ومن غريب ما يحكى أن شخصا رأى في النوم في كفه مكتوبا خمس واوات ، فعبر له بخير ، فسأل
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، فقال : تهيأ لما لا يسر ، فقال له : من أين أخذت هذا ؟ فقال : من قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=1والطور ) إلى (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=7إن عذاب ربك لواقع ) ، فما مضى يومان أو ثلاثة حتى أحيط بذلك الشخص . وانتصب يوم بدافع ، قاله
الحوفي ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي : لا يعمل فيه واقع ، ولم يذكر دليل المنع . وقيل : هو منصوب بقوله : ( لواقع ) ، وينبغي أن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=8ما له من دافع ) على هذا جملة اعتراض بين العامل والمعمول . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ( تمور ) : تضطرب . وقال أيضا : تشقق . وقال
الضحاك : يموج بعضها في بعض . وقال
مجاهد : تدور . (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=10وتسير الجبال سيرا ) ، هذا في أول الأمر ، ثم تنسف حتى تصير آخرا (
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=5كالعهن المنفوش ) . ( فويل ) : عطف على جملة تتضمن ربط المعنى وتأكيده . والخوض : التخبط في الباطل ، وغلب استعماله في الاندفاع في الباطل .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=13يوم يدعون ) ، وذلك أن خزنة جهنم يغلون أيدي الكفار إلى أعناقهم ، ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم ، ويدفعونهم إلى النار دفعا على وجوههم وزجا في أقفيتهم . وقرأ
علي وأبو رجاء والسلمي nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : يدعون ، بسكون الدال وفتح العين : من الدعاء ، أي يقال لهم : هلموا إلى النار ، وادخلوها ( دعا ) : مدعوعين ، يقال لهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=14هذه النار ) . لما قيل لهم ذلك ، وقفوا بعد ذلك على الجهتين اللتين يمكن دخول الشك في أنها النار ، وهي : إما أن يكون سحر يلبس ذات المرئي ، وإما أن يكون في نظر الناظر اختلال ، فأمرهم بصليها على جهة التقريع . ثم قيل لهم على قطع رجائهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم ) : عذابكم حتم ، فسواء صبركم وجزعكم لا بد من جزاء أعمالكم ، قاله
ابن عطية .
[ ص: 148 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أفسحر هذا ) ، يعني كنتم تقولون للوحي : هذا سحر . . (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أفسحر هذا ) ، يريد : أهذا المصداق أيضا سحر ؟ ودخلت الفاء لهذا المعنى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أم أنتم لا تبصرون ) : كما كنتم لا تبصرون في الدنيا ، يعني : أم أنتم عمي عن المخبر عنه ، كما كنتم عميا عن الخبر ؟ وهذا تقريع وتهكم . فإن قلت : لم علل استواء الصبر وعدمه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16إنما تجزون ما كنتم تعملون ) ؟ قلت : لأن الصبر إنما يكون له مزية على الجزع لنفعه في العاقبة ، وبأن يجازى عليه الصابر جزاء الخير . فأما الصبر على العذاب ، الذي هو الجزاء ولا عاقبة له ولا منفعة ، فلا مزية له على الجزع . انتهى . وسحر : خبر مقدم ، وهذا : مبتدأ ، وسواء : مبتدأ ، والخبر محذوف ، أي الصبر والجزع . وقال
أبو البقاء : خبر مبتدأ محذوف ، أي صبركم وتركه سواء .
ولما ذكر حال الكفار ، ذكر حال المؤمنين ، ليقع الترهيب والترغيب ، وهو إخبار عن ما يئول إليه حال المؤمنين ، أخبروا بذلك . ويجوز أن يكون من جملة القول للكفار إذ ذلك زيادة في غمهم وتنكيد لهم ، والأول أظهر . وقرأ الجمهور : فكهين ، نصبا على الحال والخبر في (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=17جنات ونعيم ) . وقرأ
خالد : بالرفع على أنه خبر إن ، وفي جنات متعلق به . ومن أجاز تعداد الخبر ، أجاز أن يكونا خبرين . ( ووقاهم ) معطوف على (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=17في جنات ) ، إذ المعنى : استقروا في جنات ، أو على ( آتاهم ) ، وما مصدرية ، أي فكهين بإيتائهم ربهم النعيم ووقايتهم عذاب الجحيم . وجوز أن تكون الواو في ( ووقاهم ) واو الحال ، ومن شرط قد في الماضي ، قال : هي هنا مضمرة ، أي وقد وقاهم . وقرأ
أبو حيوة : ووقاهم ، بتشديد القاف . (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=19كلوا واشربوا ) على إضمار القول : أي يقال لهم : ( هنيئا ) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أكلا وشربا هنيئا ، أو طعاما وشرابا هنيئا ، وهو الذي لا تنغيص فيه . ويجوز أن يكون مثله في قوله :
هنيئا مريئا غير داء مخامر لعزة من أعراضنا ما استحلت
أعني : صفة استعملت استعمال المصدر القائم مقام الفعل ، مرتفعا به ما استحلت ، كما يرتفع بالفعل ، كأنه قيل : هنا عزة المستحل من أعراضنا . وكذلك معنى هنيئا هاهنا : هنأكم الأكل والشرب ، أو هنأكم ما كنتم تعملون ، أي جزاء ما كنتم تعملون ، والباء مزيدة كما في : ( كفى بالله ) ، والباء متعلقة بكلوا واشربوا ، إذا جعلت الفاعل الأكل والشرب . انتهى . وتقدم لنا الكلام مشبعا على ( هنيئا ) في سورة النساء . وأما تجويزه زيادة الباء ، فليست زيادتها مقيسة في الفاعل ، إلا في فاعل كفى على خلاف فيها ; فتجويز زيادتها في الفاعل هنا لا يسوغ . وأما قوله : إن الباء تتعلق بـ كلوا واشربوا ، فلا يصح إلا على الأعمال ، فهي تتعلق بأحدهما . وانتصب ( متكئين ) على الحال . قال
أبو البقاء : من الضمير في ( كلوا ) ، أو من الضمير في ( ووقاهم ) ، أو من الضمير في ( آتاهم ) ، أو من الضمير في ( فاكهين ) ، أو من الضمير في الظرف . انتهى . والظاهر أنه حال من الظرف ، وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=17في جنات ) . وقرأ
أبو السمال : على سرر ، بفتح الراء ، وهي لغة لكلب في المضعف ، فرارا من توالي ضمتين مع التضعيف . وقرأ
عكرمة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=20بحور عين ) على الإضافة .
والظاهر أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21والذين آمنوا ) مبتدأ ، وخبره ( ألحقناه ) . وأجاز
أبو البقاء أن يكون ( والذين ) في موضع نصب على تقدير : وأكرمنا الذين آمنوا . ومعنى الآية ، قال الجمهور
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير وغيرهما : أن المؤمنين الذين اتبعتهم ذريتهم في الإيمان يكونون في مراتب آبائهم ، وإن لم يكونوا في التقوى والأعمال مثلهم كرامة لآبائهم . فبإيمان متعلق بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=42وأتبعناهم ) . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : "
إن الله ليرفع ذرية المؤمن معه في درجته وإن كان لم يبلغها بعمله ليقر بها عينه " ثم قرأ الآية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والضحاك : إن الله تعالى يلحق الأبناء الصغار ، وإن لم يبلغوا الإيمان بأحكام الآباء المؤمنين . انتهى . فيكون بإيمان متعلقا بألحقنا ، أي ألحقنا
[ ص: 149 ] بسبب الإيمان الآباء بهم ذرياتهم ، وهم الصغار الذين ماتوا ولم يبلغوا التكليف ، فهم في الجنة مع آبائهم ، وإذا كان أبناء الكفار ، الذين لم يبلغوا حد التكليف في الجنة ، كما ثبت في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، فأحرى بأولاد المؤمنين . وقال
الحسن : الآية في الكبار من الذرية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17150منذر بن سعيد هي في الصغار لا في الكبار . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا : الذين آمنوا :
المهاجرون والأنصار ، والذرية : التابعون . وعنه أيضا : إن كان الآباء أرفع درجة ، رفع الله الأبناء إليهم ، فالآباء داخلون في اسم الذرية . وقال
النخعي : المعنى : أعطيناهم أجورهم من غير نقص ، وجعلنا ذريتهم كذلك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21والذين آمنوا ) ، معطوف على حور عين . أي قرناهم بالحور العين ; وبالذين آمنوا : أي بالرفقاء والجلساء منهم ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=29023إخوانا على سرر متقابلين ) ، فيتمتعون تارة بملاعبة الحور ، وتارة بمؤانسة الإخوان المؤمنين ، وأتبعناهم ذرياتهم . ثم ذكر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ثم قال : فيجمع الله لهم أنواع السرور بسعادتهم في أنفسهم ، وبمزاوجة الحور العين ، وبمؤانسة الإخوان المؤمنين ، وباجتماع أولادهم بهم ونسلهم . ثم قال : بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم : أي بسبب إيمان عظيم رفيع المحل ، وهو إيمان الآباء ، ألحقنا بدرجاتهم ذريتهم ، وإن كانوا لا يستأهلونها ، تفضلا عليهم وعلى آبائهم ، لنتم سرورهم ونكمل نعيمهم . فإن قلت : ما معنى تنكير الإيمان ؟ قلت : معناه الدلالة على أنه إيمان خاص عظيم المنزلة . ويجوز أن يراد إيمان الذرية الداني المحل ، كأنه قال : بشيء من الإيمان لا يؤهلهم لدرجة الآباء ألحقناهم بهم . انتهى .
ولا يتخيل أحد أن ( والذين ) معطوف على (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=20بحور عين ) غير هذا الرجل ، وهو تخيل أعجمي مخالف لفهم العربي القح
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره . والأحسن من هذه الأقوال قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ويعضده الحديث الذي رواه ، لأن الآيات كلها في صفة إحسان الله تعالى إلى أهل الجنة . وذكر من جملة إحسانه أنه يرعى المحسن في المسيء . ولفظة (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21ألحقنا ) تقتضي أن للملحق بعض التقصير في الأعمال . وقرأ
أبو عمرو : وأتبعناهم ; وباقي السبعة : واتبعتهم ;
وأبو عمرو : و " ذرياتهم " جمعا نصبا ;
وابن عامر : جمعا رفعا ; وباقي السبعة : مفردا ;
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير : وأتبعناهم ذريتهم ، بالمد والهمز .
وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21ألتناهم ) ، بفتح اللام ، من ألات ;
والحسن وابن كثير : بكسرها ;
وابن هرمز : آلتناهم ، بالمد من آلت ، على وزن أفعل ;
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وأبي : لتناهم من لات ، وهي قراءة
طلحة nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ; ورويت عن
شبل وابن كثير ، وعن
طلحة nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش أيضا : لتناهم بفتح اللام . قال
سهل : لا يجوز فتح اللام من غير ألف بحال ، وأنكر أيضا آلتناهم بالمد ، وقال : لا يروى عن أحد ، ولا يدل عليها تفسير ولا عربية ، وليس كما ذكر ، بل قد نقل أهل اللغة آلت بالمد ، كما قرأ
ابن هرمز . وقرئ : وما ولتناهم ، ذكره
ابن هارون . قال
ابن خالويه : فيكون هنا الحرف من لات يليت ، وولت يلت ، وألت يألت ، وألات يليت ، ويؤلت ، وكلها بمعنى نقص . ويقال : ألت بمعنى غلظ . وقام رجل إلى
عمر ، رضي الله عنه ، فوعظه ، فقال رجل : لا تألت أمير المؤمنين ، أي لا تغلظ عليه . والظاهر أن الضمير في ألتناهم عائد على المؤمنين . والمعنى : أنه تعالى يلحق المقصر بالمحسن ، ولا ينقص المحسن من أجره شيئا ، وهذا تأويل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير والجمهور . وقال
ابن زيد : الضمير عائد على الأبناء . (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21من عملهم ) : أي الحسن والقبيح ، ويحسن هذا الاحتمال قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21كل امرئ بما كسب رهين ) : أي مرتهن وفيه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=22وأمددناهم ) : أي يسرنا لهم شيئا فشيئا حتى يكر ولا ينقطع .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=23nindex.php?page=treesubj&link=29023يتنازعون فيها ) أي يتعاطون ، قال
الأخطل :
نازعته طيب الراح الشمول وقد صاح الدجاج وحانت وقعة الساري
أو يتنازعون : يتجاذبون تجاذب ملاعبة ، إذ أهل الدنيا لهم في ذلك لذة ، وكذلك في الجنة . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=23لا لغو فيها ولا تأثيم ) ، برفعهما ;
وابن كثير ،
وأبو عمرو : بفتحهما ، واللغو : السقط من الكلام ، كما يجري
[ ص: 150 ] بين شراب الخمر في الدنيا . والتأثيم : الإثم الذي يلحق شارب الخمر في الدنيا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=24غلمان لهم ) : أي مماليك . ( مكنون ) : أي في الصدف ، لم تنله الأيدي ، قاله
ابن جبير ، وهو إذ ذاك رطب ، فهو أحسن وأصفى . ويجوز أن يراد بـ " مكنون " : مخزون ، لأنه لا يخزن إلا الغالي الثمن . والظاهر أن التساؤل هو في الجنة ، إذ هذه كلها معاطيف بعضها على بعض ، أي يتساءلون عن أحوالهم وما نال كل واحد منهم ; ويدل عليه (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=27فمن الله علينا ) : أي بهذا النعيم الذي نحن فيه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : تساؤلهم إذا بعثوا في النفخة الثانية ، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عنه . ( مشفقين ) : رقيقي القلوب ، خاشعين لله . وقرأ
أبو حيوة : ووقانا بتشديد القاف ، والسموم هنا النار ; وقال
الحسن : اسم من أسماء جهنم . ( من قبل ) : أي من قبل لقاء الله والمصير إليه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=28ندعوه ) نعبده ونسأله الوقاية من عذابه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=28إنه هو البر ) : المحسن ، ( الرحيم ) : الكثير الرحمة ، إذا عبد أثاب ، وإذا سئل أجاب . أو (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=28ندعوه ) من الدعاء . وقرأ
الحسن وأبو جعفر ونافع nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : أنه بفتح الهمزة ، أي لأنه وباقي السبعة : إنه بكسر الهمزة ، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج وجماعة ، وفيها معنى التعليل .
وَمِنْ غَرِيبِ مَا يُحْكَى أَنَّ شَخْصًا رَأَى فِي النَّوْمِ فِي كَفِّهِ مَكْتُوبًا خَمْسُ وَاوَاتٍ ، فَعُبِّرَ لَهُ بِخَيْرٍ ، فَسَأَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنَ سِيرِينَ ، فَقَالَ : تَهَيَّأْ لِمَا لَا يَسُرُّ ، فَقَالَ لَهُ : مِنْ أَيْنَ أَخَذْتَ هَذَا ؟ فَقَالَ : مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=1وَالطُّورِ ) إِلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=7إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ) ، فَمَا مَضَى يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ حَتَّى أُحِيطَ بِذَلِكَ الشَّخْصِ . وَانْتَصَبَ يَوْمٌ بِدَافِعٍ ، قَالَهُ
الْحَوْفِيُّ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيُّ : لَا يَعْمَلُ فِيهِ وَاقِعٌ ، وَلَمْ يَذْكُرْ دَلِيلَ الْمَنْعِ . وَقِيلَ : هُوَ مَنْصُوبٌ بِقَوْلِهِ : ( لَوَاقِعٌ ) ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=8مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ ) عَلَى هَذَا جُمْلَةُ اعْتِرَاضٍ بَيْنَ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : ( تَمُورُ ) : تَضْطَرِبُ . وَقَالَ أَيْضًا : تَشَقَّقُ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : يَمُوجُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : تَدُورُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=10وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا ) ، هَذَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ، ثُمَّ تُنْسَفُ حَتَّى تَصِيرَ آخِرًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=5كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ) . ( فَوَيْلٌ ) : عُطِفَ عَلَى جُمْلَةٍ تَتَضَمَّنُ رَبْطَ الْمَعْنَى وَتَأْكِيدَهُ . وَالْخَوْضُ : التَّخَبُّطُ فِي الْبَاطِلِ ، وَغَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الِانْدِفَاعِ فِي الْبَاطِلِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=13يَوْمَ يُدَعُّونَ ) ، وَذَلِكَ أَنَّ خَزَنَةَ جَهَنَّمَ يَغُلُّونَ أَيْدِيَ الْكُفَّارِ إِلَى أَعْنَاقِهِمْ ، وَيَجْمَعُونَ نَوَاصِيَهُمْ إِلَى أَقْدَامِهِمْ ، وَيَدْفَعُونَهُمْ إِلَى النَّارِ دَفْعًا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَزَجًّا فِي أَقْفِيَتِهِمْ . وَقَرَأَ
عَلِيٌّ وَأَبُو رَجَاءٍ وَالسُّلَمِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : يُدْعَوْنَ ، بِسُكُونِ الدَّالِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ : مِنَ الدُّعَاءِ ، أَيْ يُقَالُ لَهُمْ : هَلُمُّوا إِلَى النَّارِ ، وَادْخُلُوهَا ( دَعًّا ) : مَدْعُوعِينَ ، يُقَالُ لَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=14هَذِهِ النَّارُ ) . لَمَّا قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ ، وَقَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْجِهَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يُمْكِنُ دُخُولُ الشَّكِّ فِي أَنَّهَا النَّارُ ، وَهِيَ : إِمَّا أَنْ يَكُونَ سِحْرٌ يُلَبِّسُ ذَاتَ الْمَرْئِيِّ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي نَظَرِ النَّاظِرِ اخْتِلَالٌ ، فَأَمَرَهُمْ بِصِلِيِّهَا عَلَى جِهَةِ التَّقْرِيعِ . ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ عَلَى قَطْعِ رَجَائِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ ) : عَذَابُكُمْ حَتْمٌ ، فَسَوَاءٌ صَبْرُكُمْ وَجَزَعُكُمْ لَا بُدَّ مِنْ جَزَاءِ أَعْمَالِكُمْ ، قَالَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ .
[ ص: 148 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أَفَسِحْرٌ هَذَا ) ، يَعْنِي كُنْتُمْ تَقُولُونَ لِلْوَحْيِ : هَذَا سِحْرٌ . . (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أَفَسِحْرٌ هَذَا ) ، يُرِيدُ : أَهَذَا الْمِصْدَاقُ أَيْضًا سِحْرٌ ؟ وَدَخَلَتِ الْفَاءُ لِهَذَا الْمَعْنَى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ ) : كَمَا كُنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ فِي الدُّنْيَا ، يَعْنِي : أَمْ أَنْتُمْ عُمْيٌ عَنِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ ، كَمَا كُنْتُمْ عُمْيًا عَنِ الْخَبَرِ ؟ وَهَذَا تَقْرِيعٌ وَتَهَكُّمٌ . فَإِنْ قُلْتَ : لِمَ عَلَّلَ اسْتِوَاءَ الصَّبْرِ وَعَدَمَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) ؟ قُلْتُ : لِأَنَّ الصَّبْرَ إِنَّمَا يَكُونُ لَهُ مَزِيَّةٌ عَلَى الْجَزَعِ لِنَفْعِهِ فِي الْعَاقِبَةِ ، وَبِأَنْ يُجَازَى عَلَيْهِ الصَّابِرُ جَزَاءَ الْخَيْرِ . فَأَمَّا الصَّبْرُ عَلَى الْعَذَابِ ، الَّذِي هُوَ الْجَزَاءُ وَلَا عَاقِبَةَ لَهُ وَلَا مَنْفَعَةَ ، فَلَا مَزِيَّةَ لَهُ عَلَى الْجَزَعِ . انْتَهَى . وَسِحْرٌ : خَبَرٌ مُقَدَّمٌ ، وَهَذَا : مُبْتَدَأٌ ، وَسَوَاءٌ : مُبْتَدَأٌ ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ ، أَيِ الصَّبْرُ وَالْجَزَعُ . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ صَبْرُكُمْ وَتَرْكُهُ سَوَاءٌ .
وَلَمَّا ذَكَرَ حَالَ الْكُفَّارِ ، ذَكَرَ حَالَ الْمُؤْمِنِينَ ، لِيَقَعَ التَّرْهِيبُ وَالتَّرْغِيبُ ، وَهُوَ إِخْبَارٌ عَنْ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ حَالُ الْمُؤْمِنِينَ ، أُخْبِرُوا بِذَلِكَ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْقَوْلِ لِلْكُفَّارِ إِذْ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي غَمِّهِمْ وَتَنْكِيدٌ لَهُمْ ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : فَكِهِينَ ، نَصْبًا عَلَى الْحَالِ وَالْخَبَرِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=17جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ) . وَقَرَأَ
خَالِدٌ : بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ إِنَّ ، وَفِي جَنَّاتٍ مُتَعَلِّقٌ بِهِ . وَمَنْ أَجَازَ تَعْدَادَ الْخَبَرِ ، أَجَازَ أَنْ يَكُونَا خَبَرَيْنِ . ( وَوَقَاهُمْ ) مَعْطُوفٌ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=17فِي جَنَّاتٍ ) ، إِذِ الْمَعْنَى : اسْتَقَرُّوا فِي جَنَّاتٍ ، أَوْ عَلَى ( آتَاهُمْ ) ، وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ ، أَيْ فَكِهِينَ بِإِيتَائِهِمْ رَبُّهُمُ النَّعِيمَ وَوِقَايَتِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ . وَجُوِّزَ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ فِي ( وَوَقَاهُمْ ) وَاوَ الْحَالِ ، وَمَنْ شَرَطَ قَدْ فِي الْمَاضِي ، قَالَ : هِيَ هُنَا مُضْمَرَةٌ ، أَيْ وَقَدْ وَقَاهُمْ . وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ : وَوَقَاهُمْ ، بِتَشْدِيدِ الْقَافِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=19كُلُوا وَاشْرَبُوا ) عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ : أَيْ يُقَالُ لَهُمْ : ( هَنِيئًا ) . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَكْلًا وَشُرْبًا هَنِيئًا ، أَوْ طَعَامًا وَشَرَابًا هَنِيئًا ، وَهُوَ الَّذِي لَا تَنْغِيصَ فِيهِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ :
هَنِيئًا مَرِيئًا غَيْرُ دَاءٍ مُخَامِرٍ لِعِزَّةٍ مِنْ أَعْرَاضِنَا مَا اسْتَحَلَّتْ
أَعْنِي : صِفَةٌ اسْتُعْمِلَتِ اسْتِعْمَالَ الْمَصْدَرِ الْقَائِمِ مَقَامَ الْفِعْلِ ، مُرْتَفِعًا بِهِ مَا اسْتَحَلَّتْ ، كَمَا يَرْتَفِعُ بِالْفِعْلِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : هُنَا عِزَّةُ الْمُسْتَحِلِّ مِنْ أَعْرَاضِنَا . وَكَذَلِكَ مَعْنَى هَنِيئًا هَاهُنَا : هَنَّأَكُمُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ ، أَوْ هَنَّأَكُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ، أَيْ جَزَاءُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ، وَالْبَاءُ مَزِيدَةٌ كَمَا فِي : ( كَفَى بِاللَّهِ ) ، وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلُوا وَاشْرَبُوا ، إِذَا جَعَلْتَ الْفَاعِلَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ . انْتَهَى . وَتَقَدَّمَ لَنَا الْكَلَامُ مُشْبَعًا عَلَى ( هَنِيئًا ) فِي سُورَةِ النِّسَاءِ . وَأَمَّا تَجْوِيزُهُ زِيَادَةَ الْبَاءِ ، فَلَيْسَتْ زِيَادَتُهَا مَقِيسَةً فِي الْفَاعِلِ ، إِلَّا فِي فَاعِلِ كَفَى عَلَى خِلَافٍ فِيهَا ; فَتَجْوِيزُ زِيَادَتِهَا فِي الْفَاعِلِ هُنَا لَا يَسُوغُ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : إِنَّ الْبَاءَ تَتَعَلَّقُ بِـ كُلُوا وَاشْرَبُوا ، فَلَا يَصِحُّ إِلَّا عَلَى الْأَعْمَالِ ، فَهِيَ تَتَعَلَّقُ بِأَحَدِهِمَا . وَانْتَصَبَ ( مُتَّكِئِينَ ) عَلَى الْحَالِ . قَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : مِنَ الضَّمِيرِ فِي ( كُلُوا ) ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي ( وَوَقَاهُمْ ) ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي ( آتَاهُمْ ) ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي ( فَاكِهِينَ ) ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي الظَّرْفِ . انْتَهَى . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الظَّرْفِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=17فِي جَنَّاتٍ ) . وَقَرَأَ
أَبُو السَّمَّالِ : عَلَى سُرَرٍ ، بِفَتْحِ الرَّاءِ ، وَهِيَ لُغَةٌ لِكَلْبٍ فِي الْمُضَعَّفِ ، فِرَارًا مِنْ تَوَالِي ضَمَّتَيْنِ مَعَ التَّضْعِيفِ . وَقَرَأَ
عِكْرِمَةُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=20بِحُورٍ عِينٍ ) عَلَى الْإِضَافَةِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21وَالَّذِينَ آمَنُوا ) مُبْتَدَأٌ ، وَخَبَرُهُ ( أَلْحَقْنَاهُ ) . وَأَجَازَ
أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَ ( وَالَّذِينَ ) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى تَقْدِيرِ : وَأَكْرَمْنَا الَّذِينَ آمَنُوا . وَمَعْنَى الْآيَةِ ، قَالَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُمَا : أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ فِي الْإِيمَانِ يَكُونُونَ فِي مَرَاتِبِ آبَائِهِمْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي التَّقْوَى وَالْأَعْمَالِ مِثْلَهُمْ كَرَامَةً لِآبَائِهِمْ . فَبِإِيمَانٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=42وَأَتْبَعْنَاهُمْ ) . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : "
إِنَّ اللَّهَ لَيَرْفَعُ ذُرِّيَّةَ الْمُؤْمِنِ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ لِيُقِرَّ بِهَا عَيْنَهُ " ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُلْحِقُ الْأَبْنَاءَ الصِّغَارَ ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا الْإِيمَانَ بِأَحْكَامِ الْآبَاءِ الْمُؤْمِنِينَ . انْتَهَى . فَيَكُونُ بِإِيمَانٍ مُتَعَلِّقًا بِأَلْحَقْنَا ، أَيْ أَلْحَقْنَا
[ ص: 149 ] بِسَبَبِ الْإِيمَانِ الْآبَاءَ بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ ، وَهُمُ الصِّغَارُ الَّذِينَ مَاتُوا وَلَمْ يَبْلُغُوا التَّكْلِيفَ ، فَهُمْ فِي الْجَنَّةِ مَعَ آبَائِهِمْ ، وَإِذَا كَانَ أَبْنَاءُ الْكُفَّارِ ، الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا حَدَّ التَّكْلِيفِ فِي الْجَنَّةِ ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ ، فَأَحْرَى بِأَوْلَادِ الْمُؤْمِنِينَ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : الْآيَةُ فِي الْكِبَارِ مِنَ الذُّرِّيَّةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17150مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ هِيَ فِي الصِّغَارِ لَا فِي الْكِبَارِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا : الَّذِينَ آمَنُوا :
الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ ، وَالذُّرِّيَّةُ : التَّابِعُونَ . وَعَنْهُ أَيْضًا : إِنْ كَانَ الْآبَاءُ أَرْفَعَ دَرَجَةً ، رَفَعَ اللَّهُ الْأَبْنَاءَ إِلَيْهِمْ ، فَالْآبَاءُ دَاخِلُونَ فِي اسْمِ الذُّرِّيَّةِ . وَقَالَ
النَّخَعِيُّ : الْمَعْنَى : أَعْطَيْنَاهُمْ أُجُورَهُمْ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ ، وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ كَذَلِكَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21وَالَّذِينَ آمَنُوا ) ، مَعْطُوفٌ عَلَى حُورٍ عِينٍ . أَيْ قَرَنَّاهُمْ بِالْحُورِ الْعِينِ ; وَبِالَّذِينَ آمَنُوا : أَيْ بِالرُّفَقَاءِ وَالْجُلَسَاءِ مِنْهُمْ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=29023إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) ، فَيَتَمَتَّعُونَ تَارَةً بِمُلَاعَبَةِ الْحُورِ ، وَتَارَةً بِمُؤَانَسَةِ الْإِخْوَانِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ . ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، ثُمَّ قَالَ : فَيَجْمَعُ اللَّهُ لَهُمْ أَنْوَاعَ السُّرُورِ بِسَعَادَتِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ ، وَبِمُزَاوَجَةِ الْحُورِ الْعِينِ ، وَبِمُؤَانَسَةِ الْإِخْوَانِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَبِاجْتِمَاعِ أَوْلَادِهِمْ بِهِمْ وَنَسْلِهِمْ . ثُمَّ قَالَ : بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ : أَيْ بِسَبَبِ إِيمَانٍ عَظِيمٍ رَفِيعِ الْمَحَلِّ ، وَهُوَ إِيمَانُ الْآبَاءِ ، أَلْحَقْنَا بِدَرَجَاتِهِمْ ذُرِّيَّتِهِمْ ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَسْتَأْهِلُونَهَا ، تَفَضُّلًا عَلَيْهِمْ وَعَلَى آبَائِهِمْ ، لِنُتِمَّ سُرُورَهُمْ وَنُكَمِّلَ نَعِيمَهُمْ . فَإِنْ قُلْتَ : مَا مَعْنَى تَنْكِيرِ الْإِيمَانِ ؟ قُلْتُ : مَعْنَاهُ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّهُ إِيمَانٌ خَاصٌّ عَظِيمُ الْمَنْزِلَةِ . وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ إِيمَانُ الذُّرِّيَّةِ الدَّانِي الْمَحَلِّ ، كَأَنَّهُ قَالَ : بِشَيْءٍ مِنَ الْإِيمَانِ لَا يُؤَهِّلُهُمْ لِدَرَجَةِ الْآبَاءِ أَلْحَقْنَاهُمْ بِهِمْ . انْتَهَى .
وَلَا يَتَخَيَّلُ أَحَدٌ أَنَّ ( وَالَّذِينَ ) مَعْطُوفٌ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=20بِحُورٍ عِينٍ ) غَيْرُ هَذَا الرَّجُلِ ، وَهُوَ تَخَيُّلٌ أَعْجَمِيٌّ مُخَالِفٌ لِفَهْمِ الْعَرَبِيِّ الْقُحِّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ . وَالْأَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَيُعَضِّدُهُ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ ، لِأَنَّ الْآيَاتِ كُلَّهَا فِي صِفَةِ إِحْسَانِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ . وَذَكَرَ مِنْ جُمْلَةِ إِحْسَانِهِ أَنَّهُ يَرْعَى الْمُحْسِنَ فِي الْمُسِيءِ . وَلَفْظَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21أَلْحَقْنَا ) تَقْتَضِي أَنَّ لِلْمُلْحَقِ بَعْضَ التَّقْصِيرِ فِي الْأَعْمَالِ . وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو : وَأَتْبَعْنَاهُمْ ; وَبَاقِي السَّبْعَةِ : وَاتَّبَعَتْهُمْ ;
وَأَبُو عَمْرٍو : وَ " ذُرِّيَّاتِهِمْ " جَمْعًا نَصْبًا ;
وَابْنُ عَامِرٍ : جَمْعًا رَفْعًا ; وَبَاقِي السَّبْعَةِ : مُفْرَدًا ;
nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ : وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ، بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21أَلَتْنَاهُمْ ) ، بِفَتْحِ اللَّامِ ، مِنْ أَلَاتَ ;
وَالْحَسَنُ وَابْنُ كَثِيرٍ : بِكَسْرِهَا ;
وَابْنُ هُرْمُزٍ : آلَتْنَاهُمْ ، بِالْمَدِّ مَنْ آلَتَ ، عَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ ;
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأُبَيٌّ : لِتْنَاهُمْ مِنْ لَاتَ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
طَلْحَةَ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشِ ; وَرُوِيَتْ عَنْ
شِبْلٍ وَابْنِ كَثِيرٍ ، وَعَنْ
طَلْحَةَ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشِ أَيْضًا : لَتْنَاهُمْ بِفَتْحِ اللَّامِ . قَالَ
سَهْلٌ : لَا يَجُوزُ فَتْحُ اللَّامِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ بِحَالٍ ، وَأَنْكَرَ أَيْضًا آلَتْنَاهُمْ بِالْمَدِّ ، وَقَالَ : لَا يُرْوَى عَنْ أَحَدٍ ، وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهَا تَفْسِيرٌ وَلَا عَرَبِيَّةٌ ، وَلَيْسَ كَمَا ذَكَرَ ، بَلْ قَدْ نَقَلَ أَهْلُ اللُّغَةِ آلَتَ بِالْمَدِّ ، كَمَا قَرَأَ
ابْنُ هُرْمُزٍ . وَقُرِئَ : وَمَا وَلَتْنَاهُمْ ، ذَكَرَهُ
ابْنُ هَارُونَ . قَالَ
ابْنُ خَالَوَيْهِ : فَيَكُونُ هُنَا الْحَرْفُ مِنْ لَاتَ يَلِيتُ ، وَوَلَتَ يَلِتُ ، وَأَلَتَ يَأْلِتُ ، وَأَلَاتَ يَلِيتُ ، وَيُؤْلِتُ ، وَكُلُّهَا بِمَعْنَى نَقَصَ . وَيُقَالُ : أَلَتَ بِمَعْنَى غَلُظَ . وَقَامَ رَجُلٌ إِلَى
عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَوَعَظَهُ ، فَقَالَ رَجُلٌ : لَا تَأْلِتْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَيْ لَا تُغْلِظْ عَلَيْهِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَلَتْنَاهُمْ عَائِدٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ . وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ تَعَالَى يُلْحِقُ الْمُقَصِّرَ بِالْمُحْسِنِ ، وَلَا يُنْقِصُ الْمُحْسِنَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا ، وَهَذَا تَأْوِيلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنِ جُبَيْرٍ وَالْجُمْهُورِ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْأَبْنَاءِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21مِنْ عَمَلِهِمْ ) : أَيِ الْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ ، وَيُحَسِّنُ هَذَا الِاحْتِمَالَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ) : أَيْ مُرْتَهِنٌ وَفِيهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=22وَأَمْدَدْنَاهُمْ ) : أَيْ يَسَّرْنَا لَهُمْ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَكِرَّ وَلَا يَنْقَطِعَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=23nindex.php?page=treesubj&link=29023يَتَنَازَعُونَ فِيهَا ) أَيْ يَتَعَاطَوْنَ ، قَالَ
الْأَخْطَلُ :
نَازَعْتُهُ طَيِّبَ الرَّاحِ الشَّمُولِ وَقَدْ صَاحَ الدَّجَاجُ وَحَانَتْ وَقْعَةُ السَّارِي
أَوْ يَتَنَازَعُونَ : يَتَجَاذَبُونَ تَجَاذُبَ مُلَاعَبَةٍ ، إِذْ أَهْلُ الدُّنْيَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ لَذَّةٌ ، وَكَذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=23لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ) ، بِرَفْعِهِمَا ;
وَابْنُ كَثِيرٍ ،
وَأَبُو عَمْرٍو : بِفَتْحِهِمَا ، وَاللَّغْوُ : السَّقْطُ مِنَ الْكَلَامِ ، كَمَا يَجْرِي
[ ص: 150 ] بَيْنَ شُرَّابِ الْخَمْرِ فِي الدُّنْيَا . وَالتَّأْثِيمُ : الْإِثْمُ الَّذِي يَلْحَقُ شَارِبَ الْخَمْرِ فِي الدُّنْيَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=24غِلْمَانٌ لَهُمْ ) : أَيْ مَمَالِيكُ . ( مَكْنُونٌ ) : أَيْ فِي الصَّدَفِ ، لَمْ تَنَلْهُ الْأَيْدِي ، قَالَهُ
ابْنُ جُبَيْرٍ ، وَهُوَ إِذْ ذَاكَ رَطْبٌ ، فَهُوَ أَحْسَنُ وَأَصْفَى . وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِـ " مَكْنُونٌ " : مَخْزُونٌ ، لِأَنَّهُ لَا يُخْزَنُ إِلَّا الْغَالِي الثَّمَنِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّسَاؤُلَ هُوَ فِي الْجَنَّةِ ، إِذْ هَذِهِ كُلُّهَا مَعَاطِيفُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ ، أَيْ يَتَسَاءَلُونَ عَنْ أَحْوَالِهِمْ وَمَا نَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ; وَيَدُلُّ عَلَيْهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=27فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ) : أَيْ بِهَذَا النَّعِيمِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : تَسَاؤُلُهُمْ إِذَا بُعِثُوا فِي النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ ، حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنْهُ . ( مُشْفِقِينَ ) : رَقِيقِي الْقُلُوبِ ، خَاشِعِينَ لِلَّهِ . وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ : وَوَقَّانَا بِتَشْدِيدِ الْقَافِ ، وَالسَّمُومُ هُنَا النَّارُ ; وَقَالَ
الْحَسَنُ : اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ جَهَنَّمَ . ( مِنْ قَبْلُ ) : أَيْ مِنْ قَبْلِ لِقَاءِ اللَّهِ وَالْمَصِيرِ إِلَيْهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=28نَدْعُوهُ ) نَعْبُدُهُ وَنَسْأَلُهُ الْوِقَايَةَ مِنْ عَذَابِهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=28إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ ) : الْمُحْسِنُ ، ( الرَّحِيمُ ) : الْكَثِيرُ الرَّحْمَةِ ، إِذَا عُبِدَ أَثَابَ ، وَإِذَا سُئِلَ أَجَابَ . أَوْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=28نَدْعُوهُ ) مِنَ الدُّعَاءِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : أَنَّهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ، أَيْ لِأَنَّهُ وَبَاقِي السَّبْعَةِ : إِنَّهُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجِ وَجَمَاعَةٍ ، وَفِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيلِ .