(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=47ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=49قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=50فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) .
لما قص الله - تعالى - من أنباء
موسى وغرائب ما جرى له من الحمل به في وقت ذبح الأبناء ، ورميه في البحر في تابوت ، ورده إلى أمه ، وتبني
فرعون له ، وإيتائه الحكم والعلم ، وقتله القبطي ، وخروجه من منشئه فارا ، وتصاهره مع
شعيب ، ورعيه لغنمه السنين الطويلة ، وعوده إلى
مصر ، وإضلاله الطريق ، ومناجاة الله له ، وإظهار تينك المعجزتين العظيمتين على يديه ، وهي العصا واليد ، وأمره بالذهاب إلى
فرعون ، ومحاورته معه ، وتكذيب
فرعون وإهلاكه وإهلاك قومه ، والامتنان على
موسى بإيتائه التوراة ؛ وأوحى - تعالى - بجميع ذلك إلى
محمد رسوله - صلى الله عليه وسلم - ذكره بإنعامه عليه بذلك ، وبما خصه من الغيوب التي كان لا يعلمها لا هو ولا قومه فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر ) .
والأمر ، قيل : النبوة والحكم الذي آتاه الله
موسى . وقيل : الأمر : أمر
محمد - عليه السلام - أن يكون من أمته ، وهذا التأويل يلتئم معه ما بعده من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45ولكنا أنشأنا قرونا ) . وقيل : الأمر : هلاك
فرعون بالماء ، ويحمل " بجانب الغربي " على اليم ، وبدأ أولا بنفي شيء خاص ، وهو أنه لم يحضر
[ ص: 122 ] وقت قضاء الله
لموسى الأمر ، ثم ثنى بكونه لم يكن من الشاهدين . والمعنى ، والله أعلم ؛ من الشاهدين بجميع ما أعلمناك به ، فهو نفي لشهادته جميع ما جرى
لموسى ، فكان عموما بعد خصوص . وبجانب الغربي : من إضافة الموصوف إلى صفته عند قوم ، ومن حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه عند قوم . فعلى القول الأول أصله بالجانب الغربي ، وعلى الثاني أصله بجانب المكان الغربي ، والترجيح بين القولين مذكور في النحو . والغربي ، قال
قتادة : غربي الجبل ، وقال
الحسن : بعث الله
موسى بالغرب ، وقال
أبو عبيدة : حيث تغرب الشمس والقمر والنجوم . وقيل : هنا جبل غربي . وقيل : الغربي من الوادي ، وقيل : من البحر . قال
ابن عطية : المعنى : لم تحضر يا
محمد هذه الغيوب التي تخبر بها ، ولكنها صارت إليك بوحينا ، أي فكان الواجب أن يسارع إلى الإيمان بك ، ولكن تطاول الأمر على القرون التي أنشأناها زمنا زمنا ، فعزبت حلومهم ، واستحكمت جهالتهم وضلالتهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : الغرب : المكان الواقع في شق الغرب ، وهو المكان الذي وقع فيه ميقات
موسى من الطور ، وكتب الله له في الألواح . والأمر المقضي إلى
موسى : الوحي الذي أوحي إليه . والخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : وما كنت حاضرا المكان الذي أوحينا فيه إلى
موسى ، ولا كنت من جملة الشاهدين للوحي إليه ، أو على الوحي إليه ، وهم نقباؤه الذين اختارهم للميقات ، حتى نقف من جملة المشاهدة على ما جرى من أمر
موسى في ميقاته ، وكتب التوراة له في الألواح ، وغير ذلك . ( فإن قلت ) : كيف يتصل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45ولكنا أنشأنا قرونا ) بهذا الكلام ، ومن أي جهة يكون استدراكا له ؟ ( قلت ) : اتصاله به وكونه استدراكا من حيث إن معناه : ولكنا أنشأنا بعد عهد الوحي إلى عهدك قرونا كثيرة ، فتطاول على آخرهم ، وهو القرن الذي أنت فيهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45العمر ) أي أمد انقطاع الوحي ، واندرست العلوم ، فوجب إرسالك إليهم ، فأرسلناك وكسبناك العلم بقصص الأنبياء وقصة
موسى ، كأنه قال : وما كنت شاهدا
لموسى وما جرى عليه ، ولكنا أوحيناه إليك ، فذكر سبب الوحي الذي هو إطالة النظرة ، ودل به على المسبب على عادة الله في اختصاره . فإذن ، هذا الاستدراك شبيه للاستدراكين بعده . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45وما كنت ثاويا ) أي مقيما في أهل
مدين ، هم
شعيب والمؤمنون . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45تتلو عليهم آياتنا ) تقرأ عليهم تعلما منهم ، يريد الآيات التي فيها قصة
شعيب وقومه . ولكنا أرسلناك وأخبرناك بها وعلمناكها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46إذ نادينا ) يريد مناداة
موسى ليلة المناجاة وتكليمه ، ولكن علمناك . وقيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45فتطاول عليهم العمر ) وفترت النبوة ، ودرست الشرائع ، وحرف كثير منها ؛ وتمام الكلام مضمر تقديره : وأرسلناك مجددا لتلك الأخبار ، مميزا للحق بما اختلف فيه منها ، رحمة منا . وقيل : يحتمل أن يكون المعنى : وما كنت من الشاهدين في ذلك الزمان ، وكانت بينك وبين
موسى قرون تطاولت أعمارهم ، وأنت تخبر الآن عن تلك الأحوال إخبار مشاهدة وعيان بإيحائنا معجزة لك . وقيل : تتلو حال ، وقيل : مستأنف ، أي أنت الآن تتلو قصة
شعيب ، ولكنا أرسلناك رسولا ، وأنزلنا عليك كتابا فيه هذه الأخبار المنسية تتلوها عليهم ، ولولاك ما أخبرتهم بما لم يشاهدوه .
وقال
الفراء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45وما كنت ثاويا ) في أهل
مدين مع
موسى ، فتراه وتسمع كلامه ، وها أنت (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45تتلو عليهم آياتنا ) أي على أمتك ، فهو منقطع . انتهى . قيل : وإذا لم يكن حاضرا في ذلك المكان ، فما معنى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وما كنت من الشاهدين ) ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : التقدير : لم تحضر ذلك الموضع ، ولو حضرت ، فما شاهدت تلك الوقائع ، فإنه يجوز أن يكون هناك : ولا يشهد ولا يرى . وقال
مقاتل : لم يشهد
أهل مدين فيقرأ على
أهل مكة خبرهم ، ولكنا أرسلناك إلى
أهل مكة ، وأنزلنا إليك هذه الأخبار ، ولولا ذلك ما علمت . وقال
الضحاك : يقول : إنك يا
محمد لم تكن الرسول إلى
أهل مدين ، تتلو عليهم آيات الكتاب ، وإنما كان
[ ص: 123 ] غيرك ، ولكنا كنا مرسلين في كل زمان رسولا ، فأرسلنا إلى
مدين شعيبا ، وأرسلناك إلى العرب لتكون خاتم الأنبياء . انتهى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46إذ نادينا ) بأن : ( سأكتبها للذين يتقون ) . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : أنه نودي من السماء حينئذ يا أمة
محمد ، استجبت لكم قبل أن تدعوني ، وغفرت لكم قبل أن تسألوني ، فحينئذ قال
موسى - عليه السلام - : اللهم اجعلني من أمة
محمد . فالمعنى : إذ نادينا بأمرك ، وأخبرناك بنبوتك . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46رحمة ) بالنصب ، فقدر : " ولكن جعلناك رحمة " ، وقدر أعلمناك ونبأناك رحمة . وقرأ
وعيسى ،
وأبو حيوة : بالرفع ، وقدر : ولكن هو رحمة ، أو هو رحمة ، أو أنت رحمة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46لتنذر قوما ما أتاهم من نذير ) أي في زمن الفترة بينك وبين
عيسى ، وهو خمسمائة وخمسون عاما ونحوه . وجواب ( لولا ) محذوف . والمعنى : لولا أنهم قائلون ، إذ عوقبوا بما قدموا من الشرك والمعاصي ، هلا أرسلت إلينا رسولا ؟ محتجين بذلك علينا ما أرسلنا إليهم : أي إنما أرسلنا الرسل إزالة لهذا العذر ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=165لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) أن تقولوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=19ما جاءنا من بشير ولا نذير ) . وتقدير الجواب : ما أرسلنا إليهم الرسل ، هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج . وقال
ابن عطية : تقديره : لعاجلناهم بما يستحقونه . والمصيبة : العذاب . ولما كان أكثر الأعمال تزاول بالأيدي عبر عن كل عمل باجتراح الأيدي ، حتى أعمال القلوب ، اتساعا في الكلام ، وتصيير الأقل تابعا للأكثر ، وتغليب الأكثر على الأقل . والفاء في (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=47فيقولوا ) للعطف على تصيبهم ، ولولا الثانية للتحضيض . و " فنتبع " : الفاء فيه جواب للتحضيض .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : كيف استقام هذا المعنى ، وقد جعلت العقوبة هي السبب في الإرسال لا القول لدخول حرف الامتناع عليها دونه ؟ ( قلت ) : القول هو المقصود بأن يكون سببا لإرسال الرسل ، ولكن العقوبة لما كانت هي السبب للقول ، فكان وجوده بوجودها ، جعلت العقوبة كأنها سبب الإرسال بواسطة القول ، فأدخلت عليها لولا ، وجيء بالقول معطوفا عليها بالفاء المعطية معنى السببية ، ويؤول معناها إلى قولك : ولولا قولهم هذا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156إذا أصابتهم مصيبة ) لما أرسلنا ، ولكن اختيرت هذه الطريقة لنكتة ، وهو أنهم لم يعاقبوا مثلا على كفرهم ، وقد عاينوا ما ألجئوا به إلى العلم اليقين . لم يقولوا : لولا أرسلت إلينا رسولا ، وإنما السبب في قولهم هذا هو العقاب لا غير ، لا التأسف على ما فاتهم من الإيمان بخالقهم . وفي هذا من الشهادة القوية على استحكام كفرهم ورسوخهم فيه ما لا يخفى ، كقولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=28ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ) . انتهى .
و " الحق " : هو الرسول
محمد - صلى الله عليه وسلم - جاء بالكتاب المعجز الذي قطع معاذيرهم . وقيل : القرآن (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48مثل ما أوتي موسى ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48من قبل ) أي من قبل الكتاب المنزل جملة واحدة ، وانقلاب العصا حية ، وفلق البحر ، وغيرها من الآيات . اقترحوا ذلك على سبيل التعنت والعناد ، كما قالوا : لولا أنزل عليه كنز ، وما أشبه ذلك من المقترحات لهم . وهذه المقالة التي قالوها هي من تعليم
اليهود لقريش ، قالوا لهم . ألا يأتي بآية باهرة كآيات
موسى ، فرد الله عليهم بأنهم كفروا بآيات
موسى ، وقد وقع منهم في آيات
موسى ما وقع من هؤلاء في آيات الرسول . فالضمير في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48أولم يكفروا )
لليهود ، قاله
ابن عطية : وقيل : قائل ذلك العرب بالتعليم ، كما قلنا . وقيل : قائل ذلك
اليهود ، ويظهر عندي أنه عائد على
قريش الذين قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48لولا أوتي ) أي
محمد (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48ما أوتي موسى ) وذلك أن تكذيبهم
لمحمد - صلى الله عليه وسلم - تكذيب
لموسى - عليه السلام - ونسبتهم السحر للرسول نسبة السحر
لموسى ؛ إذ الأنبياء هم من واد واحد . فمن نسب إلى أحد من الأنبياء ما لا يليق ، كان ناسبا ذلك إلى جميع الأنبياء . وتتناسق الضمائر كلها في هذا ، في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=49قل فأتوا بكتاب من عند الله ) وإن كان الظاهر من القول أنه النطق اللساني ، فقد ينطلق على الاعتقاد وهم من حيث إنكار النبوات ، معتقدون أن ما ظهر على أيدي الأنبياء من الآيات إنما هو من باب السحر .
[ ص: 124 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48أولم يكفروا ) يعني آباء جنسهم ، ومن مذهبهم مذهبهم ، وعنادهم عنادهم ، وهم الكفرة في زمن
موسى (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48بما أوتي موسى ) . وعن
الحسن : قد كان للعرب أصل في أيام
موسى ، فمعناه على هذا : أولم يكفر آباؤهم ؟ قالوا في
موسى وهارون : " ساحران تظاهرا " أي تعاونا . انتهى . و " من قبل " : يحتمل أن يتعلق بـ " يكفروا " ، وبـ " ما أوتي " . وقرأ الجمهور : ساحران . قال
مجاهد :
موسى وهارون . وقال
الحسن :
موسى وعيسى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
موسى ومحمد - صلى الله عليه وسلم - . وقال
الحسن أيضا :
عيسى ومحمد - عليهما الصلاة والسلام - . وقرأ
عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ،
والكوفيون : " سحران " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : التوراة والقرآن . وقيل : التوراة والإنجيل ، أو
موسى وهارون جعلا سحرين على سبيل المبالغة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48تظاهرا ) تعاونا . قرأ الجمهور : تظاهرا : فعلا ماضيا على وزن تفاعل . وقرأ
طلحة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : اظاهرا ، بهمزة الوصل وشد الظاء ، وكذا هي في حرف
عبد الله ، وأصله تظاهرا ، فأدغم التاء في الظاء ، فاجتلبت همزة الوصل لأجل سكون التاء المدغمة . وقرأ
محبوب عن
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=17304ويحيى بن الحارث الذماري ،
وأبو حيوة ،
وأبو خلاد عن
اليزيدي : تظاهرا بالتاء ، وتشديد الظاء . قال
ابن خالويه : وتشديده لحن ؛ لأنه فعل ماض ، وإنما يشدد في المضارع . وقال صاحب اللوامح : ولا أعرف وجهه . وقال صاحب الكامل في القراءات : ولا معنى له . انتهى . وله تخريج في اللسان ، وذلك أنه مضارع حذفت منه النون ، وقد جاء حذفها في قليل من الكلام وفي الشعر ، وساحران خبر مبتدأ محذوف تقديره : أنتما ساحران تتظاهران ؛ ثم أدغمت التاء في الظاء وحذفت النون ، وروعي ضمير الخطاب . ولو قرئ : يظاهرا ، بالياء ، حملا على مراعاة ساحران ، لكان له وجه ، أو على تقديرهما " ساحران تظاهرا " .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48وقالوا إنا بكل كافرون ) أي بكل من الساحرين أو السحرين ، ثم أمره تعالى أن يصدع بهذه الآية ، وهي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=49قل فأتوا ) أي أنتم أيها المكذبون بهذه الكتب التي تضمنت الأمر بالعبادات ومكارم الأخلاق ، ونهت عن الكفر والنقائص ، ووعد الله عليها الثواب الجزيل . إن كان تكذيبكم لمعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=49فأتوا بكتاب من عند الله ) يهدي أكثر من هدى هذه أتبعه معكم . والضمير في منها عائد على ما أنزل على
موسى ، وعلى
محمد - صلى الله عليهما وسلم - وتعليق إتيانهم بشرط الصدق أمر متحقق متيقن ، أنه لا يكون ولا يمكن صدقهم ، كما أنه لا يمكن أن يأتوا بكتاب من عند الله يكون أهدى من الكتابين . ويجوز أن يراد بالشرط التهكم بهم . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي : " أتبعه " برفع العين على الاستئناف ، أي أنا أتبعه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=50فإن لم يستجيبوا لك ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يريد فإن لم يؤمنوا بما جئت به من الحجج ، ولم يمكنهم أن يأتوا بكتاب هو أفضل ، والاستجابة تقتضي دعاء ، وهو - صلى الله عليه وسلم - يدعو دائما إلى الإيمان ، أي فإن لم يستجيبوا لك بعد ما وضح لهم من المعجزات التي تضمنها كتابك الذي أنزل ، أو يكون قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=49فأتوا بكتاب ) هو الدعاء ، إذ هو طلب منهم ودعاء لهم بأن يأتوا به . ومعلوم أنهم لا يستجيبون لأن يأتوا بكتاب من عند الله ، فاعلم أنه ليس لهم إلا اتباع هوى مجرد ، لا اتباع دليل . واستجاب : بمعنى أجاب ، ويعدى للداعي باللام ودونها ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=34فاستجاب له ربه ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=90فاستجبنا له ووهبنا له يحيى ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فإن لم يستجيبوا لكم ) . وقال الشاعر :
فلم يستجبه عند ذاك مجيب
فعداه بغير لام . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : هذا الفعل يتعدى إلى الدعاء وإلى الداعي باللام ، ويحذف الدعاء إذا عدي إلى الداعي في الغالب ، فيقال : استجاب الله دعاءه ، واستجاب له ، فلا يكاد يقال استجاب له دعاءه . وأما البيت فمعناه : فلم يستجب دعاء ، على حذف المضاف . انتهى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=50ومن أضل ) أي لا أحد أضل ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=50بغير هدى ) في موضع الحال ، وهذا الحال قيد في اتباع الهوى ؛ لأنه قد يتبع الإنسان ما يهواه ، ويكون ذلك الذي يهواه فيه هدى من الله ، لأن الأهواء كلها تنقسم إلى ما يكون فيه هدى
[ ص: 125 ] وما لا يكون فيه هدى ، فلذلك قيد بهذه الحال . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : يعني مخذولا مخلى بينه وبين هواه . انتهى ، وهو على طريق الاعتزال .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=47وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=49قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=50فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) .
لَمَّا قَصَّ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ أَنْبَاءِ
مُوسَى وَغَرَائِبِ مَا جَرَى لَهُ مِنَ الْحَمْلِ بِهِ فِي وَقْتِ ذَبْحِ الْأَبْنَاءِ ، وَرَمْيِهِ فِي الْبَحْرِ فِي تَابُوتٍ ، وَرَدِّهِ إِلَى أُمِّهِ ، وَتَبَنِّي
فِرْعَوْنَ لَهُ ، وَإِيتَائِهِ الْحُكْمَ وَالْعِلْمَ ، وَقَتْلِهِ الْقِبْطِيَّ ، وَخُرُوجِهِ مِنْ مَنْشَئِهِ فَارًّا ، وَتَصَاهُرِهِ مَعَ
شُعَيْبٍ ، وَرَعْيِهِ لِغَنَمِهِ السِّنِينَ الطَّوِيلَةَ ، وَعَوْدِهِ إِلَى
مِصْرَ ، وَإِضْلَالِهِ الطَّرِيقَ ، وَمُنَاجَاةِ اللَّهِ لَهُ ، وَإِظْهَارِ تَيْنِكَ الْمُعْجِزَتَيْنِ الْعَظِيمَتَيْنِ عَلَى يَدَيْهِ ، وَهِيَ الْعَصَا وَالْيَدُ ، وَأَمْرِهِ بِالذَّهَابِ إِلَى
فِرْعَوْنَ ، وَمُحَاوَرَتِهِ مَعَهُ ، وَتَكْذِيبِ
فِرْعَوْنَ وَإِهْلَاكِهِ وَإِهْلَاكِ قَوْمِهِ ، وَالِامْتِنَانِ عَلَى
مُوسَى بِإِيتَائِهِ التَّوْرَاةَ ؛ وَأَوْحَى - تَعَالَى - بِجَمِيعِ ذَلِكَ إِلَى
مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَّرَهُ بِإِنْعَامِهِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ، وَبِمَا خَصَّهُ مِنَ الْغُيُوبِ الَّتِي كَانَ لَا يَعْلَمُهَا لَا هُوَ وَلَا قَوْمُهُ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ ) .
وَالْأَمْرُ ، قِيلَ : النُّبُوَّةُ وَالْحُكْمُ الَّذِي آتَاهُ اللَّهُ
مُوسَى . وَقِيلَ : الْأَمْرُ : أَمْرُ
مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَكُونَ مِنْ أُمَّتِهِ ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ يَلْتَئِمُ مَعَهُ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا ) . وَقِيلَ : الْأَمْرُ : هَلَاكُ
فِرْعَوْنَ بِالْمَاءِ ، وَيُحْمَلُ " بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ " عَلَى الْيَمِّ ، وَبَدَأَ أَوَّلًا بِنَفْيِ شَيْءٍ خَاصٍّ ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ
[ ص: 122 ] وَقْتَ قَضَاءِ اللَّهِ
لِمُوسَى الْأَمْرَ ، ثُمَّ ثَنَّى بِكَوْنِهِ لَمْ يَكُنْ مِنَ الشَّاهِدِينَ . وَالْمَعْنَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ؛ مِنَ الشَّاهِدِينَ بِجَمِيعِ مَا أَعْلَمْنَاكَ بِهِ ، فَهُوَ نَفْيٌ لِشَهَادَتِهِ جَمِيعَ مَا جَرَى
لِمُوسَى ، فَكَانَ عُمُومًا بَعْدَ خُصُوصٍ . وَبِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ : مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى صِفَتِهِ عِنْدَ قَوْمٍ ، وَمِنْ حَذْفِ الْمَوْصُوفِ وَإِقَامَةِ الصِّفَةِ مَقَامَهُ عِنْدَ قَوْمٍ . فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَصِلُهُ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ ، وَعَلَى الثَّانِي أَصْلُهُ بِجَانِبِ الْمَكَانِ الْغَرْبِيِّ ، وَالتَّرْجِيحُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مَذْكُورٌ فِي النَّحْوِ . وَالْغَرْبِيُّ ، قَالَ
قَتَادَةُ : غَرْبِيُّ الْجَبَلِ ، وَقَالَ
الْحَسَنُ : بَعَثَ اللَّهُ
مُوسَى بِالْغَرْبِ ، وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : حَيْثُ تَغْرُبُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ . وَقِيلَ : هُنَا جَبَلٌ غَرْبِيٌّ . وَقِيلَ : الْغَرْبِيُّ مِنَ الْوَادِي ، وَقِيلَ : مِنَ الْبَحْرِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : الْمَعْنَى : لَمْ تَحْضُرْ يَا
مُحَمَّدُ هَذِهِ الْغُيُوبَ الَّتِي تُخْبَرُ بِهَا ، وَلَكِنَّهَا صَارَتْ إِلَيْكَ بِوَحْيِنَا ، أَيْ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُسَارَعَ إِلَى الْإِيمَانِ بِكَ ، وَلَكِنْ تَطَاوَلَ الْأَمْرُ عَلَى الْقُرُونِ الَّتِي أَنْشَأْنَاهَا زَمَنًا زَمَنًا ، فَعَزَبَتْ حُلُومُهُمْ ، وَاسْتَحْكَمَتْ جَهَالَتُهُمْ وَضَلَالَتُهُمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الْغَرْبُ : الْمَكَانُ الْوَاقِعُ فِي شِقِّ الْغَرْبِ ، وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ مِيقَاتُ
مُوسَى مِنَ الطَّوْرِ ، وَكَتَبَ اللَّهُ لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ . وَالْأَمْرُ الْمَقْضِيُّ إِلَى
مُوسَى : الْوَحْيُ الَّذِي أُوحِيَ إِلَيْهِ . وَالْخِطَابُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : وَمَا كُنْتَ حَاضِرًا الْمَكَانَ الَّذِي أَوْحَيْنَا فِيهِ إِلَى
مُوسَى ، وَلَا كُنْتَ مِنْ جُمْلَةِ الشَّاهِدِينَ لِلْوَحْيِ إِلَيْهِ ، أَوْ عَلَى الْوَحْيِ إِلَيْهِ ، وَهُمْ نُقَبَاؤُهُ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ لِلْمِيقَاتِ ، حَتَّى نَقِفَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُشَاهَدَةِ عَلَى مَا جَرَى مِنْ أَمْرِ
مُوسَى فِي مِيقَاتِهِ ، وَكَتْبِ التَّوْرَاةِ لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ . ( فَإِنْ قُلْتَ ) : كَيْفَ يَتَّصِلُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا ) بِهَذَا الْكَلَامِ ، وَمِنْ أَيِّ جِهَةٍ يَكُونُ اسْتِدْرَاكًا لَهُ ؟ ( قُلْتُ ) : اتِّصَالُهُ بِهِ وَكَوْنُهُ اسْتِدْرَاكًا مِنْ حَيْثُ إِنَّ مَعْنَاهُ : وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا بَعْدَ عَهْدِ الْوَحْيِ إِلَى عَهْدِكَ قُرُونًا كَثِيرَةً ، فَتَطَاوَلَ عَلَى آخِرِهِمْ ، وَهُوَ الْقَرْنُ الَّذِي أَنْتَ فِيهِمْ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45الْعُمُرُ ) أَيْ أَمَدُ انْقِطَاعِ الْوَحْيِ ، وَانْدَرَسَتِ الْعُلُومُ ، فَوَجَبَ إِرْسَالُكَ إِلَيْهِمْ ، فَأَرْسَلْنَاكَ وَكَسَّبْنَاكَ الْعِلْمَ بِقَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وَقِصَّةِ
مُوسَى ، كَأَنَّهُ قَالَ : وَمَا كُنْتَ شَاهِدًا
لِمُوسَى وَمَا جَرَى عَلَيْهِ ، وَلَكِنَّا أَوْحَيْنَاهُ إِلَيْكَ ، فَذَكَرَ سَبَبَ الْوَحْيِ الَّذِي هُوَ إِطَالَةُ النَّظِرَةِ ، وَدَلَّ بِهِ عَلَى الْمُسَبَّبِ عَلَى عَادَةِ اللَّهِ فِي اخْتِصَارِهِ . فَإِذَنْ ، هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ شَبِيهٌ لِلِاسْتِدْرَاكَيْنِ بَعْدَهُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا ) أَيْ مُقِيمًا فِي أَهْلِ
مَدْيَنَ ، هُمْ
شُعَيْبٌ وَالْمُؤْمِنُونَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) تَقْرَأُ عَلَيْهِمْ تَعَلُّمًا مِنْهُمْ ، يُرِيدُ الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا قِصَّةُ
شُعَيْبٍ وَقَوْمِهِ . وَلَكِنَّا أَرْسَلْنَاكَ وَأَخْبَرْنَاكَ بِهَا وَعَلَّمْنَاكَهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46إِذْ نَادَيْنَا ) يُرِيدُ مُنَادَاةَ
مُوسَى لَيْلَةَ الْمُنَاجَاةِ وَتَكْلِيمِهِ ، وَلَكِنْ عَلَّمْنَاكَ . وَقِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ) وَفَتَرَتِ النُّبُوَّةُ ، وَدَرَسَتِ الشَّرَائِعُ ، وَحُرِّفَ كَثِيرٌ مِنْهَا ؛ وَتَمَامُ الْكَلَامِ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ : وَأَرْسَلْنَاكَ مُجَدِّدًا لِتِلْكَ الْأَخْبَارِ ، مُمَيِّزًا لِلْحَقِّ بِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْهَا ، رَحْمَةً مِنَّا . وَقِيلَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ، وَكَانَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ
مُوسَى قُرُونٌ تَطَاوَلَتْ أَعْمَارُهُمْ ، وَأَنْتَ تُخْبِرُ الْآنَ عَنْ تِلْكَ الْأَحْوَالِ إِخْبَارَ مُشَاهَدَةٍ وَعَيَانٍ بِإِيحَائِنَا مُعْجِزَةً لَكَ . وَقِيلَ : تَتْلُو حَالٌ ، وَقِيلَ : مُسْتَأْنِفٌ ، أَيْ أَنْتَ الْآنَ تَتْلُو قِصَّةَ
شُعَيْبٍ ، وَلَكِنَّا أَرْسَلْنَاكَ رَسُولًا ، وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِيهِ هَذِهِ الْأَخْبَارُ الْمَنْسِيَّةُ تَتْلُوهَا عَلَيْهِمْ ، وَلَوْلَاكَ مَا أَخْبَرْتُهُمْ بِمَا لَمْ يُشَاهِدُوهُ .
وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا ) فِي أَهْلِ
مَدْيَنَ مَعَ
مُوسَى ، فَتَرَاهُ وَتَسْمَعُ كَلَامَهُ ، وَهَا أَنْتَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) أَيْ عَلَى أُمَّتِكَ ، فَهُوَ مُنْقَطِعٌ . انْتَهَى . قِيلَ : وَإِذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ ، فَمَا مَعْنَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) ؟ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : التَّقْدِيرُ : لَمْ تَحْضُرْ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ ، وَلَوْ حَضَرْتَ ، فَمَا شَاهَدْتَ تِلْكَ الْوَقَائِعَ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ : وَلَا يَشْهَدُ وَلَا يَرَى . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : لَمْ يَشْهَدْ
أَهْلَ مَدْيَنَ فَيَقْرَأُ عَلَى
أَهْلِ مَكَّةَ خَبَرَهُمْ ، وَلَكِنَّا أَرْسَلْنَاكَ إِلَى
أَهْلِ مَكَّةَ ، وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ هَذِهِ الْأَخْبَارَ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا عَلِمْتَ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : يَقُولُ : إِنَّكَ يَا
مُحَمَّدُ لَمْ تَكُنِ الرَّسُولَ إِلَى
أَهْلِ مَدْيَنَ ، تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِ الْكِتَابِ ، وَإِنَّمَا كَانَ
[ ص: 123 ] غَيْرُكَ ، وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسَلِينَ فِي كُلِّ زَمَانٍ رَسُولًا ، فَأَرْسَلْنَا إِلَى
مَدْيَنَ شُعَيْبًا ، وَأَرْسَلْنَاكَ إِلَى الْعَرَبِ لِتَكُونَ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ . انْتَهَى .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46إِذْ نَادَيْنَا ) بِأَنْ : ( سَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينِ يَتَّقُونَ ) . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّهُ نُودِيَ مِنَ السَّمَاءِ حِينَئِذٍ يَا أُمَّةَ
مُحَمَّدٍ ، اسْتَجَبْتُ لَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَدْعُونِي ، وَغَفَرْتُ لَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُونِي ، فَحِينَئِذٍ قَالَ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ . فَالْمَعْنَى : إِذْ نَادَيْنَا بِأَمْرِكَ ، وَأَخْبَرْنَاكَ بِنُبُوَّتِكَ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46رَحْمَةً ) بِالنَّصْبِ ، فَقُدِّرَ : " وَلَكِنْ جَعَلْنَاكَ رَحْمَةً " ، وَقُدِّرَ أَعْلَمْنَاكَ وَنَبَّأْنَاكَ رَحْمَةً . وَقَرَأَ
وَعِيسَى ،
وَأَبُو حَيْوَةَ : بِالرَّفْعِ ، وَقَدَّرَ : وَلَكِنْ هُوَ رَحْمَةٌ ، أَوْ هُوَ رَحْمَةٌ ، أَوْ أَنْتَ رَحْمَةٌ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ ) أَيْ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ بَيْنَكَ وَبَيْنَ
عِيسَى ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ عَامًا وَنَحْوُهُ . وَجَوَابُ ( لَوْلَا ) مَحْذُوفٌ . وَالْمَعْنَى : لَوْلَا أَنَّهُمْ قَائِلُونَ ، إِذْ عُوقِبُوا بِمَا قَدَّمُوا مِنَ الشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي ، هَلَّا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا ؟ مُحْتَجِّينَ بِذَلِكَ عَلَيْنَا مَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ : أَيْ إِنَّمَا أَرْسَلْنَا الرُّسُلَ إِزَالَةً لِهَذَا الْعُذْرِ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=165لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) أَنْ تَقُولُوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=19مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ ) . وَتَقْدِيرُ الْجَوَابِ : مَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ ، هُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : تَقْدِيرُهُ : لَعَاجَلْنَاهُمْ بِمَا يَسْتَحِقُّونَهُ . وَالْمُصِيبَةُ : الْعَذَابُ . وَلَمَّا كَانَ أَكْثَرُ الْأَعْمَالِ تُزَاوَلُ بِالْأَيْدِي عُبِّرَ عَنْ كُلِّ عَمَلٍ بِاجْتِرَاحِ الْأَيْدِي ، حَتَّى أَعْمَالُ الْقُلُوبِ ، اتِّسَاعًا فِي الْكَلَامِ ، وَتَصْيِيرَ الْأَقَلِّ تَابِعًا لِلْأَكْثَرِ ، وَتَغْلِيبَ الْأَكْثَرِ عَلَى الْأَقَلِّ . وَالْفَاءُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=47فَيَقُولُوا ) لِلْعَطْفِ عَلَى تُصِيبَهُمْ ، وَلَوْلَا الثَّانِيَةُ لِلتَّحْضِيضِ . وَ " فَنَتَّبِعَ " : الْفَاءُ فِيهِ جَوَابٌ لِلتَّحْضِيضِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : كَيْفَ اسْتَقَامَ هَذَا الْمَعْنَى ، وَقَدْ جُعِلَتِ الْعُقُوبَةُ هِيَ السَّبَبُ فِي الْإِرْسَالِ لَا الْقَوْلُ لِدُخُولِ حَرْفِ الِامْتِنَاعِ عَلَيْهَا دُونَهُ ؟ ( قُلْتُ ) : الْقَوْلُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِأَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِإِرْسَالِ الرُّسُلِ ، وَلَكِنَّ الْعُقُوبَةَ لِمَا كَانَتْ هِيَ السَّبَبَ لِلْقَوْلِ ، فَكَانَ وُجُودُهُ بِوُجُودِهَا ، جُعِلَتِ الْعُقُوبَةُ كَأَنَّهَا سَبَبُ الْإِرْسَالِ بِوَاسِطَةِ الْقَوْلِ ، فَأُدْخِلَتْ عَلَيْهَا لَوْلَا ، وَجِيءَ بِالْقَوْلِ مَعْطُوفًا عَلَيْهَا بِالْفَاءِ الْمُعْطِيَةِ مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ ، وَيُؤَوَّلُ مَعْنَاهَا إِلَى قَوْلِكَ : وَلَوْلَا قَوْلُهُمْ هَذَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ ) لَمَا أَرْسَلْنَا ، وَلَكِنِ اخْتِيرَتْ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ لِنُكْتَةٍ ، وَهُوَ أَنَّهُمْ لَمْ يُعَاقَبُوا مَثَلًا عَلَى كُفْرِهِمْ ، وَقَدْ عَايَنُوا مَا أُلْجِئُوا بِهِ إِلَى الْعِلْمِ الْيَقِينِ . لَمْ يَقُولُوا : لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا ، وَإِنَّمَا السَّبَبُ فِي قَوْلِهِمْ هَذَا هُوَ الْعِقَابُ لَا غَيْرَ ، لَا التَّأَسُّفُ عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ بِخَالِقِهِمْ . وَفِي هَذَا مِنَ الشَّهَادَةِ الْقَوِيَّةِ عَلَى اسْتِحْكَامِ كُفْرِهِمْ وَرُسُوخِهِمْ فِيهِ مَا لَا يَخْفَى ، كَقَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=28وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ ) . انْتَهَى .
وَ " الْحَقُّ " : هُوَ الرَّسُولُ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ بِالْكِتَابِ الْمُعْجِزِ الَّذِي قَطَعَ مَعَاذِيرَهُمْ . وَقِيلَ : الْقُرْآنُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48مِنْ قَبْلُ ) أَيْ مِنْ قَبْلُ الْكِتَابَ الْمُنَزَّلَ جُمْلَةً وَاحِدَةً ، وَانْقِلَابَ الْعَصَا حَيَّةً ، وَفَلْقَ الْبَحْرِ ، وَغَيْرَهَا مِنَ الْآيَاتِ . اقْتَرَحُوا ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ وَالْعِنَادِ ، كَمَا قَالُوا : لَوْلَا أَنْزِلُ عَلَيْهِ كَنْزٌ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْمُقْتَرَحَاتِ لَهُمْ . وَهَذِهِ الْمَقَالَةُ الَّتِي قَالُوهَا هِيَ مِنْ تَعْلِيمِ
الْيَهُودِ لِقُرَيْشٍ ، قَالُوا لَهُمْ . أَلَا يَأْتِيَ بِآيَةٍ بَاهِرَةٍ كَآيَاتِ
مُوسَى ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ
مُوسَى ، وَقَدْ وَقَعَ مِنْهُمْ فِي آيَاتِ
مُوسَى مَا وَقَعَ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي آيَاتِ الرَّسُولِ . فَالضَّمِيرُ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48أَوَلَمْ يَكْفُرُوا )
لِلْيَهُودِ ، قَالَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقِيلَ : قَائِلُ ذَلِكَ الْعَرَبُ بِالتَّعْلِيمِ ، كَمَا قُلْنَا . وَقِيلَ : قَائِلُ ذَلِكَ
الْيَهُودُ ، وَيَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى
قُرَيْشٍ الَّذِينَ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48لَوْلَا أُوتِيَ ) أَيْ
مُحَمَّدٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48مَا أُوتِيَ مُوسَى ) وَذَلِكَ أَنَّ تَكْذِيبَهُمْ
لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكْذِيبٌ
لِمُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَنِسْبَتُهُمُ السِّحْرَ لِلرَّسُولِ نِسْبَةُ السِّحْرِ
لِمُوسَى ؛ إِذِ الْأَنْبِيَاءُ هُمْ مِنْ وَادٍ وَاحِدٍ . فَمَنْ نَسَبَ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَا لَا يَلِيقُ ، كَانَ نَاسِبًا ذَلِكَ إِلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ . وَتَتَنَاسَقُ الضَّمَائِرُ كُلُّهَا فِي هَذَا ، فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=49قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنَ الْقَوْلِ أَنَّهُ النُّطْقُ اللِّسَانِيُّ ، فَقَدْ يَنْطَلِقُ عَلَى الِاعْتِقَادِ وَهُمْ مِنْ حَيْثُ إِنْكَارُ النُّبُوَّاتِ ، مُعْتَقِدُونَ أَنَّ مَا ظَهَرَ عَلَى أَيْدِي الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْآيَاتِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ السِّحْرِ .
[ ص: 124 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48أَوَلَمْ يَكْفُرُوا ) يَعْنِي آبَاءَ جِنْسِهِمْ ، وَمَنْ مَذْهَبُهُمْ مَذْهَبُهُمْ ، وَعِنَادُهُمْ عِنَادُهُمْ ، وَهُمُ الْكَفَرَةُ فِي زَمَنِ
مُوسَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48بِمَا أُوتِيَ مُوسَى ) . وَعَنِ
الْحَسَنِ : قَدْ كَانَ لِلْعَرَبِ أَصْلٌ فِي أَيَّامِ
مُوسَى ، فَمَعْنَاهُ عَلَى هَذَا : أَوَلَمْ يَكْفُرْ آبَاؤُهُمْ ؟ قَالُوا فِي
مُوسَى وَهَارُونَ : " سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا " أَيْ تَعَاوَنَا . انْتَهَى . وَ " مِنْ قَبْلُ " : يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِـ " يَكْفُرُوا " ، وَبِـ " مَا أُوتِيَ " . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : سَاحِرَانِ . قَالَ
مُجَاهِدٌ :
مُوسَى وَهَارُونُ . وَقَالَ
الْحَسَنُ :
مُوسَى وَعِيسَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ :
مُوسَى وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَقَالَ
الْحَسَنُ أَيْضًا :
عِيسَى وَمُحَمَّدٌ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - . وَقَرَأَ
عَبْدُ اللَّهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ،
وَالْكُوفِيُّونَ : " سِحْرَانِ " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : التَّوْرَاةُ وَالْقُرْآنُ . وَقِيلَ : التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ ، أَوْ
مُوسَى وَهَارُونُ جُعِلَا سِحْرَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48تَظَاهَرَا ) تَعَاوَنَا . قَرَأَ الْجُمْهُورُ : تَظَاهَرَا : فِعْلًا مَاضِيًا عَلَى وَزْنِ تَفَاعَلَ . وَقَرَأَ
طَلْحَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : اظَّاهَرَا ، بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ وَشَدِّ الظَّاءِ ، وَكَذَا هِيَ فِي حَرْفِ
عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَصْلُهُ تَظَاهَرَا ، فَأُدْغِمَ التَّاءُ فِي الظَّاءِ ، فَاجْتُلِبَتْ هَمْزَةُ الْوَصْلِ لِأَجْلِ سُكُونِ التَّاءِ الْمُدْغَمَةِ . وَقَرَأَ
مَحْبُوبٌ عَنِ
الْحَسَنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17304وَيَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ ،
وَأَبُو حَيْوَةَ ،
وَأَبُو خَلَّادٍ عَنِ
الْيَزِيدِيِّ : تَظَاهَرَا بِالتَّاءِ ، وَتَشْدِيدِ الظَّاءِ . قَالَ
ابْنُ خَالَوَيْهِ : وَتَشْدِيدُهُ لَحْنٌ ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ ، وَإِنَّمَا يُشَدِّدُ فِي الْمُضَارِعِ . وَقَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ : وَلَا أَعْرِفُ وَجْهَهُ . وَقَالَ صَاحِبُ الْكَامِلِ فِي الْقِرَاءَاتِ : وَلَا مَعْنَى لَهُ . انْتَهَى . وَلَهُ تَخْرِيجٌ فِي اللِّسَانِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مُضَارِعٌ حُذِفَتْ مِنْهُ النُّونَ ، وَقَدْ جَاءَ حَذْفُهَا فِي قَلِيلٍ مِنَ الْكَلَامِ وَفِي الشِّعْرِ ، وَسَاحِرَانِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : أَنْتُمَا سَاحِرَانِ تَتَظَاهَرَانِ ؛ ثُمَّ أُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الظَّاءِ وَحُذِفَتِ النُّونُ ، وَرُوعِيَ ضَمِيرُ الْخِطَابِ . وَلَوْ قُرِئَ : يَظَّاهَرَا ، بِالْيَاءِ ، حَمْلًا عَلَى مُرَاعَاةِ سَاحِرَانِ ، لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ ، أَوْ عَلَى تَقْدِيرِهِمَا " سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا " .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) أَيْ بِكُلٍّ مِنَ السَّاحِرَيْنِ أَوِ السِّحْرَيْنِ ، ثُمَّ أَمَرَهُ تَعَالَى أَنْ يَصْدَعَ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَهِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=49قُلْ فَأْتُوا ) أَيْ أَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُكَذِّبُونَ بِهَذِهِ الْكُتُبِ الَّتِي تَضَمَّنَتِ الْأَمْرَ بِالْعِبَادَاتِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، وَنَهَتْ عَنِ الْكُفْرِ وَالنَّقَائِصِ ، وَوَعَدَ اللَّهُ عَلَيْهَا الثَّوَابَ الْجَزِيلَ . إِنْ كَانَ تَكْذِيبُكُمْ لِمَعْنًى (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=49فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) يَهْدِي أَكْثَرَ مِنْ هُدَى هَذِهِ أَتَّبِعْهُ مَعَكُمْ . وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهَا عَائِدٌ عَلَى مَا أُنْزِلَ عَلَى
مُوسَى ، وَعَلَى
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ - وَتَعْلِيقُ إِتْيَانِهِمْ بِشَرْطِ الصِّدْقِ أَمْرٌ مُتَحَقِّقٌ مُتَيَقَّنٌ ، أَنَّهُ لَا يَكُونُ وَلَا يُمْكِنُ صِدْقُهُمْ ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يَكُونُ أَهْدَى مِنَ الْكِتَابَيْنِ . وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالشَّرْطِ التَّهَكُّمُ بِهِمْ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : " أَتَّبِعُهُ " بِرَفْعِ الْعَيْنِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ ، أَيْ أَنَا أَتَّبِعُهُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=50فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : يُرِيدُ فَإِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِمَا جِئْتَ بِهِ مِنَ الْحُجَجِ ، وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِكِتَابٍ هُوَ أَفْضَلُ ، وَالِاسْتِجَابَةُ تَقْتَضِي دُعَاءً ، وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو دَائِمًا إِلَى الْإِيمَانِ ، أَيْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ بَعْدَ مَا وَضَحَ لَهُمْ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا كِتَابُكَ الَّذِي أُنْزِلَ ، أَوْ يَكُونُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=49فَأْتُوا بِكِتَابٍ ) هُوَ الدُّعَاءَ ، إِذْ هُوَ طَلَبٌ مِنْهُمْ وَدُعَاءٌ لَهُمْ بِأَنْ يَأْتُوا بِهِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَجِيبُونَ لِأَنْ يَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا اتِّبَاعُ هَوًى مُجَرَّدٍ ، لَا اتِّبَاعَ دَلِيلٍ . وَاسْتَجَابَ : بِمَعْنَى أَجَابَ ، وَيُعَدَّى لِلدَّاعِي بِاللَّامِ وَدُونِهَا ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=34فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=90فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ ) . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبٌ
فَعَدَّاهُ بِغَيْرِ لَامٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : هَذَا الْفِعْلُ يَتَعَدَّى إِلَى الدُّعَاءِ وَإِلَى الدَّاعِي بِاللَّامِ ، وَيُحْذَفُ الدُّعَاءُ إِذَا عُدِّيَ إِلَى الدَّاعِي فِي الْغَالِبِ ، فَيُقَالُ : اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ ، وَاسْتَجَابَ لَهُ ، فَلَا يَكَادُ يُقَالُ اسْتَجَابَ لَهُ دُعَاءَهُ . وَأَمَّا الْبَيْتُ فَمَعْنَاهُ : فَلَمْ يَسْتَجِبْ دُعَاءً ، عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ . انْتَهَى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=50وَمَنْ أَضَلُّ ) أَيْ لَا أَحَدٌ أَضَلُّ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=50بِغَيْرِ هُدًى ) فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، وَهَذَا الْحَالُ قَيْدٌ فِي اتِّبَاعِ الْهَوَى ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَّبِعُ الْإِنْسَانُ مَا يَهْوَاهُ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الَّذِي يَهْوَاهُ فِيهِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ، لِأَنَّ الْأَهْوَاءَ كُلَّهَا تَنْقَسِمُ إِلَى مَا يَكُونُ فِيهِ هُدًى
[ ص: 125 ] وَمَا لَا يَكُونُ فِيهِ هُدًى ، فَلِذَلِكَ قُيِّدَ بِهَذِهِ الْحَالِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : يَعْنِي مَخْذُولًا مُخْلًى بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَوَاهُ . انْتَهَى ، وَهُوَ عَلَى طَرِيقِ الِاعْتِزَالِ .