(
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=158nindex.php?page=treesubj&link=29008وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=159سبحان الله عما يصفون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=160إلا عباد الله المخلصين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=161فإنكم وما تعبدون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=162ما أنتم عليه بفاتنين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=163إلا من هو صالي الجحيم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164وما منا إلا له مقام معلوم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=165وإنا لنحن الصافون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=166وإنا لنحن المسبحون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=167وإن كانوا ليقولون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=168لو أن عندنا ذكرا من الأولين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=169لكنا عباد الله المخلصين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=170فكفروا به فسوف يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=171ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=172إنهم لهم المنصورون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=173وإن جندنا لهم الغالبون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=174فتول عنهم حتى حين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=175وأبصرهم فسوف يبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=176أفبعذابنا يستعجلون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=177فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=178وتول عنهم حتى حين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=179وأبصر فسوف يبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=180سبحان ربك رب العزة عما يصفون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=181وسلام على المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=182والحمد لله رب العالمين )
[ ص: 378 ]
الظاهر أن الجنة هم الشياطين ، وعن الكفار في ذلك مقالات شنيعة . منها أنه تعالى صاهر سروات الجن ، فولد منهم الملائكة ، وهم فرقة من
بني مدلج ، وشافه بذلك بعض الكفار
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=158ولقد علمت الجنة ) أي الشياطين ، أنها محضرة أمر الله من ثواب وعقاب ، قاله
ابن عطية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إذا فسرت الجنة بالشياطين ، فيجوز أن يكون الضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=158إنهم لمحضرون ) لهم . والمعنى أن الشياطين عالمون أن الله يحضرهم النار ويعذبهم ، ولو كانوا مناسبين له ، أو شركاء في وجوب الطاعة لما عذبهم . وقيل : الضمير في ( وجعلوا ) لفرقة من كفار
قريش والعرب ، والجنة : الملائكة ، سموا بذلك لاجتنانهم وخفائهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وإنما ذكرهم بهذا الاسم وضعا منهم وتصغيرا لهم ، وإن كانوا معظمين في أنفسهم أن يبلغوا منزلة المناسبة التي أضافوها إليهم ، وفيه إشارة إلى أن من صفته الاجتنان والاستتار ، وهو من صفات الأجرام ، لا يصح أن يناسب من لا يجوز عليه ذلك . انتهى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=158ولقد علمت الجنة ) أي الملائكة ، ( أنهم ) أي الكفرة المدعين نسبة بين الملائكة وبين الله تعالى ، محضرون النار ، يعذبون بما يقولون . وأضيف ذلك إلى علم من نسبوا لذلك ، مبالغة في تكذيب الناسبين . ثم نزه تعالى نفسه عن الوصف الذي لا يليق به ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=160إلا عباد الله ) ، فإنهم يصفونه بصفاته . وأما من المحضرون ، أي إلا عباد الله ، فإنهم ناجون مدة العذاب ، وتكون جملة التنزيه اعتراضا على كلا القولين ، فالاستثناء منقطع . والظاهر أن الواو في (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=161وما تعبدون ) للعطف ، عطفت ما تعبدون على الضمير في إنكم ، وأن الضمير في عليه عائد على ( ما ) ، والمعنى : قل لهم يا
محمد : وما تعبدون من الأصنام ما أنتم وهم ، وغلب الخطاب . كما تقول : أنت وزيد تخرجان عليه ، أي على عبادة معبودكم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=162بفاتنين ) أي بحاملين بالفتنة عباده ، إلا من قدر الله في سابق علمه أنه من أهل النار . والضمير في ( عليه ) عائد على ما على حذف مضاف ، كما قلنا ، أي على عبادته . وضمن ( فاتنين ) معنى : حاملين بالفتنة ، و ( من ) مفعولة بـ ( فاتنين ) ، فرغ له العامل إذ لم يكن بـ ( فاتنين ) مفعولا . وقيل : عليه بمعنى : أي ما أنتم بالذي تعبدون بـ ( فاتنين ) ، وبه متعلق بـ ( فاتنين ) ، المعنى : ما أنتم ( فاتنين ) بذلك الذي عبدتموه إلا من سبق عليه القدر أنه يدخل النار . وجعل
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري الضمير في ( عليه ) عائدا على الله ، قال فإن قلت : كيف يفتنونهم على الله ؟ قلت : يفسدونهم عليه بإغوائهم واستهوائهم من قولك : فتن فلان على فلان امرأته ، كما تقول : أفسدها عليه وخيبها عليه . ويجوز أن تكون الواو في (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=161وما تعبدون ) بمعنى ( مع ) مثلها في قولهم : كل رجل وضيعته . فكما جاز السكوت على كل رجل وضيعته ، جاز أن يسكت على قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=161فإنكم وما تعبدون ) ; لأن قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=161وما تعبدون ) ساد مسد الخبر ; لأن معناه فإنكم مع ما تعبدون ، والمعنى : فإنكم مع آلهتكم ، أي فإنكم قرناؤهم وأصحابهم لا تبرحون تعبدونهم . ثم قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=162ما أنتم عليه ) أي على ما تعبدون ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=162بفاتنين ) بباعثين أو حاملين على طريق الفتنة والإضلال ، إلا من هو ضال منكم . انتهى . وكون الواو في (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=161وما تعبدون ) واو ( مع ) غير متبادر إلى الذهن ، وقطع
[ ص: 379 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=162ما أنتم عليه بفاتنين ) عن ( إنكم وما تعبدون ) ليس بجيد ; لأن اتصافه به هو السابق إلى الفهم مع صحة المعنى ، فلا ينبغي العدول عنه .
وقرأ
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة : ( صالوا الجحيم ) بالواو ، وهكذا في كتاب الكامل
للهذلي . وفي كتاب
ابن خالويه عنهما : ( صال ) مكتوبا بغير واو ، وفي كتاب
ابن عطية . وقرأ
الحسن : ( صالوا ) مكتوبا بالواو ; وفي كتاب اللوامح وكتاب
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري عن
الحسن : ( صال ) مكتوبا بغير واو . فمن أثبت الواو فهو جمع سلامة سقطت النون للإضافة . حمل أولا على لفظ ( من ) فأفرد ، ثم ثانيا على معناها فجمع ، كقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=8ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ) ، حمل في ( يقول ) على لفظ ( من ) ، وفي ( وما هم ) على المعنى ، واجتمع الحمل على اللفظ ، والمعنى في جملة واحدة ، وهي صلة للموصول ، كقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111إلا من كان هودا أو نصارى ) . وقول الشاعر :
وأيقظ من كان منكم نياما
ومن لم يثبت الواو احتمل أن يكون جمعا ، وحذفت الواو خطأ ، كما حذفت في حالة الوصل لفظا لأجل التقاء الساكنين . واحتمل أن يكون صال مفردا حذفت لامه تخفيفا ، وجرى الإعراب في عينه ، كما حذف من قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=54وجنى الجنتين دان ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=24وله الجواري المنشآت ) ، برفع النون والجوار ، وقالوا : ما باليت به بالة ، أي بالية من بالى ، كعافية من عافى ، فحذفت لام ( باليت وبالية ) . وقالوا : بالة وبال ، بحذف اللام فيهما . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقد وجه نحوا من الوجهين السابقين وجعلهما أولا وثالثا فقال : والثاني أن يكون أصله صائلا على القلب ، ثم يقال : صال في صائل ، كقولهم : شاك في شائك . انتهى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164وما منا ) أي أحد ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164إلا له مقام معلوم ) أي مقام في العبادة والانتهاء إلى أمر الله ، مقصور عليه لا يتجاوزه . كما روي : فمنهم راكع لا يقيم ظهره ، وساجد لا يرفع رأسه ، وهذا قول الملائكة ، وهو يقوي قول من جعل الجنة هم الملائكة تبرئوا عن ما نسب إليهم الكفرة من كونهم بنات الله ، وأخبروا عن حال عبوديتهم ، وعلى أي حالة هم فيها . وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374826 " أن السماء ما فيها موضع إلا وفيه ملك ساجد أو واقف يصلي " ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : " موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك أو قدماه " ، وحذف المبتدأ مع ( من ) جيد فصيح ، كما مر في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=159وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن ) ، أي وإن من أهل الكتاب أحد . وقال العرب : منا ظعن ومنا أقام ، يريد : منا فريق ظعن ومنا فريق أقام . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وما منا أحد إلا له مقام معلوم ، حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه ، كقوله :
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا بكفي كان من أرمى البشر انتهى . وليس هذا من حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ; لأن أحدا المحذوف مبتدأ . وإلا له مقام معلوم خبره ، ولأنه لا ينعقد كلام من قوله : وما منا أحد ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164إلا له مقام معلوم ) هو محط الفائدة . وإن تخيل أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164إلا له مقام معلوم ) في موضع الصفة ، فقد نصوا على أن إلا لا تكون صفة إذا حذف موصوفها ، وأنها فارقت ( غير ) إذا كانت صفة في ذلك ، ليتمكن غيره في الوصف وقلة تمكن ( إلا ) فيه ، وجعل ذلك كقوله : أنا ابن جلا ، أي ابن رجل جلا ; وبكفي كان ، أي رجل كان ، وهذا عند النحويين من أقبح الضرورات . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=165وإنا لنحن الصافون ) أي أقدامنا في الصلاة ، أو أجنحتنا في الهواء ، أو حول العرش داعين للمؤمنين . وقال الزهراوي : قيل إن المسلمين إنما اصطفوا في الصلاة منذ نزلت هذه الآية ، ولا يصطف أحد من الملل غير المسلمين . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=166وإنا لنحن المسبحون ) أي المنزهون الله عن ما نسب إليه الكفرة ، أو المنزهون بلفظ التسبيح ، أو المصلون . وينبغي أن يجعل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=159سبحان الله عما يصفون ) من كلام الملائكة ، فتطرد الجمل وتنساق لقائل واحد ، فكأنه قيل : ولقد علمت الملائكة أن ناسبي ذلك لمحضرون للعذاب ; وقالوا : سبحان الله ، فنزهوا عن ذلك واستثنوا من أخلص من عباد الله ; وقالوا للكفرة : فإنكم وآلهتكم إلى آخره . وكيف نكون مناسبيه ، ونحن عبيد بين يديه ، لكل منا مقام من الطاعة ؟ إلى ما وصفوا
[ ص: 380 ] به أنفسهم من رتبة العبودية . وقيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164وما منا إلا له مقام معلوم ) ، هو من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي : وما من المرسلين أحد إلا له مقام معلوم يوم القيامة على قدر عمله ، من قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=79عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا . ثم ذكر أعمالهم ، وأنهم المصطفون في الصلاة المنزهون الله عن ما يقول أهل الضلال . والضمير في ( ليقولون ) لكفار
قريش ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=168لو أن عندنا ذكرا ) أي كتابا من كتب الأولين الذين نزل عليهم التوراة والإنجيل ، لأخلصنا العبادة لله ، ولم نكذب كما كذبوا . ( فكفروا به ) أي فجاءهم الذكر الذي كانوا يتمنونه ، وهو أشرف الأذكار ، لإعجازه من بين الكتب . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=170فسوف يعلمون ) عاقبة كفرهم ، وما يحل بهم من الانتقام . وأكدوا قولهم بـ ( إن ) المخففة وباللام كونهم كانوا جادين في ذلك ، ثم ظهر منهم التكذيب والنفور البليغ ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=171ولقد سبقت كلمتنا ) قرأ الجمهور بالإفراد لما انتظمت في معنى واحد عبر عنها بالإفراد . وقرأ
الضحاك : بالجمع ، والمراد الموعد بعلوهم على عدوهم في مقامات الحجاج وملاحم القتال في الدنيا ، وعلوهم عليهم في الآخرة . وقال
الحسن : ما غلب نبي في الحرب ، ولا قتل فيها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=174فتول عنهم حتى حين ) أي إلى مدة يسيرة ، وهي مدة الكف عن القتال . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : إلى يوم بدر ، ورجحه
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري . وقال
قتادة : إلى موتهم . وقال
ابن زيد : إلى يوم القيامة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=175وأبصرهم ) أي انظر إلى عاقبة أمرهم ، فسوف يبصرونها وما يحل بهم من العذاب والأسر والقتل ، أو سوف يبصرونك وما يتم لك من الظفر بهم والنصر عليهم . وأمره بإبصارهم إشارة إلى الحالة المنتظرة الكائنة لا محالة ، وأنها قريبة كأنها بين ناظريه بحيث هو يبصرها ، وفي ذلك تسلية وتنفيس عنه - عليه السلام . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=176أفبعذابنا يستعجلون ) استفهام توبيخ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=177فإذا نزل ) هو ، أي العذاب ، مثل العذاب النازل بهم بعد ما أنذره ، فأنكروه بحيث أنذر بهجومه قومه وبعض صناعهم ، فلم يلتفتوا إلى إنذاره ، ولا أخذوا أهبته ، ولا دبروا أمرهم تدبيرا ينجيهم حتى أناخ بفنائهم ، فشن عليهم الغارة ، وقطع دابرهم . وكانت عادة مغازيهم أن يغيروا صباحا ، فسميت الغارة صباحا ، وإن وقعت في وقت آخر . وما فصحت هذه الآية ، ولا كانت له الروعة التي يحسن بها ، ويرونك موردها على نفسك وطبعك إلا لمجيئها على طريقة التمثيل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . وقرأ الجمهور : مبنيا للفاعل ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود : مبنيا للمفعول ، ( وساحتهم ) : هو القائم مقام الفاعل . ونزل ساحة فلان ، يستعمل فيما ورد على الإنسان من خير أو شر ; وسوء الصباح : يستعمل في حلول الغارات والرزايات ; ومثل قول الصارخ : يا صباحاه ; وحكم ( ساء ) هنا حكم ( بئس ) . وقرأ
عبد الله : فبئس ، والمخصوص بالذم محذوف تقديره : فساء صباح المنذرين صباحهم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=178وتول عنهم حتى حين ) كرر الأمر بالتولي ، تأنيسا له - عليه الصلاة والسلام - ، وتسلية وتأكيدا لوقوع الميعاد ; ولم يقيد أمره بالإبصار ، كما قيده في الأول ، إما لاكتفائه به في الأول فحذفه اختصارا ، وإما لما في ترك التقييد من جولان الذهن فيما يتعلق به الإبصار منه من صنوف المسرات ، والإبصار منهم من صنوف المسآت . وقيل : أريد بالأول عذاب الدنيا ، وبالآخرة عذاب الآخرة . وختم تعالى هذه السورة بتنزيهه عن ما يصفه المشركون ، وأضاف الرب إلى نبيه تشريفا له بإضافته وخطابه ، ثم إلى العزة ، وهي العزة المخلوقة الكائنة للأنبياء والمؤمنين ، وكذلك قال الفقهاء من جهة أنها مربوبة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13211محمد بن سحنون وغيره : من حلف بعزة الله تعالى يريد عزته التي خلقت بين عباده ، وهي التي في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=180رب العزة ) ، فليست بيمين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أضيف الرب إلى العزة لاختصاصه بها ، كأنه قيل : ذو العزة ، كما تقول : صاحب صدق لاختصاصه بالصدق . انتهى . فعلى هذا تنعقد اليمين بعزة الله لأنها صفة من صفاته . قال : ويجوز أن يراد أنه ما من عزة لأحد من الملوك
[ ص: 381 ] وغيرهم إلا وهو ربها ومالكها ، لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26وتعز من تشاء ) . وعن
علي - كرم الله وجهه : " من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه : ( سبحان ربك رب العزة ) إلى آخر السورة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=158nindex.php?page=treesubj&link=29008وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=159سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=160إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=161فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=162مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=163إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=165وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=166وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=167وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=168لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=169لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=170فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=171وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=172إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=173وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=174فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=175وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=176أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=177فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=178وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=179وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=180سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=181وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=182وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
[ ص: 378 ]
الظَّاهِرُ أَنَّ الْجِنَّةَ هُمُ الشَّيَاطِينُ ، وَعَنِ الْكُفَّارِ فِي ذَلِكَ مَقَالَاتٌ شَنِيعَةٌ . مِنْهَا أَنَّهُ تَعَالَى صَاهَرَ سَرَوَاتِ الْجِنِّ ، فَوَلَدَ مِنْهُمُ الْمَلَائِكَةَ ، وَهُمْ فِرْقَةٌ مِنْ
بَنِي مُدْلِجٍ ، وَشَافَهَ بِذَلِكَ بَعْضُ الْكُفَّارِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=158وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ ) أَيِ الشَّيَاطِينُ ، أَنَّهَا مُحْضَرَةٌ أَمْرَ اللَّهِ مِنْ ثَوَابٍ وَعِقَابٍ ، قَالَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : إِذَا فُسِّرَتِ الْجِنَّةُ بِالشَّيَاطِينِ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=158إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ) لَهُمْ . وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّيَاطِينَ عَالِمُونَ أَنَّ اللَّهَ يُحْضِرُهُمُ النَّارَ وَيُعَذِّبُهُمْ ، وَلَوْ كَانُوا مُنَاسِبِينَ لَهُ ، أَوْ شُرَكَاءَ فِي وُجُوبِ الطَّاعَةِ لَمَا عَذَّبَهُمْ . وَقِيلَ : الضَّمِيرُ فِي ( وَجَعَلُوا ) لِفِرْقَةٍ مِنْ كُفَّارِ
قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ ، وَالْجِنَّةُ : الْمَلَائِكَةُ ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِاجْتِنَانِهِمْ وَخَفَائِهِمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ وَضْعًا مِنْهُمْ وَتَصْغِيرًا لَهُمْ ، وَإِنْ كَانُوا مُعَظَّمِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ أَنْ يَبْلُغُوا مَنْزِلَةَ الْمُنَاسَبَةِ الَّتِي أَضَافُوهَا إِلَيْهِمْ ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَنْ صِفَتُهُ الِاجْتِنَانُ وَالِاسْتِتَارُ ، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْأَجْرَامِ ، لَا يَصِحُّ أَنْ يُنَاسِبَ مَنْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ ذَلِكَ . انْتَهَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=158وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ ) أَيِ الْمَلَائِكَةُ ، ( أَنَّهُمْ ) أَيِ الْكَفَرَةُ الْمُدَّعِينَ نِسْبَةً بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ، مُحْضَرُونَ النَّارَ ، يُعَذَّبُونَ بِمَا يَقُولُونَ . وَأُضِيفَ ذَلِكَ إِلَى عِلْمِ مَنْ نُسِبُوا لِذَلِكَ ، مُبَالَغَةً فِي تَكْذِيبِ النَّاسِبِينَ . ثُمَّ نَزَّهَ تَعَالَى نَفْسَهُ عَنِ الْوَصْفِ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=160إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ ) ، فَإِنَّهُمْ يَصِفُونَهُ بِصِفَاتِهِ . وَأَمَّا مِنَ الْمُحْضَرُونَ ، أَيْ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ ، فَإِنَّهُمْ نَاجُونَ مُدَّةَ الْعَذَابِ ، وَتَكُونُ جُمْلَةُ التَّنْزِيهِ اعْتِرَاضًا عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ ، فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=161وَمَا تَعْبُدُونَ ) لِلْعَطْفِ ، عَطَفَتْ مَا تَعْبُدُونَ عَلَى الضَّمِيرِ فِي إِنَّكُمْ ، وَأَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَلَيْهِ عَائِدٌ عَلَى ( مَا ) ، وَالْمَعْنَى : قُلْ لَهُمْ يَا
مُحَمَّدُ : وَمَا تَعْبُدُونَ مِنَ الْأَصْنَامِ مَا أَنْتُمْ وَهُمْ ، وَغَلَبَ الْخِطَابُ . كَمَا تَقُولُ : أَنْتَ وَزَيْدٌ تَخْرُجَانِ عَلَيْهِ ، أَيْ عَلَى عِبَادَةِ مَعْبُودِكُمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=162بِفَاتِنِينَ ) أَيْ بِحَامِلِينَ بِالْفِتْنَةِ عِبَادَهُ ، إِلَّا مَنْ قَدَّرَ اللَّهُ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ . وَالضَّمِيرُ فِي ( عَلَيْهِ ) عَائِدٌ عَلَى مَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، كَمَا قُلْنَا ، أَيْ عَلَى عِبَادَتِهِ . وَضُمِّنَ ( فَاتِنِينَ ) مَعْنَى : حَامِلِينَ بِالْفِتْنَةِ ، وَ ( مَنْ ) مَفْعُولَةٌ بِـ ( فَاتِنِينَ ) ، فُرِّغَ لَهُ الْعَامِلُ إِذْ لَمْ يَكُنْ بِـ ( فَاتِنِينَ ) مَفْعُولًا . وَقِيلَ : عَلَيْهِ بِمَعْنَى : أَيْ مَا أَنْتُمْ بِالَّذِي تَعْبُدُونَ بِـ ( فَاتِنِينَ ) ، وَبِهِ مُتَعَلِّقٌ بِـ ( فَاتِنِينَ ) ، الْمَعْنَى : مَا أَنْتُمْ ( فَاتِنِينَ ) بِذَلِكَ الَّذِي عَبَدْتُمُوهُ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَدَرُ أَنَّهُ يَدْخُلُ النَّارَ . وَجَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ الضَّمِيرَ فِي ( عَلَيْهِ ) عَائِدًا عَلَى اللَّهِ ، قَالَ فَإِنْ قُلْتَ : كَيْفَ يَفْتِنُونَهُمْ عَلَى اللَّهِ ؟ قُلْتُ : يُفْسِدُونَهُمْ عَلَيْهِ بِإِغْوَائِهِمْ وَاسْتِهْوَائِهِمْ مِنْ قَوْلِكَ : فَتَنَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ امْرَأَتَهُ ، كَمَا تَقُولُ : أَفْسَدَهَا عَلَيْهِ وَخَيَّبَهَا عَلَيْهِ . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=161وَمَا تَعْبُدُونَ ) بِمَعْنَى ( مَعَ ) مِثْلُهَا فِي قَوْلِهِمْ : كُلُّ رَجُلٍ وَضَيْعَتُهُ . فَكَمَا جَازَ السُّكُوتُ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ وَضَيْعَتُهُ ، جَازَ أَنْ يُسْكَتَ عَلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=161فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ) ; لِأَنَّ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=161وَمَا تَعْبُدُونَ ) سَادٌّ مَسَدَّ الْخَبَرِ ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَإِنَّكُمْ مَعَ مَا تَعْبُدُونَ ، وَالْمَعْنَى : فَإِنَّكُمْ مَعَ آلِهَتِكُمْ ، أَيْ فَإِنَّكُمْ قُرَنَاؤُهُمْ وَأَصْحَابُهُمْ لَا تَبْرَحُونَ تَعْبُدُونَهُمْ . ثُمَّ قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=162مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى مَا تَعْبُدُونَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=162بِفَاتِنِينَ ) بِبَاعِثِينَ أَوْ حَامِلِينَ عَلَى طَرِيقِ الْفِتْنَةِ وَالْإِضْلَالِ ، إِلَّا مَنْ هُوَ ضَالٌّ مِنْكُمْ . انْتَهَى . وَكَوْنُ الْوَاوِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=161وَمَا تَعْبُدُونَ ) وَاوَ ( مَعَ ) غَيْرُ مُتَبَادِرٍ إِلَى الذِّهْنِ ، وَقَطْعُ
[ ص: 379 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=162مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ ) عَنْ ( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ) لَيْسَ بِجَيِّدٍ ; لِأَنَّ اتِّصَافَهُ بِهِ هُوَ السَّابِقُ إِلَى الْفَهْمِ مَعَ صِحَّةِ الْمَعْنَى ، فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ .
وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : ( صَالُوا الْجَحِيمَ ) بِالْوَاوِ ، وَهَكَذَا فِي كِتَابِ الْكَامِلِ
لِلْهُذَلِيِّ . وَفِي كِتَابِ
ابْنِ خَالَوَيْهِ عَنْهُمَا : ( صَالَ ) مَكْتُوبًا بِغَيْرِ وَاوٍ ، وَفِي كِتَابِ
ابْنِ عَطِيَّةَ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ : ( صَالُوا ) مَكْتُوبًا بِالْوَاوِ ; وَفِي كِتَابِ اللَّوَامِحِ وَكِتَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ عَنِ
الْحَسَنِ : ( صَالَ ) مَكْتُوبًا بِغَيْرِ وَاوٍ . فَمَنْ أَثْبَتَ الْوَاوَ فَهُوَ جَمْعُ سَلَامَةٍ سَقَطَتِ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ . حُمِلَ أَوَّلًا عَلَى لَفْظِ ( مَنْ ) فَأُفْرِدَ ، ثُمَّ ثَانِيًا عَلَى مَعْنَاهَا فَجُمِعَ ، كَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=8وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) ، حُمِلَ فِي ( يَقُولُ ) عَلَى لَفْظِ ( مَنْ ) ، وَفِي ( وَمَا هُمْ ) عَلَى الْمَعْنَى ، وَاجْتَمَعَ الْحَمْلُ عَلَى اللَّفْظِ ، وَالْمَعْنَى فِي جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَهِيَ صِلَةٌ لِلْمَوْصُولِ ، كَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ) . وَقَوْلُ الشَّاعِرِ :
وَأَيْقَظَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ نِيَامَا
وَمَنْ لَمْ يُثْبِتِ الْوَاوَ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا ، وَحُذِفَتِ الْوَاوُ خَطَأً ، كَمَا حُذِفَتْ فِي حَالَةِ الْوَصْلِ لَفْظًا لِأَجْلِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ . وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ صَالَ مُفْرَدًا حُذِفَتْ لَامُهُ تَخْفِيفًا ، وَجَرَى الْإِعْرَابُ فِي عَيْنِهِ ، كَمَا حُذِفَ مِنْ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=54وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=24وَلَهُ الْجَوَارِي الْمُنْشَآتُ ) ، بِرَفْعِ النُّونِ وَالْجَوَارِ ، وَقَالُوا : مَا بَالَيْتُ بِهِ بَالَةً ، أَيْ بَالِيَةً مِنْ بَالَى ، كَعَافِيَةٍ مِنْ عَافَى ، فَحُذِفَتْ لَامُ ( بَالَيْتُ وَبَالِيَةٍ ) . وَقَالُوا : بَالَةٌ وَبَالٍ ، بِحَذْفِ اللَّامِ فِيهِمَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَقَدْ وَجَّهَ نَحْوًا مِنَ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَجَعَلَهُمَا أَوَّلًا وَثَالِثًا فَقَالَ : وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ صَائِلًا عَلَى الْقَلْبِ ، ثُمَّ يُقَالُ : صَالٌ فِي صَائِلٍ ، كَقَوْلِهِمْ : شَاكٌّ فِي شَائِكٍ . انْتَهَى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164وَمَا مِنَّا ) أَيْ أَحَدٌ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ ) أَيْ مَقَامٌ فِي الْعِبَادَةِ وَالِانْتِهَاءِ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ، مَقْصُورٌ عَلَيْهِ لَا يَتَجَاوَزُهُ . كَمَا رُوِيَ : فَمِنْهُمْ رَاكِعٌ لَا يُقِيمُ ظَهْرَهُ ، وَسَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ ، وَهَذَا قَوْلُ الْمَلَائِكَةِ ، وَهُوَ يُقَوِّي قَوْلَ مَنْ جَعَلَ الْجِنَّةَ هُمُ الْمَلَائِكَةُ تَبَرَّئُوا عَنْ مَا نَسَبَ إِلَيْهِمُ الْكَفَرَةُ مِنْ كَوْنِهِمْ بَنَاتِ اللَّهِ ، وَأَخْبَرُوا عَنْ حَالِ عُبُودِيَّتِهِمْ ، وَعَلَى أَيِّ حَالَةٍ هُمْ فِيهَا . وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374826 " أَنَّ السَّمَاءَ مَا فِيهَا مَوْضِعٌ إِلَّا وَفِيهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ وَاقِفٌ يُصَلِّي " ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ : " مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلَّا وَعَلَيْهِ جَبْهَةُ مَلَكٍ أَوْ قَدَمَاهُ " ، وَحَذْفُ الْمُبْتَدَأِ مَعَ ( مِنْ ) جَيِّدٌ فَصِيحٌ ، كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=159وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ ) ، أَيْ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَحَدٌ . وَقَالَ الْعَرَبُ : مِنَّا ظَعَنَ وَمِنَّا أَقَامَ ، يُرِيدُ : مِنَّا فَرِيقٌ ظَعَنَ وَمِنَّا فَرِيقٌ أَقَامَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَمَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ ، حَذَفَ الْمَوْصُوفَ وَأَقَامَ الصِّفَةَ مُقَامَهُ ، كَقَوْلِهِ :
أَنَا ابْنُ جَلَا وَطَلَّاعُ الثَّنَايَا بِكَفِّي كَانَ مِنْ أَرْمَى الْبَشَرِ انْتَهَى . وَلَيْسَ هَذَا مِنْ حَذْفِ الْمَوْصُوفِ وَإِقَامَةِ الصِّفَةِ مُقَامَهُ ; لِأَنَّ أَحَدًا الْمَحْذُوفَ مُبْتَدَأٌ . وَإِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ خَبَرُهُ ، وَلِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ كَلَامٌ مِنْ قَوْلِهِ : وَمَا مِنَّا أَحَدٌ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ ) هُوَ مَحَطُّ الْفَائِدَةِ . وَإِنْ تَخَيَّلَ أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ ) فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ ، فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ إِلَّا لَا تَكُونُ صِفَةً إِذَا حُذِفَ مَوْصُوفُهَا ، وَأَنَّهَا فَارَقَتْ ( غَيْرَ ) إِذَا كَانَتْ صِفَةً فِي ذَلِكَ ، لِيَتَمَكَنَّ غَيْرُهُ فِي الْوَصْفِ وَقِلَّةِ تَمَكُّنِ ( إِلَّا ) فِيهِ ، وَجُعِلَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ : أَنَا ابْنُ جَلَا ، أَيِ ابْنُ رَجُلٍ جَلَا ; وَبِكَفِّي كَانَ ، أَيْ رَجُلٍ كَانَ ، وَهَذَا عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ مِنْ أَقْبَحِ الضَّرُورَاتِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=165وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ) أَيْ أَقْدَامَنَا فِي الصَّلَاةِ ، أَوْ أَجْنِحَتَنَا فِي الْهَوَاءِ ، أَوْ حَوْلَ الْعَرْشِ دَاعِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ . وَقَالَ الزَّهْرَاوِيُّ : قِيلَ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ إِنَّمَا اصْطَفُّوا فِي الصَّلَاةِ مُنْذُ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ، وَلَا يَصْطَفُّ أَحَدٌ مِنَ الْمِلَلِ غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=166وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ) أَيِ الْمُنَزِّهُونَ اللَّهَ عَنْ مَا نَسَبَ إِلَيْهِ الْكَفَرَةُ ، أَوِ الْمُنَزِّهُونَ بِلَفْظِ التَّسْبِيحِ ، أَوِ الْمُصَلُّونَ . وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=159سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) مِنْ كَلَامِ الْمَلَائِكَةِ ، فَتَطَّرِدُ الْجُمَلُ وَتَنْسَاقُ لِقَائِلٍ وَاحِدٍ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ : وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْمَلَائِكَةُ أَنَّ نَاسِبِي ذَلِكَ لَمُحْضَرُونَ لِلْعَذَابِ ; وَقَالُوا : سُبْحَانَ اللَّهِ ، فَنُزِّهُوا عَنْ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَوْا مَنْ أَخْلَصَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ ; وَقَالُوا لِلْكَفَرَةِ : فَإِنَّكُمْ وَآلِهَتَكُمْ إِلَى آخِرِهِ . وَكَيْفَ نَكُونُ مُنَاسِبِيهِ ، وَنَحْنُ عَبِيدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ ، لِكُلٍّ مِنَّا مَقَامٌ مِنَ الطَّاعَةِ ؟ إِلَى مَا وَصَفُوا
[ ص: 380 ] بِهِ أَنْفُسَهُمْ مِنْ رُتْبَةِ الْعُبُودِيَّةِ . وَقِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ ) ، هُوَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ : وَمَا مِنَ الْمُرْسَلِينَ أَحَدٌ إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِ ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=79عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا . ثُمَّ ذَكَرَ أَعْمَالَهُمْ ، وَأَنَّهُمُ الْمُصْطَفُّونَ فِي الصَّلَاةِ الْمُنَزِّهُونَ اللَّهَ عَنْ مَا يَقُولُ أَهْلُ الضَّلَالِ . وَالضَّمِيرُ فِي ( لَيَقُولُونَ ) لِكُفَّارِ
قُرَيْشٍ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=168لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا ) أَيْ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ نَزَلَ عَلَيْهِمُ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ ، لَأَخْلَصْنَا الْعِبَادَةَ لِلَّهِ ، وَلَمْ نُكَذِّبْ كَمَا كَذَّبُوا . ( فَكَفَرُوا بِهِ ) أَيْ فَجَاءَهُمُ الذِّكْرُ الَّذِي كَانُوا يَتَمَنَّوْنَهُ ، وَهُوَ أَشْرَفُ الْأَذْكَارِ ، لِإِعْجَازِهِ مِنْ بَيْنِ الْكُتُبِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=170فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) عَاقِبَةَ كُفْرِهِمْ ، وَمَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنَ الِانْتِقَامِ . وَأَكَّدُوا قَوْلَهُمْ بِـ ( إِنِ ) الْمُخَفَّفَةِ وَبِاللَّامِ كَوْنُهُمْ كَانُوا جَادِّينَ فِي ذَلِكَ ، ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهُمُ التَّكْذِيبُ وَالنُّفُورُ الْبَلِيغُ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=171وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا ) قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِالْإِفْرَادِ لَمَّا انْتَظَمَتْ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ عَبَّرَ عَنْهَا بِالْإِفْرَادِ . وَقَرَأَ
الضَّحَّاكُ : بِالْجَمْعِ ، وَالْمُرَادُ الْمَوْعِدُ بِعُلُوِّهِمْ عَلَى عَدِوِّهِمْ فِي مَقَامَاتِ الْحِجَاجِ وَمَلَاحِمِ الْقِتَالِ فِي الدُّنْيَا ، وَعُلُوِّهِمْ عَلَيْهِمْ فِي الْآخِرَةِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : مَا غُلِبَ نَبِيٌّ فِي الْحَرْبِ ، وَلَا قُتِلَ فِيهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=174فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ ) أَيْ إِلَى مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ ، وَهِيَ مُدَّةُ الْكَفِّ عَنِ الْقِتَالِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : إِلَى يَوْمِ بَدْرٍ ، وَرَجَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : إِلَى مَوْتِهِمْ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=175وَأَبْصِرْهُمْ ) أَيِ انْظُرْ إِلَى عَاقِبَةِ أَمْرِهِمْ ، فَسَوْفَ يُبْصِرُونَهَا وَمَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ وَالْأَسْرِ وَالْقَتْلِ ، أَوْ سَوْفَ يُبْصِرُونَكَ وَمَا يَتِمُّ لَكَ مِنَ الظَّفَرِ بِهِمْ وَالنَّصْرِ عَلَيْهِمْ . وَأَمْرُهُ بِإِبْصَارِهِمْ إِشَارَةٌ إِلَى الْحَالَةِ الْمُنْتَظَرَةِ الْكَائِنَةِ لَا مَحَالَةَ ، وَأَنَّهَا قَرِيبَةٌ كَأَنَّهَا بَيْنَ نَاظِرَيْهِ بِحَيْثُ هُوَ يُبْصِرُهَا ، وَفِي ذَلِكَ تَسْلِيَةٌ وَتَنْفِيسٌ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=176أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ) اسْتِفْهَامُ تَوْبِيخٍ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=177فَإِذَا نَزَلَ ) هُوَ ، أَيِ الْعَذَابُ ، مِثْلُ الْعَذَابِ النَّازِلِ بِهِمْ بَعْدَ مَا أَنْذَرَهُ ، فَأَنْكَرُوهُ بِحَيْثُ أَنْذَرَ بِهُجُومِهِ قَوْمَهُ وَبَعْضَ صُنَّاعِهِمْ ، فَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى إِنْذَارِهِ ، وَلَا أَخَذُوا أُهْبَتَهُ ، وَلَا دَبَّرُوا أَمْرَهُمْ تَدْبِيرًا يُنْجِيهِمْ حَتَّى أَنَاخَ بِفَنَائِهِمْ ، فَشَنَّ عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ ، وَقَطَعَ دَابِرَهُمْ . وَكَانَتْ عَادَةُ مَغَازِيهِمْ أَنْ يُغِيرُوا صَبَاحًا ، فَسُمِّيَتِ الْغَارَةُ صَبَاحًا ، وَإِنْ وَقَعَتْ فِي وَقْتٍ آخَرَ . وَمَا فَصَحَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ، وَلَا كَانَتْ لَهُ الرَّوْعَةُ الَّتِي يَحْسُنُ بِهَا ، وَيَرُونُكَ مَوْرِدُهَا عَلَى نَفْسِكِ وَطَبْعِكَ إِلَّا لِمَجِيئِهَا عَلَى طَرِيقَةِ التَّمْثِيلِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ : مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، ( وَسَاحَتِهِمْ ) : هُوَ الْقَائِمُ مَقَامَ الْفَاعِلِ . وَنَزَلَ سَاحَةَ فُلَانٍ ، يُسْتَعْمَلُ فِيمَا وَرَدَ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ ; وَسُوءُ الصَّبَاحِ : يُسْتَعْمَلُ فِي حُلُولِ الْغَارَاتِ وَالرَّزَايَاتِ ; وَمِثْلُ قَوْلِ الصَّارِخِ : يَا صَبَاحَاهُ ; وَحُكْمُ ( سَاءَ ) هَنَا حُكْمُ ( بِئْسَ ) . وَقَرَأَ
عَبْدُ اللَّهِ : فَبِئْسَ ، وَالْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ صَبَاحُهُمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=178وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ ) كَرَّرَ الْأَمْرَ بِالتَّوَلِّي ، تَأْنِيسًا لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ، وَتَسْلِيَةً وَتَأْكِيدًا لِوُقُوعِ الْمِيعَادِ ; وَلَمْ يُقَيِّدْ أَمْرَهُ بِالْإِبْصَارِ ، كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْأَوَّلِ ، إِمَّا لِاكْتِفَائِهِ بِهِ فِي الْأَوَّلِ فَحَذَفَهُ اخْتِصَارًا ، وَإِمَّا لِمَا فِي تَرْكِ التَّقْيِيدِ مِنْ جَوَلَانِ الذِّهْنِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْإِبْصَارُ مِنْهُ مِنْ صُنُوفِ الْمَسَرَّاتِ ، وَالْإِبْصَارُ مِنْهُمْ مِنْ صُنُوفِ الْمَسَآتِ . وَقِيلَ : أُرِيدَ بِالْأَوَّلِ عَذَابُ الدُّنْيَا ، وَبِالْآخِرَةِ عَذَابُ الْآخِرَةِ . وَخَتَمَ تَعَالَى هَذِهِ السُّورَةَ بِتَنْزِيهِهِ عَنْ مَا يَصِفُهُ الْمُشْرِكُونَ ، وَأَضَافَ الرَّبَّ إِلَى نَبِيِّهِ تَشْرِيفًا لَهُ بِإِضَافَتِهِ وَخِطَابِهِ ، ثُمَّ إِلَى الْعِزَّةِ ، وَهِيَ الْعِزَّةُ الْمَخْلُوقَةُ الْكَائِنَةُ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْفُقَهَاءُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَرْبُوبَةٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13211مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ وَغَيْرُهُ : مَنْ حَلَفَ بِعِزَّةِ اللَّهِ تَعَالَى يُرِيدُ عِزَّتَهُ الَّتِي خُلِقَتْ بَيْنَ عِبَادِهِ ، وَهِيَ الَّتِي فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=180رَبِّ الْعِزَّةِ ) ، فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أُضِيفَ الرَّبُّ إِلَى الْعِزَّةِ لِاخْتِصَاصِهِ بِهَا ، كَأَنَّهُ قِيلَ : ذُو الْعِزَّةِ ، كَمَا تَقُولُ : صَاحِبُ صِدْقٍ لِاخْتِصَاصِهِ بِالصِّدْقِ . انْتَهَى . فَعَلَى هَذَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِعِزَّةِ اللَّهِ لِأَنَّهَا صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ . قَالَ : وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ مَا مِنْ عِزَّةٍ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُلُوكِ
[ ص: 381 ] وَغَيْرِهِمْ إِلَّا وَهُوَ رَبُّهَا وَمَالِكُهَا ، لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ ) . وَعَنْ
عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ : " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى مِنَ الْأَجْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلْيَكُنْ آخِرُ كَلَامِهِ إِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ : ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ .