[ ص: 131 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=74nindex.php?page=treesubj&link=28999ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=75ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=80وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=81فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=82وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون ) .
تقدم الكلام على قوله : ( ويوم يناديهم ) وكرر هنا على جهة الإبلاغ والتأكيد . ( ونزعنا ) أي : ميزنا وأخرجنا بسرعة من كل أمة من الأمم . ( شهيدا ) وهو نبي تلك الأمة ; لأنه هو الشهيد عليها ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) . وقيل : عدولا وخيارا . والشهيد على هذا اسم الجنس ، والشهيد يشهد على تلك الأمة بما صدر منها ، وما أجابت به ; لما دعيت إلى التوحيد ، وأنه قد بلغهم رسالة ربهم . ( فقلنا ) أي : للملأ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=75هاتوا برهانكم ) أي : حجتكم فيما كنتم عليه في الدنيا من الكفر ومخالفة هذا الشهيد (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=75فعلموا أن الحق لله ) لا لأصنامهم وما عبدوا من دون الله . ( وضل عنهم ) أي : وغاب عنهم غيبة الشيء الضائع (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=75ما كانوا يفترون ) من الكذب والباطل .
وقارون أعجمي : منع الصرف للعجمة والعلمية . وقيل : ومعنى كان من قومه أي : ممن آمن به . قال
ابن عطية : وهو إسرائيلي بإجماع . انتهى . واختلف في قرابته من
موسى عليه السلام ، اختلافا مضطربا متكاذبا ، وأولاها ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه ابن عمه ، وهو
قارون بن يصهر بن قاهث ، جد
موسى ; لأن النسابين ذكروا نسبه كذلك ، وكان يسمى المنور لحسن صورته ، وكان أحفظ
بني إسرائيل للتوراة وأقرأهم ، فنافق كما نافق السامري . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76فبغى عليهم ) ذكروا من أنواع بغيه الكفر ، والكبر ، وحسده
لموسى على النبوة ،
ولهارون على الذبح والقربان ، وظلمه
لبني إسرائيل حين ملكه
فرعون عليهم ، ودسه بغيا تكذب على
موسى أنه تعرض لها ، وتفضحه بذلك في ملأ من
بني إسرائيل . ومن تكبره أن زاد في ثيابه شبرا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76وآتيناه من الكنوز ) قيل : أظفره الله بكنز من كنوز
يوسف عليه السلام . وقيل : سميت أمواله كنوزا ، إذ كان ممتنعا من أداء الزكاة ، وبسبب ذلك عادى
موسى عليه السلام أول عداوته . و ( ما ) موصولة ، صلتها " إن " ومعمولاها . وقال
النحاس : سمعت
علي بن سليمان ، يعني
nindex.php?page=showalam&ids=13676الأخفش الصغير ، يقول : ما أقبح ما يقوله
الكوفيون في الصلات ، أنه لا يجوز أن تكون صلة " الذي " " إن " وما عملت
[ ص: 132 ] فيه ، وفي القرآن : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76ما إن مفاتحه ) . انتهى . وتقدم الكلام في " مفاتح " في سورة الأنعام ، وقالوا هنا : مقاليد خزائنه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : هي الخزائن نفسها . وقال
الضحاك : ظروفه وأوعيته . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : " مفاتيحه " ، بياء ، جمع مفتاح ، وذكروا من كثرة مفاتحه ما هو كذب ، أو يقارب الكذب ، فلم أكتبه . قال
أبو زيد : نؤت بالعمل ، إذا نهضت به . قال الشاعر :
إذا وجدنا خلفا بئس الخلف عبدا إذا ما ناء بالحمل وقف
ويقول : ناء ينوء ، إذا نهض بثقل . قال الشاعر :
تنوء بأخراها فلأيا قيامها وتمشي الهوينى عن قريب فتبهر
وقال
أبو عبيدة : هو مقلوب وأصله : لتنوء بها العصبة ، أي : تنهض ، والقلب عند أصحابنا بابه الشعر . والصحيح أن الباء للتعدية ، أي : لتنيء العصبة ، كما تقول : ذهبت به وأذهبته ، وجئت به وأجأته . ونقل هذا عن
الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء ، واختاره
النحاس ، وروي معناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وأبي صالح والسدي ، وتقول العرب : ناء الحمل بالبعير إذا أثقله . قال
ابن عطية : ويمكن أن يسند " تنوء " إلى المفاتح ; لأنها تنهض بتحامل إذا فعل ذلك الذي ينهض بها ، وذا مطرد في ناء الحمل بالبعير ونحوه ، فتأمله . وقرأ
بديل بن ميسرة : " لينوء " بالياء وتذكيره ، راعى المضاف المحذوف ، التقدير : ما إن حمل مفاتحه ، أو مقدارها ، أو نحو ذلك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ووجهه أن يفسر المفاتح بالخزائن ، ويعطيها حكم ما أضيف إليه للملابسة والإيصال ، كقوله : ذهبت
أهل اليمامة . انتهى . يعني : أنه اكتسب المفاتح التذكير من الضمير الذي
لقارون ، كما اكتسب أهل التأنيث من إضافته إلى
اليمامة ، فقيل فيه : ذهبت . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبو عمرو الداني أن
بديل بن ميسرة قرأ : " ما إن مفتاحه " على الإفراد ، فلا تحتاج قراءته " لينوء " بالياء إلى تأويل . وتقدم تفسير العصبة في سورة
يوسف عليه السلام . وتقدم قبل تفسير المفاتح ، أهي المقاليد ، أو الخزائن نفسها ، أو الظروف والأوعية ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والحسن : أن المفاتح هي الأموال .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كانت خزائنه تحملها أربعون أقوياء ، وكانت أربعمائة ألف ، يحمل كل رجل عشرة آلاف . وقال
أبو مسلم : المراد من المفاتح : العلم والإحاطة ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=59وعنده مفاتح الغيب ) والمراد : وآتيناه من الكنوز ، ما إن حفظها والاطلاع عليها ليثقل على العصبة ، أي : هذه الكنوز لكثرتها واختلاف أصنافها ، يتعب حفظها القائمين على حفظها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إذ قال له قومه لا تفرح ) نهوه عن الفرح المطغي الذي هو انهماك وانحلال نفس وأشر وإعجاب ، وإنما يفرح بإقبال الدنيا عليه من اطمأن إليها وغفل عن أمر الآخرة ، ومن جعل أنه مفارق زهرة الدنيا عن قريب ، فلا يفرح بها . وقال
أبو الطيب :
أشد الغم عندي في سرور تيقن عنه صاحبه انتقالا
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ومحل " إذ " منصوب بـ : " تنوء " . انتهى ، وهذا ضعيف جدا ; لأن إثقال المفاتح العصبة ليس مقيدا بوقت قول قومه له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76لا تفرح ) . وقال
ابن عطية : متعلق بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76فبغى عليهم ) وهو ضعيف أيضا ; لأن بغيه عليهم لم يكن مقيدا بذلك الوقت . وقال
الحوفي : الناصب له محذوف تقديره : اذكر . وقال
أبو البقاء : ( إذ قال له ) ظرف لـ : " آتيناه " ، وهو ضعيف أيضا ; لأن الإيتاء لم يكن وقت ذلك القول . وقال أيضا : ويجوز أن يكون ظرفا لفعل محذوف دل عليه الكلام ، أي : بغى عليهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إذ قال له قومه ) . انتهى . ويظهر أن يكون تقديره : فأظهر التفاخر والفرح بما أوتي من الكنوز (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إذ قال له قومه لا تفرح ) . وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23ولا تفرحوا بما آتاكم ) والعرب تمدح بترك الفرح عند إقبال الخير . وقال الشاعر :
ولست بمفراح إذا الدهر سرني ولا جازع من صرفه المتحول
[ ص: 133 ] وقال الآخر :
إن نلاق منفسا لا تلفنا فرح الخير ولا نكبو لضر
وقرئ : الفارحين ، حكاه
عيسى بن سليمان الحجازي . و ( لا يحب ) صفة فعل ، لا صفة ذات ، بمعنى الإرادة ; لأن الفرح أمر قد وقع ، فالمعنى : لا يظهر عليهم بركته ، ولا يعمهم رحمته . ولما نهوه عن الفرح المطغي أمروه بأن يطلب فيما آتاه الله من الكنوز وسعة الرزق ثواب الدار الآخرة ، بأن يفعل فيه أفعال البر ، وتجعله زادك إلى الآخرة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77ولا تنس نصيبك من الدنيا ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والجمهور : معناه : ولا تضيع عمرك في أن لا تعمل صالحا في دنياك ، إذ
nindex.php?page=treesubj&link=30180الآخرة إنما يعمل لها في الدنيا ، فنصيب الإنسان عمره وعمله الصالح فيها ، وهذا التأويل فيه عظة . وقال
الحسن وقتادة معناه : لا تضيع حظك من الدنيا في تمتعك بالحلال وطلبك ، أي : إياه ، ونظرك لعاقبة دنياك ، وفي هذا التأويل بعض رفق . وقال
الحسن : معناه : قدم الفضل وأمسك ما تبلغ به . وقال
مالك : هو الأكل والشرب بلا سرف . وقيل : أرادوا بنصيبه الكفن ، وهذا وعظ متصل ، كأنهم قالوا : تترك جميع
مالك ، لا يكون نصيبك منه إلا الكفن ; كما قال الشاعر :
نصيبك مما تجمع الدهر كله رداءان تأوي فيهما وحنوط
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أن تأخذ منه ما يكفيك ويصلحك ، وهذا قريب من قول
الحسن ( وأحسن ) إلى عباد الله ، أو بشكرك وطاعتك لله . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77كما أحسن الله إليك ) بتلك النعم التي خولكها ، والكاف للتشبيه ، وهو يكون في بعض الأوصاف ; لأن مماثلة إحسان العبد لإحسان الله من جميع الصفات يمتنع أن تكون ، فالتشبيه وقع في مطلق الإحسان ، أو تكون الكاف للتعليل ، أي : أحسن لأجل إحسان الله إليك . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77ولا تبغ الفساد ) أي : ما أنت عليه من البغي والظلم . ( على علم ) علم : مصدر ، يحتمل أن يكون مضافا إليه ومضافا إلى الله . فقال الجمهور : ادعى أن عنده علما استوجب به أن يكون صاحب تلك الكنوز . فقيل : علم التوراة وحفظها ، وكان أحد السبعين الذين اختارهم
موسى للميقات ، وكانت هذه مغالطة . وقال
أبو سليمان الداني : أي علم التجارة ووجوه المكاسب ، أي : أوتيته بإدراكي وسعيي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب : علم الكيمياء ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب : وكان
موسى عليه السلام يعلم الكيمياء ، وهي جعل الرصاص والنحاس ذهبا . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : على علم لصنعة الذهب ، ولعل ذلك لا يصح عنه ولا عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب . وأنكر
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج علم الكيمياء وقال : باطل لا حقيقة له . انتهى .
وكثيرا ما تولع
أهل مصر بطلب أشياء من المستحيلات والخرافات ; من ذلك : تغوير الماء ، وخدمة الصور الممثلة في الجدر خطوطا ، وادعاؤهم أن تلك الخطوط تتحرك إذا خدمت بأنواع من الخدم لهم والكيمياء حتى أن مشايخ العلم عندهم ، الذين هم عندهم بصورة الولاية ، يتطلب ذلك من أجهل وارد من
المغاربة . وقال
ابن زيد وغيره : أراد (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78أوتيته على علم ) من الله وتخصيص من لدنه قصدني به ، أي : فلا يلزمني فيه شيء مما قلتم ، ثم جعل قوله : ( عندي ) كما يقول : في معتقدي وعلى ما أراه . وقال مقاتل : ( على علم ) أي : على خير علمه الله عندي . والظاهر أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78أولم يعلم ) تقرير لعلمه ذلك ، وتنبيه على خطئه في اغتراره أي : قد علم أن الله قد أهلك من القرون قبله من هو أقوى منه وأغنى ; لأنه قد قرأه في التوراة ، وأخبر به
موسى ، وسمعه في التواريخ ، كأنه قيل : أولم يعلم في جملة ما عنده من العلم ؟ هذا حتى لا يغتر بكثرة ماله وقوته . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يكون نعتا لعلمه بذلك ; لأنه لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78أوتيته على علم عندي ) فتنفح بالعلم وتعظم به ، قيل : أعنده مثل ذلك العلم الذي ادعاه ؟ وأري نفسه به مستوجبة لكل نعمة ، ولم يعلم هذا العلم النافع حتى يقي نفسه مصارع الهالكين . انتهى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78وأكثر جمعا ) إما للمال ، أو جماعة يحوطونه ويخدمونه . قال
ابن عطية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78أولم يعلم ) برجح أن
[ ص: 134 ] قارون تشبع بعلم نفسه على زعمه .
وقرأ الجمهور : ( ولا يسأل ) مبنيا للمفعول و ( المجرمون ) رفع به ، وهو متصل بما قبله ، قاله محمد بن كعب . والضمير في ( ذنوبهم ) عائد على من أهلك من القرون ، أي : لا يسأل غيرهم ممن أجرم ، ولا ممن لم يجرم عمن أهلكه الله بل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=38كل نفس بما كسبت رهينة ) . وقيل : أهلك من أهلك من القرون ، عن علم منه بذنوبهم ، فلم يحتج إلى مسألتهم عنها . وقيل : هو مستأنف عن حال يوم القيامة . قال
قتادة : لا يسألون عن ذنوبهم لظهورها وكثرتها ; لأنهم يدخلون النار بغير حساب . وقال
قتادة أيضا
ومجاهد : لا تسألهم الملائكة عن ذنوبهم ; لأنهم يعرفونهم بسيماهم من السواد والتشويه ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=41يعرف المجرمون بسيماهم ) . وقيل : لا يسألون سؤال توبيخ وتقريع . وقرأ
أبو جعفر في روايته : " ولا تسأل " ، بالتاء والجزم ، " المجرمين " : نصب . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ،
وأبو العالية كذلك في " ولا تسأل " على النهي للمخاطب ، وكان
ابن أبي إسحاق لا يجوز ذلك إلا أن يكون " المجرمين " بالياء في محل النصب ، بوقوع الفعل عليه . قال صاحب اللوامح : فالظاهر ما قاله ، ولم يبلغني في نصب المجرمين شيء ، فإن تركاه على رفعه ، فله وجهان : أحدهما : أن تكون الهاء والميم في (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78عن ذنوبهم ) راجعة إلى ما تقدم من القرون ، وارتفاع " المجرمين " بإضمار المبتدأ ، وتقديره : هم المجرمون ، أو : أولئك المجرمون ، ومثله (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112التائبون العابدون ) في التوبة . والثاني : أن يكون بدلا من أصل الهاء والميم في ( ذنوبهم ) ; لأنها - وإن كانت في محل الجر بالإضافة إليها - فإن أصلها الرفع ; لأن الإضافة إليها بمنزلة إضافة المصدر إلى اسم الفاعل ; فعلى ذلك ( المجرمون ) محمول على الأصل ، على ما تقدم لنا من أن بعضهم قرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=26أن يضرب مثلا ما بعوضة ) بالجر ، على أنها بدل من أصل المثل ، و ( ما ) زائدة فيه ، وتقديره : لا يستحي بضرب مثل بعوضة ، أي : بضرب بعوضة . في ذلك فسر أن مع الفصل بالمصدر ناصب إلى المفعول به ، ثم أبدل منه البعوضة من غير أن أعرف فيها أثرا لحال . فأما قوله : من ذنوبهم ، فذنوب جمع ، فإن كان جمع مصدر ففي إعماله خلاف . وأما قوله على ما تقدم لنا من أن بعضهم قرأ ، فقد ذكر في البقرة أنه سمع ذلك ، ولا نعرف فيها أثرا ، فينبغي أن لا يجعلها قراءة .
ولما ذكر تعالى
قارون ونعته ، وما آتاه من الكنوز ، وفرحه بذلك فرح البطرين ، وادعاءه أن ما أوتي من ذلك إنما أوتيه على علم ، ذكر ما هو ناشئ عن التكبر والسرور بما أوتي ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79فخرج على قومه في زينته ) وكان يوم السبت : أي : أظهر ما يقدر عليه من الملابس والمراكب وزينة الدنيا . قال
جابر ،
ومجاهد : في ثياب حمر . وقال
ابن زيد : هو وحشمه في ثياب معصفرة . وقيل : في ثياب الأرجوان . وقيل : على بغلة شهباء عليها الأرجوان ، وعليها سرج من ذهب ، ومعه أربعة آلاف على زيه . وقيل : عليهم وعلى خيولهم الديباج الأحمر ، وعلى يمينه ثلاثمائة غلام ، وعلى يساره ثلاثمائة جارية بيض عليهم الحلي والديباج . وقيل : في تسعين ألفا عليهم المعصفرات ، وهو أول يوم رؤي فيه المعصفر . وقيل غير ذلك من الكيفيات .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79قال الذين يريدون الحياة الدنيا ) قيل : كانوا مؤمنين . وقال
قتادة : تمنوه ليتقربوا به إلى الله . وقيل : رغبة في اليسارة والثروة . وقيل : كانوا كفارا ، وتمنوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79مثل ما أوتي قارون ) ولم يذكروا زوال نعمته ، وهذا من الغبطة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79إنه لذو حظ عظيم ) أي : درجة عظيمة ، قاله
الضحاك . وقيل : نصيب كثير من الدنيا ، والحظ البخت والسعد ، يقال : فلان ذو حظ وحظيظ ومحظوظ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=80وقال الذين أوتوا العلم ) منهم : يوشع ، والعلم : معرفة الثواب والعقاب ، أو التوكل ، أو الإخبار ، أقوال . ( ويلكم ) دعاء بالشر . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=80ثواب الله ) وهو ما أعده في الآخرة للمؤمن ( خير ) مما أوتي
قارون . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=80ولا يلقاها ) أي : هذه الحكمة ، وهي معرفة ثواب الله ، وقيل : الجنة ونعيمها . وقيل : هذه المقالة ، وهي قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=80ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ) وبخهم بها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=80إلا الصابرون ) على الطاعات وعلى قمع أنفسهم عن الشهوات .
تقدم
[ ص: 135 ] طرف من خبر
قارون وحسده
لموسى . ومن حسده أنه جعل لبغي جعلا ، على أن ترمي
موسى بطلبها وبزنائها ، وأنها تابت إلى الله ، وأقرت أن
قارون هو الذي جعل لها جعلا على رمي
موسى بذلك ، فأمر الله الأرض أن تطيعه ، فقال : يا أرض ، خذيه وأتباعه ، فخسف بهم في حكاية طويلة ، الله أعلم بها . ولما خسف
بقارون ومن معه ، فقال
بنو إسرائيل : إنما دعا
موسى على
قارون ليستبد بداره وكنوزه ، فدعا الله حتى خسف بداره وأمواله . و " من " زائدة ، أي : من جماعة تفيد استغراق الفئات . وإذا انتفت الجملة ، ولم يقدر على نصره ، فانتفاء الواحد عن نصرته أبلغ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=81وما كان من المنتصرين ) أي : لم يكن في نفسه ممن يمتنع من عذاب الله .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=82وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس ) بدل ، وأصبح ، إذا حمل على ظاهره ، أن الخسف به وبداره كان ليلا ، وهو أفظع العذاب ، إذ الليل مقر الراحة والسكون ، والأمس يحتمل أن يراد به الزمان الماضي ، ويحتمل أن يراد به ما قبل يوم الخسف ، وهو يوم التمني ، ويدل عليه العطف بالفاء التي تقتضي التعقيب في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=81فخسفنا ) فيكون فيه اعتقاب العذاب خروجه في زينته ، وفي ذلك تعجيل العذاب . ومكانه : منزلته في الدنيا من الثروة والحشم والأتباع . و " وي " عند
الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه : اسم فعل مثل : صه ومه ، ومعناها : أعجب . قال
الخليل : وذلك أن القوم ندموا فقالوا : متندمين على ما سلف منهم : وي ، وكل من ندم فأظهر ندامته قال : وي . وكأن : هي كاف التشبيه الداخلة على " أن " ، وكتبت متصلة بكاف التشبيه لكثرة الاستعمال ، وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه :
وي كأن من يكن له نشب يح بب ومن يفتقر يعش عيش ضر
والبيت
لزيد بن عمرو بن نفيل . وحكى
الفراء أن امرأة قالت لزوجها : أين ابنك ؟ فقال : ويكأنه وراء البيت ، وعلى هذا المذهب يكون الوقف على وي . وقال
الأخفش : هي ويك ، وينبغي أن تكون الكاف حرف خطاب ، ولا موضع له من الإعراب ، والوقف عليه ويك ، ومنه قول
عنترة :
ولقد شفا نفسي وأبرأ سقمها قيل الفوارس ويك عنتر أقدم
قال
الأخفش : وأن عنده مفتوح بتقدير العلم ، أي : أعلم أن الله ، وقال الشاعر :
ألا ويك المضرة لا تدوم ولا يبقي على البؤس النعيم
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ويونس وأبو حاتم وغيرهم إلى أن أصله ويلك ، فحذفت اللام والكاف في موضع جر بالإضافة . فعلى المذهب الأول قيل : تكون الكاف خالية من معنى التشبيه ، كما قيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء ) . وعلى المذهب الثاني ، فالمعنى : أعجب لأن الله . وعلى المذهب الثالث تكون ويلك كلمة تحزن ، والمعنى أيضا : لأن الله . وقال
أبو زيد وفرقة معه : ويكأن ، حرف واحد بجملته ، وهو بمعنى : ألم تر . وبمعنى : ألم تر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وأبو عبيد . وقال
الفراء : ويك في كلام العرب كقول الرجل : أما ترى إلى صنع الله ؟ وقال
ابن قتيبة ، عن بعض أهل العلم أنه قال : معنى ويك : رحمة لك ، بلغة حمير .
ولما صدر منهم تمني حال
قارون ، وشاهدوا الخسف ، كان ذلك زاجرا لهم عن حب الدنيا ، وداعيا إلى الرضا بقدر الله ، فتنبهوا لخطئهم فقالوا : وي ، ثم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=82كأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ) بحسب مشيئته وحكمته ، لا لكرامته عليه ، ويضيق على من يشاء ، لا لهوانه ، بل لحكمته وقضائه ابتلاء . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : " لولا من الله " ، بحذف " أن " ، وهي مزادة . وروي عنه : " من الله " برفع النون والإضافة . وقرأ الجمهور : ( لخسف ) مبنيا للمفعول .
وحفص ،
وعصمة ،
وأبان عن
عاصم ،
وابن أبي حماد عن
أبي بكر : مبنيا للفاعل .
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، وطلحة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : " لانخسف بنا " ، كقولك : انقطع بنا ، كأنه فعل مطاوع ، والمقام مقام الفاعل هو ( بنا ) . ويجوز أن يكون المصدر أي : لانخسف الانخساف ، ومطاوع فعل لا يتعدى إلى مفعول به ، فلذلك بني
[ ص: 136 ] إما للبناء وإما للمصدر . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أيضا : " لتخسف " ، بتاء وشد السين ، مبنيا للمفعول .
[ ص: 131 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=74nindex.php?page=treesubj&link=28999وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=75وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=80وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=81فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=82وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) .
تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ : ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ ) وَكُرِّرَ هُنَا عَلَى جِهَةِ الْإِبْلَاغِ وَالتَّأْكِيدِ . ( وَنَزَعْنَا ) أَيْ : مَيَّزْنَا وَأَخْرَجْنَا بِسُرْعَةٍ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ . ( شَهِيدًا ) وَهُوَ نَبِيُّ تِلْكَ الْأُمَّةِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الشَّهِيدُ عَلَيْهَا ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ) . وَقِيلَ : عَدُولًا وَخِيَارًا . وَالشَّهِيدُ عَلَى هَذَا اسْمُ الْجِنْسِ ، وَالشَّهِيدُ يَشْهَدُ عَلَى تِلْكَ الْأُمَّةِ بِمَا صَدَرَ مِنْهَا ، وَمَا أَجَابَتْ بِهِ ; لَمَّا دُعِيَتْ إِلَى التَّوْحِيدِ ، وَأَنَّهُ قَدْ بَلَّغَهُمْ رِسَالَةَ رَبِّهِمْ . ( فَقُلْنَا ) أَيْ : لِلْمَلَأِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=75هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ) أَيْ : حُجَّتَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْكُفْرِ وَمُخَالَفَةِ هَذَا الشَّهِيدِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=75فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ ) لَا لِأَصْنَامِهِمْ وَمَا عَبَدُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ . ( وَضَلَّ عَنْهُمْ ) أَيْ : وَغَابَ عَنْهُمْ غَيْبَةَ الشَّيْءِ الضَّائِعِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=75مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) مِنَ الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ .
وَقَارُونُ أَعْجَمِيٌّ : مُنِعَ الصَّرْفَ لِلْعُجْمَةِ وَالْعَلَمِيَّةِ . وَقِيلَ : وَمَعْنَى كَانَ مِنْ قَوْمِهِ أَيْ : مِمَّنْ آمَنَ بِهِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهُوَ إِسْرَائِيلِيٌّ بِإِجْمَاعٍ . انْتَهَى . وَاخْتُلِفَ فِي قَرَابَتِهِ مِنْ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، اخْتِلَافًا مُضْطَرِبًا مُتَكَاذِبًا ، وَأَوْلَاهَا مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهِ ، وَهُوَ
قَارُونُ بْنُ يَصْهُرَ بْنِ قَاهِثَ ، جَدِّ
مُوسَى ; لِأَنَّ النَّسَّابِينَ ذَكَرُوا نَسَبَهُ كَذَلِكَ ، وَكَانَ يُسَمَّى الْمُنَوَّرَ لِحُسْنِ صُورَتِهِ ، وَكَانَ أَحْفَظَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ لِلتَّوْرَاةِ وَأَقْرَأَهُمْ ، فَنَافَقَ كَمَا نَافَقَ السَّامِرِيُّ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76فَبَغَى عَلَيْهِمْ ) ذَكَرُوا مِنْ أَنْوَاعِ بَغْيِهِ الْكُفْرَ ، وَالْكِبْرَ ، وَحَسَدَهُ
لِمُوسَى عَلَى النُّبُوَّةِ ،
وَلِهَارُونَ عَلَى الذَّبْحِ وَالْقُرْبَانِ ، وَظُلْمَهُ
لِبَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ مَلَّكَهُ
فِرْعَوْنُ عَلَيْهِمْ ، وَدَسَّهُ بَغِيًّا تَكْذِبُ عَلَى
مُوسَى أَنَّهُ تَعَرَّضَ لَهَا ، وَتَفْضَحُهُ بِذَلِكَ فِي مَلَأٍ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ . وَمِنْ تَكَبُّرِهِ أَنْ زَادَ فِي ثِيَابِهِ شِبْرًا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ ) قِيلَ : أَظْفَرَهُ اللَّهُ بِكَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ
يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَقِيلَ : سُمِّيَتْ أَمْوَالُهُ كُنُوزًا ، إِذْ كَانَ مُمْتَنِعًا مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ ، وَبِسَبَبِ ذَلِكَ عَادَى
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلَ عَدَاوَتِهِ . وَ ( مَا ) مَوْصُولَةٌ ، صِلَتُهَا " إِنَّ " وَمَعْمُولَاهَا . وَقَالَ
النَّحَّاسُ : سَمِعْتُ
عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ ، يَعْنِي
nindex.php?page=showalam&ids=13676الْأَخْفَشَ الصَّغِيرَ ، يَقُولُ : مَا أَقْبَحَ مَا يَقُولُهُ
الْكُوفِيُّونَ فِي الصِّلَاتِ ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِلَةُ " الَّذِي " " إِنَّ " وَمَا عَمِلَتْ
[ ص: 132 ] فِيهِ ، وَفِي الْقُرْآنِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ ) . انْتَهَى . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي " مَفَاتِحَ " فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ ، وَقَالُوا هُنَا : مَقَالِيدُ خَزَائِنِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : هِيَ الْخَزَائِنُ نَفْسُهَا . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : ظُرُوفُهُ وَأَوْعِيَتُهُ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : " مَفَاتِيحَهُ " ، بِيَاءٍ ، جَمْعُ مِفْتَاحٍ ، وَذَكَرُوا مِنْ كَثْرَةِ مَفَاتِحِهِ مَا هُوَ كَذِبٌ ، أَوْ يُقَارِبُ الْكَذِبَ ، فَلَمْ أَكْتُبْهُ . قَالَ
أَبُو زَيْدٍ : نُؤْتُ بِالْعَمَلِ ، إِذَا نَهَضْتَ بِهِ . قَالَ الشَّاعِرُ :
إِذَا وَجَدْنَا خَلَفًا بِئْسَ الْخَلَفْ عَبْدًا إِذَا مَا نَاءَ بِالْحِمْلِ وَقَفْ
وَيَقُولُ : نَاءَ يَنُوءُ ، إِذَا نَهَضَ بِثِقَلٍ . قَالَ الشَّاعِرُ :
تَنُوءُ بِأُخْرَاهَا فَلَأْيًا قِيَامُهَا وَتَمْشِي الْهُوَيْنَى عَنْ قَرِيبٍ فَتَبْهَرُ
وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : هُوَ مَقْلُوبٌ وَأَصْلُهُ : لَتَنُوءُ بِهَا الْعُصْبَةُ ، أَيْ : تَنْهَضُ ، وَالْقَلْبُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا بَابُهُ الشِّعْرُ . وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّعْدِيَةِ ، أَيْ : لَتُنِيءُ الْعُصْبَةَ ، كَمَا تَقُولُ : ذَهَبْتُ بِهِ وَأَذْهَبْتُهُ ، وَجِئْتُ بِهِ وَأَجَأْتُهُ . وَنُقِلَ هَذَا عَنِ
الْخَلِيلِ nindex.php?page=showalam&ids=16076وَسِيبَوَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءِ ، وَاخْتَارَهُ
النَّحَّاسُ ، وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي صَالِحٍ وَالسُّدِّيِّ ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ : نَاءَ الْحِمْلُ بِالْبَعِيرِ إِذَا أَثْقَلَهُ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْنَدَ " تَنُوءُ " إِلَى الْمَفَاتِحِ ; لِأَنَّهَا تَنْهَضُ بِتَحَامُلٍ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ الَّذِي يَنْهَضُ بِهَا ، وَذَا مُطَّرِدٌ فِي نَاءَ الْحِمْلُ بِالْبَعِيرِ وَنَحْوِهِ ، فَتَأَمَّلْهُ . وَقَرَأَ
بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ : " لَيَنُوءُ " بِالْيَاءِ وَتَذْكِيرِهِ ، رَاعَى الْمُضَافَ الْمَحْذُوفَ ، التَّقْدِيرُ : مَا إِنَّ حَمْلَ مَفَاتِحِهِ ، أَوْ مِقْدَارِهَا ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَوَجْهُهُ أَنْ يُفَسَّرَ الْمَفَاتِحُ بِالْخَزَائِنِ ، وَيُعْطِيَهَا حُكْمَ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ لِلْمُلَابَسَةِ وَالْإِيصَالِ ، كَقَوْلِهِ : ذَهَبَتْ
أَهْلُ الْيَمَامَةِ . انْتَهَى . يَعْنِي : أَنَّهُ اكْتَسَبَ الْمَفَاتِحُ التَّذْكِيرَ مِنَ الضَّمِيرِ الَّذِي
لِقَارُونَ ، كَمَا اكْتَسَبَ أَهْلٌ التَّأْنِيثَ مِنْ إِضَافَتِهِ إِلَى
الْيَمَامَةِ ، فَقِيلَ فِيهِ : ذَهَبَتْ . وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12111أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ أَنَّ
بُدَيْلَ بْنَ مَيْسَرَةَ قَرَأَ : " مَا إِنَّ مِفْتَاحَهُ " عَلَى الْإِفْرَادِ ، فَلَا تَحْتَاجُ قِرَاءَتُهُ " لَيَنُوءُ " بِالْيَاءِ إِلَى تَأْوِيلٍ . وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْعُصْبَةِ فِي سُورَةِ
يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَتَقَدَّمَ قَبْلَ تَفْسِيرِ الْمَفَاتِحِ ، أَهِيَ الْمَقَالِيدُ ، أَوِ الْخَزَائِنُ نَفْسُهَا ، أَوِ الظُّرُوفُ وَالْأَوْعِيَةُ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ : أَنَّ الْمَفَاتِحَ هِيَ الْأَمْوَالُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَتْ خَزَائِنُهُ تَحْمِلُهَا أَرْبَعُونَ أَقْوِيَاءُ ، وَكَانَتْ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ ، يَحْمِلُ كُلُّ رَجُلٍ عَشَرَةَ آلَافٍ . وَقَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ : الْمُرَادُ مِنَ الْمَفَاتِحِ : الْعِلْمُ وَالْإِحَاطَةُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=59وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ ) وَالْمُرَادُ : وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ ، مَا إِنَّ حِفْظَهَا وَالِاطِّلَاعَ عَلَيْهَا لَيَثْقُلُ عَلَى الْعُصْبَةِ ، أَيْ : هَذِهِ الْكُنُوزُ لِكَثْرَتِهَا وَاخْتِلَافِ أَصْنَافِهَا ، يُتْعِبُ حِفْظُهَا الْقَائِمِينَ عَلَى حِفْظِهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ) نَهَوْهُ عَنِ الْفَرَحِ الْمُطْغِي الَّذِي هُوَ انْهِمَاكٌ وَانْحِلَالُ نَفْسٍ وَأَشَرٌ وَإِعْجَابٌ ، وَإِنَّمَا يَفْرَحُ بِإِقْبَالِ الدُّنْيَا عَلَيْهِ مَنِ اطْمَأَنَّ إِلَيْهَا وَغَفَلَ عَنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ ، وَمَنْ جَعَلَ أَنَّهُ مُفَارِقُ زَهْرَةِ الدُّنْيَا عَنْ قَرِيبٍ ، فَلَا يَفْرَحُ بِهَا . وَقَالَ
أَبُو الطَّيِّبِ :
أَشَدُّ الْغَمِّ عِنْدِي فِي سُرُورٍ تَيَقَّنَ عَنْهُ صَاحِبُهُ انْتِقَالًا
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَمَحَلٌّ " إِذْ " مَنْصُوبٌ بِـ : " تُنُوءُ " . انْتَهَى ، وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا ; لِأَنَّ إِثْقَالَ الْمَفَاتِحِ الْعُصْبَةَ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِوَقْتِ قَوْلِ قَوْمِهِ لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76لَا تَفْرَحْ ) . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76فَبَغَى عَلَيْهِمْ ) وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا ; لِأَنَّ بَغْيَهُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ مُقَيَّدًا بِذَلِكَ الْوَقْتِ . وَقَالَ
الْحَوْفِيُّ : النَّاصِبُ لَهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : اذْكُرْ . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : ( إِذْ قَالَ لَهُ ) ظَرْفٌ لِـ : " آتَيْنَاهُ " ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا ; لِأَنَّ الْإِيتَاءَ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ ذَلِكَ الْقَوْلِ . وَقَالَ أَيْضًا : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ ، أَيْ : بَغَى عَلَيْهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ ) . انْتَهَى . وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ : فَأَظْهَرَ التَّفَاخُرَ وَالْفَرَحَ بِمَا أُوتِيَ مِنَ الْكُنُوزِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ) . وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) وَالْعَرَبُ تَمْدَحُ بِتَرْكِ الْفَرَحِ عِنْدَ إِقْبَالِ الْخَيْرِ . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
وَلَسْتُ بِمِفْرَاحٍ إِذَا الدَّهْرُ سَرَّنِي وَلَا جَازِعٍ مِنْ صَرْفِهِ الْمُتَحَوِّلِ
[ ص: 133 ] وَقَالَ الْآخَرُ :
إِنْ نُلَاقِ مُنْفِسًا لَا تُلْفِنَا فُرُحَ الْخَيْرِ وَلَا نَكْبُو لِضُرِّ
وَقُرِئَ : الْفَارِحِينَ ، حَكَاهُ
عِيسَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْحِجَازِيُّ . وَ ( لَا يُحِبُّ ) صِفَةُ فِعْلٍ ، لَا صِفَةُ ذَاتٍ ، بِمَعْنَى الْإِرَادَةِ ; لِأَنَّ الْفَرَحَ أَمْرٌ قَدْ وَقَعَ ، فَالْمَعْنَى : لَا يُظْهِرُ عَلَيْهِمْ بَرَكَتَهُ ، وَلَا يَعُمُّهُمْ رَحْمَتُهُ . وَلَمَّا نَهَوْهُ عَنِ الْفَرَحِ الْمُطْغِي أَمَرُوهُ بِأَنْ يَطْلُبَ فِيمَا آتَاهُ اللَّهُ مِنَ الْكُنُوزِ وَسَعَةِ الرِّزْقِ ثَوَابَ الدَّارِ الْآخِرَةِ ، بِأَنْ يَفْعَلَ فِيهِ أَفْعَالَ الْبِرِّ ، وَتَجْعَلَهُ زَادَكَ إِلَى الْآخِرَةِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْجُمْهُورُ : مَعْنَاهُ : وَلَا تُضَيِّعْ عُمُرَكَ فِي أَنْ لَا تَعْمَلَ صَالِحًا فِي دُنْيَاكَ ، إِذِ
nindex.php?page=treesubj&link=30180الْآخِرَةُ إِنَّمَا يُعْمَلُ لَهَا فِي الدُّنْيَا ، فَنَصِيبُ الْإِنْسَانِ عُمُرُهُ وَعَمَلُهُ الصَّالِحُ فِيهَا ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ فِيهِ عِظَةٌ . وَقَالَ
الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ مَعْنَاهُ : لَا تُضَيِّعْ حَظَّكَ مِنَ الدُّنْيَا فِي تَمَتُّعِكَ بِالْحَلَالِ وَطَلَبِكَ ، أَيْ : إِيَّاهُ ، وَنَظَرِكَ لِعَاقِبَةِ دُنْيَاكَ ، وَفِي هَذَا التَّأْوِيلِ بَعْضُ رِفْقٍ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : مَعْنَاهُ : قَدِّمِ الْفَضْلَ وَأَمْسِكْ مَا تَبْلُغُ بِهِ . وَقَالَ
مَالِكٌ : هُوَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِلَا سَرَفٍ . وَقِيلَ : أَرَادُوا بِنَصِيبِهِ الْكَفَنَ ، وَهَذَا وَعْظٌ مُتَّصِلٌ ، كَأَنَّهُمْ قَالُوا : تَتْرُكُ جَمِيعَ
مَالِكَ ، لَا يَكُونُ نَصِيبُكَ مِنْهُ إِلَّا الْكَفَنَ ; كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
نَصِيبُكَ مِمَّا تَجْمَعُ الدَّهْرَ كُلَّهُ رِدَاءَانِ تَأْوِي فِيهِمَا وَحَنُوطُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ مَا يَكْفِيكَ وَيُصْلِحُكَ ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ
الْحَسَنِ ( وَأَحْسِنْ ) إِلَى عِبَادِ اللَّهِ ، أَوْ بِشُكْرِكَ وَطَاعَتِكَ لِلَّهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ) بِتِلْكَ النِّعَمِ الَّتِي خَوَّلَكَهَا ، وَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ ، وَهُوَ يَكُونُ فِي بَعْضِ الْأَوْصَافِ ; لِأَنَّ مُمَاثَلَةَ إِحْسَانِ الْعَبْدِ لِإِحْسَانِ اللَّهِ مِنْ جَمِيعِ الصِّفَاتِ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ ، فَالتَّشْبِيهُ وَقَعَ فِي مُطْلَقِ الْإِحْسَانِ ، أَوْ تَكُونُ الْكَافُ لِلتَّعْلِيلِ ، أَيْ : أَحْسِنْ لِأَجْلِ إِحْسَانِ اللَّهِ إِلَيْكَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ ) أَيْ : مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَغْيِ وَالظُّلْمِ . ( عَلَى عِلْمٍ ) عِلْمٍ : مَصْدَرٌ ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا إِلَيْهِ وَمُضَافًا إِلَى اللَّهِ . فَقَالَ الْجُمْهُورُ : ادَّعَى أَنَّ عِنْدَهُ عِلْمًا اسْتَوْجَبَ بِهِ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ تِلْكَ الْكُنُوزِ . فَقِيلَ : عِلْمُ التَّوْرَاةِ وَحِفْظُهَا ، وَكَانَ أَحَدَ السَّبْعِينَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ
مُوسَى لِلْمِيقَاتِ ، وَكَانَتْ هَذِهِ مُغَالَطَةً . وَقَالَ
أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّانِيُّ : أَيْ عِلْمُ التِّجَارَةِ وَوُجُوهِ الْمَكَاسِبِ ، أَيْ : أُوتِيتُهُ بِإِدْرَاكِي وَسَعْيِي . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنُ الْمُسَيَّبِ : عِلْمُ الْكِيمْيَاءِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنُ الْمُسَيَّبِ : وَكَانَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَعْلَمُ الْكِيمْيَاءَ ، وَهِيَ جَعْلُ الرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ ذَهَبًا . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : عَلَى عِلْمٍ لِصَنْعَةِ الذَّهَبِ ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ عَنْهُ وَلَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنِ الْمُسَيَّبِ . وَأَنْكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ عِلْمَ الْكِيمْيَاءِ وَقَالَ : بَاطِلٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ . انْتَهَى .
وَكَثِيرًا مَا تُولَعُ
أَهْلُ مِصْرَ بِطَلَبِ أَشْيَاءَ مِنَ الْمُسْتَحِيلَاتِ وَالْخُرَافَاتِ ; مِنْ ذَلِكَ : تَغْوِيرُ الْمَاءِ ، وَخِدْمَةُ الصُّوَرِ الْمُمَثَّلَةِ فِي الْجُدُرِ خُطُوطًا ، وَادِّعَاؤُهُمْ أَنَّ تِلْكَ الْخُطُوطَ تَتَحَرَّكُ إِذَا خُدِمَتْ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْخَدَمِ لَهُمْ وَالْكِيمْيَاءِ حَتَّى أَنَّ مَشَايِخَ الْعِلْمِ عِنْدَهُمْ ، الَّذِينَ هُمْ عِنْدَهُمْ بِصُورَةِ الْوِلَايَةِ ، يَتَطَلَّبُ ذَلِكَ مِنْ أَجْهَلِ وَارِدٍ مِنَ
الْمَغَارِبَةِ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ : أَرَادَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ ) مِنَ اللَّهِ وَتَخْصِيصٍ مِنْ لَدُنْهُ قَصَدَنِي بِهِ ، أَيْ : فَلَا يَلْزَمُنِي فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا قُلْتُمْ ، ثُمَّ جَعَلَ قَوْلَهُ : ( عِنْدِي ) كَمَا يَقُولُ : فِي مُعْتَقَدِي وَعَلَى مَا أَرَاهُ . وَقَالَ مُقَاتِلٌ : ( عَلَى عِلْمٍ ) أَيْ : عَلَى خَيْرٍ عَلِمَهُ اللَّهُ عِنْدِي . وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78أَوَلَمْ يَعْلَمْ ) تَقْرِيرٌ لِعِلْمِهِ ذَلِكَ ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى خَطَئِهِ فِي اغْتِرَارِهِ أَيْ : قَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنَ الْقُرُونِ قَبْلَهُ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَأَغْنَى ; لِأَنَّهُ قَدْ قَرَأَهُ فِي التَّوْرَاةِ ، وَأَخْبَرَ بِهِ
مُوسَى ، وَسَمِعَهُ فِي التَّوَارِيخِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : أَوَلَمْ يَعْلَمْ فِي جُمْلَةِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ ؟ هَذَا حَتَّى لَا يَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ مَالِهِ وَقُوَّتِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِعِلْمِهِ بِذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ) فَتَنَفَّحَ بِالْعِلْمِ وَتَعَظَّمَ بِهِ ، قِيلَ : أَعِنْدَهُ مِثْلُ ذَلِكَ الْعِلْمِ الَّذِي ادَّعَاهُ ؟ وَأُرِيَ نَفْسَهُ بِهِ مُسْتَوْجِبَةً لِكُلِّ نِعْمَةٍ ، وَلَمْ يَعْلَمْ هَذَا الْعِلْمَ النَّافِعَ حَتَّى يَقِيَ نَفْسَهُ مَصَارِعَ الْهَالِكِينَ . انْتَهَى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78وَأَكْثَرُ جَمْعًا ) إِمَّا لِلْمَالِ ، أَوْ جَمَاعَةٍ يَحُوطُونَهُ وَيَخْدِمُونَهُ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78أَوَلَمْ يَعْلَمْ ) بِرُجْحِ أَنَّ
[ ص: 134 ] قَارُونَ تَشَبَّعَ بِعِلْمِ نَفْسِهِ عَلَى زَعْمِهِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( وَلَا يُسْأَلُ ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَ ( الْمُجْرِمُونَ ) رُفِعَ بِهِ ، وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ ، قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ . وَالضَّمِيرُ فِي ( ذُنُوبِهِمْ ) عَائِدٌ عَلَى مَنْ أُهْلِكَ مِنَ الْقُرُونِ ، أَيْ : لَا يُسْأَلُ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ أَجْرَمَ ، وَلَا مِمَّنْ لَمْ يُجْرِمْ عَمَّنْ أَهْلَكَهُ اللَّهُ بَلْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=38كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) . وَقِيلَ : أَهْلَكَ مَنْ أَهْلَكَ مِنَ الْقُرُونِ ، عَنْ عِلْمٍ مِنْهُ بِذُنُوبِهِمْ ، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى مَسْأَلَتِهِمْ عَنْهَا . وَقِيلَ : هُوَ مُسْتَأْنَفٌ عَنْ حَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ . قَالَ
قَتَادَةُ : لَا يُسْأَلُونَ عَنْ ذُنُوبِهِمْ لِظُهُورِهَا وَكَثْرَتِهَا ; لِأَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ النَّارَ بِغَيْرِ حِسَابٍ . وَقَالَ
قَتَادَةُ أَيْضًا
وَمُجَاهِدٌ : لَا تَسْأَلُهُمُ الْمَلَائِكَةُ عَنْ ذُنُوبِهِمْ ; لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ مِنَ السَّوَادِ وَالتَّشْوِيهِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=41يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ ) . وَقِيلَ : لَا يُسْأَلُونَ سُؤَالَ تَوْبِيخٍ وَتَقْرِيعٍ . وَقَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ فِي رِوَايَتِهِ : " وَلَا تَسْأَلْ " ، بِالتَّاءِ وَالْجَزْمِ ، " الْمُجْرِمِينَ " : نُصِبَ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنُ سِيرِينَ ،
وَأَبُو الْعَالِيَةِ كَذَلِكَ فِي " وَلَا تَسْأَلْ " عَلَى النَّهْيِ لِلْمُخَاطَبِ ، وَكَانَ
ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ لَا يُجَوِّزُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ " الْمُجْرِمِينَ " بِالْيَاءِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ ، بِوُقُوعِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ . قَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ : فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي فِي نَصْبِ الْمُجْرِمِينَ شَيْءٌ ، فَإِنْ تَرَكَاهُ عَلَى رَفْعِهِ ، فَلَهُ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ وَالْمِيمُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78عَنْ ذُنُوبِهِمْ ) رَاجِعَةً إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقُرُونِ ، وَارْتِفَاعُ " الْمُجْرِمِينَ " بِإِضْمَارِ الْمُبْتَدَأِ ، وَتَقْدِيرُهُ : هُمُ الْمُجْرِمُونَ ، أَوْ : أُولَئِكَ الْمُجْرِمُونَ ، وَمِثْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ ) فِي التَّوْبَةِ . وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ أَصْلِ الْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي ( ذُنُوبِهِمْ ) ; لِأَنَّهَا - وَإِنْ كَانَتْ فِي مَحَلِّ الْجَرِّ بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهَا - فَإِنَّ أَصْلَهَا الرَّفْعُ ; لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إِلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى اسْمِ الْفَاعِلِ ; فَعَلَى ذَلِكَ ( الْمُجْرِمُونَ ) مَحْمُولٌ عَلَى الْأَصْلِ ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَنَا مِنْ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَرَأَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=26أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً ) بِالْجَرِّ ، عَلَى أَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ أَصْلِ الْمَثَلِ ، وَ ( مَا ) زَائِدَةٌ فِيهِ ، وَتَقْدِيرُهُ : لَا يَسْتَحِي بِضَرْبِ مَثَلِ بَعُوضَةٍ ، أَيْ : بِضَرْبِ بَعُوضَةٍ . فِي ذَلِكَ فَسَّرَ أَنَّ مَعَ الْفَصْلِ بِالْمَصْدَرِ نَاصِبٌ إِلَى الْمَفْعُولِ بِهِ ، ثُمَّ أَبْدَلَ مِنْهُ الْبَعُوضَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَعْرِفَ فِيهَا أَثَرًا لِحَالٍ . فَأَمَّا قَوْلُهُ : مِنْ ذُنُوبِهِمْ ، فَذُنُوبٌ جَمْعٌ ، فَإِنْ كَانَ جَمْعَ مَصْدَرٍ فَفِي إِعْمَالِهِ خِلَافٌ . وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَنَا مِنْ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَرَأَ ، فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَقَرَةِ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ ، وَلَا نَعْرِفُ فِيهَا أَثَرًا ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجْعَلَهَا قِرَاءَةً .
وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى
قَارُونَ وَنَعَتَهُ ، وَمَا آتَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ ، وَفَرَحَهُ بِذَلِكَ فَرَحَ الْبَطِرِينَ ، وَادِّعَاءَهُ أَنَّ مَا أُوتِيَ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا أُوتِيَهُ عَلَى عِلْمٍ ، ذَكَرَ مَا هُوَ نَاشِئٌ عَنِ التَّكَبُّرِ وَالسُّرُورِ بِمَا أُوتِيَ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ) وَكَانَ يَوْمَ السَّبْتِ : أَيْ : أَظْهَرَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَلَابِسِ وَالْمَرَاكِبِ وَزِينَةِ الدُّنْيَا . قَالَ
جَابِرٌ ،
وَمُجَاهِدٌ : فِي ثِيَابٍ حُمْرٍ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : هُوَ وَحَشَمُهُ فِي ثِيَابٍ مُعَصْفَرَةٍ . وَقِيلَ : فِي ثِيَابِ الْأُرْجُوَانِ . وَقِيلَ : عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ عَلَيْهَا الْأُرْجُوَانُ ، وَعَلَيْهَا سَرْجٌ مِنْ ذَهَبٍ ، وَمَعَهُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ عَلَى زِيِّهِ . وَقِيلَ : عَلَيْهِمْ وَعَلَى خُيُولِهِمُ الدِّيبَاجُ الْأَحْمَرُ ، وَعَلَى يَمِينِهِ ثَلَاثُمِائَةِ غُلَامٍ ، وَعَلَى يَسَارِهِ ثَلَاثُمِائَةِ جَارِيَةٍ بِيضٍ عَلَيْهِمُ الْحُلِيُّ وَالدِّيبَاجُ . وَقِيلَ : فِي تِسْعِينَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ الْمُعَصْفَرَاتُ ، وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ رُؤِيَ فِيهِ الْمُعَصْفَرُ . وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْكَيْفِيَّاتِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) قِيلَ : كَانُوا مُؤْمِنِينَ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : تَمَنَّوْهُ لِيَتَقَرَّبُوا بِهِ إِلَى اللَّهِ . وَقِيلَ : رَغْبَةً فِي الْيَسَارَةِ وَالثَّرْوَةِ . وَقِيلَ : كَانُوا كُفَّارًا ، وَتَمَنَّوْا (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ ) وَلَمْ يَذْكُرُوا زَوَالَ نِعْمَتِهِ ، وَهَذَا مِنَ الْغِبْطَةِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) أَيْ : دَرَجَةٍ عَظِيمَةٍ ، قَالَهُ
الضَّحَّاكُ . وَقِيلَ : نَصِيبٍ كَثِيرٍ مِنَ الدُّنْيَا ، وَالْحَظُّ الْبَخْتُ وَالسَّعْدُ ، يُقَالُ : فُلَانٌ ذُو حَظٍّ وَحَظِيظٌ وَمَحْظُوظٌ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=80وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) مِنْهُمْ : يُوشَعُ ، وَالْعِلْمُ : مَعْرِفَةُ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ ، أَوِ التَّوَكُّلُ ، أَوِ الْإِخْبَارُ ، أَقْوَالٌ . ( وَيْلَكُمْ ) دُعَاءٌ بِالشَّرِّ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=80ثَوَابُ اللَّهِ ) وَهُوَ مَا أَعَدَّهُ فِي الْآخِرَةِ لِلْمُؤْمِنِ ( خَيْرٌ ) مِمَّا أُوتِيَ
قَارُونُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=80وَلَا يُلَقَّاهَا ) أَيْ : هَذِهِ الْحِكْمَةُ ، وَهِيَ مَعْرِفَةُ ثَوَابِ اللَّهِ ، وَقِيلَ : الْجَنَّةُ وَنَعِيمُهَا . وَقِيلَ : هَذِهِ الْمَقَالَةُ ، وَهِيَ قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=80ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ) وَبَّخَهُمْ بِهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=80إِلَّا الصَّابِرُونَ ) عَلَى الطَّاعَاتِ وَعَلَى قَمْعِ أَنْفُسِهِمْ عَنِ الشَّهَوَاتِ .
تَقَدَّمَ
[ ص: 135 ] طَرَفٌ مِنْ خَبَرِ
قَارُونَ وَحَسَدِهِ
لِمُوسَى . وَمِنْ حَسَدِهِ أَنَّهُ جَعَلَ لِبَغِيٍّ جُعْلًا ، عَلَى أَنْ تَرْمِيَ
مُوسَى بِطَلَبِهَا وَبِزِنَائِهَا ، وَأَنَّهَا تَابَتْ إِلَى اللَّهِ ، وَأَقَرَّتْ أَنَّ
قَارُونَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَهَا جُعْلًا عَلَى رَمْيِ
مُوسَى بِذَلِكَ ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْأَرْضَ أَنْ تُطِيعَهُ ، فَقَالَ : يَا أَرْضُ ، خُذِيهِ وَأَتْبَاعَهُ ، فَخُسِفَ بِهِمْ فِي حِكَايَةٍ طَوِيلَةٍ ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِهَا . وَلَمَّا خُسِفَ
بِقَارُونَ وَمَنْ مَعَهُ ، فَقَالَ
بَنُو إِسْرَائِيلَ : إِنَّمَا دَعَا
مُوسَى عَلَى
قَارُونَ لِيَسْتَبِدَّ بِدَارِهِ وَكُنُوزِهِ ، فَدَعَا اللَّهَ حَتَّى خَسَفَ بِدَارِهِ وَأَمْوَالِهِ . وَ " مِنْ " زَائِدَةٌ ، أَيْ : مِنْ جَمَاعَةٍ تُفِيدُ اسْتِغْرَاقَ الْفِئَاتِ . وَإِذَا انْتَفَتِ الْجُمْلَةُ ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَصْرِهِ ، فَانْتِفَاءُ الْوَاحِدِ عَنْ نُصْرَتِهِ أَبْلَغُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=81وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ) أَيْ : لَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِهِ مِمَّنْ يَمْتَنِعُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=82وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ ) بَدَلٌ ، وَأَصْبَحَ ، إِذَا حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ ، أَنَّ الْخَسْفَ بِهِ وَبِدَارِهِ كَانَ لَيْلًا ، وَهُوَ أَفْظَعُ الْعَذَابِ ، إِذِ اللَّيْلُ مَقَرُّ الرَّاحَةِ وَالسُّكُونِ ، وَالْأَمْسُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الزَّمَانُ الْمَاضِي ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا قَبْلَ يَوْمِ الْخَسْفِ ، وَهُوَ يَوْمُ التَّمَنِّي ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ الَّتِي تَقْتَضِي التَّعْقِيبَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=81فَخَسَفْنَا ) فَيَكُونُ فِيهِ اعْتِقَابُ الْعَذَابِ خُرُوجُهُ فِي زِينَتِهِ ، وَفِي ذَلِكَ تَعْجِيلُ الْعَذَابِ . وَمَكَانَهُ : مَنْزِلَتَهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الثَّرْوَةِ وَالْحَشَمِ وَالْأَتْبَاعِ . وَ " وَيْ " عِنْدَ
الْخَلِيلِ nindex.php?page=showalam&ids=16076وَسِيبَوَيْهِ : اسْمُ فِعْلٍ مِثْلُ : صَهْ وَمَهْ ، وَمَعْنَاهَا : أَعْجَبُ . قَالَ
الْخَلِيلُ : وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْمَ نَدِمُوا فَقَالُوا : مُتَنَدِّمِينَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهُمْ : وَيْ ، وَكُلُّ مَنْ نَدِمَ فَأَظْهَرَ نَدَامَتَهُ قَالَ : وَيْ . وَكَأَنَّ : هِيَ كَافُ التَّشْبِيهِ الدَّاخِلَةُ عَلَى " أَنَّ " ، وَكُتِبَتْ مُتَّصِلَةً بِكَافِ التَّشْبِيهِ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ ، وَأَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ :
وَيْ كَأَنَّ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَبٌ يُحْ بَبْ وَمَنْ يَفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرِّ
وَالْبَيْتُ
لِزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ . وَحَكَى
الْفَرَّاءُ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِزَوْجِهَا : أَيْنَ ابْنُكَ ؟ فَقَالَ : وَيْكَأَنَّهُ وَرَاءَ الْبَيْتِ ، وَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ يَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى وَيْ . وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : هِيَ وَيْكَ ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكَافُ حَرْفَ خِطَابٍ ، وَلَا مَوْضِعَ لَهُ مِنَ الْإِعْرَابِ ، وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ وَيْكَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
عَنْتَرَةَ :
وَلَقَدْ شَفَا نَفْسِي وَأَبْرَأَ سُقْمَهَا قِيلُ الْفَوَارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْدِمِ
قَالَ
الْأَخْفَشُ : وَأَنَّ عِنْدَهُ مَفْتُوحٌ بِتَقْدِيرِ الْعِلْمِ ، أَيْ : أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ ، وَقَالَ الشَّاعِرُ :
أَلَا وَيْكَ الْمَضَرَّةَ لَا تَدُومُ وَلَا يُبْقِي عَلَى الْبُؤْسِ النَّعِيمُ
وَذَهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ وَيُونُسُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ أَصْلَهُ وَيْلَكَ ، فَحُذِفَتِ اللَّامُ وَالْكَافُ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ بِالْإِضَافَةِ . فَعَلَى الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ قِيلَ : تَكُونُ الْكَافُ خَالِيَةً مِنْ مَعْنَى التَّشْبِيهِ ، كَمَا قِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) . وَعَلَى الْمَذْهَبِ الثَّانِي ، فَالْمَعْنَى : أَعْجَبُ لِأَنَّ اللَّهَ . وَعَلَى الْمَذْهَبِ الثَّالِثِ تَكُونُ وَيْلَكَ كَلِمَةَ تَحَزُّنٍ ، وَالْمَعْنَى أَيْضًا : لِأَنَّ اللَّهَ . وَقَالَ
أَبُو زَيْدٍ وَفِرْقَةٌ مَعَهُ : وَيْكَأَنَّ ، حَرْفٌ وَاحِدٌ بِجُمْلَتِهِ ، وَهُوَ بِمَعْنَى : أَلَمْ تَرَ . وَبِمَعْنَى : أَلَمْ تَرَ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : وَيْكَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَقَوْلِ الرَّجُلِ : أَمَا تَرَى إِلَى صُنْعِ اللَّهِ ؟ وَقَالَ
ابْنُ قُتَيْبَةَ ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَالَ : مَعْنَى وَيْكَ : رَحْمَةً لَكَ ، بِلُغَةِ حِمْيَرَ .
وَلَمَّا صَدَرَ مِنْهُمْ تَمَنِّي حَالِ
قَارُونَ ، وَشَاهَدُوا الْخَسْفَ ، كَانَ ذَلِكَ زَاجِرًا لَهُمْ عَنْ حُبِّ الدُّنْيَا ، وَدَاعِيًا إِلَى الرِّضَا بِقَدَرِ اللَّهِ ، فَتَنَبَّهُوا لِخَطَئِهِمْ فَقَالُوا : وَيْ ، ثُمَّ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=82كَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) بِحَسَبِ مَشِيئَتِهِ وَحِكْمَتِهِ ، لَا لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ ، وَيُضَيِّقُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ ، لَا لِهَوَانِهِ ، بَلْ لِحِكْمَتِهِ وَقَضَائِهِ ابْتِلَاءً . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : " لَوْلَا مَنَّ اللَّهُ " ، بِحَذْفِ " أَنْ " ، وَهِيَ مُزَادَةٌ . وَرُوِيَ عَنْهُ : " مَنُّ اللَّهِ " بِرَفْعِ النُّونِ وَالْإِضَافَةِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( لَخُسِفَ ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ .
وَحَفْصٌ ،
وَعِصْمَةُ ،
وَأَبَانٌ عَنْ
عَاصِمٍ ،
وَابْنُ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ
أَبِي بَكْرٍ : مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ .
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ ، وَطَلْحَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : " لَانْخَسَفَ بِنَا " ، كَقَوْلِكَ : انْقَطَعَ بِنَا ، كَأَنَّهُ فِعْلٌ مُطَاوِعٌ ، وَالْمَقَامُ مَقَامُ الْفَاعِلِ هُوَ ( بِنَا ) . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرَ أَيْ : لَانْخَسَفَ الِانْخِسَافُ ، وَمُطَاوِعُ فَعَلَ لَا يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ بِهِ ، فَلِذَلِكَ بُنِيَ
[ ص: 136 ] إِمَّا لِلْبِنَاءِ وَإِمَّا لِلْمَصْدَرِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا : " لَتُخُسِّفَ " ، بِتَاءٍ وَشَدِّ السِّينِ ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ .