(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=83nindex.php?page=treesubj&link=28992وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=84فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=85وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=86وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=89وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=90فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=91والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين ) .
طول الأخباريون في قصة
أيوب ، وكان
أيوب روميا من ولد
إسحاق بن يعقوب ، استنبأه الله وبسط عليه الدنيا وكثر أهله وماله ، وكان له سبع بنين وسبع بنات ، وله أصناف البهائم وخمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد ، لكل عبد امرأة وولد ونخيل ، فابتلاه الله بذهاب ولده انهدم عليهم البيت فهلكوا وبذهاب ماله وبالمرض في بدنه ثمان عشرة سنة . وقيل دون ذلك فقالت له امرأته يوما لو دعوت الله فقال لها : كم كانت مدة الرخاء ؟ فقالت : ثمانين سنة ، فقال : أنا أستحي من الله أن أدعوه وما بلغت مدة بلائي مدة رخائي ، فلما كشف الله عنه أحيا ولده ورزقه مثلهم ونوافل منهم . وروي أن امرأته ولدت بعد ستة وعشرين ابنا وذكروا كيفية في ذهاب ماله وأهله وتسليط إبليس عليه في ذلك الله أعلم بصحتها .
وقرأ الجمهور ( أني ) بفتح الهمزة
وعيسى بن عمر بكسرها إما على إضمار القول أي قائلا ( أني ) وإما على إجراء ( نادى ) مجرى قال وكسر إني بعدها وهذا الثاني مذهب الكوفيين ، والأول مذهب البصريين و ( الضر ) بالفتح الضرر في كل شيء ، وبالضم الضرر في النفس من مرض وهزال فرق بين البناءين لافتراق المعنيين ، وقد ألطف
أيوب في السؤال حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة وذكر ربه بغاية الرحمة ولم يصرح بالمطلوب ولم يعين الضر الذي مسه .
واختلف المفسرون في ذلك على سبعة عشر قولا أمثلها أنه نهض ليصلي فلم يقدر على النهوض ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=83مسني الضر ) إخبارا عن حالة لا شكوى لبلائه رواه
أنس مرفوعا ، والألف واللام في ( الضر ) للجنس تعم ( الضر ) في البدن والأهل والمال . وإيتاء أهله ظاهره أن ما كان له من أهل رده عليه وأحياهم له بأعيانهم ، وآتاه مثل أهله مع أهله من الأولاد والأتباع ، وذكر أنه جعل له مثلهم عدة في الآخرة . وانتصب ( رحمة ) على أنه مفعول من أجله أي لرحمتنا إياه ( وذكرى ) منا بالإحسان لمن عندنا أو ( رحمة ) منا
لأيوب ( وذكرى ) أي موعظة لغيره من العابدين ، ليصبروا كما صبر حتى يثابوا كما أثيب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري ومجاهد : كان
ذو الكفل عبدا صالحا ولم يكن نبيا . وقال الأكثرون : هو نبي فقيل : هو
إلياس . وقيل :
زكريا . وقيل :
يوشع ، والكفل النصيب والحظ أي ذو الحظ من الله المحدود على الحقيقة . وقيل : كان له ضعف عمل الأنبياء في زمانه وضعف ثوابهم . وقيل : في تسميته ذا الكفل أقوال مضطربة لا تصح . وانتصب (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87مغاضبا ) على الحال . فقيل : معناه غضبان وهو من المفاعلة التي لا تقتضي اشتراكا ، نحو : عاقبت اللص وسافرت . وقيل (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87مغاضبا ) لقومه أغضبهم بمفارقته وتخوفهم حلول العذاب ، وأغضبوه حين دعاهم إلى الله مدة فلم يجيبوه فأوعدهم بالعذاب ، ثم خرج من بينهم على
[ ص: 335 ] عادة الأنبياء عند نزول العذاب قبل أن يأذن الله له في الخروج . وقيل (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87مغاضبا ) للملك
حزقيا حين عينه لغزو ملك كان قد عاب في
بني إسرائيل فقال له
يونس : آلله أمرك بإخراجي ؟ قال : لا ، قال فهل سماني لك ؟ قال : لا ، قال ههنا غيري من الأنبياء ، فألح عليه فخرج (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87مغاضبا ) للملك . وقول من قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87مغاضبا ) لربه وحكى في المغاضبة لربه كيفيات يجب اطراحه إذ لا يناسب شيء منها منصب النبوة ، وينبغي أن يتأول لمن قال ذلك من العلماء
كالحسن nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير وغيرهم من التابعين ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود من الصحابة بأن يكون معنى قولهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87مغاضبا ) لربه أي لأجل ربه ودينه ، واللام لام العلة لا اللام الموصلة للمفعول به . وقرأ
أبو شرف مغضبا اسم مفعول .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر عليه ) أي نضيق عليه من القدر لا من القدرة ، وقيل : من القدرة بمعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87أن لن نقدر عليه ) الابتلاء . وقرأ الجمهور ( نقدر ) بنون العظمة مخففا . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى وأبو شرف والكلبي وحميد بن قيس ويعقوب بضم الياء وفتح الدال مخففا ،
وعيسى والحسن بالياء مفتوحة وكسر الدال ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب واليماني بضم الياء وفتح القاف والدال مشددة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري بالنون مضمومة وفتح القاف وكسر الدال مشددة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات ) في الكلام جمل محذوفة قد أوضحت في سورة والصافات ، وهناك نذكر قصته إن شاء الله تعالى وجمع ( الظلمات ) لشدة تكاثفها فكأنها ظلمة مع ظلمة . وقيل : ظلمات بطن الحوت والبحر والليل . وقيل : ابتلع حوته حوت آخر فصار في ظلمتي بطني الحوتين وظلمة البحر . وروي أن
يونس سجد في جوف الحوت حين سمع تسبيح الحيتان في قعر البحر ، و ( أن ) في (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87أن لا إله إلا أنت ) تفسيرية لأنه سبق ( فنادى ) وهو في معنى القول ، ويجوز أن يكون التقدير بأنه فتكون مخففة من الثقيلة حصر الألوهية فيه تعالى ثم نزهه عن سمات النقص ثم أقر بما بعد ذلك .
وعن النبي صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374715nindex.php?page=treesubj&link=31975_33177ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء إلا استجيب له ) . و ( الغم ) ما كان ناله حين التقمه الحوت ومدة بقائه في بطنه . وقرأ الجمهور : ( ننجي ) مضارع أنجى ،
والجحدري مشددا مضارع نجى . وقرأ
ابن عامر وأبو بكر ( نجى ( بنون مضمومة وجيم مشددة وياء ساكنة ، وكذلك هي في مصحف الإمام ومصاحف الأمصار بنون واحدة ، واختارها
أبو عبيد لموافقة المصاحف فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج والفارسي هي لحن . وقيل : هي مضارع أدغمت النون في الجيم ورد بأنه لا يجوز إدغام النون في الجيم التي هي فاء الفعل لاجتماع المثلين كما حذفت في قراءة من قرأ ونزل الملائكة يريد وننزل الملائكة ، وعلى هذا أخرجها
أبو الفتح . وقيل : هي فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله وسكنت الياء كما سكنها من قرأ وذروا ما بقي من الربا والمقام مقام الفاعل ضمير المصدر أي نجى ، هو أي النجاء المؤمنين كقراءة
أبي جعفر (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14ليجزي قوما ) أي وليجزي هو أي الجزاء ، وقد أجاز إقامة غير المفعول من مصدر أو ظرف مكان أو ظرف زمان أو مجرور الأخفش والكوفيون
وأبو عبيد ، وذلك مع وجود المفعول به وجاء السماع في إقامة المجرور مع وجود المفعول به نحو قوله :
أتيح لي من العدا نذيرا به وقيت الشر مستطيرا
وقال
الأخفش : في المسائل ضرب الضرب الشديد زيدا ، وضرب اليومان زيدا ، وضرب مكانك زيدا وأعطى إعطاء حسن أخاك درهما مضروبا عبده زيدا . وقيل : ضمير المصدر أقيم مقام الفاعل و ( المؤمنين ) منصوب بإضمار فعل أي (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88وكذلك ننجي ) هو أي النجاء (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88ننجي المؤمنين ) والمشهور عند البصريين أنه متى وجد المفعول به لم يقم غيره إلا أن صاحب اللباب حكى الخلاف في ذلك عن البصريين ، وأن بعضهم أجاز ذلك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=89لا تذرني فردا ) أي وحيدا بلا وارث ، سأل ربه أن يرزقه ولدا يرثه
[ ص: 336 ] ثم رد أمره إلى الله فقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=89وأنت خير الوارثين ) أي إن لم ترزقني من يرثني فأنت خير وارث ، وإصلاح زوجه بحسن خلقها ، وكانت سيئة الخلق قاله
عطاء nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=16735وعون بن عبد الله . وقيل : إصلاحها للولادة بعد أن كانت عاقرا قاله
قتادة . وقيل : إصلاحها رد شبابها إليه ، والضمير في ( إنهم ) عائد على الأنبياء السابق ذكرهم أي إن استجابتنا لهم في طلباتهم كان لمبادرتهم الخير ولدعائهم لنا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=90رغبا ورهبا ) أي وقت الرغبة ووقت الرهبة ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ) وقيل : الضمير يعود على ( زكريا ) و ( زوجه ) وابنهما
يحيـى . وقرأت فرقة يدعونا حذفت نون الرفع وطلحة بنون مشددة أدغم نون الرفع في نا ضمير النصب . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابن وثاب nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ووهب بن عمرو والنحوي
وهارون وأبو معمر nindex.php?page=showalam&ids=13721والأصمعي واللؤلؤي ويونس وأبو زيد سبعتهم عن
أبي عمرو (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=90رغبا ورهبا ) بالفتح وإسكان الهاء ، والأشهر عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش بضمتين فيهما . وقرأ فرقة : بضم الراءين وسكون الغين والهاء ، وانتصب (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=90رغبا ورهبا ) على أنهما مصدران في موضع الحال أو مفعول من أجله .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=91والتي أحصنت فرجها ) هي
مريم بنت عمران أم
عيسى عليه السلام ، والظاهر أن الفرج هنا حياء المرأة أحصنته أي منعته من الحلال والحرام كما قالت (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=20ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا ) . وقيل : الفرج هنا جيب قميصها منعته من
جبريل لما قرب منها لينفخ حيث لم يعرف ، والظاهر أن قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=91فنفخنا فيها من روحنا ) كناية عن إيجاد
عيسى حيا في بطنها ، ولا نفخ هناك حقيقة ، وأضاف الروح إليه تعالى على جهة التشريف . وقيل : هناك نفخ حقيقة وهو أن
جبريل عليه السلام نفخ في جيب درعها وأسند النفخ إليه تعالى لما كان ذلك من
جبريل بأمره تعالى تشريفا . وقيل : الروح هنا
جبريل كما قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=17فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها ) والمعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=91فنفخنا فيها ) من جهة
جبريل وكان
جبريل قد نفخ من جيب درعها فوصل النفخ إلى جوفها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : نفخ الروح في الجسد عبارة عن إحيائه قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=29فإذا سويته ونفخت فيه من روحي ) أي أحييته ، وإذا ثبت ذلك كان قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=91فنفخنا فيها من روحنا ) ظاهر الإشكال لأنه يدل على إحياء
مريم . قلت : معناه نفخنا الروح في
عيسى فيها أي أحييناه في جوفها ، ونحو ذلك أن يقول الزمار نفخت في بيت فلان أي نفخت في المزمار في بيته . انتهى .
ولا إشكال في ذلك لأنه على حذف مضاف أي ( فنفخنا في ) ابنها (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=91من روحنا ) وقوله قلت معناه نفخنا الروح في
عيسى فيها استعمل نفخ متعديا ، والمحفوظ أنه لا يتعدى فيحتاج في تعديه إلى جماع وغير متعد استعمله هو في قوله أي نفخت في المزمار في بيته . انتهى . ولا إشكال في ذلك . وأفرد ( آية ) لأن حالهما لمجموعهما آية واحدة وهي ولادتها إياه من غير فحل ، وإن كان في
مريم آيات وفي
عيسى آيات لكنه هنا لحظ أمر الولادة من غير ذكر ، وذلك هو آية واحدة وقوله ( للعالمين ) أي لمن اعتبر بها من عالمي زمانها فمن بعدهم ،
nindex.php?page=treesubj&link=28748ودل ذكر مريم مع الأنبياء في هذه السورة على أنها كانت نبية إذ قرنت معهم في الذكر ، ومن منع تنبؤ النساء قال ذكرت لأجل
عيسى وناسب ذكرهما هنا قصة
زكريا وزوجه
ويحيـى للقرابة التي بينهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=83nindex.php?page=treesubj&link=28992وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=84فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=85وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=86وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=89وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=90فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=91وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ) .
طَوَّلَ الْأَخْبَارِيُّونَ فِي قِصَّةِ
أَيُّوبَ ، وَكَانَ
أَيُّوبُ رُومِيًّا مِنْ وَلَدِ
إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ ، اسْتَنْبَأَهُ اللَّهُ وَبَسَطَ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَكَثَّرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ ، وَكَانَ لَهُ سَبْعُ بَنِينَ وَسَبْعُ بَنَاتٍ ، وَلَهُ أَصْنَافُ الْبَهَائِمِ وَخَمْسُمِائَةِ فَدَّانٍ يَتَّبِعُهَا خَمْسُمِائَةِ عَبْدٍ ، لِكُلِّ عَبْدٍ امْرَأَةٌ وَوَلَدٌ وَنَخِيلٌ ، فَابْتَلَاهُ اللَّهُ بِذَهَابِ وَلَدِهِ انْهَدَمَ عَلَيْهِمُ الْبَيْتُ فَهَلَكُوا وَبِذَهَابِ مَالِهِ وَبِالْمَرَضِ فِي بَدَنِهِ ثَمَانَ عَشْرَةَ سَنَةً . وَقِيلَ دُونَ ذَلِكَ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ يَوْمًا لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ فَقَالَ لَهَا : كَمْ كَانَتْ مُدَّةُ الرَّخَاءِ ؟ فَقَالَتْ : ثَمَانِينَ سَنَةً ، فَقَالَ : أَنَا أَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أَدْعُوَهُ وَمَا بَلَغَتْ مُدَّةُ بَلَائِي مُدَّةَ رَخَائِي ، فَلَمَّا كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ أَحْيَا وَلَدَهُ وَرَزَقَهُ مِثْلَهُمْ وَنَوَافِلَ مِنْهُمْ . وَرُوِيَ أَنَّ امْرَأَتَهُ وَلَدَتْ بَعْدُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ ابْنًا وَذَكَرُوا كَيْفِيَّةً فِي ذَهَابِ مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَتَسْلِيطِ إِبْلِيسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( أَنِّي ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ
وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ بِكَسْرِهَا إِمَّا عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ أَيْ قَائِلًا ( أَنِّي ) وَإِمَّا عَلَى إِجْرَاءِ ( نَادَى ) مَجْرَى قَالَ وَكَسْرِ إِنِّي بَعْدَهَا وَهَذَا الثَّانِي مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ ، وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ وَ ( الضُّرُّ ) بِالْفَتْحِ الضَّرَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، وَبِالضَّمِّ الضَّرَرُ فِي النَّفْسِ مِنْ مَرَضٍ وَهُزَالٍ فَرْقٌ بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ لِافْتِرَاقِ الْمَعْنَيَيْنِ ، وَقَدْ أَلْطَفَ
أَيُّوبُ فِي السُّؤَالِ حَيْثُ ذَكَرَ نَفْسَهُ بِمَا يُوجِبُ الرَّحْمَةَ وَذَكَرَ رَبَّهُ بِغَايَةِ الرَّحْمَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْمَطْلُوبِ وَلَمْ يُعَيِّنِ الضُّرَّ الَّذِي مَسَّهُ .
وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي ذَلِكَ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ قَوْلًا أَمْثَلُهَا أَنَّهُ نَهَضَ لِيُصَلِّيَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّهُوضِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=83مَسَّنِيَ الضُّرُّ ) إِخْبَارًا عَنْ حَالَةٍ لَا شَكْوَى لِبَلَائِهِ رَوَاهُ
أَنَسٌ مَرْفُوعًا ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي ( الضُّرُّ ) لِلْجِنْسِ تَعُمُّ ( الضُّرُّ ) فِي الْبَدَنِ وَالْأَهْلِ وَالْمَالِ . وَإِيتَاءُ أَهْلِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّ مَا كَانَ لَهُ مِنْ أَهْلٍ رَدَّهُ عَلَيْهِ وَأَحْيَاهُمْ لَهُ بِأَعْيَانِهِمْ ، وَآتَاهُ مِثْلَ أَهْلِهِ مَعَ أَهْلِهِ مِنَ الْأَوْلَادِ وَالْأَتْبَاعِ ، وَذُكِرَ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ مَثَلَهُمْ عِدَّةً فِي الْآخِرَةِ . وَانْتَصَبَ ( رَحْمَةً ) عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ أَيْ لَرَحِمَتِنَا إِيَّاهُ ( وَذِكْرَى ) مِنَّا بِالْإِحْسَانِ لِمَنْ عِنْدَنَا أَوْ ( رَحْمَةً ) مِنَّا
لِأَيُّوبَ ( وَذِكْرَى ) أَيْ مَوْعِظَةً لِغَيْرِهِ مِنَ الْعَابِدِينَ ، لِيَصْبِرُوا كَمَا صَبَرَ حَتَّى يُثَابُوا كَمَا أُثِيبَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَمُجَاهِدٌ : كَانَ
ذُو الْكِفْلِ عَبْدًا صَالِحًا وَلَمْ يَكُنْ نَبِيًّا . وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ : هُوَ نَبِيٌّ فَقِيلَ : هُوَ
إِلْيَاسُ . وَقِيلَ :
زَكَرِيَّا . وَقِيلَ :
يُوشَعُ ، وَالْكِفْلُ النَّصِيبُ وَالْحَظُّ أَيْ ذُو الْحَظِّ مِنَ اللَّهِ الْمَحْدُودِ عَلَى الْحَقِيقَةِ . وَقِيلَ : كَانَ لَهُ ضِعْفُ عَمَلِ الْأَنْبِيَاءِ فِي زَمَانِهِ وَضِعْفُ ثَوَابِهِمْ . وَقِيلَ : فِي تَسْمِيَتِهِ ذَا الْكِفْلِ أَقْوَالٌ مُضْطَرِبَةٌ لَا تَصِحُّ . وَانْتَصَبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87مُغَاضِبًا ) عَلَى الْحَالِ . فَقِيلَ : مَعْنَاهُ غَضْبَانُ وَهُوَ مِنَ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي اشْتِرَاكًا ، نَحْوَ : عَاقَبْتُ اللِّصَّ وَسَافَرْتُ . وَقِيلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87مُغَاضِبًا ) لِقَوْمِهِ أَغْضَبَهُمْ بِمُفَارَقَتِهِ وَتَخَوُّفِهِمْ حُلُولَ الْعَذَابِ ، وَأَغْضَبُوهُ حِينَ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ مُدَّةً فَلَمْ يُجِيبُوهُ فَأَوْعَدَهُمْ بِالْعَذَابِ ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَيْنِهِمْ عَلَى
[ ص: 335 ] عَادَةِ الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ قَبْلَ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لَهُ فِي الْخُرُوجِ . وَقِيلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87مُغَاضِبًا ) لِلْمَلِكِ
حِزْقِيَا حِينَ عَيَّنَهُ لِغَزْوِ مَلِكٍ كَانَ قَدْ عَابَ فِي
بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ لَهُ
يُونُسُ : آللَّهُ أَمْرَكَ بِإِخْرَاجِي ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ فَهَلْ سَمَّانِي لَكَ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ هَهُنَا غَيْرِي مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَخَرَجَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87مُغَاضِبًا ) لِلْمَلِكِ . وَقَوْلُ مَنْ قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87مُغَاضِبًا ) لِرَبِّهِ وَحَكَى فِي الْمُغَاضَبَةِ لِرَبِّهِ كَيْفِيَّاتٍ يَجِبُ اطِّرَاحَهُ إِذْ لَا يُنَاسِبُ شَيْءٌ مِنْهَا مَنْصِبَ النُّبُوَّةِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَأَوَّلَ لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنَ الْعُلَمَاءِ
كَالْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ التَّابِعِينَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِأَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87مُغَاضِبًا ) لِرَبِّهِ أَيْ لِأَجْلِ رَبِّهِ وَدِينِهِ ، وَاللَّامُ لَامُ الْعِلَّةِ لَا اللَّامُ الْمُوَصِّلَةُ لِلْمَفْعُولِ بِهِ . وَقَرَأَ
أَبُو شَرَفٍ مُغْضِبًا اسْمَ مَفْعُولٍ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) أَيْ نُضَيِّقَ عَلَيْهِ مِنَ الْقَدْرِ لَا مِنَ الْقُدْرَةِ ، وَقِيلَ : مِنَ الْقُدْرَةِ بِمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) الِابْتِلَاءَ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( نَقْدِرَ ) بِنُونِ الْعَظَمَةِ مُخَفَّفًا . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو شَرَفٍ وَالْكَلْبِيُّ وَحُمَيدُ بْنُ قَيْسٍ وَيَعْقُوبُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِّ مُخَفَّفًا ،
وَعِيسَى وَالْحَسَنُ بِالْيَاءِ مَفْتُوحَةً وَكَسْرِ الدَّالِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْيَمَانِيُّ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ مُشَدَّدَةً ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ بِالنُّونِ مَضْمُومَةً وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) فِي الْكَلَامِ جُمَلٌ مَحْذُوفَةٌ قَدْ أُوضِحَتْ فِي سُورَةِ وَالصَّافَّاتِ ، وَهُنَاكَ نَذْكُرُ قِصَّتَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَجَمَعَ ( الظُّلُمَاتِ ) لِشِدَّةِ تَكَاثُفِهَا فَكَأَنَّهَا ظُلْمَةٌ مَعَ ظُلْمَةٍ . وَقِيلَ : ظُلُمَاتُ بَطْنِ الْحُوتِ وَالْبَحْرِ وَاللَّيْلِ . وَقِيلَ : ابْتَلَعَ حُوتَهُ حُوتٌ آخَرُ فَصَارَ فِي ظُلْمَتَيْ بَطْنَيْ الْحُوتَيْنِ وَظُلْمَةِ الْبَحْرِ . وَرُوِيَ أَنَّ
يُونُسَ سَجَدَ فِي جَوْفِ الْحُوتِ حِينَ سَمِعَ تَسْبِيحَ الْحِيتَانِ فِي قَعْرِ الْبَحْرِ ، وَ ( أَنْ ) فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ) تَفْسِيرِيَّةٌ لِأَنَّهُ سَبَقَ ( فَنَادَى ) وَهُوَ فِي مَعْنَى الْقَوْلِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ بِأَنَّهُ فَتَكُونُ مُخَفِّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ حَصْرَ الْأُلُوهِيَّةِ فِيهِ تَعَالَى ثُمَّ نَزَّهَهُ عَنْ سِمَاتِ النَّقْصِ ثُمَّ أَقَرَّ بِمَا بَعْدَ ذَلِكَ .
وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374715nindex.php?page=treesubj&link=31975_33177مَا مِنْ مَكْرُوبٍ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ ) . وَ ( الْغَمُّ ) مَا كَانَ نَالَهُ حِينَ الْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَمُدَّةُ بَقَائِهِ فِي بَطْنِهِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( نُنْجِي ) مُضَارِعُ أَنْجَى ،
وَالْجَحْدَرِيُّ مُشَدَّدًا مُضَارِعُ نَجَّى . وَقَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ ( نَجَّى ( بِنُونٍ مَضْمُومَةٍ وَجِيمٍ مُشَدَّدَةٍ وَيَاءٍ سَاكِنَةٍ ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي مُصْحَفِ الْإِمَامِ وَمَصَاحِفِ الْأَمْصَارِ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ ، وَاخْتَارَهَا
أَبُو عُبَيدٍ لِمُوَافَقَةِ الْمَصَاحِفِ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ وَالْفَارِسِيُّ هِيَ لَحْنٌ . وَقِيلَ : هِيَ مُضَارِعٌ أُدْغِمَتِ النُّونُ فِي الْجِيمِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِدْغَامُ النُّونِ فِي الْجِيمِ الَّتِي هِيَ فَاءُ الْفِعْلِ لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ كَمَا حُذِفَتْ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ وَنَزَلَ الْمَلَائِكَةُ يُرِيدُ وَنُنْزِلُ الْمَلَائِكَةَ ، وَعَلَى هَذَا أَخْرَجَهَا
أَبُو الْفَتْحِ . وَقِيلَ : هِيَ فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَسُكِّنَتِ الْيَاءُ كَمَا سَكَّنَهَا مَنْ قَرَأَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا وَالْمَقَامُ مَقَامُ الْفَاعِلِ ضَمِيرُ الْمَصْدَرِ أَيْ نَجَّى ، هُوَ أَيِ النَّجَاءُ الْمُؤْمِنِينَ كَقِرَاءَةِ
أَبِي جَعْفَرٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14لِيَجْزِيَ قَوْمًا ) أَيْ وَلِيَجْزِيَ هُوَ أَيِ الْجَزَاءَ ، وَقَدْ أَجَازَ إِقَامَةَ غَيْرِ الْمَفْعُولِ مِنْ مَصْدَرٍ أَوْ ظَرْفِ مَكَانٍ أَوْ ظَرْفِ زَمَانٍ أَوْ مَجْرُورٍ الْأَخْفَشُ وَالْكُوفِيُّونَ
وَأَبُو عُبَيدٍ ، وَذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ بِهِ وَجَاءَ السَّمَاعُ فِي إِقَامَةِ الْمَجْرُورِ مَعَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ بِهِ نَحْوَ قَوْلِهِ :
أُتِيحَ لِي مِنَ الْعِدَا نَذِيرَا بِهِ وُقِيتُ الشَّرَّ مُسْتَطِيرَا
وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : فِي الْمَسَائِلِ ضَرَبَ الضَّرْبَ الشَّدِيدَ زَيْدًا ، وَضَرَبَ الْيَوْمَانِ زَيْدًا ، وَضَرَبَ مَكَانُكَ زَيْدًا وَأَعْطَى إِعْطَاءَ حَسَنٍ أَخَاكَ دِرْهَمًا مَضْرُوبًا عَبْدَهُ زَيْدًا . وَقِيلَ : ضَمِيرُ الْمَصْدَرِ أُقِيمَ مَقَامَ الْفَاعِلِ وَ ( الْمُؤْمِنِينَ ) مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88وَكَذَلِكَ نُنْجِي ) هُوَ أَيِ النَّجَاءُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ الْمَفْعُولُ بِهِ لَمْ يُقِمْ غَيْرُهُ إِلَّا أَنَّ صَاحِبَ اللُّبَابِ حَكَى الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ عَنِ الْبَصْرِيِّينَ ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ أَجَازَ ذَلِكَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=89لَا تَذَرْنِي فَرْدًا ) أَيْ وَحِيدًا بِلَا وَارِثَ ، سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَرْزُقَهُ وَلَدًا يَرِثُهُ
[ ص: 336 ] ثُمَّ رَدَّ أَمْرَهُ إِلَى اللَّهِ فَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=89وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ) أَيْ إِنْ لَمْ تَرْزُقْنِي مَنْ يَرِثُنِي فَأَنْتَ خَيْرُ وَارِثٍ ، وَإِصْلَاحُ زَوْجِهِ بِحُسْنِ خُلُقِهَا ، وَكَانَتْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ قَالَهُ
عَطَاءٌ nindex.php?page=showalam&ids=14980وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ nindex.php?page=showalam&ids=16735وَعَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ . وَقِيلَ : إِصْلَاحُهَا لِلْوِلَادَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ عَاقِرًا قَالَهُ
قَتَادَةُ . وَقِيلَ : إِصْلَاحُهَا رَدُّ شَبَابِهَا إِلَيْهِ ، وَالضَّمِيرُ فِي ( إِنَّهُمْ ) عَائِدٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ السَّابِقُ ذِكْرُهُمْ أَيْ إِنَّ اسْتِجَابَتِنَا لَهُمْ فِي طَلَبَاتِهِمْ كَانَ لِمُبَادَرَتِهِمُ الْخَيْرَ وَلِدُعَائِهِمْ لَنَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=90رَغَبًا وَرَهَبًا ) أَيْ وَقْتَ الرَّغْبَةِ وَوَقْتَ الرَّهْبَةِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ) وَقِيلَ : الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى ( زَكَرِيَّا ) وَ ( زَوْجَهُ ) وَابْنَهُمَا
يَحْيَـى . وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ يَدْعُونَا حُذِفَتْ نُونُ الرَّفْعِ وَطَلْحَةُ بِنُونٍ مُشَدَّدَةٍ أَدْغَمَ نُونَ الرَّفْعِ فِي نَا ضَمِيرِ النَّصْبِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابْنُ وَثَّابٍ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَوَهْبُ بْنُ عَمْرٍو وَالنَّحْوِيُّ
وَهَارُونُ وَأَبُو مَعْمَرٍ nindex.php?page=showalam&ids=13721وَالْأَصْمَعِيُّ وَاللُّؤْلُؤِيُّ وَيُونُسُ وَأَبُو زَيْدٍ سَبْعَتُهُمْ عَنْ
أَبِي عُمْرٍو (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=90رَغَبًا وَرَهَبًا ) بِالْفَتْحِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ ، وَالْأَشْهُرُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ بِضَمَّتَيْنِ فِيهِمَا . وَقَرَأَ فِرْقَةٌ : بِضَمِّ الراءَيْنِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ وَالْهَاءِ ، وَانْتَصَبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=90رَغَبًا وَرَهَبًا ) عَلَى أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَوْ مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=91وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ) هِيَ
مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ أُمُّ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَرْجَ هُنَا حَيَاءُ الْمَرْأَةِ أَحْصَنَتْهُ أَي مَنَعَتْهُ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ كَمَا قَالَتْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=20وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ) . وَقِيلَ : الْفَرْجُ هُنَا جَيْبُ قَمِيصِهَا مَنَعَتْهُ مِنْ
جِبْرِيلَ لَمَّا قَرُبَ مِنْهَا لِيَنْفُخَ حَيْثُ لَمْ يَعْرِفْ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=91فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا ) كِنَايَةٌ عَنْ إِيجَادِ
عِيسَى حَيًّا فِي بَطْنِهَا ، وَلَا نَفْخَ هُنَاكَ حَقِيقَةً ، وَأَضَافَ الرُّوحَ إِلَيْهِ تَعَالَى عَلَى جِهَةِ التَّشْرِيفِ . وَقِيلَ : هُنَاكَ نَفْخٌ حَقِيقَةً وَهُوَ أَنَّ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا وَأَسْنَدَ النَّفْخَ إِلَيْهِ تَعَالَى لَمَّا كَانَ ذَلِكَ مِنْ
جِبْرِيلَ بِأَمْرِهِ تَعَالَى تَشْرِيفًا . وَقِيلَ : الرُّوحُ هُنَا
جِبْرِيلُ كَمَا قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=17فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا ) وَالْمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=91فَنَفَخْنَا فِيهَا ) مِنْ جِهَةِ
جِبْرِيلَ وَكَانَ
جِبْرِيلُ قَدْ نَفَخَ مِنْ جَيْبِ دِرْعِهَا فَوَصَلَ النَّفْخُ إِلَى جَوْفِهَا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : نَفْخُ الرُّوحِ فِي الْجَسَدِ عِبَارَةٌ عَنْ إِحْيَائِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=29فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ) أَيْ أَحْيَيْتُهُ ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كَانَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=91فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا ) ظَاهِرُ الْإِشْكَالِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى إِحْيَاءِ
مَرْيَمَ . قُلْتُ : مَعْنَاهُ نَفَخْنَا الرُّوحَ فِي
عِيسَى فِيهَا أَيْ أَحْيَيْنَاهُ فِي جَوْفِهَا ، وَنَحْوَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الزَّمَّارُ نَفَخْتُ فِي بَيْتِ فُلَانٍ أَيْ نَفَخْتُ فِي الْمِزْمَارِ فِي بَيْتِهِ . انْتَهَى .
وَلَا إِشْكَالَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ( فَنَفَخْنَا فِي ) ابْنِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=91مِنْ رُوحِنَا ) وَقَوْلُهُ قُلْتُ مَعْنَاهُ نَفَخْنَا الرُّوحَ فِي
عِيسَى فِيهَا اسْتَعْمَلَ نَفَخَ مُتَعَدِّيًا ، وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى فَيَحْتَاجُ فِي تَعَدِّيهِ إِلَى جِمَاعٍ وَغَيْرِ مُتَعَدٍّ اسْتَعْمَلَهُ هُوَ فِي قَوْلِهِ أَيْ نَفَخْتُ فِي الْمِزْمَارِ فِي بَيْتِهِ . انْتَهَى . وَلَا إِشْكَالَ فِي ذَلِكَ . وَأَفْرَدَ ( آيَةً ) لِأَنَّ حَالَهُمَا لِمَجْمُوعِهِمَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ وِلَادَتُهَا إِيَّاهُ مِنْ غَيْرِ فَحْلٍ ، وَإِنْ كَانَ فِي
مَرْيَمَ آيَاتٌ وَفِي
عِيسَى آيَاتٌ لَكِنَّهُ هُنَا لَحَظَ أَمْرَ الْوِلَادَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ ، وَذَلِكَ هُوَ آيَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَوْلُهُ ( لِلْعَالِمِينَ ) أَيْ لِمَنِ اعْتَبَرَ بِهَا مِنْ عَالِمِي زَمَانِهَا فَمَنْ بَعْدَهُمْ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28748وَدَلَّ ذِكْرُ مَرْيَمَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ نَبِيَّةً إِذْ قُرِنَتْ مَعَهُمْ فِي الذِّكْرِ ، وَمَنْ مَنَعَ تَنَبُّؤَ النِّسَاءِ قَالَ ذُكِرَتْ لِأَجْلِ
عِيسَى وَنَاسَبَ ذِكْرُهُمَا هُنَا قِصَّةَ
زَكَرِيَّا وَزَوْجِهِ
وَيَحْيَـى لِلْقَرَابَةِ الَّتِي بَيْنَهُمْ .