سورة ص ثمان وثمانون آية وهي مكية
( بسم الله الرحمن الرحيم )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29009ص والقرآن ذي الذكر nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بل الذين كفروا في عزة وشقاق nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=4وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8أؤنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=9أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=10أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=11جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=12كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=13وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=14إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب ) .
لات : هي ( لا ) ، ألحقت بها التاء كما ألحقت في ثم ورب ، فقالوا : ثمت وربت ، وهي تعمل عمل ( ليس ) في مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وعمل ( إن ) في مذهب
الأخفش . فإن ارتفع ما بعدها فعلى الابتداء عنده ، ولها أحكام ذكرت في علم النحو ، ويأتي شيء منها هنا عند ذكر القراءات التي فيها . والمناص : المنجا والغوث ، يقال ناصه ينوصه : إذا فاته . قال
الفراء : النوص : التأخر ، يقال ناص عن قرنه ينوص نوصا ومناصا : أي فر وزاغ ، وأنشد لامرئ القيس :
أمن ذكر سلمى أن نأتك تنوص واستناص طلب المناص
قال
حارثة بن بدر :
غمر الجراء إذا قصرت عنانه بيدي استناص ورام جري المسحل
وقال
الجوهري : استناص : تأخر . وقال
النحاس : ناص ينوص : تقدم . الوتد : معروف ، وكسر التاء أشهر من فتحها . ويقال : وتد واتد ، كما يقال : شغل شاغل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي وأنشد :
لاقت على الماء جذيلا واتدا ولم يكن يخلفها المواعدا
وقالوا : ود فأدغموه ، قال الشاعر :
تخرج الود إذا ما أشجذت وتواريه إذا ما تشتكر
وقالوا فيه : دت ، فأدغموا بإبدال الدال تاء ، وفيه قلب الثاني للأول ، وهو قليل .
[ ص: 382 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص والقرآن ذي الذكر nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بل الذين كفروا في عزة وشقاق nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=4وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8أؤنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=9أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=10أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=11جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=12كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=13وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=14إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب ) .
هذه السورة مكية ، ومناسبتها لآخر ما قبلها أنه لما ذكر عن الكفار أنهم كانوا يقولون (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=168لو أن عندنا ذكرا من الأولين ) لأخلصوا العبادة لله . وأخبر أنهم أتاهم الذكر فكفروا به . بدأ في هذه السورة بالقسم بالقرآن ; لأنه الذكر الذي جاءهم ، وأخبر عنهم أنهم كافرون ، وأنهم في تعزز ومشاقة للرسول الذي جاء به ; ثم ذكر من أهلك من القرون التي شاقت الرسل ليتعظوا . وروي أنه لما مرض
أبو طالب ، جاءت
قريش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعند رأس
أبي طالب مجلس رجل ، فقام
أبو جهل كي يمنعه ، وشكوه إلى
أبي طالب ، فقال : يا ابن أخي ، ما تريد من قومك ؟ فقال : يا عم ، إنما أريد منهم كلمة تذل لهم بها العرب ، وتؤدي إليهم الجزية بها العجم . قال : وما الكلمة ؟ قال : كلمة واحدة ، قال : وما هي ؟ قال : لا إله إلا الله ، قال فقاموا وقالوا : أجعل الآلهة إلها
[ ص: 383 ] واحدا ؟ قال : فنزل فيهم القرآن (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص والقرآن ذي الذكر ) ، حتى بلغ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7إن هذا إلا اختلاق ) .
قرأ الجمهور : ص بسكون الدال . وقرأ
أبي ،
والحسن ،
وابن أبي إسحاق ،
وأبو السمال ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة ،
ونصر بن عاصم : صاد ، بكسر الدال ، والظاهر أنه كسر لالتقاء الساكنين . وهو حرف من حروف المعجم نحو قاف ونون . وقال
الحسن : هو أمر من صادى ، أي عارض ، ومنه الصدى ، وهو ما يعارض الصوت في الأماكن الصلبة الخالية من الأجسام ، أي عارض بعملك القرآن . وعنه أيضا : صاديت : حادثت ، أي حادث ، وهو قريب من القول الأول . وقرأ
عيسى ، ومحبوب عن
أبي عمرو ، وفرقة : صاد ، بفتح الدال ، وكذا قرأ : قاف ونون ، بفتح الفاء والنون ، فقيل : الفتح لالتقاء الساكنين طلبا للتخفيف ; وقيل : انتصب على أنه مقسم به ، حذف منه حرف القسم نحو قوله : ألله لأفعلن ، وهو اسم للسورة ، وامتنع من الصرف للعلمية والتأنيث ، وقد صرفها من قرأ صاد بالجر والتنوين على تأويل الكتاب والتنزيل ، وهو
ابن أبي إسحاق في رواية . وقرأ
الحسن أيضا : صاد ، بضم الدال ، فإن كان اسما للسورة ، فخبر مبتدأ محذوف ، أي هذه ص ، وهي قراءة
ابن السميفع وهارون الأعور ; وقرأ ( ق ونون ) ، بضم الفاء والنون . وقيل : هو حرف دال على معنى من فعل أو من اسم ، فقال
الضحاك : معناه صدق الله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب : مفتاح أسماء الله
محمد صادق الوعد صانع المصنوعات . وقيل : معناه صدق
محمد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ،
والسدي : ذي الذكر : ذي الشرف الباقي المخلد . وقال
قتادة : ذي التذكرة للناس والهداية لهم . وقيل : ذي الذكر ، للأمم والقصص والغيوب والشرائع ، وجواب القسم ، قيل : مذكور ، فقال الكوفيون
nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج : هو قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=64إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ) . وقال
الفراء : لا نجده مستقيما في العربية لتأخره جدا عن قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1والقرآن ) . وقال
الأخفش : هو (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=14إن كل إلا كذب الرسل ) ، وقال قوم (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3كم أهلكنا ) ، وحذف اللام أي لكم ، لما طال الكلام ; كما حذفت في (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1والشمس ) ، ثم قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قد أفلح ) ، حكاه
الفراء وثعلب ، وهذه الأقوال يجب اطراحها . وقيل : هو صاد ، إذ معناه : صدق
محمد وصدق الله . وكون صاد جواب القسم ، قاله
الفراء وثعلب ، وهذا مبني على تقدم جواب القسم ، واعتقاد أن الصاد يدل على ما ذكروه . وقيل : الجواب محذوف ، فقدره
الحوفي : لقد جاءكم الحق ونحوه ،
nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري : إنه لمعجز ،
وابن عطية : ما الأمر كما تزعمون ، ونحو هذا من التقدير . ونقل أن
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري قالا : هو محذوف قبل ( بل ) ، قال : وهو الصحيح ، وقدره ما ذكرنا عنه ، وينبغي أن يقدر ما أثبت هنا جوابا للقرآن حين أقسم به ، وذلك في قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=2والقرآن الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=3إنك لمن المرسلين ) ، ويقوي هذا التقدير ذكر النذارة هنا في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=4وعجبوا أن جاءهم منذر منهم ) ، وقال هناك (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=6لتنذر قوما ) ، فالرسالة تتضمن النذارة والبشارة ، وبل للانتقال من هذا القسم والمقسم عليه إلى حالة تعزز الكفار ومشاقهم في قبول رسالتك وامتثال ما جئت به ، واعتراف بالحق .
وقرأ
حماد بن الزبرقان ، وسورة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ،
وميمون عن
أبي جعفر ،
والجحدري من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي : في غرة ، بالغين المعجمة والراء ، أي في غفلة ومشاقة . ( قبلهم ) أي قبل هؤلاء ذوي المنعة الشديدة والشقاق ، وهذا وعيد لهم . ( فنادوا ) أي استغاثوا ونادوا بالتوبة ، قاله
الحسن ; أو رفعوا أصواتهم ، يقال : فلان أندى صوتا : أي أرفع ، وذلك بعد معاينة العذاب ، فلم يك وقت نفع . وقرأ الجمهور (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3ولات حين ) ، بفتح التاء ونصب النون ، فعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، عملت عمل ( ليس ) ، واسمها محذوف تقديره : ولات الحين حين فوات ولا فرار . وعلى قول
الأخفش : يكون حين اسم لات ، عملت عمل ( إن ) نصبت الاسم ورفعت الخبر ، والخبر مخذوف تقديره : ولات أرى حين مناص . وقرأ
أبو السمال : ولات حين ، بضم التاء ورفع النون ; فعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : حين مناص اسم لات ، والخبر
[ ص: 384 ] محذوف ، وعلى قول
الأخفش : مبتدأ ، والخبر محذوف . وقرأ
عيسى بن عمر : ولات حين ، بكسر التاء وجر النون ، خبر بعد لات ، وتخريجه مشكل ، وقد تمحل
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في تخريج الخبر في قوله :
طلبوا صلحنا ولات حين أوان فأجبنا أن لات حين بقاء
قال : شبه أوان بإذ في قوله : وأنت إذ صحيح في أنه زمان قطع منه المضاف إليه وعوض ; لأن الأصل : ولات أوان صلح . فإن قلت : فما تقول في حين مناص ، والمضاف إليه قائم ؟ قلت : نزل قطع المضاف والمضاف إليه ، وجعل تنوينه عوضا من الضمير المحذوف ، ثم بنى الحين لكونه مضافا إلى غير متمكن . انتهى . هذا التمحل ، والذي ظهر لي في تخريج هذه القراءة الشاذة ، والبيت النادر في جر ما بعد لات : أن الجر هو على إضمار من ، كأنه قال : لات من حين مناص ، ولات من أوان صلح ، كما جروا بها في قولهم : على كم جذع بيتك ؟ أي من جذع في أصح القولين ، وكما قالوا : لا رجل جزاه الله خيرا ، يريدون : لا من رجل ، ويكون موضع من حين مناص رفعا على أنه اسم ( لات ) بمعنى ( ليس ) ، كما تقول : ليس من رجل قائما ، والخبر محذوف ، وهذا على قول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، أو على أنه مبتدأ أو الخبر محذوف ، على قول
الأخفش . وقال بعضهم : ومن العرب من يخفض بلات ، وأنشد
الفراء :
ولتندمن ولات ساعة مندم
( )
وخرج
الأخفش ولات أوان على إضمار حين ، أي ولات حين أوان ، حذف حين وأبقى أوان على جره . وقال
أبو إسحاق : ولات أواننا ، فحذف المضاف إليه ، فوجب أن لا يعرب ، وكسره لالتقاء الساكنين ; وهذا هو الوجه الذي قرره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، أخذه من
nindex.php?page=showalam&ids=14416أبي إسحاق الزجاج ، وأنشده
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : ولات أوان بالرفع . وعن
عيسى : ولات حين ، بالرفع ، مناص : بالفتح . وقال صاحب اللوامح : فإن صح ذلك ، فلعله بنى حين على الضم ، فيكون في الكلام تقديم وتأخير ، وأجراه مجرى قبل وبعد في الغاية ، وبنى مناص على الفتح مع لات ، على تقدير : لات مناص حين ، لكن لا إنما تعمل في النكرات في اتصالها بهن دون أن يفصل بينهما ظرف أو غيره ، وقد يجوز أن يكون لذلك معنى لا أعرفه . انتهى . وقرأ
عيسى أيضا : ولات بكسر التاء ، وحين بنصب النون ، وتقدم تخريج نصب حين . ولات روي فيها فتح التاء وضمها وكسرها والوقف عليها بالتاء ، قول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء وابن كيسان nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج ، ووقف
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=15153والمبرد بالهاء ، وقوم على ( لا ) ، وزعموا أن التاء زيدت في حين ; واختاره
أبو عبيدة وذكر أن رآه في الأمام مخلوطا تاؤه بحين ، وكيف يصنع بقوله : ولات ساعة مندم ، ولات أوان . وقال
الكلبي : كانوا إذا قاتلوا فاضطروا ، قال بعضهم لبعض : مناص ، أي عليكم بالفرار ، فلما أتاهم العذاب قالوا : مناص ، فقال الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3ولات حين مناص ) . قال
القشيري : فعلى هذا يكون التقدير : فنادوا مناص ، فحذف لدلالة ما بعده عليه ، أي ليس الوقت وقت ندائكم به ، وفيه نوع تحكم ، إذ كل من هلك من القرون يقول : مناص عند الاضطرار . انتهى . وقال
الجرجاني : أي فنادوا حين لا مناص ، أي ساعة لا منجا ولا فوت . فلما قدم ( لا ) وأخر ( حين ) اقتضى ذلك الواو ، كما تقتضي الحال إذا جعل مبتدأ وخبرا مثل : جاء زيد راكبا ، ثم تقول : جاء زيد وهو راكب ، فحين ظرف لقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3فنادوا ) . انتهى . وكون أصل هذه الجملة : فنادوا حين لا مناص ، وأن حين ظرف لقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3فنادوا ) دعوى أعجمية مخالفة لنظم القرآن ، والمعنى على نظمه في غاية الوضوح ، والجملة في موضع الحال ، فنادوا وهم لات حين مناص ، أي لهم .
ولما أخبر تعالى عن الكفار أنهم في عزة وشقاق ، أردف بما صدر عنهم
[ ص: 385 ] من كلماتهم الفاسدة ، من نسبتهم إليه السحر والكذب . ووضع الظاهر موضع المضمر في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=4وقال الكافرون ) ، أي : وقالوا تنبيها على الصفة التي أوجبت لهم العجب ، حتى نسبوا من جاء بالهدى والتوحيد إلى السحر والكذب . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أجعل الآلهة إلها واحدا ) ، قالوا : كيف يكون إله واحد يرزق الجميع وينظر في كل أمورهم ؟ وجعل : بمعنى صير في القول والدعوى والزعم ، وذكر عجبهم مما لا يعجب منه . والضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=4وعجبوا ) لهم ، أي استغربوا مجيء رسول من أنفسهم . وقرأ الجمهور (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5عجاب ) ، وهو بناء مبالغة ، كرجل طوال وسراع في طويل وسريع . وقرأ
علي ،
والسلمي ،
وعيسى ،
وابن مقسم : بشد الجيم ، وقالوا : رجل كرام وطعام طياب ، وهو أبلغ من فعال المخفف . وقال
مقاتل : عجاب لغة أزد شنوءة . والذين قالوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أجعل الآلهة إلها واحدا ) ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : صناديد
قريش ، وهم ستة وعشرون .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29009وانطلق الملأ منهم ) الظاهر انطلاقهم عن مجلس
أبي طالب ، حين اجتمعوا هم والرسول عنده وشكوه على ما تقدم في سبب النزول ; ويكون ثم محذوف تقديره : يتحاورون . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6أن امشوا ) ، وتكون ( أن ) مفسرة لذلك المحذوف ، وامشوا أمر بالمشي ، وهو نقل الأقدام عن ذلك المجلس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وأن بمعنى أي ; لأن المنطلقين عن مجلس التقاول لا بد لهم من أن يتكلموا ويتفاوضوا فيما جرى لهم ، فكان انطلاقهم مضمنا معنى القول والأمر بالمشي ، أي بعضهم أمر بعضا . وقيل : أمر الأشراف أتباعهم وأعوانهم . ويجوز أن تكون ( أن ) مصدرية ، أي وانطلقوا بقولهم امشوا ، وقيل : الانطلاق هنا الاندفاع في القول والكلام ، ( وأن ) مفسرة على هذا ، والأمر بالمشي لا يراد به نقل الخطا ، إنما معناه : سيروا على طريقتكم وداوموا على سيرتكم . وقيل ( امشوا ) دعاء بكسب الماشية ، قيل : وهو ضعيف ; لأنه كان يلزم أن تكون الألف مقطوعة ; لأنه إنما يقال : أمشى الرجل إذا صار صاحب ماشية ; وأيضا فهذا المعنى غير متمكن في الآية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أنهم قالوا : امشوا ، أي أكثروا واجتمعوا ، من مشت المرأة إذا كثرت ولادتها ; ومنه الماشية للتفاؤل . انتهى . وأمروا بالصبر على الآلهة ، أي على عبادتها والتمسك بها .
والإشارة بقوله : ( إن هذا ) أي ظهور
محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلوه بالنبوة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6لشيء يراد ) أي يراد منا الانقياد إليه ، أو يريده الله ويحكم بإمضائه ، فليس فيه إلا الصبر ، أو أن هذا الأمر شيء من نوائب الدهر مراد منا ، فلا انفكاك عنه ، وأن دينكم لشيء يراد ، أي يطلب ليؤخذ منكم وتغلبوا عليه ، احتمالات أربعة . وقال
القفال : هذه كلمة تذكر للتهديد والتخويف ، المعنى : أنه ليس غرضه من هذا القول تقريرا للدين ، وإنما غرضه أن يستولي علينا ، فيحكم في أموالنا وأولادنا بما يريد . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29009ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ) ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب ،
ومقاتل : ملة النصارى ; لأن فيها التثليث ، ولا توحد . وقال
مجاهد ،
وقتادة : ملة العرب :
قريش ونجدتها . وقال
الفراء ،
nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج : ملة اليهود والنصرانية ، أشركت اليهود بعزير ، وثلث النصارى . وقيل : في الملة الآخرة التي كنا نسمع أنها تكون في آخر الزمان ، وذلك أنه قبل المبعث ، كان الناس يستشعرون خروج نبي وحدوث ملة ودين . ويدل على صحة هذا ما روي من أقوال الأحبار أولي الصوامع ، وما روي عن الكهان شق وسطيح وغيرهما ، وما كانت
بنو إسرائيل تعتقد من أنه يكون منهم . وقيل : في الملة الآخرة ، أي لم نسمع من أهل الكتاب ولا الكهان أنه يحدث في الملة الآخرة توحيد الله . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7إن هذا إلا اختلاق ) أي افتعال وكذب . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8أؤنزل عليه الذكر من بيننا ) أنكروا أن يختص بالشرف من بين أشرافهم وينزل عليه الكتاب من بينهم ، وهذا الإنكار هو ناشئ عن حسد عظيم انطوت عليه صدورهم فنطقت به ألسنتهم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8بل هم في شك من ذكري ) أي من القرآن الذي أنزلت على رسولي يرتابون فيه ، والإخبار بأنهم في شك يقتضي كذبهم في قولهم :
[ ص: 386 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7إن هذا إلا اختلاق ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8بل لما يذوقوا عذاب ) أي بعد ، فإذا ذاقوه عرفوا أن ما جاء به حق وزال عنهم الشك . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=9أم عندهم خزائن رحمة ربك ) أي ليسوا متصرفين في خزائن الرحمة ، فيعطون ما شاءوا ، ويمنعون من شاءوا ما شاءوا ، ويصطفون للرسالة من أرادوا ، وإنما يملكها ويتصرف فيها العزيز الذي لا يغالب ، الوهاب ما شاء لمن شاء . لما استفهم استفهام إنكار في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=9أم عندهم خزائن رحمة ربك ) ، وكان ذلك دليلا على انتفاء تصرفهم في خزائن رحمة ربك ، أتى بالإنكار والتوبيخ بانتفاء ما هو أعم فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=10أم لهم ملك السماوات والأرض ) أي ليس لهم شيء من ذلك . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=10فليرتقوا ) أي ألهم شيء من ذلك ، فليصعدوا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=10في الأسباب ) ، الموصولة إلى السماء ، والمعارج التي يتوصل بها إلى تدبير العالم ، فيضعون الرسالة فيمن اختاروا . ثم صغرهم وحقرهم ، فأخبر بما يئول إليه أمرهم من الهزيمة والخيبة . قيل : وما زائدة ، ويجوز أن تكون صفة أريد به التعظيم على سبيل الهزء بهم ، أو التحقير ; لأن ( ما ) الصفة تستعمل على هذين المعنيين . و ( هنالك ) ظرف مكان يشار به للبعيد . والظاهر أنه يشار به للمكان الذي تفاوضوا فيه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتلك الكلمات السابقة ، وهو
مكة ، فيكون ذلك إخبارا بالغيب عن هزيمتهم
بمكة يوم الفتح ، فالمعنى أنهم يصيرون مهزومين
بمكة يوم الفتح . وقيل : ( هنالك ) ، إشارة إلى الارتقاء في الأسباب ، أي هؤلاء القوم إن راموا ذلك جند مهزوم . وقيل : أشير بهنالك إلى جملة الأصنام وعضدها ، أي هم جند مهزوم في هذه السبيل . وقال
مجاهد ،
وقتادة : الإشارة إلى يوم بدر ، وكان غيبا ، أعلم الله به على لسان رسوله . وقيل : الإشارة إلى حصر عام الخندق
بالمدينة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وهنالك ، إشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل ذلك القول العظيم من قولهم : لمن يندبه لأمر ليس من أهله ، لست هنالك . انتهى . و ( هنالك ) ، يحتمل أن يكون في موضع الصفة لـ ( جند ) ، أي كائن هنالك ; ويحتمل أن يكون متعلقا بـ ( مهزوم ) ، وجند خبر مبتدأ محذوف ، أي هم جند ، ومهزوم خبره . وقال
أبو البقاء : جند مبتدأ ، وما زائدة ، وهنالك نعت ، ومهزوم الخبر . انتهى . وفيه بعد لفصله عن الكلام الذي قبله . ومعنى ( من الأحزاب ) من جملة الأحزاب الذين تعصبوا في الباطل وكذبوا الرسل . ولما ذكر تعالى أنه أهلك قبل
قريش قرونا كثيرة لما كذبوا رسلهم ، سرد منهم هنا من له تعلق بعرفانه . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=12ذو الأوتاد ) أي صاحب الأوتاد ، وأصله من ثبات البيت المطنب بأوتاده . قال
الأفوه العوذي :
والبيت لا يبتنى إلا على عمد ولا عماد إذا لم ترس أوتاد
فاستعير لثبات العز والملك واستقامة الأمر ، كما قال
الأسود :
في ظل ملك ثابت الأوتاد
( ) قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وأخذه من كلام غيره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وقتادة ،
وعطاء : كانت له أوتاد وخشب يلعب بها وعليها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : كان يقتل الناس بالأوتاد ، ويسمرهم في الأرض بها . وقال
الضحاك : أراد المباني العظيمة الثابتة . وقيل : عبارة عن كثرة أخبيته وعظم عساكره . وقيل : كان يشج المعذب بين أربع سواري ، كل طرف من أطرافه إلى سارية مضروبة فيها وتد من حديد ، ويتركه حتى يموت . روي معناه عن
الحسن ومجاهد ، وقيل : كان يمده بين أربعة أوتاد في الأرض ، ويرسل عليه العقارب والحيات . وقيل : يشدهم بأربعة أوتاد ، ثم يرفع صخرة فتلقى عليه فتشدخه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، في رواية
عطية : الأوتاد : الجنود ، يشدون ملكه ، كما يقوي الوتد الشيء . وقيل : بنى منارا يذبح عليها الناس ، قاله
ابن جبير . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=13أولئك الأحزاب ) أي الذين تحزبوا على أنبيائهم ، كما تحزب
قريش على رسول - الله صلى الله عليه وسلم - والظاهر أن الإشارة بأولئك إلى أقرب مذكور ، وهم قوم
نوح ومن عطف عليهم ; وفيه تفخيم لشأنهم وإعلاء لهم على من تحزب على رسول الله ، أي هؤلاء العظماء لما كذبوا عوقبوا ،
[ ص: 387 ] وكذلك أنتم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=14إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب ) فوجب عقابهم . كذبت قوم
نوح ، آذوا
نوحا فأغرقوا ،
وقوم هود فأهلكوا بالريح ; وفرعون فأغرق ; وثمود بالصيحة ; وقوم
لوط بالخسف ; والأيكة بعذاب الظلة . ومعنى ( إن كل ) ما كان من قوم نوح فمن بعدهم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=14فحق عقاب ) أي وجب عقابهم ، فكذلك يحق عليكم أيها المكذبون بالرسول . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=13أولئك الأحزاب ) ، قصد بهذه الإشارة الإعلام بأن الأحزاب الذين جعل الجند المهزوم هم هم ، وأنهم الذين وجد منهم التكذيب ، ولقد ذكر تكذيبهم أولا في الجملة الخبرية على وجه الإبهام ، ثم جاء بالجملة الاستثنائية ، فأوضحه فيها بأن كل واحد من الأحزاب كذب الرسل ; لأنهم إذا كذبوا واحدا منهم ، فقد كذبوا جميعا ، وفي تكرير التكذيب وإيضاحه بعد إبهامه ، والتنويع في تكريره بالجملة الخبرية أولا ، وبالاستثناء ثانيا ، وما في الاستثنائية من الوضع على وجه التوكيد والتخصيص أنواع من المبالغة المسجلة عليهم باستحقاق أشد العذاب وأبلغه . ثم قال : ( فحق عقاب ) أي فوجب لذلك أن أعاقبهم حق عقابهم . انتهى .
سُورَةُ ص ثَمَانٍ وَثَمَانُونَ آيَةً وَهِيَ مَكِّيَّةٌ
( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29009ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=4وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=9أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=10أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=11جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=12كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=13وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=14إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ ) .
لَاتَ : هِيَ ( لَا ) ، أُلْحِقَتْ بِهَا التَّاءُ كَمَا أُلْحِقَتْ فِي ثُمَّ وَرُبَّ ، فَقَالُوا : ثُمَّتْ وَرُبَّتْ ، وَهِيَ تَعْمَلُ عَمَلَ ( لَيْسَ ) فِي مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَعَمَلَ ( إِنَّ ) فِي مَذْهَبِ
الْأَخْفَشِ . فَإِنِ ارْتَفَعَ مَا بَعْدَهَا فَعَلَى الِابْتِدَاءِ عِنْدَهُ ، وَلَهَا أَحْكَامٌ ذُكِرَتْ فِي عِلْمِ النَّحْوِ ، وَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْهَا هُنَا عِنْدَ ذِكْرِ الْقِرَاءَاتِ الَّتِي فِيهَا . وَالْمَنَاصُ : الْمَنْجَا وَالْغَوْثُ ، يُقَالُ نَاصَهُ يَنُوصَهُ : إِذَا فَاتَهُ . قَالَ
الْفَرَّاءُ : النَّوْصُ : التَّأَخُّرُ ، يُقَالُ نَاصَ عَنْ قَرْنِهِ يَنُوصُ نَوْصًا وَمَنَاصًا : أَيْ فَرَّ وَزَاغَ ، وَأَنْشَدَ لِامْرِئِ الْقَيْسِ :
أَمِنْ ذِكْرِ سَلْمَى أَنْ نَأَتْكَ تَنُوصُ وَاسْتَنَاصَ طَلَبَ الْمَنَاصَ
قَالَ
حَارِثَةُ بْنُ بَدْرٍ :
غَمَرَ الْجِرَاءُ إِذَا قَصَرْتُ عِنَانَهُ بِيَدِي اسْتَنَاصَ وَرَامَ جَرْيَ الْمِسْحَلِ
وَقَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : اسْتَنَاصَ : تَأَخَّرَ . وَقَالَ
النَّحَّاسُ : نَاصَ يَنُوصُ : تَقَدَّمَ . الْوَتَدُ : مَعْرُوفٌ ، وَكَسْرُ التَّاءِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا . وَيُقَالُ : وَتَدٌ وَاتِدٌ ، كَمَا يُقَالُ : شُغْلٌ شَاغِلٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيُّ وَأَنْشَدَ :
لَاقَتْ عَلَى الْمَاءِ جَذِيلًا وَاتِدًا وَلَمْ يَكُنْ يُخْلِفْهَا الْمُوَاعِدَا
وَقَالُوا : وَدٌ فَأَدْغَمُوهُ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
تُخْرِجُ الْوَدَّ إِذَا مَا أَشْجَذَتْ وَتُوَارِيهِ إِذَا مَا تَشْتَكِرُ
وَقَالُوا فِيهِ : دَتٌّ ، فَأَدْغَمُوا بِإِبْدَالِ الدَّالِ تَاءً ، وَفِيهِ قَلْبُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ ، وَهُوَ قَلِيلٌ .
[ ص: 382 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=4وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=9أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=10أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=11جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=12كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=13وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=14إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ ) .
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ ، وَمُنَاسَبَتُهَا لِآخِرِ مَا قَبْلَهَا أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=168لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ ) لَأَخْلَصُوا الْعِبَادَةَ لِلَّهِ . وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ أَتَاهُمُ الذِّكْرُ فَكَفَرُوا بِهِ . بَدَأَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ بِالْقَسَمِ بِالْقُرْآنِ ; لِأَنَّهُ الذِّكْرُ الَّذِي جَاءَهُمْ ، وَأَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَافِرُونَ ، وَأَنَّهُمْ فِي تَعَزُّزٍ وَمَشَاقَّةٍ لِلرَّسُولِ الَّذِي جَاءَ بِهِ ; ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ أَهْلَكَ مِنَ الْقُرُونِ الَّتِي شَاقَّتِ الرُّسُلَ لِيَتَّعِظُوا . وَرُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا مَرِضَ
أَبُو طَالِبٍ ، جَاءَتْ
قُرَيْشٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدَ رَأْسِ
أَبِي طَالِبٍ مَجْلِسُ رَجُلٍ ، فَقَامَ
أَبُو جَهْلٍ كَيْ يَمْنَعَهُ ، وَشَكَوْهُ إِلَى
أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي ، مَا تُرِيدُ مِنْ قَوْمِكَ ؟ فَقَالَ : يَا عَمِّ ، إِنَّمَا أُرِيدَ مِنْهُمْ كَلِمَةً تَذِلُّ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ ، وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ بِهَا الْعَجَمُ . قَالَ : وَمَا الْكَلِمَةُ ؟ قَالَ : كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ ، قَالَ : وَمَا هِيَ ؟ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، قَالَ فَقَامُوا وَقَالُوا : أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا
[ ص: 383 ] وَاحِدًا ؟ قَالَ : فَنَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) ، حَتَّى بَلَغَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ ) .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ : ص بِسُكُونِ الدَّالِ . وَقَرَأَ
أُبَيٌّ ،
وَالْحَسَنُ ،
وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ،
وَأَبُو السَّمَّالِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ ،
وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ : صَادِ ، بِكَسْرِ الدَّالِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كُسِرَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ . وَهُوَ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ نَحْوُ قَافٍ وَنُونٍ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : هُوَ أَمْرٌ مِنْ صَادَى ، أَيْ عَارَضَ ، وَمِنْهُ الصَّدَى ، وَهُوَ مَا يُعَارِضُ الصَّوْتَ فِي الْأَمَاكِنِ الصُّلْبَةِ الْخَالِيَةِ مِنَ الْأَجْسَامِ ، أَيْ عَارِضٌ بِعَمَلِكَ الْقُرْآنَ . وَعَنْهُ أَيْضًا : صَادَيْتُ : حَادَثْتُ ، أَيْ حَادَثَ ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ . وَقَرَأَ
عِيسَى ، وَمَحْبُوبٌ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو ، وَفِرْقَةٌ : صَادَ ، بِفَتْحِ الدَّالِ ، وَكَذَا قَرَأَ : قَافَ وَنُونَ ، بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالنُّونِ ، فَقِيلَ : الْفَتْحُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ طَلَبًا لِلتَّخْفِيفِ ; وَقِيلَ : انْتَصَبَ عَلَى أَنَّهُ مُقْسَمٌ بِهِ ، حُذِفَ مِنْهُ حَرْفُ الْقَسَمِ نَحْوُ قَوْلِهِ : أَللَّهَ لَأَفْعَلَنَّ ، وَهُوَ اسْمٌ لِلسُّورَةِ ، وَامْتَنَعَ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعِلْمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ ، وَقَدْ صَرَفَهَا مَنْ قَرَأَ صَادٍ بِالْجَرِّ وَالتَّنْوِينِ عَلَى تَأْوِيلِ الْكِتَابِ وَالتَّنْزِيلِ ، وَهُوَ
ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ فِي رِوَايَةٍ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ أَيْضًا : صَادٌ ، بِضَمِّ الدَّالِ ، فَإِنْ كَانَ اسْمًا لِلسُّورَةِ ، فَخَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ هَذِهِ ص ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
ابْنِ السَّمَيْفَعِ وَهَارُونَ الْأَعْوَرِ ; وَقَرَأَ ( ق وَنُونُ ) ، بِضَمِّ الْفَاءِ وَالنُّونِ . وَقِيلَ : هُوَ حَرْفٌ دَالٌّ عَلَى مَعْنًى مِنْ فِعْلٍ أَوْ مِنِ اسْمٍ ، فَقَالَ
الضَّحَّاكُ : مَعْنَاهُ صَدَقَ اللَّهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ : مِفْتَاحُ أَسْمَاءِ اللَّهِ
مُحَمَّدٌ صَادِقُ الْوَعْدِ صَانِعُ الْمَصْنُوعَاتِ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ صَدَقَ
مُحَمَّدٌ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ ،
وَالسُّدِّيُّ : ذِي الذِّكْرِ : ذِي الشَّرَفِ الْبَاقِي الْمُخَلَّدِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : ذِي التَّذْكِرَةِ لِلنَّاسِ وَالْهِدَايَةِ لَهُمْ . وَقِيلَ : ذِي الذِّكْرِ ، لِلْأُمَمِ وَالْقَصَصِ وَالْغُيُوبِ وَالشَّرَائِعِ ، وَجَوَابُ الْقَسَمِ ، قِيلَ : مَذْكُورٌ ، فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ : هُوَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=64إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ) . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : لَا نَجِدُهُ مُسْتَقِيمًا فِي الْعَرَبِيَّةِ لِتَأَخُّرِهِ جِدًّا عَنْ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1وَالْقُرْآنِ ) . وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : هُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=14إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ ) ، وَقَالَ قَوْمٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3كَمْ أَهْلَكْنَا ) ، وَحَذَفَ اللَّامَ أَيْ لَكُمْ ، لَمَّا طَالَ الْكَلَامُ ; كَمَا حُذِفَتْ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1وَالشَّمْسِ ) ، ثُمَّ قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قَدْ أَفْلَحَ ) ، حَكَاهُ
الْفَرَّاءُ وَثَعْلَبٌ ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ يَجِبُ اطِّرَاحُهَا . وَقِيلَ : هُوَ صَادٌ ، إِذْ مَعْنَاهُ : صَدَقَ
مُحَمَّدٌ وَصَدَقَ اللَّهُ . وَكَوُنُ صَادٍ جَوَابَ الْقَسَمِ ، قَالَهُ
الْفَرَّاءُ وَثَعْلَبٌ ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَقَدُّمِ جَوَابِ الْقَسَمِ ، وَاعْتِقَادُ أَنَّ الصَّادَ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ . وَقِيلَ : الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ ، فَقَدَّرَهُ
الْحَوْفِيُّ : لَقَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ وَنَحْوُهُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ : إِنَّهُ لَمُعْجِزٌ ،
وَابْنُ عَطِيَّةَ : مَا الْأَمْرُ كَمَا تَزْعُمُونَ ، وَنَحْوُ هَذَا مِنَ التَّقْدِيرِ . وَنُقِلَ أَنَّ
قَتَادَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَالطَّبَرِيَّ قَالَا : هُوَ مَحْذُوفٌ قَبْلَ ( بَلْ ) ، قَالَ : وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَدَّرَهُ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّرَ مَا أُثْبِتَ هُنَا جَوَابًا لِلْقُرْآنِ حِينَ أَقْسَمَ بِهِ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=2وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=3إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) ، وَيُقَوِّي هَذَا التَّقْدِيرَ ذِكْرُ النِّذَارَةِ هُنَا فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=4وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ) ، وَقَالَ هُنَاكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=6لِتُنْذِرَ قَوْمًا ) ، فَالرِّسَالَةُ تَتَضَمَّنُ النِّذَارَةَ وَالْبِشَارَةَ ، وَبَلْ لِلِانْتِقَالِ مِنْ هَذَا الْقَسَمِ وَالْمُقَسَمِ عَلَيْهِ إِلَى حَالَةِ تَعَزُّزِ الْكُفَّارِ وَمَشَاقِّهِمْ فِي قَبُولِ رِسَالَتِكَ وَامْتِثَالِ مَا جِئْتَ بِهِ ، وَاعْتِرَافٍ بِالْحَقِّ .
وَقَرَأَ
حَمَّادُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ ، وَسَوْرَةُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيِّ ،
وَمَيْمُونُ عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ ،
وَالْجَحْدَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=14798الْعُقَيْلِيِّ : فِي غِرَّةٍ ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ ، أَيْ فِي غَفْلَةٍ وَمَشَاقَّةٍ . ( قَبْلِهِمْ ) أَيْ قَبْلَ هَؤُلَاءِ ذَوِي الْمَنَعَةِ الشَّدِيدَةِ وَالشِّقَاقِ ، وَهَذَا وَعِيدٌ لَهُمْ . ( فَنَادَوْا ) أَيِ اسْتَغَاثُوا وَنَادَوْا بِالتَّوْبَةِ ، قَالَهُ
الْحَسَنُ ; أَوْ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ ، يُقَالُ : فُلَانٌ أَنْدَى صَوْتًا : أَيْ أَرْفَعُ ، وَذَلِكَ بَعْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ ، فَلَمْ يَكُ وَقْتَ نَفْعٍ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3وَلَاتَ حِينَ ) ، بِفَتْحِ التَّاءِ وَنَصْبِ النُّونِ ، فَعَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، عَمِلَتْ عَمَلَ ( لَيْسَ ) ، وَاسْمُهَا مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : وَلَاتَ الْحِينُ حِينَ فَوَاتٍ وَلَا فِرَارٍ . وَعَلَى قَوْلِ
الْأَخْفَشِ : يَكُونُ حِينَ اسْمَ لَاتَ ، عَمِلَتْ عَمَلَ ( إِنَّ ) نَصَبَتِ الِاسْمَ وَرَفَعَتِ الْخَبَرَ ، وَالْخَبَرُ مَخْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : وَلَاتَ أَرَى حِينَ مَنَاصٍ . وَقَرَأَ
أَبُو السَّمَّالِ : وَلَاتُ حِينُ ، بِضَمِّ التَّاءِ وَرَفْعِ النُّونِ ; فَعَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : حِينَ مَنَاصٍ اسْمُ لَاتَ ، وَالْخَبَرُ
[ ص: 384 ] مَحْذُوفٌ ، وَعَلَى قَوْلِ
الْأَخْفَشِ : مُبْتَدَأٌ ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ . وَقَرَأَ
عِيسَى بْنُ عُمَرَ : وَلَاتِ حِينِ ، بِكَسْرِ التَّاءِ وَجَرِّ النُّونِ ، خَبَرٌ بَعْدَ لَاتَ ، وَتَخْرِيجُهُ مُشْكِلٌ ، وَقَدْ تَمَحَّلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَخْرِيجِ الْخَبَرِ فِي قَوْلِهِ :
طَلَبُوا صُلْحَنَا وَلَاتَ حِينِ أَوَانٍ فَأَجَبْنَا أَنْ لَاتَ حِينِ بَقَاءِ
قَالَ : شَبَّهَ أَوَانَ بِإِذْ فِي قَوْلِهِ : وَأَنْتَ إِذْ صَحِيحٌ فِي أَنَّهُ زَمَانٌ قُطِعَ مِنْهُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ وَعُوِّضَ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ : وَلَاتَ أَوَانَ صُلْحٍ . فَإِنْ قُلْتَ : فَمَا تَقُولُ فِي حِينَ مَنَاصٍ ، وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ قَائِمٌ ؟ قُلْتُ : نَزَّلَ قَطْعَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ ، وَجَعَلَ تَنْوِينَهُ عِوَضًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمَحْذُوفِ ، ثُمَّ بَنَى الْحِينَ لِكَوْنِهِ مُضَافًا إِلَى غَيْرِ مُتَمَكِّنٍ . انْتَهَى . هَذَا التَّمَحُّلُ ، وَالَّذِي ظَهَرَ لِي فِي تَخْرِيجِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ ، وَالْبَيْتِ النَّادِرِ فِي جَرِّ مَا بَعْدَ لَاتَ : أَنَّ الْجَرَّ هُوَ عَلَى إِضْمَارِ مِنْ ، كَأَنَّهُ قَالَ : لَاتَ مِنْ حِينِ مَنَاصٍ ، وَلَاتَ مِنْ أَوَانِ صُلْحٍ ، كَمَا جَرُّوا بِهَا فِي قَوْلِهِمْ : عَلَى كَمْ جِذْعٍ بَيْتُكَ ؟ أَيْ مِنْ جِذْعٍ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ ، وَكَمَا قَالُوا : لَا رَجُلٍ جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا ، يُرِيدُونَ : لَا مِنْ رَجُلٍ ، وَيَكُونُ مَوْضِعُ مِنْ حِينِ مَنَاصٍ رَفْعًا عَلَى أَنَّهُ اسْمُ ( لَاتَ ) بِمَعْنَى ( لَيْسَ ) ، كَمَا تَقُولُ : لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ قَائِمًا ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ أَوِ الْخَبَرُ مَحْذُوفٌ ، عَلَى قَوْلِ
الْأَخْفَشِ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُخْفِضُ بِلَاتَ ، وَأَنْشَدَ
الْفَرَّاءُ :
وَلَتَنْدَمُنَّ وَلَاتَ سَاعَةِ مَنْدَمِ
( )
وَخَرَّجَ
الْأَخْفَشُ وَلَاتَ أَوَانٍ عَلَى إِضْمَارِ حِينَ ، أَيْ وَلَاتَ حِينَ أَوَانٍ ، حَذَفَ حِينَ وَأَبْقَى أَوَانَ عَلَى جَرِّهِ . وَقَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ : وَلَاتَ أَوَانِنَا ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُعْرَبَ ، وَكَسَرَهُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ; وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي قَرَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، أَخَذَهُ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14416أَبِي إِسْحَاقَ الزَّجَّاجِ ، وَأَنْشَدَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : وَلَاتَ أَوَانٌ بِالرَّفْعِ . وَعَنْ
عِيسَى : وَلَاتَ حِينٌ ، بِالرَّفْعِ ، مَنَاصَ : بِالْفَتْحِ . وَقَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ : فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ ، فَلَعَلَّهُ بَنَى حِينَ عَلَى الضَّمِّ ، فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ، وَأَجْرَاهُ مُجْرَى قَبْلُ وَبَعْدُ فِي الْغَايَةِ ، وَبَنَى مَنَاصَ عَلَى الْفَتْحِ مَعَ لَاتَ ، عَلَى تَقْدِيرِ : لَاتَ مَنَاصَ حِينَ ، لَكِنْ لَا إِنَّمَا تَعْمَلُ فِي النَّكِرَاتِ فِي اتِّصَالِهَا بِهِنَّ دُونَ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا ظَرْفٌ أَوْ غَيْرُهُ ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ مَعْنًى لَا أَعْرِفُهُ . انْتَهَى . وَقَرَأَ
عِيسَى أَيْضًا : وَلَاتِ بِكَسْرِ التَّاءِ ، وَحِينَ بِنَصْبِ النُّونِ ، وَتَقَدَّمَ تَخْرِيجُ نَصْبِ حِينَ . وَلَاتَ رُوِيَ فِيهَا فَتْحُ التَّاءِ وَضَمُّهَا وَكَسْرُهَا وَالْوَقْفُ عَلَيْهَا بِالتَّاءِ ، قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءِ وَابْنِ كَيْسَانَ nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجِ ، وَوَقَفَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15153وَالْمُبَرِّدُ بِالْهَاءِ ، وَقَوْمٌ عَلَى ( لَا ) ، وَزَعَمُوا أَنَّ التَّاءَ زِيدَتْ فِي حِينَ ; وَاخْتَارَهُ
أَبُو عُبَيْدَةَ وَذَكَرَ أَنْ رَآهُ فِي الْأَمَامِ مَخْلُوطًا تَاؤُهُ بِحِينَ ، وَكَيْفَ يَصْنَعُ بِقَوْلِهِ : وَلَاتَ سَاعَةَ مَنْدَمِ ، وَلَاتَ أَوَانٍ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : كَانُوا إِذَا قَاتَلُوا فَاضْطُرُّوا ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : مَنَاصٌ ، أَيْ عَلَيْكُمْ بِالْفِرَارِ ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ الْعَذَابُ قَالُوا : مَنَاصٌ ، فَقَالَ اللَّهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) . قَالَ
الْقُشَيْرِيُّ : فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّقْدِيرُ : فَنَادَوْا مَنَاصُ ، فَحُذِفَ لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ ، أَيْ لَيْسَ الْوَقْتُ وَقْتَ نِدَائِكُمْ بِهِ ، وَفِيهِ نَوْعُ تَحَكُّمٍ ، إِذْ كُلُّ مَنْ هَلَكَ مِنَ الْقُرُونِ يَقُولُ : مَنَاصٌ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ . انْتَهَى . وَقَالَ
الْجُرْجَانِيُّ : أَيْ فَنَادَوْا حِينَ لَا مَنَاصَ ، أَيْ سَاعَةَ لَا مَنْجَا وَلَا فَوْتَ . فَلَمَّا قَدَّمَ ( لَا ) وَأَخَّرَ ( حِينَ ) اقْتَضَى ذَلِكَ الْوَاوَ ، كَمَا تَقْتَضِي الْحَالُ إِذَا جُعِلَ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا مِثْلُ : جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا ، ثُمَّ تَقُولُ : جَاءَ زَيْدٌ وَهُوَ رَاكِبٌ ، فَحِينَ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3فَنَادَوْا ) . انْتَهَى . وَكَوْنُ أَصْلِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ : فَنَادَوْا حِينَ لَا مَنَاصَ ، وَأَنَّ حِينَ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=3فَنَادَوْا ) دَعْوَى أَعْجَمِيَّةٌ مُخَالِفَةٌ لِنَظْمِ الْقُرْآنِ ، وَالْمَعْنَى عَلَى نَظْمِهِ فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، فَنَادَوْا وَهُمْ لَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ، أَيْ لَهُمْ .
وَلَمَّا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ، أَرْدَفَ بِمَا صَدَرَ عَنْهُمْ
[ ص: 385 ] مِنْ كَلِمَاتِهِمُ الْفَاسِدَةِ ، مِنْ نِسْبَتِهِمْ إِلَيْهِ السِّحْرَ وَالْكَذِبَ . وَوُضِعَ الظَّاهِرُ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=4وَقَالَ الْكَافِرُونَ ) ، أَيْ : وَقَالُوا تَنْبِيهًا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَوْجَبَتْ لَهُمُ الْعَجَبَ ، حَتَّى نَسَبُوا مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَالتَّوْحِيدِ إِلَى السِّحْرِ وَالْكَذِبِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا ) ، قَالُوا : كَيْفَ يَكُونُ إِلَهٌ وَاحِدٌ يَرْزُقُ الْجَمِيعَ وَيَنْظُرُ فِي كُلِّ أُمُورِهِمْ ؟ وَجَعَلَ : بِمَعْنَى صَيَّرَ فِي الْقَوْلِ وَالدَّعْوَى وَالزَّعْمِ ، وَذَكَرَ عَجَبَهُمْ مِمَّا لَا يُعْجَبُ مِنْهُ . وَالضَّمِيرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=4وَعَجِبُوا ) لَهُمْ ، أَيِ اسْتَغْرَبُوا مَجِيءَ رَسُولٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5عُجَابٌ ) ، وَهُوَ بِنَاءُ مُبَالِغَةٍ ، كَرَجُلٍ طُوَالٍ وَسُرَاعٍ فِي طَوِيلٍ وَسَرِيعٍ . وَقَرَأَ
عَلِيٌّ ،
وَالسُّلَمِيُّ ،
وَعِيسَى ،
وَابْنُ مِقْسَمٍ : بِشَدِّ الْجِيمِ ، وَقَالُوا : رَجُلٌ كُرَّامٌ وَطَعَّامٌ طَيَّابٌ ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ فُعَالٍ الْمُخَفَّفِ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : عُجَابٌ لُغَةُ أَزْدِ شَنُوءَةَ . وَالَّذِينَ قَالُوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا ) ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : صَنَادِيدُ
قُرَيْشٍ ، وَهُمْ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29009وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ ) الظَّاهِرُ انْطِلَاقُهُمْ عَنْ مَجْلِسِ
أَبِي طَالِبٍ ، حِينَ اجْتَمَعُوا هُمْ وَالرَّسُولُ عِنْدَهُ وَشَكَوْهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي سَبَبِ النُّزُولِ ; وَيَكُونُ ثَمَّ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : يَتَحَاوَرُونَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6أَنِ امْشُوا ) ، وَتَكُونُ ( أَنْ ) مُفَسِّرَةً لِذَلِكَ الْمَحْذُوفِ ، وَامْشُوا أَمْرٌ بِالْمَشْيِ ، وَهُوَ نَقْلُ الْأَقْدَامِ عَنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَأَنْ بِمَعْنَى أَيْ ; لِأَنَّ الْمُنْطَلِقِينَ عَنْ مَجْلِسِ التَّقَاوُلِ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمُوا وَيَتَفَاوَضُوا فِيمَا جَرَى لَهُمْ ، فَكَانَ انْطِلَاقُهُمْ مُضَمَّنًا مَعْنَى الْقَوْلِ وَالْأَمْرِ بِالْمَشْيِ ، أَيْ بَعْضُهُمْ أَمَرَ بَعْضًا . وَقِيلَ : أَمَرَ الْأَشْرَافُ أَتْبَاعَهُمْ وَأَعْوَانَهُمْ . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ ( أَنْ ) مَصْدَرِيَّةً ، أَيْ وَانْطَلَقُوا بِقَوْلِهِمُ امْشُوا ، وَقِيلَ : الِانْطِلَاقُ هُنَا الِانْدِفَاعُ فِي الْقَوْلِ وَالْكَلَامِ ، ( وَأَنْ ) مُفَسِّرَةٌ عَلَى هَذَا ، وَالْأَمْرُ بِالْمَشْيِ لَا يُرَادُ بِهِ نَقْلُ الْخُطَا ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ : سِيرُوا عَلَى طَرِيقَتِكُمْ وَدَاوِمُوا عَلَى سِيرَتِكُمْ . وَقِيلَ ( امْشُوا ) دُعَاءٌ بِكَسْبِ الْمَاشِيَةِ ، قِيلَ : وَهُوَ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْأَلِفُ مَقْطُوعَةً ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَالُ : أَمْشَى الرَّجُلُ إِذَا صَارَ صَاحِبَ مَاشِيَةٍ ; وَأَيْضًا فَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ فِي الْآيَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنَّهُمْ قَالُوا : امْشُوا ، أَيْ أَكْثِرُوا وَاجْتَمِعُوا ، مِنْ مَشَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا كَثُرَتْ وِلَادَتُهَا ; وَمِنْهُ الْمَاشِيَةُ لِلتَّفَاؤُلِ . انْتَهَى . وَأَمَرُوا بِالصَّبْرِ عَلَى الْآلِهَةِ ، أَيْ عَلَى عِبَادَتِهَا وَالتَّمَسُّكِ بِهَا .
وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : ( إِنَّ هَذَا ) أَيْ ظُهُورَ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعُلُوَّهُ بِالنُّبُوَّةِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6لَشَيْءٌ يُرَادُ ) أَيْ يُرَادُ مِنَّا الِانْقِيَادُ إِلَيْهِ ، أَوْ يُرِيدُهُ اللَّهُ وَيَحْكُمُ بِإِمْضَائِهِ ، فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا الصَّبْرُ ، أَوْ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَيْءٌ مِنْ نَوَائِبِ الدَّهْرِ مُرَادٌ مِنَّا ، فَلَا انْفِكَاكَ عَنْهُ ، وَأَنَّ دِينَكُمْ لَشَيْءٌ يُرَادُ ، أَيْ يُطْلَبُ لِيُؤْخَذَ مِنْكُمْ وَتُغْلَبُوا عْلِيهِ ، احْتِمَالَاتٌ أَرْبَعَةٌ . وَقَالَ
الْقَفَّالُ : هَذِهِ كَلِمَةٌ تُذْكَرُ لِلتَّهْدِيدِ وَالتَّخْوِيفِ ، الْمَعْنَى : أَنَّهُ لَيْسَ غَرَضُهُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ تَقْرِيرًا لِلدِّينِ ، وَإِنَّمَا غَرَضُهُ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْنَا ، فَيَحْكُمَ فِي أَمْوَالِنَا وَأَوْلَادِنَا بِمَا يُرِيدُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29009مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ ) ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ ،
وَمُقَاتِلٌ : مِلَّةُ النَّصَارَى ; لِأَنَّ فِيهَا التَّثْلِيثَ ، وَلَا تُوَحِّدُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ ،
وَقَتَادَةُ : مِلَّةُ الْعَرَبِ :
قُرَيْشٌ وَنَجْدَتُهَا . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ : مِلَّةُ الْيَهُودِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ ، أَشْرَكَتِ الْيَهُودُ بِعُزَيْرٍ ، وَثَلَّثَ النَّصَارَى . وَقِيلَ : فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ الَّتِي كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّهَا تَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ ، كَانَ النَّاسُ يَسْتَشْعِرُونَ خُرُوجَ نَبِيٍّ وَحُدُوثِ مِلَّةٍ وَدِينٍ . وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا مَا رُوِيَ مِنْ أَقْوَالِ الْأَحْبَارِ أُولِي الصَّوَامِعِ ، وَمَا رُوِيَ عَنِ الْكُهَّانِ شِقٍّ وَسُطَيْحٍ وَغَيْرِهِمَا ، وَمَا كَانَتْ
بَنُو إِسْرَائِيلَ تَعْتَقِدُ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْهُمْ . وَقِيلَ : فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ ، أَيْ لَمْ نَسْمَعْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْكُهَّانِ أَنَّهُ يَحْدُثُ فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ تَوْحِيدُ اللَّهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ ) أَيِ افْتِعَالٌ وَكَذِبٌ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا ) أَنْكَرُوا أَنْ يَخْتَصَّ بِالشَّرَفِ مِنْ بَيْنِ أَشْرَافِهِمْ وَيَنْزِلَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ ، وَهَذَا الْإِنْكَارُ هُوَ نَاشِئٌ عَنْ حَسَدٍ عَظِيمٍ انْطَوَتْ عَلَيْهِ صُدُورُهُمْ فَنَطَقَتْ بِهِ أَلْسِنَتُهُمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي ) أَيْ مِنَ الْقُرْآنِ الَّذِي أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي يَرْتَابُونَ فِيهِ ، وَالْإِخْبَارُ بِأَنَّهُمْ فِي شَكٍّ يَقْتَضِي كَذِبَهُمْ فِي قَوْلِهِمْ :
[ ص: 386 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=7إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ ) أَيْ بَعْدُ ، فَإِذَا ذَاقُوهُ عَرَفُوا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ وَزَالَ عَنْهُمُ الشَّكُّ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=9أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ) أَيْ لَيْسُوا مُتَصَرِّفِينَ فِي خَزَائِنِ الرَّحْمَةِ ، فَيُعْطُونَ مَا شَاءُوا ، وَيَمْنَعُونَ مَنْ شَاءُوا مَا شَاءُوا ، وَيَصْطَفُونَ لِلرِّسَالَةِ مَنْ أَرَادُوا ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهَا وَيَتَصَرَّفُ فِيهَا الْعَزِيزُ الَّذِي لَا يُغَالَبُ ، الْوَهَّابُ مَا شَاءَ لِمَنْ شَاءَ . لَمَّا اسْتَفْهَمَ اسْتِفْهَامَ إِنْكَارٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=9أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ) ، وَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى انْتِفَاءِ تَصَرُّفِهِمْ فِي خَزَائِنِ رَحْمَةِ رَبِّكَ ، أَتَى بِالْإِنْكَارِ وَالتَّوْبِيخِ بِانْتِفَاءِ مَا هُوَ أَعَمُّ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=10أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) أَيْ لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=10فَلْيَرْتَقُوا ) أَيْ أَلَهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، فَلْيَصْعَدُوا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=10فِي الْأَسْبَابِ ) ، الْمَوْصُولَةِ إِلَى السَّمَاءِ ، وَالْمَعَارِجِ الَّتِي يَتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى تَدْبِيرِ الْعَالَمِ ، فَيَضَعُونَ الرِّسَالَةَ فِيمَنِ اخْتَارُوا . ثُمَّ صَغَّرَهُمْ وَحَقَّرَهُمْ ، فَأَخْبَرَ بِمَا يَئُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُمْ مِنَ الْهَزِيمَةِ وَالْخَيْبَةِ . قِيلَ : وَمَا زَائِدَةٌ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِفَةً أُرِيدَ بِهِ التَّعْظِيمُ عَلَى سَبِيلِ الْهَزْءِ بِهِمْ ، أَوِ التَّحْقِيرِ ; لِأَنَّ ( مَا ) الصِّفَةَ تُسْتَعْمَلُ عَلَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ . وَ ( هُنَالِكَ ) ظَرْفُ مَكَانٍ يُشَارُ بِهِ لِلْبَعِيدِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشَارُ بِهِ لِلْمَكَانِ الَّذِي تَفَاوَضُوا فِيهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتِلْكَ الْكَلِمَاتِ السَّابِقَةِ ، وَهُوَ
مَكَّةُ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ إِخْبَارًا بِالْغَيْبِ عَنْ هَزِيمَتِهِمْ
بِمَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَصِيرُونَ مَهْزُومِينَ
بِمَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ . وَقِيلَ : ( هُنَالِكَ ) ، إِشَارَةٌ إِلَى الِارْتِقَاءِ فِي الْأَسْبَابِ ، أَيْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ إِنْ رَامُوا ذَلِكَ جُنْدٌ مَهْزُومٌ . وَقِيلَ : أُشِيرُ بِهُنَالِكَ إِلَى جُمْلَةِ الْأَصْنَامِ وَعَضُدِهَا ، أَيْ هُمْ جُنْدٌ مَهْزُومٌ فِي هَذِهِ السَّبِيلِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ ،
وَقَتَادَةُ : الْإِشَارَةُ إِلَى يَوْمِ بَدْرٍ ، وَكَانَ غَيْبًا ، أَعْلَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ . وَقِيلَ : الْإِشَارَةُ إِلَى حَصْرِ عَامِ الْخَنْدَقِ
بِالْمَدِينَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَهُنَالِكَ ، إِشَارَةٌ إِلَى حَيْثُ وَضَعُوا فِيهِ أَنْفُسَهُمْ مِنَ الِانْتِدَابِ لِمِثْلِ ذَلِكَ الْقَوْلِ الْعَظِيمِ مِنْ قَوْلِهِمْ : لِمَنْ يَنْدُبُهُ لِأَمْرٍ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ ، لَسْتَ هُنَالِكَ . انْتَهَى . وَ ( هُنَالِكَ ) ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِـ ( جُنْدٌ ) ، أَيْ كَائِنٌ هُنَالِكَ ; وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِـ ( مَهْزُومٌ ) ، وَجُنْدٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ هُمْ جُنْدٌ ، وَمَهْزُومٌ خَبَرُهُ . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : جُنْدٌ مُبْتَدَأٌ ، وَمَا زَائِدَةٌ ، وَهُنَالِكَ نَعْتٌ ، وَمَهْزُومٌ الْخَبَرُ . انْتَهَى . وَفِيهِ بُعْدٌ لِفَصْلِهِ عَنِ الْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهُ . وَمَعْنَى ( مِنَ الْأَحْزَابِ ) مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْزَابِ الَّذِينَ تَعَصَّبُوا فِي الْبَاطِلِ وَكَذَّبُوا الرُّسُلَ . وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ أَهْلَكَ قَبْلَ
قُرَيْشٍ قُرُونًا كَثِيرَةً لَمَّا كَذَّبُوا رُسُلَهُمْ ، سَرَدَ مِنْهُمْ هُنَا مَنْ لَهُ تَعَلُّقٌ بِعِرْفَانِهِ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=12ذُو الْأَوْتَادِ ) أَيْ صَاحِبُ الْأَوْتَادِ ، وَأَصْلُهُ مِنْ ثَبَاتِ الْبَيْتِ الْمُطْنَبِ بِأَوْتَادِهِ . قَالَ
الْأَفْوَهُ الْعَوْذِيُّ :
وَالْبَيْتُ لَا يُبْتَنَى إِلَّا عَلَى عُمُدٍ وَلَا عِمَادَ إِذَا لَمْ تُرْسَ أَوْتَادٌ
فَاسْتُعِيرَ لِثَبَاتِ الْعِزِّ وَالْمُلْكِ وَاسْتِقَامَةِ الْأَمْرِ ، كَمَا قَالَ
الْأَسْوَدُ :
فِي ظِلِّ مُلْكٍ ثَابِتِ الْأَوْتَادِ
( ) قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَأَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَعَطَاءٌ : كَانَتْ لَهُ أَوْتَادٌ وَخَشَبٌ يَلْعَبُ بِهَا وَعَلَيْهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : كَانَ يَقْتُلُ النَّاسَ بِالْأَوْتَادِ ، وَيُسَمِّرُهُمْ فِي الْأَرْضِ بِهَا . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : أَرَادَ الْمَبَانِيَ الْعَظِيمَةَ الثَّابِتَةَ . وَقِيلَ : عِبَارَةٌ عَنْ كَثْرَةِ أَخْبِيَتِهِ وَعِظَمِ عَسَاكِرِهِ . وَقِيلَ : كَانَ يَشُجُّ الْمُعَذَّبَ بَيْنَ أَرْبَعِ سَوَارِي ، كُلُّ طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِهِ إِلَى سَارِيَةٍ مَضْرُوبَةٍ فِيهَا وَتَدٌ مِنْ حَدِيدٍ ، وَيَتْرُكُهُ حَتَّى يَمُوتَ . رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ
الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ ، وَقِيلَ : كَانَ يَمُدُّهُ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَوْتَادٍ فِي الْأَرْضِ ، وَيُرْسِلُ عَلَيْهِ الْعَقَارِبَ وَالْحَيَّاتِ . وَقِيلَ : يَشُدُّهُمْ بِأَرْبَعَةِ أَوْتَادٍ ، ثُمَّ يَرْفَعُ صَخْرَةً فَتُلْقَى عَلَيْهِ فَتَشْدَخُهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ، فِي رِوَايَةِ
عَطِيَّةَ : الْأَوْتَادُ : الْجُنُودُ ، يَشُدُّونَ مُلْكَهُ ، كَمَا يُقَوِّي الْوَتَدُ الشَّيْءَ . وَقِيلَ : بَنَى مَنَارًا يَذْبَحُ عَلَيْهَا النَّاسَ ، قَالَهُ
ابْنُ جُبَيْرٍ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=13أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ ) أَيِ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ، كَمَا تَحَزَّبَ
قُرَيْشٌ عَلَى رَسُولِ - اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِأُولَئِكَ إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ ، وَهُمْ قَوْمُ
نُوحٍ وَمَنْ عُطِفَ عَلَيْهِمْ ; وَفِيهِ تَفْخِيمٌ لِشَأْنِهِمْ وَإِعْلَاءٌ لَهُمْ عَلَى مَنْ تَحَزَّبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، أَيْ هَؤُلَاءِ الْعُظَمَاءُ لَمَّا كَذَّبُوا عُوقِبُوا ،
[ ص: 387 ] وَكَذَلِكَ أَنْتُمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=14إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ ) فَوَجَبَ عِقَابُهُمْ . كَذَّبَتْ قَوْمُ
نُوحٍ ، آذَوْا
نُوحًا فَأُغْرِقُوا ،
وَقَوْمُ هُودٍ فَأُهْلِكُوا بِالرِّيحِ ; وَفِرْعَوْنُ فَأُغْرِقَ ; وَثَمُودُ بِالصَّيْحَةِ ; وَقَوْمُ
لُوطٍ بِالْخَسْفِ ; وَالْأَيْكَةُ بِعَذَابِ الظُّلَّةِ . وَمَعْنَى ( إِنْ كَلٌّ ) مَا كَانَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ فَمَنْ بَعْدَهُمْ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=14فَحَقَّ عِقَابِ ) أَيْ وَجَبَ عِقَابُهُمْ ، فَكَذَلِكَ يَحِقُّ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُكَذِّبُونَ بِالرَّسُولِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=13أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ ) ، قَصَدَ بِهَذِهِ الْإِشَارَةِ الْإِعْلَامَ بِأَنَّ الْأَحْزَابَ الَّذِينَ جَعَلَ الْجُنْدَ الْمَهْزُومَ هُمْ هُمْ ، وَأَنَّهُمُ الَّذِينَ وُجِدَ مِنْهُمُ التَّكْذِيبُ ، وَلَقَدْ ذَكَرَ تَكْذِيبَهُمْ أَوَّلًا فِي الْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْإِبْهَامِ ، ثُمَّ جَاءَ بِالْجُمْلَةِ الِاسْتِثْنَائِيَّةِ ، فَأَوْضَحَهُ فِيهَا بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَحْزَابِ كَذَّبَ الرُّسُلَ ; لِأَنَّهُمْ إِذَا كَذَّبُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ ، فَقَدْ كَذَّبُوا جَمِيعًا ، وَفِي تَكْرِيرِ التَّكْذِيبِ وَإِيضَاحِهِ بَعْدَ إِبْهَامِهِ ، وَالتَّنْوِيعِ فِي تَكْرِيرِهِ بِالْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ أَوَّلًا ، وَبِالِاسْتِثْنَاءِ ثَانِيًا ، وَمَا فِي الِاسْتِثْنَائِيَّةِ مِنَ الْوَضْعِ عَلَى وَجْهِ التَّوْكِيدِ وَالتَّخْصِيصِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْمُبَالَغَةِ الْمُسَجَّلَةِ عَلَيْهِمْ بِاسْتِحْقَاقِ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَأَبْلَغِهِ . ثُمَّ قَالَ : ( فَحَقَّ عِقَابِ ) أَيْ فَوَجَبَ لِذَلِكَ أَنْ أُعَاقِبَهُمْ حَقَّ عِقَابِهِمْ . انْتَهَى .