ما لا إمهال بعدها كالآيات في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=90لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : صحة التشبيه في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5كما أرسل الأولون ) من حيث إنه في معنى كما أتى الأولون بالآيات ، لأن إرسال الرسل متضمن للإتيان بالآيات ، ألا ترى أنه لا فرق بين أن تقول أتى
محمد بالمعجزة ، وأن تقول : أرسل
محمد بالمعجزة . انتهى . والكاف في (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5كما أرسل ) يجوز أن يكون في موضع النعت لآية ، وما أرسل في تقدير المصدر والمعنى بآية مثل آية إرسال ( الأولين ) ، ويجوز أن يكون في النعت لمصدر محذوف أي إتيانا مثل إرسال ( الأولين ) أي مثل إتيانهم بالآيات ، وهذه الآية التي طلبوها هي على سبيل اقتراحهم ، ولم يأت الله بآية مقترحة إلا أتى بالعذاب بعده . وأراد تعالى تأخير هؤلاء وفي قولهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5كما أرسل الأولون ) دلالة على معرفتهم بإتيان الرسل .
ثم أجاب تعالى عن قولهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5فليأتنا بآية ) بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=6ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون ) والمراد بهم قوم
صالح وقوم
فرعون وغيرهما ، ومعنى ( أهلكناها ) حكمنا بإهلاكها بما اقترحوا من الآيات (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=6أفهم يؤمنون ) استبعاد وإنكار أي هؤلاء أعني من الذين اقترحوا على أنبيائهم الآيات وعهدوا أنهم يؤمنون عندها ، فلما جاءتهم نكثوا فأهلكهم الله ، فلو أعطينا هؤلاء ما اقترحوا لكانوا أنكث من أولئك ، وكان يقع استئصالهم ولكن حكم الله تعالى بإبقائهم ليؤمن من آمن ويخرج منهم مؤمنين .
ولما تقدم من قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هل هذا إلا بشر مثلكم ) وأن
nindex.php?page=treesubj&link=28745الرسول لا يكون إلا من عند الله من جنس البشر قال تعالى رادا عليهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7وما أرسلنا قبلك إلا رجالا ) أي بشرا ولم يكونوا ملائكة كما اعتقدوا ، ثم أحالهم على (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7أهل الذكر ) فإنهم وإن كانوا مشايعين للكفار ساعين في إخماد نور الله لا يقدرون على إنكار إرسال البشر . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7إن كنتم لا تعلمون ) من حيث إن
قريشا لم يكن لها كتاب سابق ولا أثارة من علم . والظاهر أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7أهل الذكر ) هم أحبار أهل الكتابين وشهادتهم تقوم بها الحجة في إرسال الله البشر هذا مع موافقة
قريش في ترك الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ، فشهادتهم لا مطعن فيها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : أنا من أهل الذكر . وقيل : هم أهل القرآن . وقال
علي : أنا من أهل الذكر . وقال
ابن عطية : لا يصلح أن يكون المسئول أهل القرآن في ذلك الوقت لأنهم كانوا خصومهم . انتهى .
وقيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7أهل الذكر ) هم أهل التوراة . وقيل : أهل العلم بالسير وقصص الأمم البائدة والقرون السالفة ، فإنهم كانوا يفحصون عن هذه الأشياء وإذا كان (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7أهل الذكر ) أريد بهم
اليهود والنصارى فإنهم لما بلغ خبرهم حد التواتر جاز أن يسألوا ولا يقدح في ذلك كونهم كفارا .
وقرأ الجمهور : يوحى مبنيا للمفعول . وقرأ
طلحة وحفص ( نوحي ) بالنون وكسر الحاء و ( الجسد ) يقع على ما لا يتغذى من الجماد . وقيل : يقع على المتعذي وغيره ، فعلى القول الأول يكون النفي قد وقع على ( الجسد ) وعلى الثاني يكون مثبتا ، والنفي إنما وقع على صفته ووحد الجسد لإرادة الجنس كأنه قال : ذوي ضرب من الأجساد ، وهذا رد لقولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام ، وهذه الجملة من تمام الجواب للمشركين الذين قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هل هذا إلا بشر مثلكم ) لأن البشرية تقتضي الجسمية الحيوانية ، وهذه لا بد لها من مادة
[ ص: 299 ] تقوم بها ، وقد خرجوا بذلك في قولهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هل هذا إلا بشر مثلكم ) يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ، ولما أثبت أنهم كانوا أجسادا يأكلون الطعام بين أنهم مآلهم إلى الفناء والنفاد ، ونفى عنهم الخلود وهو البقاء السرمدي أو البقاء المدة المتطاولة أي هؤلاء الرسل بشر أجساد يطعمون ويموتون كغيرهم من البشر ، والذي صاروا به رسلا هو ظهور المعجزة على أيديهم وعصمتهم من الصفات القادحة في التبليغ وغيره .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=9ثم صدقناهم الوعد ) ذكر تعالى سيرته مع أنبيائه فكذلك يصدق نبيه
محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما وعدهم به من النصر وظهور الكلمة ، فهذه عدة للمؤمنين ووعيد للكافرين و (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=9صدقناهم الوعد ) من باب اختار وهو ما يتعدى الفعل فيه إلى واحد وإلى الآخر بحرف جر ، ويجوز حذف ذلك الحرف أي في ( الوعد ) وهو باب لا ينقاس عند الجمهور ، وإنما يحفظ من ذلك أفعال قليلة ذكرت في النحو ونظير (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=9صدقناهم الوعد ) قولهم : صدقوهم القتال وصدقني سن بكره وصدقت زيدا الحديث و (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=83من نشاء ) هم المؤمنون ، والمسرفون هم الكفار المفرطون في غيهم وكفرهم ، وكل من ترك الإيمان فهو مفرط مسرف وإنجاؤهم من شر أعدائهم ومن العذاب الذي نزل بأعدائهم .
ولما توعدهم في هذه الآية أعقب ذلك بوعده بنعمته عليهم فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم ) والكتاب هو القرآن . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10ذكركم ) شرفكم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، وعن
الحسن : ذكر دينكم ، وعن
مجاهد : فيه حديثكم ، وعن
سفيان : مكارم أخلاقكم ومحاسن أعمالكم . وقيل : تذكرة لتحذروا ما لا يحل وترغبوا فيما يجب . وقال صاحب التحرير : الذي يقتضيه سياق الآيات أن المعنى فيه ذكر مشانئكم ومثالبكم وما عاملتهم به أنبياء الله من التكذيب والعناد ، فعلى هذا تكون الآية ذما لهم وليست من تعداد النعم عليهم ، ويكون الكلام على سياقه ويكون معنى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هل هذا إلا بشر مثلكم ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=67أفلا تعقلون ) إنكارا عليهم على إهمالهم التدبر والتفكر المؤديين إلى اقتضاء الغفلة . وقال
ابن عطية : يحتمل أن يريد فيه شرفكم وذكركم آخر الدهر كما نذكر عظم الأمور ، وفي هذا تحريض ثم أكد التحريض بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10أفلا تعقلون ) وحركهم بذلك إلى النظر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري نحوه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10ذكركم ) شرفكم وصيتكم كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=44وإنه لذكر لك ولقومك ) أو موعظتكم أو فيه مكارم الأخلاق التي كنتم تطلبون بها الثناء ، وحسن الذكر كحسن الجوار والوفاء بالعهد وصدق الحديث وأداء الأمانة والسخاء وما أشبه ذلك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=4قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=6مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=8وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=9ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) .
[ ص: 295 ] هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ ، وَعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ : الْكَهْفُ ،
وَمَرْيَمُ ، وَطه ، وَالْأَنْبِيَاءُ مِنَ الْعِتَاقِ الْأُوَّلِ ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي أَي مِنْ قَدِيمِ مَا حَفِظْتُ وَكَسَبْتُ مِنَ الْقُرْآنِ كَالْمَالِ التِّلَادِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28862وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ السُّورَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=135قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا ) قَالَ مُشْرِكُو
قُرَيْشٍ :
مُحَمَّدٌ يُهَدِّدُنَا بِالْمَعَادِ وَالْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ، وَإِنْ صَحَّ فَفِيهِ بُعْدٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ ) ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقْتَرَبَ ) افْتَعَلَ بِمَعْنَى الْفِعْلِ الْمُجَرَّدِ وَهُوَ قَرُبَ كَمَا تَقُولُ : ارْتَقَبَ وَرَقَبَ . وَقِيلَ : هُوَ أَبْلَغُ مِنْ قَرُبَ لِلزِّيَادَةِ الَّتِي فِي الْبِنَاءِ . وَالنَّاسُ مُشْرِكُو
مَكَّةَ . وَقِيلَ : عَامٌّ فِي مُنْكِرِي الْبَعْثِ ، وَاقْتِرَابُ الْحِسَابِ اقْتِرَابُ وَقْتِهِ وَالْحِسَابُ فِي اللُّغَةِ إِخْرَاجُ الْكَمِّيَّةِ مِنْ مَبْلَغِ الْعَدَدِ ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمَحْسُوبِ وَجَعَلَ ذَلِكَ اقْتِرَابًا لِأَنَّ كُلَّ مَا هُوَ آتٍ وَإِنْ طَالَ وَقْتُ انْتِظَارِهِ قَرِيبٌ ، وَإِنَّمَا الْبَعِيدُ هُوَ الَّذِي انْقَرَضَ أَوْ هُوَ مُقْتَرِبٌ عِنْدَ اللَّهِ كَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=47وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ أَقْصَرُ وَأَقَلُّ مِمَّا مَضَى . وَفِي الْحَدِيثِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374709nindex.php?page=treesubj&link=30182بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ ) . قَالَ الشَّاعِرُ :
فَمَا زَالَ مَنْ يَهْوَاهُ أَقْرَبَ مِنْ غَدِ وَمَا زَالَ مَنْ يَخْشَاهُ أَبْعَدَ مِنْ أَمْسِ
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1لِلنَّاسِ ) مُتَعَلِّقٌ بِاقْتَرَبَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : هَذِهِ اللَّامُ لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ صِلَةً لَاقْتَرَبَ ، أَوْ تَأْكِيدًا
[ ص: 296 ] لِإِضَافَةِ الْحِسَابِ إِلَيْهِمْ كَمَا تَقُولُ أَزُفُّ لِلْحَيِّ رَحِيلَهُمْ ، الْأَصْلُ أَزُفُّ رَحِيلَ الْحَيِّ ثُمَّ أَزُفُّ لِلْحَيِّ رَحِيلَهُمْ وَنَحْوُهُ مَا أَوْرَدَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ مَا يُثَنَّى فِيهِ الْمُسْتَقِرُّ تَوْكِيدًا عَلَيْكَ زِيدٌ حَرِيصٌ عَلَيْكَ ، وَفِيكَ زَيْدٌ رَاغِبٌ فِيكَ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : لَا أَبَا لَكَ لِأَنَّ اللَّامَ مُؤَكِّدَةٌ لِمَعْنَى الْإِضَافَةِ ، وَهَذَا الْوَجْهُ أَغْرَبُ مِنَ الْأَوَّلِ . انْتَهَى . يَعْنِي بِقَوْلِهِ صِلَةٌ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِاقْتَرَبَ ، وَأَمَّا جَعْلُهُ اللَّامَ تَأْكِيدًا لِإِضَافَةِ الْحِسَابِ إِلَيْهِمْ مَعَ تَقَدُّمِ اللَّامِ وَدُخُولِهَا عَلَى الِاسْمِ الظَّاهِرِ فَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَقُولُ ذَلِكَ ، وَأَيْضًا فَيَحْتَاجُ إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَلَا يُمْكِنُ تَعَلُّقُهَا بِحِسَابِهِمْ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مَوْصُولٌ وَلَا يَتَقَدَّمُ مَعْمُولُهُ عَلَيْهِ ، وَأَيْضًا فَالتَّوْكِيدُ يَكُونُ مُتَأَخِّرًا عَنِ الْمُؤَكَّدِ وَأَيْضًا فَلَوْ أُخِّرَ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ لَمْ يَصِحَّ . وَأَمَّا تَشْبِيهُهُ بِمَا أَوْرَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ فَالْفَرْقُ وَاضِحٌ لِأَنَّ عَلَيْكَ مَعْمُولٌ لِحَرِيصٍ ، وَعَلَيْكَ الثَّانِيَةُ مُتَأَخِّرَةٌ تَوْكِيدًا وَكَذَلِكَ فِيكَ زَيْدٌ رَاغِبٌ فِيكَ يَتَعَلَّقُ فِيكَ بِرَاغِبٍ ، وَفِيكَ الثَّانِيَةُ تَوْكِيدٌ ، وَإِنَّمَا غَرَّهُ فِي ذَلِكَ صِحَّةُ تَرْكِيبِ حِسَابِ النَّاسِ . وَكَذَلِكَ أَزَفَ رَحِيلُ الْحَيِّ فَاعْتَقَدَ إِذَا تَقَدَّمَ الظَّاهِرُ مَجْرُورًا بِاللَّامِ وَأُضِيفَ الْمَصْدَرُ لِضَمِيرِهِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ فِيكَ زَيْدٌ رَاغِبٌ فِيكَ وَلَيْسَ مِثْلَهُ ، وَأَمَّا لَا أَبَا لَكَ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُشْكِلَةٌ وَفِيهَا خِلَافٌ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيهَا ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّامَ جَاوَرَتِ الْإِضَافَةَ وَلَا يُقَاسُ عَلَى مِثْلِهَا غَيْرُهَا لِشُذُوذِهَا وَخُرُوجِهَا عَنِ الْأَقْيِسَةِ ، وَقَدْ أَمْعَنَّا الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ وَالْوَاوُ فِي ( وَهُمْ ) وَاوُ الْحَالِ .
وَأَخْبَرَ عَنْهُمْ بِخِبْرَيْنِ ظَاهِرُهُمَا التَّنَافِي لِأَنَّ الْغَفْلَةَ عَنِ الشَّيْءِ وَالْإِعْرَاضَ عَنْهُ مُتَنَافِيَانِ ، لَكِنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِاخْتِلَافِ حَالَيْنِ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَوَّلًا أَنَّهُمْ لَا يَتَفَكَّرُونَ فِي عَاقِبَةٍ بَلْ هُمْ غَافِلُونَ عَمَّا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُمْ . ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْهُمْ ثَانِيًا أَنَّهُمْ إِذَا نَبِهُوا مِنْ سِنَةِ الْغَفْلَةِ وَذُكِّرُوا بِمَا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْرُ الْمُحْسِنِ وَالْمُسِيءِ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَلَمْ يُبَالُوا بِذَلِكَ ، وَالذِّكْرُ هُنَا مَا يَنْزِلُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ . وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالذِّكْرِ أَقْوَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِ الشَّرِيعَةِ وَوَعْظِهِ وَتَذْكِيرِهِ وَوَصْفِهِ بِالْحُدُوثِ إِذَا كَانَ الْقُرْآنُ لِنُزُولِهِ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ . وَسُئِلَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ مُحْدَثُ النُّزُولِ مُحْدَثُ الْمَقُولِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ : الْمُرَادُ بِالذِّكْرِ هُنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَلِيلِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولًا ) وَقَدِ احْتَجَّتِ الْمُعْتَزِلَةُ عَلَى حُدُوثِ الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مُحْدَثٍ ) وَهِيَ مَسْأَلَةٌ يُبْحَثُ فِيهَا فِي عِلْمِ الْكَلَامِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مُحْدَثٍ ) بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِذِكْرٍ عَلَى اللَّفْظِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِذِكْرٍ عَلَى الْمَوْضِعِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مِنْ ذِكْرٍ ) إِذْ قَدْ وُصِفَ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مِنْ رَبِّهِمْ ) وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مِنْ رَبِّهِمْ ) بِيَأْتِيهِمْ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2اسْتَمَعُوهُ ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَذُو الْحَالِ الْمَفْعُولُ فِي ( مَا يَأْتِيهِمْ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2وَهُمْ يَلْعَبُونَ ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ ضَمِيرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2اسْتَمَعُوهُ ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لَاهِيَةً ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ ( يَلْعَبُونَ ) أَوْ مِنْ ضَمِيرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2اسْتَمَعُوهُ ) فَيَكُونُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ ، وَاللَّاهِيَةُ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ لَهِي عَنْهُ إِذَا ذَهَلَ وَغَفَلَ يَلْهَى لَهْيًا وَلِهْيَانًا ، أَيْ وَإِنْ فَطِنُوا لَا يُجْدِي ذَلِكَ لِاسْتِيلَاءِ الْغَفْلَةِ وَالذُّهُولِ وَعَدَمِ التَّبَصُّرِ بِقُلُوبِهِمْ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَعِيسَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لَاهِيَةً ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ لِقَوْلِهِ ( وَهُمْ ) .
وَ ( النَّجْوَى ) مِنَ التَّنَاجِي وَلَا يَكُونُ إِلَّا خُفْيَةٍ فَمَعْنَى ( وَأَسَرُّوا ) بَالَغُوا فِي إِخْفَائِهَا أَوْ جَعَلُوهَا بِحَيْثُ لَا يَفْطُنُ أَحَدٌ لِتَنَاجِيهِمْ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُمْ مُتَنَاجُونَ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=52أَسَرُّوا ) هُنَا مِنَ الْأَضْدَادِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَخْفَوْا كَلَامَهُمْ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَظْهَرُوهُ وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14899الْفَرَزْدَقِ :
فَلَمَّا رَأَى الْحَجَّاجَ جَرَّدَ سَيْفَهُ أَسَرَّ الْحَرُورِيُّ الَّذِي كَانَ أَضْمَرَا
وَقَالَ
التِّبْرِيزِيُّ : لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْغَالِبِ إِلَّا فِي الْإِخْفَاءِ ، وَإِنَّمَا أَسَرُّوا الْحَدِيثَ لِأَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّشَاوُرِ ، وَعَادَةُ الْمُتَشَاوِرِينَ كِتْمَانُ سِرِّهِمْ عَنْ أَعْدَائِهِمْ ، وَأَسَرُّوهَا لِيَقُولُوا لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ إِنْ مَا تَدْعُونَهُ حَقًّا فَأَخْبَرُونَا بِمَا أَسْرَرْنَاهُ وَجَوَّزُوا فِي إِعْرَابِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3الَّذِينَ ظَلَمُوا ) وُجُوهًا
[ ص: 297 ] الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ وَالْجَرَّ ، فَالرَّفْعُ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ ضَمِيرِ ( وَأَسَرُّوا ) إِشْعَارًا أَنَّهُمُ الْمَوْسُومُونَ بِالظُّلْمِ الْفَاحِشِ فِيمَا أَسَرُّوا بِهِ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ ، وَعَزَاهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ ، وَالْوَاوُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=52أَسَرُّوا ) عَلَّامَةٌ لِلْجَمْعِ عَلَى لُغَةِ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ قَالَهُ
أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْأَخْفَشُ وَغَيْرُهُمَا . قِيلَ : وَهِيَ لُغَةٌ شَاذَّةٌ . قِيلَ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لُغَةٌ حَسَنَةٌ ، وَهِيَ مِنْ لُغَةِ
أَزْدِ شَنُوءَةَ وَخَرَجَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=71ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ ) وَقَالَ شَاعِرُهُمْ :
يَلُومُونَنِي فِي اشْتِرَاءِ النَّخِيلِ أَهْلِي وَكُلُّهُمْ أَلُومُ
أَوْ عَلَى أَنَّ ( الَّذِينَ ) مُبْتَدَأٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3وَأَسَرُّوا النَّجْوَى ) خَبَرُهُ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ فَقَدَّمَ عَلَيْهِ ، وَالْمَعْنَى : وَهَؤُلَاءِ أَسَرُّوا النَّجْوَى فَوَضَعَ الْمُظْهَرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ تَسْجِيلًا عَلَى فِعْلِهِمْ أَنَّهُ ظَلَمَ ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ بِفِعْلِ الْقَوْلِ وَحُذِفَ أَيْ يَقُولُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3الَّذِينَ ظَلَمُوا ) وَالْقَوْلُ كَثِيرًا يُضْمَرُ وَاخْتَارَهُ النَّحَّاسُ قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا أَنَّ بَعْدَهُ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ . وَقِيلَ التَّقْدِيرُ أَسَرَّهَا الَّذِينَ ظَلَمُوا . وَقِيلَ : ( الَّذِينَ ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ هُمُ ( الَّذِينَ ) وَالنَّصْبُ عَلَى الذَّمِّ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ ، أَوْ عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي قَالَهُ بَعْضُهُمْ . وَالْجَرُّ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِلنَّاسِ أَوْ بَدَلًا فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ ) قَالَهُ
الْفَرَّاءُ وَهُوَ أَبْعَدُ الْأَقْوَالِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّعَجُّبُ أَيْ كَيْفَ خُصَّ بِالنُّبُوَّةِ دُونَكُمْ مَعَ مُمَاثَلَتِهِ لَكُمْ فِي الْبَشَرِيَّةِ ، وَإِنْكَارُهُمْ وَتَعَجُّبُهُمْ مِنْ حَيْثُ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُرْسِلُ إِلَّا مَلَكًا . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ ) اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّوْبِيخُ وَ ( السِّحْرُ ) عَنَوْا بِهِ مَا ظَهَرَ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي أَعْظَمُهَا الْقُرْآنُ وَالذِّكْرُ الْمَتْلُوُّ عَلَيْهِمْ ، أَيْ أَفَتُحْضِرُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ) أَنَّهُ سِحْرٌ وَأَنَّ مَنْ أَتَى بِهِ هُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) فَكَيْفَ تَقْبَلُونَ مَا أَتَى بِهِ وَهُوَ سِحْرٌ ، وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الرَّسُولَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَا يَكُونُ إِلَّا مَلَكًا وَأَنَّ كُلَّ مَنِ ادَّعَى الرِّسَالَةَ مِنَ الْبَشَرِ وَجَاءَ بِمُعْجِزَةٍ فَهُوَ سَاحِرٌ وَمُعْجِزَتُهُ سِحْرٌ ، وَهَاتَانِ الْجُمْلَتَانِ الِاسْتِفْهَامِيَّتَانِ الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا مُتَعَلِّقَتَانِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3وَأَسَرُّوا النَّجْوَى ) وَأَنَّهُمَا مَحْكِيَّتَانِ بِقَوْلِهِ لِلنَّجْوَى لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْقَوْلِ الْخَفِيِّ ، فَهُمَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِ بِالنَّجْوَى .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فِي مَحَلِّ النَّصْبِ بَدَلًا مِنَ ( النَّجْوَى ) أَيْ ( وَأَسَرُّوا ) هَذَا الْحَدِيثَ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَالُوا مُضْمَرًا . انْتَهَى .
وَقَرَأَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ nindex.php?page=showalam&ids=12526وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَيُّوبُ وَخَلَفٌ nindex.php?page=showalam&ids=13220وَابْنُ سَعْدَانَ وَابْنُ جُبَيْرٍ الْأَنْطَاكِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=4قَالَ رَبِّي ) عَلَى مَعْنَى الْخَبَرِ عَنْ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ . وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ قُلْ عَلَى الْأَمْرِ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَعْلَمُ ) أَقْوَالَكُمْ هَذِهِ ، وَهُوَ يُجَازِيكُمْ عَلَيْهَا وَ ( الْقَوْلُ ) عَامٌّ يَشْمَلُ السِّرَّ وَالْجَهْرَ ، فَكَانَ فِي الْإِخْبَارِ بِعِلْمِهِ الْقَوْلَ عِلْمُ السِّرِّ وَزِيَادَةٌ ، وَكَانَ آكَدَ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى نَجْوَاهُمْ مِنْ أَنْ يَقُولَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ . ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=4وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ( السَّمِيعُ ) لِأَقْوَالِكُمْ ( الْعَلِيمُ ) بِمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ ضَمَائِرُكُمْ .
وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ مَا أَتَى بِهِ سِحْرٌ ذَكَرَ اضْطِرَابَهُمْ فِي مَقَالَاتِهِمْ فَذَكَرَ أَنَّهُمْ أَضْرَبُوا عَنْ نِسْبَةِ السِّحْرِ إِلَيْهِ وَ ( قَالُوا ) مَا يَأْتِي بِهِ إِنَّمَا هُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ) وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا فِي سُورَةِ
يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، ثُمَّ أَضْرَبُوا عَنْ هَذَا فَقَالُوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5بَلِ افْتَرَاهُ ) أَيِ اخْتَلَقَهُ وَلَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، ثُمَّ أَضْرَبُوا عَنْ هَذَا فَقَالُوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5بَلْ هُوَ شَاعِرٌ ) وَهَكَذَا الْمُبْطِلُ لَا يَثْبُتُ عَلَى قَوْلٍ بَلْ يَبْقَى مُتَحَيِّرًا ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الظَّاهِرُ أَنَّهَا صَدَرَتْ مِنْ قَائِلِينَ مُتَّفِقِينَ انْتَقَلُوا مِنْ قَوْلٍ إِلَى قَوْلٍ أَوْ مُخْتَلِفِينَ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَقَالَةً . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَنْزِيلًا مِنَ اللَّهِ لِأَقْوَالِهِمْ فِي دَرَجِ الْفَسَادِ ، وَأَنَّ قَوْلَهُمُ الثَّانِيَ أَفْسَدُ مِنَ الْأَوَّلِ ، وَالثَّالِثَ أَفْسَدُ مِنَ الثَّانِي وَكَذَلِكَ الرَّابِعُ مِنَ الثَّالِثِ . انْتَهَى .
وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ ثُمَّ حَكَى قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ شَاعِرٌ وَهِيَ مَقَالَةُ فِرْقَةٍ عَامِّيَّةٍ لِأَنَّ بَنَاتَ الشِّعْرِ مِنَ الْعَرَبِ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِمْ بِالْبَدِيهَةِ ، وَإِنَّ مَبَانِيَ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ مَبَانِيَ شِعْرٍ . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : حَكَى اللَّهُ عَنْهُمْ
[ ص: 298 ] هَذِهِ الْأَقْوَالَ الْخَمْسَةَ وَتَرْتِيبُ كَلَامِهِمْ أَنَّ كَوْنَهُ بَشَرًا مَانِعٌ مِنْ كَوْنِهِ رَسُولًا لِلَّهِ سَلَّمْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ ، وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ ثَمَّ إِمَّا أَنْ يُسَاعِدَ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28914فَصَاحَةَ الْقُرْآنِ خَارِجَةٌ عَنْ مِقْدَارِ الْبَشَرِ قُلْنَا لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سِحْرًا وَإِنْ لَمْ يُسَاعِدْ عَلَيْهِ فَإِنِ ادَّعَيْنَا كَوْنَهُ فِي نِهَايَةِ الرَّكَاكَةِ قُلْنَا إِنَّهُ أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ، وَإِنِ ادَّعَيْنَا أَنَّهُ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ الرَّكَاكَةِ وَالْفَصَاحَةِ قُلْنَا إِنَّهُ افْتِرَاءٌ ، وَإِنِ ادَّعَيْنَا أَنَّهُ كَلَامٌ فَصِيحٌ قُلْنَا إِنَّهُ مِنْ جِنْسِ فَصَاحَةِ سَائِرِ الشِّعْرِ ، وَعَلَى جَمِيعِ هَذِهِ التَّقْدِيرَاتِ لَا يَثْبُتُ كَوْنُهُ مُعْجِزًا .
وَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ تَقْدِيرِ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ) اقْتَرَحُوا مِنَ الْآيَاتِ مَا لَا إِمْهَالَ بَعْدَهَا كَالْآيَاتِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=90لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : صِحَّةُ التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ) مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ فِي مَعْنَى كَمَا أَتَى الْأَوَّلُونَ بِالْآيَاتِ ، لِأَنَّ إِرْسَالَ الرُّسُلِ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِتْيَانِ بِالْآيَاتِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَقُولَ أَتَى
مُحَمَّدٌ بِالْمُعْجِزَةِ ، وَأَنْ تَقُولَ : أُرْسِلَ
مُحَمَّدٌ بِالْمُعْجِزَةِ . انْتَهَى . وَالْكَافُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5كَمَا أُرْسِلَ ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ النَّعْتِ لِآيَةٍ ، وَمَا أُرْسِلَ فِي تَقْدِيرِ الْمَصْدَرِ وَالْمَعْنَى بِآيَةٍ مِثْلِ آيَةِ إِرْسَالِ ( الْأَوَّلِينَ ) ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي النَّعْتِ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ إِتْيَانًا مِثْلَ إِرْسَالِ ( الْأَوَّلِينَ ) أَيْ مِثْلِ إِتْيَانِهِمْ بِالْآيَاتِ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي طَلَبُوهَا هِيَ عَلَى سَبِيلِ اقْتِرَاحِهِمْ ، وَلَمْ يَأْتِ اللَّهُ بِآيَةٍ مُقْتَرَحَةٍ إِلَّا أَتَى بِالْعَذَابِ بَعْدَهُ . وَأَرَادَ تَعَالَى تَأْخِيرَ هَؤُلَاءِ وَفِي قَوْلِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ) دَلَالَةٌ عَلَى مَعْرِفَتِهِمْ بِإِتْيَانِ الرُّسُلِ .
ثُمَّ أَجَابَ تَعَالَى عَنْ قَوْلِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ ) بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=6مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ قَوْمُ
صَالِحٍ وَقَوْمُ
فِرْعَوْنَ وَغَيْرُهُمَا ، وَمَعْنَى ( أَهْلَكْنَاهَا ) حَكَمْنَا بِإِهْلَاكِهَا بِمَا اقْتَرَحُوا مِنَ الْآيَاتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=6أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ ) اسْتِبْعَادٌ وَإِنْكَارٌ أَيْ هَؤُلَاءِ أَعْنِي مِنَ الَّذِينَ اقْتَرَحُوا عَلَى أَنْبِيَائِهِمُ الْآيَاتِ وَعَهِدُوا أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ عِنْدَهَا ، فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ نَكَثُوا فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ ، فَلَوْ أَعْطَيْنَا هَؤُلَاءِ مَا اقْتَرَحُوا لَكَانُوا أَنْكُثَ مِنْ أُولَئِكَ ، وَكَانَ يَقَعُ اسْتِئْصَالُهُمْ وَلَكِنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى بِإِبْقَائِهِمْ لِيُؤْمِنَ مَنْ آمَنَ وَيُخْرِجَ مِنْهُمْ مُؤْمِنِينَ .
وَلَمَّا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28745الرَّسُولَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مَنْ جِنْسِ الْبَشَرِ قَالَ تَعَالَى رَادًّا عَلَيْهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا ) أَيْ بَشَرًا وَلَمْ يَكُونُوا مَلَائِكَةً كَمَا اعْتَقَدُوا ، ثُمَّ أَحَالَهُمْ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7أَهْلَ الذِّكْرِ ) فَإِنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا مُشَايِعِينَ لِلْكُفَّارِ سَاعِينَ فِي إِخْمَادِ نُورِ اللَّهِ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى إِنْكَارِ إِرْسَالِ الْبَشَرِ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) مِنْ حَيْثُ إِنَّ
قُرَيْشًا لَمْ يَكُنْ لَهَا كِتَابٌ سَابِقٌ وَلَا أَثَارَةٌ مِنْ عِلْمٍ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7أَهْلَ الذِّكْرِ ) هُمْ أَحْبَارُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وَشَهَادَتُهُمْ تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ فِي إِرْسَالِ اللَّهِ الْبَشَرَ هَذَا مَعَ مُوَافَقَةِ
قُرَيْشٍ فِي تَرْكِ الْإِيمَانِ بِالرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَشَهَادَتُهُمْ لَا مَطْعَنَ فِيهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : أَنَا مِنْ أَهْلِ الذِّكْرِ . وَقِيلَ : هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ . وَقَالَ
عَلِيٌّ : أَنَا مِنْ أَهْلِ الذِّكْرِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الْمَسْئُولُ أَهْلَ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا خُصُومَهُمْ . انْتَهَى .
وَقِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7أَهْلَ الذِّكْرِ ) هُمْ أَهْلُ التَّوْرَاةِ . وَقِيلَ : أَهْلُ الْعِلْمِ بِالسَّيْرِ وَقِصَصِ الْأُمَمِ الْبَائِدَةِ وَالْقُرُونِ السَّالِفَةِ ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَفْحَصُونَ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَإِذَا كَانَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7أَهْلَ الذِّكْرِ ) أُرِيدَ بِهِمُ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَإِنَّهُمْ لَمَّا بَلَغَ خَبَرُهُمْ حَدَّ التَّوَاتُرِ جَازَ أَنْ يُسْأَلُوا وَلَا يَقْدَحَ فِي ذَلِكَ كَوْنُهُمْ كُفَّارًا .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : يُوحَى مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ . وَقَرَأَ
طَلْحَةُ وَحَفْصٌ ( نُوحِي ) بِالنُّونِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَ ( الْجَسَدُ ) يَقَعُ عَلَى مَا لَا يَتَغَذَّى مِنَ الْجَمَادِ . وَقِيلَ : يَقَعُ عَلَى الْمُتَعَذِّي وَغَيْرِهِ ، فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ النَّفْيُ قَدْ وَقَعَ عَلَى ( الْجَسَدِ ) وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مُثْبَتًا ، وَالنَّفْيُ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى صِفَتِهِ وَوَحَّدَ الْجَسَدَ لِإِرَادَةِ الْجِنْسِ كَأَنَّهُ قَالَ : ذَوِي ضَرْبٍ مِنَ الْأَجْسَادِ ، وَهَذَا رَدٌّ لِقَوْلِهِمْ مَا لِهَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ تَمَامِ الْجَوَابِ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) لِأَنَّ الْبَشَرِيَّةَ تَقْتَضِي الْجِسْمِيَّةَ الْحَيَوَانِيَّةَ ، وَهَذِهِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مَادَّةٍ
[ ص: 299 ] تَقُومُ بِهَا ، وَقَدْ خَرَجُوا بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ، وَلَمَّا أَثْبَتَ أَنَّهُمْ كَانُوا أَجْسَادًا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ بَيَّنَ أَنَّهُمْ مَآلُهُمْ إِلَى الْفَنَاءِ وَالنَّفَادِ ، وَنَفَى عَنْهُمُ الْخُلُودَ وَهُوَ الْبَقَاءُ السَّرْمَدِيُّ أَوِ الْبَقَاءُ الْمُدَّةَ الْمُتَطَاوِلَةَ أَيْ هَؤُلَاءِ الرُّسُلِ بَشَرٌ أَجْسَادٌ يُطْعَمُونَ وَيَمُوتُونَ كَغَيْرِهِمْ مِنَ الْبَشَرِ ، وَالَّذِي صَارُوا بِهِ رُسُلًا هُوَ ظُهُورُ الْمُعْجِزَةِ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَعِصْمَتُهُمْ مِنَ الصِّفَاتِ الْقَادِحَةِ فِي التَّبْلِيغِ وَغَيْرِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=9ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ ) ذَكَرَ تَعَالَى سِيرَتَهُ مَعَ أَنْبِيَائِهِ فَكَذَلِكَ يَصْدُقُ نَبِيَّهُ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ مِنَ النَّصْرِ وَظُهُورِ الْكَلِمَةِ ، فَهَذِهِ عِدَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَوَعِيدٌ لِلْكَافِرِينَ وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=9صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ ) مِنْ بَابِ اخْتَارَ وَهُوَ مَا يَتَعَدَّى الْفِعْلُ فِيهِ إِلَى وَاحِدٍ وَإِلَى الْآخَرِ بِحَرْفِ جَرٍّ ، وَيَجُوزُ حَذْفُ ذَلِكَ الْحَرْفِ أَيْ فِي ( الْوَعْدِ ) وَهُوَ بَابٌ لَا يَنْقَاسُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، وَإِنَّمَا يُحْفَظُ مِنْ ذَلِكَ أَفْعَالٌ قَلِيلَةٌ ذُكِرَتْ فِي النَّحْوِ وَنَظِيرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=9صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ ) قَوْلُهُمْ : صَدَقُوهُمُ الْقِتَالَ وَصَدَقَنِي سِنَّ بَكْرِهِ وَصَدَقْتُ زَيْدًا الْحَدِيثَ وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=83مَنْ نَشَاءُ ) هُمُ الْمُؤْمِنُونَ ، وَالْمُسْرِفُونَ هُمُ الْكُفَّارُ الْمُفْرِطُونَ فِي غَيِّهِمْ وَكُفْرِهِمْ ، وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ الْإِيمَانَ فَهُوَ مُفَرِّطٌ مُسْرِفٌ وَإِنْجَاؤُهُمْ مِنْ شَرِّ أَعْدَائِهِمْ وَمِنَ الْعَذَابِ الَّذِي نَزَلَ بِأَعْدَائِهِمْ .
وَلَمَّا تَوَعَّدَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِوَعْدِهِ بِنِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ) وَالْكِتَابُ هُوَ الْقُرْآنُ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10ذِكْرُكُمْ ) شَرَفُكُمْ حَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ ، وَعَنِ
الْحَسَنِ : ذِكْرُ دِينِكُمْ ، وَعَنْ
مُجَاهِدٍ : فِيهِ حَدِيثُكُمْ ، وَعَنْ
سُفْيَانَ : مَكَارِمُ أَخْلَاقِكُمْ وَمَحَاسِنُ أَعْمَالِكُمْ . وَقِيلَ : تَذْكِرَةٌ لِتَحْذَرُوا مَا لَا يَحِلُّ وَتَرْغَبُوا فِيمَا يَجِبُ . وَقَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ : الَّذِي يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ الْآيَاتِ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ ذِكْرُ مَشَانِئِكُمْ وَمَثَالِبِكُمْ وَمَا عَامَلَتْهُمْ بِهِ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ مِنَ التَّكْذِيبِ وَالْعِنَادِ ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْآيَةُ ذَمًّا لَهُمْ وَلَيْسَتْ مِنْ تَعْدَادِ النِّعَمِ عَلَيْهِمْ ، وَيَكُونُ الْكَلَامُ عَلَى سِيَاقِهِ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=67أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) إِنْكَارًا عَلَيْهِمْ عَلَى إِهْمَالِهِمُ التَّدَبُّرَ وَالتَّفَكُّرَ الْمُؤَدِّيَيْنِ إِلَى اقْتِضَاءِ الْغَفْلَةِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ فِيهِ شَرَفَكُمْ وَذِكْرَكُمْ آخِرَ الدَّهْرِ كَمَا نَذْكُرُ عِظَمَ الْأُمُورِ ، وَفِي هَذَا تَحْرِيضٌ ثُمَّ أَكَّدَ التَّحْرِيضَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) وَحَرَّكَهُمْ بِذَلِكَ إِلَى النَّظَرِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ نَحْوَهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10ذِكْرُكُمْ ) شَرَفُكُمْ وَصِيتُكُمْ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=44وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ) أَوْ مَوْعِظَتِكُمْ أَوْ فِيهِ مَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ الَّتِي كُنْتُمْ تَطْلُبُونَ بِهَا الثَّنَاءَ ، وَحُسْنُ الذِّكْرِ كَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَالسَّخَاءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .