(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=46قال ياقوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=47قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=50ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=53وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=54ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=55أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=56فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=57فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=58وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أم ما يشركون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=62أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=63أم من يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=64أم من يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=65قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=66بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=67وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=68لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=69قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=70ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=71ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=72قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=73وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=74وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=75وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=76إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=77وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=79فتوكل على الله إنك على الحق المبين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=80إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=53وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=83ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=84حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أماذا كنتم تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=85ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=86ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=87ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=89من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=90ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=92وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون ) .
[ ص: 81 ] والحديقة : البستان ، كان عليه جدار أو لم يكن . الحاجز : الفاصل بين الشيئين . الفوج : الجماعة . الجمود : سكون الشيء وعدم حركته . الإتقان : الإتيان بالشيء على أحسن حالاته من الكمال والإحكام في الخلق ، وهو مشتق من قول العرب : تقنوا أرضهم إذا أرسلوا فيها الماء الخاثر بالتراب فتجود ، والتقن : ما رمي به الماء في الغدير ، وهو الذي يجيء به الماء من الخثورة . كببت الرجل : ألقيته لوجهه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=46قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=47قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=50ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=53وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ) .
[ ص: 82 ] ثمود هي عاد الأولى ،
وصالح أخوهم في النسب . لما ذكر قصة
موسى وداود وسليمان ، وهم من
بني إسرائيل ، ذكر قصة من هو من العرب ، يذكر بها قريشا والعرب ، وينبههم أن من تقدم من الأنبياء من العرب كان يدعو إلى إفراد الله - تعالى - بالعبادة ، ليعلموا أنهم في عبادة الأصنام على ضلالة ، وأن شأن الأنبياء عربهم وعجمهم هو الدعاء إلى عبادة الله ، و " أن " في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45أن اعبدوا ) يجوز أن تكون مفسرة ؛ لأن (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45أرسلنا ) تتضمن معنى القول ، ويجوز أن تكون مصدرية ، أي بأن اعبدوا ، فحذف حرف الجر ، فعلى الأول لا موضع لها من الإعراب ، وعلى الثاني ففي موضعها خلاف ، أهو في موضع نصب أم في موضع جر ؟ والظاهر أن الضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45فإذا هم ) عائد على (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45ثمود ) وأن قومه انقسموا فريقين : مؤمنا وكافرا ، وقد جاء ذلك مفسرا في سورة الأعراف في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=75قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أريد بالفريقين :
صالح وقومه قبل أن يؤمن منهم أحد . انتهى . فجعل الفريق الواحد هو صالح ، والفريق الآخر قومه ، وإذا هنا هي الفجائية ، وعطف بالفاء التي تقتضي التعقيب لا المهلة ، فكان المعنى : أنهم بادروا بالاختصام ، متعقبا دعاء صالح إياهم إلى عبادة الله . وجاء (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45يختصمون ) على المعنى ؛ لأن الفريقين جمع ، فإن كان الفريقان من آمن ومن كفر ، فالجمعية حاصلة في كل فريق ، ويدل على أن فريق المؤمن جمع قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=76إنا بالذي آمنتم به كافرون ) فقال : آمنتم ، وهو ضمير الجمع . وإن كان الفريق المؤمن هو صالح وحده ، فإنه قد انضم إلى قومه ، والمجموع جمع ، وأوثر يختصمون على يختصمان ، وإن كان من حيث التثنية جائزا فصيحا ؛ لأنه مقطع فصل ، واختصاصهم دعوى كل فريق أن الحق معه ، وقد ذكر الله تخاصمهم في سورة الأعراف .
ثم تلطف
صالح بقومه ورفق بهم في الخطاب فقال مناديا لهم على جهة التحنن عليهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=46لم تستعجلون بالسيئة ) أي بوقوع ما يسوءكم قبل الحالة الحسنة ، وهي رحمة الله . وكان قد قال لهم في حديث الناقة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=73ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم ) فقالوا له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=29ائتنا بعذاب الله ) . وقيل : لم تستعجلون بوقوع المعاصي منكم قبل الطاعة ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : ما معنى استعجالهم بالسيئة قبل الحسنة ؟ وإنما يكون ذلك إذا كانتا متوقعتين إحداهما قبل الأخرى ؟ ( قلت ) : كانوا يقولون بجهلهم : إن العقوبة التي يعدنا
صالح ، إن وقعت على زعمه ، تبنا حينئذ واستغفرنا ، مقدرين أن التوبة مقبولة في ذلك الوقت ، وإن لم تقع ، فنحن على ما نحن عليه ، فخاطبهم
صالح - عليه السلام - على حسب قولهم واعتقادهم . انتهى . ثم حضهم على ما فيه درء السيئة عنهم ، وهو الإيمان واستغفار الله مما سبق من الكفر ، وناط ذلك بترجي الرحمة ، ولم يجزم بأنه يترتب على استغفارهم . وكان في التحضيض تنبيه على الخطأ منهم في استعجال العقوبة ، وتجهيل لهم في اعتقادهم .
ولما لاطفهم في الخطاب أغلظوا له وقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=47اطيرنا بك وبمن معك ) أي تشاءمنا بك وبالذين آمنوا معك . ودل هذا العطف على أن الفريقين كانوا مؤمنين وكافرين لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=47وبمن معك ) وكانوا قد قحطوا . وتقدم الكلام في معنى التطير في سورة الأعراف ، جعلوا سبب قحطهم هو ذات
صالح ومن آمن معه ، فرد عليهم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=47طائركم عند الله ) أي حظكم في الحقيقة من خير أو شر هو عند الله وبقضائه ، إن شاء رزقكم ، وإن شاء حرمكم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يريد عملكم مكتوب عند الله ، فمنه نزل بكم ما نزل عقوبة لكم وفتنة ، ومنه " طائركم معكم " ، وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه " . وقرئ : تطيرنا بك على الأصل ، ومعنى تطير به : تشاءم به ، وتطير
[ ص: 83 ] منه : نفر عنه . انتهى . ثم انتقل إلى الإخبار عنهم بحالهم فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=47بل أنتم قوم تفتنون ) أي تختبرون ، أو تعذبون ، أو يفتنكم الشيطان بوسوسته إليكم الطيرة ، أو تفتنون بشهواته : أي تشفعون بها ، كما يقال : فتن فلان بفلان . وقال الشاعر :
داء قديم في بني آدم فتنة إنسان بإنسان
وهذه أقوال يحتملها لفظ تفتنون ، وجاء تفتنون بتاء الخطاب على مراعاة أنتم ، وهو الكثير في لسان العرب . ويجوز يفتنون بياء الغيبة على مراعاة لفظ " قوم " ، وهو قليل . تقول العرب : أنت رجل تأمر بالمعروف ، بتاء الخطاب وبياء الغيبة . والمدينة مجتمع ثمود وقريتهم ، وهي
الحجر . وذكر المفسرون أسماء التسعة ، وفي بعضها اختلاف ، ورأسهم :
قدار بن سالف ، وأسماؤهم لا تنضبط بشكل ولا تتعين ، فلذلك ضربنا صفحا عن ذكرها ، وكانوا عظماء القرية وأغنياءها وفساقها . والرهط : من الثلاثة إلى العشرة ، والنفر : من الثلاثة إلى التسعة ، واتفق المفسرون على أن المعنى : تسعة رجال . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إنما جاز تمييز التسعة بالرهط لأنه في معنى الجماعة ، فكأنه قيل : تسعة أنفس . انتهى . وتقدير غيره : تسعة رجال هو الأولى ؛ لأنه من حيث أضاف إلى أنفس كان ينبغي أن يقول : تسع أنفس ، على تأنيث النفس ، إذ الفصيح فيها التأنيث . ألا تراهم عدوا من الشذوذ قول الشاعر :
ثلاثـة أنفس وثـلاث ذود
فأدخل التاء في ثلاثة ؛ وكان الفصيح أن يقول : ثلاث أنفس . وقال
أبو عبد الله الرازي : الأقرب أن يكون المراد تسعة جمع ، إذ الظاهر من الرهط الجماعة لا الواحد ، ثم يحتمل أنهم كانوا قبائل ، ويحتمل أنهم دخلوا تحت العدد ، لاختلاف صفاتهم وأحوالهم ، لا لاختلاف أجناسهم . انتهى . قيل : والرهط اسم الجماعة ، وكأنهم كانوا رؤساء ، مع كل واحد منهم رهط . وقال
الكرماني : وأصله من الترهيط ، وهو تعظيم اللقم وشدة الأكل . انتهى . ورهط : اسم جمع ، واتفقوا على أن فصله بمن هو الفصيح كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=260فخذ أربعة من الطير ) . واختلفوا في جواز إضافة العدد إليه ، فذهب
الأخفش إلى أنه لا ينقاس ، وما ورد من الإضافة إليه فهو على سبيل الندور . وقد صرح
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أنه لا يقال : ثلاث غنم ، وذهب قوم إلى أنه يجوز ذلك وينقاس ، وهو مع ذلك قليل ، وفصل قوم بين أن يكون اسم الجمع للقليل ، كرهط ونفر وذود ، فيجوز أن يضاف إليه ، أو للتكثير ، أو يستعمل لهما ، فلا تجوز إضافته إليه ، وهو قول
المازني ، وقد أطلنا الكلام في هذه المسألة في ( شرح التسهيل ) .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48يفسدون ) صفة " لتسعة رهط " ، والمعنى : أنهم يفسدون الفساد العظيم الذي لا يخالطه شيء من الإصلاح ، فلذلك قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48ولا يصلحون ) ؛ لأن بعض من يقع منه إفساد قد يقع منه إصلاح في بعض الأحيان . وقرأ الجمهور : " تقاسموا " ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى : تقسموا ، بغير ألف وتشديد السين ، وكلاهما من القسم والتقاسم والتقسيم ، كالتظاهر والتظهير . والظاهر أن قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49تقاسموا ) فعل أمر محكي بالقول ، وهو قول الجمهور ، أشار بعضهم على بعض بالحلف على تبييت صالح . وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وابن عطية أن يكون تقاسموا فعلا ماضيا في موضع الحال ، أي قالوا متقاسمين . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : " تقاسموا " يحتمل أن يكون أمرا وخبرا على محل الحال بإضمار قد ، أي قالوا : متقاسمين . انتهى . أما قوله : وخبرا ، فلا يصح ؛ لأن الخبر هو أحد قسمي الكلام ، إذ هو منقسم إلى الخبر والإنشاء ، وجميع معانيه إذا حققت راجعة إلى هذين القسمين . وقال بعد ذلك وقرئ " لنبيتنه " بالياء والتاء والنون ، فتقاسموا مع النون والتاء يصح فيه الوجهان ، يعني فيه : أي في تقاسموا بالله ، والوجهان هما الأمر والخبر عنده . قال : ومع الياء لا يصح إلا أن يكون خبرا . انتهى . والتقييد بالحال ليس إلا من باب نسبة التقييد ، لا من نسبة الكلام التي هي الإسناد ، فإذا أطلق عليها الخبر ، كان ذلك على تقدير أنها لو لم تكن حالا لجاز أن
[ ص: 84 ] تستعمل خبرا ، وكذلك قولهم في الجملة الواقعة قبله صلة أنها خبرية هو مجاز ، والمعنى : أنها لو لم تكن صلة ، لجاز أن تستعمل خبرا ، وهذا شيء فيه غموض ، ولا يحتاج إلى الإضمار ، فقد كثر وقوع الماضي حالا بغير قد كثرة ينبغي القياس عليها . وعلى هذا الإعراب ، احتمل أن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49بالله ) متعلقا بتقاسموا الذي هو حال ، فهو من صلته ليس داخلا تحت القول . والمقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49لنبيتنه ) وما بعده احتمل أن يكون هو وما بعده هو المقول .
وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49لنبيتنه وأهله ثم لنقولن ) بالنون فيهما ،
والحسن ، و
حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : بتاء خطاب الجمع ؛
ومجاهد ،
وابن وثاب ،
وطلحة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : بياء الغيبة ، والفعلان مسندان للجمع ؛
وحميد بن قيس : بياء الغيبة في الأول مسندا للجمع ، أي " ليبيتنه " ، أي قوم منا ، وبالنون في الثاني ، أي جميعنا ما يقول لوليه ، والبيات : مباغتة العدو . وعن
الإسكندر أنه أشير عليه بالبيات فقال : ليس من عادة الملوك استراق الظفر ، ووليه : طالب ثأره إذا قتل . وقرأ الجمهور : مهلك ، بضم الميم وفتح اللام من أهلك . وقرأ
حفص : مهلك ، بفتح الميم وكسر اللام ،
وأبو بكر : بفتحهما . فأما القراءة الأولى فتحتمل المصدر والزمان والمكان ، أي ما شهدنا إهلاك أهله ، أو زمان إهلاكهم ، أو مكان إهلاكهم . ويلزم من هذين أنهم إذا لم يشهدوا الزمان ولا المكان أن لا يشهدوا الإهلاك . وأما القراءة الثانية فالقياس يقتضي أن يكون للزمان والمكان ، أي ما شهدنا زمان هلاكهم ولا مكانه . والثالثة : تقتضي القياس أن يكون مصدرا ، أي ما شهدنا هلاكه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقد ذكروا القراءات الثلاثة ، قال : ويحتمل المصدر والزمان والمكان . انتهى . والظاهر في الكلام حذف معطوف يدل عليه ما قبله ، والتقدير : ما شهدنا مهلك أهله ومهلكه ، ودل عليه قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49لنبيتنه وأهله ) وما روي أنهم كانوا عزموا على قتله وقتل أهله ، وحذف مثل هذا المعطوف جائز في الفصيح ، كقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81سرابيل تقيكم الحر " ، أي والبرد ، وقال الشاعر :
فما كان بين الخير لو جاء سالما أبو حجر إلا ليال قلائل
أي بين الخير وبيني ، ويكون قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49وإنا لصادقون ) كذبا في الإخبار ، أوهموا قومهم أنهم إذا قتلوه وأهله سرا ، ولم يشعر بهم أحد ، وقالوا تلك المقالة ، أنهم صادقون وهم كاذبون . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : كيف يكونون صادقين وقد جحدوا ما فعلوا فأتوا بالخبر على خلاف المخبر عنه ؟ ( قلت ) : كأنهم اعتقدوا إذا بيتوا صالحا وبيتوا أهله ، فجمعوا بين البياتين ، ثم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49ما شهدنا مهلك أهله ) فذكروا أحدهما كانوا صادقين ، فإنهم فعلوا البياتين جميعا لا أحدهما . وفي هذا دليل قاطع على أن الكذب
[ ص: 85 ] قبيح عند الكفرة الذين لا يعرفون الشرع ونواهيه ، ولا يخطر ببالهم . ألا ترى أنهم قصدوا قتل نبي الله ، ولم يروا لأنفسهم أن يكونوا كاذبين حتى سووا الصدق في أنفسهم حيلة ينقصون بها عن الكذب ؟ انتهى .
والعجب من هذا الرجل كيف يتحيل هذه الحيل في جعل إخبارهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49وإنا لصادقون ) إخبارا بالصدق ؟ وهو يعلم أنهم كذبوا صالحا ، وعقروا الناقة التي كانت من أعظم الآيات ، وأقدموا على قتل نبي وأهله ؟ ولا يجوز عليهم الكذب ، وهو يتلو في كتاب الله كذبهم على أنبيائهم . ونص الله ذلك ، وكذبهم على من لا تخفى عليه خافية (
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=9يوم تبلى السرائر ) وهو قولهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=23والله ربنا ما كنا مشركين ) وقول الله - تعالى - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=24انظر كيف كذبوا على أنفسهم ) وإنما هذا منه تحريف لكلام الله - تعالى - ، حتى ينصر مذهبه في قوله : إن الكذب قبيح عند الكفرة ، ويتحيل لهم هذا التحيل حتى يجعلهم صادقين في إخبارهم . وهذا الرجل ، وإن كان أوتي من علم القرآن أوفر حظ ، وجمع بين اختراع المعنى وبراعة اللفظ . ففي كتابه في التفسير أشياء منتقدة ، وكنت قريبا من تسطير هذه الأحرف قد نظمت قصيدا في شغل الإنسان نفسه بكتاب الله ، واستطردت إلى مدح كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، فذكرت شيئا من محاسنه ، ثم نبهت على ما فيه مما يجب تجنبه ، ورأيت إثبات ذلك هنا لينتفع بذلك من يقف على كتابي هذا ويتنبه على ما تضمنه من القبائح ( فقلت ) بعد ذكر ما مدحته به :
ولكنه فيه مجال لناقد وزلات سوء قد أخذن المخانقا
فيثبت موضوع الأحاديث جاهلا ويعزو إلى المعصوم ما ليس لائقا
ويشتم أعلام الأئمة ضلة ولا سيما إن أولجوه المضايقا
ويسهب في المعنى الوجيز دلالة بتكثير ألفاظ تسمى الشقاشقا
يقول فيها الله ما ليس قائلا وكان محبا في الخطابة وامقا
ويخطئ في تركيبه لكلامه فليس لما قد ركبوه موافقا
وينسب إبداء المعاني لنفسه ليوهم أغمارا وإن كان سارقا
ويخطئ في فهم القرآن لأنه يجوز إعرابا أبى أن يطابقا
وكم بين من يؤتى البيان سليقة وآخر عاناه فما هو لاحقا
ويحتال للألفاظ حتى يديرها لمذهب سوء فيه أصبح مارقا
فيا خسره شيخا تخرق صيته مغارب تخريق الصبا ومشارقا
لئن لم تداركه من الله رحمة لسوف يرى للكافرين مرافقا
ومكرهم : ما أخفوه من تدبير الفتك
بصالح وأهله . ومكر الله : إهلاكهم من حيث لا يشعرون ، شبه بمكر الماكر على سبيل الاستعارة ، ومكرهم : إيهامهم أنهم مسافرون واختفاؤهم في غار . قيل : أو شعب ، أو عزمهم على قتله وقتل أهله ، وحلفهم أنهم ما حضروا ذلك . ومكر الله بهم : إطباق صخرة على فم الغار والشعب وإهلاكهم فيه ، أو رمي الملائكة إياهم بالحجارة ، يرونها ولا يرون الرامي حين شهروا أسيافهم بالليل ليقتلوه ، قولان . وقيل : إن الله أخبر
صالحا بمكرهم فيخرج عنه ، فذلك مكر الله في حقهم . وروي أن
صالحا ، بعد عقر الناقة ، أخبرهم بمجيء العذاب بعد ثلاثة أيام ، فاتفق هؤلاء التسعة على قتل
صالح وأهله ليلا وقالوا : إن كان كاذبا في وعيده ، كنا قد أوقعنا به ما يستحق ؛ وإن كان صادقا ، كنا قد عجلناه قبلنا وشفينا نفوسنا . واختفوا في غار ، وأهلكهم الله ، كما تقدم ذكره ، وأهلك قومهم ، ولم يشعر كل فريق بهلاك الآخر . والظاهر أن " كيف " خبر كان ، و " عاقبة " الاسم ، والجملة في موضع نصب بانظر ، وهي معلقة ، وقرأ
[ ص: 86 ] الجمهور : " إنا " بكسر الهمزة على الاستئناف . وقرأ
الحسن ،
وابن أبي إسحاق ، والكوفيون : بفتحها ، فـ " أنا " بدل من " عاقبة " ، أو خبر لكان ، ويكون في موضع الحال ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أي هي ، أي العاقبة تدميرهم . أو يكون التقدير : لأنا ، وحذف حرف الجر . وعلى كلتا القراءتين يجوز أن يكون ( كان ) تامة و (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51عاقبة ) فاعل بها ، وأن تكون زائدة وعاقبة مبتدأ خبره (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51كيف ) . وقرأ
أبي : أن دمرناهم ، وهي " أن " التي من شأنها أن تنصب المضارع ، ويجوز فيها الأوجه الجائزة في " أنا " - بفتح الهمزة . وحكى
أبو البقاء : أن بعضهم أجاز في " أنا دمرناهم " في قراءة من فتح الهمزة أن تكون بدلا من كيف ، قال : وقال آخرون : لا يجوز ، لأن البدل من الاستفهام يلزم فيه إعادة حرفه ، كقوله : كيف زيد ، أصحيح أم مريض ؟
ولما أمر - تعالى - بالنظر فيما جرى لهم من الهلاك في أنفسهم ، بين ذلك بالإشارة إلى منازلهم وكيف خلت منهم ، وخراب البيوت وخلوها من أهلها ، حتى لا يبقى منهم أحد مما يعاقب به الظلمة ؛ إذ يدل ذلك على استئصالهم . وفي التوراة : ابن
آدم لا تظلم يخرب بيتك ، وهو إشارة إلى هلاك الظالم ؛ إذ خراب بيته متعقب هلاكه ، وهذه البيوت هي التي قال فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ، عام
تبوك :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374764 " لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين " ، الحديث . وقرأ الجمهور : " خاوية " ، بالنصب على الحال . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : عمل فيها ما دل عليه تلك . وقرأ
عيسى بن عمر : خاوية ، بالرفع . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : على خبر المبتدأ المحذوف ، وقاله
ابن عطية ، أي هي خاوية ، قال : أو على الخبر عن تلك ، وبيوتهم بدل ، أو على خبر ثان ، و " خاوية " خبرية بسبب ظلمهم ، وهو الكفر ، وهو من خلو البطن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : خاوية ، أي ساقط أعلاها على أسفلها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52إن في ذلك ) أي في فعلنا
بثمود ، وهو استئصالنا لهم بالتدمير ، وخلاء مساكنهم منهم ، وبيوتهم هي بوادي القرى بين
المدينة والشام .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=53وأنجينا الذين آمنوا ) أي
بصالح من العذاب الذي حل بالكفار ، وكان الذين آمنوا به أربعة آلاف ، خرج بهم
صالح إلى
حضرموت ، وسميت
حضرموت لأن
صالحا - عليه السلام - لما دخلها مات بها ، وبنى المؤمنون بها مدينة يقال لها : حاضورا . وأما الهالكون فخرج بأبدانهم خراج مثل الحمص ، احمر في اليوم الأول ، ثم اصفر في الثاني ، ثم اسود في الثالث ، وكان عقر الناقة يوم الأربعاء ، وهلكوا يوم الأحد . قال
مقاتل : تفتقت تلك الخراجات ، وصاح
جبريل - عليه السلام - بهم صيحة فخمدوا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=46قَالَ يَاقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=47قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=50وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=53وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=54وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=55أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=56فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=57فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=58وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=62أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=63أَمْ مَنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=64أَمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=65قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=66بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=67وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=68لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=69قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=70وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=71وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=72قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=73وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=74وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=75وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=76إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=77وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=79فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=80إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=53وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=83وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=84حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=85وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=86أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=87وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=89مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=90وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=92وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) .
[ ص: 81 ] وَالْحَدِيقَةُ : الْبُسْتَانُ ، كَانَ عَلَيْهِ جِدَارٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ . الْحَاجِزُ : الْفَاصِلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ . الْفَوْجُ : الْجَمَاعَةُ . الْجُمُودُ : سُكُونُ الشَّيْءِ وَعَدَمُ حَرَكَتِهِ . الْإِتْقَانُ : الْإِتْيَانُ بِالشَّيْءِ عَلَى أَحْسَنِ حَالَاتِهِ مِنَ الْكَمَالِ وَالْإِحْكَامِ فِي الْخَلْقِ ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ : تَقِنُوا أَرْضَهُمْ إِذَا أَرْسَلُوا فِيهَا الْمَاءَ الْخَاثِرَ بِالتُّرَابِ فَتَجُودُ ، وَالتِّقْنِ : مَا رُمِيَ بِهِ الْمَاءُ فِي الْغَدِيرِ ، وَهُوَ الَّذِي يَجِيءُ بِهِ الْمَاءُ مِنَ الْخُثُورَةِ . كَبَبْتُ الرَّجُلَ : أَلْقَيْتَهُ لِوَجْهِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=46قَالَ يَا قَوْم لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=47قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=50وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=53وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) .
[ ص: 82 ] ثَمُودُ هِيَ عَادٌ الْأُولَى ،
وَصَالِحٌ أَخُوهُمْ فِي النَّسَبِ . لَمَّا ذَكَرَ قِصَّةَ
مُوسَى وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ ، وَهُمْ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، ذَكَرَ قِصَّةَ مَنْ هُوَ مِنَ الْعَرَبِ ، يُذَكِّرُ بِهَا قُرَيْشًا وَالْعَرَبَ ، وَيُنَبِّهُهُمْ أَنَّ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْعَرَبِ كَانَ يَدْعُو إِلَى إِفْرَادِ اللَّهِ - تَعَالَى - بِالْعِبَادَةِ ، لِيَعْلَمُوا أَنَّهُمْ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ عَلَى ضَلَالَةٍ ، وَأَنَّ شَأْنَ الْأَنْبِيَاءِ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ هُوَ الدُّعَاءُ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ ، وَ " أَنْ " فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45أَنِ اعْبُدُوا ) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُفَسِّرَةً ؛ لِأَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45أَرْسَلْنَا ) تَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْقَوْلِ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً ، أَيْ بِأَنِ اعْبُدُوا ، فَحُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ ، وَعَلَى الثَّانِي فَفِي مَوْضِعِهَا خِلَافٌ ، أَهْوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ أَمْ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45فَإِذَا هُمْ ) عَائِدٌ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45ثَمُودَ ) وَأَنَّ قَوْمَهُ انْقَسَمُوا فَرِيقَيْنِ : مُؤْمِنًا وَكَافِرًا ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=75قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينِ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنُ مِنْهُمْ ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أُرِيدَ بِالْفَرِيقَيْنِ :
صَالِحٌ وَقَوْمُهُ قَبْلَ أَنْ يُؤْمِنَ مِنْهُمْ أَحَدٌ . انْتَهَى . فَجَعَلَ الْفَرِيقَ الْوَاحِدَ هُوَ صَالِحٌ ، وَالْفَرِيقَ الْآخَرَ قَوْمَهُ ، وَإِذَا هُنَا هِيَ الْفُجَائِيَّةُ ، وَعَطَفَ بِالْفَاءِ الَّتِي تَقْتَضِي التَّعْقِيبَ لَا الْمُهْلَةَ ، فَكَانَ الْمَعْنَى : أَنَّهُمْ بَادَرُوا بِالِاخْتِصَامِ ، مُتَعَقِّبًا دُعَاءَ صَالِحٍ إِيَّاهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ . وَجَاءَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=45يَخْتَصِمُونَ ) عَلَى الْمَعْنَى ؛ لِأَنَّ الْفَرِيقَيْنِ جَمْعٌ ، فَإِنْ كَانَ الْفَرِيقَانِ مَنْ آمَنَ وَمَنْ كَفَرَ ، فَالْجَمْعِيَّةُ حَاصِلَةٌ فِي كُلِّ فَرِيقٍ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَرِيقَ الْمُؤْمِنِ جَمْعٌ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=76إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ) فَقَالَ : آمَنْتُمْ ، وَهُوَ ضَمِيرُ الْجَمْعِ . وَإِنْ كَانَ الْفَرِيقُ الْمُؤْمِنُ هُوَ صَالِحٌ وَحْدَهُ ، فَإِنَّهُ قَدِ انْضَمَّ إِلَى قَوْمِهِ ، وَالْمَجْمُوعُ جَمْعٌ ، وَأُوثِرَ يَخْتَصِمُونَ عَلَى يَخْتَصِمَانِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ التَّثْنِيَةِ جَائِزًا فَصِيحًا ؛ لِأَنَّهُ مَقْطَعُ فَصْلٍ ، وَاخْتِصَاصُهُمْ دَعْوَى كُلِّ فَرِيقٍ أَنَّ الْحَقَّ مَعَهُ ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَخَاصُمَهُمْ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ .
ثُمَّ تَلَطَّفَ
صَالِحٌ بِقَوْمِهِ وَرَفَقَ بِهِمْ فِي الْخِطَابِ فَقَالَ مُنَادِيًا لَهُمْ عَلَى جِهَةِ التَّحَنُّنِ عَلَيْهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=46لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ ) أَيْ بِوُقُوعِ مَا يَسُوءُكُمْ قَبْلَ الْحَالَةِ الْحَسَنَةِ ، وَهِيَ رَحْمَةُ اللَّهِ . وَكَانَ قَدْ قَالَ لَهُمْ فِي حَدِيثِ النَّاقَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=73وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) فَقَالُوا لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=29ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ ) . وَقِيلَ : لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِوُقُوعِ الْمَعَاصِي مِنْكُمْ قَبْلَ الطَّاعَةِ ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : مَا مَعْنَى اسْتِعْجَالِهِمْ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ؟ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا كَانَتَا مُتَوَقَّعَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى ؟ ( قُلْتُ ) : كَانُوا يَقُولُونَ بِجَهْلِهِمْ : إِنَّ الْعُقُوبَةَ الَّتِي يَعِدُنَا
صَالِحٌ ، إِنْ وَقَعَتْ عَلَى زَعْمِهِ ، تُبْنَا حِينَئِذٍ وَاسْتَغْفَرْنَا ، مُقَدِّرِينَ أَنَّ التَّوْبَةَ مَقْبُولَةٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَإِنْ لَمْ تَقَعْ ، فَنَحْنُ عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ ، فَخَاطَبَهُمْ
صَالِحٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى حَسَبِ قَوْلِهِمْ وَاعْتِقَادِهِمْ . انْتَهَى . ثُمَّ حَضَّهُمْ عَلَى مَا فِيهِ دَرْءُ السَّيِّئَةِ عَنْهُمْ ، وَهُوَ الْإِيمَانُ وَاسْتِغْفَارُ اللَّهِ مِمَّا سَبَقَ مِنَ الْكُفْرِ ، وَنَاطَ ذَلِكَ بِتَرَجِّي الرَّحْمَةِ ، وَلَمْ يَجْزِمْ بِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى اسْتِغْفَارِهِمْ . وَكَانَ فِي التَّحْضِيضِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْخَطَأِ مِنْهُمْ فِي اسْتِعْجَالِ الْعُقُوبَةِ ، وَتَجْهِيلٌ لَهُمْ فِي اعْتِقَادِهِمْ .
وَلَمَّا لَاطَفَهُمْ فِي الْخِطَابِ أَغْلَظُوا لَهُ وَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=47اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ) أَيْ تَشَاءَمْنَا بِكَ وَبِالَّذِينِ آمَنُوا مَعَكَ . وَدَلَّ هَذَا الْعَطْفُ عَلَى أَنَّ الْفَرِيقَيْنِ كَانُوا مُؤْمِنِينَ وَكَافِرِينَ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=47وَبِمَنْ مَعَكَ ) وَكَانُوا قَدْ قَحِطُوا . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مَعْنَى التَّطَيُّرِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ ، جَعَلُوا سَبَبَ قَحْطِهِمْ هُوَ ذَاتُ
صَالِحٍ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ ، فَرَدَّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=47طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ) أَيْ حَظُّكُمْ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ وَبِقَضَائِهِ ، إِنْ شَاءَ رَزَقَكُمْ ، وَإِنْ شَاءَ حَرَمَكُمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ عَمَلُكُمْ مَكْتُوبٌ عِنْدَ اللَّهِ ، فَمِنْهُ نَزَلَ بِكُمْ مَا نَزَلَ عُقُوبَةً لَكُمْ وَفِتْنَةً ، وَمِنْهُ " طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ " ، وَكُلُّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ " . وَقُرِئَ : تَطَيَّرْنَا بِكَ عَلَى الْأَصْلِ ، وَمَعْنَى تَطَيَّرَ بِهِ : تَشَاءَمَ بِهِ ، وَتَطَيَّرَ
[ ص: 83 ] مِنْهُ : نَفَرَ عَنْهُ . انْتَهَى . ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ بِحَالِهِمْ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=47بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ) أَيْ تُخْتَبَرُونَ ، أَوْ تُعَذَّبُونَ ، أَوْ يَفْتِنُكُمُ الشَّيْطَانُ بِوَسْوَسَتِهِ إِلَيْكُمُ الطِّيَرَةَ ، أَوْ تُفْتَنُونَ بِشَهَوَاتِهِ : أَيْ تَشْفَعُونَ بِهَا ، كَمَا يُقَالُ : فُتِنَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
دَاءٌ قَدِيمٌ فِي بَنِي آدَمَ فِتْنَةٌ إِنْسَانٍ بِإِنْسَانِ
وَهَذِهِ أَقْوَالٌ يَحْتَمِلُهَا لَفْظُ تُفْتَنُونَ ، وَجَاءَ تُفْتَنُونَ بِتَاءِ الْخِطَابِ عَلَى مُرَاعَاةِ أَنْتُمْ ، وَهُوَ الْكَثِيرُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ . وَيَجُوزُ يُفْتَنُونَ بِيَاءِ الْغَيْبَةِ عَلَى مُرَاعَاةِ لَفْظِ " قَوْمٌ " ، وَهُوَ قَلِيلٌ . تَقُولُ الْعَرَبُ : أَنْتَ رَجُلٌ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ ، بِتَاءِ الْخِطَابِ وَبِيَاءِ الْغَيْبَةِ . وَالْمَدِينَةُ مُجْتَمَعُ ثَمُودَ وَقَرْيَتُهُمْ ، وَهِيَ
الْحِجْرُ . وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ أَسْمَاءَ التِّسْعَةِ ، وَفِي بَعْضِهَا اخْتِلَافٌ ، وَرَأْسُهُمْ :
قُدَارُ بْنُ سَالِفٍ ، وَأَسْمَاؤُهُمْ لَا تَنْضَبِطُ بِشَكْلٍ وَلَا تَتَعَيَّنُ ، فَلِذَلِكَ ضَرَبْنَا صَفْحًا عَنْ ذِكْرِهَا ، وَكَانُوا عُظَمَاءَ الْقَرْيَةِ وَأَغْنِيَاءَهَا وَفُسَّاقَهَا . وَالرَّهْطُ : مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ ، وَالنَّفَرُ : مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى التِّسْعَةِ ، وَاتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى : تِسْعَةُ رِجَالٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : إِنَّمَا جَازَ تَمْيِيزُ التِّسْعَةِ بِالرَّهْطِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْجَمَاعَةِ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ : تِسْعَةُ أَنْفُسٍ . انْتَهَى . وَتَقْدِيرُ غَيْرِهِ : تِسْعَةُ رِجَالٍ هُوَ الْأَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ أَضَافَ إِلَى أَنْفُسٍ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ : تِسْعُ أَنْفُسٍ ، عَلَى تَأْنِيثِ النَّفْسِ ، إِذِ الْفَصِيحُ فِيهَا التَّأْنِيثُ . أَلَا تَرَاهُمْ عَدُّوا مِنَ الشُّذُوذِ قَوْلَ الشَّاعِرِ :
ثَلَاثَـةُ أَنْفُسٍ وَثَـلَاثُ ذَوْدٍ
فَأَدْخَلَ التَّاءَ فِي ثَلَاثَةٍ ؛ وَكَانَ الْفَصِيحُ أَنْ يَقُولَ : ثَلَاثُ أَنْفُسٍ . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : الْأَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تِسْعَةَ جَمْعٍ ، إِذِ الظَّاهِرُ مِنَ الرَّهْطِ الْجَمَاعَةُ لَا الْوَاحِدُ ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ كَانُوا قَبَائِلَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ دَخَلُوا تَحْتَ الْعَدَدِ ، لِاخْتِلَافِ صِفَاتِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ ، لَا لِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِهِمْ . انْتَهَى . قِيلَ : وَالرَّهْطُ اسْمُ الْجَمَاعَةِ ، وَكَأَنَّهُمْ كَانُوا رُؤَسَاءَ ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَهْطٌ . وَقَالَ
الْكِرْمَانِيُّ : وَأَصْلُهُ مِنَ التَّرْهِيطِ ، وَهُوَ تَعْظِيمُ اللُّقَمِ وَشِدَّةُ الْأَكْلِ . انْتَهَى . وَرَهْطٌ : اسْمُ جَمْعٍ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ فَصْلَهُ بِمِنْ هُوَ الْفَصِيحُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=260فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ ) . وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ إِضَافَةِ الْعَدَدِ إِلَيْهِ ، فَذَهَبَ
الْأَخْفَشُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْقَاسُ ، وَمَا وَرَدَ مِنَ الْإِضَافَةِ إِلَيْهِ فَهُوَ عَلَى سَبِيلِ النُّدُورِ . وَقَدْ صَرَّحَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ : ثَلَاثُ غَنَمٍ ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَنْقَاسُ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ قَلِيلٌ ، وَفَصَلَ قَوْمٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْجَمْعِ لِلْقَلِيلِ ، كَرَهْطٍ وَنَفَرٍ وَذَوْدٍ ، فَيَجُوزُ أَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ ، أَوْ لِلتَّكْثِيرِ ، أَوْ يُسْتَعْمَلُ لَهُمَا ، فَلَا تَجُوزُ إِضَافَتُهُ إِلَيْهِ ، وَهُوَ قَوْلُ
الْمَازِنِيِّ ، وَقَدْ أَطَلْنَا الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي ( شَرْحِ التَّسْهِيلِ ) .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48يُفْسِدُونَ ) صِفَةٌ " لِتِسْعَةِ رَهْطٍ " ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُمْ يُفْسِدُونَ الْفَسَادَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ مِنَ الْإِصْلَاحِ ، فَلِذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48وَلَا يُصْلِحُونَ ) ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَنْ يَقَعُ مِنْهُ إِفْسَادٌ قَدْ يَقَعُ مِنْهُ إِصْلَاحٌ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : " تَقَاسَمُوا " ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وَابْنُ أَبِي لَيْلَى : تَقَسَّمُوا ، بِغَيْرِ أَلِفٍ وَتَشْدِيدِ السِّينِ ، وَكِلَاهُمَا مِنَ الْقَسَمِ وَالتَّقَاسُمِ وَالتَّقْسِيمِ ، كَالتَّظَاهُرِ وَالتَّظْهِيرِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49تَقَاسَمُوا ) فِعْلُ أَمْرٍ مَحْكِيٌّ بِالْقَوْلِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، أَشَارَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْحَلِفِ عَلَى تَبْيِيتِ صَالِحٍ . وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ أَنْ يَكُونَ تَقَاسَمُوا فِعْلًا مَاضِيًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، أَيْ قَالُوا مُتَقَاسِمِينَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : " تَقَاسَمُوا " يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا وَخَبَرًا عَلَى مَحَلِّ الْحَالِ بِإِضْمَارِ قَدْ ، أَيْ قَالُوا : مُتَقَاسِمِينَ . انْتَهَى . أَمَّا قَوْلُهُ : وَخَبَرًا ، فَلَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ هُوَ أَحَدُ قِسْمَيِ الْكَلَامِ ، إِذْ هُوَ مُنْقَسِمٌ إِلَى الْخَبَرِ وَالْإِنْشَاءِ ، وَجَمِيعُ مَعَانِيهِ إِذَا حَقَّقْتَ رَاجِعَةٌ إِلَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ . وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقُرِئَ " لَنُبَيِّتَنَّهُ " بِالْيَاءِ وَالتَّاءِ وَالنُّونِ ، فَتَقَاسَمُوا مَعَ النُّونِ وَالتَّاءِ يَصِحُّ فِيهِ الْوَجْهَانِ ، يَعْنِي فِيهِ : أَيْ فِي تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ ، وَالْوَجْهَانِ هُمَا الْأَمْرُ وَالْخَبَرُ عِنْدَهُ . قَالَ : وَمَعَ الْيَاءِ لَا يَصِحُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ خَبَرًا . انْتَهَى . وَالتَّقْيِيدُ بِالْحَالِ لَيْسَ إِلَّا مِنْ بَابِ نِسْبَةِ التَّقْيِيدِ ، لَا مِنْ نِسْبَةِ الْكَلَامِ الَّتِي هِيَ الْإِسْنَادُ ، فَإِذَا أُطْلِقَ عَلَيْهَا الْخَبَرُ ، كَانَ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ حَالًا لَجَازَ أَنْ
[ ص: 84 ] تُسْتَعْمَلُ خَبَرًا ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةِ قَبْلَهُ صِلَةً أَنَّهَا خَبَرِيَّةٌ هُوَ مَجَازٌ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ صِلَةً ، لَجَازَ أَنْ تُسْتَعْمَلَ خَبَرًا ، وَهَذَا شَيْءٌ فِيهِ غُمُوضٌ ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِضْمَارِ ، فَقَدْ كَثُرَ وُقُوعُ الْمَاضِي حَالًا بِغَيْرِ قَدْ كَثْرَةً يَنْبَغِي الْقِيَاسُ عَلَيْهَا . وَعَلَى هَذَا الْإِعْرَابِ ، احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49بِاللَّهِ ) مُتَعَلِّقًا بِتَقَاسَمُوا الَّذِي هُوَ حَالٌ ، فَهُوَ مِنْ صِلَتِهِ لَيْسَ دَاخِلًا تَحْتَ الْقَوْلِ . وَالْمَقُولِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49لَنُبَيِّتَنَّهُ ) وَمَا بَعْدَهُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ هُوَ الْمَقُولَ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ ) بِالنُّونِ فِيهِمَا ،
وَالْحَسَنُ ، وَ
حَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : بِتَاءِ خِطَابِ الْجَمْعِ ؛
وَمُجَاهِدٌ ،
وَابْنُ وَثَّابٍ ،
وَطَلْحَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : بِيَاءِ الْغَيْبَةِ ، وَالْفِعْلَانِ مُسْنَدَانِ لِلْجَمْعِ ؛
وَحُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ : بِيَاءِ الْغَيْبَةِ فِي الْأَوَّلِ مُسْنَدًا لِلْجَمْعِ ، أَيْ " لَيُبَيِّتُنَّهُ " ، أَيْ قَوْمٌ مِنَّا ، وَبِالنُّونِ فِي الثَّانِي ، أَيْ جَمِيعُنَا مَا يَقُولُ لِوَلِيِّهِ ، وَالْبَيَاتُ : مُبَاغِتَةُ الْعَدُوِّ . وَعَنِ
الْإِسْكَنْدَرِ أَنَّهُ أُشِيرَ عَلَيْهِ بِالْبَيَاتِ فَقَالَ : لَيْسَ مِنْ عَادَةِ الْمُلُوكِ اسْتِرَاقُ الظَّفَرِ ، وَوَلِيُّهُ : طَالِبُ ثَأْرِهِ إِذَا قُتِلَ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : مُهْلَكَ ، بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ مِنْ أَهْلَكَ . وَقَرَأَ
حَفْصٌ : مَهْلِكَ ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ ،
وَأَبُو بَكْرٍ : بِفَتْحِهِمَا . فَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الْأُولَى فَتَحْتَمِلُ الْمَصْدَرَ وَالزَّمَانَ وَالْمَكَانَ ، أَيْ مَا شَهِدْنَا إِهْلَاكَ أَهْلِهِ ، أَوْ زَمَانَ إِهْلَاكِهِمْ ، أَوْ مَكَانَ إِهْلَاكِهِمْ . وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَيْنِ أَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَشْهَدُوا الزَّمَانَ وَلَا الْمَكَانَ أَنْ لَا يَشْهَدُوا الْإِهْلَاكَ . وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الثَّانِيَةُ فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ ، أَيْ مَا شَهِدْنَا زَمَانَ هَلَاكِهِمْ وَلَا مَكَانَهُ . وَالثَّالِثَةُ : تَقْتَضِي الْقِيَاسَ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا ، أَيْ مَا شَهِدْنَا هَلَاكَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَقَدْ ذَكَرُوا الْقِرَاءَاتِ الثَّلَاثَةَ ، قَالَ : وَيُحْتَمَلُ الْمَصْدَرُ وَالزَّمَانُ وَالْمَكَانُ . انْتَهَى . وَالظَّاهِرُ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ مَعْطُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ ، وَالتَّقْدِيرُ : مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَمَهْلِكَهُ ، وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49لِنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ) وَمَا رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا عَزَمُوا عَلَى قَتْلِهِ وَقَتْلِ أَهْلِهِ ، وَحَذْفُ مِثْلِ هَذَا الْمَعْطُوفِ جَائِزٌ فِي الْفَصِيحِ ، كَقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ " ، أَيْ وَالْبَرْدَ ، وَقَالَ الشَّاعِرُ :
فَمَا كَانَ بَيْنَ الْخَيْرِ لَوْ جَاءَ سَالِمًا أَبُو حُجُرٍ إِلَّا لَيَالٍ قَلَائِلُ
أَيْ بَيْنَ الْخَيْرِ وَبَيْنِي ، وَيَكُونُ قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ) كَذِبًا فِي الْإِخْبَارِ ، أَوْهَمُوا قَوْمَهُمْ أَنَّهُمْ إِذَا قَتَلُوهُ وَأَهْلَهُ سِرًّا ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِمْ أَحَدٌ ، وَقَالُوا تِلْكَ الْمَقَالَةَ ، أَنَّهُمْ صَادِقُونَ وَهُمْ كَاذِبُونَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : كَيْفَ يَكُونُونَ صَادِقِينَ وَقَدْ جَحَدُوا مَا فَعَلُوا فَأَتَوْا بِالْخَبَرِ عَلَى خِلَافِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ ؟ ( قُلْتُ ) : كَأَنَّهُمُ اعْتَقَدُوا إِذَا بَيَّتُوا صَالِحًا وَبَيَّتُوا أَهْلَهُ ، فَجَمَعُوا بَيْنَ الْبَيَاتَيْنِ ، ثُمَّ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ ) فَذَكَرُوا أَحَدَهُمَا كَانُوا صَادِقِينَ ، فَإِنَّهُمْ فَعَلُوا الْبَيَاتَيْنِ جَمِيعًا لَا أَحَدَهُمَا . وَفِي هَذَا دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى أَنَّ الْكَذِبَ
[ ص: 85 ] قَبِيحٌ عِنْدَ الْكَفَرَةِ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ الشَّرْعَ وَنَوَاهِيَهُ ، وَلَا يَخْطُرُ بِبَالِهِمْ . أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَصَدُوا قَتْلَ نَبِيِّ اللَّهِ ، وَلَمْ يَرَوْا لِأَنْفُسِهِمْ أَنْ يَكُونُوا كَاذِبِينَ حَتَّى سَوَّوْا الصِّدْقَ فِي أَنْفُسِهِمْ حِيلَةً يَنْقُصُونَ بِهَا عَنِ الْكَذِبِ ؟ انْتَهَى .
وَالْعَجَبُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ كَيْفَ يَتَحَيَّلُ هَذِهِ الْحِيَلَ فِي جَعْلِ إِخْبَارِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=49وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ) إِخْبَارًا بِالصِّدْقِ ؟ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ كَذَّبُوا صَالِحًا ، وَعَقَرُوا النَّاقَةَ الَّتِي كَانَتْ مِنْ أَعْظَمِ الْآيَاتِ ، وَأَقْدَمُوا عَلَى قَتْلِ نَبِيٍّ وَأَهْلِهِ ؟ وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ ، وَهُوَ يَتْلُو فِي كِتَابِ اللَّهِ كَذِبَهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ . وَنَصَّ اللَّهُ ذَلِكَ ، وَكَذِبُهُمْ عَلَى مَنْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=9يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) وَهُوَ قَوْلُهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=23وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ) وَقَوْلُ اللَّهِ - تَعَالَى - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=24انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ) وَإِنَّمَا هَذَا مِنْهُ تَحْرِيفٌ لِكَلَامِ اللَّهِ - تَعَالَى - ، حَتَّى يَنْصُرَ مَذْهَبَهُ فِي قَوْلِهِ : إِنَّ الْكَذِبَ قَبِيحٌ عِنْدَ الْكَفَرَةِ ، وَيَتَحَيَّلُ لَهُمْ هَذَا التَّحَيُّلَ حَتَّى يَجْعَلَهُمْ صَادِقِينَ فِي إِخْبَارِهِمْ . وَهَذَا الرَّجُلُ ، وَإِنْ كَانَ أُوتِيَ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ أَوْفَرَ حَظٍّ ، وَجَمَعَ بَيْنَ اخْتِرَاعِ الْمَعْنَى وَبَرَاعَةِ اللَّفْظِ . فَفِي كِتَابِهِ فِي التَّفْسِيرِ أَشْيَاءٌ مُنْتَقَدَةٌ ، وَكُنْتُ قَرِيبًا مِنْ تَسْطِيرِ هَذِهِ الْأَحْرُفِ قَدْ نَظَمْتُ قَصِيدًا فِي شَغْلِ الْإِنْسَانِ نَفْسِهِ بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَاسْتَطْرَدْتُ إِلَى مَدْحِ كِتَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ ، فَذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ مَحَاسِنِهِ ، ثُمَّ نَبَّهْتُ عَلَى مَا فِيهِ مِمَّا يَجِبُ تَجَنُّبُهُ ، وَرَأَيْتُ إِثْبَاتَ ذَلِكَ هُنَا لِيَنْتَفِعَ بِذَلِكَ مَنْ يَقِفُ عَلَى كِتَابِي هَذَا وَيَتَنَبَّهُ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ مِنَ الْقَبَائِحِ ( فَقُلْتُ ) بَعْدَ ذِكْرِ مَا مَدَحْتُهُ بِهِ :
وَلَكِنَّهُ فِيهِ مَجَالٌ لِنَاقِدٍ وَزَلَّاتُ سُوءٍ قَدْ أَخَذْنَ الْمَخَانِقَا
فَيُثْبِتُ مَوْضُوعَ الْأَحَادِيثِ جَاهِلًا وَيَعْزُو إِلَى الْمَعْصُومِ مَا لَيْسَ لَائِقَا
وَيَشْتُمُ أَعْلَامَ الْأَئِمَّةِ ضِلَّةً وَلَا سِيَّمَا إِنْ أَوْلَجُوهُ الْمَضَايِقَا
وَيُسْهِبُ فِي الْمَعْنَى الْوَجِيزِ دَلَالَةً بِتَكْثِيرِ أَلْفَاظٍ تُسَمَّى الشَّقَاشِقَا
يُقَوِّلُ فِيهَا اللَّهَ مَا لَيْسَ قَائِلًا وَكَانَ مُحِبًّا فِي الْخَطَابَةِ وَامِقًا
وَيُخْطِئُ فِي تَرْكِيبِهِ لِكَلَامِهِ فَلَيْسَ لِمَا قَدْ رَكَّبُوهُ مُوَافِقًا
وَيَنْسُبُ إِبْدَاءَ الْمَعَانِي لِنَفْسِهِ لِيُوهِمَ أَغْمَارًا وَإِنْ كَانَ سَارِقًا
وَيُخْطِئُ فِي فَهْمِ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ يُجَوِّزُ إِعْرَابًا أَبَى أَنْ يُطَابِقَا
وَكَمْ بَيْنَ مَنْ يُؤْتَى الْبَيَانَ سَلِيقَةً وَآخَرَ عَانَاهُ فَمَا هُوَ لَاحِقَا
وَيَحْتَالُ لِلْأَلْفَاظِ حَتَّى يُدِيرَهَا لِمَذْهَبِ سُوءٍ فِيهِ أَصْبَحَ مَارِقَا
فَيَا خُسْرَهُ شَيْخًا تَخَرَّقَ صِيتُهُ مَغَارِبَ تَخْرِيقِ الصَّبَا وَمَشَارِقَا
لَئِنْ لَمْ تَدَارَكْهُ مِنَ اللَّهِ رَحْمَةٌ لَسَوْفَ يُرَى لِلْكَافِرِينَ مُرَافِقَا
وَمَكْرُهُمْ : مَا أَخْفَوْهُ مِنْ تَدْبِيرِ الْفَتْكِ
بِصَالِحٍ وَأَهْلِهِ . وَمَكْرُ اللَّهِ : إِهْلَاكُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ، شُبِّهَ بِمَكْرِ الْمَاكِرِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ ، وَمَكْرُهُمْ : إِيهَامُهُمْ أَنَّهُمْ مُسَافِرُونَ وَاخْتِفَاؤُهُمْ فِي غَارٍ . قِيلَ : أَوْ شِعْبٍ ، أَوْ عَزْمُهُمْ عَلَى قَتْلِهِ وَقَتْلِ أَهْلِهِ ، وَحَلِفِهِمْ أَنَّهُمْ مَا حَضَرُوا ذَلِكَ . وَمَكْرُ اللَّهِ بِهِمْ : إِطْبَاقُ صَخْرَةٍ عَلَى فَمِ الْغَارِ وَالشِّعْبِ وَإِهْلَاكُهُمْ فِيهِ ، أَوْ رَمْيُ الْمَلَائِكَةِ إِيَّاهُمْ بِالْحِجَارَةِ ، يَرَوْنَهَا وَلَا يَرَوْنَ الرَّامِيَ حِينَ شَهَرُوا أَسْيَافَهُمْ بِاللَّيْلِ لِيَقْتُلُوهُ ، قَوْلَانِ . وَقِيلَ : إِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ
صَالِحًا بِمَكْرِهِمْ فَيَخْرُجُ عَنْهُ ، فَذَلِكَ مَكْرُ اللَّهِ فِي حَقِّهِمْ . وَرُوِيَ أَنَّ
صَالِحًا ، بَعْدَ عَقْرِ النَّاقَةِ ، أَخْبَرَهُمْ بِمَجِيءِ الْعَذَابِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، فَاتَّفَقَ هَؤُلَاءِ التِّسْعَةُ عَلَى قَتْلِ
صَالِحٍ وَأَهْلِهِ لَيْلًا وَقَالُوا : إِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي وَعِيدِهِ ، كُنَّا قَدْ أَوْقَعْنَا بِهِ مَا يَسْتَحِقُّ ؛ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا ، كُنَّا قَدْ عَجَّلْنَاهُ قَبْلَنَا وَشَفَيْنَا نُفُوسَنَا . وَاخْتَفَوْا فِي غَارٍ ، وَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ، وَأَهْلَكَ قَوْمَهُمْ ، وَلَمْ يَشْعُرْ كُلُّ فَرِيقٍ بِهَلَاكِ الْآخَرِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ " كَيْفَ " خَبَرُ كَانَ ، وَ " عَاقِبَةُ " الِاسْمِ ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِانْظُرْ ، وَهِيَ مُعَلَّقَةٌ ، وَقَرَأَ
[ ص: 86 ] الْجُمْهُورُ : " إِنَّا " بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ،
وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، وَالْكُوفِيُّونَ : بِفَتْحِهَا ، فَـ " أَنَّا " بَدَلٌ مِنْ " عَاقِبَةُ " ، أَوْ خَبَرٌ لِكَانَ ، وَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ هِيَ ، أَيِ الْعَاقِبَةُ تَدْمِيرُهُمْ . أَوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ : لِأَنَّا ، وَحُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ . وَعَلَى كِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( كَانَ ) تَامَّةً وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51عَاقِبَةُ ) فَاعِلٌ بِهَا ، وَأَنْ تَكُونَ زَائِدَةً وَعَاقِبَةُ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51كَيْفَ ) . وَقَرَأَ
أُبَيٌّ : أَنْ دَمَّرْنَاهُمْ ، وَهِيَ " أَنِ " الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَنْصِبَ الْمُضَارِعَ ، وَيَجُوزَ فِيهَا الْأَوْجُهُ الْجَائِزَةُ فِي " أَنَّا " - بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ . وَحَكَى
أَبُو الْبَقَاءِ : أَنَّ بَعْضَهُمْ أَجَازَ فِي " أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ " فِي قِرَاءَةِ مَنْ فَتَحَ الْهَمْزَةَ أَنْ تَكُونَ بَدَلًا مِنْ كَيْفَ ، قَالَ : وَقَالَ آخَرُونَ : لَا يَجُوزُ ، لِأَنَّ الْبَدَلَ مِنْ الِاسْتِفْهَامِ يَلْزَمُ فِيهِ إِعَادَةُ حَرْفِهِ ، كَقَوْلِهِ : كَيْفَ زِيدٌ ، أَصَحِيحٌ أَمْ مَرِيضٌ ؟
وَلَمَّا أَمَرَ - تَعَالَى - بِالنَّظَرِ فِيمَا جَرَى لَهُمْ مِنَ الْهَلَاكِ فِي أَنْفُسِهِمْ ، بَيَّنَ ذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَكَيْفَ خَلَتْ مِنْهُمْ ، وَخَرَابُ الْبُيُوتِ وَخُلُوُّهَا مِنْ أَهْلِهَا ، حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ مِمَّا يُعَاقَبُ بِهِ الظَّلَمَةُ ؛ إِذْ يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى اسْتِئْصَالِهِمْ . وَفِي التَّوْرَاةِ : ابْنُ
آدَمَ لَا تَظْلِمْ يُخْرَبْ بَيْتُكَ ، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى هَلَاكِ الظَّالِمِ ؛ إِذْ خَرَابُ بَيْتِهِ مُتَعَقِّبٌ هَلَاكَهُ ، وَهَذِهِ الْبُيُوتُ هِيَ الَّتِي قَالَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَصْحَابِهِ ، عَامَ
تَبُوكَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374764 " لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ " ، الْحَدِيثَ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : " خَاوِيَةً " ، بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : عَمِلَ فِيهَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ تِلْكَ . وَقَرَأَ
عِيسَى بْنُ عُمَرَ : خَاوِيَةٌ ، بِالرَّفْعِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : عَلَى خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ الْمَحْذُوفِ ، وَقَالَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ ، أَيْ هِيَ خَاوِيَةٌ ، قَالَ : أَوْ عَلَى الْخَبَرِ عَنْ تِلْكَ ، وَبُيُوتُهُمْ بَدَلٌ ، أَوْ عَلَى خَبَرٍ ثَانٍ ، وَ " خَاوِيَةٌ " خَبَرِيَّةٌ بِسَبَبِ ظُلْمِهِمْ ، وَهُوَ الْكُفْرُ ، وَهُوَ مِنْ خُلُوِّ الْبَطْنِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : خَاوِيَةٌ ، أَيْ سَاقِطٌ أَعْلَاهَا عَلَى أَسْفَلِهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52إِنَّ فِي ذَلِكَ ) أَيْ فِي فِعْلِنَا
بِثَمُودَ ، وَهُوَ اسْتِئْصَالُنَا لَهُمْ بِالتَّدْمِيرِ ، وَخَلَاءِ مَسَاكِنِهِمْ مِنْهُمْ ، وَبُيُوتُهُمْ هِيَ بَوَادِي الْقُرَى بَيْنَ
الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=53وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا ) أَيْ
بِصَالِحٍ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي حَلَّ بِالْكُفَّارِ ، وَكَانَ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ ، خَرَجَ بِهِمْ
صَالِحٌ إِلَى
حَضْرَمَوْتَ ، وَسُمِّيَتْ
حَضْرَمَوْتَ لِأَنَّ
صَالِحًا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا دَخَلَهَا مَاتَ بِهَا ، وَبَنَى الْمُؤْمِنُونَ بِهَا مَدِينَةً يُقَالُ لَهَا : حَاضُورَا . وَأَمَّا الْهَالِكُونَ فَخَرَجَ بِأَبْدَانِهِمْ خُرَاجٌ مِثْلُ الْحِمَّصِ ، احْمَرَّ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ اصْفَرَّ فِي الثَّانِي ، ثُمَّ اسْوَدَّ فِي الثَّالِثِ ، وَكَانَ عَقْرُ النَّاقَةِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، وَهَلَكُوا يَوْمَ الْأَحَدِ . قَالَ
مُقَاتِلٌ : تَفَتَّقَتْ تِلْكَ الْخُرَاجَاتُ ، وَصَاحَ
جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِهِمْ صَيْحَةً فَخَمَدُوا .