[ ص: 226 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28nindex.php?page=treesubj&link=29004يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=34واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ) .
[ ص: 227 ] سبب نزولها أن أزواجه - صلى الله عليه وسلم - ، تغايرن وأردن زيادة في كسوة ونفقة ، فنزلت . ولما نصر الله نبيه وفرق عنه الأحزاب وفتح عليه
قريظة والنضير ، ظن أزواجه أنه اختص بنفائس
اليهود وذخائرهم ، فقعدن حوله وقلن : يا رسول الله ، بنات
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى وقيصر في الحلي والحلل والإماء والخول ، ونحن على ما تراه من الفاقة والضيق . وآلمن قلبه بمطالبتهن له بتوسعة الحال ، وأن يعاملهن بما يعامل به الملوك والأكابر أزواجهم ، فأمره الله أن يتلو عليهن ما نزل في أمرهن ; وأزواجه إذ ذاك تسع :
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بنت أبي بكر ،
nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة بنت عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=10583وأم حبيبة بنت أبي سفيان ،
nindex.php?page=showalam&ids=93وسودة بنت زمعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة بنت أبي أمية ، وهؤلاء من
قريش . ومن غير
قريش :
nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة بنت الحارث الهلالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=15953وزينب بنت جحش الأسدية ،
nindex.php?page=showalam&ids=149وجويرية بنت الحارث المصطلقية ،
nindex.php?page=showalam&ids=199وصفية بنت حيي بن أخطب الخيبرية .
وقال
أبو القاسم الصيرفي : لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بين ملك الدنيا ونعيم الآخرة ، فاختار الآخرة ، وأمر بتخيير نسائه ليظهر صدق موافقتهن ، وكان تحته عشر نساء ، زاد الحميرية ، فاخترن الله ورسوله إلا الحميرية . وروي أنه قال
لعائشة ، وبدأ بها ، وكانت أحبهن إليه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374797إني ذاكر لك أمرا ، ولا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك " . ثم قرأ عليها القرآن ، فقالت : أفي هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ، لا تخبر أزواجك أني اخترتك ، فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374798إنما بعثني الله مبلغا ولم يبعثني متعنتا " . والظاهر أنهن إذا اخترن الحياة الدنيا وزينتها ، متعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلقهن ، وأنه ليس باختيارهن ذلك يقع الفراق دون أن يوقعه هو . وقال الأكثرون : هي آية تخيير ، فإذا قال لها : اختاري ، فاختارت زوجها ، لم يكن ذلك طلاقا . وعن
علي : تكون واحدة رجعية ، وإن اختارت نفسها ، وقعت طلقة بائنة عند
أبي حنيفة وأصحابه ، وهو قول
علي ; وواحدة رجعية ، عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وهو قول
عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ; وثلاث عند
مالك . وأكثر الناس ذهبوا إلى أن الآية في التخيير والطلاق ، وهو قول
علي والحسن وقتادة ، قال هذا القائل : وأما أمر الطلاق فمرجأ ، فإن اخترن أنفسهن ، نظر هو كيف يسرحهن ، وليس فيها تخيير في الطلاق ; لأن التخيير يتضمن ثلاث تطليقات ، وهو قد قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28وأسرحكن سراحا جميلا ) وليس مع بت الطلاق سراح جميل . انتهى .
والذي يدل عليه ظاهر الآية هو ما ذكرناه أولا ، من أنه علق على إرادتهن زينة الحياة الدنيا وقوع التمتيع والتسريح منه ، والمعنى في الآية : أنه كان عظيم همكن ومطلبكن التعمق في الدنيا ونيل نعيمها وزينتها .
وتقدم الكلام في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28فتعالين ) في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) في آل عمران . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28أمتعكن ) قيل : المتعة واجبة في الطلاق ; وقيل : مندوب إليها . والأمر في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236ومتعوهن ) يقتضي الوجوب في مذهب الفقهاء ، وتقدم الكلام في ذلك ، وفي تفصيل المذاهب في البقرة . والتسريح الجميل إما في دون البيت ، أو جميل الثناء ، والمعتقد وحسن العشرة إن كان تاما . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28أمتعكن ) بالتشديد من متع ;
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : بالتخفيف من أمتع ، ومعنى ( أعد ) هيأ ويسر ، وأوقع الظاهر موقع المضمر ; تنبيها على الوصف الذي ترتب لهن به الأجر العظيم ، وهو الإحسان ، كأنه قال : أعد لكن ; لأن من أراد الله ورسوله والدار الآخرة كان محسنا . وقراءة
حميد الخراز :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28أمتعكن وأسرحكن بالرفع على الاستئناف ; والجمهور : بالجزم على جواب الأمر ، أو على جواب الشرط ، ويكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28فتعالين ) جملة اعتراض بين الشرط وجزائه ، ولا يضر دخول الفاء على جملة الاعتراض ، ومثل ذلك قول الشاعر :
واعلم فعلم المرء ينفعه أن سوف يأتي كل ما قدرا
ثم نادى نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، ليجعلن بالهن مما يخاطبن به ، إذا كان أمرا يجعل له البال . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي ،
[ ص: 228 ] والجحدري ،
وعمرو بن فائد الأسواري ،
ويعقوب : " تأت " ، بتاء التأنيث ، حملا على معنى من ; والجمهور : بالياء ، حملا على لفظ من . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30بفاحشة مبينة ) كبيرة من المعاصي ، ولا يتوهم أنها الزنى ، لعصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من ذلك ، ولأنه وصفها بالتبيين والزنى مما يتستر به ، وينبغي أن تحمل الفاحشة على عقوق الزوج وفساد عشرته . ولما كان مكانهن مهبط الوحي من الأوامر والنواهي ، لزمهن بسبب ذلك ، وكونهن تحت الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر مما يلزم غيرهن ، فضوعف لهن الأجر والعذاب . وقرأ
نافع ،
وحمزة ،
وعاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30يضاعف ) بألف وفتح العين ;
والحسن ،
وعيسى ،
وأبو عمرو : بالتشديد وفتح العين ;
والجحدري ،
وابن كثير ،
وأبو عامر : بالنون وشد العين مكسورة ;
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ،
وابن محيصن ،
وخارجة ، عن
أبي عمرو : بالألف والنون والكسر ; وفرقة : بياء الغيبة والألف والكسر . ومن فتح العين رفع ( العذاب ) ومن كسرها نصبه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30ضعفين ) أي : عذابين ، فيضاف إلى عذاب سائر الناس عذاب آخر . وقال
أبو عبيدة ،
وأبو عمرو فيما حكى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عنهما : إنه يضاف إلى العذاب عذابان ، فتكون ثلاثة . وكون الأجر مرتين بعد هذا القول ; لأن العذاب في الفاحشة بإزاء الأجر في الطاعة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30وكان ذلك ) أي : تضعيف العذاب عليهن (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30على الله يسيرا ) أي : سهلا ، وفيه إعلام بأن كونهن نساء ، مع مقارفة الذنب ، لا يغني عنهن شيئا ، وهو يغني عنهن ، وهو سبب مضاعفة العذاب .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31ومن يقنت ) أي : يطع ويخضع بالعبودية لله ، وبالموافقة لرسوله . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31ومن يقنت ) بالمذكر ، حملا على لفظ " من " ، وتعمل بالتاء حملا على المعنى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31نؤتها ) بنون العظمة . وقرأ
الجحدري ،
والأسواري ،
ويعقوب ، في رواية : " ومن تقنت " بتاء التأنيث ، حملا على المعنى ، وبها قرأ
ابن عامر في رواية ، ورواها
أبو حاتم عن
أبي جعفر وشيبة ونافع . وقال
ابن خالويه : ما سمعت أن أحدا قرأ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31ومن يقنت ، إلا بالتاء . وقرأ
السلمي ،
وابن وثاب ،
وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : بياء من تحت في ثلاثتها . وذكر
أبو البقاء أن بعضهم قرأ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31ومن يقنت بالياء ، حملا على المعنى ، ويعمل بالياء حملا على لفظ من قال ; فقال بعض النحويين : هذا ضعيف ; لأن التذكير أصل لا يجعل تبعا للتأنيث ، وما عللوه به قد جاء مثله في القرآن ، وهو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=139خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ) . انتهى . وتقدم الكلام على ( خالصة ) في الأنعام . والرزق الكريم : الجنة . قال
ابن عطية : ويجوز أن يكون في ذلك وعد دنياوي ، أي : أن أرزاقها في الدنيا على الله ، وهو كريم من حيث هو حلال وقصد ، وبرضا من الله في نيله . وقال بعض المفسرين : العذاب الذي توعد به ضعفين هو عذاب الدنيا ، ثم عذاب الآخرة ; وكذلك الأجر ، وهو ضعيف . انتهى . وإنما ضوعف أجرهن لطلبهن رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بحسن الخلق وطيب المعاشرة والقناعة والتوفر على عبادة الله .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=29004يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ) أي : ليس كل واحدة منكن كشخص واحد من النساء ، أي : من نساء عصرك . وليس النفي منصبا على التشبيه في كونهن نسوة . تقول : ليس
زيد كآحاد الناس ، لا تريد نفي التشبيه عن كونه إنسانا ، بل في وصف أخص موجود فيه ، وهو كونه عالما ، أو عاملا ، أو مصليا . فالمعنى : أنه يوجد فيكن من التمييز ما لا يوجد في غيركن ، وهو كونكن أمهات المؤمنين وزوجات خير المرسلين . ونزل القرآن فيكن ، فكما أنه عليه السلام ليس كأحد من الرجال ، كما قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374799لست كأحدكم " ، كذلك زوجاته اللاتي تشرفن به . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أحد في الأصل بمعنى وحد ، وهو الواحد ; ثم وضع في النفي العام مستويا فيه
[ ص: 229 ] المذكر والمؤنث والواحد وما وراءه ، والمعنى : لستن كجماعة واحدة من جماعات النساء ، أي : إذا تقصيت أمة النساء جماعة جماعة ، لم يوجد منهن جماعة واحدة تساويكن في الفضل والسابقة ، ومنه قوله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم ) يريد بين جماعة واحدة منهم ، تسوية بين جميعهم في أنهم على الحق المبين . انتهى . أما قوله : أحد في الأصل بمعنى : وحد ، وهو الواحد فصحيح . وأما قوله : ثم وضع ، إلى قوله : وما وراءه ، فليس بصحيح ; لأن الذي يستعمل في النفي العام مدلوله غير مدلول واحد ; لأن واحدا ينطلق على كل شيء اتصف بالوحدة ، و " أحد " المستعمل في النفي العام مخصوص بمن يعقل . وذكر النحويون أن مادته همزة وحاء ودال ، ومادة أحد بمعنى وحد أصله واو وحاء ودال ، فقد اختلفا مادة ومدلولا . وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32لستن ) كجماعة واحدة ، فقد قلنا : إن قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32لستن ) معناه : ليست كل واحدة منكن ، فهو حكم على كل واحدة واحدة ، ليس حكما على المجموع من حيث هو مجموع . وقلنا : إن معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32كأحد : كشخص واحد ، فأبقينا أحدا على موضوعه من التذكير ، ولم نتأوله بجماعة واحدة . وأما (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152ولم يفرقوا بين أحد منهم ) فاحتمل أن يكون الذي للنفي العام ، ولذلك جاء في سياق النفي ، فعم وصلحت البينية للعموم . واحتمل أن يكون " أحد " بمعنى واحد ، ويكون قد حذف معطوف ، أي : بين واحد وواحد من رسله ، كما قال الشاعر :
فما كان بين الخير لو جاء سالما أبو حجر إلا ليال قلائل
أي : لستن مثلهن إن اتقيتن الله ، وذلك لما انضاف مع تقوى الله من صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم وعظيم المحل منه ، ونزول القرآن في بيتهن وفي حقهن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32إن اتقيتن ) إن أردتن التقوى ، وإن كن متقيات . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32فلا تخضعن بالقول ) فلا تجبن بقولكن خاضعا ، أي : لينا خنثا ، مثل كلام المريبات والمومسات . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32فيطمع الذي في قلبه مرض ) أي : ريبة وفجورا . انتهى . فعلى القول الأول يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32إن اتقيتن ) قيدا في كونهن لسن كأحد من النساء ، ويكون جواب الشرط محذوفا . وعلى ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32إن اتقيتن ) ابتداء شرط ، وجوابه (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32فلا تخضعن ) وكلا القولين فيهما حمل . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32إن اتقيتن ) على تقوى الله تعالى ، وهو ظاهر الاستعمال ، وعندي أنه محمول على أن معناه : إن استقبلتن أحدا (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32فلا تخضعن ) . واتقى بمعنى : استقبل معروف في اللغة ، قال
النابغة :
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
أي : استقبلتنا باليد ، ويكون هذا المعنى أبلغ في مدحهن ، إذ لم يعلق فضيلتهن على التقوى ، ولا علق نهيهن عن الخضوع بها ، إذ هن متقيات لله في أنفسهن ، والتعليق يقتضي ظاهره أنهن لسن متحليات بالتقوى . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا ترخصن بالقول . وقال
الحسن : لا تكلمن بالرفث . وقال
الكلبي : لا تكلمن بما يهوى المريب . وقال
ابن زيد : الخضوع بالقول ما يدخل في القلب الغزل . وقيل : لا تلن للرجال القول . أمر تعالى أن يكون الكلام خيرا ، لا على وجه يظهر في القلب علاقة ما يظهر عليه من اللين ، كما كان الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال برخيم الصوت ولينه ، مثل كلام المومسات ، فنهاهن عن ذلك ، وقال الشاعر :
بتكلم لو تستطيع كلامه لدنت له أروى الهضاب الصخد
وقال آخر :
لو أنها عرضت لأشمط راهب عبد الإله صرورة متعبد
لرنا لرؤيتها وحسن حديثها ولخاله رشدا وإن لم يرشد
[ ص: 230 ] وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32فيطمع ) بفتح الميم ونصب العين ، جوابا للنهي ;
nindex.php?page=showalam&ids=11795وأبان بن عثمان ،
وابن هرمز : بالجزم ، فكسرت العين لالتقاء الساكنين ، نهين عن الخضوع بالقول ، ونهي مريض القلب عن الطمع ، كأنه قيل : لا تخضع فلا تطمع . وقراءة النصب أبلغ ; لأنها تقتضي الخضوع بسبب الطمع . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبو عمرو الداني : قرأ
الأعرج وعيسى : " فيطمع " ، بفتح الياء وكسر الميم . ونقلها
ابن خالويه عن
أبي السماك ، قال : وقد روي عن
ابن محيصن ، وذكر أن
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج ، وهو
ابن هرمز ، قرأ : " فيطمع " ، بضم الياء وفتح العين وكسر الميم ، أي : فيطمع هو ، أي : الخضوع بالقول ; و ( الذي ) مفعول ، أو ( الذي ) فاعل والمفعول محذوف ، أي : فيطمع نفسه . والمرض ، قال
قتادة : النفاق ; وقال
عكرمة : الفسق والغزل . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32وقلن قولا معروفا ) والمحرم ، وهو الذي لا تنكره الشريعة ولا العقول . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : المرأة تندب إذا خالطت الأجانب ، عليها بالمصاهرة إلى الغلظة في القول من غير رفع الصوت ، فإنها مأمورة بخفض الكلام . وقال
الكلبي : معروفا صحيحا ، بلا هجر ولا تمريض . وقال
الضحاك : عنيفا ; وقيل : خشنا حسنا ; وقيل : معروفا ، أي : قولا أذن لكم فيه ; وقيل : ذكر الله وما يحتاج إليه من الكلام .
وقرأ الجمهور : " وقرن " ، بكسر القاف ، من وقر يقر إذا سكن وأصله : أوقرن ، مثل عدن من وعد . وذكر
أبو الفتح الهمداني ، في كتاب التبيان ، وجها آخر قال : قار يقار ، إذا اجتمع ، ومنه القارة لاجتماعها . ألا ترى إلى قول عضل والديش : اجتمعوا فكونوا قارة ؟ فالمعنى : اجمعن أنفسكن في بيوتكن . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وقرن ) أمر من قار ، كما تقول : خفن من خاف ; أو من القرار ، تقول : قررت بالمكان ، وأصله : واقررن ، حذفت الراء الثانية تخفيفا ، كما حذفوا لام ظللت ، ثم نقلت حركتها إلى القاف فذهبت ألف الوصل . وقال
أبو علي : أبدلت الراء ونقلت حركتها إلى القاف ، ثم حذفت الياء لسكونها وسكون الراء بعدها . انتهى ، وهذا غاية في التحميل كعادته . وقرأ
عاصم ونافع : بفتح القاف ، وهي لغة العرب ; يقولون : قررت بالمكان ، بكسر الراء وبفتح القاف ، حكاه
أبو عبيد nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج وغيرهما ، وأنكرها قوم ، منهم
المازني ، وقالوا : بكسر الراء ، من قرت العين ، وبفتحها من القرار . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة : " واقررن " ، بألف الوصل وكسر الراء الأولى . وتقدم لنا الكلام على قررت ، وأنه بالفتح والكسر من القرار ومن القرة . أمرهن تعالى بملازمة بيوتهن ، ونهاهن عن التبرج ، وأعلم تعالى أنه فعل الجاهلية الأولى ، وكانت
عائشة إذا قرأت هذه الآية بكت حتى تبل خمارها ، تتذكر خروجها أيام الجمل تطلب بدم
عثمان . وقيل
nindex.php?page=showalam&ids=93لسودة : لم لا تحجين وتعتمرين كما يفعل إخوانك ؟ فقالت : قد حججت واعتمرت وأمرني الله أن أقر في بيتي ، فما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33ولا تبرجن ) قال
مجاهد وقتادة : التبرج : التبختر والتغنج والتكسر . وقال
مقاتل : تلقي الخمار على وجهها ولا تشده . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : تبدي من محاسنها ما يجب عليها ستره . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33الجاهلية الأولى ) يدل على أن ثم جاهلية متقدمة وأخرى متأخرة . فقيل : هما ابنان
لآدم ، سكن أحدهما الجبل ، فذكور أولاده صباح وإناثهم قباح ; والآخر السهل ، وأولاده على عكس ذلك . فسوى لهم إبليس عيدا يجتمع جميعهم فيه ، فمال ذكور الجبل إلى إناث السهل وبالعكس ، فكثرت الفاحشة ، فهو تبرج الجاهلية الأولى . وقال
عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم بن عيينة : ما بين
آدم ونوح ، وهي ثمانمائة سنة ، كان الرجال صباحا والنساء قباحا ، فكانت المرأة تدعو الرجل إلى نفسها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا : الجاهلية الأولى ما بين
إدريس ونوح ، كانت ألف سنة ، تجمع المرأة بين زوج وعشيق . وقال
الكلبي وغيره : ما بين
نوح وإبراهيم . قال
مقاتل : زمن
نمروذ ، بغايا يلبسن أرق الدروع ويمشين في الطرق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والجاهلية الأولى هي القديمة التي يقال لها الجاهلية الجهلاء ،
[ ص: 231 ] وهي الزمان الذي ولد فيه
إبراهيم . كانت المرأة تلبس الدرع من اللؤلؤ ، فتمشي وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال . وقال
أبو العالية : من
داود وسليمان ، كان للمرأة قميص من الدر غير مخيط الجانبين ، يظهر منه الأكعاب والسوأتان . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : كانت المرأة تجمع بين زوجها وخلمها ، للزوج نصفها الأسفل ، وللخلم نصفها ، يتمتع به في التقبيل والترشف . وقيل : ما بين
موسى وعيسى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : ما بين
عيسى ومحمد ، عليهما الصلاة والسلام . وقال
مقاتل : الأولى زمن
إبراهيم ، والثانية زمن
محمد ، عليه الصلاة والسلام قبل أن يبعث ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : الأشبه قول
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي لأنهم هم الجاهلية المعروفون كانوا يتخذون البغايا ، وإنما قيل : الأولى ؛ لأنه يقال لكل متقدم ومتقدمة : أول وأولى ، وتأويله أنهم تقدموا على أمة
محمد - صلى الله عليه وسلم - فهم أولى وهم أول من أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، وقال
عمر لابن عباس : وهل كانت الجاهلية إلا واحدة ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : وهل كانت الأولى إلا ولها آخرة ؟ فقال
عمر : لله درك يا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والجاهلية الأخرى ما بين
عيسى ومحمد ، عليهما الصلاة والسلام ، ويجوز أن يكون الجاهلية الأولى جاهلية الكفر قبل الإسلام ، والجاهلية الأخرى جاهلية الفسوق والفجور في الإسلام ، فكان المعنى : ولا يجدكن بالتبرج جاهلية في الإسلام يتشبهن بها بأهل جاهلية الكفر . ويعضده ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
nindex.php?page=showalam&ids=4لأبي الدرداء : "
إن فيك جاهلية " ، قال : جاهلية كفر أم إسلام ؟ فقال : " بل جاهلية كفر " . انتهى . والمعروف في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام إنما قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10369182إنك امرؤ فيك جاهلية " ،
لأبي ذر ، رضي الله عنه . وقال
ابن عطية : والذي يظهر عندي أنه أشار إلى الجاهلية التي يخصها ، فأمرن بالنقلة من سيرتهن فيها ، وهي ما كان قبل الشرع من سيرة الكفر ، ولأنهم كانوا لا غيرة عندهم ، وكان أمر النساء دون حجبة ، وجعلها أولى بالإضافة إلى حالة الإسلام ، وليس المعنى أن ثم جاهلية أخرى . وقد مر إطلاق اسم الجاهلية على تلك المدة التي قبل الإسلام ، فقالوا : جاهلي في الشعراء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في البخاري : سمعت ، أي : في الجاهلية إلى غير هذا . انتهى .
[ ص: 226 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28nindex.php?page=treesubj&link=29004يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=34وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) .
[ ص: 227 ] سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ أَزْوَاجَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، تَغَايَرْنَ وَأَرَدْنَ زِيَادَةً فِي كِسْوَةٍ وَنَفَقَةٍ ، فَنَزَلَتْ . وَلَمَّا نَصَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَفَرَّقَ عَنْهُ الْأَحْزَابَ وَفَتَحَ عَلَيْهِ
قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ ، ظَنَّ أَزْوَاجُهُ أَنَّهُ اخْتُصَّ بِنَفَائِسِ
الْيَهُودِ وَذَخَائِرِهِمْ ، فَقَعَدْنَ حَوْلَهُ وَقُلْنَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَنَاتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِي الْحُلِيِّ وَالْحُلَلِ وَالْإِمَاءِ وَالْخَوَلِ ، وَنَحْنُ عَلَى مَا تَرَاهُ مِنَ الْفَاقَةِ وَالضِّيقِ . وَآلَمْنَ قَلْبَهُ بِمُطَالَبَتِهِنَّ لَهُ بِتَوْسِعَةِ الْحَالِ ، وَأَنْ يُعَامِلَهُنَّ بِمَا يُعَامِلُ بِهِ الْمُلُوكُ وَالْأَكَابِرُ أَزْوَاجَهُمْ ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَتْلُوَ عَلَيْهِنَّ مَا نَزَلَ فِي أَمْرِهِنَّ ; وَأَزْوَاجُهُ إِذْ ذَاكَ تِسْعٌ :
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=41وَحَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10583وَأُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=93وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=54وَأُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ ، وَهَؤُلَاءِ مِنْ
قُرَيْشٍ . وَمِنْ غَيْرِ
قُرَيْشٍ :
nindex.php?page=showalam&ids=156مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15953وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ الْأَسَدِيَّةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=149وَجُوَيْرِيَّةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْمُصْطَلِقِيَّةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=199وَصَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ الْخَيْبَرِيَّةُ .
وَقَالَ
أَبُو الْقَاسِمِ الصَّيْرَفِيُّ : لَمَّا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بَيْنَ مُلْكِ الدُّنْيَا وَنَعِيمِ الْآخِرَةِ ، فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ ، وَأَمَرَ بِتَخْيِيرِ نِسَائِهِ لِيَظْهَرَ صِدْقُ مُوَافَقَتِهِنَّ ، وَكَانَ تَحْتَهُ عَشْرُ نِسَاءٍ ، زَادَ الْحِمْيَرِيَّةَ ، فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِلَّا الْحِمْيَرِيَّةَ . وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ
لِعَائِشَةَ ، وَبَدَأَ بِهَا ، وَكَانَتْ أَحَبَّهُنَّ إِلَيْهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374797إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا ، وَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ " . ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهَا الْقُرْآنَ ، فَقَالَتْ : أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ، لَا تُخْبِرْ أَزْوَاجَكَ أَنِّي اخْتَرْتُكَ ، فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374798إِنَّمَا بَعَثَنِي اللَّهُ مُبَلِّغًا وَلَمْ يَبْعَثْنِي مُتَعَنِّتًا " . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُنَّ إِذَا اخْتَرْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ، مَتَّعَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَلَّقَهُنَّ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِنَّ ذَلِكَ يَقَعُ الْفِرَاقُ دُونَ أَنْ يُوقِعَهُ هُوَ . وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ : هِيَ آيَةُ تَخْيِيرٍ ، فَإِذَا قَالَ لَهَا : اخْتَارِي ، فَاخْتَارَتْ زَوْجَهَا ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلَاقًا . وَعَنْ
عَلِيٍّ : تَكُونُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً ، وَإِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا ، وَقَعَتْ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ عِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ
عَلِيٍّ ; وَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ ، عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَهُوَ قَوْلُ
عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ ; وَثَلَاثٌ عِنْدَ
مَالِكٍ . وَأَكْثَرُ النَّاسِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْآيَةَ فِي التَّخْيِيرِ وَالطَّلَاقِ ، وَهُوَ قَوْلُ
عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ ، قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : وَأَمَّا أَمْرُ الطَّلَاقِ فَمُرْجَأٌ ، فَإِنِ اخْتَرْنَ أَنْفُسَهُنَّ ، نَظَرَ هُوَ كَيْفَ يُسَرِّحُهُنَّ ، وَلَيْسَ فِيهَا تَخْيِيرٌ فِي الطَّلَاقِ ; لِأَنَّ التَّخْيِيرَ يَتَضَمَّنُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ ، وَهُوَ قَدْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ) وَلَيْسَ مَعَ بَتِّ الطَّلَاقِ سَرَاحٌ جَمِيلٌ . انْتَهَى .
وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْآيَةِ هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا ، مِنْ أَنَّهُ عَلَّقَ عَلَى إِرَادَتِهِنَّ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وُقُوعَ التَّمْتِيعِ وَالتَّسْرِيحِ مِنْهُ ، وَالْمَعْنَى فِي الْآيَةِ : أَنَّهُ كَانَ عَظِيمُ هَمِّكُنَّ وَمَطْلَبِكُنَّ التَّعَمُّقَ فِي الدُّنْيَا وَنَيْلَ نَعِيمِهَا وَزِينَتِهَا .
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28فَتَعَالَيْنَ ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) فِي آلِ عِمْرَانَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28أُمَتِّعْكُنَّ ) قِيلَ : الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ فِي الطَّلَاقِ ; وَقِيلَ : مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا . وَالْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236وَمَتِّعُوهُنَّ ) يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فِي مَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ ، وَفِي تَفْصِيلِ الْمَذَاهِبِ فِي الْبَقَرَةِ . وَالتَّسْرِيحُ الْجَمِيلُ إِمَّا فِي دُونِ الْبَيْتِ ، أَوْ جَمِيلِ الثَّنَاءِ ، وَالْمُعْتَقَدِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ إِنْ كَانَ تَامًّا . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28أُمَتِّعْكُنَّ ) بِالتَّشْدِيدِ مِنْ مَتَّعَ ;
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : بِالتَّخْفِيفِ مِنْ أَمْتَعَ ، وَمَعْنَى ( أَعَدَّ ) هَيَّأَ وَيَسَّرَ ، وَأَوْقَعَ الظَّاهِرَ مَوْقِعَ الْمُضْمَرِ ; تَنْبِيهًا عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي تَرَتَّبَ لَهُنَّ بِهِ الْأَجْرَ الْعَظِيمَ ، وَهُوَ الْإِحْسَانُ ، كَأَنَّهُ قَالَ : أَعَدَّ لَكُنَّ ; لِأَنَّ مَنْ أَرَادَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ كَانَ مُحْسِنًا . وَقِرَاءَةُ
حُمَيْدٍ الْخَرَّازِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ ; وَالْجُمْهُورُ : بِالْجَزْمِ عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ ، أَوْ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ ، وَيَكُونُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28فَتَعَالَيْنَ ) جُمْلَةُ اعْتِرَاضٍ بَيْنَ الشَّرْطِ وَجَزَائِهِ ، وَلَا يَضُرُّ دُخُولُ الْفَاءِ عَلَى جُمْلَةِ الِاعْتِرَاضِ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
وَاعْلَمْ فَعِلْمُ الْمَرْءِ يَنْفَعُهُ أَنْ سَوْفَ يَأْتِي كُلُّ مَا قُدِرَا
ثُمَّ نَادَى نِسَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِيَجْعَلْنَ بَالَهُنَّ مِمَّا يُخَاطَبْنَ بِهِ ، إِذَا كَانَ أَمْرًا يُجْعَلُ لَهُ الْبَالُ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ،
[ ص: 228 ] وَالْجَحْدَرِيُّ ،
وَعَمْرُو بْنُ فَائِدٍ الْأَسْوَارِيُّ ،
وَيَعْقُوبُ : " تَأْتِ " ، بِتَاءِ التَّأْنِيثِ ، حَمْلًا عَلَى مَعْنَى مَنْ ; وَالْجُمْهُورُ : بِالْيَاءِ ، حَمْلًا عَلَى لَفْظِ مَنْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) كَبِيرَةٍ مِنَ الْمَعَاصِي ، وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا الزِّنَى ، لِعِصْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْ ذَلِكَ ، وَلِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِالتَّبْيِينِ وَالزِّنَى مِمَّا يُتَسَتَّرُ بِهِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ الْفَاحِشَةُ عَلَى عُقُوقِ الزَّوْجِ وَفَسَادِ عِشْرَتِهِ . وَلَمَّا كَانَ مَكَانُهُنَّ مَهْبِطَ الْوَحْيِ مِنَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي ، لَزِمَهُنَّ بِسَبَبِ ذَلِكَ ، وَكَوْنِهِنَّ تَحْتَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ مِمَّا يَلْزَمُ غَيْرَهُنَّ ، فَضُوعِفَ لَهُنَّ الْأَجْرُ وَالْعَذَابُ . وَقَرَأَ
نَافِعٌ ،
وَحَمْزَةُ ،
وَعَاصِمٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30يُضَاعَفْ ) بِأَلِفٍ وَفَتْحِ الْعَيْنِ ;
وَالْحَسَنُ ،
وَعِيسَى ،
وَأَبُو عَمْرٍو : بِالتَّشْدِيدِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ ;
وَالْجَحْدَرِيُّ ،
وَابْنُ كَثِيرٍ ،
وَأَبُو عَامِرٍ : بِالنُّونِ وَشَدِّ الْعَيْنِ مَكْسُورَةً ;
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ،
وَابْنُ مُحَيْصِنٍ ،
وَخَارِجَةُ ، عَنْ
أَبِي عَمْرٍو : بِالْأَلِفِ وَالنُّونِ وَالْكَسْرِ ; وَفِرْقَةٌ : بِيَاءِ الْغَيْبَةِ وَالْأَلِفِ وَالْكَسْرِ . وَمَنْ فَتَحَ الْعَيْنَ رَفَعَ ( الْعَذَابُ ) وَمَنْ كَسَرَهَا نَصَبَهُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30ضِعْفَيْنِ ) أَيْ : عَذَابَيْنِ ، فَيُضَافُ إِلَى عَذَابِ سَائِرِ النَّاسِ عَذَابٌ آخَرُ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ ،
وَأَبُو عَمْرٍو فِيمَا حَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنْهُمَا : إِنَّهُ يُضَافُ إِلَى الْعَذَابِ عَذَابَانِ ، فَتَكُونُ ثَلَاثَةً . وَكَوْنُ الْأَجْرِ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ ; لِأَنَّ الْعَذَابَ فِي الْفَاحِشَةِ بِإِزَاءِ الْأَجْرِ فِي الطَّاعَةِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30وَكَانَ ذَلِكَ ) أَيْ : تَضْعِيفُ الْعَذَابِ عَلَيْهِنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ) أَيْ : سَهْلًا ، وَفِيهِ إِعْلَامٌ بِأَنَّ كَوْنَهُنَّ نِسَاءً ، مَعَ مُقَارَفَةِ الذَّنْبِ ، لَا يُغْنِي عَنْهُنَّ شَيْئًا ، وَهُوَ يُغْنِي عَنْهُنَّ ، وَهُوَ سَبَبُ مُضَاعَفَةِ الْعَذَابِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31وَمَنْ يَقْنُتْ ) أَيْ : يُطِعْ وَيَخْضَعْ بِالْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ ، وَبِالْمُوَافَقَةِ لِرَسُولِهِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31وَمَنْ يَقْنُتْ ) بِالْمُذَكَّرِ ، حَمْلًا عَلَى لَفْظِ " مَنْ " ، وَتَعْمَلُ بِالتَّاءِ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31نُؤْتِهَا ) بِنُونِ الْعَظَمَةِ . وَقَرَأَ
الْجَحْدَرِيُّ ،
وَالْأَسْوَارِيُّ ،
وَيَعْقُوبُ ، فِي رِوَايَةٍ : " وَمَنْ تَقْنُتْ " بِتَاءِ التَّأْنِيثِ ، حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى ، وَبِهَا قَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ فِي رِوَايَةٍ ، وَرَوَاهَا
أَبُو حَاتِمٍ عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ وَشَيْبَةَ وَنَافِعٍ . وَقَالَ
ابْنُ خَالَوَيْهِ : مَا سَمِعْتُ أَنَّ أَحَدًا قَرَأَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31وَمَنْ يَقْنُتْ ، إِلَّا بِالتَّاءِ . وَقَرَأَ
السُّلَمِيُّ ،
وَابْنُ وَثَّابٍ ،
وَحَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : بِيَاءٍ مِنْ تَحْتُ فِي ثَلَاثَتِهَا . وَذَكَرَ
أَبُو الْبَقَاءِ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَرَأَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31وَمَنْ يَقْنُتْ بِالْيَاءِ ، حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى ، وَيَعْمَلُ بِالْيَاءِ حَمْلًا عَلَى لَفْظِ مَنْ قَالَ ; فَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ : هَذَا ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ التَّذْكِيرَ أَصْلٌ لَا يُجْعَلُ تَبَعًا لِلتَّأْنِيثِ ، وَمَا عَلَّلُوهُ بِهِ قَدْ جَاءَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=139خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا ) . انْتَهَى . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ( خَالِصَةٌ ) فِي الْأَنْعَامِ . وَالرِّزْقُ الْكَرِيمُ : الْجَنَّةُ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ وَعْدٌ دُنْيَاوِيٌّ ، أَيْ : أَنَّ أَرْزَاقَهَا فِي الدُّنْيَا عَلَى اللَّهِ ، وَهُوَ كَرِيمٌ مِنْ حَيْثُ هُوَ حَلَالٌ وَقَصْدٌ ، وَبِرِضًا مِنَ اللَّهِ فِي نَيْلِهِ . وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : الْعَذَابُ الَّذِي تُوُعِّدَ بِهِ ضِعْفَيْنِ هُوَ عَذَابُ الدُّنْيَا ، ثُمَّ عَذَابُ الْآخِرَةِ ; وَكَذَلِكَ الْأَجْرُ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ . انْتَهَى . وَإِنَّمَا ضُوعِفَ أَجْرُهُنَّ لِطَلَبِهِنَّ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِحُسْنِ الْخُلُقِ وَطِيبِ الْمُعَاشَرَةِ وَالْقَنَاعَةِ وَالتَّوَفُّرِ عَلَى عِبَادَةِ اللَّهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=29004يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ) أَيْ : لَيْسَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ مِنَ النِّسَاءِ ، أَيْ : مِنْ نِسَاءِ عَصْرِكَ . وَلَيْسَ النَّفْيُ مُنْصَبًّا عَلَى التَّشْبِيهِ فِي كَوْنِهِنَّ نِسْوَةً . تَقُولُ : لَيْسَ
زَيْدٌ كَآحَادِ النَّاسِ ، لَا تُرِيدُ نَفْيَ التَّشْبِيهِ عَنْ كَوْنِهِ إِنْسَانًا ، بَلْ فِي وَصْفٍ أَخَصَّ مَوْجُودٍ فِيهِ ، وَهُوَ كَوْنُهُ عَالِمًا ، أَوْ عَامِلًا ، أَوْ مُصَلِّيًا . فَالْمَعْنَى : أَنَّهُ يُوجَدُ فِيكُنَّ مِنَ التَّمْيِيزِ مَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِكُنَّ ، وَهُوَ كَوْنُكُنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَزَوْجَاتِ خَيْرِ الْمُرْسَلِينَ . وَنَزَلَ الْقُرْآنُ فِيكُنَّ ، فَكَمَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيْسَ كَأَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374799لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ " ، كَذَلِكَ زَوْجَاتُهُ اللَّاتِي تَشَرَّفْنَ بِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَحَدٌ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى وَحَدٍ ، وَهُوَ الْوَاحِدُ ; ثُمَّ وُضِعَ فِي النَّفْيِ الْعَامِّ مُسْتَوِيًا فِيهِ
[ ص: 229 ] الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْوَاحِدُ وَمَا وَرَاءَهُ ، وَالْمَعْنَى : لَسْتُنَّ كَجَمَاعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ جَمَاعَاتِ النِّسَاءِ ، أَيْ : إِذَا تَقَصَّيْتَ أُمَّةَ النِّسَاءِ جَمَاعَةً جَمَاعَةً ، لَمْ يُوجَدْ مِنْهُنَّ جَمَاعَةٌ وَاحِدَةٌ تُسَاوِيكُنَّ فِي الْفَضْلِ وَالسَّابِقَةِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ) يُرِيدُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُمْ ، تَسْوِيَةً بَيْنَ جَمِيعِهِمْ فِي أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ . انْتَهَى . أَمَّا قَوْلُهُ : أَحَدٌ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى : وَحَدٍ ، وَهُوَ الْوَاحِدُ فَصَحِيحٌ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : ثُمَّ وَضَعَ ، إِلَى قَوْلِهِ : وَمَا وَرَاءَهُ ، فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ; لِأَنَّ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِي النَّفْيِ الْعَامِّ مَدْلُولُهُ غَيْرُ مَدْلُولِ وَاحِدٍ ; لِأَنَّ وَاحِدًا يَنْطَلِقُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ اتَّصَفَ بِالْوَحْدَةِ ، وَ " أَحَدٌ " الْمُسْتَعْمَلُ فِي النَّفْيِ الْعَامِّ مَخْصُوصٌ بِمَنْ يَعْقِلُ . وَذَكَرَ النَّحْوِيُّونَ أَنَّ مَادَّتَهُ هَمْزَةٌ وَحَاءٌ وَدَالٌ ، وَمَادَّةُ أَحَدٍ بِمَعْنَى وَحَدٍ أَصْلُهُ وَاوٌ وَحَاءٌ وَدَالٌ ، فَقَدِ اخْتَلَفَا مَادَّةً وَمَدْلُولًا . وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32لَسْتُنَّ ) كَجَمَاعَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَقَدْ قُلْنَا : إِنَّ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32لَسْتُنَّ ) مَعْنَاهُ : لَيْسَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ ، فَهُوَ حُكْمٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةٍ ، لَيْسَ حُكْمًا عَلَى الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ . وَقُلْنَا : إِنَّ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32كَأَحَدٍ : كَشَخْصٍ وَاحِدٍ ، فَأَبْقَيْنَا أَحَدًا عَلَى مَوْضُوعِهِ مِنَ التَّذْكِيرِ ، وَلَمْ نَتَأَوَّلْهُ بِجَمَاعَةٍ وَاحِدَةٍ . وَأَمَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ) فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي لِلنَّفْيِ الْعَامِّ ، وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ ، فَعَمَّ وَصَلُحَتِ الْبَيْنِيَّةُ لِلْعُمُومِ . وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ " أَحَدٌ " بِمَعْنَى وَاحِدٍ ، وَيَكُونُ قَدْ حُذِفَ مَعْطُوفٌ ، أَيْ : بَيْنَ وَاحِدٍ وَوَاحِدٍ مِنْ رُسُلِهِ ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
فَمَا كَانَ بَيْنَ الْخَيْرِ لَوْ جَاءَ سَالِمًا أَبُو حَجَرٍ إِلَّا لَيَالٍ قَلَائِلُ
أَيْ : لَسْتُنَّ مِثْلَهُنَّ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ اللَّهَ ، وَذَلِكَ لَمَّا انْضَافَ مَعَ تَقْوَى اللَّهِ مِنْ صُحْبَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَظِيمِ الْمَحَلِّ مِنْهُ ، وَنُزُولِ الْقُرْآنِ فِي بَيْتِهِنَّ وَفِي حَقِّهِنَّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) إِنْ أَرَدْتُنَّ التَّقْوَى ، وَإِنْ كُنَّ مُتَّقِيَاتٍ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ) فَلَا تُجِبْنَ بِقَوْلِكُنَّ خَاضِعًا ، أَيْ : لَيِّنًا خَنِثًا ، مِثْلَ كَلَامِ الْمُرِيبَاتِ وَالْمُومِسَاتِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ) أَيْ : رِيبَةً وَفُجُورًا . انْتَهَى . فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) قَيْدًا فِي كَوْنِهِنَّ لَسْنَ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ، وَيَكُونُ جَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفًا . وَعَلَى مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، يَكُونُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) ابْتِدَاءَ شَرْطٍ ، وَجَوَابُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32فَلَا تَخْضَعْنَ ) وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ فِيهِمَا حُمِلَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) عَلَى تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ ظَاهِرُ الِاسْتِعْمَالِ ، وَعِنْدِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : إِنِ اسْتَقْبَلْتُنَّ أَحَدًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32فَلَا تَخْضَعْنَ ) . وَاتَّقَى بِمَعْنَى : اسْتَقْبَلَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ ، قَالَ
النَّابِغَةُ :
سَقَطَ النَّصِيفُ وَلَمْ تُرِدْ إِسْقَاطَهُ فَتَنَاوَلَتْهُ وَاتَّقَتْنَا بِالْيَدِ
أَيِ : اسْتَقْبَلَتْنَا بِالْيَدِ ، وَيَكُونُ هَذَا الْمَعْنَى أَبْلَغَ فِي مَدْحِهِنَّ ، إِذْ لَمْ يُعَلِّقْ فَضِيلَتَهُنَّ عَلَى التَّقْوَى ، وَلَا عَلَّقَ نَهْيَهُنَّ عَنِ الْخُضُوعِ بِهَا ، إِذْ هُنَّ مُتَّقِيَاتٌ لِلَّهِ فِي أَنْفُسِهِنَّ ، وَالتَّعْلِيقُ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ أَنَّهُنَّ لَسْنَ مُتَحَلِّيَاتٍ بِالتَّقْوَى . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : لَا تُرَخِّصْنَ بِالْقَوْلِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : لَا تَكَلَّمْنَ بِالرَّفَثِ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : لَا تَكَلَّمْنَ بِمَا يَهْوَى الْمُرِيبُ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : الْخُضُوعُ بِالْقَوْلِ مَا يُدْخِلُ فِي الْقَلْبِ الْغَزَلَ . وَقِيلَ : لَا تُلِنَّ لِلرِّجَالِ الْقَوْلَ . أَمَرَ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ خَيْرًا ، لَا عَلَى وَجْهٍ يُظْهِرُ فِي الْقَلْبِ عَلَاقَةَ مَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ مِنَ اللِّينِ ، كَمَا كَانَ الْحَالُ عَلَيْهِ فِي نِسَاءِ الْعَرَبِ مِنْ مُكَالَمَةِ الرِّجَالِ بِرَخِيمِ الصَّوْتِ وَلَيِّنِهِ ، مِثْلَ كَلَامِ الْمُومِسَاتِ ، فَنَهَاهُنَّ عَنْ ذَلِكَ ، وَقَالَ الشَّاعِرُ :
بِتَكَلُّمٍ لَوْ تَسْتَطِيعُ كَلَامَهُ لَدَنَتْ لَهُ أَرْوَى الْهِضَابِ الصُّخَّدِ
وَقَالَ آخَرُ :
لَوْ أَنَّهَا عَرَضَتْ لِأَشْمَطَ رَاهِبٍ عَبَدَ الْإِلَهَ صَرُورَةٍ مُتَعَبِّدِ
لَرَنَا لِرُؤْيَتِهَا وَحُسْنِ حَدِيثِهَا وَلَخَالَهُ رُشْدًا وَإِنْ لَمْ يَرْشُدِ
[ ص: 230 ] وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32فَيَطْمَعَ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَنَصْبِ الْعَيْنِ ، جَوَابًا لِلنَّهْيِ ;
nindex.php?page=showalam&ids=11795وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ ،
وَابْنُ هُرْمُزَ : بِالْجَزْمِ ، فَكُسِرَتِ الْعَيْنُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ، نُهِينَ عَنِ الْخُضُوعِ بِالْقَوْلِ ، وَنُهِيَ مَرِيضُ الْقَلْبِ عَنِ الطَّمَعِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : لَا تَخْضَعْ فَلَا تَطْمَعْ . وَقِرَاءَةُ النَّصْبِ أَبْلَغُ ; لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْخُضُوعَ بِسَبَبِ الطَّمَعِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12111أَبُو عُمَرٍو الدَّانِيُّ : قَرَأَ
الْأَعْرَجُ وَعِيسَى : " فَيَطْمِعَ " ، بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ . وَنَقَلَهَا
ابْنُ خَالَوَيْهِ عَنْ
أَبِي السِّمَاكِ ، قَالَ : وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
ابْنِ مُحَيْصِنٍ ، وَذَكَرَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجَ ، وَهُوَ
ابْنُ هُرْمُزَ ، قَرَأَ : " فَيُطْمِعَ " ، بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْمِيمِ ، أَيْ : فَيَطْمَعُ هُوَ ، أَيِ : الْخُضُوعُ بِالْقَوْلِ ; وَ ( الَّذِي ) مَفْعُولٌ ، أَوِ ( الَّذِي ) فَاعِلٌ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ : فَيَطْمَعُ نَفْسُهُ . وَالْمَرَضُ ، قَالَ
قَتَادَةُ : النِّفَاقُ ; وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : الْفِسْقُ وَالْغَزَلُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ) وَالْمُحَرَّمُ ، وَهُوَ الَّذِي لَا تُنْكِرُهُ الشَّرِيعَةُ وَلَا الْعُقُولُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الْمَرْأَةُ تَنْدُبُ إِذَا خَالَطَتِ الْأَجَانِبَ ، عَلَيْهَا بِالْمُصَاهَرَةِ إِلَى الْغِلْظَةِ فِي الْقَوْلِ مِنْ غَيْرِ رَفْعِ الصَّوْتِ ، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِخَفْضِ الْكَلَامِ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : مَعْرُوفًا صَحِيحًا ، بِلَا هَجَرٍ وَلَا تَمْرِيضٍ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : عَنِيفًا ; وَقِيلَ : خَشِنًا حَسَنًا ; وَقِيلَ : مَعْرُوفًا ، أَيْ : قَوْلًا أُذِنَ لَكُمْ فِيهِ ; وَقِيلَ : ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْكَلَامِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : " وَقِرْنَ " ، بِكَسْرِ الْقَافِ ، مِنْ وَقَرَ يَقِرُ إِذَا سَكَنَ وَأَصْلُهُ : أَوْقِرْنَ ، مِثْلُ عِدْنَ مِنْ وَعَدَ . وَذَكَرَ
أَبُو الْفَتْحِ الْهَمْدَانِيُّ ، فِي كِتَابِ التِّبْيَانِ ، وَجْهًا آخَرَ قَالَ : قَارَّ يَقَارُّ ، إِذَا اجْتَمَعَ ، وَمِنْهُ الْقَارَّةُ لِاجْتِمَاعِهَا . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ عُضَلَ وَالدِّيشِ : اجْتَمِعُوا فَكُونُوا قَارَّةً ؟ فَالْمَعْنَى : اجْمَعْنَ أَنْفُسَكُنَّ فِي بُيُوتِكُنَّ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وَقَرْنَ ) أَمْرٌ مِنْ قَارَ ، كَمَا تَقُولُ : خِفْنَ مِنْ خَافَ ; أَوْ مِنَ الْقَرَارِ ، تَقُولُ : قَرَرْتُ بِالْمَكَانِ ، وَأَصْلُهُ : وَاقْرِرْنَ ، حُذِفَتِ الرَّاءُ الثَّانِيَةُ تَخْفِيفًا ، كَمَا حَذَفُوا لَامَ ظَلِلْتُ ، ثُمَّ نُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلَى الْقَافِ فَذَهَبَتْ أَلِفُ الْوَصْلِ . وَقَالَ
أَبُو عَلِيٍّ : أُبْدِلَتِ الرَّاءُ وَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلَى الْقَافِ ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْيَاءُ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا . انْتَهَى ، وَهَذَا غَايَةٌ فِي التَّحْمِيلِ كَعَادَتِهِ . وَقَرَأَ
عَاصِمٌ وَنَافِعٌ : بِفَتْحِ الْقَافِ ، وَهِيَ لُغَةُ الْعَرَبِ ; يَقُولُونَ : قَرِرْتُ بِالْمَكَانِ ، بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِفَتْحِ الْقَافِ ، حَكَاهُ
أَبُو عُبَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُمَا ، وَأَنْكَرَهَا قَوْمٌ ، مِنْهُمُ
الْمَازِنِيُّ ، وَقَالُوا : بِكَسْرِ الرَّاءِ ، مِنْ قَرَّتِ الْعَيْنُ ، وَبِفَتْحِهَا مِنَ الْقَرَارِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : " وَاقْرِرْنَ " ، بِأَلِفِ الْوَصْلِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى . وَتَقَدَّمَ لَنَا الْكَلَامُ عَلَى قَرِرْتُ ، وَأَنَّهُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ مِنَ الْقَرَارِ وَمِنَ الْقِرَّةِ . أَمَرَهُنَّ تَعَالَى بِمُلَازَمَةِ بُيُوتِهِنَّ ، وَنَهَاهُنَّ عَنِ التَّبَرُّجِ ، وَأَعْلَمَ تَعَالَى أَنَّهُ فِعْلُ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ، وَكَانَتْ
عَائِشَةُ إِذَا قَرَأَتْ هَذِهِ الْآيَةَ بَكَتْ حَتَّى تَبُلَّ خِمَارَهَا ، تَتَذَكَّرُ خُرُوجَهَا أَيَّامَ الْجَمَلِ تَطْلُبُ بِدَمِ
عُثْمَانَ . وَقِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=93لِسَوْدَةَ : لِمَ لَا تَحُجِّينَ وَتَعْتَمِرِينَ كَمَا يَفْعَلُ إِخْوَانُكِ ؟ فَقَالَتْ : قَدْ حَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ وَأَمَرَنِي اللَّهُ أَنْ أَقِرَّ فِي بَيْتِي ، فَمَا خَرَجَتْ مِنْ بَابِ حُجْرَتِهَا حَتَّى أُخْرِجَتْ جِنَازَتُهَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وَلَا تَبَرَّجْنَ ) قَالَ
مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ : التَّبَرُّجُ : التَّبَخْتُرُ وَالتَّغَنُّجُ وَالتَّكَسُّرُ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : تُلْقِي الْخِمَارَ عَلَى وَجْهِهَا وَلَا تَشُدُّهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : تُبْدِي مِنْ مَحَاسِنِهَا مَا يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُهُ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ثَمَّ جَاهِلِيَّةٌ مُتَقَدِّمَةٌ وَأُخْرَى مُتَأَخِّرَةٌ . فَقِيلَ : هُمَا ابْنَانِ
لِآدَمَ ، سَكَنَ أَحَدُهُمَا الْجَبَلَ ، فَذُكُورُ أَوْلَادِهِ صِبَاحٌ وَإِنَاثُهُمْ قِبَاحٌ ; وَالْآخَرُ السَّهْلَ ، وَأَوْلَادُهُ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ . فَسَوَّى لَهُمْ إِبْلِيسُ عِيدًا يَجْتَمِعُ جَمِيعُهُمْ فِيهِ ، فَمَالَ ذُكُورُ الْجَبَلِ إِلَى إِنَاثِ السَّهْلِ وَبِالْعَكْسِ ، فَكَثُرَتِ الْفَاحِشَةُ ، فَهُوَ تَبَرُّجُ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ nindex.php?page=showalam&ids=14152وَالْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ : مَا بَيْنَ
آدَمَ وَنُوحٍ ، وَهِيَ ثَمَانُمِائَةِ سَنَةٍ ، كَانَ الرِّجَالُ صِبَاحًا وَالنِّسَاءُ قِبَاحًا ، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَدْعُو الرَّجُلَ إِلَى نَفْسِهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا : الْجَاهِلِيَّةُ الْأُولَى مَا بَيْنَ
إِدْرِيسَ وَنُوحٍ ، كَانَتْ أَلْفَ سَنَةٍ ، تَجْمَعُ الْمَرْأَةُ بَيْنَ زَوْجٍ وَعَشِيقٍ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُ : مَا بَيْنَ
نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ . قَالَ
مُقَاتِلٌ : زَمَنَ
نُمْرُوذَ ، بَغَايَا يَلْبَسْنَ أَرَقَّ الدُّرُوعِ وَيَمْشِينَ فِي الطُّرُقِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالْجَاهِلِيَّةُ الْأُولَى هِيَ الْقَدِيمَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ ،
[ ص: 231 ] وَهِيَ الزَّمَانُ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ
إِبْرَاهِيمُ . كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْبَسُ الدِّرْعَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ ، فَتَمْشِي وَسَطَ الطَّرِيقِ تَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَى الرِّجَالِ . وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ : مِنْ
دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ ، كَانَ لِلْمَرْأَةِ قَمِيصٌ مِنَ الدُّرِّ غَيْرُ مَخِيطِ الْجَانِبَيْنِ ، يَظْهَرُ مِنْهُ الْأَكْعَابُ وَالسَّوْأَتَانِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَجْمَعُ بَيْنَ زَوْجِهَا وَخِلْمِهَا ، لِلزَّوْجِ نِصْفُهَا الْأَسْفَلُ ، وَلِلْخِلْمِ نِصْفُهَا ، يَتَمَتَّعُ بِهِ فِي التَّقْبِيلِ وَالتَّرَشُّفِ . وَقِيلَ : مَا بَيْنَ
مُوسَى وَعِيسَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ : مَا بَيْنَ
عِيسَى وَمُحَمَّدٍ ، عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : الْأُولَى زَمَنُ
إِبْرَاهِيمَ ، وَالثَّانِيَةُ زَمَنَ
مُحَمَّدٍ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : الْأَشْبَهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ لِأَنَّهُمْ هُمُ الْجَاهِلِيَّةُ الْمَعْرُوفُونَ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْبَغَايَا ، وَإِنَّمَا قِيلَ : الْأُولَى ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ لِكُلِّ مُتَقَدِّمٍ وَمُتَقَدِّمَةٍ : أَوَّلُ وَأُولَى ، وَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُمْ تَقَدَّمُوا عَلَى أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُمْ أُولَى وَهُمْ أَوَّلُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَقَالَ
عُمَرُ لِابْنِ عَبَّاسٍ : وَهَلْ كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ إِلَّا وَاحِدَةً ؟ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : وَهَلْ كَانَتِ الْأُولَى إِلَّا وَلَهَا آخِرَةٌ ؟ فَقَالَ
عُمَرُ : لِلَّهِ دَرُّكَ يَا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالْجَاهِلِيَّةُ الْأُخْرَى مَا بَيْنَ
عِيسَى وَمُحَمَّدٍ ، عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجَاهِلِيَّةُ الْأُولَى جَاهِلِيَّةَ الْكُفْرِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ ، وَالْجَاهِلِيَّةُ الْأُخْرَى جَاهِلِيَّةَ الْفُسُوقِ وَالْفُجُورِ فِي الْإِسْلَامِ ، فَكَانَ الْمَعْنَى : وَلَا يَجِدُكُنَّ بِالتَّبَرُّجِ جَاهِلِيَّةً فِي الْإِسْلَامِ يَتَشَبَّهْنَ بِهَا بِأَهْلِ جَاهِلِيَّةِ الْكُفْرِ . وَيُعَضِّدُهُ مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=4لِأَبِي الدَّرْدَاءِ : "
إِنَّ فِيكَ جَاهِلِيَّةً " ، قَالَ : جَاهِلِيَّةُ كُفْرٍ أَمْ إِسْلَامٍ ؟ فَقَالَ : " بَلْ جَاهِلِيَّةُ كُفْرٍ " . انْتَهَى . وَالْمَعْرُوفُ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّمَا قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10369182إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ " ،
لِأَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَالَّذِي يَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي يَخُصُّهَا ، فَأُمِرْنَ بِالنُّقْلَةِ مِنْ سِيرَتِهِنَّ فِيهَا ، وَهِيَ مَا كَانَ قَبْلَ الشَّرْعِ مِنْ سِيرَةِ الْكُفْرِ ، وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا غَيْرَةَ عِنْدَهُمْ ، وَكَانَ أَمْرُ النِّسَاءِ دُونَ حَجَبَةٍ ، وَجَعَلَهَا أَوْلَى بِالْإِضَافَةِ إِلَى حَالَةِ الْإِسْلَامِ ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ ثَمَّ جَاهِلِيَّةٌ أُخْرَى . وَقَدْ مَرَّ إِطْلَاقُ اسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَ الْإِسْلَامِ ، فَقَالُوا : جَاهِلِيٌّ فِي الشُّعَرَاءِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْبُخَارِيِّ : سَمِعْتُ ، أَيْ : فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى غَيْرِ هَذَا . انْتَهَى .