(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=29011فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=17اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=21أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=22ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب ) .
الأمر بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=14فادعوا الله ) للمنيبين المؤمنين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي : اعبدوه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=65مخلصين له الدين ) من الشرك على كل حال ، حتى في حال غيظ أعدائكم المتمالئين عليكم وعلى استئصالكم . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15رفيع ) : خبر مبتدأ محذوف .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ثلاثة أخبار مترتبة على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=13الذي يريكم ) ، أو أخبار مبتدأ محذوف ، وهي مختلفة تعريفا وتنكيرا . انتهى .
أما ترتبها على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=13هو الذي يريكم ) ، فبعيد كطول الفصل ، وأما كونها أخبارا لمبتدأ محذوف ، فمبني على جواز تعدد الأخبار ، إذا لم تكن في معنى خبر واحد ، والمنع اختيار أصحابنا .
وقرئ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15رفيع ) بالنصب على المدح ، واحتمل أن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15رفيع ) للمبالغة
[ ص: 455 ] على فعيل من رافع ، فيكون الدرجات مفعولة ، أي : رافع درجات المؤمنين ومنازلهم في الجنة . وبه فسر
ابن سلام ، أو عبر بالدرجات عن السماوات ، أرفعها سماء فوق سماء ، والعرش فوقهن . وبه فسر
ابن جبير ، واحتمل أن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15رفيع ) فعيلا من رفع الشيء علا فهو رفيع ، فيكون من باب الصفة المشبهة ، والدرجات المصاعد الملائكة إلى أن تبلغ العرش ، أضيفت إليه دلالة على عزه وسلطانه ، أي : درجات ملائكته ، كما وصفه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=3ذي المعارج ) ، أو يكون ذلك عبارة عن رفعة شأنه وعلو سلطانه .
كما أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15ذو العرش ) عبارة عن ملكه ، وبنحوه فسر
ابن زيد قال : عظيم الصفات . و ( الروح ) النبوة ، قاله
قتادة ،
والسدي ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52روحا من أمرنا ) ; وعن
قتادة أيضا : الوحي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : القرآن ، وقال
الضحاك :
جبريل يرسله لمن يشاء . وقيل : الرحمة ، وقيل : أرواح العباد ، وهذان القولان ضعيفان ، والأولى الوحي ، استعير له الروح لحياة الأديان المرضية به ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=122أومن كان ميتا فأحييناه ) . وقال
ابن عطية : ويحتمل أن يكون إلقاء الروح عاملا لكل ما ينعم الله به على عباده المهتدين في تفهيم الإيمان والمعقولات الشريفة . انتهى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : الروح : كل ما به حياة الناس ، وكل مهتد حي ، وكل ضال ميت . انتهى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15من أمره ) : من قضائه . وقال
مقاتل : بأمره ، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي من قوله ، ويظهر أن من لابتداء الغاية .
وقرأ الجمهور : ( لينذر ) مبنيا للفاعل ، ( يوم ) بالنصب ، والظاهر أن الفاعل يعود على الله ؛ لأنه هو المحدث عنه . واحتمل ( يوم ) أن يكون مفعولا على السعة ، وأن يكون ظرفا ، والمنذر به محذوف . وقرأ
أبي وجماعة كذلك إلا أنهم رفعوا يوم على الفاعلية مجازا . وقيل : الفاعل في القراءة الأولى ضمير الروح . وقيل : ضمير من .
وقرأ
اليماني فيما ذكر صاحب اللوامح ( لينذر ) مبنيا للمفعول (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15يوم التلاق ) برفع الميم . وقرأ
الحسن واليماني فيما ذكر
ابن خالويه ( لتنذر ) بالتاء ، فقالوا : الفاعل ضمير الروح ؛ لأنها تؤنث ، أو فيه ضمير الخطاب الموصول .
وقرئ : التلاق والتناد ، بياء وبغير ياء ، وسمي يوم التلاق لالتقاء الخلائق فيه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقال
قتادة ومقاتل : يلتقي فيه الخالق والمخلوق .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران : يلتقي فيه الظالم والمظلوم . وحكى
الثعلبي : يلتقي المرء بعلمه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : يلاقي أهل السماء أهل الأرض . وقيل : يلتقي العابدون ومعبودهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16يوم هم بارزون ) أي : ظاهرون من قبورهم ، لا يسترهم شيء من جبل أو أكمة أو بناء ؛ لأن الأرض إذ ذاك قاع صفصف ، ولا من ثياب ؛ لأنهم يحشرون حفاة عراة . و ( يوما ) بدل من (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15يوم التلاق ) وكلاهما ظرف مستقبل . والظرف المستقبل عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه لا يجوز إضافته إلى الجملة الاسمية ، لا يجوز : أجيئك يوم زيد ذاهب ، إجراء له مجرى إذا ، فكما لا يجوز أن تقول : أجيئك إذا زيد ذاهب ، فكذلك لا يجوز هذا .
وذهب أبو
الحسن إلى جواز ذلك ، فيتخرج قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16يوم هم بارزون ) على هذا المذهب .
وقد أجاز ذلك بعض أصحابنا على قلة ، والدلائل مذكورة في علم النحو . وقال
ابن عطية : ويحتمل أن يكون انتصابه على الظرف ، والعامل فيه قوله : ( لا يخفى ) ، وهي حركة إعراب لا حركة بناء ؛ لأن الظرف لا يبنى إلا إذا أضيف إلى غير متمكن ، كيومئذ . وقال الشاعر :
على حين عاتبت المشيب على الصبا
وكقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=119هذا يوم ينفع ) .
وأما في هذه الآية فالجملة اسم متمكن ، كما تقول : جئت يوم زيد أمير ، فلا يجوز البناء . انتهى .
يعني أن ينتصب على الظرف قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16يوم هم بارزون ) . وأما قوله لا يبنى إلا إذا أضيف إلى غير متمكن ، فالبناء ليس متحتما ، بل يجوز فيه البناء والإعراب . وأما تمثيله ب (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=119يوم ينفع ) فمذهب البصريين أنه لا يجوز فيه إلا الإعراب ، ومذهب الكوفيين جواز البناء والإعراب فيه .
وأما إذا أضيف إلى جملة اسمية ، كما مثل من قوله : جئت يوم زيد أمير ، فالنقل عن البصريين تحتم الإعراب ، كما ذكر ،
[ ص: 456 ] والنقل عن الكوفيين جواز الإعراب والبناء . وذهب إليه بعض أصحابنا ، وهو الصحيح لكثرة شواهد البناء على ذلك . ووقع في بعض تصانيف أصحابنا أنه يتحتم فيه البناء ، وهذا قول لم يذهب إليه أحد ، فهو وهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لا يخفى على الله منهم شيء ) أي : من سرائرهم وبواطنهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إذا هلك من في السماوات ومن في الأرض ، فلم يبق إلا الله قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لمن الملك اليوم ) ، فلا يجيبه أحد ، فيرد على نفسه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لله الواحد القهار ) .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : يجمع الله الخلائق يوم القيامة في صعيد بأرض بيضاء ، كأنها سبيكة فضة لم يعص الله فيها قط ، فأول ما يتكلم به أن ينادي مناد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لمن الملك اليوم ) ؟ فيجيبون كلهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لله الواحد القهار ) . روي أنه تعالى يقرر هذا التقرير ويسكت العالم هيبة وجزعا ، فيجيب نفسه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لله الواحد القهار ) ، فيجيب الناس . وإنما خص التقرير باليوم ، وإن كان الملك له تعالى في ذلك اليوم وفي غيره ، لظهور ذلك للكفرة والجهلة ووضوحه يوم القيامة .
وإذا تأمل من له مسكة عقل تسخير أهل السماوات الأرض ، ونفوذ القضاء فيهم ، وتيقن أن لا ملك إلا لله ، ومن نتائج ملكه في ذلك اليوم جزاء كل نفس بما كسبت ، وانتفاء الظلم ، وسرعة الحساب أن حسابهم في وقت واحد لا يشغله حساب عن حساب .
قال
ابن عطية : وهذه الآية نص في أن الثواب والعقاب معلق باكتساب العبد . انتهى ، وهو على طريقة
الأشعرية .
وروي أن يوم القيامة لا ينتصف حتى يقيل المؤمنون في الجنة والكافرون في النار .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18يوم الآزفة ) : هو يوم القيامة ، يأمر تعالى نبيه أن ينذر العالم ويحذرهم منه ومن أهواله ، قاله
مجاهد ،
وابن زيد .
والآزفة صفة لمحذوف تقديره يوم الساعة الآزفة ، أو الطامة الآزفة ونحو هذا .
ولما اعتقب كل إنذار نوعا من الشدة والخوف وغيرهما ، حسن التكرار في الآزفة القريبة ، كما تقدم ، وهي مشارفتهم دخول النار ، فإنه إذ ذاك تزيغ القلوب عن مقارها من شدة الخوف .
وقال
أبو مسلم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18يوم الآزفة ) يوم المنية وحضور الأجل ، يدل عليه أنه يعدل وصف يوم القيامة بأنه يوم التلاق ، ويوم بروزهم ، فوجب أن يكون هذا اليوم غيره ، وهذه الصفة مخصوصة في سائر الآيات ، يوم الموت بالقرب أولى من وصف يوم القيامة بالقرب ، وأيضا فالصفات المذكورة بعد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18يوم الآزفة ) ، لائقة بيوم حضور المنية ؛ لأن الرجل عند معاينة ملائكة العذاب لعظم خوفه ، يكاد قلبه يبلغ حنجرته من شدة الخوف ، ولا يكون له حميم ولا شفيع يرفع عنه ما به من أنواع الخوف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29011إذ القلوب لدى الحناجر ) ، قيل : يجوز أن يكون ذلك يوم القيامة حقيقة ، ويبقون أحياء مع ذلك بخلاف حالة الدنيا ، فإن من انتقل قلبه إلى حنجرته مات ، ويجوز أن يكون ذلك كناية عن ما يبلغون إليه من شدة الجزع .
كما تقول : كادت نفسي أن تخرج ، وانتصب (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18كاظمين ) على الحال .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : هو حال عن أصحاب القلوب على المعنى ، إذا المعنى : إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين عليها ، ويجوز أن تكون حالا عن القلوب ، وأن القلوب كاظمة على غم وكرب فيها ، مع بلوغها الحناجر . وإنما جمع الكاظم جمع السلامة ؛ لأنه وصفها بالكظم الذي هو من أفعال العقلاء ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4رأيتهم لي ساجدين ) . وقال : فظلت أعناقهم لها خاضعين ، ويعضده قراءة من قرأ : ( كاظمون ) .
ويجوز أن يكون حالا عن قوله أي : وأنذرهم مقدرين . وقال
ابن عطية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18كاظمين ) حال مما أبدل منه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42تشخص فيه الأبصار nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43مهطعين ) : أراد تشخص فيه أبصارهم ، وقال
الحوفي : ( القلوب ) رفع بالابتداء ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18لدى الحناجر ) الخبر متعلق بمعنى الاستقرار .
وقال
أبو البقاء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18كاظمين ) حال من القلوب ؛ لأن المراد أصحابها . انتهى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18ما للظالمين من حميم ) أي : محب مشفق ، ( ولا شفيع ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18يطاع ) في موضع الصفة لشفيع ، فاحتمل أن يكون في موضع خفض على اللفظ ، وفي موضع رفع على الموضع واحتمل أن ينسحب النفي على الوصف فقط ، فيكون من شفيع ، ولكنه لا يطاع ، أي :
[ ص: 457 ] لا تقبل شفاعته ، واحتمل أن ينسحب النفي على الموصوف وصفته أي : لا شفيع فيطاع ، وهذا هو المقصود في الآية أن الشفيع عند الله إنما يكون من أوليائه تعالى ، ولا تكون الشفاعة إلا لمن ارتضاه الله ، وأيضا فيكون في زيادة التفضل والثواب ولا يمكن شيء من هذا في حق الكافر .
وعن
الحسن : والله لا يكون لهم شفيع ألبتة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين ) ، كقوله :
وإن سقيت كرام الناس فاسقينا
أي : الناس الكرام .
وجوزوا أن تكون ( خائنة ) مصدرا ، كالعافية والعاقبة ، أي : يعلم خيانة الأعين . ولما كانت الأفعال التي يقصد بها التكتم بدنية ، فأخفاها (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19خائنة الأعين ) من كسر جفن وغمز ونظر يفهم معنى ، ويريد صاحب معنى آخر وقلب ، وهو ما تحتوي عليه الضمائر ، قسم ما يتكتم به إلى هذين القسمين ، وذكر أن علمه متعلق بهما التعلق التام .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ولا يحسن أن يراد الخائنة من الأعين ؛ لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19وما تخفي الصدور ) لا يساعد عليه . انتهى ، يعني أنه لا يناسب أن يكون مقابل المعنى إلا المعنى ، وتقدم أن الظاهر أن يكون التقدير الأعين الخائنة .
والظاهر أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين ) الآية متصل بما قبله . لما أمر بإنكاره يوم الآزفة ، وما يعرض فيه من شدة الكرب والغم ، وأن الظالم لا يجد من يحميه من ذلك ، ولا من يشفع له .
ذكر اطلاعه تعالى على جميع ما يصدر من العبد ، وأنه مجازى بما عمل ، ليكون على حذر من ذلك اليوم إذا علم أن الله مطلع على أعماله .
وقال
ابن عطية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين ) متصل بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=17سريع الحساب ) ؛ لأن سرعة حسابه للخلق إنما هي بعلمه الذي لا يحتاج معه إلى روية وفكر ، ولا لشيء مما يحتاجه المحاسبون .
وقالت فرقة : ( يعلم ) متصل بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لا يخفى على الله منهم شيء ) وهذا قول حسن ، يقويه تناسب المعنيين ، ويضعفه بعد الآية من الآية وكثرة الحائل . انتهى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : بم اتصل قوله : يعلم خائنة الأعين ؟ ( قلت ) : هو خبر من أخبار ( هو ) في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=12هو الذي يريكم البرق ) ، مثل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15يلقي الروح ) ، ولكن من يلقي الروح قد علل بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15لينذر يوم التلاق ) ، ثم أسقط وتذكر أحوال يوم التلاق إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18ولا شفيع يطاع ) ، فبعد لذلك عن إخوانه . انتهى .
وفي بعض الكتب المنزلة ، أنا مرصاد الهمم ، أنا العالم بحال الفكر وكسر العيون .
وقال
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19خائنة الأعين ) : مسارقة النظر إلى ما لا يجوز ; ومثل المفسرون (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19خائنة الأعين ) بالنظر الثاني إلى حرمة غير الناظر ، وما تخفي الصدور بالنظر الأول الذي لا يمكن رفعه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20والله يقضي بالحق ) : هذا يوجب عظيم الخوف ؛ لأن الحاكم إذا كان عالما بجميع الأحوال لا يقضي إلا بالحق في ما دق وجل خافه الخلق غاية .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء ) : هذا قدح في أصنامهم وتهكم بهم ؛ لأن ما لا يوصف بالقدرة ، لا يقال فيه : يقضي ولا يقضي . وقرأ الجمهور : ( يدعون ) بياء الغيبة لتناسب الضمائر الغائبة قبل .
وقرأ
أبو جعفر ،
وشيبة ،
ونافع : بخلاف عنه ;
وهشام : ( تدعون ) بتاء الخطاب ، أي : قل لهم يا
محمد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20إن الله هو السميع البصير ) : تقرير لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) ، وعيد لهم بأنه يسمع ما يقولون ويبصر ما يعملون وتعريض بأصنامهم أنها لا تسمع ولا تبصر .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=21أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم ) : أحال
قريشا على الاعتبار بالسير ، وجاز أن يكون فينظروا مجزوما عطفا على يسيروا وأن يكون منصوبا على جواب النفي ، كما قال :
ألم تسأل فتخبرك الرسوم
وتقدم الكلام على مثل هذه الجملة ، وحمل
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري هم على أن يكون فصلا ولا يتعين ، إذ يجوز أن يكون هم توكيدا لضمير ( كانوا ) .
وقرأ الجمهور : منهم بضمير الغيبة ;
وابن عامر : منكم بضمير الخطاب على سبيل الالتفات .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=21وآثارا في الأرض ) : معطوف على ( قوة ) أي : مبانيهم وحصونهم وعددهم كانت في غاية الشدة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=149وتنحتون من الجبال بيوتا ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أو أرادوا أكثر آثارا لقوله :
متقلدا سيفا ورمحا
[ ص: 458 ] انتهى . أي : ومعتقلا رمحا ، ولا حاجة إلى ادعاء الحذف مع صحة المعنى بدونه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=21من واق ) أي : وما كان لهم من عذاب الله من ساتر يمنعهم منعه .
( ذلك ) أي : الأخذ ، وتقدم تفسير نظير ذلك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=29011فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=17الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=21أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=22ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) .
الْأَمْرُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=14فَادْعُوا اللَّهَ ) لِلْمُنِيبِينَ الْمُؤْمِنِينَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيِ : اعْبُدُوهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=65مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) مِنَ الشِّرْكِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، حَتَّى فِي حَالِ غَيْظِ أَعْدَائِكُمُ الْمُتَمَالِئِينَ عَلَيْكُمْ وَعَلَى اسْتِئْصَالِكُمْ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15رَفِيعُ ) : خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ثَلَاثَةُ أَخْبَارٍ مُتَرَتِّبَةٍ عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=13الَّذِي يُرِيكُمْ ) ، أَوْ أَخْبَارُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ تَعْرِيفًا وَتَنْكِيرًا . انْتَهَى .
أَمَّا تَرَتُّبُهَا عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=13هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ ) ، فَبَعِيدٌ كَطُولِ الْفَصْلِ ، وَأَمَّا كَوْنُهَا أَخَبَارًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، فَمَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ تَعَدُّدِ الْأَخْبَارِ ، إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي مَعْنَى خَبَرٍ وَاحِدٍ ، وَالْمَنْعُ اخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا .
وَقُرِئَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15رَفِيعُ ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَدْحِ ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15رَفِيعُ ) لِلْمُبَالَغَةِ
[ ص: 455 ] عَلَى فَعِيلٍ مِنْ رَافِعٍ ، فَيَكُونُ الدَّرَجَاتُ مَفْعُولَةً ، أَيْ : رَافِعُ دَرَجَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنَازِلِهِمْ فِي الْجَنَّةِ . وَبِهِ فَسَّرَ
ابْنُ سَلَامٍ ، أَوْ عَبَّرَ بِالدَّرَجَاتِ عَنِ السَّمَاوَاتِ ، أَرْفَعُهَا سَمَاءً فَوْقَ سَمَاءٍ ، وَالْعَرْشُ فَوْقَهُنَّ . وَبِهِ فَسَّرَ
ابْنُ جُبَيْرٍ ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15رَفِيعُ ) فَعِيلًا مِنْ رَفَعَ الشَّيْءَ عَلَا فَهُوَ رَفِيعٌ ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ ، وَالدَّرَجَاتُ الْمَصَاعِدُ الْمَلَائِكَةُ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ الْعَرْشَ ، أُضِيفَتْ إِلَيْهِ دَلَالَةً عَلَى عِزِّهِ وَسُلْطَانِهِ ، أَيْ : دَرَجَاتِ مَلَائِكَتِهِ ، كَمَا وَصَفَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=3ذِي الْمَعَارِجِ ) ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ رَفْعَةِ شَأْنِهِ وَعُلُوِّ سُلْطَانِهِ .
كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15ذُو الْعَرْشِ ) عِبَارَةٌ عَنْ مُلْكِهِ ، وَبِنَحْوِهِ فَسَّرَ
ابْنُ زَيْدٍ قَالَ : عَظِيمُ الصِّفَاتِ . وَ ( الرُّوحَ ) النُّبُوَّةَ ، قَالَهُ
قَتَادَةُ ،
وَالسُّدِّيُّ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ) ; وَعَنْ
قَتَادَةَ أَيْضًا : الْوَحْيَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الْقُرْآنَ ، وَقَالَ
الضَّحَّاكُ :
جِبْرِيلُ يُرْسِلُهُ لِمَنْ يَشَاءُ . وَقِيلَ : الرَّحْمَةُ ، وَقِيلَ : أَرْوَاحُ الْعِبَادِ ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ ضَعِيفَانِ ، وَالْأَوْلَى الْوَحْيُ ، اسْتُعِيرَ لَهُ الرُّوحُ لِحَيَاةِ الْأَدْيَانِ الْمَرْضِيَّةِ بِهِ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=122أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ) . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِلْقَاءُ الرُّوحِ عَامِلًا لِكُلِّ مَا يُنْعِمُ اللَّهُ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ الْمُهْتَدِينَ فِي تَفْهِيمِ الْإِيمَانِ وَالْمَعْقُولَاتِ الشَّرِيفَةِ . انْتَهَى .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : الرُّوحُ : كُلُّ مَا بِهِ حَيَاةُ النَّاسِ ، وَكُلُّ مُهْتَدٍ حَيٌّ ، وَكُلُّ ضَالٍّ مَيِّتٌ . انْتَهَى .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15مِنْ أَمْرِهِ ) : مِنْ قَضَائِهِ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : بِأَمْرِهِ ، وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ مِنْ قَوْلِهِ ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( لِيُنْذِرَ ) مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، ( يَوْمَ ) بِالنَّصْبِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَاعِلَ يَعُودُ عَلَى اللَّهِ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ . وَاحْتَمَلَ ( يَوْمَ ) أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا عَلَى السِّعَةِ ، وَأَنْ يَكُونَ ظَرْفًا ، وَالْمُنْذَرُ بِهِ مَحْذُوفٌ . وَقَرَأَ
أُبَيٌّ وَجَمَاعَةٌ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُمْ رَفَعُوا يَوْمَ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ مَجَازًا . وَقِيلَ : الْفَاعِلُ فِي الْقِرَاءَةِ الْأُولَى ضَمِيرُ الرُّوحِ . وَقِيلَ : ضَمِيرُ مَنْ .
وَقَرَأَ
الْيَمَانِيُّ فِيمَا ذَكَرَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ ( لِيُنْذَرَ ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15يَوْمُ التَّلَاقِ ) بِرَفْعِ الْمِيمِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَالْيَمَانِيُّ فِيمَا ذَكَرَ
ابْنُ خَالَوَيْهِ ( لِتُنْذِرَ ) بِالتَّاءِ ، فَقَالُوا : الْفَاعِلُ ضَمِيرُ الرُّوحِ ؛ لِأَنَّهَا تُؤَنَّثُ ، أَوْ فِيهِ ضَمِيرُ الْخِطَابِ الْمَوْصُولِ .
وَقُرِئَ : التَّلَاقِ وَالتَّنَادِ ، بِيَاءٍ وَبِغَيْرِ يَاءٍ ، وَسُمِّي يَوْمَ التَّلَاقِ لِالْتِقَاءِ الْخَلَائِقِ فِيهِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ . وَقَالَ
قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ : يَلْتَقِي فِيهِ الْخَالِقُ وَالْمَخْلُوقُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17188مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ : يَلْتَقِي فِيهِ الظَّالِمُ وَالْمَظْلُومُ . وَحَكَى
الثَّعْلَبِيُّ : يَلْتَقِي الْمَرْءُ بِعِلْمِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : يُلَاقِي أَهْلُ السَّمَاءِ أَهْلَ الْأَرْضِ . وَقِيلَ : يَلْتَقِي الْعَابِدُونَ وَمَعْبُودُهُمْ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ ) أَيْ : ظَاهِرُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ ، لَا يَسْتُرُهُمْ شَيْءٌ مِنْ جَبَلٍ أَوْ أَكَمَةٍ أَوْ بِنَاءٍ ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ إِذْ ذَاكَ قَاعُ صَفْصَفٍ ، وَلَا مِنْ ثِيَابٍ ؛ لِأَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً . وَ ( يَوْمًا ) بَدَلٌ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15يَوْمَ التَّلَاقِ ) وَكِلَاهُمَا ظَرْفٌ مُسْتَقْبَلٌ . وَالظَّرْفُ الْمُسْتَقْبَلُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ لَا يَجُوزُ إِضَافَتُهُ إِلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ ، لَا يَجُوزُ : أَجِيئُكَ يَوْمَ زَيْدٌ ذَاهِبٌ ، إِجْرَاءً لَهُ مَجْرَى إِذَا ، فَكَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ : أَجِيئُكَ إِذَا زَيْدٌ ذَاهِبٌ ، فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ هَذَا .
وَذَهَبَ أَبُو
الْحَسَنِ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ ، فَيَتَخَرَّجُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ ) عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ .
وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى قِلَّةٍ ، وَالدَّلَائِلُ مَذْكُورَةٌ فِي عِلْمِ النَّحْوِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ انْتِصَابُهُ عَلَى الظَّرْفِ ، وَالْعَامِلُ فِيهِ قَوْلُهُ : ( لَا يَخْفَى ) ، وَهِيَ حَرَكَةُ إِعْرَابٍ لَا حَرَكَةُ بِنَاءٍ ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ لَا يُبْنَى إِلَّا إِذَا أُضِيفَ إِلَى غَيْرِ مُتَمَكِّنٍ ، كَيَوْمَئِذٍ . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
عَلَى حِينِ عَاتَبْتُ الْمَشِيبَ عَلَى الصِّبَا
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=119هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ ) .
وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَالْجُمْلَةُ اسْمٌ مُتَمَكِّنٌ ، كَمَا تَقُولُ : جِئْتُ يَوْمَ زَيْدٌ أَمِيرٌ ، فَلَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ . انْتَهَى .
يَعْنِي أَنْ يَنْتَصِبَ عَلَى الظَّرْفِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ ) . وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يُبْنَى إِلَّا إِذَا أُضِيفَ إِلَى غَيْرِ مُتَمَكِّنٍ ، فَالْبِنَاءُ لَيْسَ مُتَحَتِّمًا ، بَلْ يَجُوزُ فِيهِ الْبِنَاءُ وَالْإِعْرَابُ . وَأَمَّا تَمْثِيلُهُ بِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=119يَوْمُ يَنْفَعُ ) فَمَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ إِلَّا الْإِعْرَابُ ، وَمَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ جَوَازُ الْبِنَاءِ وَالْإِعْرَابِ فِيهِ .
وَأَمَّا إِذَا أُضِيفَ إِلَى جُمْلَةٍ اسْمِيَّةٍ ، كَمَّا مَثَّلَ مِنْ قَوْلِهِ : جِئْتُ يَوْمَ زَيْدٌ أَمِيرٌ ، فَالنَّقْلُ عَنِ الْبَصْرِيِّينَ تَحَتُّمُ الْإِعْرَابِ ، كَمَا ذُكِرَ ،
[ ص: 456 ] وَالنَّقْلُ عَنِ الْكُوفِيِّينَ جَوَازُ الْإِعْرَابِ وَالْبِنَاءِ . وَذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِكَثْرَةِ شَوَاهِدِ الْبِنَاءِ عَلَى ذَلِكَ . وَوَقَعَ فِي بَعْضِ تَصَانِيفِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَتَحَتَّمُ فِيهِ الْبِنَاءُ ، وَهَذَا قَوْلٌ لَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِ أَحَدٌ ، فَهُوَ وَهْمٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ) أَيْ : مِنْ سَرَائِرِهِمْ وَبَوَاطِنِهِمْ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : إِذَا هَلَكَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ) ، فَلَا يُجِيبُهُ أَحَدٌ ، فَيَرُدُّ عَلَى نَفْسِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : يَجْمَعُ اللَّهُ الْخَلَائِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صَعِيدٍ بِأَرْضٍ بَيْضَاءَ ، كَأَنَّهَا سَبِيكَةُ فِضَّةٍ لَمْ يُعْصَ اللَّهُ فِيهَا قَطُّ ، فَأَوَّلُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ أَنْ يُنَادِيَ مُنَادٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ) ؟ فَيُجِيبُونَ كُلُّهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) . رُوِيَ أَنَّهُ تَعَالَى يُقَرِّرُ هَذَا التَّقْرِيرَ وَيَسْكُتُ الْعَالَمُ هَيْبَةً وَجَزَعًا ، فَيُجِيبُ نَفْسَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) ، فَيُجِيبُ النَّاسُ . وَإِنَّمَا خَصَّ التَّقْرِيرَ بِالْيَوْمِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُلْكُ لَهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَفِي غَيْرِهِ ، لِظُهُورِ ذَلِكَ لِلْكَفَرَةِ وَالْجَهَلَةِ وَوُضُوحِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
وَإِذَا تَأَمَّلَ مَنْ لَهُ مُسْكَةُ عَقْلٍ تَسْخِيرَ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ الْأَرْضِ ، وَنُفُوذَ الْقَضَاءِ فِيهِمْ ، وَتَيَقَّنَ أَنْ لَا مُلْكَ إِلَّا لِلَّهِ ، وَمِنْ نَتَائِجِ مُلْكِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ جَزَاءُ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ، وَانْتِفَاءُ الظُّلْمِ ، وَسُرْعَةُ الْحِسَابِ أَنَّ حِسَابَهُمْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا يَشْغَلُهُ حِسَابٌ عَنْ حِسَابٍ .
قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذِهِ الْآيَةُ نَصٌّ فِي أَنَّ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ مُعَلَّقٌ بِاكْتِسَابِ الْعَبْدِ . انْتَهَى ، وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ
الْأَشْعَرِيَّةِ .
وَرُوِيَ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَنْتَصِفُ حَتَّى يُقِيلَ الْمُؤْمِنُونَ فِي الْجَنَّةِ وَالْكَافِرُونَ فِي النَّارِ .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18يَوْمَ الْآزِفَةِ ) : هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، يَأْمُرُ تَعَالَى نَبِيَّهُ أَنْ يُنْذِرَ الْعَالَمَ وَيُحَذِّرَهُمْ مِنْهُ وَمِنْ أَهْوَالِهِ ، قَالَهُ
مُجَاهِدٌ ،
وَابْنُ زَيْدٍ .
وَالْآزِفَةُ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ يَوْمَ السَّاعَةِ الْآزِفَةِ ، أَوِ الطَّامَّةِ الْآزِفَةِ وَنَحْوُ هَذَا .
وَلَمَّا اعْتَقَبَ كُلَّ إِنْذَارٍ نَوْعًا مِنَ الشِّدَّةِ وَالْخَوْفِ وَغَيْرِهِمَا ، حَسُنَ التَّكْرَارُ فِي الْآزِفَةِ الْقَرِيبَةِ ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وَهِيَ مُشَارَفَتُهُمْ دُخُولَ النَّارِ ، فَإِنَّهُ إِذْ ذَاكَ تَزِيغُ الْقُلُوبُ عَنْ مَقَارِّهَا مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ .
وَقَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18يَوْمَ الْآزِفَةِ ) يَوْمَ الْمَنِيَّةِ وَحُضُورِ الْأَجَلِ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَعْدِلُ وَصْفَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِأَنَّهُ يَوْمُ التَّلَاقِ ، وَيَوْمُ بُرُوزِهِمْ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْيَوْمُ غَيْرَهُ ، وَهَذِهِ الصِّفَةُ مَخْصُوصَةٌ فِي سَائِرِ الْآيَاتِ ، يَوْمُ الْمَوْتِ بِالْقُرْبِ أَوْلَى مِنْ وَصْفِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِالْقُرْبِ ، وَأَيْضًا فَالصِّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18يَوْمَ الْآزِفَةِ ) ، لَائِقَةٌ بِيَوْمِ حُضُورِ الْمَنِيَّةِ ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ عِنْدَ مُعَايَنَةِ مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ لِعَظَمِ خَوْفِهِ ، يَكَادُ قَلْبُهُ يَبْلُغُ حَنْجَرَتَهُ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ ، وَلَا يَكُونُ لَهُ حَمِيمٌ وَلَا شَفِيعٌ يَرْفَعُ عَنْهُ مَا بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَوْفِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29011إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ ) ، قِيلَ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَقِيقَةً ، وَيَبْقُونَ أَحْيَاءً مَعَ ذَلِكَ بِخِلَافِ حَالَةِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ مَنِ انْتَقَلَ قَلْبُهُ إِلَى حَنْجَرَتِهِ مَاتَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنْ مَا يَبْلُغُونَ إِلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ الْجَزَعِ .
كَمَا تَقُولُ : كَادَتْ نَفْسِي أَنْ تَخْرُجَ ، وَانْتَصَبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18كَاظِمِينَ ) عَلَى الْحَالِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : هُوَ حَالٌ عَنْ أَصْحَابِ الْقُلُوبِ عَلَى الْمَعْنَى ، إِذَا الْمَعْنَى : إِذْ قُلُوبُهُمْ لَدَى حَنَاجِرِهِمْ كَاظِمِينَ عَلَيْهَا ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا عَنِ الْقُلُوبِ ، وَأَنَّ الْقُلُوبَ كَاظِمَةٌ عَلَى غَمٍّ وَكَرْبٍ فِيهَا ، مَعَ بُلُوغِهَا الْحَنَاجِرَ . وَإِنَّمَا جَمَعَ الْكَاظِمَ جَمْعَ السَّلَامَةِ ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِالْكَظْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ) . وَقَالَ : فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ، وَيُعَضِّدُهُ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ : ( كَاظِمُونَ ) .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا عَنْ قَوْلِهِ أَيْ : وَأَنْذِرْهُمْ مُقَدِّرِينَ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18كَاظِمِينَ ) حَالٌ مِمَّا أُبْدِلَ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43مُهْطِعِينَ ) : أَرَادَ تَشْخَصُ فِيهِ أَبْصَارُهُمْ ، وَقَالَ
الْحَوْفِيُّ : ( الْقُلُوبُ ) رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18لَدَى الْحَنَاجِرِ ) الْخَبَرُ مُتَعَلِّقٌ بِمَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ .
وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18كَاظِمِينَ ) حَالٌ مِنَ الْقُلُوبِ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَصْحَابُهَا . انْتَهَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ ) أَيْ : مُحِبٍّ مُشْفِقٍ ، ( وَلَا شَفِيعٍ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18يُطَاعُ ) فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِشَفِيعٍ ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ عَلَى اللَّفْظِ ، وَفِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْمَوْضِعِ وَاحْتُمِلَ أَنْ يَنْسَحِبَ النَّفْيُ عَلَى الْوَصْفِ فَقَطْ ، فَيَكُونُ مِنْ شَفِيعٍ ، وَلَكِنَّهُ لَا يُطَاعُ ، أَيْ :
[ ص: 457 ] لَا تُقْبَلُ شَفَاعَتُهُ ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَنْسَحِبَ النَّفْيُ عَلَى الْمَوْصُوفِ وَصْفَتِهِ أَيْ : لَا شَفِيعَ فَيُطَاعُ ، وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ فِي الْآيَةِ أَنَّ الشَّفِيعَ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ أَوْلِيَائِهِ تَعَالَى ، وَلَا تَكُونُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَاهُ اللَّهُ ، وَأَيْضًا فَيَكُونُ فِي زِيَادَةِ التَّفَضُّلِ وَالثَّوَابِ وَلَا يُمْكِنُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي حَقِّ الْكَافِرِ .
وَعَنِ
الْحَسَنِ : وَاللَّهِ لَا يَكُونُ لَهُمْ شَفِيعٌ أَلْبَتَّةَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ ) ، كَقَوْلِهِ :
وَإِنْ سَقَيْتِ كِرَامَ النَّاسِ فَاسْقِينَا
أَيِ : النَّاسَ الْكِرَامَ .
وَجَوَّزُوا أَنْ تَكُونَ ( خَائِنَةَ ) مَصْدَرًا ، كَالْعَافِيَةِ وَالْعَاقِبَةِ ، أَيْ : يَعْلَمُ خِيَانَةَ الْأَعْيُنِ . وَلَمَّا كَانَتِ الْأَفْعَالُ الَّتِي يُقْصَدُ بِهَا التَّكَتُّمُ بَدَنِيَّةً ، فَأَخْفَاهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ ) مِنْ كَسْرِ جَفْنٍ وَغَمْزٍ وَنَظَرٍ يُفْهِمُ مَعْنًى ، وَيُرِيدُ صَاحِبَ مَعْنًى آخَرَ وَقَلْبٍ ، وَهُوَ مَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ الضَّمَائِرُ ، قَسَّمَ مَا يُتَكَتَّمُ بِهِ إِلَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ ، وَذَكَرَ أَنَّ عِلْمَهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا التَّعَلُّقَ التَّامَّ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُرَادَ الْخَائِنَةُ مِنَ الْأَعْيُنِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) لَا يُسَاعِدُ عَلَيْهِ . انْتَهَى ، يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلَ الْمَعْنَى إِلَّا الْمَعْنَى ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ الْأَعْيُنَ الْخَائِنَةَ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ ) الْآيَةَ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ . لَمَّا أَمَرَ بِإِنْكَارِهِ يَوْمَ الْآزِفَةِ ، وَمَا يَعْرِضُ فِيهِ مِنْ شِدَّةِ الْكَرْبِ وَالْغَمِّ ، وَأَنَّ الظَّالِمَ لَا يَجِدُ مَنْ يَحْمِيهِ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَا مَنْ يَشْفَعُ لَهُ .
ذَكَرَ اطِّلَاعَهُ تَعَالَى عَلَى جَمِيعِ مَا يَصْدُرُ مِنَ الْعَبْدِ ، وَأَنَّهُ مُجَازًى بِمَا عَمِلَ ، لِيَكُونَ عَلَى حَذَرٍ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ عَلَى أَعْمَالِهِ .
وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=17سَرِيعُ الْحِسَابِ ) ؛ لِأَنَّ سُرْعَةَ حِسَابِهِ لِلْخَلْقِ إِنَّمَا هِيَ بِعِلْمِهِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إِلَى رَوِيَّةٍ وَفِكْرٍ ، وَلَا لِشَيْءٍ مِمَّا يَحْتَاجُهُ الْمُحَاسِبُونَ .
وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : ( يَعْلَمُ ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ) وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ ، يُقَوِّيهِ تَنَاسُبُ الْمَعْنَيَيْنِ ، وَيُضَعِّفُهُ بُعْدُ الْآيَةِ مِنَ الْآيَةِ وَكَثْرَةُ الْحَائِلِ . انْتَهَى .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : بِمَ اتَّصَلَ قَوْلُهُ : يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ ؟ ( قُلْتُ ) : هُوَ خَبَرٌ مِنْ أَخْبَارِ ( هُوَ ) فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=12هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ ) ، مِثْلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15يُلْقِي الرُّوحَ ) ، وَلَكِنْ مَنْ يُلْقِي الرُّوحَ قَدْ عَلَّلَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ) ، ثُمَّ أَسْقَطَ وَتَذَكَّرَ أَحْوَالَ يَوْمِ التَّلَاقِ إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ) ، فَبَعُدَ لِذَلِكَ عَنْ إِخْوَانِهِ . انْتَهَى .
وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ ، أَنَا مِرْصَادُ الْهِمَمِ ، أَنَا الْعَالِمُ بِحَالِ الْفِكْرِ وَكَسْرِ الْعُيُونِ .
وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ ) : مُسَارَقَةُ النَّظَرِ إِلَى مَا لَا يَجُوزُ ; وَمَثَّلَ الْمُفَسِّرُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ ) بِالنَّظَرِ الثَّانِي إِلَى حُرْمَةِ غَيْرِ النَّاظِرِ ، وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ بِالنَّظَرِ الْأَوَّلِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ) : هَذَا يُوجِبُ عَظِيمَ الْخَوْفِ ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِجَمِيعِ الْأَحْوَالِ لَا يَقْضِي إِلَّا بِالْحَقِّ فِي مَا دَقَّ وَجَلَّ خَافَهُ الْخَلْقُ غَايَةً .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ) : هَذَا قَدْحٌ فِي أَصْنَامِهِمْ وَتَهَكُّمٌ بِهِمْ ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُوصَفُ بِالْقُدْرَةِ ، لَا يُقَالُ فِيهِ : يَقْضِي وَلَا يَقْضِي . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( يَدْعُونَ ) بِيَاءِ الْغِيبَةِ لِتَنَاسُبِ الضَّمَائِرِ الْغَائِبَةِ قَبْلُ .
وَقَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ ،
وَشَيْبَةُ ،
وَنَافِعٌ : بِخِلَافٍ عَنْهُ ;
وَهِشَامٌ : ( تَدْعُونَ ) بِتَاءِ الْخِطَابِ ، أَيْ : قُلْ لَهُمْ يَا
مُحَمَّدُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) : تَقْرِيرٌ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) ، وَعِيدٌ لَهُمْ بِأَنَّهُ يَسْمَعُ مَا يَقُولُونَ وَيُبْصِرُ مَا يَعْمَلُونَ وَتَعْرِيضٌ بِأَصْنَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تَسْمَعُ وَلَا تُبْصِرُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=21أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ ) : أَحَالَ
قُرَيْشًا عَلَى الِاعْتِبَارِ بِالسِّيَرِ ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ فَيَنْظُرُوا مَجْزُومًا عَطْفًا عَلَى يَسِيرُوا وَأَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى جَوَابِ النَّفْيِ ، كَمَا قَالَ :
أَلَمْ تَسْأَلْ فَتُخْبِرَكَ الرُّسُومُ
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ ، وَحَمَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ هُمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ فَصْلًا وَلَا يَتَعَيَّنُ ، إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُمْ تَوْكِيدًا لِضَمِيرِ ( كَانُوا ) .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : مِنْهُمْ بِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ ;
وَابْنُ عَامِرٍ : مِنْكُمْ بِضَمِيرِ الْخِطَابِ عَلَى سَبِيلِ الِالْتِفَاتِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=21وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ ) : مَعْطُوفٌ عَلَى ( قُوَّةً ) أَيْ : مَبَانِيهِمْ وَحُصُونُهُمْ وَعِدَدُهُمْ كَانَتْ فِي غَايَةِ الشِّدَّةِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=149وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَوْ أَرَادُوا أَكْثَرَ آثَارًا لِقَوْلِهِ :
مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا
[ ص: 458 ] انْتَهَى . أَيْ : وَمُعْتَقِلًا رُمْحًا ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى ادِّعَاءِ الْحَذْفِ مَعَ صِحَّةِ الْمَعْنَى بِدُونِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=21مِنْ وَاقٍ ) أَيْ : وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ سَاتِرٍ يَمْنَعُهُمْ مَنْعَهُ .
( ذَلِكَ ) أَيْ : الْأَخْذُ ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ نَظِيرِ ذَلِكَ .