(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=105ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=106قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=107ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=108قال اخسئوا فيها ولا تكلمون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=109إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=110فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=111إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=112قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=113قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=114قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=116فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=117ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=118وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ) .
يقول الله لهم على لسان من يشاء من ملائكته : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=105ألم تكن آياتي ) ، وهي القرآن ، ولما سمعوا هذا التقرير أذعنوا وأقروا على أنفسهم بقولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=106غلبت علينا شقوتنا ) من قولهم : غلبني فلان على كذا إذا أخذه منك وامتلكه ، والشقاوة سوء العاقبة . وقيل : الشقوة الهوى وقضاء اللذات ; لأن ذلك يؤدي إلى الشقوة . أطلق اسم المسبب على السبب ; قاله
الجبائي . وقيل : ما كتب علينا في اللوح المحفوظ وسبق به علمك . وقرأ
عبد الله ،
والحسن ، و
قتادة ،
وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، والمفضل ، عن
عاصم وأبان والزعفراني وابن مقسم : " شقاوتنا " بوزن السعادة ، وهي لغة فاشية ، و
قتادة أيضا
والحسن [ ص: 423 ] في رواية
خالد بن حوشب عنه كذلك إلا أنه بكسر الشين ، وباقي السبعة والجمهور بكسر الشين وسكون القاف ، وهي لغة كثيرة في
الحجاز . قال
الفراء : أنشدني
أبو ثروان - وكان فصيحا - :
علق من عنائه وشقوته بنت ثماني عشرة من حجته
وقرأ
شبل في اختياره بفتح الشين وسكون القاف . (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=106وكنا قوما ضالين ) أي عن الهدى ، ثم تدرجوا من الإقرار إلى الرغبة والتضرع وذلك أنهم أقروا والإقرار بالذنب اعتذار ، فقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=107ربنا أخرجنا منها ) أي من جهنم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=107فإن عدنا ) أي إلى التكذيب واتخاذ آلهة وعبادة غيرك ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=107فإنا ظالمون ) أي متجاوزو الحد في العدوان ; حيث ظلمنا أنفسنا أولا ثم سومحنا فظلمنا ثانيا . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري حديثا طويلا في مقاولة تكون بين الكفار وبين
مالك خازن النار ، ثم بينهم وبين ربهم - جل وعز - وآخرها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=108قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ) ، قال وتنطبق عليهم جهنم ويقع اليأس ويبقون ينبح بعضهم في وجه بعض . قال
ابن عطية : واختصرت ذلك الحديث لعدم صحته ، لكن معناه صحيح ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=108اخسئوا ) : أي ذلوا فيها وانزجروا كما تنزجر الكلاب إذا زجرت ، يقال : خسأت الكلب وخسأ هو بنفسه يكون متعديا ولازما . و ( لا تكلمون ) أي في رفع العذاب أو تخفيفه . قيل : هو آخر كلام يتكلمون به ثم لا كلام بعد ذلك إلا الشهيق والزفير والعواء كعواء الكلاب لا يفهمون .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=109إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ) . قرأ
أبي وهارون العتكي : ( أنه ) بفتح الهمزة ، أي لأنه ، والجمهور بكسرها ، والهاء ضمير الشأن وهو محذوف مع " أن " المفتوحة الهمزة والفريق هنا هم المستضعفون من المؤمنين ، وهذه الآية مما يقال للكفار على جهة التوبيخ ، ونزلت في كفار
قريش مع
صهيب وعمار وبلال ونظرائهم ، ثم هي عامة فيمن جرى مجراهم قديما وبقية الدهر . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ونافع ( سخريا ) بضم السين ، وباقي السبعة بالكسر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : مصدر سخر كالسخر إلا أن في ياء النسب زيادة قوة في الفعل ، كما قيل : الخصوصية في الخصوص وهما بمعنى الهزء في قول
الخليل nindex.php?page=showalam&ids=12020وأبي زيد الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه . وقال
أبو عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء : ضم السين من السخرة والاستخدام والكسر من السخر ، وهو الاستهزاء . ومنه قول
الأعشى :
إني أتاني حديث لا أسر به من علو لا كذب فيه ولا سخر
وقال
يونس : إذا أريد التخديم فضم السين لا غير ، وإذا أريد الهزء فالضم والكسر . قال
ابن عطية .
وقرأ أصحاب
عبد الله وابن أبي إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج بضم السين كل ما في القرآن . وقرأ
الحسن وأبو عمرو بالكسر إلا التي في الزخرف ، فإنهما ضما السين كما فعل الناس ، انتهى . وكان قد قال عن
أبي علي - يعني الفارسي - أن قراءة كسر السين أوجه ; لأنه بمعنى الاستهزاء ، والكسر فيه أكثر وهو أليق بالآية ، ألا ترى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=110وكنتم منهم تضحكون ) ، انتهى قول
أبي علي ، ثم قال
ابن عطية : ألا ترى إلى إجماع القراء على ضم السين في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ) لما تخلص الأمر للتخديم ، انتهى . وليس ما ذكره من إجماع القراء على ضم السين في الزخرف صحيحا ; لأن
ابن محيصن وابن مسلم كسرا في الزخرف ، ذكر ذلك
أبو القاسم بن جبارة الهذلي في كتاب الكامل .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=110فاتخذتموهم سخريا ) أي هزأة تهزؤن منهم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=110حتى أنسوكم ذكري ) أي بتشاغلكم بهم فتركتم ذكري ، أي : أن تذكروني فتخافوني في أوليائي ، وأسند النسيان إلى فريق المؤمنين من حيث كان سببه .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وخارجة عن
نافع : ( إنهم هم ) بكسر الهمزة وباقي السبعة بالفتح ، ومفعول (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=111جزيتهم ) الثاني محذوف ، تقديره الجنة أو رضواني . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : في قراءة من قرأ ( أنهم ) بالفتح ، هو المفعول الثاني ، أي (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=111جزيتهم )
[ ص: 424 ] فوزهم . انتهى . والظاهر أنه تعليل أي (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=111جزيتهم ) لأنهم ، والكسر هو على الاستئناف وقد يراد به التعليل ، فيكون الكسر مثل الفتح من حيث المعنى لا من حيث الإعراب ; لاضطرار المفتوحة إلى عامل . و ( الفائزون ) الناجون من هلكة إلى نعمة .
وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وابن كثير ( قل كم ) والمخاطب ملك يسألهم أو بعض أهل النار ، فلذا قال عبر عن القوم . وقرأ باقي السبعة قال : والقائل الله تعالى أو المأمور بسؤالهم من الملائكة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : قال في مصاحف أهل الكوفة و ( قل ) في مصاحف
أهل الحرمين والبصرة والشام . وقال
ابن عطية : وفي المصاحف قال فيهما إلا في مصحف الكوفة ، فإن فيه ( قل ) بغير ألف ، وتقدم إدغام باب لبثت في البقرة سألهم سؤال توقيف على المدة . وقرأ الجمهور (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=112عدد سنين ) على الإضافة ، و ( كم ) في موضع نصب على ظرف الزمان ، وتمييزها عدد . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش والمفضل عن
عاصم عددا بالتنوين . فقال أبو الفضل الرازي صاحب كتاب اللوامح : ( سنين ) نصب على الظرف ، والعدد مصدر أقيم مقام الاسم فهو نعت مقدم على المنعوت ، ويجوز أن يكون معنى ( لبثتم ) : عددتم فيكون نصب عددا على المصدر ، و ( سنين ) بدل منه ، انتهى . وكون ( لبثتم ) بمعنى عددتم بعيد .
ولما سئلوا عن المدة التي أقاموا فيها في الأرض ، ويعني في الحياة الدنيا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري وتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، فنسوا لفرط هول العذاب ، حتى قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=113يوما أو بعض يوم ) ، أجابوا بقولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=113لبثنا يوما أو بعض يوم ) ، ترددوا فيما لبثوا ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وقيل : أريد بقوله : ( في الأرض ) في جوف التراب أمواتا ، وهذا قول جمهور المتأولين . قال
ابن عطية : وهذا هو الأصوب من حيث أنكروا البعث ، وكانوا قولهم أنهم لا يقومون من التراب ، قيل لهم لما قاموا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=112كم لبثتم ) ، وقوله آخرا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115وأنكم إلينا لا ترجعون ) يقتضي ما قلناه ، انتهى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=113فاسأل العادين ) خطاب للذي سألهم . قال
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=113العادين ) الملائكة ، أي هم الذين يحفظون أعمال
بني آدم ويحصون عليهم ساعاتهم . وقال
قتادة : أهل الحساب ، والظاهر أنهم من يتصف بهذه الصفة ملائكة أو غيرهم ; لأن النائم والميت لا يعد فيتقدر له الزمان . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والمعنى لا نعرف من عدد تلك السنين إلا أنا نستقله ونحسبه يوما أو بعض يوم ; لما نحن فيه من العذاب ، وما فينا أن يعد كم بقي فاسأل من فيه أن يعد ، ومن يقدر أن يلقي إليه فكره ، انتهى . وقرأ
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي في رواية (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=113العادين ) ، بتخفيف الدال ، أي الظلمة ، فإنهم يقولون كما تقول . قال
ابن خالويه : ولغة أخرى ( العاديين ) ، يعني بياء مشددة ، جمع عادي ، يعني للقدماء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقرئ ( العاديين ) ، أي القدماء المعمرين ، فإنهم يستقصرونها فكيف بمن دونهم .
وقرأ الأخوان ( قل إن لبثتم ) على الأمر ، وباقي السبعة قال : و ( إن ) نافية ، أي : ما (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=114لبثتم إلا قليلا ) ، أي قليل القدر في جنب ما تعذبون فيه ، إن كان اللبث في الدنيا ، وإن كان في القبور ، فقلت : إن كل آت قريب ولكنكم كذبتم به ; إذ كنتم لا تعلمون ، أي : لم ترغبوا في العلم والهدى ، وانتصب (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115عبثا ) على الحال ، أي عابثين ، أو على أنه مفعول من أجله ، والمعنى في هذا : ما خلقناكم للعبث ، وإنما خلقناكم للتكليف والعبادة . وقرأ الأخوان : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115لا ترجعون ) مبنيا للفاعل ، وباقي السبعة مبنيا للمفعول ، والظاهر عطف ( وأنكم ) على ( أنما ) ، فهو داخل في الحسبان .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : يجوز أن يكون على (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115عبثا ) ، أي : للعبث ولترككم غير مرجوعين ، انتهى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=116فتعالى الله ) أي تعاظم وتنزه عن الصاحبة والولد والشريك والعبث وجميع النقائص ، بل هو (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=116الملك الحق ) الثابت هو وصفاته العلى ، و ( الكريم ) صفة للعرش ; لتنزل الخيرات منه أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11793أبان بن تغلب وابن محيصن وأبو جعفر وإسماعيل ، عن
ابن كثير : ( الكريم ) بالرفع ، صفة لرب العرش ، أو ( العرش ) ، ويكون معطوفا على معنى المدح .
و ( من ) شرطية ، والجواب ( فإنما ) ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=117لا برهان له به ) صفة لازمة لا للاحتراز من أن يكون ثم آخر يقوم عليه
[ ص: 425 ] برهان ، فهي مؤكدة كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38يطير بجناحيه ) ، ويجوز أن تكون جملة اعتراض ; إذ فيها تشديد وتأكيد ، فتكون لا موضع لها من الإعراب ، كقولك : من أساء إليك لا أحق بالإساءة منه ، فأسئ إليه . ومن ذهب إلى أن جواب الشرط هو (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=117لا برهان له به ) ; هروبا من دليل الخطاب من أن يكون ثم داع له برهان ، فلا يصح ; لأنه يلزم منه حذف الفاء في جواب الشرط ، ولا يجوز إلا في الشعر ، وقد خرجناه على الصفة اللازمة أو على الاعتراض ، وكلاهما تخريج صحيح . وقرأ
الحسن وقتادة ( أنه لا يفلح ) بفتح الهمزة ، أي : هو ، فوضع الكافرون موضع الضمير حملا على معنى ( من ) ، والجمهور بكسر الهمزة ، وخبر ( حسابه ) الظرف ، وأنه استئناف ، وقرأ
الحسن ( يفلح ) بفتح الفاء واللام ، وافتتح السورة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=1قد أفلح المؤمنون ) ، وأورد في خاتمتها (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=117إنه لا يفلح الكافرون ) ، فانظر تفاوت ما بين الافتتاح والاختتام ، ثم أمر رسوله - عليه السلام - بأن يدعو بالغفران والرحمة ، وقرأ ابن محيصن ( رب ) ، بضم الباء .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=105أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=106قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=107رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=108قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=109إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=110فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=111إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=112قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=113قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=114قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=116فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=117وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=118وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ) .
يَقُولُ اللَّهُ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=105أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي ) ، وَهِيَ الْقُرْآنُ ، وَلَمَّا سَمِعُوا هَذَا التَّقْرِيرَ أَذْعَنُوا وَأَقَرُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِقَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=106غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ) مِنْ قَوْلِهِمْ : غَلَبَنِي فُلَانٌ عَلَى كَذَا إِذَا أَخَذَهُ مِنْكَ وَامْتَلَكَهُ ، وَالشَّقَاوَةُ سُوءُ الْعَاقِبَةِ . وَقِيلَ : الشِّقْوَةُ الْهَوَى وَقَضَاءُ اللَّذَّاتِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى الشِّقْوَةِ . أَطْلَقَ اسْمَ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ ; قَالَهُ
الْجِبَائِيُّ . وَقِيلَ : مَا كُتِبَ عَلَيْنَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَسَبَقَ بِهِ عِلْمُكَ . وَقَرَأَ
عَبْدُ اللَّهِ ،
وَالْحَسَنُ ، وَ
قَتَادَةُ ،
وَحَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ، وَالْمُفَضَّلُ ، عَنْ
عَاصِمٍ وَأَبَانَ وَالزَّعْفَرَانِيِّ وَابْنِ مِقْسَمٍ : " شَقَاوَتُنَا " بِوَزْنِ السَّعَادَةِ ، وَهِيَ لُغَةٌ فَاشِيَةٌ ، وَ
قَتَادَةُ أَيْضًا
وَالْحَسَنُ [ ص: 423 ] فِي رِوَايَةِ
خَالِدِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْهُ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِكَسْرِ الشِّينِ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ وَالْجُمْهُورُ بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْقَافِ ، وَهِيَ لُغَةٌ كَثِيرَةٌ فِي
الْحِجَازِ . قَالَ
الْفَرَّاءُ : أَنْشَدَنِي
أَبُو ثَرْوَانَ - وَكَانَ فَصِيحًا - :
عُلِّقَ مِنْ عَنَائِهِ وَشِقْوَتِهْ بِنْتَ ثَمَانِي عَشْرَةَ مِنْ حِجَّتِهْ
وَقَرَأَ
شِبْلٌ فِي اخْتِيَارِهِ بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْقَافِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=106وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ) أَيْ عَنِ الْهُدَى ، ثُمَّ تَدَرَّجُوا مِنَ الْإِقْرَارِ إِلَى الرَّغْبَةِ وَالتَّضَرُّعِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَقَرُّوا وَالْإِقْرَارُ بِالذَّنْبِ اعْتِذَارٌ ، فَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=107رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا ) أَيْ مِنْ جَهَنَّمَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=107فَإِنْ عُدْنَا ) أَيْ إِلَى التَّكْذِيبِ وَاتِّخَاذِ آلِهَةٍ وَعِبَادَةِ غَيْرِكَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=107فَإِنَّا ظَالِمُونَ ) أَيْ مُتَجَاوِزُو الْحَدِّ فِي الْعُدْوَانِ ; حَيْثُ ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا أَوَّلًا ثُمَّ سُومِحْنَا فَظَلَمْنَا ثَانِيًا . وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي مُقَاوَلَةٍ تَكُونُ بَيْنَ الْكُفَّارِ وَبَيْنَ
مَالِكٍ خَازِنِ النَّارِ ، ثُمَّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ - جَلَّ وَعَزَّ - وَآخِرُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=108قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ) ، قَالَ وَتَنْطَبِقُ عَلَيْهِمْ جَهَنَّمُ وَيَقَعُ الْيَأْسُ وَيَبْقُونَ يَنْبَحُ بَعْضُهُمْ فِي وَجْهِ بَعْضٍ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَاخْتَصَرْتُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ ، لَكِنْ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=108اخْسَئُوا ) : أَيْ ذِلُّوا فِيهَا وَانْزَجِرُوا كَمَا تَنْزَجِرُ الْكِلَابُ إِذَا زُجِرَتْ ، يُقَالُ : خَسَأْتُ الْكَلْبَ وَخَسَأَ هُوَ بِنَفْسِهِ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَلَازِمًا . وَ ( لَا تُكَلِّمُونِ ) أَيْ فِي رَفْعِ الْعَذَابِ أَوْ تَخْفِيفِهِ . قِيلَ : هُوَ آخِرُ كَلَامٍ يَتَكَلَّمُونَ بِهِ ثُمَّ لَا كَلَامَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا الشَّهِيقُ وَالزَّفِيرُ وَالْعُوَاءُ كَعُوَاءِ الْكِلَابِ لَا يُفْهِمُونَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=109إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ) . قَرَأَ
أُبَيٌّ وَهَارُونُ الْعَتَكِيُّ : ( أَنَّهُ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ، أَيْ لِأَنَّهُ ، وَالْجُمْهُورُ بِكَسْرِهَا ، وَالْهَاءُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَهُوَ مَحْذُوفٌ مَعَ " أَنَّ " الْمَفْتُوحَةِ الْهَمْزَةِ وَالْفَرِيقُ هُنَا هُمُ الْمُسْتَضْعَفُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا يُقَالُ لِلْكُفَّارِ عَلَى جِهَةِ التَّوْبِيخِ ، وَنَزَلَتْ فِي كُفَّارِ
قُرَيْشٍ مَعَ
صُهَيْبٍ وَعَمَّارٍ وَبِلَالٍ وَنُظَرَائِهِمْ ، ثُمَّ هِيَ عَامَّةٌ فِيمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ قَدِيمًا وَبَقِيَّةَ الدَّهْرِ . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَنَافِعٌ ( سُخْرِيًّا ) بِضَمِّ السِّينِ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِالْكَسْرِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : مَصْدَرُ سَخِرَ كَالسُّخْرِ إِلَّا أَنَّ فِي يَاءِ النَّسَبِ زِيَادَةَ قُوَّةٍ فِي الْفِعْلِ ، كَمَا قِيلَ : الْخُصُوصِيَّةُ فِي الْخُصُوصِ وَهُمَا بِمَعْنَى الْهُزْءِ فِي قَوْلِ
الْخَلِيلِ nindex.php?page=showalam&ids=12020وَأَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16076وَسِيبَوَيْهِ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ : ضَمُّ السِّينِ مِنَ السُّخْرَةِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالْكَسْرُ مِنَ السَّخْرِ ، وَهُوَ الِاسْتِهْزَاءُ . وَمِنْهُ قَوْلُ
الْأَعْشَى :
إِنِّي أَتَانِي حَدِيثٌ لَا أُسِرُّ بِهِ مِنْ عُلْوٍ لَا كَذِبٌ فِيهِ وَلَا سَخَرُ
وَقَالَ
يُونُسُ : إِذَا أُرِيدَ التَّخْدِيمُ فَضَمُّ السِّينِ لَا غَيْرُ ، وَإِذَا أُرِيدَ الْهُزْءُ فَالضَّمُّ وَالْكَسْرُ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ .
وَقَرَأَ أَصْحَابُ
عَبْدِ اللَّهِ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ بِضَمِّ السِّينِ كُلَّ مَا فِي الْقُرْآنِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَأَبُو عَمْرٍو بِالْكَسْرِ إِلَّا الَّتِي فِي الزُّخْرُفِ ، فَإِنَّهُمَا ضَمَّا السِّينَ كَمَا فَعَلَ النَّاسُ ، انْتَهَى . وَكَانَ قَدْ قَالَ عَنْ
أَبِي عَلِيٍّ - يَعْنِي الْفَارِسِيَّ - أَنَّ قِرَاءَةَ كَسْرِ السِّينِ أَوْجَهُ ; لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الِاسْتِهْزَاءِ ، وَالْكَسْرُ فِيهِ أَكْثَرُ وَهُوَ أَلْيَقُ بِالْآيَةِ ، أَلَا تَرَى قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=110وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ ) ، انْتَهَى قَوْلُ
أَبِي عَلِيٍّ ، ثُمَّ قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : أَلَا تَرَى إِلَى إِجْمَاعِ الْقُرَّاءِ عَلَى ضَمِّ السِّينِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ) لَمَّا تَخَلَّصَ الْأَمْرُ لِلتَّخْدِيمِ ، انْتَهَى . وَلَيْسَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ إِجْمَاعِ الْقُرَّاءِ عَلَى ضَمِّ السِّينِ فِي الزُّخْرُفِ صَحِيحًا ; لِأَنَّ
ابْنَ مُحَيْصِنٍ وَابْنَ مُسْلِمٍ كَسَرَا فِي الزُّخْرُفِ ، ذَكَرَ ذَلِكَ
أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ جُبَارَةَ الْهُذَلِيُّ فِي كِتَابِ الْكَامِلِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=110فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا ) أَيْ هُزْأَةً تَهْزَؤُنَ مِنْهُمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=110حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي ) أَيْ بِتَشَاغُلِكُمْ بِهِمْ فَتَرَكْتُمْ ذِكْرِي ، أَيْ : أَنْ تَذْكُرُونِي فَتَخَافُونِي فِي أَوْلِيَائِي ، وَأَسْنَدَ النِّسْيَانَ إِلَى فَرِيقِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ حَيْثُ كَانَ سَبَبُهُ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَخَارِجَةُ عَنْ
نَافِعٍ : ( إِنَّهُمْ هُمُ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِالْفَتْحِ ، وَمَفْعُولُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=111جَزَيْتُهُمْ ) الثَّانِي مَحْذُوفٌ ، تَقْدِيرُهُ الْجَنَّةَ أَوْ رِضْوَانِي . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ( أَنَّهُمْ ) بِالْفَتْحِ ، هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي ، أَيْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=111جَزَيْتُهُمْ )
[ ص: 424 ] فَوْزَهُمْ . انْتَهَى . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ أَيْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=111جَزَيْتُهُمْ ) لِأَنَّهُمْ ، وَالْكَسْرُ هُوَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ التَّعْلِيلُ ، فَيَكُونُ الْكَسْرُ مِثْلَ الْفَتْحِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا مِنْ حَيْثُ الْإِعْرَابُ ; لِاضْطِرَارِ الْمَفْتُوحَةِ إِلَى عَامِلٍ . وَ ( الْفَائِزُونَ ) النَّاجُونَ مِنْ هَلَكَةٍ إِلَى نِعْمَةٍ .
وَقَرَأَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ ( قُلْ كَمْ ) وَالْمُخَاطَبُ مَلَكٌ يَسْأَلُهُمْ أَوْ بَعْضُ أَهْلِ النَّارِ ، فَلِذَا قَالَ عَبِّرْ عَنِ الْقَوْمِ . وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ قَالَ : وَالْقَائِلُ اللَّهُ تَعَالَى أَوِ الْمَأْمُورُ بِسُؤَالِهِمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : قَالَ فِي مَصَاحِفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ ( قُلْ ) فِي مَصَاحِفِ
أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَالْبَصْرَةِ وَالشَّامِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَفِي الْمَصَاحِفِ قَالَ فِيهِمَا إِلَّا فِي مُصْحَفِ الْكُوفَةِ ، فَإِنَّ فِيهِ ( قُلْ ) بِغَيْرِ أَلِفٍ ، وَتَقَدَّمَ إِدْغَامُ بَابِ لَبِثْتُ فِي الْبَقَرَةِ سَأَلَهُمْ سُؤَالَ تَوْقِيفٍ عَلَى الْمُدَّةِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=112عَدَدَ سِنِينَ ) عَلَى الْإِضَافَةِ ، وَ ( كَمْ ) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى ظَرْفِ الزَّمَانِ ، وَتَمْيِيزُهَا عَدَدٌ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ وَالْمُفَضَّلُ عَنْ
عَاصِمٍ عَدَدًا بِالتَّنْوِينِ . فَقَالَ أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ صَاحِبُ كِتَابِ اللَّوَامِحِ : ( سِنِينَ ) نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِ ، وَالْعَدَدُ مَصْدَرٌ أُقِيمَ مُقَامَ الِاسْمِ فَهُوَ نَعْتٌ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَنْعُوتِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ( لَبِثْتُمْ ) : عَدَدْتُمْ فَيَكُونَ نَصَبَ عَدَدًا عَلَى الْمَصْدَرِ ، وَ ( سِنِينَ ) بَدَلٌ مِنْهُ ، انْتَهَى . وَكَوْنُ ( لَبِثْتُمْ ) بِمَعْنَى عَدَدْتُمْ بِعِيدٌ .
وَلَمَّا سُئِلُوا عَنِ الْمُدَّةِ الَّتِي أَقَامُوا فِيهَا فِي الْأَرْضِ ، وَيَعْنِي فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ وَتَبِعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، فَنَسُوا لِفَرْطِ هَوْلِ الْعَذَابِ ، حَتَّى قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=113يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) ، أَجَابُوا بِقَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=113لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) ، تَرَدَّدُوا فِيمَا لَبِثُوا ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ .
وَقِيلَ : أُرِيدَ بِقَوْلِهِ : ( فِي الْأَرْضِ ) فِي جَوْفِ التُّرَابِ أَمْوَاتًا ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُتَأَوِّلِينَ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا هُوَ الْأَصْوَبُ مِنْ حَيْثُ أَنْكَرُوا الْبَعْثَ ، وَكَانُوا قَوْلُهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَقُومُونَ مِنَ التُّرَابِ ، قِيلَ لَهُمْ لَمَّا قَامُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=112كَمْ لَبِثْتُمْ ) ، وَقَوْلُهُ آخِرًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تَرْجِعُونَ ) يَقْتَضِي مَا قُلْنَاهُ ، انْتَهَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=113فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ ) خِطَابٌ لِلَّذِي سَأَلَهُمْ . قَالَ
مُجَاهِدٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=113الْعَادِّينَ ) الْمَلَائِكَةُ ، أَيْ هُمُ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ أَعْمَالَ
بَنِي آدَمَ وَيُحْصُونَ عَلَيْهِمْ سَاعَاتِهِمْ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : أَهْلُ الْحِسَابِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ مَنْ يَتَّصِفُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مَلَائِكَةٌ أَوْ غَيْرُهُمْ ; لِأَنَّ النَّائِمَ وَالْمَيِّتَ لَا يَعُدُّ فَيَتَقَدَّرُ لَهُ الزَّمَانُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالْمَعْنَى لَا نَعْرِفُ مِنْ عَدَدِ تِلْكَ السِّنِينَ إِلَّا أَنَّا نَسْتَقِلُّهُ وَنَحْسَبُهُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ; لِمَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ ، وَمَا فِينَا أَنْ يَعُدَّ كَمْ بَقِيَ فَاسْأَلْ مَنْ فِيهِ أَنْ يَعُدَّ ، وَمَنْ يَقْدِرُ أَنْ يُلْقِيَ إِلَيْهِ فِكْرَهُ ، انْتَهَى . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ فِي رِوَايَةٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=113الْعَادِينَ ) ، بِتَخْفِيفِ الدَّالِ ، أَيِ الظَّلَمَةَ ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ كَمَا تَقُولُ . قَالَ
ابْنُ خَالَوَيْهِ : وَلُغَةٌ أُخْرَى ( الْعَادِيِّينَ ) ، يَعْنِي بِيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ ، جَمْعُ عَادِيٍّ ، يَعْنِي لِلْقُدَمَاءِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَقُرِئَ ( الْعَادِيِّينَ ) ، أَيِ الْقُدَمَاءَ الْمُعَمَّرِينَ ، فَإِنَّهُمْ يَسْتَقْصِرُونَهَا فَكَيْفَ بِمَنْ دُونَهُمْ .
وَقَرَأَ الْأَخَوَانِ ( قُلْ إِنْ لَبِثْتُمْ ) عَلَى الْأَمْرِ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ قَالَ : وَ ( إِنْ ) نَافِيَةٌ ، أَيْ : مَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=114لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ) ، أَيْ قَلِيلَ الْقَدْرِ فِي جَنْبِ مَا تُعَذَّبُونَ فِيهِ ، إِنْ كَانَ اللُّبْثُ فِي الدُّنْيَا ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقُبُورِ ، فَقُلْتُ : إِنَّ كُلَّ آتٍ قَرِيبٌ وَلَكِنَّكُمْ كَذَّبْتُمْ بِهِ ; إِذْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ، أَيْ : لَمْ تَرْغَبُوا فِي الْعِلْمِ وَالْهُدَى ، وَانْتَصَبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115عَبَثًا ) عَلَى الْحَالِ ، أَيْ عَابِثِينَ ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ ، وَالْمَعْنَى فِي هَذَا : مَا خَلَقْنَاكُمْ لِلْعَبَثِ ، وَإِنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ لِلتَّكْلِيفِ وَالْعِبَادَةِ . وَقَرَأَ الْأَخَوَانِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115لَا تَرْجِعُونَ ) مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، وَالظَّاهِرُ عَطْفُ ( وَأَنَّكُمْ ) عَلَى ( أَنَّمَا ) ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْحُسْبَانِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115عَبَثًا ) ، أَيْ : لِلْعَبَثِ وَلِتَرْكِكُمْ غَيْرَ مَرْجُوعِينَ ، انْتَهَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=116فَتَعَالَى اللَّهُ ) أَيْ تَعَاظَمَ وَتَنَزَّهَ عَنِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ وَالشَّرِيكِ وَالْعَبَثِ وَجَمِيعِ النَّقَائِصِ ، بَلْ هُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=116الْمَلِكُ الْحَقُّ ) الثَّابِتُ هُوَ وَصِفَاتُهُ الْعُلَى ، وَ ( الْكَرِيمِ ) صِفَةٌ لِلْعَرْشِ ; لِتَنَزُّلِ الْخَيْرَاتِ مِنْهُ أَوْ لِنِسْبَتِهِ إِلَى أَكْرَمِ الْأَكْرَمِينَ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11793أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَإِسْمَاعِيلُ ، عَنِ
ابْنِ كَثِيرٍ : ( الْكَرِيمُ ) بِالرَّفْعِ ، صِفَةً لِرَبِّ الْعَرْشِ ، أَوِ ( الْعَرْشِ ) ، وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مَعْنَى الْمَدْحِ .
وَ ( مَنْ ) شَرْطِيَّةٌ ، وَالْجَوَابُ ( فَإِنَّمَا ) ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=117لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ ) صِفَةٌ لَازِمَةٌ لَا لِلِاحْتِرَازِ مِنْ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ آخَرُ يَقُومُ عَلَيْهِ
[ ص: 425 ] بُرْهَانٌ ، فَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ) ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةَ اعْتِرَاضٍ ; إِذْ فِيهَا تَشْدِيدٌ وَتَأْكِيدٌ ، فَتَكُونَ لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ ، كَقَوْلِكَ : مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ لَا أَحَقَّ بِالْإِسَاءَةِ مِنْهُ ، فَأَسِئْ إِلَيْهِ . وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ هُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=117لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ ) ; هُرُوبًا مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ مِنْ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ دَاعٍ لَهُ بُرْهَانٌ ، فَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ حَذْفُ الْفَاءِ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ ، وَلَا يَجُوزُ إِلَّا فِي الشِّعْرِ ، وَقَدْ خَرَّجْنَاهُ عَلَى الصِّفَةِ اللَّازِمَةِ أَوْ عَلَى الِاعْتِرَاضِ ، وَكِلَاهُمَا تَخْرِيجٌ صَحِيحٌ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ ( أَنَّهُ لَا يُفْلِحُ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ، أَيْ : هُوَ ، فَوُضِعَ الْكَافِرُونَ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ حَمْلًا عَلَى مَعْنَى ( مَنْ ) ، وَالْجُمْهُورُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ، وَخَبَرُ ( حِسَابُهُ ) الظَّرْفُ ، وَأَنَّهُ اسْتِئْنَافٌ ، وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ( يُفَلَّحُ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ ، وَافْتَتَحَ السُّورَةَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=1قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ) ، وَأَوْرَدَ فِي خَاتِمَتِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=117إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) ، فَانْظُرْ تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ الِافْتِتَاحِ وَالِاخْتِتَامِ ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَنْ يَدْعُوَ بِالْغُفْرَانِ وَالرَّحْمَةِ ، وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ ( رَبُّ ) ، بِضَمِّ الْبَاءِ .