[ ص: 94 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=67وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=68لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=69قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=70ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=71ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=72قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=73وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=74وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=75وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=76إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=77وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=79فتوكل على الله إنك على الحق المبين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=80إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ) .
لما تقدم أنه تعالى منفرد بعلم الغيب ، ومن جملتها وقت الساعة ، وأنهم لا شعور لهم بوقتها ، وأن الكفار في شك منها عمون ، ناسب ذكر مقالاتهم في استبعادها ، وأن ما وعدوا به من ذلك ليس بصحيح ، إنما ذلك ما سطر الأولون من غير إخبار بذلك عن حقيقة .
وقرأ
ابن كثير ،
وأبو عمرو : " أئذا ، أئنا " بالجمع بين الاستفهامين ؛ وقلب الثانية ياء ، وفصل بينهما بألف
أبو عمرو ، وقرأهما
عاصم وحمزة : بهمزتين ،
ونافع : إذا بهمزة مكسورة ، آينا بهمزة الاستفهام ، وقلب الثانية ياء ، وبينهما مدة ، والباقون : آئذا ، باستفهام ممدود ، إننا : بنونين من غير استفهام ، والعامل في إذا محذوف دل على مضمون الجملة الثانية تقديره : يخرج ، ويمتنع إعمال " لمخرجون " فيه ؛ لأن كلا من " إن " و " لام " الابتداء والاستفهام يمنع أن يعمل ما بعده فيما قبله ، إلا اللام الواقعة في خبر إن ، فإنه يتقدم معمول الخبر عليها وعلى الخبر على ما قرر في علم النحو .
وآباؤنا : معطوف على اسم كان ، وحسن ذلك الفصل بخبر كان . والإخراج هنا من القبور أحياء ، مردودا أرواحهم إلى الأجساد ، والجمع بين الاستفهام في " إذا " وفي " إنا " إنكار على إنكار ، ومبالغة في كون ذلك لا يكون ، والضمير في " أئنا " لهم ولآبائهم ؛ لأن صيرورتهم ترابا ، شامل للجميع . ثم ذكروا أنهم وعدوا ذلك هم وآباؤهم ، فلم يقع شيء من هذا الموعود ، ثم جزموا وحصروا أن ذلك من أكاذيب من تقدم . وجاء هنا تقديم الموعود به ، وهو هذا ، وتأخر في آية أخرى على حسب ما سيق الكلام لأجله . فحيث تأكد الإخبار عنهم بإنكار البعث والآخرة ، عمدوا إليها بالتقديم على سبيل الاعتناء ، وحيث لم يكن ذلك ، عمدوا إلى إنكار إيجاد المبعوث ، فقدموه وأخروا الموعود به ، ثم أمر نبيه أن يأمرهم بالسير في الأرض ؛ وتقدم الكلام في نظير هذه الآية في أوائل الأنعام . وأراد بالمجرمين : الكافرين ، ثم سلى نبيه فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=70ولا تحزن عليهم ) أي في كونهم لم يسلموا ولم يذعنوا إلى ما جئت به (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=70ولا تكن في ضيق ) أي في حرج وأمر شاق عليك مما يمكرون ) فإن مكرهم لاحق بهم ، لا بك ، والله يعصمك منهم . وتقدمت قراءة " ضيق " ،
[ ص: 95 ] بكسر الضاد وفتحها ، وهما مصدران . وكره
أبو علي أن يكون المفتوح الضاد ، أصله ضيق ، بتشديد الياء فخفف ، كلين في لين ؛ لأن ذلك يقتضي حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، وليست من الصفات التي تقوم مقام الموصوف باطراد . وأجاز ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، قال : ويجوز أن يراد في أمر ضيق من مكرهم .
ولما استعجلت
قريش بأمر الساعة ، أو بالعذاب الموعود به هم ، وسألوا عن وقت الموعود به على سبيل الاستهزاء ، قيل له : قل عسى أن يكون ردف لكم بعضه : أي تبعكم عن قرب وصار كالرديف التابع لكم بعض ما استعجلتم به ، وهو كان عذاب يوم
بدر . وقيل : عذاب القبر . وقرأ الجمهور : ردف ، بكسر الدال . وقرأ
ابن هرمز : بفتحها ، وهما لغتان ، وأصله التعدي بمعنى تبع ولحق ، فاحتمل أن يكون مضمنا معنى اللازم ، ولذلك فسره
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره بأزف وقرب لما كان يجيء بعد الشيء قريبا منه ضمن معناه ، أو مزيدا ، اللام في مفعوله لتأكيد وصول الفعل إليه ، كما زيدت الباء في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195ولا تلقوا بأيديكم ) قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وقد عدي بمن على سبيل التضمين لما يتعدى بها ، وقال الشاعر :
فلما ردفنا من عمير وصحبه تولوا سراعا والمنية تنعق
أي دنوا من عمير . وقيل : ردفه وردف له ، لغتان . وقيل : الفعل محمول على المصدر ، أي الرادفة لكم . و " بعض " على تقدير ردافة بعض ما تستعجلون ، وهذا فيه تكلف ينزه القرآن عنه . وقيل : اللام في لكم داخلة على المفعول من أجله ، والمفعول به محذوف تقديره : ردف الخلق لأجلكم ، وهذا ضعيف . وقيل : الفاعل بردف ضمير يعود على الوعد ، ثم قال : لكم بعض ما تستعجلون على المبتدأ والخبر ، وهذا فيه تفكيك للكلام ، وخروج عن الظاهر لغير حاجة تدعو إلى ذلك . (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=73لذو فضل ) أي أفضال عليهم بترك معاجلتهم بالعقوبة على معاصيهم وكفرهم ، ومتعلق يشكرون محذوف ، أي لا يشكرون نعمه عندهم ، أو لا يشكرون بمعنى : لا يعرفون حق النعمة ، عبر عن انتفاء معرفتهم بالنعمة ، بانتفاء ما يترتب على معرفتها ، وهو الشكر .
ثم أخبر - تعالى - بسعة علمه ، فبدأ بما يخص الإنسان ، ثم عم كل غائبة وعبر بالصدور ، وهي محل القلوب التي لها الفكر والتعقل ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=46ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) عن الحال فيها ، وهي القلوب ، وأسند الإعلان إلى ذواتهم ؛ لأن الإعلان من أفعال الجوارح . ولما كان المضمر في الصدر هو الداعي لما يظهر على الجوارح ، والسبب في إظهاره قدم الإكنان على الإعلام . وقرأ الجمهور : ( ما تكن ) من أكن الشيء : أخفاه . وقرأ
ابن محيصن ،
وحميد ،
وابن السميفع : بفتح التاء وضم الكاف ، من كن الشيء : ستره ، والمعنى : ما يخفون وما يعلنون من عداوة الرسول ومكايدهم . والظاهر عموم قوله : " من غائبة " ، أي ما من شيء في غاية الغيبوبة والخفاء إلا في كتاب عند الله ومكنون علمه . وقيل : ما غاب عنهم من عذاب السماء والأرض . وقيل : هو يوم القيامة وأهوالها ، قاله
الحسن . والكتاب : اللوح المحفوظ . وقيل : أعمال العباد أثبتت ليجازي عليها . وقال صاحب الغنيان : أي حادثة غائبة ، أو نازلة واقعة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أي ما من شيء سر في السماوات والأرض وعلانية ، فاكتفى بذكر السر عن مقابله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : سمي الشيء الذي يغيب ويخفى غائبة وخافية ، فكانت التاء فيهما بمنزلتها في العاقبة والعافية ، ونظيرهما : النطيحة والذبيحة والرمية في أنها أسماء غير صفات ، ويجوز أن يكونا صفتين وتاؤهما للمبالغة ، كالرواية في قولهم : ويل للشاعر من رواية السوء ، كأنه قال : وما من شيء شديد الغيبوبة والخفاء ، إلا وقد علمه الله وأحاط به وأثبته في اللوح المبين الظاهر لمن ينظر فيه من الملائكة . انتهى .
ولما ذكر - تعالى - المبدأ والمعاد ، ذكر ما يتعلق بالنبوة ، وكان المعتمد الكبير في إثبات نبوة
محمد - صلى الله عليه وسلم - هو القرآن .
nindex.php?page=treesubj&link=28899_28741ومن جملة إعجازه إخباره بما تضمن من القصص ، الموافق [ ص: 96 ] لما في التوراة والإنجيل ، مع العلم بأنه أمي لم يخالط العلماء ولا اشتغل بالتعليم .
وبنو إسرائيل هم
اليهود والنصارى . قص فيه أكثر ما اختلفوا فيه على وجهه ، وبينه لهم ، ولو أنصفوا أسلموا . ومما اختلفوا فيه أمر المسيح ، تحزبوا فيه ، فمن قائل هو الله ، ومن قائل ابن الله ، ومن قائل ثالث ثلاثة ، ومن قائل هو نبي كغيره من الأنبياء ، وقد عقدوا لهم اجتماعات ، وتباينوا في العقائد ، وتناكروا في أشياء حتى لعن بعضهم بعضا ، والظاهر عموم المؤمنين . وقيل لمن آمن من
بني إسرائيل . والقضاء والحكم : وإن ظهر أنهما مترادفان ، فقيل : المراد به هنا العدل ، أي بعدله ؛ لأنه لا يقضي إلا بالعدل ، وقيل : المراد بحكمته الحكم . قيل : ويدل عليه قراءة من قرأ بحكمه ، بكسر الحاء وفتح الكاف ، جمع حكمة ، وهو
جناح بن جيش . ولما كان القضاء يقتضي تنفيذ ما يقضي به ، والعلم بما يحكم به ، جاءت هاتان الصفتان عقبه ، وهو العزة : أي الغلبة والقدرة والعلم . ثم أمره - تعالى - بالتوكل عليه ، وأخبره أنه على الحق الواضح الذي لا شك فيه ، وهو كالتعليل للتوكل ، وفيه دليل على أن من كان على الحق يحق له أن يثق بالله ، فإنه ينصره ولا يخذله .
ولما كان القرآن وما قص الله فيه لا يكاد يجدي عندهم ، أخبر - تعالى - عنهم أنهم موتى القلوب ، أو شبهوا بالموتى ، وإن كانوا أحياء صحاح الأبصار ؛ لأنهم إذا تلي عليهم لا تعيه آذانهم ، فكانت حالهم لانتفاء جدوى السماع كحال الموتى . وقرأ الجمهور : " ولا تسمع الصم " هنا - وفي الروم بضم التاء وكسر الميم - الصم بالرفع ، ولما كان الميت لا يمكن أن يسمع ، لم يذكر له متعلق ، بل نفى الإسماع ، أي لا يقع منك إسماع لهم ألبتة لعدم القابلية . وأما الأصم فقد يكون في وقت يمكن إسماعه وسماعه ، فأتى بمتعلق الفعل وهو الدعاء . و " إذا " معمولة لـ " تسمع " ، وقيد نفي الإسماع أو السماع بهذا الطرف وما بعده على سبيل التأكيد لحال الأصم ؛ لأنه إذا تباعد عن الداعي بأن يولي مدبرا ، كان أبعد عن إدراك صوته .
شبههم أولا بالموتى ، ثم بالصم في حالة ، ثم بالعمى ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81وما أنت بهادي العمي ) حيث يضلون الطريق ، فلا يقدر أحد أن ينزع ذلك عنهم ويحولهم هداة بصراء إلا الله - تعالى . وقرأ الجمهور : بهادي العمي ، اسم فاعل مضاف ؛
nindex.php?page=showalam&ids=17304ويحيـى بن الحارث ،
وأبو حيوة : بهاد - منونا - " العمي " ؛
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ،
وطلحة ،
وابن وثاب ،
وابن يعمر ،
وحمزة : تهدي ، مضارع هدى ، " العمي " بالنصب ؛
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود : وما أنت تهتدي ، بزيادة أن بعد ما ، ويهتدي مضارع اهتدى ، والعمي بالرفع ، والمعنى : ليس في وسعك إدخال الهدى في قلب من عمي عن الحق ولم ينظر إليه بعين قلبه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا ) وهم الذين علم الله أنهم يصدقون بآياته . (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81فهم مسلمون ) منقادون للحق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : مسلمون مخلصون ، من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بلى من أسلم وجهه لله ) بمعنى جعله سالما لله خالصا . انتهى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82وإذا وقع القول عليهم ) أي إذا انتجز وعد عذابهم الذي تضمنه القول الأزلي من الله ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=71حقت كلمة العذاب ) فالمعنى : إذا أراد الله أن ينفذ في الكافرين سابق علمه فيهم من العذاب ،
nindex.php?page=treesubj&link=30251أخرج لهم دابة تنفذ من الأرض . ووقع : عبارة عن الثبوت واللزوم ، و " القول " إما على حذف مضاف ، أي مضمون القول ، وإما أنه أطلق القول على المقول ، لما كان المقول مؤدى بالقول ، وهو ما وعدوا به من قيام الساعة والعذاب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82وقع القول عليهم ) يكون بموت العلماء ، وذهاب العلم ، ورفع القرآن . انتهى . وروي أن خروجها حين ينقطع الخير ، ولا يؤمر بمعروف ، ولا ينهى عن منكر ، ولا يبقى منيب ولا تائب . وفي الحديث : "
أن الدابة وطلوع الشمس من المغرب من أول الأشراط " ، ولم يعين الأول ، وكذلك الدجال ؛ وظاهر الأحاديث أن طلوع الشمس آخرها ، والظاهر أن الدابة التي تخرج هي واحدة . وروي أنه يخرج في كل بلد دابة مما هو مثبوت نوعها في الأرض ، وليست واحدة ، فيكون قوله : ( دابة ) اسم جنس . واختلفوا في ماهيتها ، وشكلها ، ومحل خروجها ، وعدد خروجها ، ومقدار ما تخرج منها ، وما تفعل بالناس ، وما الذي تخرج
[ ص: 97 ] به ، اختلافا مضطربا معارضا بعضه بعضا ، ويكذب بعضه بعضا ؛ فاطرحنا ذكره ؛ لأن نقله تسويد للورق بما لا يصح ، وتضييع لزمان نقله .
والظاهر أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82تكلمهم ) بالتشديد ، وهي قراءة الجمهور ، من الكلام ؛ ويؤيده قراءة
أبي : تنبئهم ، وفي بعض القراءات : تحدثهم ، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيـى بن سلام ؛ وقراءة
عبد الله : بأن الناس . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : تكلمهم ببطلان سائر الأديان سوى الإسلام . وقيل : تخاطبهم ، فتقول للمؤمن : هذا مؤمن ، وللكافر : هذا كافر . وقيل معنى " تكلمهم " : تجرحهم من الكلم ، والتشديد للتكثير ؛ ويؤيده قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ،
وأبي زرعة ،
والجحدري ،
وأبي حيوة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة : تكلمهم ، بفتح التاء وسكون الكاف مخفف اللام ، وقراءة من قرأ : تجرحهم مكان تكلمهم . وسأل
أبو الحوراء nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : تكلم أو تكلم ؟ فقال : كل ذلك تفعل ، تكلم المؤمن وتكلم الكافر . انتهى . وروي : أنها تسم الكافر في جبهته وتربده ، وتمسح على وجه المؤمن فتبيضه .
وقرأ الكوفيون ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : ( أن الناس ) بفتح الهمزة ، وابن مسعود : " بأن " وتقدم ؛ وباقي السبعة : " إن " ، بكسر الهمزة ، فاحتمل الكسر أن يكون من كلام الله ، وهو الظاهر لقوله : ( بآياتنا ) واحتمل أن يكون من كلام الدابة . وروي هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وكسرت إن هذا على القول ، إما على إضمار القول ، أو على إجراء " تكلمهم " إجراء تقول لهم . ويكون قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81بآياتنا ) على حذف مضاف ، أو لاختصاصها بالله ؛ كما تقول بعض خواص الملك : خيلنا وبلادنا ، وعلى قراءة الفتح ، فالتقدير بأن كقراءة
عبد الله ، والظاهر أنه متعلق بـ " تكلمهم " ، أي تخاطبهم بهذا الكلام . ويجوز أن تكون الباء المنطوق بها أو المقدرة سببية ، أي تخاطبهم أو تجرحهم بسبب انتفاء إيقانهم بآياتنا .
[ ص: 94 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=67وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=68لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=69قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=70وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=71وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=72قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=73وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=74وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=75وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=76إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=77وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=79فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=80إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ ) .
لَمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ تَعَالَى مُنْفَرِدٌ بِعِلْمِ الْغَيْبِ ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا وَقْتُ السَّاعَةِ ، وَأَنَّهُمْ لَا شُعُورَ لَهُمْ بِوَقْتِهَا ، وَأَنَّ الْكُفَّارَ فِي شَكٍّ مِنْهَا عَمُونَ ، نَاسَبَ ذِكْرُ مَقَالَاتِهِمْ فِي اسْتِبْعَادِهَا ، وَأَنَّ مَا وُعِدُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ ، إِنَّمَا ذَلِكَ مَا سَطَرَ الْأَوَّلُونَ مِنْ غَيْرِ إِخْبَارٍ بِذَلِكَ عَنْ حَقِيقَةٍ .
وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ ،
وَأَبُو عَمْرٍو : " أَئِذَا ، أَئِنَّا " بِالْجَمْعِ بَيْنَ الِاسْتِفْهَامَيْنِ ؛ وَقَلْبِ الثَّانِيَةِ يَاءً ، وَفَصَلَ بَيْنَهُمَا بِأَلِفٍ
أَبُو عَمْرٍو ، وَقَرَأَهُمَا
عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ : بِهَمْزَتَيْنِ ،
وَنَافِعٌ : إِذَا بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ ، آيِنَّا بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ ، وَقَلْبِ الثَّانِيَةِ يَاءً ، وَبَيْنَهُمَا مَدَّةٌ ، وَالْبَاقُونَ : آئِذَا ، بِاسْتِفْهَامٍ مَمْدُودٍ ، إِنَّنَا : بِنُونَيْنِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْهَامٍ ، وَالْعَامِلُ فِي إِذَا مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَى مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ تَقْدِيرُهُ : يَخْرُجُ ، وَيَمْتَنِعُ إِعْمَالُ " لَمُخْرَجُونَ " فِيهِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ " إِنَّ " وَ " لَامِ " الِابْتِدَاءِ وَالِاسْتِفْهَامِ يَمْنَعُ أَنْ يَعْمَلَ مَا بَعْدَهُ فِيمَا قَبْلَهُ ، إِلَّا اللَّامَ الْوَاقِعَةَ فِي خَبَرِ إِنَّ ، فَإِنَّهُ يَتَقَدَّمُ مَعْمُولُ الْخَبَرِ عَلَيْهَا وَعَلَى الْخَبَرِ عَلَى مَا قُرِّرَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ .
وَآبَاؤُنَا : مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ كَانَ ، وَحَسُنَ ذَلِكَ الْفَصْلُ بِخَبَرِ كَانَ . وَالْإِخْرَاجُ هُنَا مِنَ الْقُبُورِ أَحْيَاءً ، مَرْدُودًا أَرْوَاحُهُمْ إِلَى الْأَجْسَادِ ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الِاسْتِفْهَامِ فِي " إِذَا " وَفِي " إِنَّا " إِنْكَارٌ عَلَى إِنْكَارٍ ، وَمُبَالَغَةٌ فِي كَوْنِ ذَلِكَ لَا يَكُونُ ، وَالضَّمِيرُ فِي " أَئِنَّا " لَهُمْ وَلِآبَائِهِمْ ؛ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُمْ تُرَابًا ، شَامِلٌ لِلْجَمِيعِ . ثُمَّ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ وُعِدُوا ذَلِكَ هُمْ وَآبَاؤُهُمْ ، فَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْمَوْعُودِ ، ثُمَّ جَزَمُوا وَحَصَرُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَكَاذِيبِ مَنْ تَقَدَّمَ . وَجَاءَ هُنَا تَقْدِيمُ الْمَوْعُودِ بِهِ ، وَهُوَ هَذَا ، وَتَأَخَّرَ فِي آيَةٍ أُخْرَى عَلَى حَسَبِ مَا سِيقَ الْكَلَامُ لِأَجْلِهِ . فَحَيْثُ تَأَكَّدَ الْإِخْبَارُ عَنْهُمْ بِإِنْكَارِ الْبَعْثِ وَالْآخِرَةِ ، عَمَدُوا إِلَيْهَا بِالتَّقْدِيمِ عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِنَاءِ ، وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ، عَمَدُوا إِلَى إِنْكَارِ إِيجَادِ الْمَبْعُوثِ ، فَقَدَّمُوهُ وَأَخَّرُوا الْمَوْعُودَ بِهِ ، ثُمَّ أَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالسَّيْرِ فِي الْأَرْضِ ؛ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي أَوَائِلِ الْأَنْعَامِ . وَأَرَادَ بِالْمُجْرِمِينَ : الْكَافِرِينَ ، ثُمَّ سَلَّى نَبِيَّهُ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=70وَلَا تَحْزَنُ عَلَيْهِمْ ) أَيْ فِي كَوْنِهِمْ لَمْ يُسْلِمُوا وَلَمْ يُذْعِنُوا إِلَى مَا جِئْتَ بِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=70وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ ) أَيْ فِي حَرَجٍ وَأَمْرٍ شَاقٍّ عَلَيْكَ مِمَّا يَمْكُرُونَ ) فَإِنَّ مَكْرَهُمْ لَاحِقٌ بِهِمْ ، لَا بِكَ ، وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْهُمْ . وَتَقَدَّمَتْ قِرَاءَةُ " ضِيقٍ " ،
[ ص: 95 ] بِكَسْرِ الضَّادِ وَفَتْحِهَا ، وَهُمَا مَصْدَرَانِ . وَكَرِهَ
أَبُو عَلِيٍّ أَنْ يَكُونَ الْمَفْتُوحُ الضَّادَ ، أَصْلُهُ ضَيِّقٌ ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ فَخُفِّفَ ، كَلَيْنٍ فِي لَيِّنٍ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي حَذْفَ الْمَوْصُوفِ وَإِقَامَةَ الصِّفَةِ مَقَامَهُ ، وَلَيْسَتْ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي تَقُومُ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ بِاطِّرَادٍ . وَأَجَازَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، قَالَ : وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ فِي أَمْرٍ ضَيِّقٍ مِنْ مَكْرِهِمْ .
وَلَمَّا اسْتَعْجَلَتْ
قُرَيْشٌ بِأَمْرِ السَّاعَةِ ، أَوْ بِالْعَذَابِ الْمَوْعُودِ بِهِ هُمْ ، وَسَأَلُوا عَنْ وَقْتِ الْمَوْعُودِ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ ، قِيلَ لَهُ : قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُهُ : أَيْ تَبِعَكُمْ عَنْ قُرْبٍ وَصَارَ كَالرَّدِيفِ التَّابِعِ لَكُمْ بَعْضُ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ ، وَهُوَ كَانَ عَذَابَ يَوْمِ
بَدْرٍ . وَقِيلَ : عَذَابُ الْقَبْرِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : رَدِفَ ، بِكَسْرِ الدَّالِ . وَقَرَأَ
ابْنُ هُرْمُزٍ : بِفَتْحِهَا ، وَهُمَا لُغَتَانِ ، وَأَصْلُهُ التَّعَدِّي بِمَعْنَى تَبِعَ وَلَحِقَ ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُضَمَّنًا مَعْنَى اللَّازِمِ ، وَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ بِأَزِفَ وَقَرُبَ لَمَّا كَانَ يَجِيءُ بَعْدَ الشَّيْءِ قَرِيبًا مِنْهُ ضِمْنَ مَعْنَاهُ ، أَوْ مَزِيدًا ، اللَّامُ فِي مَفْعُولِهِ لِتَأْكِيدِ وَصُولِ الْفِعْلِ إِلَيْهِ ، كَمَا زِيدَتِ الْبَاءُ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ ) قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَقَدْ عُدِّيَ بِمَنْ عَلَى سَبِيلِ التَّضْمِينِ لِمَا يَتَعَدَّى بِهَا ، وَقَالَ الشَّاعِرُ :
فَلَمَّا رَدِفْنَا مِنْ عُمَيْرٍ وَصَحْبِهِ تَوَلَّوْا سِرَاعًا وَالْمَنِيَّةُ تَنْعِقُ
أَيْ دَنَوْا مِنْ عُمَيْرٍ . وَقِيلَ : رَدِفَهُ وَرَدِفَ لَهُ ، لُغَتَانِ . وَقِيلَ : الْفِعْلُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَصْدَرِ ، أَيِ الرَّادِفَةُ لَكُمْ . وَ " بَعْضُ " عَلَى تَقْدِيرِ رِدَافَةِ بَعْضِ مَا تَسْتَعْجِلُونَ ، وَهَذَا فِيهِ تَكَلُّفٌ يُنَزَّهُ الْقُرْآنُ عَنْهُ . وَقِيلَ : اللَّامُ فِي لَكُمْ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ ، وَالْمَفْعُولُ بِهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : رَدِفَ الْخَلْقَ لِأَجْلِكُمْ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ . وَقِيلَ : الْفَاعِلُ بِرَدِفَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْوَعْدِ ، ثُمَّ قَالَ : لَكُمْ بَعْضُ مَا تَسْتَعْجِلُونَ عَلَى الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ ، وَهَذَا فِيهِ تَفْكِيكٌ لِلْكَلَامِ ، وَخُرُوجٌ عَنِ الظَّاهِرِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=73لَذُو فَضْلٍ ) أَيْ أَفْضَالٍ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ مُعَاجَلَتِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى مَعَاصِيهِمْ وَكُفْرِهِمْ ، وَمُتَعَلِّقُ يَشْكُرُونَ مَحْذُوفٌ ، أَيْ لَا يَشْكُرُونَ نِعَمَهُ عِنْدَهُمْ ، أَوْ لَا يَشْكُرُونَ بِمَعْنَى : لَا يَعْرِفُونَ حَقَّ النِّعْمَةِ ، عَبَّرَ عَنِ انْتِفَاءِ مَعْرِفَتِهِمْ بِالنِّعْمَةِ ، بِانْتِفَاءِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَعْرِفَتِهَا ، وَهُوَ الشُّكْرُ .
ثُمَّ أَخْبَرَ - تَعَالَى - بِسَعَةِ عِلْمِهِ ، فَبَدَأَ بِمَا يَخُصُّ الْإِنْسَانَ ، ثُمَّ عَمَّ كُلَّ غَائِبَةٍ وَعَبَّرَ بِالصُّدُورِ ، وَهِيَ مَحَلُّ الْقُلُوبِ الَّتِي لَهَا الْفِكْرُ وَالتَّعَقُّلُ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=46وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) عَنِ الْحَالِ فِيهَا ، وَهِيَ الْقُلُوبُ ، وَأَسْنَدَ الْإِعْلَانَ إِلَى ذَوَاتِهِمْ ؛ لِأَنَّ الْإِعْلَانَ مِنْ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ . وَلَمَّا كَانَ الْمُضْمَرُ فِي الصَّدْرِ هُوَ الدَّاعِي لِمَا يَظْهَرُ عَلَى الْجَوَارِحِ ، وَالسَّبَبُ فِي إِظْهَارِهِ قِدَمُ الْإِكْنَانِ عَلَى الْإِعْلَامِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( مَا تُكِنُّ ) مَنْ أَكَنَّ الشَّيْءَ : أَخْفَاهُ . وَقَرَأَ
ابْنُ مُحَيْصِنٍ ،
وَحُمَيْدٌ ،
وَابْنُ السَّمَيْفَعِ : بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْكَافِ ، مِنْ كَنَّ الشَّيْءَ : سَتَرَهُ ، وَالْمَعْنَى : مَا يُخْفُونَ وَمَا يُعْلِنُونَ مِنْ عَدَاوَةِ الرَّسُولِ وَمَكَايِدِهِمْ . وَالظَّاهِرُ عُمُومُ قَوْلِهِ : " مِنْ غَائِبَةٍ " ، أَيْ مَا مِنْ شَيْءٍ فِي غَايَةِ الْغَيْبُوبَةِ وَالْخَفَاءِ إِلَّا فِي كِتَابٍ عِنْدَ اللَّهِ وَمَكْنُونِ عِلْمِهِ . وَقِيلَ : مَا غَابَ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ . وَقِيلَ : هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَأَهْوَالُهَا ، قَالَهُ
الْحَسَنُ . وَالْكِتَابُ : اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ . وَقِيلَ : أَعْمَالُ الْعِبَادِ أُثْبِتَتْ لِيُجَازَيَ عَلَيْهَا . وَقَالَ صَاحِبُ الْغُنْيَانِ : أَيْ حَادِثَةٍ غَائِبَةٍ ، أَوْ نَازِلَةٍ وَاقِعَةٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : أَيْ مَا مِنْ شَيْءٍ سِرٍّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَلَانِيَةٍ ، فَاكْتَفَى بِذِكْرِ السِّرِّ عَنْ مُقَابِلِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : سُمِّيَ الشَّيْءُ الَّذِي يَغِيبُ وَيَخْفَى غَائِبَةً وَخَافِيَةً ، فَكَانَتِ التَّاءُ فِيهِمَا بِمَنْزِلَتِهَا فِي الْعَاقِبَةِ وَالْعَافِيَةِ ، وَنَظِيرُهُمَا : النَّطِيحَةُ وَالذَّبِيحَةُ وَالرَّمِيَّةُ فِي أَنَّهَا أَسْمَاءٌ غَيْرُ صِفَاتٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا صِفَتَيْنِ وَتَاؤُهُمَا لِلْمُبَالَغَةِ ، كَالرِّوايَةِ فِي قَوْلِهِمْ : وَيْلٌ لِلشَّاعِرِ مِنْ رِوَايَةِ السُّوءِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : وَمَا مِنْ شَيْءٍ شَدِيدِ الْغَيْبُوبَةِ وَالْخَفَاءِ ، إِلَّا وَقَدْ عَلِمَهُ اللَّهُ وَأَحَاطَ بِهِ وَأَثْبَتَهُ فِي اللَّوْحِ الْمُبِينِ الظَّاهِرِ لِمَنْ يَنْظُرُ فِيهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ . انْتَهَى .
وَلَمَّا ذَكَرَ - تَعَالَى - الْمَبْدَأَ وَالْمَعَادَ ، ذَكَرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنُّبُوَّةِ ، وَكَانَ الْمُعْتَمَدُ الْكَبِيرُ فِي إِثْبَاتِ نُبُوَّةِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْقُرْآنُ .
nindex.php?page=treesubj&link=28899_28741وَمِنْ جُمْلَةِ إِعْجَازِهِ إِخْبَارُهُ بِمَا تَضَمَّنَ مِنَ الْقَصَصِ ، الْمُوَافِقِ [ ص: 96 ] لِمَا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ أُمِّيٌّ لَمْ يُخَالِطِ الْعُلَمَاءَ وَلَا اشْتَغَلَ بِالتَّعْلِيمِ .
وَبَنُو إِسْرَائِيلَ هُمُ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى . قَصَّ فِيهِ أَكْثَرَ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى وَجْهِهِ ، وَبَيَّنَهُ لَهُمْ ، وَلَوْ أَنْصَفُوا أَسْلَمُوا . وَمِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ أَمْرُ الْمَسِيحِ ، تَحَزَّبُوا فِيهِ ، فَمِنْ قَائِلٍ هُوَ اللَّهُ ، وَمِنْ قَائِلٍ ابْنُ اللَّهِ ، وَمِنْ قَائِلٍ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ، وَمِنْ قَائِلٍ هُوَ نَبِيٌّ كَغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، وَقَدْ عَقَدُوا لَهُمُ اجْتِمَاعَاتٍ ، وَتَبَايَنُوا فِي الْعَقَائِدِ ، وَتَنَاكَرُوا فِي أَشْيَاءَ حَتَّى لَعَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَالظَّاهِرُ عُمُومُ الْمُؤْمِنِينَ . وَقِيلَ لِمَنْ آمَنَ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ . وَالْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ : وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ ، فَقِيلَ : الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعَدْلُ ، أَيْ بِعَدْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي إِلَّا بِالْعَدْلِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِحِكْمَتِهِ الْحُكْمُ . قِيلَ : وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِحِكَمِهِ ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْكَافِ ، جَمْعُ حِكْمَةٍ ، وَهُوَ
جَنَاحُ بْنُ جَيْشٍ . وَلَمَّا كَانَ الْقَضَاءُ يَقْتَضِي تَنْفِيذَ مَا يَقْضِي بِهِ ، وَالْعِلْمَ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ ، جَاءَتْ هَاتَانِ الصِّفَتَانِ عَقِبَهُ ، وَهُوَ الْعِزَّةُ : أَيِ الْغَلَبَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْعِلْمُ . ثُمَّ أَمَرَهُ - تَعَالَى - بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ عَلَى الْحَقِّ الْوَاضِحِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ ، وَهُوَ كَالتَّعْلِيلِ لِلتَّوَكُّلِ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَى الْحَقِّ يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَثِقَ بِاللَّهِ ، فَإِنَّهُ يَنْصُرُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ .
وَلَمَّا كَانَ الْقُرْآنُ وَمَا قَصَّ اللَّهُ فِيهِ لَا يَكَادُ يُجْدِي عِنْدَهُمْ ، أَخْبَرَ - تَعَالَى - عَنْهُمْ أَنَّهُمْ مَوْتَى الْقُلُوبِ ، أَوْ شُبِّهُوا بِالْمَوْتَى ، وَإِنْ كَانُوا أَحْيَاءً صِحَاحَ الْأَبْصَارِ ؛ لِأَنَّهُمْ إِذَا تُلِيَ عَلَيْهِمْ لَا تَعِيهِ آذَانُهُمْ ، فَكَانَتْ حَالُهُمْ لِانْتِفَاءِ جَدْوَى السَّمَاعِ كَحَالِ الْمَوْتَى . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : " وَلَا تَسْمَعُ الصُّمُّ " هُنَا - وَفِي الرُّومِ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ - الصُّمُّ بِالرَّفْعِ ، وَلَمَّا كَانَ الْمَيِّتُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْمَعَ ، لَمْ يُذْكَرْ لَهُ مُتَعَلِّقٌ ، بَلْ نَفَى الْإِسْمَاعَ ، أَيْ لَا يَقَعُ مِنْكَ إِسْمَاعٌ لَهُمْ أَلْبَتَّةَ لِعَدَمِ الْقَابِلِيَّةِ . وَأَمَّا الْأَصَمُّ فَقَدْ يَكُونُ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ إِسْمَاعُهُ وَسَمَاعُهُ ، فَأَتَى بِمُتَعَلِّقِ الْفِعْلِ وَهُوَ الدُّعَاءُ . وَ " إِذَا " مَعْمُولَةٌ لِـ " تَسْمَعُ " ، وَقَيَّدَ نَفْيَ الْإِسْمَاعِ أَوِ السَّمَاعِ بِهَذَا الطَّرَفِ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّأْكِيدِ لِحَالِ الْأَصَمِّ ؛ لِأَنَّهُ إِذَا تَبَاعَدَ عَنِ الدَّاعِي بِأَنْ يُوَلِّيَ مُدْبِرًا ، كَانَ أَبْعَدَ عَنْ إِدْرَاكِ صَوْتِهِ .
شَبَّهَهُمْ أَوَّلًا بِالْمَوْتَى ، ثُمَّ بِالصُّمِّ فِي حَالَةٍ ، ثُمَّ بِالْعَمَى ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ ) حَيْثُ يَضِلُّونَ الطَّرِيقَ ، فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَنْزِعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَيُحَوِّلَهُمْ هُدَاةً بُصَرَاءَ إِلَّا اللَّهُ - تَعَالَى . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : بِهَادِي الْعُمْيِ ، اسْمُ فَاعِلٍ مُضَافٌ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=17304وَيَحْيَـى بْنُ الْحَارِثِ ،
وَأَبُو حَيْوَةَ : بِهَادٍ - مُنَوَّنًا - " الْعُمْيَ " ؛
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ ،
وَطَلْحَةُ ،
وَابْنُ وَثَّابٍ ،
وَابْنُ يَعْمُرَ ،
وَحَمْزَةُ : تَهْدِي ، مُضَارِعُ هَدَى ، " الْعُمْيَ " بِالنَّصْبِ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ : وَمَا أَنْتَ تَهْتَدِي ، بِزِيَادَةِ أَنْ بَعْدَ مَا ، وَيَهْتَدِي مُضَارِعُ اهْتَدَى ، وَالْعُمْيُ بِالرَّفْعِ ، وَالْمَعْنَى : لَيْسَ فِي وُسْعِكَ إِدْخَالُ الْهُدَى فِي قَلْبِ مَنْ عَمِيَ عَنِ الْحَقِّ وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهِ بِعَيْنِ قَلْبِهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ) وَهُمُ الَّذِينَ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ يُصَدِّقُونَ بِآيَاتِهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81فَهُمْ مُسْلِمُونَ ) مُنْقَادُونَ لِلْحَقِّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : مُسْلِمُونَ مُخْلِصُونَ ، مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ ) بِمَعْنَى جَعَلَهُ سَالِمًا لِلَّهِ خَالِصًا . انْتَهَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) أَيْ إِذَا انْتَجَزَ وَعْدُ عَذَابِهِمُ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْقَوْلُ الْأَزَلِيُّ مِنَ اللَّهِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=71حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ ) فَالْمَعْنَى : إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُنْفِذَ فِي الْكَافِرِينَ سَابِقَ عِلْمِهِ فِيهِمْ مِنَ الْعَذَابِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30251أَخْرَجَ لَهُمْ دَابَّةً تَنْفُذُ مِنَ الْأَرْضِ . وَوَقَعَ : عِبَارَةٌ عَنِ الثُّبُوتِ وَاللُّزُومِ ، وَ " الْقَوْلُ " إِمَّا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ مَضْمُونُ الْقَوْلِ ، وَإِمَّا أَنَّهُ أَطْلَقَ الْقَوْلَ عَلَى الْمَقُولِ ، لَمَّا كَانَ الْمَقُولُ مُؤَدًّى بِالْقَوْلِ ، وَهُوَ مَا وُعِدُوا بِهِ مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ وَالْعَذَابِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) يَكُونُ بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ ، وَذَهَابِ الْعِلْمِ ، وَرَفْعِ الْقُرْآنِ . انْتَهَى . وَرُوِيَ أَنَّ خُرُوجَهَا حِينَ يَنْقَطِعُ الْخَيْرُ ، وَلَا يُؤْمَرُ بِمَعْرُوفٍ ، وَلَا يُنْهَى عَنْ مُنْكَرٍ ، وَلَا يَبْقَى مُنِيبٌ وَلَا تَائِبٌ . وَفِي الْحَدِيثِ : "
أَنَّ الدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ مِنْ أَوَّلِ الْأَشْرَاطِ " ، وَلَمْ يُعَيِّنِ الْأَوَّلَ ، وَكَذَلِكَ الدَّجَّالُ ؛ وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ آخِرُهَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّابَّةَ الَّتِي تَخْرُجُ هِيَ وَاحِدَةٌ . وَرُوِيَ أَنَّهُ يَخْرُجُ فِي كُلِّ بَلَدٍ دَابَّةٌ مِمَّا هُوَ مَثْبُوتٌ نَوْعُهَا فِي الْأَرْضِ ، وَلَيْسَتْ وَاحِدَةً ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ : ( دَابَّةً ) اسْمَ جِنْسٍ . وَاخْتَلَفُوا فِي مَاهِيَّتِهَا ، وَشَكْلِهَا ، وَمَحَلِّ خُرُوجِهَا ، وَعَدَدِ خُرُوجِهَا ، وَمِقْدَارِ مَا تَخْرُجُ مِنْهَا ، وَمَا تَفْعَلُ بِالنَّاسِ ، وَمَا الَّذِي تَخْرُجُ
[ ص: 97 ] بِهِ ، اخْتِلَافًا مُضْطَرِبًا مُعَارِضًا بَعْضُهُ بَعْضًا ، وَيُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضًا ؛ فَاطَّرَحْنَا ذِكْرَهُ ؛ لِأَنَّ نَقْلَهُ تَسْوِيدٌ لِلْوَرَقِ بِمَا لَا يَصِحُّ ، وَتَضْيِيعٌ لِزَمَانِ نَقْلِهِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82تُكَلِّمُهُمْ ) بِالتَّشْدِيدِ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ ، مِنَ الْكَلَامِ ؛ وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ
أُبَيٍّ : تُنَبِّئُهُمْ ، وَفِي بَعْضِ الْقِرَاءَاتِ : تُحَدِّثُهُمْ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=17317يَحْيَـى بْنِ سَلَّامٍ ؛ وَقِرَاءَةُ
عَبْدِ اللَّهِ : بِأَنَّ النَّاسَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : تُكَلِّمُهُمْ بِبُطْلَانِ سَائِرِ الْأَدْيَانِ سِوَى الْإِسْلَامِ . وَقِيلَ : تُخَاطِبُهُمْ ، فَتَقُولُ لِلْمُؤْمِنِ : هَذَا مُؤْمِنٌ ، وَلِلْكَافِرِ : هَذَا كَافِرٌ . وَقِيلَ مَعْنَى " تُكَلِّمُهُمْ " : تَجْرَحُهُمْ مِنَ الْكَلْمِ ، وَالتَّشْدِيدُ لِلتَّكْثِيرِ ؛ وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
وَمُجَاهِدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنِ جُبَيْرٍ ،
وَأَبِي زُرْعَةَ ،
وَالْجَحْدَرَيِّ ،
وَأَبِي حَيْوَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنِ أَبِي عَبْلَةَ : تَكْلِمُهُمْ ، بِفَتْحِ التَّاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ مُخَفَّفَ اللَّامِ ، وَقِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ : تَجْرَحُهُمْ مَكَانَ تَكْلِمُهُمْ . وَسَأَلَ
أَبُو الْحَوْرَاءِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ : تُكَلِّمُ أَوْ تَكْلِمُ ؟ فَقَالَ : كُلُّ ذَلِكَ تَفْعَلُ ، تُكَلِّمُ الْمُؤْمِنَ وَتَكْلِمُ الْكَافِرَ . انْتَهَى . وَرُوِيَ : أَنَّهَا تَسِمُ الْكَافِرَ فِي جَبْهَتِهِ وَتُرْبِدُهُ ، وَتَمْسَحُ عَلَى وَجْهِ الْمُؤْمِنِ فَتُبَيِّضُهُ .
وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : ( أَنَّ النَّاسَ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ : " بِأَنَّ " وَتَقَدَّمَ ؛ وَبَاقِي السَّبْعَةِ : " إِنَّ " ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ، فَاحْتُمِلَ الْكَسْرُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِقَوْلِهِ : ( بِآيَاتِنَا ) وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ الدَّابَّةِ . وَرُوِيَ هَذَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَكُسِرَتْ إِنَّ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ ، إِمَّا عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ ، أَوْ عَلَى إِجْرَاءِ " تُكَلِّمُهُمْ " إِجْرَاءَ تَقُولُ لَهُمْ . وَيَكُونُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81بِآيَاتِنَا ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَوْ لِاخْتِصَاصِهَا بِاللَّهِ ؛ كَمَا تَقُولُ بَعْضُ خَوَاصِّ الْمَلِكِ : خَيْلُنَا وَبِلَادُنَا ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الْفَتْحِ ، فَالتَّقْدِيرُ بِأَنَّ كَقِرَاءَةِ
عَبْدِ اللَّهِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِـ " تُكَلِّمُهُمْ " ، أَيْ تُخَاطِبُهُمْ بِهَذَا الْكَلَامِ . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ الْمَنْطُوقُ بِهَا أَوِ الْمُقَدَّرَةُ سَبَبِيَّةً ، أَيْ تُخَاطِبُهُمْ أَوْ تَجْرَحُهُمْ بِسَبَبِ انْتِفَاءِ إِيقَانِهِمْ بِآيَاتِنَا .