سورة الجاثية
( بسم الله الرحمن الرحيم )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=2تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=3إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=5واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=6تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=7ويل لكل أفاك أثيم nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=8يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=9وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=10من ورائهم جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ولهم عذاب عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=11هذا هدى والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=12الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=15من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=16ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=17وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) .
[ ص: 42 ] هذه السورة مكية ، قال
ابن عطية : بلا خلاف ، وذكر
الماوردي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14قل للذين آمنوا يغفروا ) الآية ، فمدنية نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وقتادة ، وقال
النحاس ،
والمهدوي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : نزلت في
عمر : شتمه مشرك
بمكة قبل الهجرة ، فأراد أن يبطش به ، فنزلت . ومناسبة أولها لآخر ما قبلها في غاية الوضوح . قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=58فإنما يسرناه بلسانك ) ، وقال : ( حم تنزيل الكتاب ) ، وتقدم الكلام على (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29016تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ) أول الزمر . وقال
أبو عبد الله الرازي : وقوله : ( العزيز الحكيم ) ، يجوز جعله صفة لله ، فيكون ذلك حقيقة ، وإن جعلناه صفة للكتاب ، كان ذلك مجازا ، والحقيقة أولى من المجاز ، مع أن زيادة القرب توجب الرجحان . انتهى . وهذا الذي ردد في قوله : وإن جعلناه صفة للكتاب لا يجوز . لو كان صفة للكتاب لوليه ، فكان يكون التركيب : تنزيل الكتاب العزيز الحكيم من الله ، لأن من الله ، إما أن يكون متعلقا بتنزيل ، وتنزيل خبر لـ حم ، أو لمبتدأ محذوف ، فلا يجوز الفصل به بين الصفة والموصوف ، لا يجوز أعجبني ضرب زيد سوط الفاضل ، أو في موضع الخبر ، وتنزيل : مبتدأ ، فلا يجوز الفصل بين الصفة والموصوف أيضا ، لا يجوز ضرب زيد شديد الفاضل ، والتركيب الصحيح في نحو هذا أن يلي الصفة موصوفها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=3إن في السماوات والأرض ) ، احتمل أن يريد : في خلق السماوات ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وفي خلقكم ) ، والظاهر أنه لا يراد التخصيص بالخلق ، بل في السماوات والأرض على الإطلاق والعموم ، أي في أي شيء نظرت منهما من خلق وغيره من تسخير وتنوير وغيرهما ، ( لآيات ) : لم يأت بالآيات مفصلة ، بل أتى بها مجملة إحالة على غوامض يثيرها الفكر ويخبر بكثير منها الشرع . وجعلها ( للمؤمنين ) ، إذ في ضمن الإيمان العقل والتصديق . (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وما يبث من دابة ) ، أي في غير جنسكم ، وهو معطوف على : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وفي خلقكم ) . ومن أجاز العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض ، أجاز في (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وما يبث ) أن يكون معطوفا على الضمير ( في خلقكم ) ، وهو مذهب الكوفيين ،
ويونس ،
والأخفش ، وهو الصحيح ، واختاره الأستاذ
أبو علي الشلوبيني . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : يقبح العطف عليه ، وهذا تفريع على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه وجمهور البصريين ، قال : وكذلك أن أكدوه كرهوا أن يقولوا : مررت بك أنت وزيد . انتهى . وهذا يجيزه
الجرمي والزيباري في الكلام ، وقال : ( لقوم يوقنون ) : وهم الذين لهم نظر يؤديهم إلى اليقين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=5واختلاف الليل والنهار ) : تقدم الكلام على نظيره في سورة البقرة . وقرأ الجمهور : آيات ، جمعا بالرفع فيهما ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ،
والجحدري ،
وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
ويعقوب : بالنصب فيهما ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ، برفعهما على التوحيد . وقرأ
أبي ،
وعبد الله : لآيات فيهما ، كالأولى . فأما : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=5آيات لقوم يعقلون ) رفعا ونصبا ، فاستدل
[ ص: 43 ] به وشبهه مما جاء في كلام
الأخفش ، ومن أخذ بمذهبه على عطف معمولي عاملين بالواو ، وهي مسألة فيها أربعة مذاهب ، ذكرناها في ( كتاب التذييل والتكميل لشرح التسهيل ) . فأما ما يخص هذه الآية فمن نصب آيات بالواو عطف " واختلاف " على المجرور بفي قبله وهو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وفي خلقكم وما يبث ) ، وعطف " آيات " على " آيات " . ومن رفع فكذلك ، والعاملان أولاهما إن وفي ، وثانيهما الابتداء وفي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أقيمت الواو مقامهما ، فعملت الجر : "
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=5واختلاف الليل والنهار " ، والنصب في " آيات " ، وإذا رفعت ، والعاملان الابتداء ، وفي عملت الرفع للواو ليس بصحيح ، لأن الصحيح من المذاهب أن حرف العطف لا يعمل ، ومن منع العطف على مذهب
الأخفش ، أضمر حرف الجر فقدر . وفي اختلاف ، فالعمل للحرف مضمرا ، ونابت الواو مناب عامل واحد ، ويدل على أن في مقدرة قراءة
عبد الله : ( وفي اختلاف ) مصرحا ، وحسن حذف في تقدمها في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وفي خلقكم ) ، وخرج أيضا النصب في آيات على التوكيد لآيات المتقدمة ، ولإضمار حرف في وقرئ : واختلاف بالرفع على خبر مبتدأ محذوف ، أي هي آيات ولإضمار حرف أيضا . وقرأ : واختلاف الليل والنهار آية . بالرفع في " اختلاف " ، وفي " آية " موحدة ، وكذلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وما يبث من دابة ) . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي ،
وطلحة ،
وعيسى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=5وتصريف الرياح ) .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والمعنى أن المنصفين من العباد ، إذا نظروا في السماوات والأرض النظر الصحيح ، علموا أنها مصنوعة ، وأنه لا بد لها من صانع ، فآمنوا بالله وأقروا . فإذا نظروا في خلق أنفسهم وتنقلها من حال إلى حال وهيئة إلى هيئة ، في خلق ما على ظهر الأرض من صنوف الحيوان ، ازدادوا إيمانا وأيقنوا وانتفى عنهم اللبس . فإذا نظروا في سائر الحوادث التي تتجدد في كل وقت ، كاختلاف الليل والنهار ، ونزول الأمطار ، وحياة الأرض بها بعد موتها ، وتصريف الرياح جنوبا وشمالا وقبولا ودبورا ، عقلوا واستحكم علمهم وخلص يقينهم . وقال
أبو عبد الله الرازي : ذكر في البقرة ثمانية دلائل ، وهنا ستة ، لم يذكر الفلك والسحاب ، والسبب في ذلك أن مدار الحركة للفلك والسحاب على الرياح المختلفة ، فذكر الرياح ، وهناك جعل مقطع الثمانية واحدا ، وهنا رتبها على مقاطع ثلاثة : يؤمنون ، يوقنون ، يعقلون . قال : وأظن سبب هذا الترتيب : ( إن كنتم مؤمنين ) ، فافهموا هذه الدلائل ، فإن لم تكونوا مؤمنين ولا موقنين ، فلا أقل أن تكونوا من العاقلين ، فاجتهدوا . وقال هناك : ( إن في خلق السماوات ) ، وهنا : ( في السماوات ) ، فدل على أن الخلق غير المخلوق ، وهو الصحيح عند أصحابنا ، ولا تفارق بين أن يقال : في السماوات ، وفي خلق السماوات . انتهى ، وفيه تلخيص وتقديم وتأخير .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=6تلك آيات الله ) : أي تلك الآيات ، وهي الدلائل المذكورة ، ( نتلوها ) : أي نسردها عليك ملتبسة بالحق ، ونتلوها في موضع الحال ، أي متلوة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والعامل ما دل عليه تلك من معنى الإشارة ونحوه ، وهذا بعلي شيخا . انتهى . وليس نحوه ، لأن في وهذا حرف تنبيه . وقيل : العامل في الحال ما دل عليه حرف التنبيه ، أي تنبه . وأما تلك ، فليس فيها حرف تنبيه عاملا بما فيه من معنى التنبيه ، لأن الحرف قد يعمل في الحال : تنبه لزيد في حال شيخه وفي حال قيامه . وقيل : العامل في مثل هذا التركيب فعل محذوف يدل عليه المعنى ، أي انظر إليه في حال شيخه ، فلا يكون اسم الإشارة عاملا ولا حرف التنبيه ، إن كان هناك . وقال
ابن عطية : نتلوها ، فيه حذف مضاف ، أي نتلو شأنها وشرح العبرة بها . ويحتمل أن يريد بآيات الله القرآن المنزل في هذه المعاني ، فلا يكون في نتلوها حذف مضاف . انتهى . ونتلوها معناه : يأمر الملك أن نتلوها . وقرئ : يتلوها ، بياء الغيبة ، عائدا على الله ، وبالحق : بالصدق ، لأن صحتها معلومة بالدلائل العقلية .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=6فبأي حديث ) الآية ، فيه تقريع وتوبيخ وتهديد ، ( بعد الله ) : أي بعد حديث الله ، وهو كتابه وكلامه ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها ) ، وقال :
[ ص: 44 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185فبأي حديث بعده يؤمنون ) ، أي بعد حديث الله وكلامه . وقال
الضحاك : بعد توحيد الله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : بعد الله وآياته ، أي بعد آيات الله ، كقولهم : أعجبني زيد وكرمه ، يريدون : أعجبني كرم زيد . انتهى . وهذا ليس بشيء ، لأن فيه من حيث المعنى إقحام الأسماء من غير ضرورة ، والعطف والمراد غير العطف من إخراجه إلى باب البدل ، لأن تقدير كرم زيد إنما يكون في : أعجبني زيد كرمه ، بغير واو على البدل ، وهذا قلب لحقائق النحو . وإنما المعنى في : أعجبني زيد وكرمه ، أن ذات زيد أعجبته ، وأعجبه كرمه ، فهما إعجابان لا إعجاب واحد ، وقد رددنا عليه مثل قوله هذا فيما تقدم . وقرأ
أبو جعفر ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
وشيبة ،
وقتادة ، والحرميان ،
وأبو عمرو ،
وعاصم في رواية : يؤمنون ، بالياء من تحت ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ، وباقي السبعة : بتاء الخطاب ،
وطلحة : توقنون بالتاء من فوق والقاف من الإيقان .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29016ويل لكل أفاك أثيم ) ، قيل : نزلت في
أبي جهل ، وقيل : في
النضر بن الحارث وما كان يشتري من أحاديث الأعاجم ويشغل بها الناس عن استماع القرآن . والآية عامة فيمن كان مضارا لدين الله ، وأفاك أثيم ، صفتا مبالغة ، وألفاظ هذه الآية تقدم الكلام عليها . وقرأ الجمهور : علم ،
وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=17096ومطر الوراق : بضم العين وشد اللام ، مبنيا للمفعول ، أي عرف . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : ما معنى : ثم ، في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=8ثم يصر مستكبرا ) ؟ قلت : كمعناه في قول القائل :
يرى غمرات الموت ثم يزورها
وذلك بأن غمرات الموت حقيقة بأن ينجو رائيها بنفسه ويطلب الفرار منها ، وأما زيارتها والإقدام على مزاولتها فأمر مستبعد . فمعنى ثم الإيذان بأن فعل المقدم عليها بعدما رآها وعاينها شيء يستبعد في العادة والطباع ، وكذلك آيات الله الواضحة القاطعة بالحق ، من تليت عليه وسمعها ، كان مستبعدا في العقول إصراره على الضلالة عندها واستكباره عن الإيمان بها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=9اتخذها هزوا ) ، ولم يقل : اتخذه إشعارا بأنه إذا أحس بشيء من الكلام أنه من جملة الآيات التي أنزلها الله على
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، خاض في الاستهزاء بجميع الآيات ، ولم يقتصر على الاستهزاء بما بلغه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويحتمل (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=9وإذا علم من آياتنا شيئا ) ، يمكن أن يتشبث به المعاند ويجعله محملا يتسلق به على الطعن والغميزة ، افترضه واتخذ آيات الله هزوا ، وذلك نحو افتراض
ابن الزبعرى قوله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ) ، ومغالطته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقوله : خصمتك ، ويجوز أن يرجع الضمير إلى شيء ، لأنه في معنى الآية كقول
nindex.php?page=showalam&ids=11876أبي العتاهية :
نفسي بشيء من الدنيا معلقة الله والقائم المهدي يكفيها
حيث أراد
عتبة . انتهى .
وعتبة جارية كان
nindex.php?page=showalam&ids=11876أبو العتاهية يهواها وينتسب بها . والإشارة بأولئك إلى كل أفاك ، لشموله الأفاكين . حمل أولا على لفظ كل ، وأفرد على المعنى فجمع ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=53كل حزب بما لديهم فرحون ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=10من ورائهم جهنم ) : أي من قدامهم ، والوراء : ما توارى من خلف وأمام . (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=10ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ) من الأموال في متاجرهم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=10ولا ما اتخذوا من دون الله ) من الأوثان . ( هذا ) ، أي القرآن ، ( هدى ) ، أي بالغ في الهداية ، كقولك : هذا رجل ، أي كامل في الرجولية . وقرأ
طلحة ،
وابن محيصن ، وأهل
مكة ،
وابن كثير ،
وحفص : ( أليم ) ، بالرفع نعتا لعذاب ،
والحسن ،
وأبو جعفر ،
وشيبة ،
وعيسى ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ، وباقي السبعة : بالجر نعتا لرجز .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=12الله الذي سخر ) الآية : آية اعتبار في تسخير هذا المخلوق العظيم والسفن الجارية فيه بهذا المخلوق الحقير ، وهو الإنسان . ( بأمره ) : أي بقدرته . أناب الأمر مناب القدرة ، كأنه يأمر السفن أن تجري . ( من فضله ) بالتجارة وبالغوص على اللؤلؤ والمرجان واستخراج اللحم الطري . ( ما في السماوات ) من الشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح والهواء ، والأملاك الموكلة بهذا كله . ( وما في الأرض ) من البهائم والمياه والجبال والنبات . وقرأ الجمهور : ( منه ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : بكسر الميم وشد النون ونصب
[ ص: 45 ] التاء على المصدر . قال
أبو حاتم : نسبة هذه القراءة إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ظلم . وحكاها أبو الفتح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر والجحدري ،
وعبد الله بن عبيد بن عمير ، وحكاها أيضا عن هؤلاء الأربعة صاحب اللوامح ، وحكاها
ابن خالويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16531وعبيد بن عمير . وقرأ
سلمة بن محارب كذلك ، إلا أنه ضم التاء ، أي هو منه ، وعنه أيضا فتح الميم وشد النون ، وهاء الكناية عائد على الله ، وهو فاعل سخر على الإسناد المجازي ، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي ذلك ، أو هو منه . والمعنى على قراءة الجمهور : أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه وحاصلة عنده ، إذ هو موجدها بقدرته وحكمته ، ثم سخرها لخلقه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يكون يعني منه خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي جميعا منه ، وأن يكون " وما في الأرض " مبتدأ ، ومنه خبره . انتهى . ولا يجوز هذان الوجهان إلا على قول
الأخفش ، لأن جميعا إذ ذاك حال ، والعامل فيها معنوي ، وهو الجار والمجرور ، فهو نظير : زيد قائما في الدار ، ولا يجوز على مذهب الجمهور .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14قل للذين آمنوا يغفروا ) : نزلت في صدر الإسلام . أمر المؤمنين أن يتجاوزوا عن الكفار ، وأن لا يعاقبوهم بذنب ، بل يصبرون لهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب . قيل : وهي محكمة ، والأكثر على أنها منسوخة بآية السيف . يغفروا ، في جزمه أوجه للنحاة ، تقدمت في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة ) في سورة
إبراهيم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14لا يرجون أيام الله ) : أي وقائعه بأعدائه ونقمته منهم . وقال
مجاهد : وقيل أيام إنعامه ونصره وتنعيمه في الجنة وغير ذلك . وقيل : لا يأملون الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز . قيل : نزلت قبل آية القتال ثم نسخ حكمها . وتقدم قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنها نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، قيل : سبه رجل من الكفار ، فهم أن يبطش به . وقرأ الجمهور : ليجزي الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ،
وأبو عبد الرحمن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ،
وأبو علية ،
وابن عامر ،
وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : بالنون ،
وشيبة ،
وأبو جعفر : بخلاف عنه بالياء مبنيا للمفعول . وقد روي ذلك عن
عاصم ، وفيه حجة لمن أجاز بناء الفعل للمفعول ، على أن يقام المجرور ، وهو بما ، وينصب المفعول به الصريح ، وهو قوما ، ونظيره : ضرب بسوط زيدا ، ولا يجيز ذلك الجمهور . وخرجت هذه القراءة على أن يكون بني الفعل للمصدر ، أي : وليجزى الجزاء قوما . وهذا أيضا لا يجوز عند الجمهور ، لكن يتأول على أن ينصب بفعل محذوف تقديره يجزي قوما ، فيكون جملتان ، إحداهما : ليجزى الجزاء قوما . والأخرى : يجزيه قوما . وقوما هنا يعني به الغافرين ، ونكره على معنى التعظيم لشأنهم ، كأنه قيل : قوما ، أي قوم من شأنهم التجاوز عن السيئات والصفح عن المؤذيات وتحمل الوحشة . وقيل : هم الذين لا يرجون أيام الله ، أي بما كانوا يكسبون من الإثم ، كأنه قيل : لم تكافئوهم أنتم حتى نكافئهم نحن .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=15من عمل صالحا ) كهؤلاء الغافرين ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=15ومن أساء ) كهؤلاء الكفار ، وأتى باللام في فلنفسه ، لأن المحاب والحظوظ تستعمل فيها على الدالة على العلو والقهر ، كما تقول : الأمور لزيد متأتية وعلى عمرو مستصعبة . والكتاب : التوراة ، والحكم : القضاء ، وفصل الأمور لأن الملك كان فيهم . قيل : والحكم : الفقه . ويقال : لم يتسع فقه الأحكام على نبي ، كما اتسع على لسان
موسى من الطيبات المستلذات الحلال ، وبذلك تتم النعمة ، وذلك المن والسلوى وطيبات
الشام ، إذ هي الأرض المباركة . " بينات " أي دلائل واضحة من الأمر ، أي من الوحي الذي فصلت به الأمور . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : من الأمر ، أي من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأنه يهاجر من
تهامة إلى
يثرب . وقيل : معجزات
موسى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=17فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ) : تقدم تفسيره في شورى .
سُورَةُ الْجَاثِيَةِ
( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=2تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=3إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=5وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=6تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=7وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=8يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=9وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=10مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=11هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=12اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=15مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=16وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=17وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) .
[ ص: 42 ] هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ ، قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : بِلَا خِلَافٍ ، وَذَكَرَ
الْمَاوَرْدِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا ) الْآيَةَ ، فَمَدَنِيَّةٌ نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَقَتَادَةُ ، وَقَالَ
النَّحَّاسُ ،
وَالْمَهْدَوِيُّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : نَزَلَتْ فِي
عُمَرَ : شَتَمَهُ مُشْرِكٌ
بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِهِ ، فَنَزَلَتْ . وَمُنَاسَبَةُ أَوَّلِهَا لِآخِرِ مَا قَبْلَهَا فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ . قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=58فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ ) ، وَقَالَ : ( حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ ) ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29016تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) أَوَّلَ الزُّمُرِ . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : وَقَوْلُهُ : ( الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ، يَجُوزُ جَعْلُهُ صِفَةً لِلَّهِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ حَقِيقَةً ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ صِفَةً لِلْكِتَابِ ، كَانَ ذَلِكَ مَجَازًا ، وَالْحَقِيقَةُ أَوْلَى مِنَ الْمَجَازِ ، مَعَ أَنَّ زِيَادَةَ الْقُرْبِ تُوجِبُ الرُّجْحَانِ . انْتَهَى . وَهَذَا الَّذِي رَدَّدَ فِي قَوْلِهِ : وَإِنْ جَعَلْنَاهُ صِفَةً لِلْكِتَابِ لَا يَجُوزُ . لَوْ كَانَ صِفَةً لِلْكِتَابِ لَوَلِيَهُ ، فَكَانَ يَكُونُ التَّرْكِيبُ : تَنْزِيلُ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ مِنَ اللَّهِ ، لِأَنَّ مِنَ اللَّهِ ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِتَنْزِيلِ ، وَتَنْزِيلُ خَبَرٌ لِـ حم ، أَوْ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، فَلَا يَجُوزُ الْفَصْلُ بِهِ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ ، لَا يَجُوزُ أَعْجَبَنِي ضَرْبُ زَيْدٍ سَوْطُ الْفَاضِلِ ، أَوْ فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ ، وَتَنْزِيلُ : مُبْتَدَأٌ ، فَلَا يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ أَيْضًا ، لَا يَجُوزُ ضَرْبُ زَيْدٍ شَدِيدُ الْفَاضِلِ ، وَالتَّرْكِيبُ الصَّحِيحُ فِي نَحْوِ هَذَا أَنْ يَلِيَ الصِّفَةُ مَوْصُوفَهَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=3إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) ، احْتَمَلَ أَنْ يُرِيدَ : فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وَفِي خَلْقِكُمْ ) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُرَادُ التَّخْصِيصُ بِالْخَلْقِ ، بَلْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْعُمُومِ ، أَيْ فِي أَيِّ شَيْءٍ نَظَرْتَ مِنْهُمَا مِنْ خَلْقٍ وَغَيْرِهِ مِنْ تَسْخِيرٍ وَتَنْوِيرٍ وَغَيْرِهِمَا ، ( لَآيَاتٍ ) : لَمْ يَأْتِ بِالْآيَاتِ مُفَصَّلَةً ، بَلْ أَتَى بِهَا مُجْمَلَةً إِحَالَةً عَلَى غَوَامِضَ يُثِيرُهَا الْفِكْرُ وَيُخْبِرُ بِكَثِيرٍ مِنْهَا الشَّرْعُ . وَجَعَلَهَا ( لِلْمُؤْمِنِينَ ) ، إِذْ فِي ضِمْنِ الْإِيمَانِ الْعَقْلُ وَالتَّصْدِيقُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ ) ، أَيْ فِي غَيْرِ جِنْسِكُمْ ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وَفِي خَلْقِكُمْ ) . وَمَنْ أَجَازَ الْعَطْفَ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَخْفُوضِ مِنْ غَيْرِ إِعَادَةِ الْخَافِضِ ، أَجَازَ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وَمَا يَبُثُّ ) أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الضَّمِيرِ ( فِي خَلْقِكُمْ ) ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ ،
وَيُونُسَ ،
وَالْأَخْفَشِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَاخْتَارَهُ الْأُسْتَاذُ
أَبُو عَلِيٍّ الشَّلَوْبِينِيُّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : يَقْبُحُ الْعَطْفُ عَلَيْهِ ، وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ وَجُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ ، قَالَ : وَكَذَلِكَ أَنْ أَكَّدُوهُ كَرِهُوا أَنْ يَقُولُوا : مَرَرْتُ بِكَ أَنْتَ وَزَيْدٍ . انْتَهَى . وَهَذَا يُجِيزُهُ
الْجَرْمِيُّ وَالزِّيبَارِيُّ فِي الْكَلَامِ ، وَقَالَ : ( لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) : وَهُمُ الَّذِينَ لَهُمْ نَظَرٌ يُؤَدِّيهِمْ إِلَى الْيَقِينِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=5وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) : تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى نَظِيرِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : آيَاتٌ ، جَمْعًا بِالرَّفْعِ فِيهِمَا ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ ،
وَالْجَحْدَرِيُّ ،
وَحَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
وَيَعْقُوبُ : بِالنَّصْبِ فِيهِمَا ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ، بِرَفْعِهِمَا عَلَى التَّوْحِيدِ . وَقَرَأَ
أُبَيٌّ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ : لَآيَاتٍ فِيهِمَا ، كَالْأُولَى . فَأَمَّا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=5آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) رَفْعًا وَنَصْبًا ، فَاسْتَدَلَّ
[ ص: 43 ] بِهِ وَشِبْهِهِ مِمَّا جَاءَ فِي كَلَامِ
الْأَخْفَشِ ، وَمَنْ أَخَذَ بِمَذْهَبِهِ عَلَى عَطْفِ مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ بِالْوَاوِ ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ فِيهَا أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ ، ذَكَرْنَاهَا فِي ( كِتَابِ التَّذْيِيلِ وَالتَّكْمِيلِ لِشَرْحِ التَّسْهِيلِ ) . فَأَمَّا مَا يَخُصُّ هَذِهِ الْآيَةَ فَمَنْ نَصَبَ آيَاتٍ بِالْوَاوِ عَطَفَ " وَاخْتِلَافِ " عَلَى الْمَجْرُورِ بِفِي قَبْلَهُ وَهُوَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ ) ، وَعَطَفَ " آيَاتٍ " عَلَى " آيَاتٍ " . وَمَنْ رَفَعَ فَكَذَلِكَ ، وَالْعَامِلَانِ أُولَاهُمَا إِنَّ وَفِي ، وَثَانِيهِمَا الِابْتِدَاءُ وَفِي . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أُقِيمَتِ الْوَاوُ مَقَامَهُمَا ، فَعَمِلَتِ الْجَرَّ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=5وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ " ، وَالنَّصْبَ فِي " آيَاتٍ " ، وَإِذَا رُفِعَتْ ، وَالْعَامِلَانِ الِابْتِدَاءُ ، وَفِي عَمِلَتِ الرَّفْعَ لِلْوَاوِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ ، لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنَ الْمَذَاهِبِ أَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ لَا يَعْمَلُ ، وَمَنْ مَنَعَ الْعَطْفَ عَلَى مَذْهَبِ
الْأَخْفَشِ ، أَضْمَرَ حَرْفَ الْجَرِّ فَقُدِّرَ . وَفِي اخْتِلَافٍ ، فَالْعَمَلُ لِلْحَرْفِ مُضْمَرًا ، وَنَابَتِ الْوَاوُ مَنَابَ عَامِلٍ وَاحِدٍ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي مُقَدَّرَةٌ قِرَاءَةُ
عَبْدِ اللَّهِ : ( وَفِي اخْتِلَافِ ) مُصَرَّحًا ، وَحَسَّنَ حَذْفَ فِي تَقَدُّمُهَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وَفِي خَلْقِكُمْ ) ، وَخَرَجَ أَيْضًا النَّصْبُ فِي آيَاتٍ عَلَى التَّوْكِيدِ لِآيَاتٍ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَلِإِضْمَارِ حَرْفِ فِي وَقُرِئَ : وَاخْتِلَافٌ بِالرَّفْعِ عَلَى خَبَرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ هِيَ آيَاتٌ وَلِإِضْمَارِ حَرْفٍ أَيْضًا . وَقَرَأَ : وَاخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ آيَةٌ . بِالرَّفْعِ فِي " اخْتِلَافُ " ، وَفِي " آيَةٌ " مُوَحَّدَةً ، وَكَذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ ) . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ،
وَطَلْحَةُ ،
وَعِيسَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=5وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ) .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُنْصِفِينَ مِنَ الْعِبَادِ ، إِذَا نَظَرُوا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ النَّظَرَ الصَّحِيحَ ، عَلِمُوا أَنَّهَا مَصْنُوعَةٌ ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ صَانِعٍ ، فَآمَنُوا بِاللَّهِ وَأَقَرُّوا . فَإِذَا نَظَرُوا فِي خَلْقِ أَنْفُسِهِمْ وَتَنَقُّلِهَا مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ وَهَيْئَةٍ إِلَى هَيْئَةٍ ، فِي خَلْقِ مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ صُنُوفِ الْحَيَوَانِ ، ازْدَادُوا إِيمَانًا وَأَيْقَنُوا وَانْتَفَى عَنْهُمُ اللَّبْسَ . فَإِذَا نَظَرُوا فِي سَائِرِ الْحَوَادِثِ الَّتِي تَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ وَقْتٍ ، كَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَنُزُولِ الْأَمْطَارِ ، وَحَيَاةِ الْأَرْضِ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهَا ، وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ جَنُوبًا وَشَمَالًا وَقَبُولًا وَدَبُورًا ، عَقَلُوا وَاسْتَحْكَمَ عِلْمُهُمْ وَخَلَصَ يَقِينُهُمْ . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : ذَكَرَ فِي الْبَقَرَةِ ثَمَانِيَةَ دَلَائِلَ ، وَهُنَا سِتَّةً ، لَمْ يَذْكُرِ الْفُلْكَ وَالسَّحَابَ ، وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَدَارَ الْحَرَكَةِ لِلْفُلْكِ وَالسَّحَابِ عَلَى الرِّيَاحِ الْمُخْتَلِفَةِ ، فَذَكَرَ الرِّيَاحَ ، وَهُنَاكَ جَعَلَ مَقْطَعَ الثَّمَانِيَةِ وَاحِدًا ، وَهُنَا رَتَّبَهَا عَلَى مَقَاطِعَ ثَلَاثَةٍ : يُؤْمِنُونَ ، يُوقِنُونَ ، يَعْقِلُونَ . قَالَ : وَأَظُنُّ سَبَبَ هَذَا التَّرْتِيبِ : ( إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) ، فَافْهَمُوا هَذِهِ الدَّلَائِلَ ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَلَا مُوقِنِينَ ، فَلَا أَقَلَّ أَنْ تَكُونُوا مِنَ الْعَاقِلِينَ ، فَاجْتَهِدُوا . وَقَالَ هُنَاكَ : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ ) ، وَهُنَا : ( فِي السَّمَاوَاتِ ) ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْخَلْقَ غَيْرُ الْمَخْلُوقِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا ، وَلَا تَفَارُقَ بَيْنَ أَنْ يُقَالَ : فِي السَّمَاوَاتِ ، وَفِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ . انْتَهَى ، وَفِيهِ تَلْخِيصٌ وَتَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=6تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ ) : أَيْ تِلْكَ الْآيَاتُ ، وَهِيَ الدَّلَائِلُ الْمَذْكُورَةُ ، ( نَتْلُوهَا ) : أَيْ نَسْرُدُهَا عَلَيْكَ مُلْتَبِسَةً بِالْحَقِّ ، وَنَتْلُوهَا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، أَيْ مَتْلُوَّةً . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالْعَامِلُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ تِلْكَ مِنْ مَعْنَى الْإِشَارَةِ وَنَحْوِهِ ، وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا . انْتَهَى . وَلَيْسَ نَحْوَهُ ، لِأَنَّ فِي وَهَذَا حَرْفُ تَنْبِيهٍ . وَقِيلَ : الْعَامِلُ فِي الْحَالِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَرْفُ التَّنْبِيهِ ، أَيْ تَنَبَّهْ . وَأَمَّا تِلْكَ ، فَلَيْسَ فِيهَا حَرْفُ تَنْبِيهٍ عَامِلًا بِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّنْبِيهِ ، لِأَنَّ الْحَرْفَ قَدْ يَعْمَلُ فِي الْحَالِ : تَنَبَّهْ لِزَيْدٍ فِي حَالِ شَيْخِهِ وَفِي حَالِ قِيَامِهِ . وَقِيلَ : الْعَامِلُ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ فِعْلٌ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى ، أَيِ انْظُرْ إِلَيْهِ فِي حَالِ شَيْخِهِ ، فَلَا يَكُونُ اسْمُ الْإِشَارَةِ عَامِلًا وَلَا حَرْفُ التَّنْبِيهِ ، إِنْ كَانَ هُنَاكَ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : نَتْلُوهَا ، فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ ، أَيْ نَتْلُو شَأْنَهَا وَشَرْحَ الْعِبْرَةِ بِهَا . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِآيَاتِ اللَّهِ الْقُرْآنَ الْمُنَزَّلَ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي ، فَلَا يَكُونُ فِي نَتْلُوهَا حَذْفُ مُضَافٍ . انْتَهَى . وَنَتْلُوهَا مَعْنَاهُ : يَأْمُرُ الْمَلِكُ أَنْ نَتْلُوَهَا . وَقُرِئَ : يَتْلُوهَا ، بِيَاءِ الْغَيْبَةِ ، عَائِدًا عَلَى اللَّهِ ، وَبِالْحَقِّ : بِالصِّدْقِ ، لِأَنَّ صِحَّتَهَا مَعْلُومَةٌ بِالدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=6فَبِأَيِّ حَدِيثٍ ) الْآيَةَ ، فِيهِ تَقْرِيعٌ وَتَوْبِيخٌ وَتَهْدِيدٌ ، ( بَعْدَ اللَّهِ ) : أَيْ بَعْدَ حَدِيثِ اللَّهِ ، وَهُوَ كِتَابُهُ وَكَلَامُهُ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا ) ، وَقَالَ :
[ ص: 44 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) ، أَيْ بَعْدَ حَدِيثِ اللَّهِ وَكَلَامِهِ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : بَعْدَ تَوْحِيدِ اللَّهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ ، أَيْ بَعْدَ آيَاتِ اللَّهِ ، كَقَوْلِهِمْ : أَعْجَبَنِي زَيْدٌ وَكَرَمُهُ ، يُرِيدُونَ : أَعْجَبَنِي كَرَمُ زَيْدٍ . انْتَهَى . وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ ، لِأَنَّ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى إِقْحَامَ الْأَسْمَاءِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ ، وَالْعَطْفُ وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْعَطْفِ مِنْ إِخْرَاجِهِ إِلَى بَابِ الْبَدَلِ ، لِأَنَّ تَقْدِيرَ كَرَمُ زَيْدٍ إِنَّمَا يَكُونُ فِي : أَعْجَبَنِي زَيْدٌ كَرَمُهُ ، بِغَيْرِ وَاوٍ عَلَى الْبَدَلِ ، وَهَذَا قَلْبٌ لِحَقَائِقِ النَّحْوِ . وَإِنَّمَا الْمَعْنَى فِي : أَعْجَبَنِي زَيْدٌ وَكَرَمُهُ ، أَنَّ ذَاتَ زَيْدٍ أَعْجَبَتْهُ ، وَأَعْجَبَهُ كَرَمُهُ ، فَهُمَا إِعْجَابَانِ لَا إِعْجَابٌ وَاحِدٌ ، وَقَدْ رَدَدْنَا عَلَيْهِ مِثْلَ قَوْلِهِ هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ . وَقَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ ،
وَشَيْبَةُ ،
وَقَتَادَةُ ، وَالْحَرَمِيَّانِ ،
وَأَبُو عَمْرٍو ،
وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةٍ : يُؤْمِنُونَ ، بِالْيَاءِ مِنْ تَحْتٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ : بِتَاءِ الْخِطَابِ ،
وَطَلْحَةُ : تُوقِنُونَ بِالتَّاءِ مِنْ فَوْقٍ وَالْقَافِ مِنَ الْإِيقَانِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29016وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ) ، قِيلَ : نَزَلَتْ فِي
أَبِي جَهْلٍ ، وَقِيلَ : فِي
النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ وَمَا كَانَ يَشْتَرِي مِنْ أَحَادِيثِ الْأَعَاجِمِ وَيَشْغَلُ بِهَا النَّاسَ عَنِ اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ . وَالْآيَةُ عَامَّةٌ فِيمَنْ كَانَ مُضَارًّا لِدِينِ اللَّهِ ، وَأَفَّاكٌ أَثِيمٌ ، صِفَتَا مُبَالَغَةٍ ، وَأَلْفَاظُ هَذِهِ الْآيَةِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : عَلِمَ ،
وَقَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=17096وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ : بِضَمِّ الْعَيْنِ وَشَدِّ اللَّامِ ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، أَيْ عَرَفَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : مَا مَعْنَى : ثُمَّ ، فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=8ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا ) ؟ قُلْتُ : كَمَعْنَاهُ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ :
يَرَى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ ثُمَّ يَزُورُهَا
وَذَلِكَ بِأَنَّ غَمَرَاتِ الْمَوْتِ حَقِيقَةٌ بِأَنْ يَنْجُوَ رَائِيهَا بِنَفْسِهِ وَيَطْلُبَ الْفِرَارَ مِنْهَا ، وَأَمَّا زِيَارَتُهَا وَالْإِقْدَامُ عَلَى مُزَاوَلَتِهَا فَأَمْرٌ مُسْتَبْعَدٌ . فَمَعْنَى ثُمَّ الْإِيذَانُ بِأَنَّ فِعْلَ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهَا بَعْدَمَا رَآهَا وَعَايَنَهَا شَيْءٌ يُسْتَبْعَدُ فِي الْعَادَةِ وَالطِّبَاعِ ، وَكَذَلِكَ آيَاتُ اللَّهِ الْوَاضِحَةُ الْقَاطِعَةُ بِالْحَقِّ ، مَنْ تُلِيَتْ عَلَيْهِ وَسَمِعَهَا ، كَانَ مُسْتَبْعَدًا فِي الْعُقُولِ إِصْرَارُهُ عَلَى الضَّلَالَةِ عِنْدَهَا وَاسْتِكْبَارُهُ عَنِ الْإِيمَانِ بِهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=9اتَّخَذَهَا هُزُوًا ) ، وَلَمْ يَقُلْ : اتَّخَذَهُ إِشْعَارًا بِأَنَّهُ إِذَا أَحَسَّ بِشَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْآيَاتِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، خَاضَ فِي الِاسْتِهْزَاءِ بِجَمِيعِ الْآيَاتِ ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ بِمَا بَلَغَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيُحْتَمَلُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=9وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا ) ، يُمْكِنُ أَنْ يَتَشَبَّثَ بِهِ الْمُعَانِدُ وَيَجْعَلَهُ مَحْمَلًا يَتَسَلَّقُ بِهِ عَلَى الطَّعْنِ وَالْغَمِيزَةِ ، افْتَرَضَهُ وَاتَّخَذَ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ، وَذَلِكَ نَحْوُ افْتِرَاضِ
ابْنِ الزِّبَعْرَى قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ) ، وَمُغَالَطَتِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلِهِ : خَصَمْتُكَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إِلَى شَيْءٍ ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ كَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11876أَبِي الْعَتَاهِيَةِ :
نَفْسِي بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا مُعَلَّقَةٌ اللَّهُ وَالْقَائِمُ الْمَهْدِيُّ يَكْفِيهَا
حَيْثُ أَرَادَ
عُتْبَةَ . انْتَهَى .
وَعُتْبَةُ جَارِيَةٌ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=11876أَبُو الْعَتَاهِيَةِ يَهْوَاهَا وَيَنْتَسِبُ بِهَا . وَالْإِشَارَةُ بِأُولَئِكَ إِلَى كُلِّ أَفَّاكٍ ، لِشُمُولِهِ الْأَفَّاكِينَ . حُمِلَ أَوَّلًا عَلَى لَفْظِ كُلٍّ ، وَأُفْرِدَ عَلَى الْمَعْنَى فَجُمِعَ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=53كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=10مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ ) : أَيْ مِنْ قُدَّامِهِمْ ، وَالْوَرَاءُ : مَا تَوَارَى مِنْ خَلْفٍ وَأَمَامٍ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=10وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا ) مِنَ الْأَمْوَالِ فِي مَتَاجِرِهِمْ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=10وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ) مِنَ الْأَوْثَانِ . ( هَذَا ) ، أَيِ الْقُرْآنُ ، ( هُدًى ) ، أَيْ بَالِغٌ فِي الْهِدَايَةِ ، كَقَوْلِكَ : هَذَا رَجُلٌ ، أَيْ كَامِلٌ فِي الرُّجُولِيَّةِ . وَقَرَأَ
طَلْحَةُ ،
وَابْنُ مُحَيْصِنٍ ، وَأَهْلُ
مَكَّةَ ،
وَابْنُ كَثِيرٍ ،
وَحَفْصٌ : ( أَلِيمٌ ) ، بِالرَّفْعِ نَعْتًا لِعَذَابٍ ،
وَالْحَسَنُ ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ ،
وَشَيْبَةُ ،
وَعِيسَى ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ : بِالْجَرِّ نَعْتًا لِرِجْزٍ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=12اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ ) الْآيَةَ : آيَةُ اعْتِبَارٍ فِي تَسْخِيرِ هَذَا الْمَخْلُوقِ الْعَظِيمِ وَالسُّفُنِ الْجَارِيَةِ فِيهِ بِهَذَا الْمَخْلُوقِ الْحَقِيرِ ، وَهُوَ الْإِنْسَانُ . ( بِأَمْرِهِ ) : أَيْ بِقُدْرَتِهِ . أَنَابَ الْأَمْرَ مَنَابَ الْقُدْرَةِ ، كَأَنَّهُ يَأْمُرُ السُّفُنَ أَنْ تَجْرِيَ . ( مِنْ فَضْلِهِ ) بِالتِّجَارَةِ وَبِالْغَوْصِ عَلَى اللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ وَاسْتِخْرَاجِ اللَّحْمِ الطَّرِيِّ . ( مَا فِي السَّمَاوَاتِ ) مِنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ وَالسَّحَابِ وَالرِّيَاحِ وَالْهَوَاءِ ، وَالْأَمْلَاكِ الْمُوَكَّلَةِ بِهَذَا كُلِّهِ . ( وَمَا فِي الْأَرْضِ ) مِنَ الْبَهَائِمِ وَالْمِيَاهِ وَالْجِبَالِ وَالنَّبَاتِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( مِنْهُ ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ : بِكَسْرِ الْمِيمِ وَشَدِّ النُّونِ وَنَصْبِ
[ ص: 45 ] التَّاءِ عَلَى الْمَصْدَرِ . قَالَ
أَبُو حَاتِمٍ : نِسْبَةُ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ظُلْمٌ . وَحَكَاهَا أَبُو الْفَتْحِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالْجَحْدَرِيِّ ،
وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، وَحَكَاهَا أَيْضًا عَنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ ، وَحَكَاهَا
ابْنُ خَالَوَيْهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16531وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ . وَقَرَأَ
سَلَمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ كَذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّهُ ضَمَّ التَّاءَ ، أَيْ هُوَ مِنْهُ ، وَعَنْهُ أَيْضًا فَتْحُ الْمِيمِ وَشَدِّ النُّونِ ، وَهَاءُ الْكِنَايَةِ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ ، وَهُوَ فَاعِلُ سَخَّرَ عَلَى الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ ذَلِكَ ، أَوْ هُوَ مِنْهُ . وَالْمَعْنَى عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ : أَنَّهُ سَخَّرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كَائِنَةً مِنْهُ وَحَاصِلَةً عِنْدَهُ ، إِذْ هُوَ مُوجِدُهَا بِقُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ ، ثُمَّ سَخَّرَهَا لِخَلْقِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يَعْنِي مِنْهُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : هِيَ جَمِيعًا مِنْهُ ، وَأَنْ يَكُونَ " وَمَا فِي الْأَرْضِ " مُبْتَدَأً ، وَمِنْهُ خَبَرَهُ . انْتَهَى . وَلَا يَجُوزُ هَذَانِ الْوَجْهَانِ إِلَّا عَلَى قَوْلِ
الْأَخْفَشِ ، لِأَنَّ جَمِيعًا إِذْ ذَاكَ حَالٌ ، وَالْعَامِلُ فِيهَا مَعْنَوِيٌّ ، وَهُوَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ ، فَهُوَ نَظِيرُ : زَيْدٌ قَائِمًا فِي الدَّارِ ، وَلَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا ) : نَزَلَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ . أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَجَاوَزُوا عَنِ الْكُفَّارِ ، وَأَنْ لَا يُعَاقِبُوهُمْ بِذَنْبٍ ، بَلْ يَصْبِرُونَ لَهُمْ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14980وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ . قِيلَ : وَهِيَ مُحْكَمَةٌ ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ . يَغْفِرُوا ، فِي جَزْمِهِ أَوْجُهٌ لِلنُّحَاةِ ، تَقَدَّمَتْ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ ) فِي سُورَةِ
إِبْرَاهِيمَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ) : أَيْ وَقَائِعَهُ بِأَعْدَائِهِ وَنِقْمَتَهُ مِنْهُمْ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : وَقِيلَ أَيَّامُ إِنْعَامِهِ وَنَصْرِهِ وَتَنْعِيمِهِ فِي الْجَنَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَقِيلَ : لَا يَأْمُلُونَ الْأَوْقَاتَ الَّتِي وَقَّتَهَا اللَّهُ لِثَوَابِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَعْدِهِمُ الْفَوْزَ . قِيلَ : نَزَلَتْ قَبْلَ آيَةِ الْقِتَالِ ثُمَّ نُسِخَ حُكْمُهَا . وَتَقَدَّمَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قِيلَ : سَبَّهُ رَجُلٌ مِنَ الْكُفَّارِ ، فَهَمَّ أَنْ يَبْطِشَ بِهِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : لِيَجْزِيَ اللَّهُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ،
وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ ،
وَأَبُو عُلَيَّةَ ،
وَابْنُ عَامِرٍ ،
وَحَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : بِالنُّونِ ،
وَشَيْبَةُ ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ : بِخِلَافٍ عَنْهُ بِالْيَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ . وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
عَاصِمٍ ، وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ بِنَاءَ الْفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ ، عَلَى أَنْ يُقَامَ الْمَجْرُورُ ، وَهُوَ بِمَا ، وَيُنْصَبَ الْمَفْعُولُ بِهِ الصَّرِيحُ ، وَهُوَ قَوْمًا ، وَنَظِيرُهُ : ضُرِبَ بِسَوْطٍ زَيْدًا ، وَلَا يُجِيزُ ذَلِكَ الْجُمْهُورُ . وَخَرَجَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بُنِيَ الْفِعْلُ لِلْمَصْدَرِ ، أَيْ : وَلِيُجْزَى الْجَزَاءُ قَوْمًا . وَهَذَا أَيْضًا لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، لَكِنْ يُتَأَوَّلُ عَلَى أَنْ يُنْصَبَ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ يَجْزِي قَوْمًا ، فَيَكُونُ جُمْلَتَانِ ، إِحْدَاهُمَا : لِيُجْزَى الْجَزَاءُ قَوْمًا . وَالْأُخْرَى : يَجْزِيهِ قَوْمًا . وَقَوْمًا هُنَا يَعْنِي بِهِ الْغَافِرِينَ ، وَنَكَّرَهُ عَلَى مَعْنَى التَّعْظِيمِ لِشَأْنِهِمْ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : قَوْمًا ، أَيْ قَوْمٌ مِنْ شَأْنِهِمُ التَّجَاوُزُ عَنِ السَّيِّئَاتِ وَالصَّفْحُ عَنِ الْمُؤْذِيَاتِ وَتَحَمُّلُ الْوَحْشَةِ . وَقِيلَ : هُمُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ، أَيْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ مِنَ الْإِثْمِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : لَمْ تُكَافِئُوهُمْ أَنْتُمْ حَتَّى نُكَافِئَهُمْ نَحْنُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=15مَنْ عَمِلَ صَالِحًا ) كَهَؤُلَاءِ الْغَافِرِينَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=15وَمَنْ أَسَاءَ ) كَهَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ ، وَأَتَى بِاللَّامِ فِي فَلِنَفْسِهِ ، لِأَنَّ الْمَحَابَّ وَالْحُظُوظَ تُسْتَعْمَلُ فِيهَا عَلَى الدَّالَّةُ عَلَى الْعُلُوِّ وَالْقَهْرِ ، كَمَا تَقُولُ : الْأُمُورُ لِزَيْدٍ مُتَأَتِّيَةٌ وَعَلَى عَمْرٍو مُسْتَصْعَبَةٌ . وَالْكِتَابُ : التَّوْرَاةُ ، وَالْحُكْمُ : الْقَضَاءُ ، وَفَصْلُ الْأُمُورِ لِأَنَّ الْمُلْكَ كَانَ فِيهِمْ . قِيلَ : وَالْحُكْمُ : الْفِقْهُ . وَيُقَالُ : لَمْ يَتَّسِعْ فِقْهُ الْأَحْكَامِ عَلَى نَبِيٍّ ، كَمَا اتَّسَعَ عَلَى لِسَانِ
مُوسَى مِنَ الطَّيِّبَاتِ الْمُسْتَلَذَّاتِ الْحَلَالِ ، وَبِذَلِكَ تَتِمُّ النِّعْمَةُ ، وَذَلِكَ الْمَنُّ وَالسَّلْوَى وَطَيِّبَاتُ
الشَّامِ ، إِذْ هِيَ الْأَرْضُ الْمُبَارَكَةُ . " بَيِّنَاتٍ " أَيْ دَلَائِلَ وَاضِحَةً مِنَ الْأَمْرِ ، أَيْ مِنَ الْوَحْيِ الَّذِي فُصِلَتْ بِهِ الْأُمُورُ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : مِنَ الْأَمْرِ ، أَيْ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَأَنَّهُ يُهَاجِرُ مِنْ
تِهَامَةَ إِلَى
يَثْرِبَ . وَقِيلَ : مُعْجِزَاتُ
مُوسَى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=17فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ) : تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي شُورَى .