(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=25nindex.php?page=treesubj&link=29005قل لا تسألون عما أجرمنا ) هذا أدخل في الإنصاف وأبلغ من الأول ، وأكثر تلطفا واستدراجا ، حيث سمى فعله جرما ، كما يزعمون ، مع أنه مثاب مشكور . وسمى فعلهم عملا ، مع أنه مزجور عنه محظور . وقد يراد بأجرمنا نسبة ذلك إلى المؤمنين دون الرسول ، وذلك ما لا يكاد يخلو المؤمن منه من الصغائر ، والذي تعملون هو الكفر وما دونه من المعاصي الكبائر . قيل : وهذه الآية منسوخة بآية السيف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=26قل يجمع بيننا ربنا ) أي
nindex.php?page=treesubj&link=30362_30355يوم القيامة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=26ثم يفتح ) أي يحكم ، ( بالحق ) بالعدل ، فيدخل المؤمنين الجنة والكفار النار . (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=26وهو الفتاح ) الحاكم الفاصل ، ( العليم ) بأعمال العباد . والفتاح والعليم صيغتا مبالغة ، وهذا فيه تهديد وتوبيخ . تقول لمن نصحته وخوفته فلم يقبل : سترى سوء عاقبة الأمر . وقرأ
عيسى : الفاتح اسم فاعل ، والجمهور : الفتاح .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=27قل أروني الذين ألحقتم به شركاء ) الظاهر أن أرى هنا بمعنى أعلم ، فيتعدى إلى ثلاثة : الضمير للمتكلم هو الأول ، والذين الثاني ، و ( شركاء ) الثالث ، أي أروني بالحجة والدليل كيف وجه الشركة ، وهل يملكون مثقال ذرة أو يرزقونكم ؟ وقيل : هي رؤية بصر ، و ( شركاء ) نصب على الحال من الضمير المحذوف في ألحقتم ، إذ تقديره : ألحقتموهم به في حال توهمه شركاء له . قال
ابن عطية : وهذا ضعيف ; لأن استدعاء رؤية العين في هذا لا غناء له . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : ما معنى قوله : أروني ، وكان يراهم ويعرفهم ؟ قلت : أراد بذلك أن يريهم الخطأ العظيم في إلحاق الشركاء بالله ، وأن يقايس على أعينهم بينه وبين أصنامهم ، ليطلعهم على حالة القياس إليه والإشراك به . و ( كلا ) ردع لهم عن مذهبهم بعد ما كسره بإبطال المقايسة ، كما قال
إبراهيم (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=67أف لكم ولما تعبدون من دون الله ) ، بعد ما حجهم ، وقد نبه على تفاحش غلطهم ، وأن يقدروا الله حق قدره بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=27هو الله العزيز الحكيم ) ، كأنه قال : أي الذين ألحقتم به شركاء
nindex.php?page=treesubj&link=28662_28657من هذه الصفات ؟ وهو راجع إلى الله وحده ، أو هو ضمير الشأن كما في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قل هو الله أحد ) . انتهى . وقول
ابن عطية ; لأن استدعاء رؤية العين في هذا لا غناء له ، أي لا نفع له ، ليس بجيد ، بل في ذلك تبكيت لهم وتوبيخ ، ولا يريد حقيقة الأمر ، بل المعنى : أن الذين هم شركاء الله على زعمكم ، هم ممن إن أريتموهم افتضحتم ; لأنهم خشب وحجر وغير ذلك من الحجارة والجماد ، كما تقول للرجل الخسيس الأصل : اذكر لي أباك الذي قايست به فلانا الشريف ولا تريد حقيقة الذكر ، وإنما أردت
[ ص: 281 ] تبكيته ، وأنه إن ذكر أباه افتضح .
و ( كافة ) اسم فاعل من كف ، وقيل : مصدر كالعاقبة والعافية ، فيكون على حذف مضاف ، أي إلا ذا كافة ، أي ذا كف للناس ، أي منع لهم من الكفر ، أو ذا منع من أن يشذوا عن تبليغك . وإذا كان اسم فاعل ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج وغيره : هو حال من الكاف في ( أرسلناك ) ، والمعنى : إلا جامعا للناس في الإبلاغ ، والكافة بمعنى الجامع ، والهاء فيه للمبالغة ، كهي في علامة وراوية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إلا إرسالة عامة لهم محيطة بهم ; لأنها إذا شملتهم فقد كفتهم أن يخرج منها أحد منهم ، قال : ومن جعله حالا من المجرور متقدما عليه فقد أخطأ ; لأن تقدم حال المجرور عليه في الأصالة بمنزلة تقدم المجرور على الجار ، وكم ترى ممن يرتكب هذا الخطأ ثم لا يقنع به حتى يضم إليه أن يجعل اللام بمعنى إلى ; لأنه لا يستوي له الخطأ الأول إلا بالخطأ الثاني ، فلا بد من ارتكاب الخطأين . انتهى . أما ( كافة ) بمعنى ( عامة ) ، فالمنقول عن النحويين أنها لا تكون إلا حالا ، ولم يتصرف فيها بغير ذلك ، فجعلها صفة لمصدر محذوف ، خروج عما نقلوا ، ولا يحفظ أيضا استعماله صفة لموصوف محذوف . وأما قول الزجاج : إن كافة بمعنى جامعا ، والهاء فيه للمبالغة ، فإن اللغة لا تساعد على ذلك ; لأن كف ليس بمحفوظ أن معناه جمع . وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ومن جعله حالا إلى آخره ، فذلك مختلف فيه . ذهب الأكثرون إلى أن ذلك لا يجوز ، وذهب
أبو علي وابن كيسان وابن برهان ومن معاصرينا
ابن مالك إلى أنه يجوز ، وهو الصحيح . ومن أمثلة
أبي علي : زيد خير ما يكون خير منك ، التقدير : زيد خير منك خير ما يكون ، فجعل ما يكون حالا من الكاف في منك ، وقدمها عليه ، قال الشاعر :
إذا المرء أعيته المروءة ناشئا فمطلبها كهلا عليه شديد
وقال آخر :
تسليت طرا عنكم بعد بينكم بذكركم حتى كأنكم عندي
أي : تسليت عنكم طرا ، أي جميعا . وقد جاء تقديم الحال على صاحبها المجرور وعلى ما يتعلق به ، ومن ذلك قول الشاعر :
مشغوفة بك قد شغفت وإنما حتم الفراق فما إليك سبيل
وقال الآخر :
غافلا تعرض المنية للمر ء فيدعى ولات حين إباء
أي : شغفت بك مشغوفة ، وتعرض المنية للمرء غافلا . وإذا جاز تقديمها على المجرور والعامل ، فتقديمها عليه دون العامل أجوز ، وعلى أن ( كافة ) حال من الناس ، حمله
ابن عطية وقال : قدمت للاهتمام والمنقول عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قوله : أي إلى العرب والعجم وسائر الأمم ، وتقديرا إلى الناس كافة . انتهى . وقول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وكم ترى ممن يرتكب هذا الخطأ ، إلى آخر كلامه ، شنيع ؟ لأن قائل ذلك لا يحتاج إلى أن
[ ص: 282 ] يتأول اللام بمعنى إلى ; لأن أرسل يتعدى بإلى ويتعدى باللام ، كقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وأرسلناك للناس رسولا ) . ولو تأول اللام بمعنى إلى ، لم يكن ذلك خطأ ; لأن اللام قد جاءت بمعنى إلى ، وإلى قد جاءت بمعنى اللام ، وأرسل مما جاء متعديا بهما إلى المجرور . ثم حكى تعالى مقالتهم في الاستهزاء بالبعث ، واستعجالهم على سبيل التكذيب ، ولم يجابوا بتعيين الزمان ، إذ ذاك مما انفرد تعالى بعلمه ، بل أجيبوا بأن ما وعدوا به لا بد من وقوعه ، وهو ميعاد يوم القيامة ، وتقدم الكلام على مثل هذه الجملة ، ويجوز أن يكون سؤالهم عما وعدوا به من العذاب في الدنيا واستعجلوا به استهزاء منهم . وقال
أبو عبيد : الوعد والوعيد والميعاد بمعنى . وقال الجمهور : الوعد في الخير ، والوعيد في الشر ، والميعاد يقع لهذا . والظاهر أن الميعاد اسم على وزن ( مفعال ) استعمل بمعنى المصدر ، أي قل لكم وقوع وعد يوم وتنجيزه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : الميعاد ظرف الوعد من مكان أو زمان ، وهو هاهنا الزمان ، والدليل عليه قراءة من قرأ ميعاد يوم فأبدل منه اليوم . انتهى . ولا يتعين ما قال ، إذ يكون بدلا على تقدير محذوف ، أي قل لكم ميعاد يوم ، فلما حذف أعرب ما قام مقامه بإعرابه .
وقرأ الجمهور (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=30ميعاد يوم ) بالإضافة . ولما جعل
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري الميعاد ظرف زمان قال : أما الإضافة فإضافته تبيين ، كما تقول : سحق ثوب وبعير سانية . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة ،
واليزيدي : ميعاد يوما بتنوينهما . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وأما نصب اليوم فعلى التعظيم بإضمار فعل تقديره لكم ميعاد ، أعني يوما ، وأريد يوما من صفته ، أعني كيت وكيت ، ويجوز أن يكون انتصابه على حذف مضاف ، ويجوز أن يكون الرفع على هذا للتعظيم . انتهى . لما جعل الميعاد ظرف زمان ، خرج الرفع والنصب على ذلك ، ويجوز أن يكون انتصابه على الظرف على حذف مضاف ، أي إنجاز وعد يوم من صفته كيت وكيت . وقرأ
عيسى : ميعاد منونا ، ويوم بالنصب من غير تنوين مضافا إلى الجملة ، فاحتمل تخريج
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري على التعظيم ، واحتمل تخريجا على الظرف على حذف مضاف ، أي إنجاز وعد يوم كذا . وجاء هذا الجواب على طريق التهديد مطابقا لمجيء السؤال على سبيل الإنكار والتعنت ، وأنهم مرصدون بيوم القيامة ، يفاجئهم فلا يستطيعون تأخرا عنه ولا تقدما عليه . واليوم : يوم القيامة ، وهو السابق إلى الذهن ، أو يوم مجيء أجلهم عند حضور منيتهم ، أو يوم
بدر ، أقوال .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31لن نؤمن بهذا القرآن ) يعني الذي تضمن التوحيد والرسالة والبعث المتقدم ذكرها فيه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31ولا بالذي بين يديه ) هو ما نزل من كتب الله المبشرة برسول الله . يروى أن
nindex.php?page=treesubj&link=29281كفار مكة سألوا أهل الكتاب ، فأخبروهم أنهم يجدون صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتبهم ، وأغضبهم ذلك ، وقرنوا إلى القرآن ما تقدم من كتب الله في الكفر ، ويكون ( الذين كفروا ) مشركي
قريش ومن جرى مجراهم . والمشهور أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31بالذي بين يديه ) التوراة والإنجيل وما تقدم من الكتب ، وهو مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج . وقالت فرقة (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31الذي بين يديه ) هي القيامة ، قال
ابن عطية : وهذا خطأ ، قائله لم يفهم أمر بين اليد في اللغة ، وأنه المتقدم في الزمان ، وقد بيناه فيما تقدم . انتهى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31ولو ترى إذ الظالمون ) أخبر عن حالهم في صفة التعجب منها ، وترى في معنى رأيت لإعمالها في الظرف الماضي ، ومفعول ترى محذوف ، أي حال الظالمين ، إذ هم (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31موقوفون ) . وجواب لو محذوف ، أي لرأيت لهم حالا منكرة من ذلهم وتخاذلهم وتحاورهم ، حيث لا ينفعهم شيء من ذلك . ثم فسر ذلك الرجوع والجدل بأن الأتباع ، وهم الذين استضعفوا ، قالوا لرؤسائهم على جهة التذنيب والتوبيخ ورد اللائمة عليهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31لولا أنتم لكنا مؤمنين ) أي أنتم أغويتمونا وأمرتمونا بالكفر . وأتى الضمير بعد لولا ضمير رفع على الأفصح . وحكى الأئمة
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه والخليل وغيرهما مجيئه بضمير الجر نحو : لولاكم ، وإنكار المبرد ذلك لا يلتفت إليه . ولما كان مقاما ، استوى فيه المرؤوس والرئيس .
[ ص: 283 ] بدأ الأتباع بتوبيخ مضليهم ، إذ زالت عنهم رئاستهم ، ولم يمكنهم أن ينكروا أنهم ما جاءهم رسول ، بل هم مقرون . ألا ترى إلى قول المتبوعين (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=32بعد إذ جاءكم ) ؟ فالجمع المقرون بأن الذكر قد جاءهم ، فقال لهم رؤساؤهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=32أنحن صددناكم ) ، فأتوا بالاسم بعد أداة الاستفهام إنكارا ; لأن يكونوا هم الذين صدوهم . صددتم من قبل أنفسكم وباختياركم بعد أداة الاستفهام ، كأنهم قالوا : نحن أخبرناكم وحلنا بينكم وبين الذكر بعد أن هممتم على الدخول في الإيمان ، بل أنتم منعتم أنفسكم حظها وآثرتم الضلالة على الهدى ، فكنتم مجرمين كافرين باختياركم ، لا لقولنا وتسويلنا . ولما أنكر رؤساؤهم أنهم السبب في كفرهم ، وأثبتوا بقولهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=32بل كنتم مجرمين ) ، أن كفرهم هو من قبل أنفسهم ، قابلوا إضرابا بإضراب ، فقال الأتباع (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=33بل مكر الليل والنهار ) أي ما كان إجرامنا من جهتنا ، بل مكركم لنا دائما ومخادعتكم لنا ليلا ونهارا ، إذ تأمروننا ونحن أتباع لا نقدر على مخالفتكم ، مطيعون لكم لاستيلائكم علينا بالكفر بالله واتخاذ الأنداد . وأضيف المكر إلى الليل والنهار اتسع في الظرفين ، فهما في موضع نصب على المفعول به على السعة ، أو في موضع رفع على الإسناد المجازي ، كما قالوا : ليل نائم ، والأولى عندي أن يرتفع ( مكر ) على الفاعلية ، أي بل صدنا مكركم بالليل والنهار ، ونظيره قول القائل : أنا ضربت زيدا بل ضربه عمرو ، فيقول : بل ضربه غلامك ، والأحسن في التقدير أن يكون المعنى : ضربه غلامك . وقيل : يجوز أن يكون مبتدأ وخبرا ، أي سبب كفرنا . وقرأ
قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=17344ويحيى بن يعمر : بل ( مكر ) بالتنوين ، ( الليل والنهار ) نصب على الظرف . وقرأ
سعيد بن جبير بن محمد ،
وأبو رزين ،
وابن يعمر أيضا : بفتح الكاف وشد الراء مرفوعة مضافة ، ومعناه : كدور الليل والنهار واختلافهما ، ومعناها : الإحالة على طول الأمل ، والاغترار بالأيام مع أمر هؤلاء الرؤساء الكفر بالله . وقرأ
ابن جبير أيضا ،
وطلحة ، وراشد هذا من التابعين ممن صحح المصاحف بأمر الحجاج : كذلك ، إلا أنهم نصبوا الراء على الظرف ، وناصبه فعل مضمر ، أي صددتمونا مكر الليل والنهار ، أي في مكرهما ، ومعناه دائما . وقال صاحب اللوامح : يجوز أن ينتصب بإذ تأمروننا مكر الليل والنهار . انتهى . وهذا وهم ; لأن ما بعد إذ لا يعمل فيما قبلها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : بل يكون الإغراء مكرا دائما لا يفترون عنه . انتهى .
وجاء (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=29005قال الذين استكبروا ) بغير واو ; لأنه جواب لكلام المستضعفين ، فاستؤنف ، وعطف (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=33وقال الذين استضعفوا ) على ما سبق من كلامهم ، والضمير في ( وأسروا ) للجميع المستكبرين والمستضعفين ، وهم ( الظالمون الموقوفون ) ، وتقدم الكلام في (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=33وأسروا الندامة لما رأوا العذاب ) في سورة
يونس ، والندامة من المعاني القلبية ، فلا تظهر ، إنما يظهر ما يدل عليها ، وما يدل عليها غيرها ، وقيل : هو من الأضداد . وقال
ابن عطية : هذا لم يثبت قط في لغة أن أسر من الأضداد وندامة الذين استكبروا على ضلالهم في أنفسهم وإضلالهم وندامة الذين استضعفوا على ضلالهم واتباعهم المضلين . (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=33وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا ) ، والظاهر عموم الذين كفروا ، فيدخل فيه المستكبرون والمستضعفون ; لأن من الكفار من لا يكون له اتباع مراجعة القول في الآخرة ، ولا يكون أيضا تابعا لرئيس له كافر ، كالغلام الذي قتله
الخضر . وقيل ( الذين كفروا ) هم الذين سبقت منهم المحاورة ، وجعل الأغلال إشارة إلى كيفية العذاب قطعوا بأنهم واقعون فيه فتركوا التندم . ( هل يجزون ) معناه النفي ، ولذلك دخلت إلا بعد النفي .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=25nindex.php?page=treesubj&link=29005قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا ) هَذَا أَدْخَلُ فِي الْإِنْصَافِ وَأَبْلَغُ مِنَ الْأَوَّلِ ، وَأَكْثَرُ تَلَطُّفًا وَاسْتِدْرَاجًا ، حَيْثُ سَمَّى فِعْلَهُ جُرْمًا ، كَمَا يَزْعُمُونَ ، مَعَ أَنَّهُ مُثَابٌ مَشْكُورٌ . وَسَمَّى فِعْلَهُمْ عَمَلًا ، مَعَ أَنَّهُ مَزْجُورٌ عَنْهُ مَحْظُورٌ . وَقَدْ يُرَادُ بِأَجْرَمْنَا نِسْبَةُ ذَلِكَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ دُونَ الرَّسُولِ ، وَذَلِكَ مَا لَا يَكَادُ يَخْلُو الْمُؤْمِنُ مِنْهُ مِنَ الصَّغَائِرِ ، وَالَّذِي تَعْمَلُونَ هُوَ الْكُفْرُ وَمَا دُونَهُ مِنَ الْمَعَاصِي الْكَبَائِرُ . قِيلَ : وَهَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=26قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ) أَيْ
nindex.php?page=treesubj&link=30362_30355يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=26ثُمَّ يَفْتَحُ ) أَيْ يَحْكُمُ ، ( بِالْحَقِّ ) بِالْعَدْلِ ، فَيُدْخِلُ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ وَالْكُفَّارَ النَّارَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=26وَهُوَ الْفَتَّاحُ ) الْحَاكِمُ الْفَاصِلُ ، ( الْعَلِيمُ ) بِأَعْمَالِ الْعِبَادِ . وَالْفَتَّاحُ وَالْعَلِيمُ صِيغَتَا مُبَالَغَةٍ ، وَهَذَا فِيهِ تَهْدِيدٌ وَتَوْبِيخٌ . تَقُولُ لِمَنْ نَصَحْتَهُ وَخَوَّفْتَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ : سَتَرَى سُوءَ عَاقِبَةِ الْأَمْرِ . وَقَرَأَ
عِيسَى : الْفَاتِحُ اسْمُ فَاعِلٍ ، وَالْجُمْهُورُ : الْفَتَّاحُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=27قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ ) الظَّاهِرُ أَنْ أَرَى هُنَا بِمَعْنَى أَعْلَمَ ، فَيَتَعَدَّى إِلَى ثَلَاثَةٍ : الضَّمِيرُ لِلْمُتَكَلِّمِ هُوَ الْأَوَّلُ ، وَالَّذِينَ الثَّانِي ، وَ ( شُرَكَاءَ ) الثَّالِثُ ، أَيْ أَرُونِي بِالْحُجَّةِ وَالدَّلِيلِ كَيْفَ وَجْهُ الشِّرْكَةِ ، وَهَلْ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ أَوْ يَرْزُقُونَكُمْ ؟ وَقِيلَ : هِيَ رُؤْيَةُ بَصَرٍ ، وَ ( شُرَكَاءَ ) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَحْذُوفِ فِي أَلْحَقْتُمْ ، إِذْ تَقْدِيرُهُ : أَلْحَقْتُمُوهُمْ بِهِ فِي حَالِ تَوَهُّمِهِ شُرَكَاءَ لَهُ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ اسْتِدْعَاءَ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ فِي هَذَا لَا غِنَاءَ لَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : مَا مَعْنَى قَوْلِهِ : أَرُونِي ، وَكَانَ يَرَاهُمْ وَيَعْرِفُهُمْ ؟ قُلْتُ : أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يُرِيَهُمُ الْخَطَأَ الْعَظِيمَ فِي إِلْحَاقِ الشُّرَكَاءِ بِاللَّهِ ، وَأَنْ يُقَايِسَ عَلَى أَعْيُنِهِمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْنَامِهِمْ ، لِيُطْلِعَهُمْ عَلَى حَالَةِ الْقِيَاسِ إِلَيْهِ وَالْإِشْرَاكِ بِهِ . وَ ( كَلَّا ) رَدْعٌ لَهُمْ عَنْ مَذْهَبِهِمْ بَعْدَ مَا كَسَرَهُ بِإِبْطَالِ الْمُقَايَسَةِ ، كَمَا قَالَ
إِبْرَاهِيمُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=67أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) ، بَعْدَ مَا حَجَّهُمْ ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى تَفَاحُشِ غَلَطِهِمْ ، وَأَنْ يُقَدِّرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=27هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ، كَأَنَّهُ قَالَ : أَيِ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ
nindex.php?page=treesubj&link=28662_28657مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ ؟ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ ، أَوْ هُوَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) . انْتَهَى . وَقَوْلُ
ابْنِ عَطِيَّةَ ; لِأَنَّ اسْتِدْعَاءَ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ فِي هَذَا لَا غِنَاءَ لَهُ ، أَيْ لَا نَفْعَ لَهُ ، لَيْسَ بِجَيِّدٍ ، بَلْ فِي ذَلِكَ تَبْكِيتٌ لَهُمْ وَتَوْبِيخٌ ، وَلَا يُرِيدُ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ ، بَلِ الْمَعْنَى : أَنَّ الَّذِينَ هُمْ شُرَكَاءُ اللَّهِ عَلَى زَعْمِكُمْ ، هُمْ مِمَّنْ إِنْ أَرَيْتُمُوهُمُ افْتَضَحْتُمْ ; لِأَنَّهُمْ خَشَبٌ وَحَجَرٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْجَمَادِ ، كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ الْخَسِيسِ الْأَصْلِ : اذْكُرْ لِي أَبَاكَ الَّذِي قَايَسْتَ بِهِ فُلَانًا الشَّرِيفَ وَلَا تُرِيدُ حَقِيقَةَ الذِّكْرِ ، وَإِنَّمَا أَرَدْتَ
[ ص: 281 ] تَبْكِيتَهُ ، وَأَنَّهُ إِنْ ذَكَرَ أَبَاهُ افْتَضَحَ .
وَ ( كَافَّةً ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ كَفَّ ، وَقِيلَ : مَصْدَرٌ كَالْعَاقِبَةِ وَالْعَافِيَةِ ، فَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ إِلَّا ذَا كَافَّةٍ ، أَيْ ذَا كَفٍّ لِلنَّاسِ ، أَيْ مَنْعٍ لَهُمْ مِنَ الْكُفْرِ ، أَوْ ذَا مَنْعٍ مِنْ أَنْ يَشِذُّوا عَنْ تَبْلِيغِكَ . وَإِذَا كَانَ اسْمَ فَاعِلٍ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ : هُوَ حَالٌ مِنَ الْكَافِ فِي ( أَرْسَلْنَاكَ ) ، وَالْمَعْنَى : إِلَّا جَامِعًا لِلنَّاسِ فِي الْإِبْلَاغِ ، وَالْكَافَّةُ بِمَعْنَى الْجَامِعِ ، وَالْهَاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ ، كَهِيَ فِي عَلَّامَةٍ وَرَاوِيَةٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : إِلَّا إِرْسَالَةً عَامَّةً لَهُمْ مُحِيطَةً بِهِمْ ; لِأَنَّهَا إِذَا شَمِلَتْهُمْ فَقَدْ كَفَتْهُمْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ ، قَالَ : وَمَنْ جَعَلَهُ حَالًا مِنَ الْمَجْرُورِ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ فَقَدْ أَخْطَأَ ; لِأَنَّ تَقَدُّمَ حَالِ الْمَجْرُورِ عَلَيْهِ فِي الْأَصَالَةِ بِمَنْزِلَةِ تَقَدُّمِ الْمَجْرُورِ عَلَى الْجَارِّ ، وَكَمْ تَرَى مِمَّنْ يَرْتَكِبُ هَذَا الْخَطَأَ ثُمَّ لَا يَقْنَعُ بِهِ حَتَّى يَضُمَّ إِلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّامَ بِمَعْنَى إِلَى ; لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوِي لَهُ الْخَطَأُ الْأَوَّلُ إِلَّا بِالْخَطَأِ الثَّانِي ، فَلَا بُدَّ مِنِ ارْتِكَابِ الْخَطَأَيْنِ . انْتَهَى . أَمَّا ( كَافَّةً ) بِمَعْنَى ( عَامَّةً ) ، فَالْمَنْقُولُ عَنِ النَّحْوِيِّينَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا حَالًا ، وَلَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ ، فَجَعْلُهَا صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ ، خُرُوجٌ عَمَّا نَقَلُوا ، وَلَا يُحْفَظُ أَيْضًا اسْتِعْمَالُهُ صِفَةً لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ . وَأَمَّا قَوْلُ الزَّجَّاجِ : إِنَّ كَافَّةً بِمَعْنَى جَامِعًا ، وَالْهَاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ ، فَإِنَّ اللُّغَةَ لَا تُسَاعِدُ عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ كَفَّ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ أَنَّ مَعْنَاهُ جَمَعَ . وَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ : وَمَنْ جَعَلَهُ حَالًا إِلَى آخِرِهِ ، فَذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ . ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ، وَذَهَبَ
أَبُو عَلِيٍّ وَابْنُ كَيْسَانَ وَابْنُ بُرْهَانَ وَمِنْ مُعَاصِرِينَا
ابْنُ مَالِكٍ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ . وَمِنْ أَمْثِلَةِ
أَبِي عَلِيٍّ : زَيْدٌ خَيْرُ مَا يَكُونُ خَيْرٌ مِنْكَ ، التَّقْدِيرُ : زِيدٌ خَيْرٌ مِنْكَ خَيْرُ مَا يَكُونُ ، فَجَعَلَ مَا يَكُونُ حَالًا مِنَ الْكَافِ فِي مِنْكَ ، وَقَدَّمَهَا عَلَيْهِ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
إِذَا الْمَرْءُ أَعْيَتْهُ الْمُرُوءَةُ نَاشِئًا فَمَطْلَبُهَا كَهْلًا عَلَيْهِ شَدِيدُ
وَقَالَ آخَرُ :
تَسَلَّيْتُ طُرًّا عَنْكُمْ بَعْدَ بَيْنِكُمْ بِذِكْرِكُمْ حَتَّى كَأَنَّكُمْ عِنْدِي
أَيْ : تَسَلَّيْتُ عَنْكُمْ طُرًّا ، أَيْ جَمِيعًا . وَقَدْ جَاءَ تَقْدِيمُ الْحَالِ عَلَى صَاحِبِهَا الْمَجْرُورِ وَعَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
مَشْغُوفَةً بِكَ قَدْ شَغَفَتْ وَإِنَّمَا حَتَمَ الْفِرَاقُ فَمَا إِلَيْكَ سَبِيلُ
وَقَالَ الْآخَرُ :
غَافِلًا تَعْرِضُ الْمَنِيَّةُ لِلْمَرْ ءِ فَيُدْعَى وَلَاتَ حِينَ إِبَاءِ
أَيْ : شَغَفَتْ بِكَ مَشْغُوفَةً ، وَتَعْرِضُ الْمَنِيَّةُ لِلْمَرْءِ غَافِلًا . وَإِذَا جَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْمَجْرُورِ وَالْعَامِلِ ، فَتَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ دُونَ الْعَامِلِ أَجْوَزُ ، وَعَلَى أَنَّ ( كَافَّةً ) حَالٌ مِنَ النَّاسِ ، حَمَلَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ وَقَالَ : قُدِّمَتْ لِلِاهْتِمَامِ وَالْمَنْقُولُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ : أَيْ إِلَى الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَسَائِرِ الْأُمَمِ ، وَتَقْدِيرًا إِلَى النَّاسِ كَافَّةً . انْتَهَى . وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ : وَكَمْ تَرَى مِمَّنْ يَرْتَكِبُ هَذَا الْخَطَأَ ، إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ ، شَنِيعٌ ؟ لِأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ
[ ص: 282 ] يَتَأَوَّلَ اللَّامَ بِمَعْنَى إِلَى ; لِأَنَّ أَرْسَلَ يَتَعَدَّى بِإِلَى وَيَتَعَدَّى بِاللَّامِ ، كَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا ) . وَلَوْ تَأَوَّلَ اللَّامَ بِمَعْنَى إِلَى ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ خَطَأً ; لِأَنَّ اللَّامَ قَدْ جَاءَتْ بِمَعْنَى إِلَى ، وَإِلَى قَدْ جَاءَتْ بِمَعْنَى اللَّامِ ، وَأَرْسَلَ مِمَّا جَاءَ مُتَعَدِّيًا بِهِمَا إِلَى الْمَجْرُورِ . ثُمَّ حَكَى تَعَالَى مَقَالَتَهُمْ فِي الِاسْتِهْزَاءِ بِالْبَعْثِ ، وَاسْتِعْجَالِهِمْ عَلَى سَبِيلِ التَّكْذِيبِ ، وَلَمْ يُجَابُوا بِتَعْيِينِ الزَّمَانِ ، إِذْ ذَاكَ مِمَّا انْفَرَدَ تَعَالَى بِعِلْمِهِ ، بَلْ أُجِيبُوا بِأَنَّ مَا وُعِدُوا بِهِ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ ، وَهُوَ مِيعَادُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُهُمْ عَمَّا وُعِدُوا بِهِ مِنَ الْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا وَاسْتَعْجَلُوا بِهِ اسْتِهْزَاءً مِنْهُمْ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالْمِيعَادُ بِمَعْنَى . وَقَالَ الْجُمْهُورُ : الْوَعْدُ فِي الْخَيْرِ ، وَالْوَعِيدُ فِي الشَّرِّ ، وَالْمِيعَادُ يَقَعُ لِهَذَا . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمِيعَادَ اسْمٌ عَلَى وَزْنِ ( مِفْعَالٍ ) اسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ ، أَيْ قُلْ لَكُمْ وُقُوعُ وَعْدِ يَوْمٍ وَتَنْجِيزُهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الْمِيعَادُ ظَرْفُ الْوَعْدِ مِنْ مَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ ، وَهُوَ هَاهُنَا الزَّمَانُ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ مِيعَادَ يَوْمٍ فَأُبْدِلَ مِنْهُ الْيَوْمُ . انْتَهَى . وَلَا يَتَعَيَّنُ مَا قَالَ ، إِذْ يَكُونُ بَدَلًا عَلَى تَقْدِيرِ مَحْذُوفٍ ، أَيْ قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ ، فَلَمَّا حُذِفَ أُعْرِبَ مَا قَامَ مَقَامَهُ بِإِعْرَابِهِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=30مِيعَادُ يَوْمٍ ) بِالْإِضَافَةِ . وَلَمَّا جَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ الْمِيعَادَ ظَرْفَ زَمَانٍ قَالَ : أَمَّا الْإِضَافَةُ فَإِضَافَتُهُ تَبْيِينٌ ، كَمَا تَقُولُ : سَحْقُ ثَوْبٍ وَبَعِيرُ سَانِيَةٍ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ ،
وَالْيَزِيدِيُّ : مِيعَادٌ يَوْمًا بِتَنْوِينِهِمَا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَأَمَّا نَصْبُ الْيَوْمِ فَعَلَى التَّعْظِيمِ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ لَكُمْ مِيعَادٌ ، أَعْنِي يَوْمًا ، وَأُرِيدُ يَوْمًا مِنْ صِفَتِهِ ، أَعْنِي كَيْتَ وَكَيْتَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ انْتِصَابُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرَّفْعُ عَلَى هَذَا لِلتَّعْظِيمِ . انْتَهَى . لَمَّا جُعِلَ الْمِيعَادُ ظَرْفَ زَمَانٍ ، خَرَجَ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ عَلَى ذَلِكَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ انْتِصَابُهُ عَلَى الظَّرْفِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ إِنْجَازُ وَعْدِ يَوْمٍ مِنْ صِفَتِهِ كَيْتَ وَكَيْتَ . وَقَرَأَ
عِيسَى : مِيعَادٌ مُنَوَّنًا ، وَيَوْمَ بِالنَّصْبِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ مُضَافًا إِلَى الْجُمْلَةِ ، فَاحْتَمَلَ تَخْرِيجُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ عَلَى التَّعْظِيمِ ، وَاحْتَمَلَ تَخْرِيجًا عَلَى الظَّرْفِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ إِنْجَازُ وَعْدِ يَوْمِ كَذَا . وَجَاءَ هَذَا الْجَوَابُ عَلَى طَرِيقِ التَّهْدِيدِ مُطَابِقًا لِمَجِيءِ السُّؤَالِ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ وَالتَّعَنُّتِ ، وَأَنَّهُمْ مَرْصُدُونَ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ، يُفَاجِئُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَأَخُّرًا عَنْهُ وَلَا تَقَدُّمًا عَلَيْهِ . وَالْيَوْمُ : يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، وَهُوَ السَّابِقُ إِلَى الذِّهْنِ ، أَوْ يَوْمُ مَجِيءِ أَجَلِهِمْ عِنْدَ حُضُورِ مَنِيَّتِهِمْ ، أَوْ يَوْمُ
بَدْرٍ ، أَقْوَالٌ .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ ) يَعْنِي الَّذِي تَضَمَّنَ التَّوْحِيدَ وَالرِّسَالَةَ وَالْبَعْثَ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهَا فِيهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ) هُوَ مَا نَزَلَ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ الْمُبَشِّرَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ . يُرْوَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29281كُفَّارَ مَكَّةَ سَأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ ، فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ يَجِدُونَ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُتُبِهِمْ ، وَأَغْضَبَهُمْ ذَلِكَ ، وَقَرَنُوا إِلَى الْقُرْآنِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ فِي الْكُفْرِ ، وَيَكُونُ ( الَّذِينَ كَفَرُوا ) مُشْرِكِي
قُرَيْشٍ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ . وَالْمَشْهُورُ أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ) التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْكُتُبِ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ) هِيَ الْقِيَامَةُ ، قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا خَطَأٌ ، قَائِلُهُ لَمْ يَفْهَمْ أَمْرَ بَيْنِ الْيَدِ فِي اللُّغَةِ ، وَأَنَّهُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الزَّمَانِ ، وَقَدْ بَيَّنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ . انْتَهَى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ ) أَخْبَرَ عَنْ حَالِهِمْ فِي صِفَةِ التَّعَجُّبِ مِنْهَا ، وَتَرَى فِي مَعْنَى رَأَيْتَ لِإِعْمَالِهَا فِي الظَّرْفِ الْمَاضِي ، وَمَفْعُولُ تَرَى مَحْذُوفٌ ، أَيْ حَالَ الظَّالِمِينَ ، إِذْ هُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31مَوْقُوفُونَ ) . وَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ ، أَيْ لَرَأَيْتَ لَهُمْ حَالًا مُنْكَرَةً مِنْ ذُلِّهِمْ وَتَخَاذُلِهِمْ وَتَحَاوُرِهِمْ ، حَيْثُ لَا يَنْفَعُهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ . ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ الرُّجُوعَ وَالْجَدَلَ بِأَنَّ الْأَتْبَاعَ ، وَهُمُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا ، قَالُوا لِرُؤَسَائِهِمْ عَلَى جِهَةِ التَّذْنِيبِ وَالتَّوْبِيخِ وَرَدِّ اللَّائِمَةِ عَلَيْهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ) أَيْ أَنْتُمْ أَغْوَيْتُمُونَا وَأَمَرْتُمُونَا بِالْكُفْرِ . وَأَتَى الضَّمِيرُ بَعْدَ لَوْلَا ضَمِيرُ رَفْعٍ عَلَى الْأَفْصَحِ . وَحَكَى الْأَئِمَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ وَالْخَلِيلُ وَغَيْرُهُمَا مَجِيئَهُ بِضَمِيرِ الْجَرِّ نَحْوُ : لَوْلَاكُمْ ، وَإِنْكَارُ الْمُبَرِّدِ ذَلِكَ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ . وَلَمَّا كَانَ مَقَامًا ، اسْتَوَى فِيهِ الْمَرْؤُوسُ وَالرَّئِيسُ .
[ ص: 283 ] بَدَأَ الْأَتْبَاعُ بِتَوْبِيخِ مُضِلِّيهِمْ ، إِذْ زَالَتْ عَنْهُمْ رِئَاسَتُهُمْ ، وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يُنْكِرُوا أَنَّهُمْ مَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ ، بَلْ هُمْ مُقِرُّونَ . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ الْمَتْبُوعِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=32بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ ) ؟ فَالْجَمْعُ الْمُقِرُّونَ بِأَنَّ الذِّكْرَ قَدْ جَاءَهُمْ ، فَقَالَ لَهُمْ رُؤَسَاؤُهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=32أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ ) ، فَأَتَوْا بِالِاسْمِ بَعْدَ أَدَاةِ الِاسْتِفْهَامِ إِنْكَارًا ; لِأَنْ يَكُونُوا هُمُ الَّذِينَ صَدُّوهُمْ . صُدِدْتُمْ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِكُمْ وَبِاخْتِيَارِكُمْ بَعْدَ أَدَاةِ الِاسْتِفْهَامِ ، كَأَنَّهُمْ قَالُوا : نَحْنُ أَخْبَرْنَاكُمْ وَحُلْنَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الذِّكْرِ بَعْدَ أَنْ هَمَمْتُمْ عَلَى الدُّخُولِ فِي الْإِيمَانِ ، بَلْ أَنْتُمْ مَنَعْتُمْ أَنْفُسَكُمْ حَظَّهَا وَآثَرْتُمُ الضَّلَالَةَ عَلَى الْهُدَى ، فَكُنْتُمْ مُجْرِمِينَ كَافِرِينَ بِاخْتِيَارِكُمْ ، لَا لِقَوْلِنَا وَتَسْوِيلِنَا . وَلَمَّا أَنْكَرَ رُؤَسَاؤُهُمْ أَنَّهُمُ السَّبَبُ فِي كُفْرِهِمْ ، وَأَثْبَتُوا بِقَوْلِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=32بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ ) ، أَنَّ كُفْرَهُمْ هُوَ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ ، قَابَلُوا إِضْرَابًا بِإِضْرَابٍ ، فَقَالَ الْأَتْبَاعُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=33بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) أَيْ مَا كَانَ إِجْرَامُنَا مِنْ جِهَتِنَا ، بَلْ مَكْرُكُمْ لَنَا دَائِمًا وَمُخَادَعَتُكُمْ لَنَا لَيْلًا وَنَهَارًا ، إِذْ تَأْمُرُونَنَا وَنَحْنُ أَتْبَاعٌ لَا نَقْدِرُ عَلَى مُخَالَفَتِكُمْ ، مُطِيعُونَ لَكُمْ لِاسْتِيلَائِكُمْ عَلَيْنَا بِالْكُفْرِ بِاللَّهِ وَاتِّخَاذِ الْأَنْدَادِ . وَأُضِيفَ الْمَكْرُ إِلَى اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ اتَّسَعَ فِي الظَّرْفَيْنِ ، فَهُمَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ عَلَى السِّعَةِ ، أَوْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ ، كَمَا قَالُوا : لَيْلٌ نَائِمٌ ، وَالْأَوْلَى عِنْدِي أَنْ يَرْتَفِعَ ( مَكْرُ ) عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ ، أَيْ بَلْ صَدَّنَا مَكْرُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الْقَائِلِ : أَنَا ضَرَبْتُ زَيْدًا بَلْ ضَرَبَهُ عَمْرٌو ، فَيَقُولُ : بَلْ ضَرَبَهُ غُلَامُكَ ، وَالْأَحْسَنُ فِي التَّقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : ضَرَبَهُ غُلَامُكَ . وَقِيلَ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا ، أَيْ سَبَبُ كُفْرِنَا . وَقَرَأَ
قَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17344وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ : بَلْ ( مَكْرٌ ) بِالتَّنْوِينِ ، ( اللَّيْلَ وَالنَّهَارُ ) نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِ . وَقَرَأَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ،
وَأَبُو رَزِينٍ ،
وَابْنُ يَعْمَرَ أَيْضًا : بِفَتْحِ الْكَافِ وَشَدِّ الرَّاءِ مَرْفُوعَةً مُضَافَةً ، وَمَعْنَاهُ : كَدَوْرِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَاخْتِلَافِهِمَا ، وَمَعْنَاهَا : الْإِحَالَةُ عَلَى طُولِ الْأَمَلِ ، وَالِاغْتِرَارِ بِالْأَيَّامِ مَعَ أَمْرِ هَؤُلَاءِ الرُّؤَسَاءِ الْكُفْرَ بِاللَّهِ . وَقَرَأَ
ابْنُ جُبَيْرٍ أَيْضًا ،
وَطَلْحَةُ ، وَرَاشِدٌ هَذَا مِنَ التَّابِعِينَ مِمَّنْ صَحَّحَ الْمَصَاحِفَ بِأَمْرِ الْحَجَّاجِ : كَذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّهُمْ نَصَبُوا الرَّاءَ عَلَى الظَّرْفِ ، وَنَاصِبُهُ فِعْلٌ مُضْمَرٌ ، أَيْ صَدَدْتُمُونَا مَكْرَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، أَيْ فِي مَكْرِهِمَا ، وَمَعْنَاهُ دَائِمًا . وَقَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ : يَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ بِإِذْ تَأْمُرُونَنَا مَكْرَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ . انْتَهَى . وَهَذَا وَهْمٌ ; لِأَنَّ مَا بَعْدَ إِذْ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : بَلْ يَكُونُ الْإِغْرَاءُ مَكْرًا دَائِمًا لَا يَفْتَرُونَ عَنْهُ . انْتَهَى .
وَجَاءَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=29005قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا ) بِغَيْرِ وَاوٍ ; لِأَنَّهُ جَوَابٌ لِكَلَامِ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، فَاسْتُؤْنِفَ ، وَعُطِفَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=33وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا ) عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِهِمْ ، وَالضَّمِيرُ فِي ( وَأَسَرُّوا ) لِلْجَمِيعِ الْمُسْتَكْبِرِينَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ ، وَهُمْ ( الظَّالِمُونَ الْمَوْقُوفُونَ ) ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=33وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ) فِي سُورَةِ
يُونُسَ ، وَالنَّدَامَةُ مِنَ الْمَعَانِي الْقَلْبِيَّةِ ، فَلَا تَظْهَرُ ، إِنَّمَا يَظْهَرُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا ، وَمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا غَيْرُهَا ، وَقِيلَ : هُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : هَذَا لَمْ يَثْبُتْ قَطُّ فِي لُغَةٍ أَنَّ أَسَرَّ مِنَ الْأَضْدَادِ وَنَدَامَةُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا عَلَى ضَلَالِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَإِضْلَالِهِمْ وَنَدَامَةُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا عَلَى ضَلَالِهِمْ وَاتِّبَاعِهِمُ الْمُضِلِّينَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=33وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) ، وَالظَّاهِرُ عُمُومُ الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُسْتَكْبِرُونَ وَالْمُسْتَضْعَفُونَ ; لِأَنَّ مِنَ الْكُفَّارِ مَنْ لَا يَكُونُ لَهُ اتِّبَاعُ مُرَاجَعَةِ الْقَوْلِ فِي الْآخِرَةِ ، وَلَا يَكُونُ أَيْضًا تَابِعًا لِرَئِيسٍ لَهُ كَافِرٍ ، كَالْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ
الْخَضِرُ . وَقِيلَ ( الَّذِينَ كَفَرُوا ) هُمُ الَّذِينَ سَبَقَتْ مِنْهُمُ الْمُحَاوَرَةُ ، وَجَعَلَ الْأَغْلَالَ إِشَارَةً إِلَى كَيْفِيَّةِ الْعَذَابِ قَطَعُوا بِأَنَّهُمْ وَاقِعُونَ فِيهِ فَتَرَكُوا التَّنَدُّمَ . ( هَلْ يُجْزَوْنَ ) مَعْنَاهُ النَّفْيُ ، وَلِذَلِكَ دَخَلَتْ إِلَّا بَعْدَ النَّفْيِ .