nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=48وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=49وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=51إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=56وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير [ ص: 467 ] نزلت إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54إلا البلاغ المبين ) في المنافقين بسبب منافق اسمه
بشر ، دعاه يهودي في خصومة بينهما إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ودعا هو إلى
كعب بن الأشرف فنزلت .
ولما ذكر تعالى دلائل التوحيد أتبع ذلك بذم قوم آمنوا بألسنتهم دون عقائدهم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47ثم يتولى فريق منهم ) عن الإيمان . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47بعد ذلك ) أي بعد قولهم : ( آمنا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47وما أولئك ) إشارة إلى القائلين فينتفي عن جميعهم الإيمان ، أو إلى الفريق المتولي فيكون ما سبق لهم من الإيمان ليس إيمانا إنما كان ادعاء باللسان من غير مواطأة بالقلب . وأفرد الضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=48ليحكم بينهم ) ، وقد تقدم قوله : ( إلى الله ورسوله ) ; لأن حكم الرسول هو عن الله . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : كقولك أعجبني زيد وكرمه ، يريد كرم زيد ، ومنه :
ومنهل من الفلا في أوسطه غلسته قبل القطا وفرطه
أراد قبل فرط القطا ، انتهى . أي قبل تقدم القطا إليه . وقرأ
أبو جعفر : ( ليحكم ) في الموضعين مبنيا للمفعول ، و ( إذا ) الثانية للفجاءة . جواب ( إذا ) الأولى الشرطية ، وهذا أحد الدلائل على أن الجواب لا يعمل في إذا الشرطية خلافا للأكثرين من النحاة ; لأن إذا الفجائية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها . وقد أحكم ذلك في علم النحو . والظاهر أن ( إليه ) متعلق بيأتوا . والضمير في : ( إليه ) عائد على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن يتعلق : ( إليه ) بمذعنين ، قال : لأنه بمعنى مسرعين في الطاعة ، وهذا أحسن ; لتقدم صلته ودلالته على الاختصاص . وقد رددنا عليه ذلك وفيما رجح تهيئة العامل للعمل وقطعه عن العمل ، وهو مما يضعف ، والمعنى أنهم لمعرفتهم أنه ليس معه إلا الحق المر والعدل البحت يزورون عن المحاكمة إليك إذا ركبهم الحق ; لئلا تنزعه منهم بقضائك عليهم لخصومهم ، وإن ثبت لهم الحق على خصم أسرع إليك كلهم ولم يرضوا إلا بحكومتك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون ) ، ( أم ) هنا منقطعة ، والتقدير : بل ارتابوا بل أيخافون ، وهو استفهام توقيف وتوبيخ ; ليقروا بأحد هذه الوجوه التي عليهم في الإقرار بها ما عليهم ، وهذا التوقيف يستعمل في الأمور الظاهرة مما يوبخ به ويذم ، أو مما يمدح به ، وهو بليغ جدا فمن المبالغة في الذم . قول الشاعر :
ألست من القوم الذين تعاهدوا على اللؤم والفحشاء في سالف الدهر
ومن المبالغة في المدح . قول
جرير :
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح
وقسم تعالى جهات صدودهم عن حكومته ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أفي قلوبهم مرض ) أي نفاق وعدم إخلاص . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أم ارتابوا ) أي عرضت لهم الريبة والشك في نبوته بعد أن كانوا مخلصين . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أم يخافون ) أي يعرض لهم الخوف من الحيف في الحكومة ، فيكون ذلك ظلما لهم . ثم استدرك ببل إنهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50هم الظالمون ) .
وقرأ
[ ص: 468 ] علي وابن أبي إسحاق والحسن ( إنما كان قول ) بالرفع ، والجمهور بالنصب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والنصب أقوى ; لأن أولى الاسمين بكونه اسما لكان أوغلهما في التعريف ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=51أن يقولوا ) أوغل ; لأنه لا سبيل عليه للتنكير بخلاف قول المؤمنين . وكان هذا من قبيل ( كان ) في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=35ما كان لله أن يتخذ من ولد ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=16ما يكون لنا أن نتكلم بهذا ) ، انتهى . ونص
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه على أن اسم كان وخبرها إذا كانتا معرفتين فأنت بالخيار في جعل ما شئت منهما الاسم والآخر الخبر ، من غير اعتبار شرط في ذلك ولا اختيار .
وقرأ
أبو جعفر والجحدري وخالد بن إلياس ( ليحكم بينهم ) ، مبنيا للمفعول ، والمفعول الذي لم يسم فاعله هو ضمير المصدر ، أي ( ليحكم ) هو أي الحكم ، والمعنى ليفعل الحكم ( بينهم ) ومثله قولهم : جمع بينهما وألف بينهما ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=54وحيل بينهم ) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ومثله (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=94لقد تقطع بينكم ) فيمن قرأ ( بينكم ) منصوبا أي وقع التقطع بينكم ، انتهى . ولا يتعين ما قاله في الآية ; إذ يجوز أن يكون الفاعل ضميرا يعود على شيء قبله ، وتقدم الكلام في ذلك في موضعه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=51أن يقولوا سمعنا ) أي قول الرسول ، ( وأطعنا ) أي أمره . وقرئ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52ويتقه ) بالإشباع والاختلاس والإسكان . وقرئ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52ويتقه ) بسكون القاف وكسر الهاء من غير إشباع ، أجرى خبر كان المنفصل مجرى المتصل ، فكما يسكن علم فيقال علم كذلك سكن ويتقه ; لأنه تقه كعلم ، وكما قال السالم :
قالت سليمى اشتر لنا سويقا
يريد اشتر لنا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52ومن يطع الله ) في فرائضه ، ( ورسوله ) في سننه ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28يخشى الله ) على ما مضى من ذنوبه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52ويتقه ) فيما يستقبل . وعن بعض الملوك أنه سأل عن آية كافية فتليت له هذه .
ولما بلغ المنافقين ما أنزل تعالى فيهم أتوا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأقسموا إلى آخره أي : ( ليخرجن ) عن ديارهم وأموالهم ونسائهم ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53لئن أمرتهم ) بالجهاد ( ليخرجن ) إليه ، وتقدم الكلام في (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=109جهد أيمانهم ) في الأنعام . ونهاهم تعالى عن قسمهم ; لعلمه تعالى أنه ليس حقا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53طاعة معروفة ) أي : معلومة لا شك فيها ولا يرتاب ، كطاعة الخلص من المؤمنين المطابق باطنهم لظاهرهم ، لا أيمان تقسموا بها بأفواهكم وقلوبكم على خلافها ، أو طاعتكم طاعة معروفة بالقول دون الفعل ، أو طاعة معروفة أمثل وأولى بكم من هذه الأيمان الكاذبة ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . وقال
ابن عطية : يحتمل معاني .
أحدها : النهي عن القسم الكاذب إذ قد عرف أن طاعتهم دغلة رديئة ، فكأنه يقول : لا تغالطوا فقد عرف ما أنتم عليه .
والثاني : لا تتكلفوا القسم طاعة معروفة متوسطة على قدر الاستطاعة أمثل وأجدى عليكم ، وفي هذا الوجه إبقاء عليهم .
والثالث : لا تقنعوا بالقسم طاعة تعرف منكم وتظهر عليكم ، هو المطلوب منكم .
والرابع : لا تقنعوا لأنفسكم بإرضائنا بالقسمة طاعة الله معروفة ، وجهاد عدوه مهيع لائح ، انتهى .
و ( طاعة ) مبتدأ ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53معروفة ) صفة ، والخبر محذوف ، أي أمثل وأولى ، أو خبر مبتدأ محذوف أي أمرنا أو المطلوب (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53طاعة معروفة ) . وقال
أبو البقاء : ولو قرئ بالنصب لكان جائزا في العربية ، وذلك على المصدر أي أطيعوا طاعة ، انتهى . وقدراه بالنصب
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي واليزيدي ، وتقدير بعضهم الرفع على إضمار ولتكن (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53طاعة معروفة ) ضعيف ; لأنه لا يحذف الفعل ويبقى الفاعل ، إلا إذا كان ثم مشعر به ، نحو ( رجال ) بعد ( يسبح ) مبنيا للمفعول ، أي يسبحه رجال ، أو يجاب به نفي نحو : بلى زيد لمن قال : ما جاء أحد . أو استفهام نحو قوله :
ألا هل أتى أم الحويرث مرسل بلى خالد إن لم تعقه العوائق
أي أتاها
خالد . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53إن الله خبير بما تعملون ) أي مطلع على سرائركم ففاضحكم . والتفت من الغيبة إلى الخطاب ; لأنه أبلغ في تبكيتهم .
ولما بكتهم بأنه مطلع على سرائرهم تلطف بهم ; فأمرهم بطاعة الله والرسول ، وهو أمر عام للمنافقين وغيرهم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54فإن تولوا ) أي : فإن تتولوا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54فإنما عليه ) ، أي : على الرسول (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54ما حمل ) وهو التبليغ
[ ص: 469 ] ومكافحة الناس بالرسالة وإعمال الجهد في إنذارهم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وعليكم ما حملتم ) وهو السمع والطاعة واتباع الحق . ثم علق هدايتهم على طاعته فلا يقع إلا بطاعته ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) ، تقدم الكلام على مثل هذه الجملة في المائدة .
روي أن بعض الصحابة شكا جهد مكافحة العدو وما كانوا فيه من الخوف ، وأنهم لا يضعون أسلحتهم ، فنزل (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله الذين آمنوا منكم ) . وروي أنه - عليه الصلاة والسلام - لما قال بعضهم : ما أتى علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : " لا تغبرون إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليس معه حديدة " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : وهذا الوعد وعده الله أمة
محمد - صلى الله عليه وسلم - في التوراة والإنجيل . والخطاب في ( منكم ) للرسول وأتباعه ، و ( من ) للبيان ، أي : الذين هم أنتم وعدهم الله أن ينصر الإسلام على الكفر ويورثهم الأرض ويجعلهم خلفاء . وقوله : ( في الأرض ) ، هي البلاد التي تجاورهم ، وهي جزيرة العرب ، ثم افتتحوا بلاد الشرق والغرب ، ومزقوا ملك الأكاسرة ، وملكوا خزائنهم ، واستولوا على الدنيا . وفي الصحيح : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374498زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها " . قال بعض العلماء : ولذلك اتسع نطاق الإسلام في الشرق والغرب دون اتساعه في الجنوب والشمال . ( قلت ) : ولا سيما في عصرنا هذا بإسلام معظم العالم في المشرق كقبائل الترك ، وفي المغرب كبلاد السودان التكرور والحبشة وبلاد الهند .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55كما استخلف الذين من قبلهم ) أي
بني إسرائيل ، حين أورثهم
مصر والشام بعد هلاك الجبابرة . وقيل : هو ما كان في زمان
داود وسليمان - عليهما السلام - وكان الغالب على الأرض المؤمنون . وقرئ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55كما استخلف ) مبنيا للمفعول . واللام في (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55ليستخلفنهم ) جواب قسم محذوف ، أي : وأقسم (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55ليستخلفنهم ) أو أجرى وعد الله لتحققه مجرى القسم ، فجووب بما يجاوب به القسم . وعلى التقدير حذف القسم بكون معمول ( وعد ) محذوفا ، تقديره استخلافكم وتمكين دينكم . ودل عليه جواب القسم المحذوف . وقال
الضحاك : هذه الآية تتضمن خلافة
أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ; لأنهم أهل الإيمان وعمل الصالحات . وقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374748الخلافة بعدي ثلاثون " انتهى . ويندرج من جرى مجراهم في العدل من استخلف من
قريش ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673كعمر بن عبد العزيز من الأمويين ، والمهتدين بالله في العباسيين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وليمكنن لهم دينهم ) أي : يثبته ويوطده بإظهاره وإعزاز أهله وإذلال الشرك وأهله . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55الذي ارتضى لهم ) صفة مدح جليلة ، وقد بلغت هذه الأمة في تمكين هذا الدين الغاية القصوى ، مما أظهر الله على أيديهم من الفتوح والعلوم التي فاقوا فيها جميع العالم ، من لدن
آدم إلى زمان هذه الملة المحمدية . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وليبدلنهم ) بالتشديد ،
وابن كثير وأبو بكر ،
والحسن وابن محيصن بالتخفيف . وقال
أبو العالية : لما أظهر الله - عز وجل - رسوله - صلى الله عليه وسلم - على جزيرة العرب ، وضعوا السلاح وآمنوا ، ثم قبض الله نبيه - عليه السلام - فكانوا آمنين ، كذلك في إمارة
أبي بكر وعمر وعثمان ، حتى وقعوا فيما وقعوا فيه وكفروا بالنعمة ، فأدخل الله عليهم الخوف فغيروا فغير الله ما بهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني ) الظاهر أنه مستأنف ، فلا موضع له من الإعراب ، كأنه قيل : ما لهم يستخلفون ويؤمنون فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني ) ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . وقال
ابن عطية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني ) فعل مستأنف أي : هم (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني ) ، ويعني بالاستئناف الجملة لا نفس الفعل وحده ، وقاله
الحوفي ، قال : ويجوز أن يكون مستأنفا على طريق الثناء عليهم ، أي : هم (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وإن جعلته حالا عن وعدهم ، أي : وعدهم الله ذلك في حال عبادتهم وإخلاصهم فمحله النصب ، انتهى . وقال
الحوفي قبله . وقال
أبو البقاء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني ) حال من (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55ليستخلفنهم ) ، و ( ليبدلنهم ) ( لا يشركون ) بدل من (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني ) أو حال
[ ص: 470 ] من الفاعل في (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني ) موحدين ، انتهى . والظاهر أنه متى أطلق الكفر كان مقابل الإسلام والإيمان ، وهو ظاهر قول حذيفة ، قال : كان النفاق على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ذهب ولم يبق إلا كفر بعد إيمان . قال
ابن عطية : يحتمل أن يريد كفر هذه النعم إذا وقعت ويكون الفسق على هذا غير مخرج عن الملة . قيل : ظهر في قتلة
عثمان .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55ومن كفر ) يريد كفران النعمة ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=112فكفرت بأنعم الله ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55فأولئك هم الفاسقون ) ، أي هم الكاملون في فسقهم حيث كفروا تلك النعمة العظيمة . والظاهر أن قوله : ( وأقيموا ) التفات من الغيبة إلى الخطاب ، ويحسنه الخطاب في ( منكم ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=56وأقيموا الصلاة ) معطوف على (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) ، وليس ببعيد أن يقع بين المعطوف والمعطوف عليه فاصل وإن طال ; لأن حق المعطوف أن يكون غير المعطوف عليه ، وكررت طاعة الرسول توكيدا لوجوبها ، انتهى .
وقرأ الجمهور ( لا تحسبن ) بتاء الخطاب ، والتقدير ( لا تحسبن ) أيها المخاطب ، ولا يندرج فيه الرسول ، وقالوا : هو خطاب للرسول ، وليس بجيد ; لأن مثل هذا الحسبان لا يتصور وقوعه فيه - عليه السلام - . وقرأ
حمزة وابن عامر " لا يحسبن " بالياء للغيبة ، والتقدير لا يحسبن حاسب ، والرسول لا يندرج في حاسب ، وقالوا : يكون ضمير الفاعل للرسول ; لتقدم ذكره في (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=56وأطيعوا الرسول ) ، قاله
أبو علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري ، وليس بجيد لما ذكرناه في قراءة التاء . وقال
النحاس : ما علمت أحدا من أهل العربية بصريا ولا كوفيا إلا وهو يخطئ قراءة
حمزة ، فمنهم من يقول : هي لحن ; لأنه لم يأت إلا بمفعول واحد ليحسبن ، وممن قال هذا
أبو حاتم ، انتهى . وقال
الفراء : هو ضعيف ، وأجازه على حذف المفعول الثاني ، وهو قول البصريين ، تقديره أنفسهم . و ( معجزين ) المفعول الثاني .
وقال
علي بن سليمان : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57الذين كفروا ) في موضع نصب ، قال : ويكون المعنى ولا يحسبن الكافر (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57الذين كفروا معجزين في الأرض ) . وقال الكوفيون : ( معجزين ) المفعول الأول . و ( في الأرض ) الثاني ، قيل : وهو خطأ ، وذلك لأن ظاهر ( في الأرض ) تعلقه بمعجزين ، فلا يكون مفعولا ثانيا . وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ذلك متبعا قول الكوفيين . فقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57معجزين في الأرض ) هما المفعولان ، والمعنى : لا يحسبن الذين كفروا أحدا يعجز الله في الأرض حتى يطمعوا لهم في مثل ذلك ، وهذا معنى قوي جيد ، انتهى . وقال أيضا : يكون الأصل : لا يحسبنهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57الذين كفروا معجزين ) ، ثم حذف الضمير الذي هو المفعول الأول ، وكان الذي سوغ ذلك أن الفاعل والمفعولين لما كانت كالشيء الواحد اقتنع بذكر اثنين عن ذكر الثالث ، انتهى . وقد رددنا هذا التخريج في آل عمران في قوله : ( لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا ) ، في قراءة من قرأ بياء الغيبة ، وجعل الفاعل (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188الذين يفرحون ) ، وملخصه أنه ليس هذا من الضمائر التي يفسرها ما بعدها ، فلا يتقدر لا يحسبنهم ; إذ لا يجوز ظنه زيد قائما على تقدير رفع زيد بظنه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57ومأواهم النار ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : عطف على (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57لا تحسبن ) ، كأنه قيل الذين كفروا لا يفوتون الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57ومأواهم النار ) ، والمراد بهم المقسمون جهد أيمانهم ، انتهى . وقال صاحب النظم : لا يحتمل أن يكون ( ومأواهم ) متصلا بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ) بل هم مقهورون (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57ومأواهم النار ) انتهى .
واستبعد العطف من حيث إن (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57لا تحسبن ) نهي ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57ومأواهم النار ) جملة خبرية ، فلم يناسب عنده أن يعطف الجملة الخبرية على جملة النهي ; لتباينهما ، وهذا مذهب قوم . ولما أحس
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري بهذا قال : كأنه قيل الذين كفروا لا يفوتون الله ، فتأول جملة النهي بجملة خبرية حتى تقع المناسبة ، والصحيح أن ذلك لا يشترط بل يجوز عطف الجمل على اختلافها بعضا على بعض وإن لم تتحد في النوعية ، وهو
[ ص: 471 ] مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=48وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=49وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=51إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=56وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ [ ص: 467 ] نَزَلَتْ إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) فِي الْمُنَافِقِينَ بِسَبَبِ مُنَافِقٍ اسْمُهُ
بِشْرٌ ، دَعَاهُ يَهُودِيٌّ فِي خُصُومَةٍ بَيْنَهُمَا إِلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَعَا هُوَ إِلَى
كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَنَزَلَتْ .
وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى دَلَائِلَ التَّوْحِيدِ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِذَمِّ قَوْمٍ آمَنُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ دُونَ عَقَائِدِهِمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ ) عَنِ الْإِيمَانِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47بَعْدِ ذَلِكَ ) أَيْ بَعْدِ قَوْلِهِمْ : ( آمَنَّا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47وَمَا أُولَئِكَ ) إِشَارَةٌ إِلَى الْقَائِلِينَ فَيَنْتَفِي عَنْ جَمِيعِهِمُ الْإِيمَانُ ، أَوْ إِلَى الْفَرِيقِ الْمُتَوَلِّي فَيَكُونُ مَا سَبَقَ لَهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ لَيْسَ إِيمَانًا إِنَّمَا كَانَ ادِّعَاءً بِاللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ مُوَاطَأَةٍ بِالْقَلْبِ . وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=48لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ : ( إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) ; لِأَنَّ حُكْمَ الرَّسُولِ هُوَ عَنِ اللَّهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : كَقَوْلِكَ أَعْجَبَنِي زَيْدٌ وَكَرَمُهُ ، يُرِيدُ كَرَمَ زَيْدٍ ، وَمِنْهُ :
وَمَنْهَلٍ مِنَ الْفَلَا فِي أَوْسَطِهْ غَلَّسْتُهُ قَبْلَ الْقَطَا وَفَرَطِهْ
أَرَادَ قَبْلَ فَرْطِ الْقَطَا ، انْتَهَى . أَيْ قَبْلَ تَقَدُّمِ الْقَطَا إِلَيْهِ . وَقَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ : ( لِيُحْكَمَ ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، وَ ( إِذَا ) الثَّانِيَةُ لِلْفُجَاءَةِ . جَوَابُ ( إِذَا ) الْأُولَى الشَّرْطِيَّةِ ، وَهَذَا أَحَدُ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ الْجَوَابَ لَا يَعْمَلُ فِي إِذَا الشَّرْطِيَّةِ خِلَافًا لِلْأَكْثَرِينَ مِنَ النُّحَاةِ ; لِأَنَّ إِذَا الْفُجَائِيَّةَ لَا يَعْمَلُ مَا بَعْدَهَا فِيمَا قَبْلَهَا . وَقَدْ أُحْكِمَ ذَلِكَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ ( إِلَيْهِ ) مُتَعَلِّقٌ بِيَأْتُوا . وَالضَّمِيرُ فِي : ( إِلَيْهِ ) عَائِدٌ عَلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ : ( إِلَيْهِ ) بِمُذْعِنِينَ ، قَالَ : لِأَنَّهُ بِمَعْنَى مُسْرِعِينَ فِي الطَّاعَةِ ، وَهَذَا أَحْسَنُ ; لِتَقَدُّمِ صِلَتِهِ وَدَلَالَتِهِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ . وَقَدْ رَدَدْنَا عَلَيْهِ ذَلِكَ وَفِيمَا رَجَّحَ تَهْيِئَةَ الْعَامِلِ لِلْعَمَلِ وَقَطْعَهُ عَنِ الْعَمَلِ ، وَهُوَ مِمَّا يَضْعُفُ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ لِمَعْرِفَتِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا الْحَقُّ الْمُرُّ وَالْعَدْلُ الْبَحْتُ يَزْوَرُّونَ عَنِ الْمُحَاكَمَةِ إِلَيْكَ إِذَا رَكِبَهُمُ الْحَقُّ ; لِئَلَّا تَنْزِعَهُ مِنْهُمْ بِقَضَائِكَ عَلَيْهِمْ لِخُصُومِهِمْ ، وَإِنْ ثَبَتَ لَهُمُ الْحَقُّ عَلَى خَصْمٍ أَسْرَعَ إِلَيْكَ كُلُّهُمْ وَلَمْ يَرْضَوْا إِلَّا بِحُكُومَتِكَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ ) ، ( أَمْ ) هُنَا مُنْقَطِعَةٌ ، وَالتَّقْدِيرُ : بَلِ ارْتَابُوا بَلْ أَيَخَافُونَ ، وَهُوَ اسْتِفْهَامُ تَوْقِيفٍ وَتَوْبِيخٍ ; لِيُقِرُّوا بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي عَلَيْهِمْ فِي الْإِقْرَارِ بِهَا مَا عَلَيْهِمْ ، وَهَذَا التَّوْقِيفُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ مِمَّا يُوَبَّخُ بِهِ وَيُذَمُّ ، أَوْ مِمَّا يُمْدَحُ بِهِ ، وَهُوَ بَلِيغٌ جِدًّا فَمِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي الذَّمِّ . قَوْلُ الشَّاعِرِ :
أَلَسْتَ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ تَعَاهَدُوا عَلَى اللُّؤْمِ وَالْفَحْشَاءِ فِي سَالِفِ الدَّهْرِ
وَمِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمَدْحِ . قَوْلُ
جَرِيرٍ :
أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا وَأَنْدَى الْعَالَمِينَ بُطُونَ رَاحِ
وَقَسَّمَ تَعَالَى جِهَاتِ صُدُودِهِمْ عَنْ حُكُومَتِهِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) أَيْ نِفَاقٌ وَعَدَمُ إِخْلَاصٍ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أَمِ ارْتَابُوا ) أَيْ عَرَضَتْ لَهُمُ الرِّيبَةُ وَالشَّكُّ فِي نُبُوَّتِهِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا مُخْلِصِينَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أَمْ يَخَافُونَ ) أَيْ يَعْرِضُ لَهُمُ الْخَوْفُ مِنَ الْحَيْفِ فِي الْحُكُومَةِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ ظُلْمًا لَهُمْ . ثُمَّ اسْتَدْرَكَ بِبَلْ إِنَّهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50هُمُ الظَّالِمُونَ ) .
وَقَرَأَ
[ ص: 468 ] عَلِيٌّ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْحَسَنُ ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلُ ) بِالرَّفْعِ ، وَالْجُمْهُورُ بِالنَّصْبِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالنَّصْبُ أَقْوَى ; لِأَنَّ أَوْلَى الِاسْمَيْنِ بِكَوْنِهِ اسْمًا لِكَانَ أَوْغَلُهُمَا فِي التَّعْرِيفِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=51أَنْ يَقُولُوا ) أَوْغَلُ ; لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ لِلتَّنْكِيرِ بِخِلَافِ قَوْلِ الْمُؤْمِنِينَ . وَكَانَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ ( كَانَ ) فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=35مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=16مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا ) ، انْتَهَى . وَنَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ عَلَى أَنَّ اسْمَ كَانَ وَخَبَرَهَا إِذَا كَانَتَا مَعْرِفَتَيْنِ فَأَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي جَعْلِ مَا شِئْتَ مِنْهُمَا الِاسْمَ وَالْآخَرَ الْخَبَرَ ، مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ شَرْطٍ فِي ذَلِكَ وَلَا اخْتِيَارٍ .
وَقَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ وَالْجَحْدَرِيُّ وَخَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ ( لِيُحْكَمَ بَيْنَهُمْ ) ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، وَالْمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ هُوَ ضَمِيرُ الْمَصْدَرِ ، أَيْ ( لِيُحْكَمَ ) هُوَ أَيِ الْحُكْمُ ، وَالْمَعْنَى لِيُفْعَلَ الْحُكْمُ ( بَيْنَهُمْ ) وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ : جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَأَلَّفَ بَيْنَهُمَا ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=54وَحِيلَ بَيْنَهُمْ ) . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَمِثْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=94لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ ) فِيمَنْ قَرَأَ ( بَيْنَكُمْ ) مَنْصُوبًا أَيْ وَقَعَ التَّقَطُّعُ بَيْنَكُمُ ، انْتَهَى . وَلَا يَتَعَيَّنُ مَا قَالَهُ فِي الْآيَةِ ; إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَى شَيْءٍ قَبْلَهُ ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=51أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا ) أَيْ قَوْلَ الرَّسُولِ ، ( وَأَطَعْنَا ) أَيْ أَمْرَهُ . وَقُرِئَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52وَيَتَّقِهِ ) بِالْإِشْبَاعِ وَالِاخْتِلَاسِ وَالْإِسْكَانِ . وَقُرِئَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52وَيَتَّقْهِ ) بِسُكُونِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْهَاءِ مِنْ غَيْرِ إِشْبَاعٍ ، أَجْرَى خَبَرَ كَانَ الْمُنْفَصِلَ مُجْرَى الْمُتَّصِلِ ، فَكَمَا يُسَكَّنُ عَلِمَ فَيُقَالُ عَلْمَ كَذَلِكَ سُكِّنَ وَيَتَّقْهِ ; لِأَنَّهُ تَقِهِ كَعَلِمَ ، وَكَمَا قَالَ السَّالِمُ :
قَالَتْ سُلَيْمَى اشْتَرْ لَنَا سَوِيقًا
يُرِيدُ اشْتَرِ لَنَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ ) فِي فَرَائِضِهِ ، ( وَرَسُولَهُ ) فِي سُنَنِهِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28يَخْشَى اللَّهَ ) عَلَى مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52وَيَتَّقْهِ ) فِيمَا يُسْتَقْبَلُ . وَعَنْ بَعْضِ الْمُلُوكِ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ آيَةٍ كَافِيَةٍ فَتُلِيَتْ لَهُ هَذِهِ .
وَلَمَّا بَلَغَ الْمُنَافِقِينَ مَا أَنْزَلَ تَعَالَى فِيهِمْ أَتَوْا إِلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقْسَمُوا إِلَى آخِرِهِ أَيْ : ( لَيَخْرُجُنَّ ) عَنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ ) بِالْجِهَادِ ( لَيَخْرُجُنَّ ) إِلَيْهِ ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=109جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ) فِي الْأَنْعَامِ . وَنَهَاهُمْ تَعَالَى عَنْ قَسَمِهِمْ ; لِعِلْمِهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَيْسَ حَقًّا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ) أَيْ : مَعْلُومَةٌ لَا شَكَّ فِيهَا وَلَا يُرْتَابُ ، كَطَاعَةِ الْخُلَّصِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُطَابِقِ بَاطِنُهُمْ لِظَاهِرِهِمْ ، لَا أَيْمَانٌ تُقْسِمُوا بِهَا بِأَفْوَاهِكُمْ وَقُلُوبُكُمْ عَلَى خِلَافِهَا ، أَوْ طَاعَتُكُمْ طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ ، أَوْ طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ أَمْثَلُ وَأَوْلَى بِكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَيْمَانِ الْكَاذِبَةِ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ .
أَحَدُهَا : النَّهْيُ عَنِ الْقَسَمِ الْكَاذِبِ إِذْ قَدْ عَرَفَ أَنَّ طَاعَتَهُمْ دَغِلَةٌ رَدِيئَةٌ ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ : لَا تُغَالِطُوا فَقَدْ عَرَفَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ .
وَالثَّانِي : لَا تَتَكَلَّفُوا الْقَسَمَ طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ عَلَى قَدْرِ الِاسْتِطَاعَةِ أَمْثَلُ وَأَجْدَى عَلَيْكُمْ ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إِبْقَاءٌ عَلَيْهِمْ .
وَالثَّالِثُ : لَا تَقْنَعُوا بِالْقَسَمِ طَاعَةٌ تُعْرَفُ مِنْكُمْ وَتَظْهَرُ عَلَيْكُمْ ، هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْكُمْ .
وَالرَّابِعُ : لَا تَقْنَعُوا لِأَنْفُسِكُمْ بِإِرْضَائِنَا بِالْقَسَمَةِ طَاعَةُ اللَّهِ مَعْرُوفَةٌ ، وَجِهَادُ عَدُوِّهِ مَهْيَعٌ لَائِحٌ ، انْتَهَى .
وَ ( طَاعَةٌ ) مُبْتَدَأٌ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53مَعْرُوفَةٌ ) صِفَةٌ ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ أَمْثَلُ وَأَوْلَى ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ أَمْرُنَا أَوِ الْمَطْلُوبُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ) . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : وَلَوْ قُرِئَ بِالنَّصْبِ لَكَانَ جَائِزًا فِي الْعَرَبِيَّةِ ، وَذَلِكَ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ أَطِيعُوا طَاعَةً ، انْتَهَى . وَقَدَّرَاهُ بِالنَّصْبِ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْيَزِيدِيُّ ، وَتَقْدِيرُ بَعْضِهِمُ الرَّفْعُ عَلَى إِضْمَارِ وَلْتَكُنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ) ضَعِيفٌ ; لِأَنَّهُ لَا يُحْذَفُ الْفِعْلُ وَيَبْقَى الْفَاعِلُ ، إِلَّا إِذَا كَانَ ثَمَّ مُشْعِرٌ بِهِ ، نَحْوُ ( رِجَالٌ ) بَعْدَ ( يُسَبَّحُ ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، أَيْ يُسَبِّحُهُ رِجَالٌ ، أَوْ يُجَابُ بِهِ نَفْيٌ نَحْوُ : بَلَى زَيْدٌ لِمَنْ قَالَ : مَا جَاءَ أَحَدٌ . أَوِ اسْتِفْهَامٌ نَحْوُ قَوْلِهِ :
أَلَا هَلْ أَتَى أُمَّ الْحُوَيْرِثِ مُرْسَلٌ بَلَى خَالِدٌ إِنْ لَمْ تَعُقْهُ الْعَوَائِقُ
أَيْ أَتَاهَا
خَالِدٌ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) أَيْ مُطَّلِعٌ عَلَى سَرَائِرِكُمْ فَفَاضِحُكُمْ . وَالْتَفَتَ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ ; لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي تَبْكِيتِهِمْ .
وَلَمَّا بَكَّتَهُمْ بِأَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى سَرَائِرِهِمْ تَلَطَّفَ بِهِمْ ; فَأَمَرَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ ، وَهُوَ أَمْرٌ عَامٌّ لِلْمُنَافِقِينَ وَغَيْرِهِمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54فَإِنْ تَوَلَّوْا ) أَيْ : فَإِنْ تَتَوَلَّوْا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54فَإِنَّمَا عَلَيْهِ ) ، أَيْ : عَلَى الرَّسُولِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54مَا حُمِّلَ ) وَهُوَ التَّبْلِيغُ
[ ص: 469 ] وَمُكَافَحَةُ النَّاسِ بِالرِّسَالَةِ وَإِعْمَالُ الْجُهْدِ فِي إِنْذَارِهِمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ) وَهُوَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَاتِّبَاعُ الْحَقِّ . ثُمَّ عَلَّقَ هِدَايَتَهُمْ عَلَى طَاعَتِهِ فَلَا يَقَعُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) ، تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي الْمَائِدَةِ .
رُوِيَ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ شَكَا جُهْدَ مُكَافَحَةِ الْعَدُوِّ وَمَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ ، وَأَنَّهُمْ لَا يَضَعُونَ أَسْلِحَتَهُمْ ، فَنَزَلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ) . وَرُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا قَالَ بَعْضُهُمْ : مَا أَتَى عَلَيْنَا يَوْمٌ نَأْمَنُ فِيهِ وَنَضَعُ السِّلَاحَ ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " لَا تُغَبِّرُونَ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى يَجْلِسَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ فِي الْمَلَأِ الْعَظِيمِ مُحْتَبِيًا لَيْسَ مَعَهُ حَدِيدَةٌ " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : وَهَذَا الْوَعْدُ وَعَدَهُ اللَّهُ أُمَّةَ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ . وَالْخِطَابُ فِي ( مِنْكُمْ ) لِلرَّسُولِ وَأَتْبَاعِهِ ، وَ ( مِنْ ) لِلْبَيَانِ ، أَيِ : الَّذِينَ هُمْ أَنْتُمْ وَعَدَهُمُ اللَّهُ أَنْ يَنْصُرَ الْإِسْلَامَ عَلَى الْكُفْرِ وَيُورِثَهُمُ الْأَرْضَ وَيَجْعَلَهُمْ خُلَفَاءَ . وَقَوْلُهُ : ( فِي الْأَرْضِ ) ، هِيَ الْبِلَادُ الَّتِي تُجَاوِرُهُمْ ، وَهِيَ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ ، ثُمَّ افْتَتَحُوا بِلَادَ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ ، وَمَزَّقُوا مُلْكَ الْأَكَاسِرَةِ ، وَمَلَكُوا خَزَائِنَهُمْ ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى الدُّنْيَا . وَفِي الصَّحِيحِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374498زُوِيَتْ لِيَ الْأَرْضُ فَأُرِيتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا ، وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا " . قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : وَلِذَلِكَ اتَّسَعَ نِطَاقُ الْإِسْلَامِ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ دُونَ اتِّسَاعِهِ فِي الْجَنُوبِ وَالشَّمَالِ . ( قُلْتُ ) : وَلَا سِيَّمَا فِي عَصْرِنَا هَذَا بِإِسْلَامِ مُعْظَمِ الْعَالَمِ فِي الْمَشْرِقِ كَقَبَائِلِ التُّرْكِ ، وَفِي الْمَغْرِبِ كَبِلَادِ السُّودَانِ التَّكْرُورِ وَالْحَبَشَةِ وَبِلَادِ الْهِنْدِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) أَيْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، حِينَ أَوْرَثَهُمْ
مِصْرَ وَالشَّامَ بَعْدَ هَلَاكِ الْجَبَابِرَةِ . وَقِيلَ : هُوَ مَا كَانَ فِي زَمَانِ
دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَكَانَ الْغَالِبَ عَلَى الْأَرْضِ الْمُؤْمِنُونَ . وَقُرِئَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55كَمَا اسْتُخْلِفَ ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ . وَاللَّامُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ ) جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ : وَأَقْسَمَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ ) أَوْ أَجْرَى وَعْدَ اللَّهِ لِتَحَقُّقِهِ مُجْرَى الْقَسَمِ ، فَجُووِبَ بِمَا يُجَاوَبُ بِهِ الْقَسَمُ . وَعَلَى التَّقْدِيرِ حُذِفَ الْقَسَمُ بِكَوْنِ مَعْمُولِ ( وَعَدَ ) مَحْذُوفًا ، تَقْدِيرُهُ اسْتِخْلَافَكُمْ وَتَمْكِينَ دِينِكُمْ . وَدَلَّ عَلَيْهِ جَوَابُ الْقَسَمِ الْمَحْذُوفِ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : هَذِهِ الْآيَةُ تَتَضَمَّنُ خِلَافَةَ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ; لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْإِيمَانِ وَعَمَلِ الصَّالِحَاتِ . وَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374748الْخِلَافَةُ بَعْدِي ثَلَاثُونَ " انْتَهَى . وَيَنْدَرِجُ مَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ فِي الْعَدْلِ مَنِ اسْتُخْلِفَ مِنْ
قُرَيْشٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْأُمَوِيِّينَ ، وَالْمُهْتَدِينَ بِاللَّهِ فِي الْعَبَّاسِيِّينَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ) أَيْ : يُثَبِّتُهُ وَيُوَطِّدُهُ بِإِظْهَارِهِ وَإِعْزَازِ أَهْلِهِ وَإِذْلَالِ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ) صِفَةُ مَدْحٍ جَلِيلَةٌ ، وَقَدْ بَلَغَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ فِي تَمْكِينِ هَذَا الدِّينِ الْغَايَةَ الْقُصْوَى ، مِمَّا أَظْهَرَ اللَّهُ عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنَ الْفُتُوحِ وَالْعُلُومِ الَّتِي فَاقُوا فِيهَا جَمِيعَ الْعَالَمِ ، مِنْ لَدُنْ
آدَمَ إِلَى زَمَانِ هَذِهِ الْمِلَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ ) بِالتَّشْدِيدِ ،
وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو بَكْرٍ ،
وَالْحَسَنُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ بِالتَّخْفِيفِ . وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ : لَمَّا أَظْهَرَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَضَعُوا السِّلَاحَ وَآمَنُوا ، ثُمَّ قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَكَانُوا آمِنِينَ ، كَذَلِكَ فِي إِمَارَةِ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ ، حَتَّى وَقَعُوا فِيمَا وَقَعُوا فِيهِ وَكَفَرُوا بِالنِّعْمَةِ ، فَأَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْخَوْفَ فَغَيَّرُوا فَغَيَّرَ اللَّهُ مَا بِهِمْ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ ، فَلَا مَوْضِعَ لَهُ مِنَ الْإِعْرَابِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : مَا لَهُمْ يُسْتَخْلَفُونَ وَيُؤَمَّنُونَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي ) ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي ) فِعْلٌ مُسْتَأْنَفٌ أَيْ : هُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي ) ، وَيَعْنِي بِالِاسْتِئْنَافِ الْجُمْلَةَ لَا نَفْسَ الْفِعْلِ وَحْدَهُ ، وَقَالَهُ
الْحَوْفِيُّ ، قَالَ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا عَلَى طَرِيقِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ ، أَيْ : هُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَإِنْ جَعَلْتَهُ حَالًا عَنْ وَعْدِهِمْ ، أَيْ : وَعَدَهُمُ اللَّهُ ذَلِكَ فِي حَالِ عِبَادَتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ فَمَحَلُّهُ النَّصْبُ ، انْتَهَى . وَقَالَ
الْحَوْفِيُّ قَبْلَهُ . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي ) حَالٌ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ ) ، وَ ( لَيُبَدِّلَنَّهُمْ ) ( لَا يُشْرِكُونَ ) بَدَلٌ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي ) أَوْ حَالٌ
[ ص: 470 ] مِنَ الْفَاعِلِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي ) مُوَحِّدِينَ ، انْتَهَى . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَتَى أُطْلِقَ الْكُفْرُ كَانَ مُقَابِلَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : كَانَ النِّفَاقُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ ذَهَبَ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ كُفْرَ هَذِهِ النِّعَمِ إِذَا وَقَعَتْ وَيَكُونُ الْفِسْقُ عَلَى هَذَا غَيْرَ مُخْرِجٍ عَنِ الْمِلَّةِ . قِيلَ : ظَهَرَ فِي قَتَلَةِ
عُثْمَانَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَمَنْ كَفَرَ ) يُرِيدُ كُفْرَانَ النِّعْمَةِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=112فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ، أَيْ هُمُ الْكَامِلُونَ فِي فِسْقِهِمْ حَيْثُ كَفَرُوا تِلْكَ النِّعْمَةَ الْعَظِيمَةَ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : ( وَأَقِيمُوا ) الْتِفَاتٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ ، وَيُحَسِّنُهُ الْخِطَابُ فِي ( مِنْكُمْ ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=56وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ) مَعْطُوفٌ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) ، وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ أَنْ يَقَعَ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَاصِلٌ وَإِنْ طَالَ ; لِأَنَّ حَقَّ الْمَعْطُوفِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ، وَكُرِّرَتْ طَاعَةُ الرَّسُولِ تَوْكِيدًا لِوُجُوبِهَا ، انْتَهَى .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( لَا تَحْسَبَنَّ ) بِتَاءِ الْخِطَابِ ، وَالتَّقْدِيرُ ( لَا تَحْسَبَنَّ ) أَيُّهَا الْمُخَاطَبُ ، وَلَا يَنْدَرِجُ فِيهِ الرَّسُولُ ، وَقَالُوا : هُوَ خِطَابٌ لِلرَّسُولِ ، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ ; لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْحُسْبَانِ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ فِيهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ وَابْنُ عَامِرٍ " لَا يَحْسَبَنَّ " بِالْيَاءِ لِلْغَيْبَةِ ، وَالتَّقْدِيرُ لَا يَحْسَبَنَّ حَاسِبٌ ، وَالرَّسُولُ لَا يَنْدَرِجُ فِي حَاسِبٍ ، وَقَالُوا : يَكُونُ ضَمِيرُ الْفَاعِلِ لِلرَّسُولِ ; لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=56وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) ، قَالَهُ
أَبُو عَلِيٍّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ ، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي قِرَاءَةِ التَّاءِ . وَقَالَ
النَّحَّاسُ : مَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ بَصْرِيًّا وَلَا كُوفِيًّا إِلَّا وَهُوَ يُخَطِّئُ قِرَاءَةَ
حَمْزَةَ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : هِيَ لَحْنٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ إِلَّا بِمَفْعُولٍ وَاحِدٍ لِيَحْسَبَنَّ ، وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا
أَبُو حَاتِمٍ ، انْتَهَى . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : هُوَ ضَعِيفٌ ، وَأَجَازَهُ عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي ، وَهُوَ قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ ، تَقْدِيرُهُ أَنْفُسَهُمْ . وَ ( مُعْجِزِينَ ) الْمَفْعُولُ الثَّانِي .
وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57الَّذِينَ كَفَرُوا ) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ، قَالَ : وَيَكُونُ الْمَعْنَى وَلَا يَحْسَبَنَّ الْكَافِرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ) . وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ : ( مُعْجِزِينَ ) الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ . وَ ( فِي الْأَرْضِ ) الثَّانِي ، قِيلَ : وَهُوَ خَطَأٌ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ظَاهِرَ ( فِي الْأَرْضِ ) تَعَلُّقُهُ بِمُعْجِزِينَ ، فَلَا يَكُونُ مَفْعُولًا ثَانِيًا . وَخَرَّجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ذَلِكَ مُتَّبِعًا قَوْلَ الْكُوفِيِّينَ . فَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ) هُمَا الْمَفْعُولَانِ ، وَالْمَعْنَى : لَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَحَدًا يُعْجِزُ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يَطْمَعُوا لَهُمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ، وَهَذَا مَعْنًى قَوِيٌّ جَيِّدٌ ، انْتَهَى . وَقَالَ أَيْضًا : يَكُونُ الْأَصْلُ : لَا يَحْسَبَنَّهُمُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ ) ، ثُمَّ حَذَفَ الضَّمِيرَ الَّذِي هُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ ، وَكَانَ الَّذِي سَوَّغَ ذَلِكَ أَنَّ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَيْنِ لَمَّا كَانَتْ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ اقْتَنَعَ بِذِكْرِ اثْنَيْنِ عَنْ ذِكْرِ الثَّالِثِ ، انْتَهَى . وَقَدْ رَدَدْنَا هَذَا التَّخْرِيجَ فِي آلِ عِمْرَانَ فِي قَوْلِهِ : ( لَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا ) ، فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِيَاءِ الْغَيْبَةِ ، وَجَعَلَ الْفَاعِلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188الَّذِينَ يَفْرَحُونَ ) ، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ لَيْسَ هَذَا مِنَ الضَّمَائِرِ الَّتِي يُفَسِّرُهَا مَا بَعْدَهَا ، فَلَا يَتَقَدَّرُ لَا يَحْسَبَنَّهُمْ ; إِذْ لَا يَجُوزُ ظَنَّهُ زَيْدٌ قَائِمًا عَلَى تَقْدِيرِ رَفْعِ زَيْدٍ بِظَنَّهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : عُطِفَ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57لَا تَحْسَبَنَّ ) ، كَأَنَّهُ قِيلَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا يَفُوتُونَ اللَّهَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ) ، وَالْمُرَادُ بِهِمُ الْمُقْسِمُونَ جَهْدَ أَيْمَانِهِمُ ، انْتَهَى . وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ( وَمَأْوَاهُمُ ) مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ) بَلْ هُمْ مَقْهُورُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ) انْتَهَى .
وَاسْتُبْعِدَ الْعَطْفُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57لَا تَحْسَبَنَّ ) نَهْيٌ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ) جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ ، فَلَمْ يُنَاسِبْ عِنْدَهُ أَنْ يَعْطِفَ الْجُمْلَةَ الْخَبَرِيَّةَ عَلَى جُمْلَةِ النَّهْيِ ; لِتَبَايُنِهِمَا ، وَهَذَا مَذْهَبُ قَوْمٍ . وَلَمَّا أَحَسَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ بِهَذَا قَالَ : كَأَنَّهُ قِيلَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا يَفُوتُونَ اللَّهَ ، فَتَأَوَّلَ جُمْلَةَ النَّهْيِ بِجُمْلَةٍ خَبَرِيَّةٍ حَتَّى تَقَعَ الْمُنَاسَبَةُ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَجُوزُ عَطْفُ الْجُمَلِ عَلَى اخْتِلَافِهَا بَعْضًا عَلَى بَعْضٍ وَإِنْ لَمْ تَتَّحِدْ فِي النَّوْعِيَّةِ ، وَهُوَ
[ ص: 471 ] مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ .