سورة الصف مدنية وهي أربع عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29032سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=2يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=3كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=4إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=7ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=8يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=9هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=11تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=12يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين )
[ ص: 260 ] المرصوص ، قال
الفراء والقاضي منذر بن سعيد : هو المعقود بالرصاص . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : رصصت البناء : لاءمت بين أجزائه وقاربته حتى يصير كقطعة واحدة ، قال
الراعي :
ما لقي البيض من الحرقوص بفتح باب المغلف المرصوص
الحرقوص : دويبة تولع بالنساء الأبكار ، وقيل : هو من الترصيص ، وهو انصمام الأسنان .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=1سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=2ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=3كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=4إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5وإذ قال موسى لقومه ياقوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=7ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=8يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=9هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=11تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=12يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14ياأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ) .
[ ص: 261 ] هذه السورة مدنية في قول الجمهور ،
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وقتادة . وقال
ابن يسار : مكية ، وروي ذلك أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومجاهد . وسبب نزولها قول المنافقين للمؤمنين : نحن منكم ومعكم ، ثم يظهر من أفعالهم خلاف ذلك ; أو قول شباب من المسلمين : فعلنا في الغزو كذا ولم يفعلوا ; أو قول ناس : وددنا أن نعرف أحب الأعمال إلى ربنا حتى نعنى فيه ، ففرض الجهاد ; وأعلم تعالى بحب المجاهدين ، فكرهه قوم وفر بعضهم يوم أحد ، فنزلت أقوال . الأول :
لابن زيد ، والثاني :
لقتادة ، والثالث :
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس وأبي صالح .
ومناسبتها لآخر السورة قبلها ، أن في آخر تلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=13ياأيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم ) ، فاقتضى ذلك إثبات العداوة بينهم ، فحض تعالى على الثبات إذا لقي المؤمنون في الحرب أعداءهم . والنداء بـ ( يا أيها الذين آمنوا ) ، إن كان للمؤمنين حقيقة ، فالاستفهام يراد به التلطف في العتب ، وإن كان للمنافقين ، فالمعنى ( يا أيها الذين آمنوا ) : أي بألسنتهم ، والاستفهام يراد به الإنكار والتوبيخ وتهكم بهم في إسناد الإيمان إليهم ، ولم يتعلق بالفعل وحده . ووقف عليه بالهاء أو بسكون الميم ، ومن سكن في الوقف فلإجرائه مجرى الوقف ، والظاهر انتصاب ( مقتا ) على التمييز ، وفاعل ( كبر ) : أن ( تقولوا ) ، وهو من التمييز المنقول من الفاعل ، والتقدير : كبر مقت قولكم ما لا تفعلون . ويجوز أن يكون من باب نعم وبئس ، فيكون في كبر ضمير مبهم مفسر بالتمييز ، وأن تقولوا هو المخصوص بالذم ، أي بئس مقتا قولكم كذا ، والخلاف الجاري في المرفوع في : بئس رجلا زيد ، جار في ( أن تقولوا ) هنا ، ويجوز أن يكون في كبر ضمير يعود على المصدر المفهوم من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=2لم تقولون ) ، أي كبر هو ، أي القول مقتا ، ومثله كبرت كلمة ، أي ما أكبرها كلمة ، وأن تقولوا بدل من المضمر ، أو خبر ابتداء مضمر . وقيل : هو من أبنية التعجب ، أي ما أكبره مقتا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : قصد في كبر التعجب من غير لفظه كقوله :
غلت ناب كليب بواؤها
ومعنى التعجب : تعظيم الأمر في قلوب السامعين ، لأن التعجب لا يكون إلا من شيء خارج عن نظرائه وأشكاله ، وأسند إلى ( أن تقولوا ) ونصب ( مقتا ) على تفسيره ، دلالة على أن قولهم ما لا يفعلون مقت خالص لا شوب فيه لفرط تمكن المقت منه ، واختير لفظ المقت لأنه أشد البغض ، ولم يقتصر على أن جعل البغض كثيرا حتى جعل أشده وأفحشه ، وعند الله أبلغ من ذلك ، لأنه إذا ثبت كبر مقته عند الله فقد تم كبره وشدته . انتهى . وقال
ابن عطية : والمقت : البغض من أجل ذنب أو ريبة أو دناءة يصنعها الممقوت . انتهى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : رجل ممقوت ومقيت ، إذا كان يبغضه كل أحد . انتهى . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي : يقاتلون بفتح التاء . وقيل : قرئ يقتلون ، وانتصب صفا على الحال ، أي صافين أنفسهم أو مصفوفين ، كأنهم في تراصهم من غير فرجة ولا خلل بنيان رص بعضه إلى بعض . والظاهر تشبيه الذوات في التحام بعضهم ببعض بالبنيان المرصوص . وقيل : المراد استواء نياتهم في الثبات حتى يكونوا في اجتماع الكلمة كالبنيان المرصوص . قيل : وفيه دليل على فضل القتال راجلا ، لأن الفرسان لا يصطفون على هذه الصفة ; وصفا وكأنهم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : حالان متداخلان . وقال
الحوفي : كأنهم في موضع النعت لصفا . انتهى . ويجوز أن يكونا
[ ص: 262 ] حالين من ضمير يقاتلون .
ولما كان في المؤمنين من يقول ما لا يفعل ، وهو راجع إلى الكذب ، فإن ذلك في معنى الإذاية للرسول عليه الصلاة والسلام ، إذ كان في أتباعه من عانى الكذب ، فناسب ذكر قصة
موسى وقوله لقومه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5لم تؤذونني ) ، وإذايتهم له كان بانتقاصه في نفسه وجحود آيات الله تعالى واقتراحاتهم عليه ما ليس لهم اقتراحه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5وقد تعلمون ) : جملة حالية تقتضي تعظيمه وتكريمه ، فرتبوا على علمهم أنه رسول الله ما لا يناسب العلم وهو الإذاية ، وقد تدل على التحقق في الماضي والتوقع في المضارع ، والمضارع هنا معناه المضي ، أي وقد علمتم ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64قد يعلم ما أنتم عليه ) ، أي قد علم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144قد نرى تقلب ) . وعبر عنه بالمضارع ليدل على استصحاب الفعل ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5فلما زاغوا ) عن الحق ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5أزاغ الله قلوبهم ) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : بأن منع ألطافه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5والله لا يهدي القوم الفاسقين ) : لا يلطف بهم ، لأنهم ليسوا من أهل اللطف . وقال غيره : أسند الزيغ إليهم ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5أزاغ الله ) كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=19نسوا الله فأنساهم أنفسهم ) ، وهو من العقوبة على الذنب بالذنب ، بخلاف قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118ثم تاب عليهم ليتوبوا ) .
ولما ذكر شيئا من قصة
موسى عليه السلام مع
بني إسرائيل ، ذكر أيضا شيئا من قصة
عيسى عليه السلام . وهناك قال : ( يا قوم ) لأنه من
بني إسرائيل ، وهنا قال
عيسى : ( يا بني إسرائيل ) من حيث لم يكن له فيهم أب ، وإن كانت أمه منهم . ومصدقا ومبشرا : حالان ، والعامل رسول ، أي مرسل ، ويأتي واسمه جملتان في موضع الصفة لرسول أخبر أنه مصدق لما تقدم من كتب الله الإلهية ، ولمن تأخر من النبي المذكور ، لأن التبشير بأنه رسول تصديق لرسالته . وروي أن الحواريين قالوا : يا رسول الله هل بعدنا من أمة ؟ قال : " نعم ، أمة أحمد ، صلى الله عليه وسلم ، حكماء علماء أبرار أتقياء ، كأنهم من الفقه أنبياء يرضون من الله باليسير من الرزق ، ويرضى الله منهم بالقليل من العمل " . وأحمد علم منقول من المضارع للمتكلم ، أو من أحمد أفعل التفضيل ، وقال
حسان :
صلى الإله ومن يحف بعرشه والطيبون على المبارك أحمد
وقال
القشيري : بشر كل نبي قومه بنبينا
محمد ، صلى الله عليه وسلم ، والله أفرد
عيسى بالذكر في هذا الموضع لأنه آخر نبي قبل نبينا ، صلى الله عليه وسلم ، فبين أن البشارة به عمت جميع الأنبياء واحدا بعد واحد حتى انتهت إلى
عيسى عليه السلام . والظاهر أن الضمير المرفوع في ( جاءهم ) يعود على
عيسى لأنه المحدث عنه . وقيل : يعود على أحمد . لما فرغ من كلام
عيسى ، تطرق إلى الإخبار عن أحمد ، صلى الله عليه وسلم ، وذلك على سبيل الإخبار للمؤمنين ، أي فلما جاء المبشر به هؤلاء الكفار بالمعجزات الواضحة قالوا : ( هذا سحر مبين ) . وقرأ الجمهور : سحر ، أي ما جاء به من البينات . وقرأ
عبد الله وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وابن وثاب : ساحر ، أي هذا الحال ساحر . وقرأ الجمهور : يدعي مبنيا للمفعول ;
وطلحة : يدعي مضارع ادعى مبنيا للفاعل ، وادعى يتعدى بنفسه إلى المفعول به ، لكنه لما ضمن معنى الانتماء والانتساب عدي بإلى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أيضا ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف : وهو يدعي بشد الدال ، بمعنى يدعي دعاه وادعاه ، نحو لمسه والتمسه .
( يريدون ) الآية : تقدم تفسير نظيرها في سورة التوبة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أصله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=29032يريدون أن يطفئوا ) ، كما جاء في سورة براءة ، وكأن هذه اللام زيدت مع فعل الإرادة تأكيدا له لما فيها من معنى الإرادة في قولك : جئتك لأكرمك ، كما زيدت اللام في : لا أبا لك ، تأكيدا لمعنى الإضافة في : لا أبا لك . انتهى . وقال نحوه
ابن عطية ، قال : واللام في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=8ليطفئوا ) لام مؤكدة ، دخلت على المفعول لأن التقدير : يريدون أن يطفئوا ، وأكثر ما تلزم هذه اللام المفعول إذا تقدم ، تقول : لزيد ضربت ، ولرؤيتك قصرت . انتهى . وما ذكره
ابن عطية من أن هذه اللام أكثر ما تلزم المفعول إذا تقدم ليس بأكثر ، بل الأكثر : زيدا ضربت ، من : لزيد ضربت . وأما قولهما إن اللام للتأكيد ، وإن التقدير أن يطفئوا ، فالإطفاء
[ ص: 263 ] مفعول ( يريدون ) ، فليس بمذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه والجمهور . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وابن زيد : هنا يريدون إبطال القرآن وتكذيبه بالقول . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : يريدون دفع الإسلام بالكلام . وقال
الضحاك : هلاك الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، بالأراجيف . وقال
ابن بحر : إبطال حجج الله بتكذيبهم .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : سبب نزولها أن الوحي أبطأ أربعين يوما ، فقال
كعب بن الأشرف : يا معشر يهود أبشروا ، أطفأ الله نور
محمد فيما كان ينزل عليه وما كان ليتم نوره ، فحزن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، فنزلت واتصل الوحي . وقرأ العربيان
ونافع وأبو بكر والحسن وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج وابن محيصن : ( متم ) بالتنوين ، ( نوره ) بالنصب ; وباقي السبعة
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : بالإضافة . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10تنجيكم ) مخففا ;
والحسن وابن أبي إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج وابن عامر : مشددا . والجمهور : ( تؤمنون ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=11وتجاهدون ) ;
وعبد الله : آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا أمرين ;
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي بالتاء ، فيهما محذوف النون فيهما . فأما توجيه قراءة الجمهور ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : هو بمعنى آمنوا على الأمر ، ولذلك جاء " يغفر " مجزوما . انتهى ، فصورته صورة الخبر ، ومعناه الأمر ، ويدل عليه قراءة
عبد الله ، ونظيره قوله : اتقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه ، أي ليتق الله ، وجيء به على صورة الخبر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : للإيذان بوجوب الامتثال وكأنه امتثل ، فهو يخبر عن إيمان وجهاد موجودين ، ونظيره قول الداعي : غفر الله لك ويغفر الله لك ، جعلت المغفرة لقوة الرجاء ، كأنها كانت ووجدت . انتهى . وقال
الأخفش : هو عطف بيان على تجارة ، وهذا لا يتخيل إلا على تقدير أن يكون الأصل أن تؤمنوا حتى يتقدر بمصدر ، ثم حذف أن فارتفع الفعل كقوله :
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى
يريد : أن أحضر ، فلما حذف أن ارتفع الفعل ، فكان تقدير الآية (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ) : إيمان بالله ورسوله وجهاد . وقال
ابن عطية : ( تؤمنون ) فعل مرفوع تقديره ذلك أنه تؤمنون . انتهى ، وهذا ليس بشيء ، لأن فيه حذف المبتدأ وحذف أنه وإبقاء الخبر ، وذلك لا يجوز . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وتؤمنون استئناف ، كأنهم قالوا : كيف نعمل ؟ فقال : تؤمنون ، ثم اتبع
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد فقال : هو خبر في معنى الأمر ، وبهذا أجيب بقوله : ( يغفر لكم ) . انتهى . وأما قراءة
عبد الله فظاهرة المعنى وجواب الأمر يغفر ، وأما قراءة
زيد فتتوجه على حذف لام الأمر ، التقدير : لتؤمنوا ، كقول الشاعر :
قلت لبواب على بابها تأذن لي أني من أحمائها
يريد : لتأذن ، ويغفر مجزوم على جواب الأمر في قراءة
عبد الله وقراءة
زيد ، وعلى تقدير
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد . وقال
الفراء : هو مجزوم على جواب الاستفهام ، وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10هل أدلكم ) ، واستبعد هذا التخريج . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : ليسوا إذا دلهم على ما ينفعهم يغفر لهم ، إنما يغفر لهم إذا آمنوا وجاهدوا . وقال
المهدوي : إنما يصح حملا على المعنى ، وهو أن يكون تؤمنون وتجاهدون عطف بيان على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=12هل أدلكم ) ، كأن التجارة لم يدر ما هي ، فبينت بالإيمان والجهاد ، فهي هما في المعنى ، فكأنه قال : هل تؤمنون وتجاهدون ؟ قال : فإن لم تقدر هذا التقدير لم يصح ، لأنه يصير : إن دللتم يغفر لكم ، والغفران إنما يجب بالقبول والإيمان لا بالدلالة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري نحوه ، قال : وجهه أن متعلق الدلالة هو التجارة ، والتجارة مفسرة بالإيمان والجهاد ، فكأنه قال : هل تتجرون بالإيمان والجهاد يغفر لكم ؟ انتهى ، وتقدم شرح بقية الآية . ولما ذكر تعالى ما يمنعهم من الثواب في الآخرة ، ذكر ما يسرهم في العاجلة ، وهي ما يفتح عليهم من البلاد . ( وأخرى ) : صفة لمحذوف ، أي ولكم مثوبة أخرى ، أو نعمة أخرى عاجلة إلى هذه النعمة الآجلة . فأخرى مبتدأ وخبره المقدر لكم ، وهو قول
الفراء ، ويرجحه البدل منه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13نصر من الله ) ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13تحبونها ) صفة ، أي محبوبة إليكم . وقال
[ ص: 264 ] قوم : وأخرى في موضع نصب بإضمار فعل ، أي ويمنحكم أخرى ; ونصر خبر مبتدأ ، أي ذلك ، أو هو نصر . وقال
الأخفش : وأخرى في موضع جر عطفا على تجارة ، وضعف هذا القول لأن هذه الأخرى ليست مما دل عليه ، إنما هي من الثواب الذي يعطيهم الله على الإيمان والجهاد بالنفس والمال . وقرأ الجمهور : ( نصر ) بالرفع ، وكذا (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وفتح قريب ) ;
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة : بالنصب فيها ثلاثتها ، ووصف أخرى بتحبونها ، لأن النفس قد وكلت بحب العاجل ، وفي ذلك تحريض على ما يحصل ذلك ، وهو الإيمان والجهاد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وفي تحبونها شيء من التوبيخ على محبة العاجل ، قال : فإن قلت : لم نصب من قرأ نصرا من الله وفتحا قريبا ؟ قلت : يجوز أن ينصب على الاختصاص ، أو على ينصرون نصرا ويفتح لكم فتحا ، أو على ( يغفر لكم ) و ( لهم جنات ) ويؤتكم أخرى نصرا وفتحا قريبا . فإن قلت علام عطف قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وبشر المؤمنين ) ؟ قلت : على ( تؤمنون ) ، لأنه في معنى الأمر ، كأنه قيل : آمنوا وجاهدوا يثبكم الله وينصركم ، وبشر يا رسول الله المؤمنين بذلك . انتهى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14كونوا أنصار الله ) : ندب المؤمنين إلى النصرة ووضع لهم هذا الاسم ، وإن كان قد صار عرفا
للأوس والخزرج ، وسماهم الله به . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج وعيسى وأبو عمرو والحرميان : أنصارا لله بالتنوين ;
والحسن والجحدري وباقي السبعة : بالإضافة إلى الله ، والظاهر أن كما في موضع نصب على إضمار ، أي قلنا لكم ذلك كما قال
عيسى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي : نعت لمصدر محذوف ، والتقدير : كونوا كونا . وقيل : نعت لأنصارا ، أي كونوا أنصار الله كما كان الحواريون أنصار
عيسى حين قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14من أنصاري إلى الله ) . انتهى . والحواريون اثنا عشر رجلا ، وهم أول من آمن
بعيسى ، بثهم
عيسى في الآفاق ، بعث
بطرس وبولس إلى
رومية ،
وأندارس ومتى إلى الأرض التي يأكل أهلها الناس ،
وبوقاس إلى أرض
بابل ،
وفيليس إلى
قرطاجنة وهي
إفريقية ،
ويحنس إلى
أقسوس قرية أصحاب الكهف ،
ويعقوبين إلى
بيت المقدس ،
وابن بليمن إلى أرض
الحجاز وتستمر إلى أرض البربر وما حولها ، وفي بعض أسمائهم إشكال من جهة الضبط ، فليلتمس ذلك من مظانه . فأيدنا الذين آمنوا
بعيسى على عدوهم ، وهم الذين كفروا
بعيسى ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14فأصبحوا ظاهرين ) : أي قاهرين لهم مستولين عليهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي وقتادة : ظاهرين : غالبين بالحجة والبرهان . وقيل : أيدنا المسلمين على الفرقتين الضالتين ، والله أعلم .
سُورَةُ الصَّفِّ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29032سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=2يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=3كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=4إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْم لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=7وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=8يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=9هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=11تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=12يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ )
[ ص: 260 ] الْمَرْصُوصُ ، قَالَ
الْفَرَّاءُ وَالْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ : هُوَ الْمَعْقُودُ بِالرَّصَاصِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : رَصَصْتُ الْبِنَاءَ : لَاءَمْتُ بَيْنَ أَجْزَائِهِ وَقَارَبْتُهُ حَتَّى يَصِيرَ كَقِطْعَةٍ وَاحِدَةٍ ، قَالَ
الرَّاعِي :
مَا لَقِيَ الْبِيضُ مِنَ الْحُرْقُوصِ بِفَتْحِ بَابِ الْمُغَلَّفِ الْمَرْصُوصِ
الْحُرْقُوصُ : دُوَيْبَّةٌ تُولَعُ بِالنِّسَاءِ الْأَبْكَارِ ، وَقِيلَ : هُوَ مِنَ التَّرْصِيصِ ، وَهُوَ انْصِمَامُ الْأَسْنَانِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=1سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=2يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=3كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=4إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=7وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=8يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=9هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=11تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=12يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ) .
[ ص: 261 ] هَذِهِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ . وَقَالَ
ابْنُ يَسَارٍ : مَكِّيَّةٌ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ . وَسَبَبُ نُزُولِهَا قَوْلُ الْمُنَافِقِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ : نَحْنُ مِنْكُمْ وَمَعَكُمْ ، ثُمَّ يَظْهَرُ مِنْ أَفْعَالِهِمْ خِلَافُ ذَلِكَ ; أَوْ قَوْلُ شَبَابٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ : فَعَلْنَا فِي الْغَزْوِ كَذَا وَلَمْ يَفْعَلُوا ; أَوْ قَوْلُ نَاسٍ : وَدِدْنَا أَنْ نَعْرِفَ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى رَبِّنَا حَتَّى نُعْنَى فِيهِ ، فَفَرَضَ الْجِهَادَ ; وَأَعْلَمَ تَعَالَى بِحُبِّ الْمُجَاهِدِينَ ، فَكَرِهَهُ قَوْمٌ وَفَرَّ بَعْضُهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ ، فَنَزَلَتْ أَقْوَالٌ . الْأَوَّلُ :
لِابْنِ زَيْدٍ ، وَالثَّانِي :
لِقَتَادَةَ ، وَالثَّالِثُ :
nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي صَالِحٍ .
وَمُنَاسَبَتُهَا لِآخِرِ السُّورَةِ قَبْلَهَا ، أَنَّ فِي آخِرِ تِلْكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=13يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ إِثْبَاتَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمْ ، فَحَضَّ تَعَالَى عَلَى الثَّبَاتِ إِذَا لَقِيَ الْمُؤْمِنُونَ فِي الْحَرْبِ أَعْدَاءَهُمْ . وَالنِّدَاءُ بِـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) ، إِنْ كَانَ لِلْمُؤْمِنِينَ حَقِيقَةً ، فَالِاسْتِفْهَامُ يُرَادُ بِهِ التَّلَطُّفُ فِي الْعَتْبِ ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُنَافِقِينَ ، فَالْمَعْنَى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) : أَيْ بِأَلْسِنَتِهِمْ ، وَالِاسْتِفْهَامُ يُرَادُ بِهِ الْإِنْكَارُ وَالتَّوْبِيخُ وَتَهَكُّمٌ بِهِمْ فِي إِسْنَادِ الْإِيمَانِ إِلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْفِعْلِ وَحْدَهُ . وَوَقَفَ عَلَيْهِ بِالْهَاءِ أَوْ بِسُكُونِ الْمِيمِ ، وَمَنْ سَكَّنَ فِي الْوَقْفِ فَلِإِجْرَائِهِ مُجْرَى الْوَقْفِ ، وَالظَّاهِرُ انْتِصَابُ ( مَقْتًا ) عَلَى التَّمْيِيزِ ، وَفَاعِلُ ( كَبُرَ ) : أَنْ ( تَقُولُوا ) ، وَهُوَ مِنَ التَّمْيِيزِ الْمَنْقُولِ مِنَ الْفَاعِلِ ، وَالتَّقْدِيرُ : كَبُرَ مَقْتُ قَوْلِكُمْ مَا لَا تَفْعَلُونَ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ نِعْمَ وَبِئْسَ ، فَيَكُونُ فِي كَبُرَ ضَمِيرٌ مُبْهَمٌ مُفَسَّرٌ بِالتَّمْيِيزِ ، وَأَنْ تَقُولُوا هُوَ الْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ ، أَيْ بِئْسَ مَقْتًا قَوْلُكُمْ كَذَا ، وَالْخِلَافُ الْجَارِي فِي الْمَرْفُوعِ فِي : بِئْسَ رَجُلًا زَيْدٌ ، جَارٍ فِي ( أَنْ تَقُولُوا ) هُنَا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي كَبُرَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=2لِمَ تَقُولُونَ ) ، أَيْ كَبُرَ هُوَ ، أَيِ الْقَوْلُ مَقْتًا ، وَمِثْلُهُ كَبُرَتْ كَلِمَةً ، أَيْ مَا أَكْبَرَهَا كَلِمَةً ، وَأَنْ تَقُولُوا بَدَلٌ مِنَ الْمُضْمَرِ ، أَوْ خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٍ . وَقِيلَ : هُوَ مِنْ أَبْنِيَةِ التَّعَجُّبِ ، أَيْ مَا أَكْبَرَهُ مَقْتًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : قَصَدَ فِي كَبُرَ التَّعَجُّبَ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ كَقَوْلِهِ :
غَلَّتْ نَابُ كُلَيْبٍ بَوَاؤُهَا
وَمَعْنَى التَّعَجُّبِ : تَعْظِيمُ الْأَمْرِ فِي قُلُوبِ السَّامِعِينَ ، لِأَنَّ التَّعَجُّبَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ شَيْءٍ خَارِجٍ عَنْ نُظَرَائِهِ وَأَشْكَالِهِ ، وَأُسْنِدَ إِلَى ( أَنْ تَقُولُوا ) وَنُصِبَ ( مَقْتًا ) عَلَى تَفْسِيرِهِ ، دَلَالَةً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ مَا لَا يَفْعَلُونَ مَقْتٌ خَالِصٌ لَا شَوْبَ فِيهِ لِفَرْطِ تَمَكُّنِ الْمَقْتِ مِنْهُ ، وَاخْتِيرَ لَفْظُ الْمَقْتِ لِأَنَّهُ أَشَدُّ الْبُغْضِ ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى أَنَّ جَعْلَ الْبُغْضِ كَثِيرًا حَتَّى جُعِلَ أَشَدَّهُ وَأَفْحَشَهُ ، وَعِنْدَ اللَّهِ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ كَبُرَ مَقْتُهُ عِنْدَ اللَّهِ فَقَدْ تَمَّ كِبْرُهُ وَشِدَّتُهُ . انْتَهَى . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَالْمَقْتُ : الْبُغْضُ مِنْ أَجْلِ ذَنْبٍ أَوْ رِيبَةٍ أَوْ دَنَاءَةٍ يَصْنَعُهَا الْمَمْقُوتُ . انْتَهَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : رَجُلٌ مَمْقُوتٌ وَمَقِيتٌ ، إِذَا كَانَ يُبْغِضُهُ كُلُّ أَحَدٍ . انْتَهَى . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : يُقَاتِلُونَ بِفَتْحِ التَّاءِ . وَقِيلَ : قُرِئَ يَقْتُلُونَ ، وَانْتَصَبَ صَفًّا عَلَى الْحَالِ ، أَيْ صَافِّينَ أَنْفُسَهُمْ أَوْ مَصْفُوفِينَ ، كَأَنَّهُمْ فِي تَرَاصِّهِمْ مِنْ غَيْرِ فُرْجَةٍ وَلَا خَلَلٍ بُنْيَانٌ رُصَّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ . وَالظَّاهِرُ تَشْبِيهُ الذَّوَاتِ فِي الْتِحَامِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ بِالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ . وَقِيلَ : الْمُرَادُ اسْتِوَاءُ نِيَّاتِهِمْ فِي الثَّبَاتِ حَتَّى يَكُونُوا فِي اجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ . قِيلَ : وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ الْقِتَالِ رَاجِلًا ، لِأَنَّ الْفُرْسَانَ لَا يَصْطَفُّونَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ; وَصْفًا وَكَأَنَّهُمْ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : حَالَانِ مُتَدَاخِلَانِ . وَقَالَ
الْحَوْفِيُّ : كَأَنَّهُمْ فِي مَوْضِعِ النَّعْتِ لِصَفًّا . انْتَهَى . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا
[ ص: 262 ] حَالَيْنِ مِنْ ضَمِيرِ يُقَاتِلُونَ .
وَلَمَّا كَانَ فِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَقُولُ مَا لَا يَفْعَلُ ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى الْكَذِبِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْإِذَايَةِ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، إِذْ كَانَ فِي أَتْبَاعِهِ مَنْ عَانَى الْكَذِبَ ، فَنَاسَبَ ذِكْرُ قِصَّةِ
مُوسَى وَقَوْلُهُ لِقَوْمِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5لِمَ تُؤْذُونَنِي ) ، وَإِذَايَتُهُمْ لَهُ كَانَ بِانْتِقَاصِهِ فِي نَفْسِهِ وَجُحُودِ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَاقْتِرَاحَاتِهِمْ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ لَهُمُ اقْتِرَاحُهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5وَقَدْ تَعْلَمُونَ ) : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ تَقْتَضِي تَعْظِيمَهُ وَتَكْرِيمَهُ ، فَرَتَّبُوا عَلَى عِلْمِهِمْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ مَا لَا يُنَاسِبُ الْعِلْمَ وَهُوَ الْإِذَايَةُ ، وَقَدْ تَدُلُّ عَلَى التَّحَقُّقِ فِي الْمَاضِي وَالتَّوَقُّعِ فِي الْمُضَارِعِ ، وَالْمُضَارِعُ هُنَا مَعْنَاهُ الْمُضِيُّ ، أَيْ وَقَدْ عَلِمْتُمْ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=64قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ ) ، أَيْ قَدْ عُلِمَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ ) . وَعُبِّرَ عَنْهُ بِالْمُضَارِعِ لِيَدُلَّ عَلَى اسْتِصْحَابِ الْفِعْلِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5فَلَمَّا زَاغُوا ) عَنِ الْحَقِّ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ) . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : بِأَنْ مَنَعَ أَلْطَافَهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) : لَا يَلْطُفُ بِهِمْ ، لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ اللُّطْفِ . وَقَالَ غَيْرُهُ : أَسْنَدَ الزَّيْغَ إِلَيْهِمْ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5أَزَاغَ اللَّهُ ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=19نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ) ، وَهُوَ مِنَ الْعُقُوبَةِ عَلَى الذَّنْبِ بِالذَّنْبِ ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ) .
وَلَمَّا ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ قِصَّةِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، ذَكَرَ أَيْضًا شَيْئًا مِنْ قِصَّةِ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَهُنَاكَ قَالَ : ( يَا قَوْمِ ) لِأَنَّهُ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَهُنَا قَالَ
عِيسَى : ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) مِنْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِمْ أَبٌ ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْهُمْ . وَمُصَدِّقًا وَمُبَشِّرًا : حَالَانِ ، وَالْعَامِلُ رَسُولٌ ، أَيْ مُرْسَلٌ ، وَيَأْتِي وَاسْمُهُ جُمْلَتَانِ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِرَسُولٍ أَخْبَرَ أَنَّهُ مُصَدِّقٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ الْإِلَهِيَّةِ ، وَلِمَنْ تَأَخَّرَ مِنَ النَّبِيِّ الْمَذْكُورِ ، لِأَنَّ التَّبْشِيرَ بِأَنَّهُ رَسُولٌ تَصْدِيقٌ لِرِسَالَتِهِ . وَرُوِيَ أَنَّ الْحَوَارِيِّينَ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ بَعْدَنَا مِنْ أُمَّةٍ ؟ قَالَ : " نَعَمْ ، أُمَّةُ أَحْمَدَ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حُكَمَاءُ عُلَمَاءُ أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ ، كَأَنَّهُمْ مِنَ الْفِقْهِ أَنْبِيَاءُ يَرْضَوْنَ مِنَ اللَّهِ بِالْيَسِيرِ مِنَ الرِّزْقِ ، وَيَرْضَى اللَّهُ مِنْهُمْ بِالْقَلِيلِ مِنَ الْعَمَلِ " . وَأَحْمَدُ عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنَ الْمُضَارِعِ لِلْمُتَكَلِّمِ ، أَوْ مِنْ أَحْمَدَ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ ، وَقَالَ
حَسَّانُ :
صَلَّى الْإِلَهُ وَمَنْ يَحِفُّ بِعَرْشِهِ وَالطَّيِّبُونَ عَلَى الْمُبَارَكِ أَحْمَدَ
وَقَالَ
الْقُشَيْرِيُّ : بَشَّرَ كُلُّ نَبِيٍّ قَوْمَهُ بِنَبِيِّنَا
مُحَمَّدٍ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاللَّهُ أَفْرَدَ
عِيسَى بِالذِّكْرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِأَنَّهُ آخِرُ نَبِيٍّ قَبْلَ نَبِيِّنَا ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَيَّنَ أَنَّ الْبِشَارَةَ بِهِ عَمَّتْ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ الْمَرْفُوعَ فِي ( جَاءَهُمْ ) يَعُودُ عَلَى
عِيسَى لِأَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ . وَقِيلَ : يَعُودُ عَلَى أَحْمَدَ . لَمَّا فَرَغَ مِنْ كَلَامِ
عِيسَى ، تَطَرَّقَ إِلَى الْإِخْبَارِ عَنْ أَحْمَدَ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ لِلْمُؤْمِنِينَ ، أَيْ فَلَمَّا جَاءَ الْمُبَشَّرُ بِهِ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ بِالْمُعْجِزَاتِ الْوَاضِحَةِ قَالُوا : ( هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ) . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : سِحْرٌ ، أَيْ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْبَيِّنَاتِ . وَقَرَأَ
عَبْدُ اللَّهِ وَطَلْحَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَابْنُ وَثَّابٍ : سَاحِرٌ ، أَيْ هَذَا الْحَالُ سَاحِرٌ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : يَدَّعِي مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ;
وَطَلْحَةُ : يَدَّعِي مُضَارِعُ ادَّعَى مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، وَادَّعَى يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ إِلَى الْمَفْعُولِ بِهِ ، لَكِنَّهُ لَمَّا ضَمِنَ مَعْنَى الِانْتِمَاءِ وَالِانْتِسَابِ عُدِّيَ بِإِلَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَيْضًا ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ : وَهُوَ يَدَّعِي بِشَدِّ الدَّالِ ، بِمَعْنَى يَدَّعِي دَعَاهُ وَادَّعَاهُ ، نَحْوُ لَمَسَهُ وَالْتَمَسَهُ .
( يُرِيدُونَ ) الْآيَةَ : تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ نَظِيرِهَا فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَصْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=29032يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا ) ، كَمَا جَاءَ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ ، وَكَأَنَّ هَذِهِ اللَّامَ زِيدَتْ مَعَ فِعْلِ الْإِرَادَةِ تَأْكِيدًا لَهُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْإِرَادَةِ فِي قَوْلِكَ : جِئْتُكَ لِأُكْرِمَكَ ، كَمَا زِيدَتِ اللَّامُ فِي : لَا أَبَا لَكَ ، تَأْكِيدًا لِمَعْنَى الْإِضَافَةِ فِي : لَا أَبَا لَكَ . انْتَهَى . وَقَالَ نَحْوَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ ، قَالَ : وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=8لِيُطْفِئُوا ) لَامٌ مُؤَكِّدَةٌ ، دَخَلَتْ عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ : يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا ، وَأَكْثَرُ مَا تَلْزَمُ هَذِهِ اللَّامُ الْمَفْعُولَ إِذَا تَقَدَّمَ ، تَقُولُ : لِزَيْدٍ ضَرَبْتُ ، وَلِرُؤْيَتِكَ قَصَرْتُ . انْتَهَى . وَمَا ذَكَرَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ مِنْ أَنَّ هَذِهِ اللَّامَ أَكْثَرُ مَا تَلْزَمُ الْمَفْعُولَ إِذَا تَقَدَّمَ لَيْسَ بِأَكْثَرَ ، بَلِ الْأَكْثَرُ : زَيْدًا ضَرَبْتُ ، مِنْ : لِزَيْدٍ ضَرَبْتُ . وَأَمَّا قَوْلُهُمَا إِنَّ اللَّامَ لِلتَّأْكِيدِ ، وَإِنَّ التَّقْدِيرَ أَنْ يُطْفِئُوا ، فَالْإِطْفَاءُ
[ ص: 263 ] مَفْعُولُ ( يُرِيدُونَ ) ، فَلَيْسَ بِمَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ وَالْجُمْهُورِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ زَيْدٍ : هُنَا يُرِيدُونَ إِبْطَالَ الْقُرْآنِ وَتَكْذِيبَهُ بِالْقَوْلِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : يُرِيدُونَ دَفْعَ الْإِسْلَامِ بِالْكَلَامِ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : هَلَاكَ الرَّسُولِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِالْأَرَاجِيفِ . وَقَالَ
ابْنُ بَحْرٍ : إِبْطَالَ حُجَجِ اللَّهِ بِتَكْذِيبِهِمْ .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ الْوَحْيَ أَبْطَأَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، فَقَالَ
كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ : يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَبْشِرُوا ، أَطْفَأَ اللَّهُ نُورَ
مُحَمَّدٍ فِيمَا كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ وَمَا كَانَ لِيُتِمَّ نُورَهُ ، فَحَزِنَ الرَّسُولُ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَزَلَتْ وَاتَّصَلَ الْوَحْيُ . وَقَرَأَ الْعَرَبِيَّانِ
وَنَافِعٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْحَسَنُ وَطَلْحَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ : ( مُتِمٌّ ) بِالتَّنْوِينِ ، ( نُورَهُ ) بِالنَّصْبِ ; وَبَاقِي السَّبْعَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : بِالْإِضَافَةِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10تُنْجِيكُمْ ) مُخَفَّفًا ;
وَالْحَسَنُ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ وَابْنُ عَامِرٍ : مُشَدَّدًا . وَالْجُمْهُورُ : ( تُؤْمِنُونَ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=11وَتُجَاهِدُونَ ) ;
وَعَبْدُ اللَّهِ : آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجَاهِدُوا أَمْرَيْنِ ;
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ بِالتَّاءِ ، فِيهِمَا مَحْذُوفَ النُّونِ فِيهِمَا . فَأَمَّا تَوْجِيهُ قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : هُوَ بِمَعْنَى آمِنُوا عَلَى الْأَمْرِ ، وَلِذَلِكَ جَاءَ " يَغْفِرْ " مَجْزُومًا . انْتَهَى ، فَصُورَتُهُ صُورَةُ الْخَبَرِ ، وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ
عَبْدِ اللَّهِ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ : اتَّقَى اللَّهَ امْرُؤٌ فَعَلَ خَيْرًا يُثَبْ عَلَيْهِ ، أَيْ لِيَتَّقِ اللَّهَ ، وَجِيءَ بِهِ عَلَى صُورَةِ الْخَبَرِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : لِلْإِيذَانِ بِوُجُوبِ الِامْتِثَالِ وَكَأَنَّهُ امْتَثَلَ ، فَهُوَ يُخْبِرُ عَنْ إِيمَانٍ وَجِهَادٍ مَوْجُودَيْنِ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الدَّاعِي : غَفَرَ اللَّهُ لَكَ وَيَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ، جُعِلَتِ الْمَغْفِرَةُ لِقُوَّةِ الرَّجَاءِ ، كَأَنَّهَا كَانَتْ وَوُجِدَتْ . انْتَهَى . وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : هُوَ عَطْفُ بَيَانٍ عَلَى تِجَارَةٍ ، وَهَذَا لَا يُتَخَيَّلُ إِلَّا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ أَنْ تُؤْمِنُوا حَتَّى يَتَقَدَّرَ بِمَصْدَرٍ ، ثُمَّ حُذِفَ أَنْ فَارْتَفَعَ الْفِعْلُ كَقَوْلِهِ :
أَلَا أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرُ الْوَغَى
يُرِيدُ : أَنْ أَحْضُرَ ، فَلَمَّا حُذِفَ أَنِ ارْتَفَعَ الْفِعْلُ ، فَكَانَ تَقْدِيرُ الْآيَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) : إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٌ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : ( تُؤْمِنُونَ ) فِعْلٌ مَرْفُوعٌ تَقْدِيرُهُ ذَلِكَ أَنَّهُ تُؤْمِنُونَ . انْتَهَى ، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ ، لِأَنَّ فِيهِ حَذْفَ الْمُبْتَدَأِ وَحَذْفَ أَنَّهُ وَإِبْقَاءَ الْخَبَرِ ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَتُؤْمِنُونَ اسْتِئْنَافٌ ، كَأَنَّهُمْ قَالُوا : كَيْفَ نَعْمَلُ ؟ فَقَالَ : تُؤْمِنُونَ ، ثُمَّ اتَّبَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ فَقَالَ : هُوَ خَبَرٌ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ ، وَبِهَذَا أُجِيبَ بِقَوْلِهِ : ( يَغْفِرْ لَكُمْ ) . انْتَهَى . وَأَمَّا قِرَاءَةُ
عَبْدِ اللَّهِ فَظَاهِرَةُ الْمَعْنَى وَجَوَابُ الْأَمْرِ يَغْفِرْ ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ
زَيْدٍ فَتَتَوَجَّهُ عَلَى حَذْفِ لَامِ الْأَمْرِ ، التَّقْدِيرُ : لِتُؤْمِنُوا ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ :
قُلْتُ لِبَوَّابٍ عَلَى بَابِهَا تَأْذَنْ لِي أَنِّي مِنْ أَحْمَائِهَا
يُرِيدُ : لِتَأْذَنْ ، وَيَغْفِرْ مَجْزُومٌ عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ فِي قِرَاءَةِ
عَبْدِ اللَّهِ وَقِرَاءَةِ
زَيْدٍ ، وَعَلَى تَقْدِيرِ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدِ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : هُوَ مَجْزُومٌ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10هَلْ أَدُلُّكُمْ ) ، وَاسْتُبْعِدَ هَذَا التَّخْرِيجُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : لَيْسُوا إِذَا دَلَّهُمْ عَلَى مَا يَنْفَعُهُمْ يَغْفِرُ لَهُمْ ، إِنَّمَا يَغْفِرُ لَهُمْ إِذَا آمَنُوا وَجَاهَدُوا . وَقَالَ
الْمَهْدَوِيُّ : إِنَّمَا يَصِحُّ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ تُؤْمِنُونَ وَتُجَاهِدُونَ عَطْفَ بَيَانٍ عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=12هَلْ أَدُلُّكُمْ ) ، كَأَنَّ التِّجَارَةَ لَمْ يُدْرَ مَا هِيَ ، فَبُيِّنَتْ بِالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ ، فَهِيَ هُمَا فِي الْمَعْنَى ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : هَلْ تُؤْمِنُونَ وَتُجَاهِدُونَ ؟ قَالَ : فَإِنْ لَمْ تُقَدَّرْ هَذَا التَّقْدِيرَ لَمْ يَصِحَّ ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ : إِنْ دُلِلْتُمْ يَغْفِرْ لَكُمْ ، وَالْغُفْرَانُ إِنَّمَا يَجِبُ بِالْقَبُولِ وَالْإِيمَانِ لَا بِالدِّلَالَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ نَحْوُهُ ، قَالَ : وَجْهُهُ أَنَّ مُتَعَلَّقَ الدِّلَالَةِ هُوَ التِّجَارَةُ ، وَالتِّجَارَةُ مُفَسَّرَةٌ بِالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : هَلْ تَتَّجِرُونَ بِالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ يُغْفَرْ لَكُمْ ؟ انْتَهَى ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ بَقِيَّةُ الْآيَةِ . وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَا يَمْنَعُهُمْ مِنَ الثَّوَابِ فِي الْآخِرَةِ ، ذَكَرَ مَا يَسُرُّهُمْ فِي الْعَاجِلَةِ ، وَهِيَ مَا يُفْتَحُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبِلَادِ . ( وَأُخْرَى ) : صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ ، أَيْ وَلَكُمْ مَثُوبَةٌ أُخْرَى ، أَوْ نِعْمَةٌ أُخْرَى عَاجِلَةٌ إِلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ الْآجِلَةِ . فَأُخْرَى مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ الْمُقَدَّرُ لَكُمْ ، وَهُوَ قَوْلُ
الْفَرَّاءِ ، وَيُرَجِّحُهُ الْبَدَلُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ ) ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13تُحِبُّونَهَا ) صِفَةٌ ، أَيْ مَحْبُوبَةٌ إِلَيْكُمْ . وَقَالَ
[ ص: 264 ] قَوْمٌ : وَأُخْرَى فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ ، أَيْ وَيَمْنَحُكُمْ أُخْرَى ; وَنَصْرٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ ، أَيْ ذَلِكَ ، أَوْ هُوَ نَصْرٌ . وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : وَأُخْرَى فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَطْفًا عَلَى تِجَارَةٍ ، وَضَعُفَ هَذَا الْقَوْلُ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُخْرَى لَيْسَتْ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الثَّوَابِ الَّذِي يُعْطِيهِمُ اللَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( نَصْرٌ ) بِالرَّفْعِ ، وَكَذَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ) ;
nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : بِالنَّصْبِ فِيهَا ثَلَاثَتُهَا ، وَوَصْفُ أُخْرَى بِتُحِبُّونَهَا ، لِأَنَّ النَّفْسَ قَدْ وُكِّلَتْ بِحُبِّ الْعَاجِلِ ، وَفِي ذَلِكَ تَحْرِيضٌ عَلَى مَا يَحْصُلُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالْجِهَادُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَفِي تُحِبُّونَهَا شَيْءٌ مِنَ التَّوْبِيخِ عَلَى مَحَبَّةِ الْعَاجِلِ ، قَالَ : فَإِنْ قُلْتَ : لِمَ نَصَبَ مَنْ قَرَأَ نَصْرًا مِنَ اللَّهِ وَفَتْحًا قَرِيبًا ؟ قُلْتُ : يَجُوزُ أَنْ يُنْصَبَ عَلَى الِاخْتِصَاصِ ، أَوْ عَلَى يُنْصَرُونَ نَصْرًا وَيَفْتَحُ لَكُمْ فَتْحًا ، أَوْ عَلَى ( يَغْفِرْ لَكُمْ ) وَ ( لَهُمْ جَنَّاتٌ ) وَيُؤْتِكُمْ أُخْرَى نَصْرًا وَفَتْحًا قَرِيبًا . فَإِنْ قُلْتَ عَلَامَ عُطِفَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) ؟ قُلْتُ : عَلَى ( تُؤْمِنُونَ ) ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : آمِنُوا وَجَاهِدُوا يُثِبْكُمُ اللَّهُ وَيَنْصُرْكُمْ ، وَبَشِّرْ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ . انْتَهَى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ ) : نَدَبَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى النُّصْرَةِ وَوَضَعَ لَهُمْ هَذَا الِاسْمَ ، وِإِنْ كَانَ قَدْ صَارَ عُرْفًا
لِلْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ، وَسَمَّاهُمُ اللَّهُ بِهِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجُ وَعِيسَى وَأَبُو عَمْرٍو وَالْحَرَمِيَّانِ : أَنْصَارًا لِلَّهِ بِالتَّنْوِينِ ;
وَالْحَسَنُ وَالْجَحْدَرِيُّ وَبَاقِي السَّبْعَةِ : بِالْإِضَافَةِ إِلَى اللَّهِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَمَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى إِضْمَارٍ ، أَيْ قُلْنَا لَكُمْ ذَلِكَ كَمَا قَالَ
عِيسَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٌّ : نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ ، وَالتَّقْدِيرُ : كُونُوا كَوْنًا . وَقِيلَ : نَعْتٌ لِأَنْصَارًا ، أَيْ كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا كَانَ الْحَوَارِيُّونَ أَنْصَارَ
عِيسَى حِينَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ) . انْتَهَى . وَالْحَوَارِيُّونَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا ، وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ
بِعِيسَى ، بَثَّهُمْ
عِيسَى فِي الْآفَاقِ ، بَعَثَ
بُطْرُسَ وَبُولُسَ إِلَى
رُومِيَّةَ ،
وَأَنْدَارَسَ وَمَتَّى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي يَأْكُلُ أَهْلُهَا النَّاسَ ،
وَبُوقَاسَ إِلَى أَرْضِ
بَابِلَ ،
وَفِيلِيسَ إِلَى
قَرْطَاجَنَّةَ وَهِيَ
إِفْرِيقِيَّةُ ،
وَيَحْنَسَ إِلَى
أُقْسُوسَ قَرْيَةَ أَصْحَابِ الْكَهْفِ ،
وَيَعْقُوبِينَ إِلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ ،
وَابْنَ بَلْيَمَنَ إِلَى أَرْضِ
الْحِجَازِ وَتَسْتَمَرَ إِلَى أَرْضِ الْبَرْبَرِ وَمَا حَوْلَهَا ، وَفِي بَعْضِ أَسْمَائِهِمْ إِشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ الضَّبْطِ ، فَلْيُلْتَمَسْ ذَلِكَ مِنْ مَظَانِّهِ . فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا
بِعِيسَى عَلَى عَدُوِّهِمْ ، وَهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا
بِعِيسَى ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ) : أَيْ قَاهِرِينَ لَهُمْ مُسْتَوْلِينَ عَلَيْهِمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَقَتَادَةُ : ظَاهِرِينَ : غَالِبِينَ بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ . وَقِيلَ : أَيَّدْنَا الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْفِرْقَتَيْنِ الضَّالَّتَيْنِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .