[ ص: 9 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=29014وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=21أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=23وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=25فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=26وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=27إلا الذي فطرني فإنه سيهدين nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=30ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون )
[ ص: 10 ] لم يكفهم أن جعلوا لله ولدا ، وجعلوه إناثا ، وجعلوهم من الملائكة ، وهذا من جهلهم بالله وصفاته ، واستخفافهم بالملائكة ، حيث نسبوا إليهم الأنوثة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
والحسن ،
وأبو رجاء ،
وقتادة ،
وأبو جعفر ،
وشيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ، والابنان ،
ونافع : عند الرحمن ، ظرفا ، وهو أدل على رفع المنزلة وقرب المكانة لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إن الذين عند ربك ) . وقرأ
عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ،
وعلقمة ، وباقي السبعة : عباد الرحمن ، جمع عبد لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=26بل عباد مكرمون ) . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : عباد الرحمن ، جمعا . وبالنصب ، حكاها
ابن خالويه ، قال : وهي في مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود كذلك ، والنصب على إضمار فعل ، أي الذين هم خلقوا عباد الرحمن ، وأنشئوا عباد الرحمن إناثا . وقرأ
أبي : عبد الرحمن : مفردا ، ومعناه الجمع ، لأنه اسم جنس . وقرأ الجمهور : أشهدوا ، بهمزة الاستفهام داخلة على شهدوا ، ماضيا مبنيا للفاعل ، أي أحضروا خلقهم ، وليس ذلك من شهادة تحمل المعاني التي تطلب أن تؤدى . وقيل : سألهم الرسول عليه السلام : " ما يدريكم أنهم إناث " ؟ فقالوا : سمعنا ذلك من آبائنا ، ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا ، فقال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=29014ستكتب شهادتهم ويسألون ) عنها ، أي في الآخرة . وقرأ
نافع : بهمزة داخلة على أشهدوا ، رباعيا مبنيا للمفعول بلا مد بين الهمزتين .
والمسيبي عنه : بمدة بينهما ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
ومجاهد ، وفي رواية
أبي عمرو ،
ونافع : بتسهيل الثانية بلا مد ، وجماعة : كذلك بمد بينهما . وعن
علي والمفضل ، عن
عاصم : تحقيقهما بلا مد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وناس : أشهدوا بغير استفهام ، مبنيا للمفعول رباعيا ، فقيل : المعنى على الاستفهام ، حذفت الهمزة لدلالة المعنى عليها . وقيل : الجملة صفة للإناث ، أي إناثا مشهدا منهم خلقهم ، وهم لم يدعوا أنهم شهدوا خلقهم ، لكن لما ادعوا لجراءتهم أنهم إناث ، صاروا كأنهم ادعوا ذلك وإشهادهم خلقهم . وقرأ الجمهور : إناثا ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : أنثا ، جمع جمع الجمع . قيل : ومعنى وجعلوا : سموا ، وقالوا : والأحسن أن يكون المعنى : وصيروا اعتقادهم الملائكة إناثا ، وهذا الاستفهام فيه تهكم بهم ، والمعني إظهار فساد عقولهم ، وأن دعاويهم مجردة من الحجة ، وهذا نظير الآية الطاعنة على أهل التنجيم والطبائع : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=51ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم ) . وقرأ الجمهور :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19ستكتب ، بالتاء من فوق مبنيا للمفعول . شهادتهم : بالرفع مفردا ،
والزبيري كذلك ، إلا أنه بالياء ،
والحسن كذلك ، إلا أنه بالتاء وجمع شهادتهم ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ،
وأبو جفعر ،
وأبو حيوة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة ،
والجحدري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج : بالنون مبنيا للفاعل ، شهادتهم على الإفراد . وقرأت فرقة : سيكتب بالياء مبنيا للفاعل ، أي الله ، شهادتهم : بفتح التاء . والمعنى : أنه ستكتب شهادتهم على الملائكة بأنوثتهم . ويسألون ، وهذا وعيد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29014وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ) : الضمير للملائكة . قال
قتادة ومقاتل : في آخرين . وقال
مجاهد : الأوثان ، علقوا انتفاء العبادة على المشيئة ، لكن العبادة وجدت لما انتفت المشيئة ، فالمعنى : أنه شاء العبادة ، ووقع ما شاء ، وقد جعلوا إمهال الله لهم وإحسانه إليهم ، وهم يعبدون غيره ، دليلا على أنه يرضى ذلك دينا . وتقدم الكلام على مثل هذه الجملة في أواخر الأنعام ، وفي الكلام حذف ، أي فنحن لا نؤاخذ بذلك ، إذ هو وفق مشيئة الله ، ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20ما لهم بذلك من علم ) ، أي بما ترتب على عبادتهم من العقاب ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20إن هم إلا يخرصون ) : أي يكذبون . وقيل : الإشارة بذلك إلى ادعائهم أن الملائكة إناث . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : هما كفرتان مضمومتان إلى الكفرات الثلاث ، وهم : عبادتهم الملائكة
[ ص: 11 ] من دون الله ، وزعمهم أن عبادتهم بمشيئته ، كما يقول إخوانهم المجبرة . انتهى . جعل أهل السنة أخوات للكفرة عباد الملائكة ، ثم أورد سؤالا وجوابا جاريا على ما اختاره من مذهب الاعتزال ، يوقف على ذلك في كتابه ، ولما نفى عنهم علم ترك عقابهم على عبادة غير الله ، أي ليس يدل على ذلك عقل . نفى أيضا أن يدل على ذلك سمع ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=21أم آتيناهم كتابا ) من قبل نزول القرآن ، أو من قبل إنذار الرسل ، يدل على تجويز عبادتهم غير الله ، وأنه لا يترتب على ذلك . ثم أخبر تعالى أنهم في ذلك مقلدون لآبائهم ، ولا دليل لهم من عقل ولا نقل . ومعنى : ( على أمة ) : أي : طريقة ودين وعادة ، فقد سلكنا مسلكهم ، ونحن مهتدون في اتباع آثارهم ، ومنه قول
قيس بن الخطيم :
كنا على أمة آبائنا ويقتدي بالأول الآخر
وقرأ الجمهور : أمة ، بضم الهمزة . وقال
مجاهد ،
وقطرب : على ملة . وقال
الجوهري : والأمة : الطريقة ، والذي يقال : فلان لا أمة له : أي لا دين ولا نحلة . قال الشاعر :
وهل يستوي ذو أمة وكفور
وتقدم الكلام في أمة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45وادكر بعد أمة ) . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ،
ومجاهد ،
وقتادة ،
والجحدري : بكسر الهمزة ، وهي الطريقة الحسنة لغة في الأمة بالضم ، قاله
الجوهري . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أمة . بفتح الهمزة ، أي على قصد وحال ، والخلاف في الحرف الثاني كهو في الأول . وحكى
مقاتل : أن الآية نزلت في
الوليد بن المغيرة ،
وأبي سفيان ،
وأبي جهل ،
وعتبة ،
وشيبة بن أبي ربيعة من
قريش ، أي كما قال من قبلهم أيضا ، يسلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك . والمترف : المنعم ، أبطرتهم النعمة ، فآثروا الشهوات ، وكرهوا مشاق التكاليف . وقرأ الجمهور : ( قل ) على الأمر ،
وابن عامر وحفص : قال على الخبر . وقرأ الجمهور : جئتكم ، بتاء المتكلم ،
وأبي ،
وشيبة ،
وابن مقسم ،
والزعفراني ،
وأبو شيخ الهنائي ،
وخالد : ( جئناكم ) ، بنون المتكلمين . والظاهر أن الضمير في قال ، أو في قل ، للرسول ، أي : قل يا
محمد لقومك : أتتبعون آباءكم ، ولو جئتكم بدين أهدى من الدين الذي وجدتم عليه آباءكم ؟ وهذا تجهيل لهم ، حيث يقلدون ولا ينظرون في الدلائل . (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24قالوا إنا بما أرسلتم ) ، أنت والرسل قبلك . غلب الخطاب على الغيبة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=25فانتقمنا منهم ) بالقحط والقتل والسبي والجلاء . (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=25فانظر كيف كان عاقبة ) من كذبك . وقال
ابن عطية : في قال ضمير يعود على النذير ، وباقي الآية يدل على أن ( قل ) في قراءة من قرأها ليست بأمر
لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما هي حكاية لما أمر به النذير . ولو في هذا الموضع ، كأنها شرطية بمعنى : إن ، كأن معنى الآية : أو إن جئتكم بأبين وأوضح مما كان عليه آباؤكم ، يصحبكم لجاجكم وتقليدكم ، فأجاب الكفار حينئذ من الأمم المكذبة بأنبيائها ، كما كذبت
بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ولا يتعين ما قاله ، بل الظاهر هو ما قدمناه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=29014وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه ) : وذكر العرب بحال جدهم الأعلى ونهيه عن عبادة غير الله ، وإفراده بالتوحيد والعبادة هزؤا لهم ، ليكون لهم رجوع إلى دين جدهم ، إذ كان أشرف آبائهم والمجمع على محبته ، وأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقلد أباه في عبادة الأصنام ، فينبغي أن تقتدوا به في ترك تقليد آبائكم الأقربين ، وترجعوا إلى النظر واتباع الحق . وقرأ الجمهور : براء ، مصدر يستوي فيه المفرد والمذكر ومقابلهما ، يقال : نحن البراء منك ، وهي لغة
العالية . وقرأ
الزعفراني والقورصي عن
أبي جعفر ،
وابن المناذري ، عن
نافع : بضم الباء ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : بريء ، وهي لغة
نجد وشيخيه ، ويجمع ويؤنث ، وهذا نحو طويل وطوال ، وكريم وكرام . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : إني ، بنون مشددة دون نون الوقاية ، والجمهور : إنني ، بنونين ، الأولى مشددة . والظاهر أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=27إلا الذي فطرني ) استثناء منقطع ، إذ كانوا لا يعبدون الله مع أصنامهم . وقيل : كانوا يشركون أصنامهم معه تعالى في العبادة ، فيكون استثناء متصلا . وعلى
[ ص: 12 ] الوجهين ، فالذي في موضع نصب ، وإذا كان استثناء متصلا ، كانت ما شاملة من يعلم ومن لا يعلم . وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن يكون الذي مجرورا بدلا من المجرور بمن ، كأنه قال : إنني براء مما تعبدون ، إلا من الذي . وأن تكون إلا صفة بمعنى غير ، على أن ما في ما تعبدون نكرة موصوفة تقديره : إنني براء من آلهة تعبدونها غير الذي فطرني ، فهو نظير قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) . انتهى . ووجه البدل لا يجوز ، لأنه إنما يكون في غير الموجب من النفي والنهي والاستفهام . ألا ترى أنه يصلح ما بعد إلا لتفريغ العامل له ؟ وإنني بريء ، جملة موجبة ، فلا يصلح أن يفرغ العامل فيها للذي هو بريء لما بعد إلا . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري كون " بريء " فيه معنى الانتفاء ، ومع ذلك فهو موجب لا يجوز أن يفرغ لما بعد إلا . وأما تقديره ما نكرة موصوفة ، فلم يبقها موصولة ، لاعتقاده أن إلا لا تكون صفة إلا لنكرة . وهذه المسألة فيها خلاف ، من النحويين من قال : توصف بها النكرة والمعرفة ، فعلى هذا تبقى ما موصولة ، ويكون إلا في موضع الصفة للمعرفة ، وجعله فطرني في صلة الذي تنبيه على أنه لا يعبد ولا يستحق العبادة إلا الخالق للعباد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=27فإنه سيهدين ) : أي يديم هدايتي ، وفي مكان آخر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=78الذي خلقني فهو يهدين ) ، فهو هاديه في المستقبل والحال ، والضمير في جعلها المرفوع عائد على
إبراهيم ، وقيل على الله . والضمير المنصوب عائد على كلمة التوحيد التي تكلم بها ، وهي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=26إنني براء مما تعبدون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=27إلا الذي فطرني ) . وقال
قتادة ومجاهد والسدي : لا إله إلا الله ، وإن لم يجر لها ذكر ، لأن اللفظ يتضمنها . وقال
ابن زيد : كلمة الإسلام لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=131إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78هو سماكم المسلمين ) . وقرأ
حميد بن قيس : كلمة ، بكسر الكاف وسكون اللام . وقرئ : في عقبه ، بسكون القاف ، أي في ذريته . وقرئ : في عاقبه ، أي من عقبه ، أي خلفه . فلا يزال فيهم من يوحد الله ويدعو إلى توحيده . لعلهم : أي لعل من أشرك منهم يرجع بدعاء من وحد منهم . وقرأ الجمهور :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29بل متعت ، بتاء المتكلم ، والإشارة بهؤلاء
لقريش ومن كان من عقب
إبراهيم عليه السلام من العرب . لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28في عقبه ) ، قال تعالى : لكن متعت هؤلاء وأنعمت عليهم في كفرهم ، فليسوا ممن تعقب كلمة التوحيد فيهم . وقرأ
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : بل متعت ، بتاء الخطاب ، ورواها
يعقوب عن
نافع . قال صاحب اللوامح : وهي من مناجاة
إبراهيم عليه السلام ربه تعالى . والظاهر أنه من مناجاة
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، أي : قال يا رب بل متعت . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : متعنا ، بنون العظمة ، وهي تعضد قراءة الجمهور .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29حتى جاءهم الحق ) ، وهو القرآن ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29ورسول مبين ) ، هو
محمد - صلى الله عليه وسلم - . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : فما وجه من قرأ : بل متعت ، بفتح التاء ؟ قلت : كأن الله تعالى اعترض على ذاته في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون ) ، فقال : بل متعتهم بما متعتهم به من طول العمر والسعة في الرزق ، حتى شغلهم ذلك عن كلمة التوحيد . وأراد بذلك الإطناب في تعييرهم ، لأنه إذا متعهم بزيادة النعم ، وجب عليهم أن يجعلوا ذلك سببا في زيادة الشكر والثبات على التوحيد والإيمان ، لا أن يشركوا به ويجعلوا له أندادا ، فمثاله : أن يشكو الرجل إساءة من أحسن إليه ، ثم يقبل على نفسه فيقول : أنت السبب في ذلك بمعروفك وإحسانك ، وغرضه بهذا الكلام توبيخ المسيء لا تقبيح فعله . فإن قلت : قد جعل مجيء الحق والرسول غاية للتمتيع ، ثم أردفه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=30ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر ) ، فما طريقة هذا النظم ومؤداه ؟ قلت : المراد بالتمتيع : ما هو سبب له ، وهو اشتغالهم بالاستمتاع عن التوحيد ومقتضياته . فقال عز وعلا : بل اشتغلوا عن التوحيد (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29حتى جاءهم الحق ورسول مبين ) ، فخيل بهذه الغاية أنهم تنبهوا عندها عن غفلتهم لاقتضائها التنبه .
ثم ابتدأ قصتهم عند مجيء الحق فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=30ولما جاءهم الحق ) ، جاءوا بما هو شر من غفلتهم التي
[ ص: 13 ] كانوا عليها ، وهو أن ضموا إلى شركهم معاندة الحق ، ومكابرة الرسول ومعاداته ، والاستخفاف بكتاب الله وشرائعه ، والإصرار على أفعال الكفرة ، والاحتكام على حكمة الله في تخير محمد - صلى الله عليه وسلم - من أهل زمانه بقولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) ، وهي الغاية في تشويه صورة أمرهم . انتهى ، وهو حسن لكن فيه إسهاب . والضمير في : وقالوا
لقريش ، كانوا قد استبعدوا أن يرسل الله من البشر رسولا ، فاستفاض عندهم أمر
إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الرسل صلى الله عليهم . فلما لم يكن لهم في ذلك مدفع ، ناقضوا فيما يخص
محمدا - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : لم كان
محمدا ، ولم يكن القرآن ينزل على رجل من القريتين عظيم ؟ أشاروا إلى من عظم قدره بالسن والقدم والجاه وكثرة المال . وقرئ : على رجل ، بسكون الجيم . من القريتين : أي من إحدى القريتين . وقيل : من رجل القريتين ، وهما
مكة والطائف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : والذي من
مكة :
الوليد بن المغيرة المخزومي ، ومن
الطائف :
حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي . وقال
مجاهد :
عتبة بن ربيعة ،
وكنانة بن عبد ياليل . وقال
قتادة :
الوليد بن المغيرة ،
وعروة بن مسعود الثقفي . قال
قتادة : بلغنا أنه لم يبق فخذ من
قريش إلا ادعاه ، وكان
الوليد بن المغيرة يسمى ريحانة قريش ، وكان يقول : لو كان ما يقول
محمد حقا لنزل علي أو على
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، يعني
عروة بن مسعود ، وكان يكنى
أبا مسعود .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=29014أهم يقسمون رحمة ربك ) ؟ فيه توبيخ وتعجيب من جهلهم ، كأنه قيل : على اختيارهم وإرادتهم تقسم الفضائل من النبوة وغيرها . ثم في إضافته في قوله : ( رحمة ربك ) ، تشريف له صلى الله عليه وسلم ، وأن هذه الرحمة التي حصلت لك ليست إلا من ربك المصلح لحالك والمربيك . ثم أخبر تعالى أنه هو الذي قسم المعيشة بينهم ، فلم يحصل لأحد إلا ما قسمه تعالى . وإذا كان هو الذي تولى ذلك ، وفاوت بينهم ، وذلك في الأمر الفاني ، فكيف لا يتولى الأمر الخطير ، وهو إرسال من يشاء ، فليس لكم أن تتخيروا من يصلح لذلك ، بل أنتم عاجزون عن تدبير أموركم . وقرأ الجمهور : معيشتهم ، على الإفراد ،
وعبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وسفيان : معائشهم ، على الجمع . والجمهور : سخريا ، بضم السين ،
nindex.php?page=showalam&ids=16723وعمرو بن ميمون ،
وابن محيصن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ،
وأبو رجاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=15500والوليد بن مسلم ،
وابن عامر : بكسرها ، وهو من التسخير ، بمعنى الاستعباد والاستخدام ، ليرتفق بعضهم ببعض ويصلوا إلى منافعهم . ولو تولى كل واحد جميع أشغاله بنفسه ، ما أطاق ذلك وضاع وهلك . ويبعد أن يكون سخريا هنا من الهزء ، وقد قال بعضهم : أي يهزأ الغني بالفقير . وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32نحن قسمنا ) ، تزهيد في الإكباب على طلب الدنيا ، وهون على التوكل على الله . وقال
مقاتل : فاضلنا بينهم ، فمن رئيس ومرءوس . وقال
قتادة : تلقى ضعيف القوة ، قليل الحيلة ، غني اللسان ، وهو مبسوط له ، وتلقى شديد الحيلة ، بسيط اللسان ، وهو مقتر عليه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، رحمه الله :
ومن الدليل على القضاء وكونه بؤس الفقير وطيب عيش الأحمق
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32ورحمة ربك : قيل النبوة ، وقيل : الهداية والإيمان . وقال
قتادة والسدي : الجنة خير مما يجمع هؤلاء من حطام الدنيا ، وفي هذا اللفظ تحقير للدنيا وما جمع فيها من متاعها .
[ ص: 9 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=29014وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=21أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=23وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=25فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=26وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=27إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=30وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )
[ ص: 10 ] لَمْ يَكْفِهِمْ أَنْ جَعَلُوا لِلَّهِ وَلَدًا ، وَجَعَلُوهُ إِنَاثًا ، وَجَعَلُوهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، وَهَذَا مِنْ جَهْلِهِمْ بِاللَّهِ وَصِفَاتِهِ ، وَاسْتِخْفَافِهِمْ بِالْمَلَائِكَةِ ، حَيْثُ نَسَبُوا إِلَيْهِمُ الْأُنُوثَةَ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ،
وَالْحَسَنُ ،
وَأَبُو رَجَاءٍ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ ،
وَشَيْبَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ ، وَالِابْنَانِ ،
وَنَافِعٌ : عِنْدَ الرَّحْمَنِ ، ظَرْفًا ، وَهُوَ أَدَلُّ عَلَى رَفْعِ الْمَنْزِلَةِ وَقُرْبِ الْمَكَانَةِ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ ) . وَقَرَأَ
عَبْدُ اللَّهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ ،
وَعَلْقَمَةُ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ : عِبَادُ الرَّحْمَنِ ، جَمْعَ عَبْدٍ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=26بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ) . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : عِبَادَ الرَّحْمَنِ ، جَمْعًا . وَبِالنَّصْبِ ، حَكَاهَا
ابْنُ خَالَوَيْهِ ، قَالَ : وَهِيَ فِي مُصْحَفِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ كَذَلِكَ ، وَالنَّصْبُ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ ، أَيِ الَّذِينَ هُمْ خُلِقُوا عِبَادَ الرَّحْمَنِ ، وَأَنْشَئُوا عِبَادَ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا . وَقَرَأَ
أُبَيٌّ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ : مُفْرَدًا ، وَمَعْنَاهُ الْجَمْعُ ، لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : أَشَهِدُوا ، بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ دَاخِلَةً عَلَى شَهِدُوا ، مَاضِيًا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، أَيْ أَحَضَرُوا خَلْقَهُمْ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَهَادَةٍ تَحْمِلُ الْمَعَانِيَ الَّتِي تُطْلَبُ أَنْ تُؤَدَّى . وَقِيلَ : سَأَلَهُمُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : " مَا يُدْرِيكُمْ أَنَّهُمْ إِنَاثٌ " ؟ فَقَالُوا : سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ آبَائِنَا ، وَنَحْنُ نَشْهَدُ أَنَّهُمْ لَمْ يَكْذِبُوا ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=29014سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ) عَنْهَا ، أَيْ فِي الْآخِرَةِ . وَقَرَأَ
نَافِعٌ : بِهَمْزَةٍ دَاخِلَةٍ عَلَى أُشْهِدُوا ، رُبَاعِيًّا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ بِلَا مَدٍّ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ .
وَالْمُسَيَّبِيُّ عَنْهُ : بِمَدَّةٍ بَيْنَهُمَا ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَمُجَاهِدٌ ، وَفِي رِوَايَةِ
أَبِي عَمْرٍو ،
وَنَافِعٍ : بِتَسْهِيلِ الثَّانِيَةِ بِلَا مَدٍّ ، وَجَمَاعَةٌ : كَذَلِكَ بِمَدٍّ بَيْنَهُمَا . وَعَنْ
عَلِيٍّ وَالْمُفَضَّلِ ، عَنْ
عَاصِمٍ : تَحْقِيقُهُمَا بِلَا مَدٍّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ وَنَاسٌ : أُشْهِدُوا بِغَيْرِ اسْتِفْهَامٍ ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ رُبَاعِيًّا ، فَقِيلَ : الْمَعْنَى عَلَى الِاسْتِفْهَامِ ، حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهَا . وَقِيلَ : الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِلْإِنَاثِ ، أَيْ إِنَاثًا مُشْهَدًا مِنْهُمْ خَلْقُهُمْ ، وَهُمْ لَمْ يَدَّعُوا أَنَّهُمْ شَهِدُوا خَلْقَهُمْ ، لَكِنْ لَمَّا ادَّعَوْا لِجَرَاءَتِهِمْ أَنَّهُمْ إِنَاثٌ ، صَارُوا كَأَنَّهُمُ ادَّعَوْا ذَلِكَ وَإِشْهَادَهُمْ خَلْقَهُمْ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : إِنَاثًا ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : أُنُثًا ، جَمْعَ جَمْعِ الْجَمْعِ . قِيلَ : وَمَعْنَى وَجَعَلُوا : سَمُّوا ، وَقَالُوا : وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : وَصَيَّرُوا اعْتِقَادَهُمُ الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا ، وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ فِيهِ تَهَكُّمٌ بِهِمْ ، وَالْمَعْنِيُّ إِظْهَارُ فَسَادِ عُقُولِهِمْ ، وَأَنَّ دَعَاوِيَهُمْ مُجَرَّدَةٌ مِنَ الْحُجَّةِ ، وَهَذَا نَظِيرُ الْآيَةِ الطَّاعِنَةِ عَلَى أَهْلِ التَّنْجِيمِ وَالطَّبَائِعِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=51مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ ) . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19سَتُكْتَبُ ، بِالتَّاءِ مِنْ فَوْقٍ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ . شَهَادَتُهُمْ : بِالرَّفْعِ مُفْرَدًا ،
وَالزُّبَيْرِيُّ كَذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّهُ بِالْيَاءِ ،
وَالْحَسَنُ كَذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّهُ بِالتَّاءِ وَجَمْعِ شَهَادَتِهِمْ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ،
وَأَبُو جَفْعَرٍ ،
وَأَبُو حَيْوَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ ،
وَالْجَحْدَرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ : بِالنُّونِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْإِفْرَادِ . وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ : سَيَكْتُبُ بِالْيَاءِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، أَيِ اللَّهُ ، شَهَادَتَهُمْ : بِفَتْحِ التَّاءِ . وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ بِأُنُوثَتِهِمْ . وَيُسْأَلُونَ ، وَهَذَا وَعِيدٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29014وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ ) : الضَّمِيرُ لِلْمَلَائِكَةِ . قَالَ
قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ : فِي آخَرِينَ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : الْأَوْثَانَ ، عَلَّقُوا انْتِفَاءَ الْعِبَادَةِ عَلَى الْمَشِيئَةِ ، لَكِنَّ الْعِبَادَةَ وُجِدَتْ لَمَّا انْتَفَتِ الْمَشِيئَةُ ، فَالْمَعْنَى : أَنَّهُ شَاءَ الْعِبَادَةَ ، وَوَقَعَ مَا شَاءَ ، وَقَدْ جَعَلُوا إِمْهَالَ اللَّهِ لَهُمْ وَإِحْسَانَهُ إِلَيْهِمْ ، وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ ، دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ يَرْضَى ذَلِكَ دِينًا . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي أَوَاخِرِ الْأَنْعَامِ ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ ، أَيْ فَنَحْنُ لَا نُؤَاخَذُ بِذَلِكَ ، إِذْ هُوَ وِفْقُ مَشِيئَةِ اللَّهِ ، وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ ) ، أَيْ بِمَا تَرَتَّبَ عَلَى عِبَادَتِهِمْ مِنَ الْعِقَابِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=20إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ) : أَيْ يَكْذِبُونَ . وَقِيلَ : الْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى ادِّعَائِهِمْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِنَاثٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : هُمَا كَفْرَتَانِ مَضْمُومَتَانِ إِلَى الْكَفَرَاتِ الثَّلَاثِ ، وَهُمْ : عِبَادَتُهُمُ الْمَلَائِكَةَ
[ ص: 11 ] مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وَزَعْمُهُمْ أَنَّ عِبَادَتَهُمْ بِمَشِيئَتِهِ ، كَمَا يَقُولُ إِخْوَانُهُمُ الْمُجْبِرَةُ . انْتَهَى . جَعْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَخَوَاتٍ لِلْكَفَرَةِ عُبَّادِ الْمَلَائِكَةِ ، ثُمَّ أَوْرَدَ سُؤَالًا وَجَوَابًا جَارِيًا عَلَى مَا اخْتَارَهُ مِنْ مَذْهَبِ الِاعْتِزَالِ ، يُوقِفُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ ، وَلَمَّا نَفَى عَنْهُمْ عِلْمَ تَرْكِ عِقَابِهِمْ عَلَى عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ ، أَيْ لَيْسَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عَقْلٌ . نَفَى أَيْضًا أَنْ يَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ سَمْعٌ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=21أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا ) مِنْ قَبْلِ نُزُولِ الْقُرْآنِ ، أَوْ مِنْ قَبْلِ إِنْذَارِ الرُّسُلِ ، يَدُلُّ عَلَى تَجْوِيزِ عِبَادَتِهِمْ غَيْرَ اللَّهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ . ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ فِي ذَلِكَ مُقَلِّدُونَ لِآبَائِهِمْ ، وَلَا دَلِيلَ لَهُمْ مِنْ عَقْلٍ وَلَا نَقْلٍ . وَمَعْنَى : ( عَلَى أُمَّةٍ ) : أَيْ : طَرِيقَةٍ وَدِينٍ وَعَادَةٍ ، فَقَدْ سَلَكْنَا مَسْلَكَهُمْ ، وَنَحْنُ مُهْتَدُونَ فِي اتِّبَاعِ آثَارِهِمْ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
قَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ :
كُنَّا عَلَى أُمَّةِ آبَائِنَا وَيَقْتَدِي بِالْأَوَّلِ الْآخِرُ
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : أُمَّةٍ ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ ،
وَقُطْرُبٌ : عَلَى مِلَّةٍ . وَقَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : وَالْأُمَّةُ : الطَّرِيقَةُ ، وَالَّذِي يُقَالُ : فُلَانٌ لَا أُمَّةَ لَهُ : أَيْ لَا دِينَ وَلَا نِحْلَةَ . قَالَ الشَّاعِرُ :
وَهَلْ يَسْتَوِي ذُو أُمَّةٍ وَكَفُورٍ
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي أُمَّةٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ) . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَالْجَحْدَرِيُّ : بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ، وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الْحَسَنَةُ لُغَةً فِي الْأُمَّةِ بِالضَّمِّ ، قَالَهُ
الْجَوْهَرِيُّ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : أَمَّةٍ . بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ، أَيْ عَلَى قَصْدٍ وَحَالٍ ، وَالْخِلَافُ فِي الْحَرْفِ الثَّانِي كَهُوَ فِي الْأَوَّلِ . وَحَكَى
مُقَاتِلٌ : أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي
الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ،
وَأَبِي سُفْيَانَ ،
وَأَبِي جَهْلٍ ،
وَعُتْبَةَ ،
وَشَيْبَةَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ مِنْ
قُرَيْشٍ ، أَيْ كَمَا قَالَ مَنْ قَبْلَهُمْ أَيْضًا ، يُسَلِّي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ . وَالْمُتْرَفُ : الْمُنَعَّمُ ، أَبْطَرَتْهُمُ النِّعْمَةُ ، فَآثَرُوا الشَّهَوَاتِ ، وَكَرِهُوا مَشَاقَّ التَّكَالِيفِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( قُلْ ) عَلَى الْأَمْرِ ،
وَابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ : قَالَ عَلَى الْخَبَرِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : جِئْتُكُمْ ، بِتَاءِ الْمُتَكَلِّمِ ،
وَأُبَيٌّ ،
وَشَيْبَةُ ،
وَابْنُ مِقْسَمٍ ،
وَالزَّعْفَرَانِيُّ ،
وَأَبُو شَيْخٍ الْهُنَائِيُّ ،
وَخَالِدٌ : ( جِئْنَاكُمْ ) ، بِنُونِ الْمُتَكَلِّمِينَ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَالَ ، أَوْ فِي قُلْ ، لِلرَّسُولِ ، أَيْ : قُلْ يَا
مُحَمَّدُ لِقَوْمِكَ : أَتَتَّبِعُونَ آبَاءَكُمْ ، وَلَوْ جِئْتُكُمْ بِدِينٍ أَهْدَى مِنَ الدِّينِ الَّذِي وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ؟ وَهَذَا تَجْهِيلٌ لَهُمْ ، حَيْثُ يُقَلِّدُونَ وَلَا يَنْظُرُونَ فِي الدَّلَائِلِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ ) ، أَنْتَ وَالرُّسُلُ قَبْلَكَ . غَلَبَ الْخِطَابُ عَلَى الْغَيْبَةِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=25فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ) بِالْقَحْطِ وَالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ وَالْجَلَاءِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=25فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ) مَنْ كَذَّبَكَ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : فِي قَالَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى النَّذِيرِ ، وَبَاقِي الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ( قُلْ ) فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهَا لَيْسَتْ بِأَمْرٍ
لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَإِنَّمَا هِيَ حِكَايَةٌ لِمَا أَمَرَ بِهِ النَّذِيرُ . وَلَوْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، كَأَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ بِمَعْنَى : إِنْ ، كَأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ : أَوْ إِنْ جِئْتُكُمْ بِأَبْيَنَ وَأَوْضَحَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ آبَاؤُكُمْ ، يَصْحَبُكُمْ لِجَاجُكُمْ وَتَقْلِيدُكُمْ ، فَأَجَابَ الْكُفَّارُ حِينَئِذٍ مِنَ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ بِأَنْبِيَائِهَا ، كَمَا كَذَّبَتْ
بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَتَعَيَّنُ مَا قَالَهُ ، بَلِ الظَّاهِرُ هُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=29014وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ) : وَذَكِّرِ الْعَرَبَ بِحَالِ جَدِّهِمُ الْأَعْلَى وَنَهْيِهِ عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ ، وَإِفْرَادِهِ بِالتَّوْحِيدِ وَالْعِبَادَةِ هُزُؤًا لَهُمْ ، لِيَكُونَ لَهُمْ رُجُوعٌ إِلَى دِينِ جَدِّهِمْ ، إِذْ كَانَ أَشْرَفَ آبَائِهِمْ وَالْمُجْمَعَ عَلَى مَحَبَّتِهِ ، وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُقَلِّدْ أَبَاهُ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَقْتَدُوا بِهِ فِي تَرْكِ تَقْلِيدِ آبَائِكُمُ الْأَقْرَبِينَ ، وَتَرْجِعُوا إِلَى النَّظَرِ وَاتِّبَاعِ الْحَقِّ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : بَرَاءٌ ، مَصْدَرٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُفْرَدُ وَالْمُذَكَّرُ وَمُقَابِلُهُمَا ، يُقَالُ : نَحْنُ الْبَرَاءُ مِنْكَ ، وَهِيَ لُغَةُ
الْعَالِيَةِ . وَقَرَأَ
الزَّعْفَرَانِيُّ وَالْقَوْرَصِيُّ عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ ،
وَابْنُ الْمَنَاذِرِيِّ ، عَنْ
نَافِعٍ : بِضَمِّ الْبَاءِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : بَرِيءٌ ، وَهِيَ لُغَةُ
نَجْدٍ وَشَيْخَيْهِ ، وَيُجْمَعُ وَيُؤَنَّثُ ، وَهَذَا نَحْوُ طَوِيلٍ وَطِوَالٍ ، وَكَرِيمٍ وَكِرَامٍ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : إِنِّي ، بِنُونٍ مُشَدَّدَةٍ دُونَ نُونِ الْوِقَايَةِ ، وَالْجُمْهُورُ : إِنَّنِي ، بِنُونَيْنِ ، الْأُولَى مُشَدَّدَةٌ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=27إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ ، إِذْ كَانُوا لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ مَعَ أَصْنَامِهِمْ . وَقِيلَ : كَانُوا يُشْرِكُونَ أَصْنَامَهُمْ مَعَهُ تَعَالَى فِي الْعِبَادَةِ ، فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا . وَعَلَى
[ ص: 12 ] الْوَجْهَيْنِ ، فَالَّذِي فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ، وَإِذَا كَانَ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا ، كَانَتْ مَا شَامِلَةً مَنْ يَعْلَمُ وَمَنْ لَا يَعْلَمُ . وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يَكُونَ الَّذِي مَجْرُورًا بَدَلًا مِنَ الْمَجْرُورِ بِمَنْ ، كَأَنَّهُ قَالَ : إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ، إِلَّا مِنَ الَّذِي . وَأَنْ تَكُونَ إِلَّا صِفَةً بِمَعْنَى غَيْرٍ ، عَلَى أَنَّ مَا فِي مَا تَعْبُدُونَ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ تَقْدِيرُهُ : إِنَّنِي بَرَاءٌ مِنْ آلِهَةٍ تَعْبُدُونَهَا غَيْرَ الَّذِي فَطَرَنِي ، فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ) . انْتَهَى . وَوَجْهُ الْبَدَلِ لَا يَجُوزُ ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي غَيْرِ الْمُوجَبِ مِنَ النَّفْيِ وَالنَّهْيِ وَالِاسْتِفْهَامِ . أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصْلُحُ مَا بَعْدَ إِلَّا لِتَفْرِيغِ الْعَامِلِ لَهُ ؟ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ ، جُمْلَةٌ مُوجَبَةٌ ، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُفَرَّغَ الْعَامِلُ فِيهَا لِلَّذِي هُوَ بَرِيءٌ لِمَا بَعْدَ إِلَّا . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ كَوْنُ " بَرِيءٌ " فِيهِ مَعْنَى الِانْتِفَاءِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مُوجَبٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّغَ لِمَا بَعْدَ إِلَّا . وَأَمَّا تَقْدِيرُهُ مَا نَكِرَةً مَوْصُوفَةً ، فَلَمْ يُبْقِهَا مَوْصُولَةً ، لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ إِلَّا لَا تَكُونُ صِفَةً إِلَّا لِنَكِرَةٍ . وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ ، مِنَ النَّحْوِيِّينَ مَنْ قَالَ : تُوصَفُ بِهَا النَّكِرَةُ وَالْمَعْرِفَةُ ، فَعَلَى هَذَا تَبْقَى مَا مَوْصُولَةً ، وَيَكُونُ إِلَّا فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِلْمَعْرِفَةِ ، وَجَعْلُهُ فَطَرَنِي فِي صِلَةِ الَّذِي تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْبَدُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ إِلَّا الْخَالِقُ لِلْعِبَادِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=27فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ) : أَيْ يُدِيمُ هِدَايَتِي ، وَفِي مَكَانٍ آخَرَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=78الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ) ، فَهُوَ هَادِيهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْحَالِ ، وَالضَّمِيرُ فِي جَعَلَهَا الْمَرْفُوعُ عَائِدٌ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ ، وَقِيلَ عَلَى اللَّهِ . وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ عَائِدٌ عَلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا ، وَهِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=26إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=27إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي ) . وَقَالَ
قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ ، لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَضَمَّنُهَا . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=131إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ) . وَقَرَأَ
حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ : كِلْمَةً ، بِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ . وَقُرِئَ : فِي عَقْبِهِ ، بِسُكُونِ الْقَافِ ، أَيْ فِي ذُرِّيَّتِهِ . وَقُرِئَ : فِي عَاقِبِهِ ، أَيْ مِنْ عَقِبِهِ ، أَيْ خَلْفِهِ . فَلَا يَزَالُ فِيهِمْ مَنْ يُوَحِّدُ اللَّهَ وَيَدْعُو إِلَى تَوْحِيدِهِ . لَعَلَّهُمْ : أَيْ لَعَلَّ مَنْ أَشْرَكَ مِنْهُمْ يَرْجِعُ بِدُعَاءِ مَنْ وَحَّدَ مِنْهُمْ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29بَلْ مَتَّعْتُ ، بِتَاءِ الْمُتَكَلِّمِ ، وَالْإِشَارَةُ بِهَؤُلَاءِ
لِقُرَيْشٍ وَمَنْ كَانَ مِنْ عَقِبِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْعَرَبِ . لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28فِي عَقِبِهِ ) ، قَالَ تَعَالَى : لَكِنْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَأَنْعَمْتُ عَلَيْهِمْ فِي كُفْرِهِمْ ، فَلَيْسُوا مِمَّنْ تُعَقَّبُ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ فِيهِمْ . وَقَرَأَ
قَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : بَلْ مَتَّعْتَ ، بِتَاءِ الْخِطَابِ ، وَرَوَاهَا
يَعْقُوبُ عَنْ
نَافِعٍ . قَالَ صَاحِبُ الْلَّوَامِحِ : وَهِيَ مِنْ مُنَاجَاةِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَبَّهُ تَعَالَى . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مُنَاجَاةِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، أَيْ : قَالَ يَا رَبِّ بَلْ مَتَّعْتَ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : مَتَّعْنَا ، بِنُونِ الْعَظَمَةِ ، وَهِيَ تُعَضِّدُ قِرَاءَةَ الْجُمْهُورِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ ) ، وَهُوَ الْقُرْآنُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29وَرَسُولٌ مُبِينٌ ) ، هُوَ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : فَمَا وَجْهُ مَنْ قَرَأَ : بَلْ مَتَّعْتَ ، بِفَتْحِ التَّاءِ ؟ قُلْتُ : كَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اعْتَرَضَ عَلَى ذَاتِهِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) ، فَقَالَ : بَلْ مَتَّعْتُهُمْ بِمَا مَتَّعْتُهُمْ بِهِ مِنْ طُولِ الْعُمُرِ وَالسَّعَةِ فِي الرِّزْقِ ، حَتَّى شَغَلَهُمْ ذَلِكَ عَنْ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ . وَأَرَادَ بِذَلِكَ الْإِطْنَابَ فِي تَعْيِيرِهِمْ ، لِأَنَّهُ إِذَا مَتَّعَهُمْ بِزِيَادَةِ النِّعَمِ ، وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ سَبَبًا فِي زِيَادَةِ الشُّكْرِ وَالثَّبَاتِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ ، لَا أَنْ يُشْرِكُوا بِهِ وَيَجْعَلُوا لَهُ أَنْدَادًا ، فَمِثَالُهُ : أَنْ يَشْكُوَ الرَّجُلُ إِسَاءَةَ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ ، ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَقُولُ : أَنْتَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ بِمَعْرُوفِكَ وَإِحْسَانِكَ ، وَغَرَضُهُ بِهَذَا الْكَلَامِ تَوْبِيخُ الْمُسِيءِ لَا تَقْبِيحُ فِعْلِهِ . فَإِنْ قُلْتَ : قَدْ جَعَلَ مَجِيءَ الْحَقِّ وَالرَّسُولِ غَايَةً لِلتَّمْتِيعِ ، ثُمَّ أَرْدَفَهُ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=30وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ ) ، فَمَا طَرِيقَةُ هَذَا النَّظْمِ وَمُؤَدَّاهُ ؟ قُلْتُ : الْمُرَادُ بِالتَّمْتِيعِ : مَا هُوَ سَبَبٌ لَهُ ، وَهُوَ اشْتِغَالُهُمْ بِالِاسْتِمْتَاعِ عَنِ التَّوْحِيدِ وَمُقْتَضَيَاتِهِ . فَقَالَ عَزَّ وَعَلَا : بَلِ اشْتَغَلُوا عَنِ التَّوْحِيدِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=29حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ ) ، فَخَيَّلَ بِهَذِهِ الْغَايَةِ أَنَّهُمْ تَنَبَّهُوا عِنْدَهَا عَنْ غَفْلَتِهِمْ لِاقْتِضَائِهَا التَّنَبُّهَ .
ثُمَّ ابْتَدَأَ قِصَّتَهُمْ عِنْدَ مَجِيءِ الْحَقِّ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=30وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ ) ، جَاءُوا بِمَا هُوَ شَرٌّ مِنْ غَفْلَتِهِمُ الَّتِي
[ ص: 13 ] كَانُوا عَلَيْهَا ، وَهُوَ أَنْ ضَمُّوا إِلَى شِرْكِهِمْ مُعَانَدَةَ الْحَقِّ ، وَمُكَابَرَةَ الرَّسُولِ وَمُعَادَاتَهُ ، وَالِاسْتِخْفَافَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَشَرَائِعِهِ ، وَالْإِصْرَارَ عَلَى أَفْعَالِ الْكَفَرَةِ ، وَالِاحْتِكَامَ عَلَى حِكْمَةِ اللَّهِ فِي تَخَيُّرِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ بِقَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) ، وَهِيَ الْغَايَةُ فِي تَشْوِيهِ صُورَةِ أَمْرِهِمْ . انْتَهَى ، وَهُوَ حَسَنٌ لَكِنْ فِيهِ إِسْهَابٌ . وَالضَّمِيرُ فِي : وَقَالُوا
لِقُرَيْشٍ ، كَانُوا قَدِ اسْتَبْعَدُوا أَنْ يُرْسِلَ اللَّهُ مِنَ الْبَشَرِ رَسُولًا ، فَاسْتَفَاضَ عِنْدَهُمْ أَمْرَ
إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَغَيْرِهِمْ مِنَ الرُّسُلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ . فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مَدْفَعٌ ، نَاقَضُوا فِيمَا يَخُصُّ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا : لِمَ كَانَ
مُحَمَّدًا ، وَلَمْ يَكُنِ الْقُرْآنُ يُنَزَّلُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ؟ أَشَارُوا إِلَى مَنْ عَظُمَ قَدْرُهُ بِالسِّنِّ وَالْقِدَمِ وَالْجَاهِ وَكَثْرَةِ الْمَالِ . وَقُرِئَ : عَلَى رَجُلٍ ، بِسُكُونِ الْجِيمِ . مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ : أَيْ مِنْ إِحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ . وَقِيلَ : مِنْ رَجُلِ الْقَرْيَتَيْنِ ، وَهُمَا
مَكَّةُ وَالطَّائِفُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : وَالَّذِي مِنْ
مَكَّةَ :
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ ، وَمِنَ
الطَّائِفِ :
حَبِيبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ :
عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ،
وَكِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَالِيلَ . وَقَالَ
قَتَادَةُ :
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ،
وَعُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ . قَالَ
قَتَادَةُ : بَلَغَنَا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فَخْذٌ مِنْ
قُرَيْشٍ إِلَّا ادَّعَاهُ ، وَكَانَ
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ يُسَمَّى رَيْحَانَةَ قُرَيْشٍ ، وَكَانَ يَقُولُ : لَوْ كَانَ مَا يَقُولُ
مُحَمَّدٌ حَقًّا لَنَزَلَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ، يَعْنِي
عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ ، وَكَانَ يُكَنَّى
أَبَا مَسْعُودٍ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=29014أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ ) ؟ فِيهِ تَوْبِيخٌ وَتَعْجِيبٌ مِنْ جَهْلِهِمْ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : عَلَى اخْتِيَارِهِمْ وَإِرَادَتِهِمْ تُقْسَمُ الْفَضَائِلُ مِنَ النُّبُوَّةِ وَغَيْرِهَا . ثُمَّ فِي إِضَافَتِهِ فِي قَوْلِهِ : ( رَحْمَةَ رَبِّكَ ) ، تَشْرِيفٌ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّ هَذِهِ الرَّحْمَةَ الَّتِي حَصَلَتْ لَكَ لَيْسَتْ إِلَّا مِنْ رَبِّكَ الْمُصْلِحِ لِحَالِكَ وَالْمُرَبِّيكَ . ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَسَمَ الْمَعِيشَةَ بَيْنَهُمْ ، فَلَمْ يَحْصُلْ لِأَحَدٍ إِلَّا مَا قَسَمَهُ تَعَالَى . وَإِذَا كَانَ هُوَ الَّذِي تَوَلَّى ذَلِكَ ، وَفَاوَتَ بَيْنَهُمْ ، وَذَلِكَ فِي الْأَمْرِ الْفَانِي ، فَكَيْفَ لَا يَتَوَلَّى الْأَمْرَ الْخَطِيرَ ، وَهُوَ إِرْسَالُ مَنْ يَشَاءُ ، فَلَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَتَخَيَّرُوا مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ ، بَلْ أَنْتُمْ عَاجِزُونَ عَنْ تَدْبِيرِ أُمُورِكُمْ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : مَعِيشَتَهُمْ ، عَلَى الْإِفْرَادِ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَسُفْيَانُ : مَعَائِشَهُمْ ، عَلَى الْجَمْعِ . وَالْجُمْهُورُ : سُخْرِيًّا ، بِضَمِّ السِّينِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16723وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ ،
وَابْنُ مُحَيْصِنٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ،
وَأَبُو رَجَاءٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15500وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ،
وَابْنُ عَامِرٍ : بِكَسْرِهَا ، وَهُوَ مِنَ التَّسْخِيرِ ، بِمَعْنَى الِاسْتِعْبَادِ وَالِاسْتِخْدَامِ ، لِيَرْتَفِقَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَيَصِلُوا إِلَى مَنَافِعِهِمْ . وَلَوْ تَوَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ جَمِيعَ أَشْغَالِهِ بِنَفْسِهِ ، مَا أَطَاقَ ذَلِكَ وَضَاعَ وَهَلَكَ . وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ سُخْرِيًّا هُنَا مِنَ الْهُزْءِ ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ : أَيْ يَهْزَأُ الْغَنِيُّ بِالْفَقِيرِ . وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32نَحْنُ قَسَمْنَا ) ، تَزْهِيدٌ فِي الْإِكْبَابِ عَلَى طَلَبِ الدُّنْيَا ، وَهَوْنٌ عَلَى التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : فَاضَلْنَا بَيْنَهُمْ ، فَمَنْ رَئِيسٌ وَمَرْءُوسٌ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : تَلْقَى ضَعِيفَ الْقُوَّةِ ، قَلِيلَ الْحِيلَةِ ، غَنِيَّ اللِّسَانِ ، وَهُوَ مَبْسُوطٌ لَهُ ، وَتَلْقَى شَدِيدَ الْحِيلَةِ ، بَسِيطَ اللِّسَانِ ، وَهُوَ مُقَتَّرٌ عَلَيْهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ :
وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى الْقَضَاءِ وَكَوْنِهِ بُؤْسُ الْفَقِيرِ وَطِيبُ عَيْشِ الْأَحْمَقِ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32وَرَحْمَةُ رَبِّكَ : قِيلَ النُّبُوَّةُ ، وَقِيلَ : الْهِدَايَةُ وَالْإِيمَانُ . وَقَالَ
قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ : الْجَنَّةُ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُ هَؤُلَاءِ مِنْ حُطَامِ الدُّنْيَا ، وَفِي هَذَا اللَّفْظِ تَحْقِيرٌ لِلدُّنْيَا وَمَا جُمِعَ فِيهَا مِنْ مَتَاعِهَا .