[ ص: 300 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=14قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=16وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=17لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=19وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=20يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) .
لما رد الله تعالى عليهم ما قالوه بالغ تعالى في زجرهم بذكر ما أهلك من القرى ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11وكم قصمنا ) والمراد أهلها إذ لا توصف القرية بالظلم كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75من هذه القرية الظالم أهلها ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الإنشاء إيجاد الشيء من غير سبب أنشأه فنشأ وهو ناشئ والجمع نشاء كخدم ، والقصم أفظع الكسر عبر به عن الإهلاك الشديد ( وكم ) تقتضي التكثير ، فالمعنى كثيرا من أهل القرى أهلكنا إهلاكا شديدا مبالغا فيه .
وما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنها "
حضوراء " قرية
باليمن ، وعن
ابن وهب عن بعض رجاله أنهما قريتان
باليمن بطر أهلهما ، فيحمل على سبيل التمثيل لا على التعيين في القرية ، لأن ( كم ) تقتضي التكثير . ومن حديث أهل
حضوراء : أن الله بعث إليهم نبيا فقتلوه ، فسلط الله عليهم بخت نصر كما سلطه على أهل
بيت المقدس بعث إليهم جيشا فهزموه ، ثم بعث آخر فهزموه ، ثم خرج إليهم بنفسه فهزمهم في الثالثة ، فلما أخذ القتل فيهم ركضوا هاربين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12فلما أحسوا بأسنا ) أي باشروه بالإحساس ، والضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12أحسوا ) عائد على أهل المحذوف من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11وكم قصمنا من قرية ) ولا يعود على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11قوما آخرين ) لأنه لم يذكر لهم ذنب يركضون من أجله ، والضمير في ( منها ) عائد على القرية ، ويحتمل أن يعود على ( بأسنا ) لأنه في معنى الشدة ، فأنث على المعنى ومن على هذا السبب ، والظاهر أنهم لما أدركتهم مقدمة العذاب ركبوا دوابهم يركضونها هاربين منهزمين . قيل : ويجوز أن شبهوا في سرعة عدوهم على أرجلهم بالراكبين الراكضين لدوابهم فهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12يركضون ) الأرض بأرجلهم ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=42اركض برجلك ) وجواب لما ( إذا ) الفجائية وما بعدها ، وهذا أحد الدلائل على أن ( لما ) في هذا التركيب حرف لا ظرف ، وقد تقدم لنا القول في ذلك .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لا تركضوا ) قال
ابن عطية : يحتمل أن يكون من قول رجال
بخت نصر على الرواية المتقدمة ، فالمعنى على هذا أنهم خدعوهم واستهزءوا بهم بأن قالوا للهاربين منهم : لا تفروا وارجعوا إلى منازلكم (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لعلكم تسألون ) صلحا أو جزية أو أمرا يتفق عليه ، فلما انصرفوا أمر
بخت نصر أن ينادى فيهم يا لثارات النبي المقتول ! فقتلوا بالسيف عن آخرهم ، هذا كله مروي ، ويحتمل أن يكون قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لا تركضوا ) إلى آخر الآية من كلام ملائكة العذاب ، وصف قصة كل قرية ، وأنه لم يرد تعيين
حضوراء ولا غيرها ، فالمعنى على هذا : أن أهل هذه القرى كانوا باغترارهم يرون أنهم من الله بمكان ، وأنه لو جاءهم عذاب أو أمر لم ينزل بهم حتى يتخاصموا ويسألوا عن وجه تكذيبهم لنبيهم فيحتجون هم عند ذلك بحجج تنفعهم في ظنهم ، فلما نزل العذاب دون هذا الذي أملوه وركضوا فارين نادتهم الملائكة على وجه الهزء بهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لا تركضوا وارجعوا ) . . . (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لعلكم تسألون ) كما كنتم تطمعون لسفه آرائكم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : يحتمل أن يكون يعني : القائل بعض الملائكة ، أو من ثم من المؤمنين ،
[ ص: 301 ] أو يجعلون خلقاء بأن يقال لهم ذلك وإن لم يقل ، أو يقوله رب العزة ويسمعه ملائكته لينفعهم في دينهم أو يلهمهم ذلك فيحدثوا به نفوسهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ) من العيش الرافه والحال الناعمة ، والإتراف إبطار النعمة وهي الترفه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لعلكم تسألون ) غدا عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومساكنكم فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة ، أو ( ارجعوا ) واجلسوا كما كنتم في مجالسكم وترتبوا في مراتبكم حتى يسألكم عبيدكم وحشمكم ومن تملكون أمره وينفذ فيه أمركم ونهيكم ، ويقولوا لكم : بم تأمرون وماذا ترسمون ، وكيف نأتي ونذر كعادة المنعمين المخدمين ، أو يسألكم الناس في أنديتكم المعاون في نوازل الخطوب ويستشيرونكم في المهمات والعوارض ويستشفون بتدابيركم ويستضيئون بآرائكم أو يسألكم الوافدون عليكم والطماع ، ويستمطرون سحائب أكفكم ويميرون إخلاف معروفكم وأياديكم إما لأنهم كانوا أسخياء ينفقون أموالهم رياء الناس وطلب الثناء ، أو كانوا بخلاء فقيل لهم ذلك تهكما إلى تهكم وتوبيخا إلى توبيخ . انتهى .
ونداء الويل هو على سبيل المجاز ، كأنهم قالوا : يا ويل هذا زمانك ، وتقدم تفسير الويل في البقرة .
والظلم هنا الإشراك وتكذيب الرسل وإيقاع أنفسهم في الهلاك ، واسم ( زالت ) هو اسم الإشارة وهو ( تلك ) وهو إشارة إلى الجملة المقولة أي فما زالت تلك الدعوى ( دعواهم ) . قال المفسرون : فما زالوا يكررون تلك الكلمة فلم تنفعهم كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ) والدعوى مصدر دعا يقال : دعا دعوى ودعوة كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=10وآخر دعواهم ) لأن المويل كأنه يدعو الويل . وقال
الحوفي وتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وأبو البقاء : ( تلك ) اسم ( زالت ) و ( دعواهم ) الخبر ، ويجوز أن يكون ( دعواهم ) اسم ( زالت ) و ( تلك ) في موضع الخبر . انتهى . وهذا الذي ذهب إليه هؤلاء قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج قبلهم ، وأما أصحابنا المتأخرون فاسم كان وخبرها مشبه بالفاعل والمفعول ، فكما لا يجوز في باب الفاعل والمفعول إذا ألبس أن يكون المتقدم الخبر والمتأخر الاسم لا يجوز ذلك في باب كان ، فإذا قلت : كان موسى صديقي لم يجز في موسى إلا أن يكون اسم كان وصديقي الخبر ، كقولك : ضرب موسى عيسى ، فموسى الفاعل وعيسى المفعول ، ولم ينازع في هذا من متأخري أصحابنا إلا
أبو العباس أحمد بن علي عرف
بابن الحاج وهو من تلاميذ الأستاذ
nindex.php?page=showalam&ids=14586أبو علي الشلوبين ونبهائهم ، فأجاز أن يكون المتقدم هو المفعول والمتأخر هو الفاعل وإن ألبس فعلى ما قرره جمهور الأصحاب يتعين أن يكون ( تلك ) اسم ( زالت ) و ( دعواهم ) الخبر .
وقوله : ( حصيدا ) أي بالعذاب تركوا كالحصيد (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15خامدين ) أي موتى دون أرواح مشبهين بالنار إذا طفئت و ( حصيدا ) مفعول ثان . قال
الحوفي : و (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15خامدين ) نعت لـ ( حصيدا ) على أن يكون ( حصيدا ) بمعنى محصودين يعني وضع المفرد ويراد به الجمع ، قال : ويجوز أن يجعل (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15خامدين ) حالا من الهاء والميم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( جعلناهم ) مثل الحصيد شبههم في استئصالهم واصطلامهم كما تقول : جعلناهم رمادا أي مثل الرماد ، والضمير المنصوب هو الذي كان مبتدأ ، والمنصوبان بعده كانا خبرين له ، فلما دخل عليهما جعل نصبهما جميعا على المفعولية . فإن قلت : كيف ينصب جعل ثلاثة مفاعيل ؟ قلت : حكم الاثنين الآخرين حكم الواحد لأن معنى قولك : جعلته حلوا حامضا جعلته للطعمين ، وكذلك معنى ذلك ( جعلناهم ) جامعين لمماثلة الحصيد والخمود ، والخمود عطف على المماثلة لا على الحصيد . انتهى .
ولما ذكر تعالى قصم تلك القرى الظالمة أتبع ذلك بما يدل على أنه فعل ذلك عدلا منه ومجازاة على ما فعلوا ، وأنه إنما أنشأ هذا العالم العلوي المحتوي على عجائب من صنعه وغرائب من فعله ، وهذا العالم السفلي وما أودع فيه من عجائب الحيوان والنبات والمعادن وما بينهما من الهواء والسحاب والرياح على سبيل اللعب بل لفوائد دينية تقضي بسعادة الأبد أو بشقاوته ، ودنياوية لا تعد ولا تحصى كقوله :
[ ص: 302 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=27وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=39ما خلقناهما إلا بالحق ) .
قال
الكرماني : اللعب فعل يدعو إليه الجهل يروق أوله ولا ثبات له ، وإنما خلقناهما لنجازي المحسن والمسيء ، وليستدل بهما على الوحدانية والقدرة . انتهى . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=17لو أردنا أن نتخذ لهوا )
nindex.php?page=treesubj&link=27231أصل اللهو ما تسرع إليه الشهوة ويدعو إليه الهوى ، وقد يكنى به عن الجماع ، وأما هنا فعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والسدي : هو الولد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : هو الولد بلغة
حضرموت . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إن هذا رد على من قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116اتخذ الله ولدا ) . وعنه أن اللهو هنا اللعب . وقيل : اللهو هنا المرأة . وقال
قتادة : هذا في لغة
أهل اليمن ، وتكون ردا على من ادعى أن لله زوجة ، ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=17من لدنا ) من عندنا بحيث لا يطلع عليه أحد لأنه نقص فستره أولى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : من السماء لا من الأرض . وقيل : من الحور العين . وقيل : من جهة قدرتنا . وقيل : من الملائكة لا من الإنس ردا لولادة
المسيح وعزير . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : بين أن السبب في ترك اتخاذ اللهو واللعب وانتفائه عن أفعالي أن الحكمة صارفة عنه ، وإلا فأنا قادر على اتخاذه إن كنت فاعلا لأني على كل شيء قدير . انتهى .
ولا يجيء هذا إلا على قول من قال : اللهو هو اللعب ، وأما من فسره بالولد والمرأة فذلك مستحيل لا تتعلق به القدرة . والظاهر أن ( أن ) هنا شرطية وجواب الشرط محذوف ، يدل عليه جواب ( لو ) أي إن كنا فاعلين اتخذناه إن كنا ممن يفعل ذلك ولسنا ممن يفعله .
وقال
الحسن وقتادة وجريج ( أن ) نافية أي ما كنا فاعلين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18بل نقذف ) أي نرمي بسرعة ( بالحق ) وهو القرآن (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18على الباطل ) وهو الشيطان قاله
مجاهد ، وقال : كل ما في القرآن من الباطل فهو الشيطان . وقيل : بالحق بالحجة على الباطل وهو شبههم ووصفهم الله بغير صفاته من الولد وغيره . وقيل : الحق عام في القرآن والرسالة والشرع ، والباطل أيضا عام كذلك و ( بل ) إضراب عن اتخاذ اللعب واللهو ، والمعنى أنه يدحض الباطل بالحق واستعار لذلك القذف والدمغ تصويرا لإبطاله وإهداره ومحقه ، فجعله كأنه جرم صلب كالصخرة مثلا قذف به على جرم رخو أجوف فدمغه أي أصاب دماغه ، وذلك مهلك في البشر فكذلك الحق يهلك الباطل . وقرأ
عيسى بن عمر ( فيدمغه ) بنصب الغين ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وهو في ضعف قوله :
سأترك منزلي لبني تميم وألحق بالحجاز فأستريحا
وقرئ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18فيدمغه ) بضم الميم . انتهى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18ولكم الويل ) خطاب للكفار أي الخزي والهم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18مما تصفون ) أي تصفونه مما لا يليق به تعالى من اتخاذ الصاحبة والولد ونسبة المستحيلات إليه . وقيل : ( لكم ) خطاب لمن تمسك بتكذيب الرسل ونسب القرآن إلى أنه سحر وأضغاث أحلام ، وهو المعني بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18مما تصفون ) وأبعد من ذهب إلى أنه التفات من ضمير الغيبة في (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15فما زالت تلك دعواهم ) إلى ضمير الخطاب ، ثم أخبر تعالى أن من في السماوات والأرض ملك له فاندرج فيه من سموه بالصاحبة والولد ( ومن عنده ) هم الملائكة ، واحتمل أن يكون معطوفا على ( من ) فيكونون قد اندرجوا في الملائكة بطريق العموم لدخولهم في ( من ) وبطريق الخصوص بالنص على أنهم من عنده ، ويكون ( لا يستكبرون ) جملة حالية منهم أو استئناف إخبار ، واحتمل أن يكون ( ومن عنده ) مبتدأ وخبره ( لا يستكبرون ) و ( عند ) هنا لا يراد بها ظرف المكان لأنه تعالى منزه عن المكان ، بل المعنى شرف المكانة وعلو المنزلة ، والظاهر أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=19وله من في السماوات والأرض ) استئناف إخبار بأن جميع العالم ملكه . وقيل : يحتمل أن يكون معادلا لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18ولكم الويل مما تصفون ) كأنه يقسم الأمر في نفسه أي للمختلفين هذه المقالة الويل ، ولله تعالى من في السماوات والأرض . انتهى .
والمراد أن الملائكة مكرمون منزلون لكرامتهم على الله منزلة المقربين عند الملوك على طريق التمثيل والبيان
[ ص: 303 ] لشرفهم وفضلهم ، ويقال : حسر البعير واستحسر كل وتعب ، وحسرته أنا ، فهو متعد ولازم ، وأحسرته أيضا ، وقال الشاعر :
بها جيف الحسرى فأما عظامها فبيض وأما جلدها فصليب
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : الاستحسار مبالغة في الحسور ، وكان الأبلغ في وصفهم أن ينفي عنهم أدنى الحسور ، قلت : في الاستحسار بيان أن ما هم فيه يوجب غاية الحسور وأقصاه ، وأنهم أحقاء لتلك العبادات الباهظة بأن يستحسروا فيما يفعلون . انتهى .
( يسبحون ) هم الملائكة بإجماع الأمة وصفهم بتسبيح دائم . وعن
كعب : جعل الله لهم التسبيح كالنفس وطرف العين للبشر يقع منهم دائما دون أن يلحقهم فيه سآمة ، وفي الحديث : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374710إني لأسمع أطيط السماء وحق لها أن تئط ليس فيها موضع راحة إلا وفيه ملك ساجد أو قائم . )
[ ص: 300 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=14قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=16وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=17لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=19وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=20يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ) .
لَمَّا رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ مَا قَالُوهُ بَالَغَ تَعَالَى فِي زَجْرِهِمْ بِذِكْرِ مَا أَهْلَكَ مِنَ الْقُرَى ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11وَكَمْ قَصَمْنَا ) وَالْمُرَادُ أَهْلُهَا إِذْ لَا تُوصَفُ الْقَرْيَةُ بِالظُّلْمِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الْإِنْشَاءُ إِيجَادُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ أَنْشَأَهُ فَنَشَأَ وَهُوَ نَاشِئٌ وَالْجَمْعُ نُشَّاءٌ كَخَدَمٍ ، وَالْقَصْمُ أَفْظَعُ الْكَسْرِ عَبَّرَ بِهِ عَنِ الْإِهْلَاكِ الشَّدِيدِ ( وَكَمْ ) تَقْتَضِي التَّكْثِيرَ ، فَالْمَعْنَى كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَهْلَكْنَا إِهْلَاكًا شَدِيدًا مُبَالَغًا فِيهِ .
وَمَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّهَا "
حَضُورَاءُ " قَرْيَةٌ
بِالْيَمَنِ ، وَعَنِ
ابْنِ وَهْبٍ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ أَنَّهُمَا قَرْيَتَانِ
بِالْيَمَنِ بَطَرَ أَهْلُهُمَا ، فَيُحْمَلُ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ لَا عَلَى التَّعْيِينِ فِي الْقَرْيَةِ ، لِأَنَّ ( كَمْ ) تَقْتَضِي التَّكْثِيرَ . وَمِنْ حَدِيثِ أَهْلِ
حَضُورَاءَ : أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ نَبِيًّا فَقَتَلُوهُ ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بُخْتُ نَصَّرَ كَمَا سَلَّطَهُ عَلَى أَهْلِ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعَثَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا فَهَزَمُوهُ ، ثُمَّ بَعَثَ آخَرَ فَهَزَمُوهُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ فَهَزَمَهُمْ فِي الثَّالِثَةِ ، فَلَمَّا أَخَذَ الْقَتْلُ فِيهِمْ رَكَضُوا هَارِبِينَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا ) أَيْ بَاشَرُوهُ بِالْإِحْسَاسِ ، وَالضَّمِيرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12أَحَسُّوا ) عَائِدٌ عَلَى أَهْلِ الْمَحْذُوفِ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ ) وَلَا يَعُودُ عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11قَوْمًا آخَرِينَ ) لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ لَهُمْ ذَنْبٌ يَرْكُضُونَ مِنْ أَجْلِهِ ، وَالضَّمِيرُ فِي ( مِنْهَا ) عَائِدٌ عَلَى الْقَرْيَةِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى ( بَأْسَنَا ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشِّدَّةِ ، فَأُنِّثَ عَلَى الْمَعْنَى وَمِنْ عَلَى هَذَا السَّبَبِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَمَّا أَدْرَكَتْهُمْ مُقَدِّمَةُ الْعَذَابِ رَكِبُوا دَوَابَّهُمْ يَرْكُضُونَهَا هَارِبِينَ مُنْهَزِمِينَ . قِيلَ : وَيَجُوزُ أَنْ شُبِّهُوا فِي سُرْعَةِ عَدْوِهِمْ عَلَى أَرْجُلِهِمْ بِالرَّاكِبِينَ الرَّاكِضِينَ لِدَوَابِّهِمْ فَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12يَرْكُضُونَ ) الْأَرْضَ بِأَرْجُلِهِمْ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=42ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ) وَجَوَابُ لَمَّا ( إِذَا ) الْفُجَائِيَّةُ وَمَا بَعْدَهَا ، وَهَذَا أَحَدُ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ ( لَمَّا ) فِي هَذَا التَّرْكِيبِ حَرْفٌ لَا ظَرْفٌ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لَا تَرْكُضُوا ) قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ رِجَالِ
بُخْتُ نَصَّرَ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَنَّهُمْ خَدَعُوهُمْ وَاسْتَهْزَءُوا بِهِمْ بِأَنْ قَالُوا لِلْهَارِبِينَ مِنْهُمْ : لَا تَفِرُّوا وَارْجِعُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ) صُلْحًا أَوْ جِزْيَةً أَوْ أَمْرًا يُتَّفَقُ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَمَرَ
بُخْتُ نَصَّرَ أَنْ يُنَادَى فِيهِمْ يَا لَثَارَّاتِ النَّبِيِّ الْمَقْتُولِ ! فَقُتِلُوا بِالسَّيْفِ عَنْ آخِرِهِمْ ، هَذَا كُلُّهُ مَرْوِيٌّ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لَا تَرْكُضُوا ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ مِنْ كَلَامِ مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ ، وَصَفَ قِصَّةَ كُلِّ قَرْيَةٍ ، وَأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَعْيِينَ
حَضُورَاءَ وَلَا غَيْرَهَا ، فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا : أَنَّ أَهْلَ هَذِهِ الْقُرَى كَانُوا بِاغْتِرَارِهِمْ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ ، وَأَنَّهُ لَوْ جَاءَهُمْ عَذَابٌ أَوْ أَمْرٌ لَمْ يَنْزِلْ بِهِمْ حَتَّى يَتَخَاصَمُوا وَيُسْأَلُوا عَنْ وَجْهِ تَكْذِيبِهِمْ لِنَبِيِّهِمْ فَيَحْتَجُّونَ هُمْ عِنْدَ ذَلِكَ بِحُجَجٍ تَنْفَعُهُمْ فِي ظَنِّهِمْ ، فَلَمَّا نَزَلَ الْعَذَابُ دُونَ هَذَا الَّذِي أَمِلُوهُ وَرَكَضُوا فَارِّينَ نَادَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى وَجْهِ الْهُزْءِ بِهِمْ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا ) . . . (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ) كَمَا كُنْتُمْ تَطْمَعُونَ لِسَفَهِ آرَائِكُمْ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَعْنِي : الْقَائِلُ بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ ، أَوْ مِنْ ثَمَّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ،
[ ص: 301 ] أَوْ يُجْعَلُونَ خُلَقَاءَ بِأَنْ يُقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُقَلْ ، أَوْ يَقُولَهُ رَبُّ الْعِزَّةِ وَيُسْمِعَهُ مَلَائِكَتَهُ لِيَنْفَعَهُمْ فِي دِينِهِمْ أَوْ يُلْهِمَهُمْ ذَلِكَ فَيُحَدِّثُوا بِهِ نُفُوسَهُمْ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ ) مِنَ الْعَيْشِ الرَّافِهِ وَالْحَالِ النَّاعِمَةِ ، وَالْإِتْرَافُ إِبْطَارُ النِّعْمَةِ وَهِيَ التَّرَفُّهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ) غَدًا عَمَّا جَرَى عَلَيْكُمْ وَنَزَلَ بِأَمْوَالِكُمْ وَمَسَاكِنِكُمْ فَتُجِيبُوا السَّائِلَ عَنْ عِلْمٍ وَمُشَاهَدَةٍ ، أَوِ ( ارْجِعُوا ) وَاجْلِسُوا كَمَا كُنْتُمْ فِي مَجَالِسِكُمْ وَتَرَتَّبُوا فِي مَرَاتِبِكُمْ حَتَّى يَسْأَلَكُمْ عَبِيدُكُمْ وَحَشَمُكُمْ وَمَنْ تَمْلِكُونَ أَمْرَهُ وَيَنْفُذَ فِيهِ أَمْرُكُمْ وَنَهْيُكُمْ ، وَيَقُولُوا لَكُمْ : بِمَ تَأْمُرُونَ وَمَاذَا تَرْسُمُونَ ، وَكَيْفَ نَأْتِي وَنَذَرُ كَعَادَةِ الْمُنَعَّمِينَ الْمُخَدَّمِينَ ، أَوْ يَسْأَلُكُمُ النَّاسُ فِي أَنْدِيَتِكُمُ الْمُعَاوِنَ فِي نَوَازِلِ الْخُطُوبِ وَيَسْتَشِيرُونَكُمْ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْعَوَارِضِ وَيَسْتَشِفُّونَ بِتَدَابِيرِكُمْ وَيَسْتَضِيئُونَ بِآرَائِكُمْ أَوْ يَسْأَلُكُمُ الْوَافِدُونَ عَلَيْكُمْ وَالطُّمَّاعُ ، وَيَسْتَمْطِرُونَ سَحَائِبَ أَكُفِّكُمْ وَيَمِيرُونَ إِخْلَافَ مَعْرُوفِكُمْ وَأَيَادِيكُمْ إِمَّا لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَسْخِيَاءَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِيَاءَ النَّاسِ وَطَلَبَ الثَّنَاءِ ، أَوْ كَانُوا بُخَلَاءَ فَقِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ تَهَكُّمًا إِلَى تَهَكُّمٍ وَتَوْبِيخًا إِلَى تَوْبِيخٍ . انْتَهَى .
وَنِدَاءُ الْوَيْلِ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ ، كَأَنَّهُمْ قَالُوا : يَا وَيْلُ هَذَا زَمَانُكَ ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْوَيْلِ فِي الْبَقَرَةِ .
وَالظُّلْمُ هُنَا الْإِشْرَاكُ وَتَكْذِيبُ الرُّسُلِ وَإِيقَاعُ أَنْفُسِهِمْ فِي الْهَلَاكِ ، وَاسْمُ ( زَالَتْ ) هُوَ اسْمُ الْإِشَارَةِ وَهُوَ ( تِلْكَ ) وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى الْجُمْلَةِ الْمَقُولَةِ أَيْ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ الدَّعْوَى ( دَعْوَاهُمْ ) . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : فَمَا زَالُوا يُكَرِّرُونَ تِلْكَ الْكَلِمَةَ فَلَمْ تَنْفَعْهُمْ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ) وَالدَّعْوَى مَصْدَرُ دَعَا يُقَالُ : دَعَا دَعْوَى وَدَعْوَةً كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=10وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ ) لِأَنَّ الْمُوَيَّلَ كَأَنَّهُ يَدْعُو الْوَيْلَ . وَقَالَ
الْحَوْفِيُّ وَتَبِعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَأَبُو الْبَقَاءِ : ( تِلْكَ ) اسْمُ ( زَالَتْ ) وَ ( دَعْوَاهُمْ ) الْخَبَرُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( دَعْوَاهُمْ ) اسْمَ ( زَالَتْ ) وَ ( تِلْكَ ) فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ . انْتَهَى . وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ قَبْلَهُمْ ، وَأَمَّا أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ فَاسْمُ كَانَ وَخَبَرُهَا مُشَبَّهٌ بِالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ ، فَكَمَا لَا يَجُوزُ فِي بَابِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ إِذَا أُلْبِسَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَدِّمُ الْخَبَرَ وَالْمُتَأَخِّرُ الِاسْمَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي بَابِ كَانَ ، فَإِذَا قُلْتَ : كَانَ مُوسَى صَدِيقِي لَمْ يَجُزْ فِي مُوسَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ اسْمَ كَانَ وَصَدِيقِي الْخَبَرَ ، كَقَوْلِكَ : ضَرَبَ مُوسَى عِيسَى ، فَمُوسَى الْفَاعِلُ وَعِيسَى الْمَفْعُولُ ، وَلَمْ يُنَازِعْ فِي هَذَا مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا إِلَّا
أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ عُرِفَ
بَابْنِ الْحَاجِّ وَهُوَ مِنْ تَلَامِيذِ الْأُسْتَاذِ
nindex.php?page=showalam&ids=14586أَبُو عَلِيٍّ الشَّلَوْبِينُ وَنُبَهَائِهِمْ ، فَأَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَدِّمُ هُوَ الْمَفْعُولَ وَالْمُتَأَخِّرُ هُوَ الْفَاعِلَ وَإِنْ أُلْبِسَ فَعَلَى مَا قَرَّرَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ ( تِلْكَ ) اسْمَ ( زَالَتْ ) وَ ( دَعْوَاهُمْ ) الْخَبَرَ .
وَقَوْلُهُ : ( حَصِيدًا ) أَيْ بِالْعَذَابِ تُرِكُوا كَالْحَصِيدِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15خَامِدِينَ ) أَيْ مَوْتَى دُونَ أَرْوَاحٍ مُشَبَّهِينَ بِالنَّارِ إِذَا طُفِئَتْ وَ ( حَصِيدًا ) مَفْعُولٌ ثَانٍ . قَالَ
الْحَوْفِيُّ : وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15خَامِدِينَ ) نَعْتٌ لِـ ( حَصِيدًا ) عَلَى أَنْ يَكُونَ ( حَصِيدًا ) بِمَعْنَى مَحْصُودِينَ يَعْنِي وَضْعَ الْمُفْرَدِ وَيُرَادُ بِهِ الْجَمْعُ ، قَالَ : وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15خَامِدِينَ ) حَالًا مِنَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( جَعَلْنَاهُمْ ) مِثْلَ الْحَصِيدِ شَبَّهَهُمْ فِي اسْتِئْصَالِهِمْ وَاصْطِلَامِهِمْ كَمَا تَقُولُ : جَعَلْنَاهُمْ رَمَادًا أَيْ مِثْلَ الرَّمَادِ ، وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ هُوَ الَّذِي كَانَ مُبْتَدَأً ، وَالْمَنْصُوبَانِ بَعْدَهُ كَانَا خَبَرَينِ لَهُ ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِمَا جَعَلَ نَصْبَهُمَا جَمِيعًا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ . فَإِنْ قُلْتَ : كَيْفَ يَنْصِبُ جَعَلَ ثَلَاثَةَ مَفَاعِيلَ ؟ قُلْتُ : حُكْمُ الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ حُكْمُ الْوَاحِدِ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِكَ : جَعَلْتُهُ حُلْوًا حَامِضًا جَعَلْتُهُ لِلطَّعْمَيْنِ ، وَكَذَلِكَ مَعْنَى ذَلِكَ ( جَعَلْنَاهُمْ ) جَامِعِينَ لِمُمَاثَلَةِ الْحَصِيدِ وَالْخُمُودِ ، وَالْخُمُودُ عُطِفَ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ لَا عَلَى الْحَصِيدِ . انْتَهَى .
وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى قَصْمَ تِلْكَ الْقُرَى الظَّالِمَةِ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَدْلًا مِنْهُ وَمُجَازَاةً عَلَى مَا فَعَلُوا ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا أَنْشَأَ هَذَا الْعَالَمَ الْعُلْوِيَّ الْمُحْتَوِيَ عَلَى عَجَائِبَ مِنْ صُنْعِهِ وَغَرَائِبَ مِنْ فِعْلِهِ ، وَهَذَا الْعَالَمَ السُّفْلِيَّ وَمَا أَوْدَعَ فِيهِ مِنْ عَجَائِبِ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْمَعَادِنِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْهَوَاءِ وَالسَّحَابِ وَالرِّيَاحِ عَلَى سَبِيلِ اللَّعِبِ بَلْ لِفَوَائِدَ دِينِيَّةٍ تَقْضِي بِسَعَادَةِ الْأَبَدِ أَوْ بِشَقَاوَتِهِ ، وَدُنْيَاوِيَّةٍ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى كَقَوْلِهِ :
[ ص: 302 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=27وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=39مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ) .
قَالَ
الْكِرْمَانِيُّ : اللَّعِبُ فِعْلٌ يَدْعُو إِلَيْهِ الْجَهْلُ يَرُوقُ أَوَّلُهُ وَلَا ثَبَاتَ لَهُ ، وَإِنَّمَا خَلَقْنَاهُمَا لِنُجِازِيَ الْمُحْسِنَ وَالْمُسِيءَ ، وَلِيُسْتَدَلَّ بِهِمَا عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ وَالْقُدْرَةِ . انْتَهَى . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=17لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا )
nindex.php?page=treesubj&link=27231أَصْلُ اللَّهْوِ مَا تُسْرِعُ إِلَيْهِ الشَّهْوَةُ وَيَدْعُو إِلَيْهِ الْهَوَى ، وَقَدْ يُكَنَّى بِهِ عَنِ الْجِمَاعِ ، وَأَمَّا هُنَا فَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيِّ : هُوَ الْوَلَدُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : هُوَ الْوَلَدُ بِلُغَةِ
حَضْرَمَوْتَ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : إِنَّ هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ) . وَعَنْهُ أَنَّ اللَّهْوَ هُنَا اللَّعِبُ . وَقِيلَ : اللَّهْوُ هُنَا الْمَرْأَةُ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : هَذَا فِي لُغَةِ
أَهْلِ الْيَمَنِ ، وَتَكُونُ رَدًّا عَلَى مَنِ ادَّعَى أَنَّ لِلَّهِ زَوْجَةً ، وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=17مِنْ لَدُنَّا ) مِنْ عِنْدِنَا بِحَيْثُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ لِأَنَّهُ نَقْصٌ فَسَتْرُهُ أَوْلَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : مِنَ السَّمَاءِ لَا مِنَ الْأَرْضِ . وَقِيلَ : مِنَ الْحُورِ الْعِينِ . وَقِيلَ : مِنْ جِهَةِ قُدْرَتِنَا . وَقِيلَ : مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا مِنَ الْإِنْسِ رَدًّا لِوِلَادَةِ
الْمَسِيحِ وَعُزَيْرٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : بَيَّنَ أَنَّ السَّبَبَ فِي تَرْكِ اتِّخَاذِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَانْتِفَائِهِ عَنْ أَفْعَالِي أَنَّ الْحِكْمَةَ صَارِفَةٌ عَنْهُ ، وَإِلَّا فَأَنَا قَادِرٌ عَلَى اتِّخَاذِهِ إِنْ كُنْتُ فَاعِلًا لِأَنِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . انْتَهَى .
وَلَا يَجِيءُ هَذَا إِلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ : اللَّهْوُ هُوَ اللَّعِبُ ، وَأَمَّا مَنْ فَسَّرَهُ بِالْوَلَدِ وَالْمَرْأَةِ فَذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْقُدْرَةُ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ ( أَنْ ) هُنَا شَرْطِيَّةٌ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ جَوَابُ ( لَوْ ) أَيْ إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ اتَّخَذْنَاهُ إِنْ كُنَّا مِمَّنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَسْنَا مِمَّنْ يَفْعَلُهُ .
وَقَالَ
الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَجُرَيْجٌ ( أَنْ ) نَافِيَةٌ أَيْ مَا كُنَّا فَاعِلِينَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18بَلْ نَقْذِفُ ) أَيْ نَرْمِي بِسُرْعَةٍ ( بِالْحَقِّ ) وَهُوَ الْقُرْآنُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18عَلَى الْبَاطِلِ ) وَهُوَ الشَّيْطَانُ قَالَهُ
مُجَاهِدٌ ، وَقَالَ : كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْبَاطِلِ فَهُوَ الشَّيْطَانُ . وَقِيلَ : بِالْحَقِّ بِالْحُجَّةِ عَلَى الْبَاطِلِ وَهُوَ شُبَهُهُمْ وَوَصْفَهُمُ اللَّهَ بِغَيْرِ صِفَاتِهِ مِنَ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ . وَقِيلَ : الْحَقُّ عَامٌّ فِي الْقُرْآنِ وَالرِّسَالَةِ وَالشَّرْعِ ، وَالْبَاطِلُ أَيْضًا عَامٌّ كَذَلِكَ وَ ( بَلْ ) إِضْرَابٌ عَنِ اتِّخَاذِ اللَّعِبِ وَاللَّهْوِ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَدْحَضُ الْبَاطِلَ بِالْحَقِّ وَاسْتَعَارَ لِذَلِكَ الْقَذْفَ وَالدَّمْغَ تَصْوِيرًا لِإِبْطَالِهِ وَإِهْدَارِهِ وَمَحْقِهِ ، فَجَعَلَهُ كَأَنَّهُ جُرْمٌ صُلْبٌ كَالصَّخْرَةِ مَثَلًا قَذَفَ بِهِ عَلَى جُرْمٍ رَخْوٍ أَجْوَفَ فَدَمَغَهُ أَيْ أَصَابَ دِمَاغَهُ ، وَذَلِكَ مُهْلِكٌ فِي الْبَشَرِ فَكَذَلِكَ الْحَقُّ يُهْلِكُ الْبَاطِلَ . وَقَرَأَ
عِيسَى بْنُ عُمَرَ ( فَيَدْمَغَهُ ) بِنَصْبِ الْغَيْنِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَهُوَ فِي ضَعْفِ قَوْلِهِ :
سَأَتْرُكُ مَنْزِلِي لِبَنِي تَمِيمٍ وَأَلْحَقُ بِالْحِجَازِ فَأَسْتَرِيحَا
وَقُرِئَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18فَيَدْمُغُهُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ . انْتَهَى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18وَلَكُمُ الْوَيْلُ ) خِطَابٌ لِلْكُفَّارِ أَيِ الْخِزْيُ وَالْهَمُّ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18مِمَّا تَصِفُونَ ) أَيْ تَصِفُونَهُ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ تَعَالَى مِنِ اتِّخَاذِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ وَنِسْبَةِ الْمُسْتَحِيلَاتِ إِلَيْهِ . وَقِيلَ : ( لَكُمْ ) خِطَابٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِتَكْذِيبِ الرُّسُلِ وَنَسَبَ الْقُرْآنَ إِلَى أَنَّهُ سِحْرٌ وَأَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ، وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18مِمَّا تَصِفُونَ ) وَأَبْعَدَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ الْتِفَاتٌ مِنْ ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ ) إِلَى ضَمِيرِ الْخِطَابِ ، ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِلْكٌ لَهُ فَانْدَرَجَ فِيهِ مَنْ سَمَّوْهُ بِالصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ ( وَمَنْ عِنْدَهُ ) هُمُ الْمَلَائِكَةُ ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى ( مَنْ ) فَيَكُونُونَ قَدِ انْدَرَجُوا فِي الْمَلَائِكَةِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ لِدُخُولِهِمْ فِي ( مَنْ ) وَبِطَرِيقِ الْخُصُوصِ بِالنَّصِّ عَلَى أَنَّهُمْ مَنْ عِنْدَهُ ، وَيَكُونُ ( لَا يَسْتَكْبِرُونَ ) جُمْلَةً حَالِيَّةً مِنْهُمْ أَوِ اسْتِئْنَافَ إِخْبَارٍ ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ( وَمَنْ عِنْدَهُ ) مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ ( لَا يَسْتَكْبِرُونَ ) وَ ( عِنْدَ ) هُنَا لَا يُرَادُ بِهَا ظَرْفُ الْمَكَانِ لِأَنَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ الْمَكَانِ ، بَلِ الْمَعْنَى شَرَفُ الْمَكَانَةِ وَعُلُوُّ الْمَنْزِلَةِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=19وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) اسْتِئْنَافُ إِخْبَارٍ بِأَنَّ جَمِيعَ الْعَالَمِ مِلْكُهُ . وَقِيلَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) كَأَنَّهُ يُقْسِمُ الْأَمْرَ فِي نَفْسِهِ أَيْ لِلْمُخْتَلِفِينَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ الْوَيْلُ ، وَلِلَّهِ تَعَالَى مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . انْتَهَى .
وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مُكَرَّمُونَ مُنَزَّلُونَ لِكَرَامَتِهِمْ عَلَى اللَّهِ مَنْزِلَةَ الْمُقَرَّبِينَ عِنْدَ الْمُلُوكِ عَلَى طَرِيقِ التَّمْثِيلِ وَالْبَيَانِ
[ ص: 303 ] لِشَرَفِهِمْ وَفَضْلِهِمْ ، وَيُقَالُ : حَسَرَ الْبَعِيرُ وَاسْتَحْسَرَ كَلَّ وَتَعِبَ ، وَحَسَرْتُهُ أَنَا ، فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَلَازِمٌ ، وَأَحْسَرْتُهُ أَيْضًا ، وَقَالَ الشَّاعِرُ :
بِهَا جِيَفُ الْحَسْرَى فَأَمَّا عِظَامُهَا فَبِيضٌ وَأَمَّا جِلْدُهَا فَصَلِيبُ
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : الِاسْتِحْسَارُ مُبَالَغَةٌ فِي الْحُسُورِ ، وَكَانَ الْأَبْلَغُ فِي وَصْفِهِمْ أَنْ يَنْفِيَ عَنْهُمْ أَدْنَى الْحُسُورِ ، قُلْتُ : فِي الِاسْتِحْسَارِ بَيَانُ أَنَّ مَا هُمْ فِيهِ يُوجِبُ غَايَةَ الْحُسُورِ وَأَقْصَاهُ ، وَأَنَّهُمْ أَحِقَّاءُ لِتِلْكَ الْعِبَادَاتِ الْبَاهِظَةِ بِأَنْ يَسْتَحْسِرُوا فِيمَا يَفْعَلُونَ . انْتَهَى .
( يُسَبِّحُونَ ) هُمُ الْمَلَائِكَةُ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَصَفَهُمْ بِتَسْبِيحٍ دَائِمٍ . وَعَنْ
كَعْبٍ : جَعَلَ اللَّهُ لَهُمُ التَّسْبِيحَ كَالنَّفَسِ وَطَرْفِ الْعَيْنِ لِلْبَشَرِ يَقَعُ مِنْهُمْ دَائِمًا دُونَ أَنْ يَلْحَقَهُمْ فِيهِ سَآمَةٌ ، وَفِي الْحَدِيثِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374710إِنِّي لَأَسْمَعُ أَطِيطَ السَّمَاءِ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ لَيْسَ فِيهَا مَوْضِعُ رَاحَةٍ إِلَّا وَفِيهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ قَائِمٌ . )