(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=51ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا ) لما علم تعالى ما كابده الرسول من أذى قومه ، أعلمه أنه تعالى لو أراد لبعث في كل قرية نذيرا فيخفف عنك الأمر ، ولكنه أعظم أجرك وأجلك ; إذ جعل إنذارك عاما للناس كلهم ، وخصك بذلك ليكثر ثوابك ; لأنه على كثرة المجاهدة يكون الثواب ، وليجمع لك حسنات من آمن بك إذ أنت مؤسسها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=52فلا تطع الكافرين ) يعني كفار
قريش ; فإنهم كانوا استمعوا إليه ورغبوا أن يرجع إلى دين آبائهم ويملكونه عليهم ويجمعون له مالا عظيما ، فنهاه تعالى عن طاعتهم حتى يظهر لهم أنه لا رغبة له في شيء من ذلك ، لكن رغبته في الدعاء إلى الله والإيمان به . (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=52وجاهدهم به ) أي القرآن أو بالإسلام أو بالسيف أو بترك طاعتهم ، و ( جهادا ) مصدر وصف بـ ( كبيرا ) ; لأنه يلزمه - عليه السلام - مجاهدة جميع العالم ، فهو جهاد كبير .
و ( مرج ) خلط بينهما أو أفاض أحدهما في الآخر أو أجراهما ; أقوال ، والظاهر أنه يراد بالبحرين الماء الكثير العذب والماء الكثير الملح . وقيل : بحران معينان . فقيل :
بحر فارس ،
وبحر الروم . وقيل : بحر السماء وبحر الأرض يلتقيان في كل عام ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقال
مجاهد : مياه الأنهار الواقعة في البحر الأجاج ، وهذا قريب من القول الأول . قال
ابن عطية : والمقصد بالآية التنبيه على قدرة الله وإتقان خلقه للأشياء ، في أن بث في الأرض مياها عذبة كثيرة من الأنهار والعيون والآبار وجعلها خلال الأجاج ، وجعل الأجاج خلالها فترى البحر قد اكتنفته المياه العذبة في ضفتيه ، ويلقى الماء البحر في الجزائر ونحوها قد اكتنفه الماء الأجاج ، والبرزخ والحجر ما حجز بينهما من الأرض والسد ; قاله
الحسن . ويتمشى هذا على قول من قال : إن ( مرج ) بمعنى أجرى . وقيل : البرزخ البلاد والقفار فلا يختلفان إلا بزوال الحاجز يوم القيامة . قال الأكثرون : الحاجز مانع من قدرة الله . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : فهما مختلطان في مرائي العين منفصلان بقدرة الله ، وسواد البصرة ينحدر الماء العذب منه في دجلة نحو البحر ، ويأتي المد من البحر
[ ص: 507 ] فيلتقيان من غير اختلاط فماء البحر إلى الخضرة الشديدة ، وماء دجلة إلى الحمرة ، فالمستقي يغرف من ماء دجلة عندنا لا يخالطه شيء ، ونيل مصر في فيضه يشق البحر المالح شقا بحيث يبقى نهرا جاريا أحمر في وسط المالح ليستقي الناس منه ، وترى المياه قطعا في وسط البحر المالح فيقولون : هذا ماء ثلج فيسقون منه من وسط البحر .
وقرأ
طلحة وقتيبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ( ملح ) بفتح الميم وكسر اللام ، وكذا في فاطر . قال
أبو حاتم : وهذا منكر في القراءة . وقال
أبو الفتح أراد مالحا وحذف الألف ، كما حذفت من برد ، أي : بارد . وقال
أبو الفضل الرازي في كتاب اللوامح : هي لغة شاذة قليلة . وقيل : أراد مالح فقصره بحذف الألف ، فالمالح جائز في صفة الماء ; لأن الماء يوجد في الضفيان بأن يكون مملوحا من جهة غيره ، ومالحا لغيره ، وإن كان من صفته أن يقال : ماء ملح موصوف بالمصدر ، أي : ماء ذو ملح ، فالوصف بذلك مثل حلف ونضو من الصفات .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=22حجرا محجورا ) ما معناه ؟ ( قلت ) : هي الكلمة التي يقولها المتعوذ ، وقد فسرناها ، وهي هاهنا واقعة على سبيل المجاز ، كأن كل واحد من البحرين متعوذ من صاحبه ويقول له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=22حجرا محجورا ) ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=20لا يبغيان ) ، أي : لا يبغي أحدهما على صاحبه بالممازجة ، فانتفاء البغي ثم كالتعوذ هاهنا جعل كل واحد منهما في صورة الباغي على صاحبه ، فهو يتعوذ منه وهي من أحسن الاستعارات وأشهدها على البلاغة ، انتهى .
والظاهر أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=22حجرا محجورا ) معطوف على (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53برزخا ) عطف المفعول على المفعول ، وكذا أعربه
الحوفي ، وعلى ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري يكون ذلك على إضمار القول المجازي ، أي : ويقولان - أي كل واحد منهما لصاحبه - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=22حجرا محجورا ) .
والظاهر عموم البشر ، وهم بنو آدم ، والبشر ينطلق على الواحد والجمع . وقيل : المراد بالنسب آدم وبالصهر حواء . وقيل : النسب البنون والصهر البنات ، و ( من الماء ) إما النطفة ، وإما أنه أصل خلقة كل حي ، والنسب والصهر يعمان كل قربى بين آدميين ، فالنسب أن يجتمع مع آخر في أب وأم قرب ذلك أو بعد ، والصهر هو نواشج المناكحة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب : النسب ما لا يحل نكاحه ، والصهر قرابة الرضاع . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : الرضاعة من الصهر . وعن علي : الصهر ما يحل نكاحه ، والنسب ما لا يحل نكاحه . وقال
الضحاك : الصهر قرابة الرضاع . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : نزلت في النبي - صلى الله عليه وسلم -
وعلي ; لأنه جمعه معه نسب وصهر . قال
ابن عطية : فاجتماعهما وكادة حرمة إلى يوم القيامة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=54وكان ربك قديرا ) حيث خلق من النطفة الواحدة بشرا نوعين : ذكرا وأنثى .
ولما ذكر دلائل قدرته ، وما امتن به على عباده من غرائب مصنوعاته ، ثبت بذلك أنه المستحق للعبادة ; لنفعه وضره بين فساد عقول المشركين حيث يعبدون الأصنام . والظاهر أن الكافر اسم جنس فيعم . وقيل : هو
أبو جهل والآية نزلت فيه . وقال
عكرمة : الكافر هنا إبليس ، والظهير والمظاهر كالمعين والمعاون ; قاله
مجاهد والحسن وابن زيد ، وفعيل بمعنى مفاعل كثير ، والمعنى أن الكافر يعاون الشيطان على ربه بالعداوة والشريك . وقيل : معناه وكان الذي يفعل هذا الفعل وهو عبادة ما لا ينفع ولا يضر على ربه هينا مهينا ، من قولهم : ظهرت به إذا خلفته خلف ظهرك لا يلتفت إليه ، وهذا نحو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=77أولئك لا خلاق لهم ) الآية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري . وقيل : ( على ربه ) أي : معينا على أولياء الله . وقيل : معينا للمشركين على أن لا يوحد الله . (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=56وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا ) سلى نبيه بذلك ، أي : لا تهتم بهم ، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات ، وإنما أنت رسول تبشر المؤمنين بالجنة وتنذر الكفرة بالنار ، ولست بمطلوب بإيمانهم أجمعين . ثم أمره تعالى أن يحتج عليهم مزيلا لوجوه التهم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57قل ما أسألكم عليه من أجر ) ، أي : لا أطلب مالا ولا نفعا يختص بي . والضمير في ( عليه ) عائد على التبشير والإنذار ، أو على القرآن ، أو على
[ ص: 508 ] إبلاغ الرسالة ، أقوال . والظاهر في ( إلا من شاء ) أنه استثناء منقطع ، وقاله الجمهور . فعلى هذا قيل بعباده لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا فليفعل . وقيل : لكن من أنفق في سبيل الله ومجاهدة أعدائه فهو مسئولي . وقيل : هو متصل على حذف مضاف تقديره : إلا أجر من اتخذ إلى ربه سبيلا ، أي : إلا أجر من آمن ، أي : الأجر الحاصل لي على دعائه إلى الإيمان وقبوله ، لأنه تعالى يأجرني على ذلك . وقيل : إلا أجر من آمن ، يعني بالأجر الإنفاق في سبيل الله ، أي : لا أسألكم أجرا إلا الإنفاق في سبيل الله ، فجعل الإنفاق أجرا . ولما أخبر أنه فطم نفسه عن سؤالهم شيئا أمره تعالى تفويض أمره إليه ، وثقته به ، واعتماده عليه ; فهو المتكفل بنصره وإظهار دينه . ووصف تعالى نفسه بالصفة التي تقتضي التوكل في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58الحى الذى لا يموت ) ; لأن هذا المعنى يختص به تعالى دون كل حي ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=88كل شيء هالك إلا وجهه ) ، وقرأ بعض السلف هذه الآية فقال : لا يصح لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق ، ثم أمره بتنزيهه وتمجيده مقرونا بالثناء عليه ; لأن التنزيه محله اعتقاد القلب ، والمدح محله اللسان الموافق للاعتقاد . وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10368409 " من قال : سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر " . وهي الكلمتان الخفيفتان على اللسان الثقيلتان في الميزان ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58وكفى به بذنوب عباده خبيرا ) ، أراد أنه ليس إليه من أمور عباده شيء آمنوا أم كفروا ، وأنه خبير بأحوالهم ، كاف في جزاء أعمالهم . وفي هذه الجملة تسلية للرسول ووعيد للكافر . وفي بعض الأخبار : كفى بك ظفرا أن يكون عدوك عاصيا ، وهي كلمة يراد بها المبالغة ، تقول : كفى بالعلم جمالا . وكفى بالأدب مالا ، أي : حسبك لا تحتاج معه إلى غيره ; لأنه خبير بأحوالهم ، قادر على مكافأتهم . ولما أمره بالتوكل والتسبيح ، وذكر صفة الحياة الدائمة ذكر ما دل على القدرة التامة ، وهو إيجاد هذا العالم . وتقدم الكلام في نظير هذا الكلام ، واحتمل ( الذى ) أن يكون صفة للحي الذي لا يموت . ويتعين على قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي ( الرحمن ) بالجر ، وأما على قراءة الجمهور ( الرحمن ) ، بالرفع ، فإنه يحتمل أن يكون ( الذى ) صفة للحي و ( الرحمن ) خبر مبتدأ محذوف . ويحتمل أن يكون ( الذى ) مبتدأ و ( الرحمن ) خبره . وأن يكون ( الذى ) خبر مبتدأ محذوف ، و ( الرحمن ) صفة له . أو يكون ( الذى ) منصوبا على إضمار أعني ، ويجوز على مذهب
الأخفش أن يكون ( الرحمن ) مبتدأ . و ( فاسأل ) خبره ، تخريجه على حد قول الشاعر :
وقائلة خولان فانكح فتاتهم
وجوزوا أيضا في ( الرحمن ) أن يكون بدلا من الضمير المستكن في ( استوى ) . والظاهر تعلق به بقوله : ( فاسأل ) ، وبقاء الباء غير مضمنة معنى عن . و ( خبيرا ) من صفات الله كما تقول : لقيت بزيد أسدا ولقيت بزيد البحر ، تريد أنه هو الأسد شجاعة ، والبحر كرما . والمعنى أنه تعالى اللطيف العالم الخبير ، والمعنى ( فاسأل ) الله الخبير بالأشياء العالم بحقائقها . وقال
ابن عطية : و ( خبيرا ) على هذا منصوب إما بوقوع السؤال ، وإما على الحال المؤكدة . كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=91وهو الحق مصدقا ) وليست هذه الحال منتقلة إذ الصفة العلية لا تتغير ، انتهى . وبني هذا الإعراب على أنه كما تقول : لو لقيت فلانا للقيت به البحر كرما ، أي : لقيت منه . والمعنى فاسأل الله عن كل أمر ، وكونه منصوبا على الحال المؤكدة على هذا التقدير لا يصح ، إنما يصح أن يكون مفعولا به ، ويجوز أن تكون الباء بمعنى عن ، أي : ( فاسأل ) عنه ( خبيرا ) ، كما قال الشاعر :
فإن تسألوني بالنساء فإنني بصير بأدواء النساء طبيب
وهو قول
الأخفش nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج . ويكون ( خبيرا ) ليس من صفات الله هنا ، كأنه قيل : اسأل عن الرحمن الخبراء
جبريل والعلماء وأهل الكتب المنزلة ، وإن جعلت ( به ) متعلقا بخبيرا كان المعنى ( فاسأل ) عن الله الخبراء به . وقال
الكلبي : معناه ( فاسأل ) خبيرا به ، و ( به ) يعود إلى ما ذكر من خلق السماوات والأرض
[ ص: 509 ] والاستواء على العرش ، وذلك الخبير هو الله تعالى ; لأنه لا دليل في العقل على كيفية خلق ذلك ، فلا يعلمها إلا الله . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الخبير
جبريل وقدم لرءوس الآي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : الباء في ( به ) صلة سل ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=1سأل سائل بعذاب ) ، كما يكون ( عن ) صلته في نحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=8ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ) ، أو صلة ( خبيرا ) به ، فتجعل ( خبيرا ) مفعولا ، أي : فسل عنه رجلا عارفا يخبرك برحمته ، أو فسل رجلا خبيرا به وبرحمته ، أو فسل بسؤاله خبيرا . كقولك : رأيت به أسدا ، أي : رأيت برؤيته ، والمعنى إن سألته وجدته خبيرا بجعله حالا عن به تريد فسل عنه عالما بكل شيء . وقيل : ( الرحمن ) اسم من أسماء الله مذكور في الكتب المتقدمة ولم يكونوا يعرفونه . فقيل : فسل بهذا الاسم من يخبرك من أهل الكتاب حتى يعرف من ينكره ، ومن ثم كانوا يقولون : ما نعرف الرحمن إلا الذي في اليمامة يعنون مسيلمة ، وكان يقال له رحمن اليمامة ، انتهى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن ) وكانت قريش لا تعرف هذا في أسماء الله غالطت قريش بذلك فقالت : إن محمدا يأمرنا بعبادة رحمن اليمامة ، نزلت (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وإذا قيل لهم ) ، و ( ما ) سؤال عن المجهول ، فيجوز أن يكون سؤالا عن المسمى به ; لأنهم ما كانوا يعرفونه بهذا الاسم ، ويجوز أن يكون سؤالا عن معناه ; لأنه لم يكن مستعملا في كلامهم كما يستعمل الرحيم والرحوم والراحم ، أو لأنهم أنكروا إطلاقه على الله ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . والذي يظهر أنهم لما قيل لهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60اسجدوا للرحمن ) فذكرت الصفة المقتضية للمبالغة في الرحمة ، والكلمة عربية لا ينكر وضعها ، أظهروا التجاهل بهذه الصفة التي لله مغالطة منهم ووقاحة فقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وما الرحمن ) ، وهم عارفون به وبصفته الرحمانية ، وهذا كما قال فرعون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=23وما رب العالمين ) حين قال له
موسى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=104إنى رسول من رب العالمين ) ، على سبيل المناكرة ، وهو عالم برب العالمين . كما قال
موسى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=102لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر ) فكذلك كفار قريش استفهموا عن الرحمن استفهام من يجهله ، وهم عالمون به ، فعلى قول من قال : لم يكونوا يعرفون الرحمن إلا مسيلمة ، وعلى قول من قال : من لا يعرفون الرحمن إلا
مسيلمة . فالمعنى أنسجد
لمسيلمة ، وعلى قول من قال : لا يعرفون الرحمن بالكلية فالمعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60أنسجد لما تأمرنا ) من غير علم ببيانه . والقائل ( اسجدوا ) الرسول أو الله على لسان رسوله . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=13705والأسود بن يزيد وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " يأمر " بالياء من تحت ، أي : يأمرنا
محمد ، والكناية عنه أو المسمى الرحمن ولا نعرفه . وقرأ باقي السبعة بالتاء خطابا للرسول . ومفعول ( تأمرنا ) الثاني محذوف لدلالة الكلام عليه ، تقديره يأمرنا سجوده نحو قولهم : أمرتك الخير . ( وزادهم ) أي : هذا القول ، وهو الأمر بالسجود للرحمن ، ( زادهم ) ضلالا يختص به مع ضلالهم السابق ، وكان حقه أن يكون باعثا على فعل السجود والقبول . وقال
الضحاك : سجد
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي nindex.php?page=showalam&ids=5559وعثمان بن مظعون وعمرو ابن غلسة ، فرآهم المشركون فأخذوا في ناحية المسجد يستهزئون ، فهذا المراد بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وزادهم نفورا ) ، ومعنى ( نفورا ) : فرارا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=51وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا ) لَمَّا عَلِمَ تَعَالَى مَا كَابَدَهُ الرَّسُولُ مِنْ أَذَى قَوْمِهِ ، أَعْلَمَهُ أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ لَبَعَثَ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا فَيُخَفِّفَ عَنْكَ الْأَمْرَ ، وَلَكِنَّهُ أَعْظَمَ أَجْرَكَ وَأَجَلَّكَ ; إِذْ جَعَلَ إِنْذَارَكَ عَامًّا لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ ، وَخَصَّكَ بِذَلِكَ لِيَكْثُرَ ثَوَابُكَ ; لِأَنَّهُ عَلَى كَثْرَةِ الْمُجَاهَدَةِ يَكُونُ الثَّوَابُ ، وَلِيَجْمَعَ لَكَ حَسَنَاتِ مَنْ آمَنَ بِكَ إِذْ أَنْتَ مُؤَسِّسُهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=52فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ ) يَعْنِي كُفَّارَ
قُرَيْشٍ ; فَإِنَّهُمْ كَانُوا اسْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَرَغِبُوا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ وَيُمَلِّكُونَهُ عَلَيْهِمْ وَيَجْمَعُونَ لَهُ مَالًا عَظِيمًا ، فَنَهَاهُ تَعَالَى عَنْ طَاعَتِهِمْ حَتَّى يُظْهِرَ لَهُمْ أَنَّهُ لَا رَغْبَةَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، لَكِنَّ رَغْبَتَهُ فِي الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=52وَجَاهِدْهُمْ بِهِ ) أَيِ الْقُرْآنِ أَوْ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِالسَّيْفِ أَوْ بِتَرْكِ طَاعَتِهِمْ ، وَ ( جِهَادًا ) مَصْدَرٌ وُصِفَ بِـ ( كَبِيرًا ) ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُجَاهَدَةُ جَمِيعِ الْعَالَمِ ، فَهُوَ جِهَادٌ كَبِيرٌ .
وَ ( مَرَجَ ) خَلَطَ بَيْنَهُمَا أَوْ أَفَاضَ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ أَوْ أَجْرَاهُمَا ; أَقْوَالٌ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرَادُ بِالْبَحْرَيْنِ الْمَاءُ الْكَثِيرُ الْعَذْبُ وَالْمَاءُ الْكَثِيرُ الْمِلْحُ . وَقِيلَ : بَحْرَانِ مُعَيَّنَانِ . فَقِيلَ :
بَحْرُ فَارِسَ ،
وَبَحْرُ الرُّومِ . وَقِيلَ : بَحْرُ السَّمَاءِ وَبَحْرُ الْأَرْضِ يَلْتَقِيَانِ فِي كُلِّ عَامٍ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : مِيَاهُ الْأَنْهَارِ الْوَاقِعَةُ فِي الْبَحْرِ الْأُجَاجِ ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَالْمَقْصِدُ بِالْآيَةِ التَّنْبِيهُ عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ وَإِتْقَانِ خَلْقِهِ لِلْأَشْيَاءِ ، فِي أَنْ بَثَّ فِي الْأَرْضِ مِيَاهًا عَذْبَةً كَثِيرَةً مِنَ الْأَنْهَارِ وَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ وَجَعَلَهَا خِلَالَ الْأُجَاجِ ، وَجَعَلَ الْأُجَاجَ خِلَالَهَا فَتَرَى الْبَحْرَ قَدِ اكْتَنَفَتْهُ الْمِيَاهُ الْعَذْبَةُ فِي ضَفَّتَيْهِ ، وَيُلْقَى الْمَاءُ الْبَحْرُ فِي الْجَزَائِرِ وَنَحْوِهَا قَدِ اكْتَنَفَهُ الْمَاءُ الْأُجَاجُ ، وَالْبَرْزَخُ وَالْحِجْرُ مَا حَجَزَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْأَرْضِ وَالسَّدِّ ; قَالَهُ
الْحَسَنُ . وَيَتَمَشَّى هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّ ( مَرَجَ ) بِمَعْنَى أَجْرَى . وَقِيلَ : الْبَرْزَخُ الْبِلَادُ وَالْقِفَارُ فَلَا يَخْتَلِفَانِ إِلَّا بِزَوَالِ الْحَاجِزِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . قَالَ الْأَكْثَرُونَ : الْحَاجِزُ مَانِعٌ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : فَهُمَا مُخْتَلِطَانِ فِي مَرَائِي الْعَيْنِ مُنْفَصِلَانِ بِقُدْرَةِ اللَّهِ ، وَسَوَادُ الْبَصْرَةِ يَنْحَدِرُ الْمَاءُ الْعَذْبُ مِنْهُ فِي دِجْلَةَ نَحْوَ الْبَحْرِ ، وَيَأْتِي الْمَدُّ مِنَ الْبَحْرِ
[ ص: 507 ] فَيَلْتَقِيَانِ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَاطٍ فَمَاءُ الْبَحْرِ إِلَى الْخُضْرَةِ الشَّدِيدَةِ ، وَمَاءُ دِجْلَةَ إِلَى الْحُمْرَةِ ، فَالْمُسْتَقِي يَغْرِفُ مِنْ مَاءِ دِجْلَةَ عِنْدَنَا لَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ ، وَنِيلُ مِصْرَ فِي فَيْضِهِ يَشُقُّ الْبَحْرَ الْمَالِحَ شَقًّا بِحَيْثُ يَبْقَى نَهْرًا جَارِيًا أَحْمَرَ فِي وَسَطِ الْمَالِحِ لِيَسْتَقِيَ النَّاسُ مِنْهُ ، وَتُرَى الْمِيَاهُ قِطَعًا فِي وَسَطِ الْبَحْرِ الْمَالِحِ فَيَقُولُونَ : هَذَا مَاءٌ ثَلِجٌ فَيَسْقُونَ مِنْهُ مِنْ وَسَطِ الْبَحْرِ .
وَقَرَأَ
طَلْحَةُ وَقُتَيْبَةُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيِّ ( مَلِحٌ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ ، وَكَذَا فِي فَاطِرٍ . قَالَ
أَبُو حَاتِمٍ : وَهَذَا مُنْكَرٌ فِي الْقِرَاءَةِ . وَقَالَ
أَبُو الْفَتْحِ أَرَادَ مَالِحًا وَحَذَفَ الْأَلِفَ ، كَمَا حُذِفَتْ مِنْ بَرَدٍ ، أَيْ : بَارِدٌ . وَقَالَ
أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ فِي كِتَابِ اللَّوَامِحِ : هِيَ لُغَةٌ شَاذَّةٌ قَلِيلَةٌ . وَقِيلَ : أَرَادَ مَالِحٌ فَقَصَرَهُ بِحَذْفِ الْأَلِفِ ، فَالْمَالِحُ جَائِزٌ فِي صِفَةِ الْمَاءِ ; لِأَنَّ الْمَاءَ يُوجَدُ فِي الضِّفْيَانِ بِأَنْ يَكُونَ مَمْلُوحًا مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ ، وَمَالِحًا لِغَيْرِهِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ صِفَتِهِ أَنْ يُقَالَ : مَاءٌ مِلْحٌ مَوْصُوفٌ بِالْمَصْدَرِ ، أَيْ : مَاءٌ ذُو مِلْحٍ ، فَالْوَصْفُ بِذَلِكَ مِثْلُ حِلْفٍ وَنِضْوٍ مِنَ الصِّفَاتِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=22حِجْرًا مَحْجُورًا ) مَا مَعْنَاهُ ؟ ( قُلْتُ ) : هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي يَقُولُهَا الْمُتَعَوِّذُ ، وَقَدْ فَسَّرْنَاهَا ، وَهِيَ هَاهُنَا وَاقِعَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ مُتَعَوِّذٌ مِنْ صَاحِبِهِ وَيَقُولُ لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=22حِجْرًا مَحْجُورًا ) ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=20لَا يَبْغِيَانِ ) ، أَيْ : لَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْمُمَازَجَةِ ، فَانْتِفَاءُ الْبَغْيِ ثَمَّ كَالتَّعَوُّذِ هَاهُنَا جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي صُورَةِ الْبَاغِي عَلَى صَاحِبِهِ ، فَهُوَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُ وَهِيَ مِنْ أَحْسَنِ الِاسْتِعَارَاتِ وَأَشْهَدِهَا عَلَى الْبَلَاغَةِ ، انْتَهَى .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=22حِجْرًا مَحْجُورًا ) مَعْطُوفٌ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53بَرْزَخًا ) عَطْفَ الْمَفْعُولِ عَلَى الْمَفْعُولِ ، وَكَذَا أَعْرَبَهُ
الْحَوْفِيُّ ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ الْمَجَازِيِّ ، أَيْ : وَيَقُولَانِ - أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=22حِجْرًا مَحْجُورًا ) .
وَالظَّاهِرُ عُمُومُ الْبَشَرِ ، وَهُمْ بَنُو آدَمَ ، وَالْبَشَرُ يَنْطَلِقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ . وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالنَّسَبِ آدَمُ وَبِالصِّهْرِ حَوَّاءُ . وَقِيلَ : النَّسَبُ الْبَنُونَ وَالصِّهْرُ الْبَنَاتُ ، وَ ( مِنَ الْمَاءِ ) إِمَّا النُّطْفَةُ ، وَإِمَّا أَنَّهُ أَصْلُ خِلْقَةِ كُلِّ حَيٍّ ، وَالنَّسَبُ وَالصِّهْرُ يَعُمَّانِ كُلَّ قُرْبَى بَيْنَ آدَمِيَّيْنِ ، فَالنَّسَبُ أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَ آخَرَ فِي أَبٍ وَأُمٍّ قَرُبَ ذَلِكَ أَوْ بَعُدَ ، وَالصِّهْرُ هُوَ نَوَاشِجُ الْمُنَاكَحَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : النَّسَبُ مَا لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ ، وَالصِّهْرُ قَرَابَةُ الرَّضَاعِ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٍ : الرَّضَاعَةُ مِنَ الصِّهْرِ . وَعَنْ عَلِيٍّ : الصِّهْرُ مَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ ، وَالنَّسَبُ مَا لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : الصِّهْرُ قَرَابَةُ الرَّضَاعِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنُ سِيرِينَ : نَزَلَتْ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَعَلِيٍّ ; لِأَنَّهُ جَمَعَهُ مَعَهُ نَسَبٌ وَصِهْرٌ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : فَاجْتِمَاعُهُمَا وَكَادَةُ حُرْمَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=54وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ) حَيْثُ خَلَقَ مِنَ النُّطْفَةِ الْوَاحِدَةِ بَشَرًا نَوْعَيْنِ : ذَكَرًا وَأُنْثَى .
وَلَمَّا ذَكَرَ دَلَائِلَ قُدْرَتِهِ ، وَمَا امْتَنَّ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ غَرَائِبِ مَصْنُوعَاتِهِ ، ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ ; لِنَفْعِهِ وَضُرِّهِ بَيْنَ فَسَادِ عُقُولِ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافِرَ اسْمُ جِنْسٍ فَيَعُمُّ . وَقِيلَ : هُوَ
أَبُو جَهْلٍ وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِيهِ . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : الْكَافِرُ هَنَا إِبْلِيسُ ، وَالظَّهِيرُ وَالْمَظَاهِرُ كَالْمُعِينِ وَالْمُعَاوِنِ ; قَالَهُ
مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ زَيْدٍ ، وَفَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفَاعِلٍ كَثِيرٌ ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكَافِرَ يُعَاوِنُ الشَّيْطَانَ عَلَى رَبِّهِ بِالْعَدَاوَةِ وَالشَّرِيكِ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ وَكَانَ الَّذِي يَفْعَلُ هَذَا الْفِعْلَ وَهُوَ عِبَادَةُ مَا لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ عَلَى رَبِّهِ هَيِّنًا مَهِينًا ، مِنْ قَوْلِهِمْ : ظَهَرْتُ بِهِ إِذَا خَلَّفْتَهُ خَلْفَ ظَهْرِكَ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ ، وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=77أُوْلَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ ) الْآيَةَ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ . وَقِيلَ : ( عَلَى رَبِّهِ ) أَيْ : مُعِينًا عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ . وَقِيلَ : مُعِينًا لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى أَنْ لَا يُوَحَّدَ اللَّهُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=56وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) سَلَّى نَبِيَّهُ بِذَلِكَ ، أَيْ : لَا تَهْتَمَّ بِهِمْ ، وَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ، وَإِنَّمَا أَنْتَ رَسُولٌ تُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْجَنَّةِ وَتُنْذِرُ الْكَفَرَةَ بِالنَّارِ ، وَلَسْتَ بِمَطْلُوبٍ بِإِيمَانِهِمْ أَجْمَعِينَ . ثُمَّ أَمَرَهُ تَعَالَى أَنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ مُزِيلًا لِوُجُوهِ التُّهَمِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ) ، أَيْ : لَا أَطْلُبُ مَالًا وَلَا نَفْعًا يَخْتَصُّ بِي . وَالضَّمِيرُ فِي ( عَلَيْهِ ) عَائِدٌ عَلَى التَّبْشِيرِ وَالْإِنْذَارِ ، أَوْ عَلَى الْقُرْآنِ ، أَوْ عَلَى
[ ص: 508 ] إِبْلَاغِ الرِّسَالَةِ ، أَقْوَالٌ . وَالظَّاهِرُ فِي ( إِلَّا مَنْ شَاءَ ) أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ ، وَقَالَهُ الْجُمْهُورُ . فَعَلَى هَذَا قِيلَ بِعِبَادِهِ لَكِنْ مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا فَلْيَفْعَلْ . وَقِيلَ : لَكِنْ مَنْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمُجَاهَدَةِ أَعْدَائِهِ فَهُوَ مَسْئُولِي . وَقِيلَ : هُوَ مُتَّصِلٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ : إِلَّا أَجْرَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ، أَيْ : إِلَّا أَجْرَ مَنْ آمَنَ ، أَيِ : الْأَجْرَ الْحَاصِلَ لِي عَلَى دُعَائِهِ إِلَى الْإِيمَانِ وَقَبُولِهِ ، لِأَنَّهُ تَعَالَى يَأْجُرُنِي عَلَى ذَلِكَ . وَقِيلَ : إِلَّا أَجْرَ مَنْ آمَنَ ، يَعْنِي بِالْأَجْرِ الْإِنْفَاقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَيْ : لَا أَسْأَلُكُمْ أَجْرًا إِلَّا الْإِنْفَاقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَجَعَلَ الْإِنْفَاقَ أَجْرًا . وَلَمَّا أَخْبَرَ أَنَّهُ فَطَمَ نَفْسَهُ عَنْ سُؤَالِهِمْ شَيْئًا أَمَرَهُ تَعَالَى تَفْوِيضَ أَمْرِهِ إِلَيْهِ ، وَثِقَتَهُ بِهِ ، وَاعْتِمَادَهُ عَلَيْهِ ; فَهُوَ الْمُتَكَفِّلُ بِنَصْرِهِ وَإِظْهَارِ دِينِهِ . وَوَصَفَ تَعَالَى نَفْسَهُ بِالصِّفَةِ الَّتِي تَقْتَضِي التَّوَكُّلَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58الْحَىِّ الَّذِى لَا يَمُوتُ ) ; لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى يَخْتَصُّ بِهِ تَعَالَى دُونَ كُلِّ حَيٍّ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=88كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) ، وَقَرَأَ بَعْضُ السَّلَفِ هَذِهِ الْآيَةَ فَقَالَ : لَا يَصِحُّ لِذِي عَقْلٍ أَنْ يَثِقَ بَعْدَهَا بِمَخْلُوقٍ ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِتَنْزِيهِهِ وَتَمْجِيدِهِ مَقْرُونًا بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ التَّنْزِيهَ مَحَلُّهُ اعْتِقَادُ الْقَلْبِ ، وَالْمَدْحَ مَحَلُّهُ اللِّسَانُ الْمُوَافِقُ لِلِاعْتِقَادِ . وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10368409 " مَنْ قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ " . وَهِيَ الْكَلِمَتَانِ الْخَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ الثَّقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ) ، أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ إِلَيْهِ مِنْ أُمُورِ عِبَادِهِ شَيْءٌ آمَنُوا أَمْ كَفَرُوا ، وَأَنَّهُ خَبِيرٌ بِأَحْوَالِهِمْ ، كَافٍ فِي جَزَاءِ أَعْمَالِهِمْ . وَفِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ تَسْلِيَةٌ لِلرَّسُولِ وَوَعِيدٌ لِلْكَافِرِ . وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ : كَفَى بِكَ ظَفَرًا أَنْ يَكُونَ عَدُوُّكَ عَاصِيًا ، وَهِيَ كَلِمَةٌ يُرَادُ بِهَا الْمُبَالَغَةُ ، تَقُولُ : كَفَى بِالْعِلْمِ جَمَالًا . وَكَفَى بِالْأَدَبِ مَالًا ، أَيْ : حَسْبُكَ لَا تَحْتَاجُ مَعَهُ إِلَى غَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ خَبِيرٌ بِأَحْوَالِهِمْ ، قَادِرٌ عَلَى مُكَافَأَتِهِمْ . وَلَمَّا أَمَرَهُ بِالتَّوَكُّلِ وَالتَّسْبِيحِ ، وَذَكَرَ صِفَةَ الْحَيَاةِ الدَّائِمَةِ ذَكَرَ مَا دَلَّ عَلَى الْقُدْرَةِ التَّامَّةِ ، وَهُوَ إِيجَادُ هَذَا الْعَالَمِ . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي نَظِيرِ هَذَا الْكَلَامِ ، وَاحْتَمَلَ ( الَّذِى ) أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ . وَيَتَعَيَّنُ عَلَى قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ ( الرَّحْمَنِ ) بِالْجَرِّ ، وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ ( الرَّحْمَنُ ) ، بِالرَّفْعِ ، فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ( الَّذِى ) صِفَةً لِلْحَيِّ وَ ( الرَّحْمَنُ ) خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ( الَّذِى ) مُبْتَدَأً وَ ( الرَّحْمَنُ ) خَبَرَهُ . وَأَنْ يَكُونَ ( الَّذِى ) خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، وَ ( الرَّحْمَنُ ) صِفَةً لَهُ . أَوْ يَكُونَ ( الَّذِى ) مَنْصُوبًا عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي ، وَيَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ
الْأَخْفَشِ أَنْ يَكُونَ ( الرَّحْمَنُ ) مُبْتَدَأً . وَ ( فَاسْأَلْ ) خَبَرَهُ ، تَخْرِيجُهُ عَلَى حَدِّ قَوْلِ الشَّاعِرِ :
وَقَائِلَةٍ خَوْلَانَ فَانْكِحْ فَتَاتَهُمْ
وَجَوَّزُوا أَيْضًا فِي ( الرَّحْمَنُ ) أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ فِي ( اسْتَوَى ) . وَالظَّاهِرُ تَعَلَّقَ بِهِ بِقَوْلِهِ : ( فَاسْأَلْ ) ، وَبَقَاءُ الْبَاءِ غَيْرَ مُضَمَّنَةٍ مَعْنَى عَنْ . وَ ( خَبِيرًا ) مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ كَمَا تَقُولُ : لَقِيتُ بِزَيْدٍ أَسَدًا وَلَقِيتُ بِزَيْدٍ الْبَحْرَ ، تُرِيدُ أَنَّهُ هُوَ الْأَسَدُ شَجَاعَةً ، وَالْبَحْرُ كَرَمًا . وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى اللَّطِيفُ الْعَالِمُ الْخَبِيرُ ، وَالْمَعْنَى ( فَاسْأَلْ ) اللَّهَ الْخَبِيرَ بِالْأَشْيَاءِ الْعَالِمَ بِحَقَائِقِهَا . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَ ( خَبِيرًا ) عَلَى هَذَا مَنْصُوبٌ إِمَّا بِوُقُوعِ السُّؤَالِ ، وَإِمَّا عَلَى الْحَالِ الْمُؤَكِّدَةِ . كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=91وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا ) وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْحَالُ مُنْتَقِلَةً إِذِ الصِّفَةُ الْعَلِيَّةُ لَا تَتَغَيَّرُ ، انْتَهَى . وَبُنِيَ هَذَا الْإِعْرَابُ عَلَى أَنَّهُ كَمَا تَقُولُ : لَوْ لَقِيتَ فُلَانًا لَلَقِيتَ بِهِ الْبَحْرَ كَرَمًا ، أَيْ : لَقِيتَ مِنْهُ . وَالْمَعْنَى فَاسْأَلِ اللَّهَ عَنْ كُلِّ أَمْرِ ، وَكَوْنُهُ مَنْصُوبًا على الْحَالِ الْمُؤَكِّدَةِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَصِحُّ ، إِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى عَنْ ، أَيْ : ( فَاسْأَلْ ) عَنْهُ ( خَبِيرًا ) ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
فَإِنْ تَسْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ فَإِنَّنِي بَصِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ
وَهُوَ قَوْلُ
الْأَخْفَشِ nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجِ . وَيَكُونَ ( خَبِيرًا ) لَيْسَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ هُنَا ، كَأَنَّهُ قِيلَ : اسْأَلْ عَنِ الرَّحْمَنِ الْخُبَرَاءَ
جِبْرِيلَ وَالْعُلَمَاءَ وَأَهْلَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ ، وَإِنْ جَعَلْتَ ( بِهِ ) مُتَعَلِّقًا بِخَبِيرًا كَانَ الْمَعْنَى ( فَاسْأَلْ ) عَنِ اللَّهِ الْخُبَرَاءَ بِهِ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : مَعْنَاهُ ( فَاسْأَلْ ) خَبِيرًا بِهِ ، وَ ( بِهِ ) يَعُودُ إِلَى مَا ذُكِرَ مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
[ ص: 509 ] وَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ ، وَذَلِكَ الْخَبِيرُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى ; لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِي الْعَقْلِ عَلَى كَيْفِيَّةِ خَلْقِ ذَلِكَ ، فَلَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : الْخَبِيرُ
جِبْرِيلُ وَقُدِّمَ لِرُءُوسِ الْآيِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الْبَاءُ فِي ( بِهِ ) صِلَةُ سَلْ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=1سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ ) ، كَمَا يَكُونُ ( عَنْ ) صِلَتَهُ فِي نَحْوِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=8ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) ، أَوْ صِلَةُ ( خَبِيرًا ) بِهِ ، فَتَجْعَلُ ( خَبِيرًا ) مَفْعُولًا ، أَيْ : فَسَلْ عَنْهُ رَجُلًا عَارِفًا يُخْبِرْكَ بِرَحْمَتِهِ ، أَوْ فَسَلْ رَجُلًا خَبِيرًا بِهِ وَبِرَحْمَتِهِ ، أَوْ فَسَلْ بِسُؤَالِهِ خَبِيرًا . كَقَوْلِكَ : رَأَيْتُ بِهِ أَسَدًا ، أَيْ : رَأَيْتُ بِرُؤْيَتِهِ ، وَالْمَعْنَى إِنْ سَأَلْتَهُ وَجَدْتَهُ خَبِيرًا بِجَعْلِهِ حَالًا عَنْ بِهِ تُرِيدُ فَسَلْ عَنْهُ عَالِمًا بِكُلِّ شَيْءٍ . وَقِيلَ : ( الرَّحْمَنُ ) اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ مَذْكُورٌ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهُ . فَقِيلَ : فَسَلْ بِهَذَا الِاسْمِ مَنْ يُخْبِرُكَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْرَفَ مَنْ يُنْكِرُهُ ، وَمِنْ ثَمَّ كَانُوا يَقُولُونَ : مَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إِلَّا الَّذِي فِي الْيَمَامَةِ يَعْنُونَ مُسَيْلِمَةَ ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ رَحْمَنُ الْيَمَامَةِ ، انْتَهَى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ ) وَكَانَتْ قُرَيْشٌ لَا تَعْرِفُ هَذَا فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ غَالَطَتْ قُرَيْشٌ بِذَلِكَ فَقَالَتْ : إِنَّ مُحَمَّدًا يَأْمُرُنَا بِعِبَادَةِ رَحْمَنِ الْيَمَامَةِ ، نَزَلَتْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ) ، وَ ( مَا ) سُؤَالٌ عَنِ الْمَجْهُولِ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالًا عَنِ الْمُسَمَّى بِهِ ; لِأَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَعْرِفُونَهُ بِهَذَا الِاسْمِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالًا عَنْ مَعْنَاهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَعْمَلًا فِي كَلَامِهِمْ كَمَا يُسْتَعْمَلُ الرَّحِيمُ وَالرَّحُومُ وَالرَّاحِمُ ، أَوْ لِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا إِطْلَاقَهُ عَلَى اللَّهِ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ . وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمْ لَمَّا قِيلَ لَهُمُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ ) فَذُكِرَتِ الصِّفَةُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الرَّحْمَةِ ، وَالْكَلِمَةُ عَرَبِيَّةٌ لَا يُنْكَرُ وَضْعُهَا ، أَظْهَرُوا التَّجَاهُلَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الَّتِي لِلَّهِ مُغَالَطَةً مِنْهُمْ وَوَقَاحَةً فَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وَمَا الرَّحْمَنُ ) ، وَهُمْ عَارِفُونَ بِهِ وَبِصِفَتِهِ الرَّحْمَانِيَّةِ ، وَهَذَا كَمَا قَالَ فِرْعَوْنُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=23وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ) حِينَ قَالَ لَهُ
مُوسَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=104إِنَّى رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ، عَلَى سَبِيلِ الْمُنَاكَرَةِ ، وَهُوَ عَالِمٌ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ . كَمَا قَالَ
مُوسَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=102لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ ) فَكَذَلِكَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ اسْتَفْهَمُوا عَنِ الرَّحْمَنِ اسْتِفْهَامَ مَنْ يَجْهَلُهُ ، وَهُمْ عَالِمُونَ بِهِ ، فَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ : لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ الرَّحْمَنَ إِلَّا مُسَيْلِمَةَ ، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ : مَنْ لَا يَعْرِفُونَ الرَّحْمَنَ إِلَّا
مُسَيْلِمَةَ . فَالْمَعْنَى أَنَسْجَدُ
لِمُسَيْلِمَةَ ، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ : لَا يَعْرِفُونَ الرَّحْمَنَ بِالْكُلِّيَّةِ فَالْمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا ) مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِبَيَانِهِ . وَالْقَائِلُ ( اسْجُدُوا ) الرَّسُولُ أَوِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=13705وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ " يَأْمُرُ " بِالْيَاءِ مِنْ تَحْتُ ، أَيْ : يَأْمُرُنَا
مُحَمَّدٌ ، وَالْكِنَايَةُ عَنْهُ أَوِ الْمُسَمَّى الرَّحْمَنَ وَلَا نَعْرِفُهُ . وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ بِالتَّاءِ خِطَابًا لِلرَّسُولِ . وَمَفْعُولُ ( تَأْمُرُنَا ) الثَّانِي مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ ، تَقْدِيرُهُ يَأْمُرُنَا سُجُودَهُ نَحْوَ قَوْلِهِمْ : أَمَرْتُكَ الْخَيْرَ . ( وَزَادَهُمْ ) أَيْ : هَذَا الْقَوْلُ ، وَهُوَ الْأَمْرُ بِالسُّجُودِ لِلرَّحْمَنِ ، ( زَادَهُمْ ) ضَلَالًا يَخْتَصُّ بِهِ مَعَ ضَلَالِهِمُ السَّابِقِ ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ بَاعِثًا عَلَى فِعْلِ السُّجُودِ وَالْقَبُولِ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : سَجَدَ
أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=5559وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَعَمْرُو ابْنُ غَلَسَةَ ، فَرَآهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَأَخَذُوا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ يَسْتَهْزِئُونَ ، فَهَذَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وَزَادَهُمْ نُفُورًا ) ، وَمَعْنَى ( نُفُورًا ) : فِرَارًا .