وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6نكر ) بضم الكاف ، وهو صفة على فعل ، وهو قليل في الصفات ، ومنه رجل شلل : أي خفيف في الحاجة ، وناقة أجد ، ومشية سجح ، وروضة أنف . وقرأ
الحسن وابن كثير وشبل بإسكان الكاف ، كما قالوا : شغل وشغل ، وعسر وعسر . وقرأ
مجاهد وأبو قلابة والجحدري nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : نكر فعلا ماضيا مبنيا للمفعول ، أي جهل فنكر . وقال
الخليل : النكر نعت للأمر الشديد ، والوجل الداهية ، أي تنكره النفوس لأنها لم تعهد مثله ، وهو يوم القيامة . قال
مالك بن عوف النضري :
أقدم محاج إنه يوم نكر مثلي على مثلك يحمي ويكر
وقرأ
قتادة وأبو جعفر وشيبة والأعرج والجمهور : خشعا جمع تكسير .
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ومجاهد والجحدري وأبو عمرو وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : خاشعا بالإفراد . وقرأ
أبي وابن مسعود : خاشعة ، وجمع التكسير أكثر في كلام العرب . وقال
الفراء وأبو عبيدة : كله جائز . انتهى ، ومثال جمع التكسير قول الشاعر :
بمطرد لدن صحاح كعوبه وذي رونق عضب يقد القوانسا
ومثال الإفراد قوله :
ورجال حسن أوجههم من أياد بن نزار بن معد
وقال آخر :
ترمي الفجاج به الركبان معترضا أعناق بزلها مرخى لها الجدل
وانتصب خشعا وخاشعا وخاشعة على الحال من ضمير يخرجون ، والعامل فيه يخرجون ، لأنه فعل متصرف ، وفي هذا دليل على بطلان مذهب الجرمي ، لأنه لا يجوز تقدم الحال على الفعل وإن كان متصرفا . وقد قالت العرب : شتى تؤب الحلبة ، فشتى حال ، وقد تقدمت على عاملها وهو تؤب ، لأنه فعل متصرف ، وقال الشاعر :
سريعا يهون الصعب عند أولي النهى إذا برجاء صادق قابلوه البأسا
فسريعا حال ، وقد تقدمت على عاملها ، وهو يهون . وقيل : هو حال من الضمير المجرور في عنهم من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فتول عنهم ) وقيل : هو مفعول بـ يدعو ، أي قوما خشعا ، أو فريقا خشعا ، وفيه بعد . ومن أفرد خاشعا وذكر ، فعلى تقدير تخشع أبصارهم ; ومن قرأ خاشعة وأنث ، فعلى تقدير تخشع ; ومن قرأ خشعا جمع تكسير ، فلأن الجمع موافق لما بعده ، وهو أبصارهم ، وموافق للضمير الذي هو صاحب الحال في يخرجون ، وهو نظير قولهم : مررت برجال كرام آباؤهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وخشعا على يخشعن أبصارهم ، وهي لغة من يقول : أكلوني البراغيث ، وهم
طيئ . انتهى . ولا يجرى جمع التكسير مجرى جمع السلامة ، فيكون على تلك اللغة النادرة القليلة .
وقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه على أن جمع التكسير أكثر في كلام العرب ، فكيف يكون
[ ص: 176 ] أكثر ، ويكون على تلك اللغة النادرة القليلة ؟ وكذا قال
الفراء حين ذكر الإفراد مذكرا ومؤنثا وجمع التكسير ، قال : لأن الصفة متى تقدمت على الجماعة جاز فيها جميع ذلك ، والجمع موافق للفظها ، فكان أشبه . انتهى . وإنما يخرج على تلك اللغة إذا كان الجمع مجموعا بالواو والنون نحو : مررت بقوم كريمين آباؤهم .
nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري قاس جمع التكسير على هذا الجمع السالم ، وهو قياس فاسد ، ويرده النقل عن العرب أن جمع التكسير أجود من الإفراد ، كما ذكرناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وكما دل عليه كلام
الفراء ; وجوز أن يكون في خشعا ضمير ، وأبصارهم بدل منه . وقرئ : خشع أبصارهم ، وهي جملة في موضع الحال ، وخشع خبر مقدم ، وخشوع الأبصار كناية عن الذلة ، وهي في العيون أظهر منها في سائر الجوارح ; وكذلك أفعال النفس من ذلة وعزة وحياء وصلف وخوف وغير ذلك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7كأنهم جراد منتشر ) : جملة حالية أيضا ، شبههم بالجراد في الكثرة والتموج ، ويقال : جاءوا كالجراد في الجيش الكثير المتموج ، ويقال : كالذباب . وجاء تشبيههم أيضا بالفراش المبثوث ، وكل من الجراد والفراش في الخارجين يوم الحشر شبه منهما . وقيل : يكونون أولا كالفراش حين يموجون فزعين لا يهتدون أين يتوجهون ، لأن الفراش لا جهة له يقصدها ، ثم كالجراد المنتشر إذا توجهوا إلى المحشر والداعي ، فهما تشبيهان باعتبار وقتين ، قال معناه مكي بن أبي طالب . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=8مهطعين ) ، قال
أبو عبيدة : مسرعين ، ومنه قوله :
بدجلة دارهم ولقد أراهم بدجلة مهطعين إلى السماع
زاد غيره : مادي أعناقهم ، وزاد غيره : مع هز ورهق ومد بصر نحو المقصد ، إما لخوف أو طمع ونحوه . وقال
قتادة : عامدين . وقال
الضحاك : مقبلين . وقال
عكرمة : فاتحين آذانهم إلى الصوت . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ناظرين . ومنه قول الشاعر :
تعبدني نمر بن سعد وقد أرى ونمر بن سعد لي مطيع ومهطع
وقيل : خافضين ما بين أعينهم . وقال
سفيان : خاشعة أبصارهم إلى السماء . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=8يوم عسر ) ، لما يشاهدون من مخايل هوله ، وما يرتقبون من سوء منقلبهم فيه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9كذبت قبلهم ) : أي قبل
قريش ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9قوم نوح ) وفيه وعيد
لقريش وضرب مثل لهم . ومفعول كذبت محذوف ، أي كذبت الرسل ، فكذبوا
نوحا عليه السلام . لما كانوا مكذبين بالرسل جاحدين للنبوة رأسا ، كذبوا
نوحا لأنه من جملة الرسل . ويجوز أن يكون المحذوف نوحا أول مجيئه إليهم ، فكذبوه تكذيبا يعقبه تكذيب . كلما مضى منهم قرن مكذب ، تبعه قرن مكذب . وفي لفظ " عبدنا " تشريف وخصوصية بالعبودية ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سبحان الذي أسرى بعبده ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9وقالوا مجنون ) : أي هو مجنون . لما رأوا الآيات الدالة على صدقه قالوا : هو مصاب الجن ، لم يقنعوا بتكذيبه حتى نسبوه إلى الجنون ، أي يقول ما لا يقبله عاقل ، وذلك مبالغة في تكذيبهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9وازدجر فدعا ربه أني مغلوب ) ، الظاهر أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9وازدجر ) من إخبار الله تعالى ، أي انتهروه وزجروه بالسب والتخويف ، قاله
ابن زيد وقرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=116لئن لم تنته يانوح لتكونن من المرجومين ) . قيل : والمعنى أنهم فعلوا به ما يوجب الانزجار من دعائهم حتى ترك دعوتهم إلى الإيمان وعدل إلى الدعاء عليهم . وقال
مجاهد : وازدجر من تمام قولهم ، أي قالوا وازدجر : أي استطير جنونا ، أي ازدجرته الجن وذهبت بلبه وتخبطته . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق وعيسى nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ، ورويت عن
عاصم : إني بكسر الهمزة ، على إضمار القول على مذهب البصريين ، أو على إجراء الدعاء مجرى القول على مذهب الكوفيين . وقرأ الجمهور : بفتحها ، أي بأني مغلوب ، أي غلبني قومي ، فلم يسمعوا مني ، ويئست من إجابتهم لي . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=10فانتصر ) : أي فانتقم بعذاب تبعثه عليهم . وإنما دعا عليهم بعدما يئس منهم وتفاقم
[ ص: 177 ] أمرهم ، وكان الواحد من قومه يخنقه إلى أن يخر مغشيا عليه ، وقد كان يقول : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ، ومتعلق (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=10فانتصر ) محذوف . وقيل : التقدير فانتصر لي منهم بأن تهلكهم . وقيل : فانتصر لنفسك ، إذ كذبوا رسولك فوقعت الإجابة . وللمتصوفة قول في (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=10مغلوب فانتصر ) حكاه
ابن عطية ، يوقف عليه في كتابه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11ففتحنا ) : بيان أن الله تعالى انتصر منهم وانتقم . قيل : ومن العجب أنهم كانوا يطلبون المطر سنين ، فأهلكهم الله تعالى بمطلوبهم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11أبواب السماء بماء ) : جعل الماء كأنه آلة يفتح بها ، كما تقول : فتحت الباب بالمفتاح ، وكأن الماء جاء وفتح الباب ، فجعل المقصود ، وهو الماء ، مقدما في الوجود على فتح الباب المغلق . ويجوز أن تكون الباء للحال ، أي ملتبسة بماء منهمر . وقرأ
ابن عامر وأبو جعفر nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ويعقوب : ففتحنا مشددا ; والجمهور : مخففا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11أبواب السماء ) ، هذا عند الجمهور مجاز وتشبيه ، لأن المطر كثره كأنه نازل من أبواب ، كما تقول : فتحت أبواب القرب ، وجرت مزاريب السماء . وقال
علي وتبعه
النقاش : يعني بالأبواب المجرة ، وهي سرع السماء كسرع العيبة . وذهب قوم إلى أنها حقيقة فتحت في السماء أبواب جرى منها الماء ، ومثله مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : أبواب السماء فتحت من غير سحاب ، لم تغلق أربعين يوما . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11منهمر ) : أي كثير . قال الشاعر :
أعيني جودا بالدموع الهوامر على خير باد من معد وحاضر
وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12وفجرنا ) بتشديد الجيم ;
وعبد الله وأصحابه
وأبو حيوة والمفضل عن
عاصم : بالتخفيف ; والمشهور أن العين لفظ مشترك . والظاهر أنها حقيقة في العين الباصرة ، مجاز في غيرها ، وهو في غير الماء مجاز مشهور غالب ، وانتصب عيونا على التمييز ، جعلت الأرض كلها كأنها عيون تتفجر ، وهو أبلغ من : وفجرنا عيون الأرض ، ومن منع مجيء التمييز من المفعول أعربه حالا ، ويكون حالا مقدرة ، وأعربه بعضهم مفعولا ثانيا ، كأنه ضمن (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12وفجرنا ) : صيرنا بالتفجير ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12الأرض عيونا ) . وقيل : وفجرت أربعين يوما . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12فالتقى الماء ) ، وهو اسم جنس ، والمعنى : ماء السماء وماء الأرض . وقرأ علي
والحسن ومحمد بن كعب والجحدري : الماآن . وقرأ
الحسن أيضا : الماوان . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقرأ
الحسن ماوان ، بقلب الهمزة واوا ، كقولهم : علباوان . انتهى . شبه الهمزة التي هي بدل من هاء في الماء بهمزة الإلحاق في علباء . وعن الحسن أيضا : المايان ، بقلب الهمزة ياء ، وفي كلتا القراءتين شذوذ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12على أمر قد قدر ) : أي على حالة ورتبة قد فصلت في الأزل . وقيل : على مقادير قد رتبت وقت التقائه ، فروي أن ماء الأرض كان على سبعة عشر ذراعا ، ونزل ماء السماء على تكملة أربعين ذراعا . وقيل : كان ماء الأرض أكثر . وقيل : كانا متساويين ، نزل من السماء قدر ما خرج من الأرض .
وقيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12على أمر قد قدر ) : في اللوح أنه يكون ، وهو هلاك قوم
نوح عليه السلام بالطوفان ، وهذا هو الراجح ، لأن كل قصة ذكرت بعد هذه القصة ذكر الله هلاك مكذبي الرسل فيها ، فيكون هذا كناية عن هلاك قوم نوح ، ولذلك ذكر نجاة نوح بعدها في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=13وحملناه على ذات ألواح ودسر ) . وقرأ
أبو حيوة : قدر بشد الدال ; والجمهور ; بتخفيفها ، وذات الألواح والدسر هي السفينة التي أنشأها
نوح عليه السلام . ويفهم من هذين الوصفين أنها السفينة ، فهي صفة تقوم مقام الموصوف وتنوب عنه ، ونحوه : قميصي مسرودة من حديد ، أي درع ، وهذا من فصيح الكلام وبديعه . ولو جمعت بين الصفة والموصوف فيه ، لم يكن بالفصيح ، والدسر المسامير ، قاله الجمهور . وقال
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : مقاديم السفينة لأنها تدسر الماء ، أي تدفعه ، والدسر : الدفع . وقال
مجاهد وغيره : بطن السفينة . وعنه أيضا : عوارض السفينة . وعنه أيضا : أضلاع السفينة ، تجري في ذلك الماء المتلاقي بحفظ منا وكلاءة ، بحيث
[ ص: 178 ] نجا من كان فيها وغرق غيرهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل بن سليمان : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=14بأعيننا ) : بوحينا . وقيل : بأمرنا . وقيل : بأوليائنا . يقال : فلان عين من عيون الله تعالى : أي ولي من أوليائه . وقيل : بأعين الماء التي أنبعناها . وقيل : من حفظها من الملائكة سماهم أعينا . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي وأبو السمال : بأعينا بالإدغام ; والجمهور : بالفك . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=14جزاء ) : أي مجازاة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=14لمن كان كفر ) : أي
لنوح عليه السلام ، إذ كان نعمة أهداها الله إلى قومه لأن يؤمنوا فكفروها ، المعنى : أنه حمله في السفينة ومن آمن معه كان جزاء له على صبره على قومه المئين من السنين ، ومن كناية عن
نوح . قيل : يعني بمن كفر لمن جحدت نبوته . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومجاهد : من يراد به الله تعالى ، كأنه قال : غضبا وانتصارا لله تعالى ، أي انتصر لنفسه ، فأغرق الكافرين ، وأنجى المؤمنين ، وهذان التأويلان في من على قراءة الجمهور . كفر : مبنيا للمفعول . وقرأ
مسلمة بن محارب : بإسكان الفاء خفف فعل ، كما قال الشاعر :
لو عصر منه البان والمسك انعصر
يريد : لو عصر . وقرأ
زيد بن رومان وقتادة وعيسى : كفر مبنيا للفاعل ، فمن يراد به قوم
نوح : أي إن ما نشأ من تفتيح أبواب السماء بالماء وتفجر عيون الأرض ، والتقاء الماءين من غرق قوم
نوح عليه الصلاة والسلام ، كان جزاء لهم على كفرهم . وكفر : خبر لكان ، وفي ذلك دليل على وقوع الماضي بغير قد خبرا لكان ، وهو مذهب البصريين وغيرهم . يقول : لا بد من قد ظاهرة أو مقدرة ، على أنه يجوز إن كان هنا زائدة ، أي لمن كفر ، والضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=15تركناها ) عائد على الفعلة والقصة . وقال
قتادة والنقاش وغيرهما : عائد على السفينة ، وأنه تعالى أبقى خشبها حتى رآه بعض أوائل هذه الأمة . وقال
قتادة : وكم من سفينة بعدها صارت رمادا وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=15مدكر ) ، بإدغام الذال في الدال المبدلة من تاء الافتعال ;
وقتادة : فيما نقل
ابن عطية بالذال ، أدغمه بعد قلب الثاني إلى الأول . وقال صاحب كتاب اللوامح
وقتادة : فهل من مذكر ، فاعل من التذكير ، أي من يذكر نفسه أو غيره بما مضى من القصص . انتهى . وقرئ : مدتكر على الأصل .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=16فكيف كان عذابي ونذر ) : تهويل لما حل بقوم
نوح من العذاب وإعظام له ، إذ قد استأصل جميعهم وقطع دابرهم ، فلم ينسل منهم أحد ; أي كيف كان عاقبة إنذاري ؟ والنذر : جمع نذير وهو الإنذار ، وفيه توقيف
لقريش على ما حل بالمكذبين أمثالهم . وكان إن كانت ناقصة ، كانت كيف في موضع خبر كان ; وإن كانت تامة ، كانت في موضع نصب على الحال . والاستفهام هنا لا يراد به حقيقته ، بل المعنى على التذكير بما حل بهم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=17ولقد يسرنا ) : أي سهلنا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=17القرآن للذكر ) : أي للإذكار والاتعاظ ، لما تضمنه من الوعظ والوعد والوعيد . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=15فهل من مدكر ) ، قال
ابن زيد : من متعظ . وقال
قتادة : فهل من طالب خير ؟ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب : فهل من مزدجر عن المعاصي ؟ وقيل : للذكر : للحفظ ، أي سهلناه للحفظ ، لما اشتمل عليه من حسن النظم وسلامة اللفظ ، وعروه عن الحشو وشرف المعاني وصحتها ، فله تعلق بالقلوب . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=15فهل من مدكر ) : أي من طالب لحفظه ليعان عليه ، وتكون زواجره وعلومه حاضرة في النفس . وقال
ابن جبير : لم يستظهر شيء من الكتب الإلهية غير القرآن . وقيل : يسرنا : هيأنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=17القرآن للذكر ) ، كقولهم : يسر ناقته للسفر إذا رحلها ، ويسر فرسه للغزو إذا أسرجه وألجمه ، قال الشاعر :
وقمت إليه باللجام ميسرا هنالك يجزيني الذي كنت أصنع
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6نُكُرٍ ) بِضَمِّ الْكَافِ ، وَهُوَ صِفَةٌ عَلَى فُعُلٍ ، وَهُوَ قَلِيلٌ فِي الصِّفَاتِ ، وَمِنْهُ رَجُلٌ شُلُلٌ : أَيْ خَفِيفٌ فِي الْحَاجَةِ ، وَنَاقَةٌ أُجُدٌ ، وَمِشْيَةٌ سُجُحٌ ، وَرَوْضَةٌ أُنُفٌ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَابْنُ كَثِيرٍ وَشِبْلٌ بِإِسْكَانِ الْكَافِ ، كَمَا قَالُوا : شُغُلٌ وَشُغْلٌ ، وَعُسْرٌ وَعُسُرٌ . وَقَرَأَ
مُجَاهِدٌ وَأَبُو قِلَابَةَ وَالْجَحْدَرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : نُكِّرَ فِعْلًا مَاضِيًا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، أَيْ جُهِلَ فَنُكِّرَ . وَقَالَ
الْخَلِيلُ : النُّكُرُ نَعْتٌ لِلْأَمْرِ الشَّدِيدِ ، وَالْوَجَلُ الدَّاهِيَةُ ، أَيْ تُنْكِرُهُ النُّفُوسُ لِأَنَّهَا لَمْ تَعْهَدْ مِثْلَهُ ، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ . قَالَ
مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ النَّضْرِيُّ :
أَقْدِمْ مَحَاجِ إِنَّهُ يَوْمٌ نُكُرْ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ يَحْمِي وَيَكِرْ
وَقَرَأَ
قَتَادَةُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَالْأَعْرَجُ وَالْجُمْهُورُ : خُشَّعًا جَمْعُ تَكْسِيرٍ .
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْجَحْدَرِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : خَاشِعًا بِالْإِفْرَادِ . وَقَرَأَ
أُبَيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ : خَاشِعَةً ، وَجَمْعُ التَّكْسِيرِ أَكْثَرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ : كُلُّهُ جَائِزٌ . انْتَهَى ، وَمِثَالُ جَمْعِ التَّكْسِيرِ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
بِمُطَّرِدٍ لَدْنٍ صِحَاحٍ كُعُوبُهُ وَذِي رَوْنَقٍ عَضْبٍ يَقُدُّ الْقَوَانِسَا
وَمِثَالُ الْإِفْرَادِ قَوْلُهُ :
وَرِجَالٌ حَسَنٌ أَوْجُهُهُمْ مِنْ أَيَادِ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ
وَقَالَ آخَرُ :
تَرْمِي الْفِجَاجَ بِهِ الرُّكْبَانُ مُعْتَرِضًا أَعْنَاقَ بُزَّلِهَا مُرْخًى لَهَا الْجُدْلُ
وَانْتُصِبَ خُشَّعًا وَخَاشِعًا وَخَاشِعَةً عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ يَخْرُجُونَ ، وَالْعَامِلُ فِيهِ يَخْرُجُونَ ، لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُتَصَرِّفٌ ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ مَذْهَبِ الْجَرْمِيِّ ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُ الْحَالِ عَلَى الْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ مُتَصَرِّفًا . وَقَدْ قَالَتِ الْعَرَبُ : شَتَّى تَؤُبُّ الْحَلْبَةُ ، فَشَتَّى حَالٌ ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ عَلَى عَامِلِهَا وَهُوَ تَؤُبُّ ، لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُتَصَرِّفٌ ، وَقَالَ الشَّاعِرُ :
سَرِيعًا يَهُونُ الصَّعْبُ عِنْدَ أُولِي النُّهَى إِذَا بِرَجَاءٍ صَادِقٍ قَابَلُوهُ الْبَأْسَا
فَسَرِيعًا حَالٌ ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ عَلَى عَامِلِهَا ، وَهُوَ يَهُونُ . وَقِيلَ : هُوَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي عَنْهُمْ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ) وَقِيلَ : هُوَ مَفْعُولٌ بِـ يَدْعُو ، أَيْ قَوْمًا خُشَّعًا ، أَوْ فَرِيقًا خُشَّعًا ، وَفِيهِ بُعْدٌ . وَمَنْ أَفْرَدَ خَاشِعًا وَذَكَّرَ ، فَعَلَى تَقْدِيرِ تَخْشَعُ أَبْصَارُهُمْ ; وَمَنْ قَرَأَ خَاشِعَةً وَأَنَّثَ ، فَعَلَى تَقْدِيرِ تَخْشَعُ ; وَمَنْ قَرَأَ خُشَّعًا جَمْعَ تَكْسِيرٍ ، فَلِأَنَّ الْجَمْعَ مُوَافِقٌ لِمَا بَعْدَهُ ، وَهُوَ أَبْصَارُهُمْ ، وَمُوَافِقٌ لِلضَّمِيرِ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْحَالِ فِي يَخْرُجُونَ ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ : مَرَرْتُ بِرِجَالٍ كِرَامٍ آبَاؤُهُمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَخُشَّعًا عَلَى يَخْشَعْنَ أَبْصَارُهُمْ ، وَهِيَ لُغَةُ مَنْ يَقُولُ : أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ ، وَهُمْ
طَيِّئٌ . انْتَهَى . وَلَا يُجْرَى جَمْعُ التَّكْسِيرِ مَجْرَى جَمْعِ السَّلَامَةِ ، فَيَكُونُ عَلَى تِلْكَ اللُّغَةِ النَّادِرَةِ الْقَلِيلَةِ .
وَقَدْ نَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ عَلَى أَنَّ جَمْعَ التَّكْسِيرِ أَكْثَرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ، فَكَيْفَ يَكُونُ
[ ص: 176 ] أَكْثَرَ ، وَيَكُونُ عَلَى تِلْكَ اللُّغَةِ النَّادِرَةِ الْقَلِيلَةِ ؟ وَكَذَا قَالَ
الْفَرَّاءُ حِينَ ذُكِرَ الْإِفْرَادُ مُذَكَّرًا وَمُؤَنَّثًا وَجَمْعُ التَّكْسِيرِ ، قَالَ : لِأَنَّ الصِّفَةَ مَتَى تَقَدَّمَتْ عَلَى الْجَمَاعَةِ جَازَ فِيهَا جَمِيعُ ذَلِكَ ، وَالْجَمْعُ مُوَافِقٌ لِلَفْظِهَا ، فَكَانَ أَشْبَهَ . انْتَهَى . وَإِنَّمَا يُخَرَّجُ عَلَى تِلْكَ اللُّغَةِ إِذَا كَانَ الْجَمْعُ مَجْمُوعًا بِالْوَاوِ وَالنُّونِ نَحْوَ : مَرَرْتُ بِقَوْمٍ كَرِيمِينَ آبَاؤُهُمْ .
nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ قَاسَ جَمْعَ التَّكْسِيرِ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ السَّالِمِ ، وَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدٌ ، وَيَرُدُّهُ النَّقْلُ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّ جَمْعَ التَّكْسِيرِ أَجْوَدُ مِنَ الْإِفْرَادِ ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَكَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ
الْفَرَّاءِ ; وَجَوَّزَ أَنْ يَكُونَ فِي خُشَّعًا ضَمِيرٌ ، وَأَبْصَارُهُمْ بَدَلٌ مِنْهُ . وَقُرِئَ : خُشَّعٌ أَبْصَارُهُمْ ، وَهِيَ جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، وَخُشَّعٌ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ ، وَخُشُوعُ الْأَبْصَارِ كِنَايَةٌ عَنِ الذِّلَّةِ ، وَهِيَ فِي الْعُيُونِ أَظْهَرُ مِنْهَا فِي سَائِرِ الْجَوَارِحِ ; وَكَذَلِكَ أَفْعَالُ النَّفْسِ مِنْ ذِلَّةٍ وَعِزَّةٍ وَحَيَاءٍ وَصَلَفٍ وَخَوْفٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ ) : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْضًا ، شَبَّهَهُمْ بِالْجَرَادِ فِي الْكَثْرَةِ وَالتَّمَوُّجِ ، وَيُقَالُ : جَاءُوا كَالْجَرَادِ فِي الْجَيْشِ الْكَثِيرِ الْمُتَمَوِّجِ ، وَيُقَالُ : كَالذُّبَابِ . وَجَاءَ تَشْبِيهُهُمْ أَيْضًا بِالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ، وَكُلٌّ مِنَ الْجَرَادِ وَالْفَرَاشِ فِي الْخَارِجِينَ يَوْمَ الْحَشْرِ شَبَهٌ مِنْهُمَا . وَقِيلَ : يَكُونُونَ أَوَّلًا كَالْفَرَاشِ حِينَ يَمُوجُونَ فَزِعِينَ لَا يَهْتَدُونَ أَيْنَ يَتَوَجَّهُونَ ، لِأَنَّ الْفَرَاشَ لَا جِهَةَ لَهُ يَقْصِدُهَا ، ثُمَّ كَالْجَرَادِ الْمُنْتَشِرِ إِذَا تَوَجَّهُوا إِلَى الْمَحْشَرِ وَالدَّاعِي ، فَهُمَا تَشْبِيهَانِ بِاعْتِبَارِ وَقْتَيْنِ ، قَالَ مَعْنَاهُ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=8مُهْطِعِينَ ) ، قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : مُسْرِعِينَ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ :
بِدِجْلَةَ دَارُهُمْ وَلَقَدْ أَرَاهُمْ بِدِجْلَةَ مُهْطِعِينَ إِلَى السَّمَاعِ
زَادَ غَيْرُهُ : مَادِّيِ أَعْنَاقِهِمْ ، وَزَادَ غَيْرُهُ : مَعَ هَزٍّ وَرَهَقٍ وَمَدِّ بَصَرٍ نَحْوَ الْمَقْصِدِ ، إِمَّا لِخَوْفٍ أَوْ طَمَعٍ وَنَحْوِهِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : عَامِدِينَ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : مُقْبِلِينَ . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : فَاتِحِينَ آذَانَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : نَاظِرِينَ . وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
تَعَبَّدَنِي نِمْرُ بْنُ سَعْدٍ وَقَدْ أُرَى وَنِمْرُ بْنُ سَعْدٍ لِي مُطِيعٌ وَمُهْطِعُ
وَقِيلَ : خَافِضِينَ مَا بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ . وَقَالَ
سُفْيَانُ : خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=8يَوْمٌ عَسِرٌ ) ، لِمَا يُشَاهِدُونَ مِنْ مَخَايِلِ هَوْلِهِ ، وَمَا يَرْتَقِبُونَ مِنْ سُوءِ مُنْقَلَبِهِمْ فِيهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ ) : أَيْ قَبْلَ
قُرَيْشٍ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9قَوْمُ نُوحٍ ) وَفِيهِ وَعِيدٌ
لِقُرَيْشٍ وَضَرْبُ مَثَلٍ لَهُمْ . وَمَفْعُولُ كَذَّبَتْ مَحْذُوفٌ ، أَيْ كَذَّبَتِ الرُّسُلُ ، فَكَذَّبُوا
نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ . لَمَّا كَانُوا مُكَذِّبِينَ بِالرُّسُلِ جَاحِدِينَ لِلنُّبُوَّةِ رَأْسًا ، كَذَّبُوا
نُوحًا لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الرُّسُلِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْذُوفُ نُوحًا أَوَّلَ مَجِيئِهِ إِلَيْهِمْ ، فَكَذَّبُوهُ تَكْذِيبًا يَعْقُبُهُ تَكْذِيبٌ . كُلَّمَا مَضَى مِنْهُمْ قَرْنٌ مُكَذِّبٌ ، تَبِعَهُ قَرْنٌ مُكَذِّبٌ . وَفِي لَفْظِ " عَبْدَنَا " تَشْرِيفٌ وَخُصُوصِيَّةٌ بِالْعُبُودِيَّةِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9وَقَالُوا مَجْنُونٌ ) : أَيْ هُوَ مَجْنُونٌ . لَمَّا رَأَوُا الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى صِدْقِهِ قَالُوا : هُوَ مُصَابُ الْجِنِّ ، لَمْ يَقْنَعُوا بِتَكْذِيبِهِ حَتَّى نَسَبُوهُ إِلَى الْجُنُونِ ، أَيْ يَقُولُ مَا لَا يَقْبَلُهُ عَاقِلٌ ، وَذَلِكَ مُبَالَغَةٌ فِي تَكْذِيبِهِمْ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9وَازْدُجِرَ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ ) ، الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9وَازْدُجِرَ ) مِنْ إِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى ، أَيِ انْتَهَرُوهُ وَزَجَرُوهُ بِالسَّبِّ وَالتَّخْوِيفِ ، قَالَهُ
ابْنُ زَيْدٍ وَقَرَأَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=116لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَانُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ) . قِيلَ : وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ فَعَلُوا بِهِ مَا يُوجِبُ الِانْزِجَارَ مِنْ دُعَائِهِمْ حَتَّى تَرَكَ دَعْوَتَهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ وَعَدَلَ إِلَى الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : وَازْدُجِرَ مِنْ تَمَامِ قَوْلِهِمْ ، أَيْ قَالُوا وَازْدُجِرَ : أَيِ اسْتُطِيرَ جُنُونًا ، أَيِ ازْدَجَرَتْهُ الْجِنُّ وَذَهَبَتْ بِلُبِّهِ وَتَخَبَّطَتْهُ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ وَعِيسَى nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ، وَرُوِيَتْ عَنْ
عَاصِمٍ : إِنِّي بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ، عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ ، أَوْ عَلَى إِجْرَاءِ الدُّعَاءِ مَجْرَى الْقَوْلِ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : بِفَتْحِهَا ، أَيْ بِأَنِّي مَغْلُوبٌ ، أَيْ غَلَبَنِي قَوْمِي ، فَلَمْ يَسْمَعُوا مِنِّي ، وَيَئِسْتُ مِنْ إِجَابَتِهِمْ لِي . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=10فَانْتَصِرْ ) : أَيْ فَانْتَقِمْ بِعَذَابٍ تَبْعَثُهُ عَلَيْهِمْ . وَإِنَّمَا دَعَا عَلَيْهِمْ بَعْدَمَا يَئِسَ مِنْهُمْ وَتَفَاقَمَ
[ ص: 177 ] أَمْرُهُمْ ، وَكَانَ الْوَاحِدُ مِنْ قَوْمِهِ يَخْنُقُهُ إِلَى أَنْ يَخِرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ، وَمُتَعَلِّقُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=10فَانْتَصِرْ ) مَحْذُوفٌ . وَقِيلَ : التَّقْدِيرُ فَانْتَصِرْ لِي مِنْهُمْ بِأَنْ تُهْلِكَهُمْ . وَقِيلَ : فَانْتَصِرْ لِنَفْسِكَ ، إِذْ كَذَّبُوا رَسُولَكَ فَوَقَعَتِ الْإِجَابَةُ . وَلِلْمُتَصَوِّفَةِ قَوْلٌ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=10مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ) حَكَاهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ ، يُوقَفُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11فَفَتَحْنَا ) : بَيَانٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى انْتَصَرَ مِنْهُمْ وَانْتَقَمَ . قِيلَ : وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَطْلُبُونَ الْمَطَرَ سِنِينَ ، فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَطْلُوبِهِمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ ) : جَعَلَ الْمَاءَ كَأَنَّهُ آلَةٌ يُفْتَحُ بِهَا ، كَمَا تَقُولُ : فَتَحْتُ الْبَابَ بِالْمِفْتَاحِ ، وَكَأَنَّ الْمَاءَ جَاءَ وَفَتَحَ الْبَابَ ، فَجَعَلَ الْمَقْصُودَ ، وَهُوَ الْمَاءُ ، مُقَدَّمًا فِي الْوُجُودِ عَلَى فَتْحِ الْبَابِ الْمُغْلَقِ . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلْحَالِ ، أَيْ مُلْتَبِسَةً بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ . وَقَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ وَيَعْقُوبُ : فَفَتَّحْنَا مُشَدَّدًا ; وَالْجُمْهُورُ : مُخَفَّفًا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11أَبْوَابَ السَّمَاءِ ) ، هَذَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ مَجَازٌ وَتَشْبِيهٌ ، لِأَنَّ الْمَطَرَ كَثَّرَهُ كَأَنَّهُ نَازِلٌ مِنْ أَبْوَابٍ ، كَمَا تَقُولُ : فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْقِرَبِ ، وَجَرَتْ مَزَارِيبُ السَّمَاءِ . وَقَالَ
عَلِيٌّ وَتَبِعَهُ
النَّقَّاشُ : يَعْنِي بِالْأَبْوَابِ الْمَجَرَّةَ ، وَهِيَ سَرْعُ السَّمَاءِ كَسَرْعِ الْعَيْبَةِ . وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فُتِحَتْ فِي السَّمَاءِ أَبْوَابٌ جَرَى مِنْهَا الْمَاءُ ، وَمِثْلُهُ مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : أَبْوَابُ السَّمَاءِ فُتِحَتْ مِنْ غَيْرِ سَحَابٍ ، لَمْ تُغْلَقْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11مُنْهَمِرٍ ) : أَيْ كَثِيرٍ . قَالَ الشَّاعِرُ :
أَعَيْنَيَّ جُودَا بِالدُّمُوعِ الْهَوَامِرِ عَلَى خَيْرِ بَادٍ مِنْ مَعَدٍّ وَحَاضِرِ
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12وَفَجَّرْنَا ) بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ ;
وَعَبْدُ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ
وَأَبُو حَيْوَةَ وَالْمُفَضَّلُ عَنْ
عَاصِمٍ : بِالتَّخْفِيفِ ; وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْعَيْنَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ . وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْعَيْنِ الْبَاصِرَةِ ، مَجَازٌ فِي غَيْرِهَا ، وَهُوَ فِي غَيْرِ الْمَاءِ مَجَازٌ مَشْهُورٌ غَالِبٌ ، وَانْتَصَبَ عُيُونًا عَلَى التَّمْيِيزِ ، جُعِلَتِ الْأَرْضُ كُلُّهَا كَأَنَّهَا عُيُونٌ تَتَفَجَّرُ ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ : وَفَجَّرْنَا عُيُونَ الْأَرْضِ ، وَمَنْ مَنَعَ مَجِيءَ التَّمْيِيزِ مِنَ الْمَفْعُولِ أَعْرَبَهُ حَالًا ، وَيَكُونُ حَالًا مُقَدَّرَةً ، وَأَعْرَبَهُ بَعْضُهُمْ مَفْعُولًا ثَانِيًا ، كَأَنَّهُ ضَمَّنَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12وَفَجَّرْنَا ) : صَيَّرْنَا بِالتَّفْجِيرِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12الْأَرْضَ عُيُونًا ) . وَقِيلَ : وَفُجِّرَتْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12فَالْتَقَى الْمَاءُ ) ، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ ، وَالْمَعْنَى : مَاءُ السَّمَاءِ وَمَاءُ الْأَرْضِ . وَقَرَأَ عَلِيٌّ
وَالْحَسَنُ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَالْجَحْدَرِيُّ : الْمَاآنِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ أَيْضًا : الْمَاوَانِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَقَرَأَ
الْحَسَنُ مَاوَانِ ، بِقَلْبِ الْهَمْزَةِ وَاوًا ، كَقَوْلِهِمْ : عِلْبَاوَانِ . انْتَهَى . شَبَّهَ الْهَمْزَةَ الَّتِي هِيَ بَدَلٌ مِنْ هَاءٍ فِي الْمَاءِ بِهَمْزَةِ الْإِلْحَاقِ فِي عِلْبَاءٍ . وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا : الْمَايَانِ ، بِقَلْبِ الْهَمْزَةِ يَاءً ، وَفِي كِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ شُذُوذٌ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ) : أَيْ عَلَى حَالَةٍ وَرُتْبَةٍ قَدْ فُصِلَتْ فِي الْأَزَلِ . وَقِيلَ : عَلَى مَقَادِيرَ قَدْ رُتِّبَتْ وَقْتَ الْتِقَائِهِ ، فَرُوِيَ أَنَّ مَاءَ الْأَرْضِ كَانَ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا ، وَنَزَلَ مَاءُ السَّمَاءِ عَلَى تَكْمِلَةِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا . وَقِيلَ : كَانَ مَاءُ الْأَرْضِ أَكْثَرَ . وَقِيلَ : كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ ، نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ قَدْرُ مَا خَرَجَ مِنَ الْأَرْضِ .
وَقِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ) : فِي اللَّوْحِ أَنَّهُ يَكُونُ ، وَهُوَ هَلَاكُ قَوْمِ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالطُّوفَانِ ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ ، لِأَنَّ كُلَّ قِصَّةٍ ذُكِرَتْ بَعْدَ هَذِهِ الْقِصَّةِ ذَكَرَ اللَّهُ هَلَاكَ مُكَذِّبِي الرُّسُلِ فِيهَا ، فَيَكُونُ هَذَا كِنَايَةً عَنْ هَلَاكِ قَوْمِ نُوحٍ ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَ نَجَاةَ نُوحٍ بَعْدَهَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=13وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ) . وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ : قُدِّرَ بِشَدِّ الدَّالِ ; وَالْجُمْهُورُ ; بِتَخْفِيفِهَا ، وَذَاتُ الْأَلْوَاحِ وَالدُّسُرِ هِيَ السَّفِينَةُ الَّتِي أَنْشَأَهَا
نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ أَنَّهَا السَّفِينَةُ ، فَهِيَ صِفَةٌ تَقُومُ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ وَتَنُوبُ عَنْهُ ، وَنَحْوُهُ : قَمِيصِي مَسْرُودَةٌ مِنْ حَدِيدٍ ، أَيْ دِرْعٌ ، وَهَذَا مِنْ فَصِيحِ الْكَلَامِ وَبَدِيعِهِ . وَلَوْ جَمَعْتَ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ فِيهِ ، لَمْ يَكُنْ بِالْفَصِيحِ ، وَالدُّسُرُ الْمَسَامِيرُ ، قَالَهُ الْجُمْهُورُ . وَقَالَ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ : مَقَادِيمُ السَّفِينَةِ لِأَنَّهَا تَدْسُرُ الْمَاءَ ، أَيْ تَدْفَعُهُ ، وَالدَّسْرُ : الدَّفْعُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ : بَطْنُ السَّفِينَةِ . وَعَنْهُ أَيْضًا : عَوَارِضُ السَّفِينَةِ . وَعَنْهُ أَيْضًا : أَضْلَاعُ السَّفِينَةِ ، تَجْرِي فِي ذَلِكَ الْمَاءِ الْمُتَلَاقِي بِحِفْظٍ مِنَّا وَكِلَاءَةٍ ، بِحَيْثُ
[ ص: 178 ] نَجَا مَنْ كَانَ فِيهَا وَغَرِقَ غَيْرُهُمْ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17131مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=14بِأَعْيُنِنَا ) : بِوَحْيِنَا . وَقِيلَ : بِأَمْرِنَا . وَقِيلَ : بِأَوْلِيَائِنَا . يُقَالُ : فُلَانٌ عَيْنٌ مِنْ عُيُونِ اللَّهِ تَعَالَى : أَيْ وَلِيٌّ مِنْ أَوْلِيَائِهِ . وَقِيلَ : بِأَعْيُنِ الْمَاءِ الَّتِي أَنْبَعْنَاهَا . وَقِيلَ : مَنْ حَفِظَهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ سَمَّاهُمْ أَعْيُنًا . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو السَّمَّالِ : بِأَعْيُنَّا بِالْإِدْغَامِ ; وَالْجُمْهُورُ : بِالْفَكِّ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=14جَزَاءً ) : أَيْ مُجَازَاةً ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=14لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ) : أَيْ
لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، إِذْ كَانَ نِعْمَةً أَهْدَاهَا اللَّهُ إِلَى قَوْمِهِ لِأَنْ يُؤْمِنُوا فَكَفَرُوهَا ، الْمَعْنَى : أَنَّهُ حَمَلَهُ فِي السَّفِينَةِ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ كَانَ جَزَاءً لَهُ عَلَى صَبْرِهِ عَلَى قَوْمِهِ الْمِئِينَ مِنَ السِّنِينَ ، وَمَنْ كِنَايَةٌ عَنْ
نُوحٍ . قِيلَ : يَعْنِي بِمَنْ كُفِرَ لِمَنْ جُحِدَتْ نُبُوَّتُهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ : مَنْ يُرَادُ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى ، كَأَنَّهُ قَالَ : غَضَبًا وَانْتِصَارًا لِلَّهِ تَعَالَى ، أَيِ انْتَصَرَ لِنَفْسِهِ ، فَأَغْرَقَ الْكَافِرِينَ ، وَأَنْجَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ فِي مَنْ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ . كُفِرَ : مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ . وَقَرَأَ
مَسْلَمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ : بِإِسْكَانِ الْفَاءِ خُفِّفَ فُعْلَ ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
لَوْ عُصْرَ مِنْهُ الْبَانُ وَالْمِسْكُ انْعَصَرْ
يُرِيدُ : لَوْ عُصِرَ . وَقَرَأَ
زَيْدُ بْنُ رُومَانَ وَقَتَادَةُ وَعِيسَى : كَفَرَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، فَمَنْ يُرَادُ بِهِ قَوْمُ
نُوحٍ : أَيْ إِنَّ مَا نَشَأَ مِنْ تَفْتِيحِ أَبْوَابِ السَّمَاءِ بِالْمَاءِ وَتَفَجُّرِ عُيُونِ الْأَرْضِ ، وَالْتِقَاءِ الْمَاءَيْنِ مِنْ غَرَقِ قَوْمِ
نُوحٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، كَانَ جَزَاءً لَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ . وَكُفِرَ : خَبَرٌ لِكَانَ ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى وُقُوعِ الْمَاضِي بِغَيْرِ قَدْ خَبَرًا لِكَانَ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ . يَقُولُ : لَا بُدَّ مِنْ قَدْ ظَاهِرَةً أَوْ مُقَدَّرَةً ، عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إِنْ كَانَ هُنَا زَائِدَةً ، أَيْ لِمَنْ كُفِرَ ، وَالضَّمِيرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=15تَرَكْنَاهَا ) عَائِدٌ عَلَى الْفِعْلَةِ وَالْقِصَّةِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ وَالنَّقَّاشُ وَغَيْرُهُمَا : عَائِدٌ عَلَى السَّفِينَةِ ، وَأَنَّهُ تَعَالَى أَبْقَى خَشَبَهَا حَتَّى رَآهُ بَعْضُ أَوَائِلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : وَكَمْ مِنْ سَفِينَةٍ بَعْدَهَا صَارَتْ رَمَادًا وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=15مُدَّكِرٍ ) ، بِإِدْغَامِ الذَّالِ فِي الدَّالِ الْمُبْدَلَةِ مِنْ تَاءِ الِافْتِعَالِ ;
وَقَتَادَةُ : فِيمَا نَقَلَ
ابْنُ عَطِيَّةَ بِالذَّالِ ، أَدْغَمَهُ بَعْدَ قَلْبِ الثَّانِي إِلَى الْأَوَّلِ . وَقَالَ صَاحِبُ كِتَابِ اللَّوَامِحِ
وَقَتَادَةُ : فَهَلْ مِنْ مُذَكِّرٍ ، فَاعِلٌ مِنَ التَّذْكِيرِ ، أَيْ مَنْ يُذَكِّرُ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ بِمَا مَضَى مِنَ الْقِصَصِ . انْتَهَى . وَقُرِئَ : مُدْتَكِرٍ عَلَى الْأَصْلِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=16فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ) : تَهْوِيلٌ لِمَا حَلَّ بِقَوْمِ
نُوحٍ مِنَ الْعَذَابِ وَإِعْظَامٌ لَهُ ، إِذْ قَدِ اسْتَأْصَلَ جَمِيعَهُمْ وَقَطَعَ دَابِرَهُمْ ، فَلَمْ يَنْسُلْ مِنْهُمْ أَحَدٌ ; أَيْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ إِنْذَارِي ؟ وَالنُّذُرُ : جَمْعُ نَذِيرٍ وَهُوَ الْإِنْذَارُ ، وَفِيهِ تَوْقِيفٌ
لِقُرَيْشٍ عَلَى مَا حَلَّ بِالْمُكَذِّبِينَ أَمْثَالِهِمْ . وَكَانَ إِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً ، كَانَتْ كَيْفَ فِي مَوْضِعِ خَبَرِ كَانَ ; وَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً ، كَانَتْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ . وَالِاسْتِفْهَامُ هُنَا لَا يُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ ، بَلِ الْمَعْنَى عَلَى التَّذْكِيرِ بِمَا حَلَّ بِهِمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=17وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ) : أَيْ سَهَّلْنَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=17الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ) : أَيْ لِلْإِذْكَارِ وَالِاتِّعَاظِ ، لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ الْوَعْظِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=15فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) ، قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : مِنْ مُتَّعِظٍ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : فَهَلْ مِنْ طَالِبِ خَيْرٍ ؟ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ : فَهَلْ مِنْ مُزْدَجِرٍ عَنِ الْمَعَاصِي ؟ وَقِيلَ : لِلذِّكْرِ : لِلْحِفْظِ ، أَيْ سَهَّلْنَاهُ لِلْحِفْظِ ، لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ حُسْنِ النَّظْمِ وَسَلَامَةِ اللَّفْظِ ، وَعُرُوِّهِ عَنِ الْحَشْوِ وَشَرَفِ الْمَعَانِي وَصِحَّتِهَا ، فَلَهُ تَعَلُّقٌ بِالْقُلُوبِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=15فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) : أَيْ مِنْ طَالِبٍ لِحِفْظِهِ لِيُعَانَ عَلَيْهِ ، وَتَكُونُ زَوَاجِرُهُ وَعُلُومُهُ حَاضِرَةً فِي النَّفْسِ . وَقَالَ
ابْنُ جُبَيْرٍ : لَمْ يُسْتَظْهَرْ شَيْءٌ مِنَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ غَيْرَ الْقُرْآنِ . وَقِيلَ : يَسَّرْنَا : هَيَّأْنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=17الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ) ، كَقَوْلِهِمْ : يَسَّرَ نَاقَتَهُ لِلسَّفَرِ إِذَا رَحَّلَهَا ، وَيَسَّرَ فَرَسَهُ لِلْغَزْوِ إِذَا أَسْرَجَهُ وَأَلْجَمَهُ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
وَقُمْتُ إِلَيْهِ بِاللِّجَامِ مُيَسَّرًا هُنَالِكَ يَجْزِينِي الَّذِي كُنْتُ أَصْنَعُ