(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21nindex.php?page=treesubj&link=29004لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=22ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديرا ) .
[ ص: 222 ] الظاهر أن الخطاب في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لقد كان لكم ) للمؤمنين ، لقوله قبل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=20ولو كانوا فيكم ) وقوله بعد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ) . والمعنى : أنه ، - صلى الله عليه وسلم - ، لكم فيه الاقتداء . فكما نصركم ووازركم حتى قاتل بنفسه عدوكم ، فكسرت رباعيته الكريمة ، وشج وجهه الكريم ، وقتل عمه ، وأوذي ضروبا من الإيذاء ; يجب عليكم أن تنصروه وتوازروه ، ولا ترغبوا بأنفسكم عن نفسه ، ولا عن مكان هو فيه ، وتبذلوا أنفسكم دونه ; فما حصل لكم من الهداية للإسلام أعظم من كل ما تفعلونه معه ، من النصرة والجهاد في سبيل الله ، ويبعد قول من قال : إنه خطاب للمنافقين . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21واليوم الآخر ) يوم القيامة . وقيل : يوم السياق . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21أسوة ) اسم كان ، و ( لكم ) الخبر ، ويتعلق (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21في رسول الله ) بما يتعلق به ( لكم ) أو يكون في موضع الحال ; لأنه لو تأخر جاز أن يكون نعتا لـ : ( أسوة ) ، أو يتعلق بـ : ( كان ) على مذهب من أجاز في كان وأخواتها الناقصة أن تعمل في الظرف والمجرور ، ويجوز أن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21في رسول الله ) الخبر ، و ( لكم ) تبيين ، أي : لكم ، أعني : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لمن كان يرجو الله ) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : بدل من ( لكم ) ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=75للذين استضعفوا لمن آمن منهم ) . انتهى . ولا يجوز على مذهب جمهور البصريين أن يبدل من ضمير المتكلم ، ولا من ضمير المخاطب ، اسم ظاهر في بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة ، وأجاز ذلك
الكوفيون والأخفش ، ويدل عليه قول الشاعر :
بكم قريش كفينا كل معضلة وأم نهج الهدى من كان ضليلا
وقرأ الجمهور : " إسوة " بكسر الهمزة ;
وعاصم بضمها . والرجاء : بمعنى الأمل أو الخوف . وقرن الرجاء بذكر الله ، والمؤتسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، هو الذي يكون راجيا ذاكرا . ولما بين تعالى المنافقين وقولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=12ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ) بين حال المؤمنين ، وقولهم ضد ما قال المنافقون . وكان الله وعدهم أن يزلزلهم حتى يستنصروه في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ) الآية . فلما جاء الأحزاب ، ونهض بهم للقتال ، واضطربوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=22nindex.php?page=treesubj&link=29004قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ) وأيقنوا بالجنة والنصر . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ، لأصحابه :
" إن الأحزاب سائرون إليكم تسعا أو عشرا " ، أي : في آخر تسع ليال أو عشر . فلما رأوهم قد أقبلوا للميعاد قالوا ذلك . وقيل : الوعد هو ما جاء في الآية مما وعده عليه السلام حين أمر بحفر الخندق ، فإنه أعلمهم بأنهم يحضرون ، وأمرهم بالاستعداد لذلك ، وأعلمهم أنهم سينصرون بعد ذلك . فلما رأوا
[ ص: 223 ] الأحزاب قالوا ذلك ، فسلموا لأول الأمر ، وانتظروا آخره . وهذا إشارة إلى الخطب ، إيمانا بالله وبما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم مما لم يقع ، كقولك : فتح
مكة وفارس والروم ، فالزيادة فيما يؤمن ، لا في نفس الإيمان .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=101وما زادوهم ، بالواو ، وضمير الجمع يعود على الأحزاب ، وتقول : صدقت زيدا الحديث ، وصدقت زيدا في الحديث . وقد عدت " صدق " هذه في ما يتعدى بحرف الجر ، وأصله ذلك ، ثم يتسع فيه فيحذف الحرف ويصل الفعل إليه بنفسه ، ومنه قولهم في المثل : صدقني سن بكره ، أي : في سن بكره . فما عاهدوا ، إما أن يكون على إسقاط الحرف ، أي : فيما عاهدوا ، والمفعول الأول محذوف ، والتقدير : صدقوا الله ، وإما أن يكون صدق يتعدى إلى واحد ، كما تقول : صدقني أخوك إذا قال لك الصدق ، وكذبك أخوك إذا قال لك الكذب . وكان المعاهد عليه مصدوقا مجازا ، كأنهم قالوا للمعاهد عليه : سنفي لك ، وهم وافون به ، فقد صدقوه ، ولو كانوا ناكثين لكذبوه ، وكان مكذوبا . وهؤلاء الرجال ، قال
مقاتل والكلبي : هم أهل العقبة السبعون ، أهل البيعة . وقال
أنس : نزلت في قوم لم يشهدوا
بدرا ، فعاهدوا أن لا يتأخروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوفوا . وقال
زيد بن رومان :
بنو حارثة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23فمنهم من قضى نحبه ) وهذا تجوز ; لأن الموت أمر لا بد منه أن يقع بالإنسان ، فسمي نحبا لذلك . وقال
مجاهد : قضى نحبه : أي : عهده . قال
أبو عبيدة : نذره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23فمنهم من قضى نحبه ) يحتمل موته شهيدا ، ويحتمل وفاءه بنذره من الثبات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقالت فرقة : الموصوفون بقضاء النحب جماعة من الصحابة وفوا بعهود الإسلام على التمام . فالشهداء منهم ، والعشرة الذين شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة ، منهم من حصل في هذه المرتبة بما لم ينص عليه ، ويصحح هذا القول قول رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد سئل : من الذي قضى نحبه ، وهو على المنبر ؟ فدخل
nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله فقال : هذا ممن قضى نحبه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23ومنهم من ينتظر ) إذا فسر قضاء النحب بالشهادة ، كان التقدير : ومنهم من ينتظر الشهادة ; وإذا فسر بالوفاء لعهود الإسلام ، كان التقدير : ومنهم من ينتظر الحصول في أعلى مراتب الإيمان والصلاح . وقال
مجاهد : ينتظر يوما فيه جهاد ، فيقضي نحبه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23وما بدلوا ) لا المستشهدون ، ولا من ينتظر . وقد ثبت
طلحة يوم
أحد حتى أصيبت يده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374793أوجب طلحة " ، وفيه تعريض لمن بدل من المنافقين حين ولوا الأدبار ، وكانوا عاهدوا لا يولون الأدبار .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=29004ليجزي الله الصادقين ) أي : الذين (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24بصدقهم ) أي : بسبب صدقهم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24ويعذب المنافقين إن شاء ) وعذابهم متحتم . فكيف يصح تعليقه على المشيئة ، وهو قد شاء تعذيبهم إذا وفوا على النفاق ؟ فقال
ابن عطية : تعذيب المنافقين ثمرته إدامتهم الإقامة على النفاق إلى موتهم ، والتوبة موازية لتلك الإقامة ، وثمرة التوبة تركهم دون عذاب . فهما درجتان : إقامة على نفاق ، أو توبة منه . وعنهما ثمرتان : تعذيب ، أو رحمة . فذكر تعالى ، على جهة الإيجاز ، واحدة من هاتين ، وواحدة من هاتين . ودل ما ذكر على ما ترك ذكره ، ويدلك على أن معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=73ليعذب ) أي : ليديم على النفاق ، قوله : ( إن شاء ) ومعادلته بالتوبة ، وحذف " أو " . انتهى . وكان ما ذكر يؤول إلى أن التقدير : ليقيموا على النفاق ، فيموتوا عليه ، إن شاء فيعذبهم ، أو يتوب عليهم فيرحمهم . فحذف سبب التعذيب ، وأثبت المسبب ، وهو التعذيب . وأثبت سبب الرحمة والغفران ، وحذف المسبب ، وهو الرحمة والغفران ، وهذا من الإيجاز الحسن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويعذبهم إن شاء إذا لم يتوبوا ، ويتوب عليهم إذا تابوا . انتهى . ولا يجوز تعليق عذابهم إذا لم يتوبوا بمشيئته تعالى ; لأنه تعالى قد شاء ذلك وأخبر أنه يعذب المنافقين حتما لا محالة . واللام في (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24ليجزي ) قيل : لام الصيرورة ; وقيل : لام التعليل ، ويتعلق بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23وما بدلوا تبديلا ) .
[ ص: 224 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : جعل المنافقون كأنهم قصدوا عاقبة السوء وأرادوها بتبديلهم ، كما قصد الصادقون عاقبة الصدق بوفائهم ; لأن كلا الفريقين مسوق إلى عاقبة من الثواب والعقاب ، فكأنهما استويا في طلبهما والسعي لتحصيلهما . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : المعنى : إن شاء يميتهم على نفاقهم ، أو يتوب عليهم بفعلهم من النفاق بتقبلهم الإيمان . وقيل : يعذبهم في الدنيا إن شاء ، ويتوب عليهم إن شاء . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24إن الله كان غفورا رحيما ) أي : غفورا للحوبة ، رحيما بقبول التوبة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25ورد الله الذين كفروا ) الأحزاب عن
المدينة ، والمؤمنين إلى بلادهم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25بغيظهم ) فهو حال ، والباء للمصاحبة ; و (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25لم ينالوا ) حال ثانية ، أو من الضمير في ( بغيظهم ) ، فيكون حالا متداخلة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن تكون الثانية بيانا للأولى ، أو استئنافا . انتهى . ولا يظهر كونها بيانا للأولى ، ولا للاستئناف ; لأنها تبقى كالمفلتة مما قبلها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25nindex.php?page=treesubj&link=29004وكفى الله المؤمنين القتال ) بإرسال الريح والجنود ، وهم الملائكة ، فلم يكن قتال بين المؤمنين والكفار . وقيل : المراد
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ومن معه ، برزوا للقتال ودعوا إليه . وقتل
علي من الكفار
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد مبارزة ، حين طلب
عمرو المبارزة ، فخرج إليه
علي ، فقال : إني لا أوثر قتلك لصحبتي لأبيك ، فقال له
علي : فأنا أوثر قتلك ، فقتله
علي مبارزة . واقتحم
nindex.php?page=showalam&ids=8733نوفل بن الحارث ، من
قريش ، الخندق بفرسه ، فقتل فيه . وقتل من الكفار أيضا :
nindex.php?page=showalam&ids=17149منبه بن عثمان ،
وعبيد بن السباق . واستشهد من المسلمين ، في غزوة الخندق :
معاذ ،
وأنس بن أوس بن عتيك ،
وعبد الله بن سهل ،
وأبو عمرو ، وهم من
بني عبد الأشهل ;
والطفيل بن النعمان ،
وثعلبة بن غنمة ، وهما من
بني سلمة ;
وكعب بن زيد ، من
بني ذبيان بن النجار ، أصابه سهم غرب فقتله . ولم تغز
قريش المسلمين بعد الخندق ، وكفى الله مداومة القتال وعودته بأن هزمهم بعد ذلك ، وذلك بقوته وعزته . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374794حبسنا يوم الخندق ، فلم نصل الظهر ، ولا العصر ، ولا المغرب ، ولا العشاء ، حتى كان بعد هوي من الليل ، كفينا وأنزل الله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25وكفى الله المؤمنين القتال ) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بلالا ، فأقام وصلى الظهر فأحسنها ، ثم كذلك كل صلاة بإقامة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26وأنزل الذين ظاهروهم ) أي : أعانوا
قريشا ومن معهم من الأحزاب من أهل الكتاب ، هم يهود
بني قريظة ، كما هو قول الجمهور . وعن
الحسن :
بنو النضير . وقذف الرعب سبب لإنزالهم ، ولكنه قدم المسبب ، لما كان السرور بإنزالهم أكثر والإخبار به أهم قدم . وقال رجل : يا رسول الله ، مر بنا
nindex.php?page=showalam&ids=202دحية الكلبي على بغلة بيضاء عليها قطيفة ديباج ، فقال : "
ذلك جبريل ، عليه السلام ، بعث إلى بني قريظة ، يزلزل بهم حصونهم ، ويقذف الرعب في قلوبهم " . ولما رجعت الأحزاب ، جاء
جبريل وقت الظهر فقال : إن الله يأمرك بالخروج إلى
بني قريظة . فنادى في الناس : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374796لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة " ، فخرجوا إليها ، فمصل في الطريق ، ورأى أن ذلك خرج مخرج التأكيد والاستعجال ; ومصل بعد العشاء ، وكل مصيب . فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة ، وقيل : إحدى وعشرين ، وقيل : خمسة عشر . فنزلوا على حكم
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ الأوسي ، لحلف كان بينهم ، رجوا حنوه عليهم ، فحكم أن يقتل المقاتلة ويسبى الذرية والعيال والأموال ، وأن تكون الأرض والثمار للمهاجرين دون الأنصار . فقالت له الأنصار في ذلك ، فقال : أردت أن يكون لهم أموال كما لكم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة " ، ثم استنزلهم ، وخندق لهم في سوق
المدينة ، وقدمهم فضرب أعناقهم ، وهم من بين ثمانمائة إلى تسعمائة . وقيل : كانوا ستمائة مقاتل وسبعمائة أسير . وجيء
بحيي بن أخطب النضيري ، وهو الذي كان أدخلهم في الغدر برسول الله ، فدخل عندهم وفاء لهم ، فترك فيمن ترك على حكم
سعد . فلما قرب ، وعليه حلتان تفاحيتان ، مجموعة يداه إلى عنقه ، أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا
محمد [ ص: 225 ] والله ما لمت نفسي في عداوتك ، ولكن من يخذل الله يخذل . ثم قال : أيها الناس ، إنه لا بأس أمر الله وقدره ، ومحنة كتبت على
بني إسرائيل ، ثم تقدم فضربت عنقه . وقال فيه بعض
بني ثعلبة :
لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه ولكنه من يخذل الله يخذل
لجاهد حتى أبلغ النفس عذرها وقلقل يبغي العز كل مقلقل
وقتل من نسائهم امرأة ، وهي
لبابة امرأة الحكم القرظي ، كانت قد طرحت الرحى على
خلاد بن سويد فقتل ; ولم يستشهد في حصار
بني قريظة غيره . ومات في الحصار
أبو سفيان بن محصن ، أخو
nindex.php?page=showalam&ids=5735عكاشة بن محصن ، وكان فتح
قريظة في آخر ذي القعدة سنة خمس من الهجرة . وقرأ الجمهور : ( وتأسرون ) ، بتاء الخطاب وكسر السين ;
وأبو حيوة : بضمهما ;
واليماني : بياء الغيبة ;
nindex.php?page=showalam&ids=12557وابن أنس ، عن
ابن ذكوان : بياء الغيبة في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26تقتلون وتأسرون ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأورثكم ) فيه إشعار أنه انتقل إليهم ذلك بعد موت أولئك المقتولين ومن نقلهم من أرضهم ، وقدمت لكثرة المنفعة بها من النحل والزرع ، ولأنهم باستيلائهم عليها ثانيا وأموالهم ليستعان بها في قوة المسلمين للجهاد ، ولأنها كانت في بيوتهم ، فوقع الاستيلاء عليها ثالثا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأرضا لم تطئوها ) وعد صادق في فتح البلاد ، كالعراق والشام واليمن ومكة ، وسائر فتوح المسلمين . وقال
عكرمة : أخبر تعالى أن قد قضى بذلك . وقال
الحسن : أراد
الروم وفارس . وقال
قتادة : كنا نتحدث أنها
مكة . وقال
مقاتل ،
ويزيد بن رومان ،
وابن زيد : هي
خيبر ; وقيل :
اليمن ; ولا وجه لهذه التخصيصات ، ومن بدع التفاسير أنه أراد نساءهم . وقرأ الجمهور :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27تطئوها ، بهمزة مضمومة بعدها واو . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي : " لم تطوها " ، بحذف الهمزة ، أبدل همزة " تطأ " ألفا على حد قوله :
إن السباع لتهدا في مرابضها والناس لا يهتدى من شرهم أبدا
فالتقت ساكنة مع الواو فحذفت ، كقولك : لم تروها . وختم تعالى هذه الآية بقدرته على كل شيء ، فلا يعجزه شيء ، وكان في ذلك إشارة إلى فتحه على المسلمين الفتوح الكثيرة ، وأنه لا يستبعد ذلك ، فكما ملكهم هذه ، فكذلك هو قادر على أن يملكهم غيرها من البلاد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21nindex.php?page=treesubj&link=29004لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=22وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ) .
[ ص: 222 ] الظَّاهِرُ أَنَّ الْخِطَابَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لَقَدْ كَانَ لَكُمْ ) لِلْمُؤْمِنِينَ ، لِقَوْلِهِ قَبْلُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=20وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ ) وَقَوْلِهِ بَعْدُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ) . وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، لَكُمْ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ . فَكَمَا نَصَرَكُمْ وَوَازَرَكُمْ حَتَّى قَاتَلَ بِنَفْسِهِ عَدُوَّكُمْ ، فَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ الْكَرِيمَةُ ، وَشُجَّ وَجْهُهُ الْكَرِيمُ ، وَقُتِلَ عَمُّهُ ، وَأُوذِيَ ضُرُوبًا مِنَ الْإِيذَاءِ ; يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْصُرُوهُ وَتُوَازِرُوهُ ، وَلَا تَرْغَبُوا بِأَنْفُسِكُمْ عَنْ نَفْسِهِ ، وَلَا عَنْ مَكَانٍ هُوَ فِيهِ ، وَتَبْذُلُوا أَنْفُسَكُمْ دُونَهُ ; فَمَا حَصَلَ لَكُمْ مِنَ الْهِدَايَةِ لِلْإِسْلَامِ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ مَا تَفْعَلُونَهُ مَعَهُ ، مِنَ النُّصْرَةِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَيَبْعُدُ قَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ خِطَابٌ لِلْمُنَافِقِينَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَقِيلَ : يَوْمَ السِّيَاقِ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21أُسْوَةٌ ) اسْمُ كَانَ ، وَ ( لَكُمْ ) الْخَبَرُ ، وَيَتَعَلَّقُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21فِي رَسُولِ اللَّهِ ) بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ( لَكُمْ ) أَوْ يَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ; لِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ جَازَ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِـ : ( أُسْوَةٌ ) ، أَوْ يَتَعَلَّقُ بِـ : ( كَانَ ) عَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَجَازَ فِي كَانَ وَأَخَوَاتِهَا النَّاقِصَةِ أَنْ تَعْمَلَ فِي الظَّرْفِ وَالْمَجْرُورِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21فِي رَسُولِ اللَّهِ ) الْخَبَرُ ، وَ ( لَكُمْ ) تَبْيِينٌ ، أَيْ : لَكُمْ ، أَعْنِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ ) . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : بَدَلٌ مِنْ ( لَكُمْ ) ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=75لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ ) . انْتَهَى . وَلَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ جُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ أَنْ يُبْدَلَ مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ ، وَلَا مِنْ ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ ، اسْمٌ ظَاهِرٌ فِي بَدَلِ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ وَهُمَا لِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ ، وَأَجَازَ ذَلِكَ
الْكُوفِيُّونَ وَالْأَخْفَشُ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
بِكُمْ قُرَيْشٌ كُفِينَا كُلَّ مُعْضِلَةٍ وَأَمَّ نَهْجَ الْهُدَى مَنْ كَانَ ضِلِّيلًا
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : " إِسْوَةٌ " بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ;
وَعَاصِمٌ بِضَمِّهَا . وَالرَّجَاءُ : بِمَعْنَى الْأَمَلِ أَوِ الْخَوْفِ . وَقَرَنَ الرَّجَاءَ بِذِكْرِ اللَّهِ ، وَالْمُؤْتَسِي بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، هُوَ الَّذِي يَكُونُ رَاجِيًا ذَاكِرًا . وَلَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى الْمُنَافِقِينَ وَقَوْلَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=12مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ) بَيَّنَ حَالَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَقَوْلَهُمْ ضِدَّ مَا قَالَ الْمُنَافِقُونَ . وَكَانَ اللَّهُ وَعَدَهُمْ أَنْ يُزَلْزِلَهُمْ حَتَّى يَسْتَنْصِرُوهُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ) الْآيَةَ . فَلَمَّا جَاءَ الْأَحْزَابُ ، وَنَهَضَ بِهِمْ لِلْقِتَالِ ، وَاضْطَرَبُوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=22nindex.php?page=treesubj&link=29004قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ ) وَأَيْقَنُوا بِالْجَنَّةِ وَالنَّصْرِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِأَصْحَابِهِ :
" إِنَّ الْأَحْزَابَ سَائِرُونَ إِلَيْكُمْ تِسْعًا أَوْ عَشْرًا " ، أَيْ : فِي آخِرِ تِسْعِ لَيَالٍ أَوْ عَشْرٍ . فَلَمَّا رَأَوْهُمْ قَدْ أَقْبَلُوا لِلْمِيعَادِ قَالُوا ذَلِكَ . وَقِيلَ : الْوَعْدُ هُوَ مَا جَاءَ فِي الْآيَةِ مِمَّا وُعِدَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أَمَرَ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ ، فَإِنَّهُ أَعْلَمَهُمْ بِأَنَّهُمْ يُحْضَرُونَ ، وَأَمَرَهُمْ بِالِاسْتِعْدَادِ لِذَلِكَ ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمْ سَيُنْصَرُونَ بَعْدَ ذَلِكَ . فَلَمَّا رَأَوُا
[ ص: 223 ] الْأَحْزَابَ قَالُوا ذَلِكَ ، فَسَلَّمُوا لِأَوَّلِ الْأَمْرِ ، وَانْتَظَرُوا آخِرَهُ . وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الْخَطْبِ ، إِيمَانًا بِاللَّهِ وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَمْ يَقَعْ ، كَقَوْلِكَ : فَتْحَ
مَكَّةَ وَفَارِسَ وَالرُّومِ ، فَالزِّيَادَةُ فِيمَا يُؤْمَنُ ، لَا فِي نَفْسِ الْإِيمَانِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=101وَمَا زَادُوهُمْ ، بِالْوَاوِ ، وَضَمِيرُ الْجَمْعِ يَعُودُ عَلَى الْأَحْزَابِ ، وَتَقُولُ : صَدَقْتُ زَيْدًا الْحَدِيثَ ، وَصَدَقْتُ زَيْدًا فِي الْحَدِيثِ . وَقَدْ عُدَّتْ " صَدَقَ " هَذِهِ فِي مَا يَتَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ ، وَأَصْلُهُ ذَلِكَ ، ثُمَّ يُتَّسَعُ فِيهِ فَيُحْذَفُ الْحَرْفُ وَيَصِلُ الْفِعْلُ إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ : صَدَقَنِي سِنَّ بَكْرِهِ ، أَيْ : فِي سِنِّ بَكْرِهِ . فَمَا عَاهَدُوا ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى إِسْقَاطِ الْحَرْفِ ، أَيْ : فِيمَا عَاهَدُوا ، وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ مَحْذُوفٌ ، وَالتَّقْدِيرُ : صَدَقُوا اللَّهَ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ صَدَقَ يَتَعَدَّى إِلَى وَاحِدٍ ، كَمَا تَقُولُ : صَدَقَنِي أَخُوكَ إِذَا قَالَ لَكَ الصِّدْقَ ، وَكَذَبَكَ أَخُوكَ إِذَا قَالَ لَكَ الْكَذِبَ . وَكَانَ الْمُعَاهَدُ عَلَيْهِ مَصْدُوقًا مَجَازًا ، كَأَنَّهُمْ قَالُوا لِلْمُعَاهَدِ عَلَيْهِ : سَنَفِي لَكَ ، وَهُمْ وَافُونَ بِهِ ، فَقَدْ صَدَقُوهُ ، وَلَوْ كَانُوا نَاكِثِينَ لَكَذَّبُوهُ ، وَكَانَ مَكْذُوبًا . وَهَؤُلَاءِ الرِّجَالُ ، قَالَ
مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ : هُمْ أَهْلُ الْعَقَبَةِ السَّبْعُونَ ، أَهْلُ الْبَيْعَةِ . وَقَالَ
أَنَسٌ : نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ لَمْ يَشْهَدُوا
بَدْرًا ، فَعَاهَدُوا أَنْ لَا يَتَأَخَّرُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَفَوْا . وَقَالَ
زَيْدُ بْنُ رُومَانَ :
بَنُو حَارِثَةَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ) وَهَذَا تَجَوُّزٌ ; لِأَنَّ الْمَوْتَ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ أَنْ يَقَعَ بِالْإِنْسَانِ ، فَسُمِّيَ نَحْبًا لِذَلِكَ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : قَضَى نَحْبَهُ : أَيْ : عَهْدَهُ . قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : نَذْرَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ) يَحْتَمِلُ مَوْتَهُ شَهِيدًا ، وَيَحْتَمِلُ وَفَاءَهُ بِنَذْرِهِ مِنَ الثَّبَاتِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : الْمَوْصُوفُونَ بِقَضَاءِ النَّحْبِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَفَوْا بِعُهُودِ الْإِسْلَامِ عَلَى التَّمَامِ . فَالشُّهَدَاءُ مِنْهُمْ ، وَالْعَشَرَةُ الَّذِينَ شَهِدَ لَهُمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ ، مِنْهُمْ مَنْ حَصَّلَ فِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ بِمَا لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ ، وَيُصَحِّحُ هَذَا الْقَوْلَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَدْ سُئِلَ : مَنِ الَّذِي قَضَى نَحْبَهُ ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ؟ فَدَخَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=55طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ : هَذَا مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) إِذَا فُسِّرَ قَضَاءُ النَّحْبِ بِالشَّهَادَةِ ، كَانَ التَّقْدِيرُ : وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ الشَّهَادَةَ ; وَإِذَا فُسِّرَ بِالْوَفَاءِ لِعُهُودِ الْإِسْلَامِ ، كَانَ التَّقْدِيرُ : وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ الْحُصُولَ فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْإِيمَانِ وَالصَّلَاحِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : يَنْتَظِرُ يَوْمًا فِيهِ جِهَادٌ ، فَيَقْضِي نَحْبَهُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23وَمَا بَدَّلُوا ) لَا الْمُسْتَشْهِدُونَ ، وَلَا مَنْ يَنْتَظِرُ . وَقَدْ ثَبَتَ
طَلْحَةُ يَوْمَ
أُحُدٍ حَتَّى أُصِيبَتْ يَدُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374793أَوْجَبَ طَلْحَةُ " ، وَفِيهِ تَعْرِيضٌ لِمَنْ بَدَّلَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ حِينَ وَلَّوُا الْأَدْبَارَ ، وَكَانُوا عَاهَدُوا لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=29004لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ ) أَيِ : الَّذِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24بِصِدْقِهِمْ ) أَيْ : بِسَبَبِ صِدْقِهِمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ ) وَعَذَابُهُمْ مُتَحَتَّمٌ . فَكَيْفَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى الْمَشِيئَةِ ، وَهُوَ قَدْ شَاءَ تَعْذِيبَهُمْ إِذَا وَفَوْا عَلَى النِّفَاقِ ؟ فَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : تَعْذِيبُ الْمُنَافِقِينَ ثَمَرَتُهُ إِدَامَتُهُمُ الْإِقَامَةَ عَلَى النِّفَاقِ إِلَى مَوْتِهِمْ ، وَالتَّوْبَةُ مُوَازِيَةٌ لِتِلْكَ الْإِقَامَةِ ، وَثَمَرَةُ التَّوْبَةِ تَرْكُهُمْ دُونَ عَذَابٍ . فَهُمَا دَرَجَتَانِ : إِقَامَةٌ عَلَى نِفَاقٍ ، أَوْ تَوْبَةٌ مِنْهُ . وَعَنْهُمَا ثَمَرَتَانِ : تَعْذِيبٌ ، أَوْ رَحْمَةٌ . فَذَكَرَ تَعَالَى ، عَلَى جِهَةِ الْإِيجَازِ ، وَاحِدَةً مِنْ هَاتَيْنِ ، وَوَاحِدَةً مِنْ هَاتَيْنِ . وَدَلَّ مَا ذَكَرَ عَلَى مَا تُرِكَ ذِكْرُهُ ، وَيَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=73لِيُعَذِّبَ ) أَيْ : لِيُدِيمَ عَلَى النِّفَاقِ ، قَوْلُهُ : ( إِنْ شَاءَ ) وَمُعَادَلَتُهُ بِالتَّوْبَةِ ، وَحَذْفُ " أَوِ " . انْتَهَى . وَكَانَ مَا ذُكِرَ يُؤَوَّلُ إِلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ : لِيُقِيمُوا عَلَى النِّفَاقِ ، فَيَمُوتُوا عَلَيْهِ ، إِنْ شَاءَ فَيُعَذِّبُهُمْ ، أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ فَيَرْحَمَهُمْ . فَحُذِفَ سَبَبُ التَّعْذِيبِ ، وَأُثْبِتَ الْمُسَبِّبُ ، وَهُوَ التَّعْذِيبُ . وَأُثْبِتَ سَبَبُ الرَّحْمَةِ وَالْغُفْرَانِ ، وَحُذِفَ الْمُسَبِّبُ ، وَهُوَ الرَّحْمَةُ وَالْغُفْرَانُ ، وَهَذَا مِنَ الْإِيجَازِ الْحَسَنِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيُعَذِّبُهُمْ إِنْ شَاءَ إِذَا لَمْ يَتُوبُوا ، وَيَتُوبُ عَلَيْهِمْ إِذَا تَابُوا . انْتَهَى . وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ عَذَابِهِمْ إِذَا لَمْ يَتُوبُوا بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى ; لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ شَاءَ ذَلِكَ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُعَذِّبُ الْمُنَافِقِينَ حَتْمًا لَا مَحَالَةَ . وَاللَّامُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24لِيَجْزِيَ ) قِيلَ : لَامُ الصَّيْرُورَةِ ; وَقِيلَ : لَامُ التَّعْلِيلِ ، وَيَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) .
[ ص: 224 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : جُعِلَ الْمُنَافِقُونَ كَأَنَّهُمْ قَصَدُوا عَاقِبَةَ السُّوءِ وَأَرَادُوهَا بِتَبْدِيلِهِمْ ، كَمَا قَصَدَ الصَّادِقُونَ عَاقِبَةَ الصِّدْقِ بِوَفَائِهِمْ ; لِأَنَّ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ مَسُوقٌ إِلَى عَاقِبَةٍ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ ، فَكَأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي طَلَبِهِمَا وَالسَّعْيِ لِتَحْصِيلِهِمَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : الْمَعْنَى : إِنْ شَاءَ يُمِيتُهُمْ عَلَى نِفَاقِهِمْ ، أَوْ يَتُوبُ عَلَيْهِمْ بِفِعْلِهِمْ مِنَ النِّفَاقِ بِتَقَبُّلِهِمُ الْإِيمَانَ . وَقِيلَ : يُعَذِّبُهُمْ فِي الدُّنْيَا إِنْ شَاءَ ، وَيَتُوبُ عَلَيْهِمْ إِنْ شَاءَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ) أَيْ : غَفُورًا لِلْحَوْبَةِ ، رَحِيمًا بِقَبُولِ التَّوْبَةِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) الْأَحْزَابَ عَنِ
الْمَدِينَةِ ، وَالْمُؤْمِنِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25بِغَيْظِهِمْ ) فَهُوَ حَالٌ ، وَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ ; وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25لَمْ يَنَالُوا ) حَالٌ ثَانِيَةٌ ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي ( بِغَيْظِهِمْ ) ، فَيَكُونُ حَالًا مُتَدَاخِلَةً . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ بَيَانًا لِلْأُولَى ، أَوِ اسْتِئْنَافًا . انْتَهَى . وَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهَا بَيَانًا لِلْأُولَى ، وَلَا لِلِاسْتِئْنَافِ ; لِأَنَّهَا تَبْقَى كَالْمُفْلَتَةِ مِمَّا قَبْلَهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25nindex.php?page=treesubj&link=29004وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) بِإِرْسَالِ الرِّيحِ وَالْجُنُودِ ، وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ ، فَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ . وَقِيلَ : الْمُرَادُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمَنْ مَعَهُ ، بَرَزُوا لِلْقِتَالِ وَدَعَوْا إِلَيْهِ . وَقَتَلَ
عَلِيٌّ مِنَ الْكُفَّارِ
nindex.php?page=showalam&ids=16711عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ مُبَارَزَةً ، حِينَ طَلَبَ
عَمْرٌو الْمُبَارَزَةَ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ
عَلِيٌّ ، فَقَالَ : إِنِّي لَا أُوثِرُ قَتْلَكَ لِصُحْبَتِي لِأَبِيكَ ، فَقَالَ لَهُ
عَلِيٌّ : فَأَنَا أُوثِرُ قَتْلَكَ ، فَقَتَلَهُ
عَلِيٌّ مُبَارَزَةً . وَاقْتَحَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=8733نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ ، مِنْ
قُرَيْشٍ ، الْخَنْدَقَ بِفَرَسِهِ ، فَقُتِلَ فِيهِ . وَقُتِلَ مِنَ الْكُفَّارِ أَيْضًا :
nindex.php?page=showalam&ids=17149مُنَبِّهُ بْنُ عُثْمَانَ ،
وَعُبَيْدُ بْنُ السَّبَّاقِ . وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ :
مُعَاذٌ ،
وَأَنَسُ بْنُ أَوْسِ بْنِ عَتِيكٍ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ ،
وَأَبُو عَمْرٍو ، وَهُمْ مِنْ
بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ ;
وَالطُّفَيْلُ بْنُ النُّعْمَانِ ،
وَثَعْلَبَةُ بْنُ غَنَمَةَ ، وَهُمَا مِنْ
بَنِي سَلِمَةَ ;
وَكَعْبُ بْنُ زَيْدٍ ، مِنْ
بَنِي ذُبْيَانَ بْنِ النَّجَّارِ ، أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَقَتَلَهُ . وَلَمْ تَغْزُ
قُرَيْشٌ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الْخَنْدَقِ ، وَكَفَى اللَّهُ مُدَاوَمَةَ الْقِتَالِ وَعَوْدَتَهُ بِأَنْ هَزَمَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ بِقُوَّتِهِ وَعِزَّتِهِ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374794حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ ، فَلَمْ نُصَلِّ الظُّهْرَ ، وَلَا الْعَصْرَ ، وَلَا الْمَغْرِبَ ، وَلَا الْعِشَاءَ ، حَتَّى كَانَ بَعْدَ هَوِيٍّ مِنَ اللَّيْلِ ، كُفِينَا وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِلَالًا ، فَأَقَامَ وَصَلَّى الظُّهْرَ فَأَحْسَنَهَا ، ثُمَّ كَذَلِكَ كُلُّ صَلَاةٍ بِإِقَامَةٍ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ ) أَيْ : أَعَانُوا
قُرَيْشًا وَمَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْأَحْزَابِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، هُمْ يَهُودُ
بَنِي قُرَيْظَةَ ، كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ . وَعَنِ
الْحَسَنِ :
بَنُو النَّضِيرِ . وَقَذْفُ الرُّعْبِ سَبَبٌ لِإِنْزَالِهِمْ ، وَلَكِنَّهُ قَدَّمَ الْمُسَبِّبَ ، لَمَّا كَانَ السُّرُورُ بِإِنْزَالِهِمْ أَكْثَرَ وَالْإِخْبَارُ بِهِ أَهَمَّ قُدِّمَ . وَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَرَّ بِنَا
nindex.php?page=showalam&ids=202دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ عَلَيْهَا قَطِيفَةُ دِيبَاجٍ ، فَقَالَ : "
ذَلِكَ جِبْرِيلُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، بُعِثَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ، يُزَلْزِلُ بِهِمْ حُصُونَهُمْ ، وَيَقْذِفُ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ " . وَلَمَّا رَجَعَتِ الْأَحْزَابُ ، جَاءَ
جِبْرِيلُ وَقْتَ الظُّهْرِ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ بِالْخُرُوجِ إِلَى
بَنِي قُرَيْظَةَ . فَنَادَى فِي النَّاسِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374796لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ " ، فَخَرَجُوا إِلَيْهَا ، فَمُصَلٍّ فِي الطَّرِيقِ ، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّأْكِيدِ وَالِاسْتِعْجَالِ ; وَمُصَلٍّ بَعْدَ الْعِشَاءِ ، وَكُلٌّ مُصِيبٌ . فَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، وَقِيلَ : إِحْدَى وَعِشْرِينَ ، وَقِيلَ : خَمْسَةَ عَشَرَ . فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ
nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الْأَوْسِيِّ ، لِحِلْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ ، رَجَوْا حُنُوَّهُ عَلَيْهِمْ ، فَحَكَمَ أَنْ يُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَيُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَالْعِيَالُ وَالْأَمْوَالُ ، وَأَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالثِّمَارُ لِلْمُهَاجِرِينَ دُونَ الْأَنْصَارِ . فَقَالَتْ لَهُ الْأَنْصَارُ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ : أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ أَمْوَالٌ كَمَا لَكُمْ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ " ، ثُمَّ اسْتَنْزَلَهُمْ ، وَخَنْدَقَ لَهُمْ فِي سُوقِ
الْمَدِينَةِ ، وَقَدَّمَهُمْ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ ، وَهُمْ مِنْ بَيْنِ ثَمَانِمِائَةٍ إِلَى تِسْعِمِائَةٍ . وَقِيلَ : كَانُوا سِتَّمِائَةِ مُقَاتِلٍ وَسَبْعَمِائَةِ أَسِيرٍ . وَجِيءَ
بِحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ النَّضِيرِيِّ ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَدْخَلَهُمْ فِي الْغَدْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ ، فَدَخَلَ عِنْدَهُمْ وَفَاءً لَهُمْ ، فَتُرِكَ فِيمَنْ تُرِكَ عَلَى حُكْمِ
سَعْدٍ . فَلَمَّا قَرُبَ ، وَعَلَيْهِ حُلَّتَانِ تُفَّاحِيَّتَانِ ، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ ، أَبْصَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا
مُحَمَّدُ [ ص: 225 ] وَاللَّهِ مَا لُمْتُ نَفْسِي فِي عَدَاوَتِكَ ، وَلَكِنَّ مَنْ يَخْذِلِ اللَّهَ يُخْذَلْ . ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّهُ لَا بَأْسَ أَمْرُ اللَّهِ وَقَدَرُهُ ، وَمِحْنَةٌ كُتِبَتْ عَلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ . وَقَالَ فِيهِ بَعْضُ
بَنِي ثَعْلَبَةَ :
لَعَمْرُكَ مَا لَامَ ابْنُ أَخْطَبَ نَفْسَهُ وَلَكِنَّهُ مَنْ يَخْذِلِ اللَّهَ يُخْذَلِ
لَجَاهَدَ حَتَّى أَبْلَغَ النَّفْسَ عُذْرَهَا وَقَلْقَلَ يَبْغِي الْعِزَّ كُلَّ مُقَلْقَلِ
وَقَتَلَ مِنْ نِسَائِهِمُ امْرَأَةً ، وَهِيَ
لُبَابَةُ امْرَأَةُ الْحَكَمِ الْقُرَظِيِّ ، كَانَتْ قَدْ طَرَحَتِ الرَّحَى عَلَى
خَلَّادِ بْنِ سُوَيْدٍ فَقُتِلَ ; وَلَمْ يُسْتَشْهَدْ فِي حِصَارِ
بَنِي قُرَيْظَةَ غَيْرُهُ . وَمَاتَ فِي الْحِصَارِ
أَبُو سُفْيَانَ بْنُ مِحْصَنٍ ، أَخُو
nindex.php?page=showalam&ids=5735عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ ، وَكَانَ فَتْحُ
قُرَيْظَةَ فِي آخِرِ ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( وَتَأْسِرُونَ ) ، بِتَاءِ الْخِطَابِ وَكَسْرِ السِّينِ ;
وَأَبُو حَيْوَةَ : بِضَمِّهِمَا ;
وَالْيَمَانِيُّ : بِيَاءِ الْغَيْبَةِ ;
nindex.php?page=showalam&ids=12557وَابْنُ أَنَسٍ ، عَنِ
ابْنِ ذَكْوَانَ : بِيَاءِ الْغَيْبَةِ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَوْرَثَكُمْ ) فِيهِ إِشْعَارٌ أَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَيْهِمْ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ أُولَئِكَ الْمَقْتُولِينَ وَمَنْ نَقَلَهُمْ مِنْ أَرْضِهِمْ ، وَقُدِّمَتْ لِكَثْرَةِ الْمَنْفَعَةِ بِهَا مِنَ النَّحْلِ وَالزَّرْعِ ، وَلِأَنَّهُمْ بِاسْتِيلَائِهِمْ عَلَيْهَا ثَانِيًا وَأَمْوَالَهُمْ لِيُسْتَعَانَ بِهَا فِي قُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ لِلْجِهَادِ ، وَلِأَنَّهَا كَانَتْ فِي بُيُوتِهِمْ ، فَوَقَعَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهَا ثَالِثًا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا ) وَعْدٌ صَادِقٌ فِي فَتْحِ الْبِلَادِ ، كَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَالْيَمَنِ وَمَكَّةَ ، وَسَائِرِ فُتُوحِ الْمُسْلِمِينَ . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : أَخْبَرَ تَعَالَى أَنْ قَدْ قَضَى بِذَلِكَ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : أَرَادَ
الرُّومَ وَفَارِسَ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهَا
مَكَّةُ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ ،
وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ ،
وَابْنُ زَيْدٍ : هِيَ
خَيْبَرُ ; وَقِيلَ :
الْيَمَنُ ; وَلَا وَجْهَ لِهَذِهِ التَّخْصِيصَاتِ ، وَمِنْ بِدَعِ التَّفَاسِيرِ أَنَّهُ أَرَادَ نِسَاءَهُمْ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27تَطَئُوهَا ، بِهَمْزَةٍ مَضْمُومَةٍ بَعْدَهَا وَاوٌ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : " لَمْ تَطُوهَا " ، بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ ، أَبْدَلَ هَمْزَةَ " تَطَأُ " أَلِفًا عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ :
إِنَّ السِّبَاعَ لَتَهْدَا فِي مَرَابِضِهَا وَالنَّاسُ لَا يُهْتَدَى مِنْ شَرِّهِمْ أَبَدَا
فَالْتَقَتْ سَاكِنَةٌ مَعَ الْوَاوِ فَحُذِفَتْ ، كَقَوْلِكَ : لَمْ تَرَوْهَا . وَخَتَمَ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، فَلَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى فَتْحِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْفُتُوحَ الْكَثِيرَةَ ، وَأَنَّهُ لَا يَسْتَبْعِدُ ذَلِكَ ، فَكَمَا مَلَّكَهُمْ هَذِهِ ، فَكَذَلِكَ هُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمَلِّكَهُمْ غَيْرَهَا مِنَ الْبِلَادِ .