[ ص: 288 ] ( سورة التحريم مدنية وهي اثنتا عشرة آية )
( بسم الله الرحمن الرحيم )
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29037يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=2قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=3وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=7يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون .
[ ص: 289 ] هذه السورة مدنية ، وسبب نزولها ما يأتي ذكره في تفسير أوائلها ، والمناسبة بينها وبين السورة قبلها أنه لما ذكر جملة من أحكام زوجات المؤمنين ، ذكر هنا ما جرى من بعض زوجات رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . يا أيها النبي : نداء إقبال وتشريف وتنبيه بالصفة على عصمته مما يقع فيه من ليس بمعصوم . لم تحرم سؤال تلطف ; ولذلك قدم قبله يا أيها النبي كما جاء في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43عفا الله عنك لم أذنت لهم . ومعنى ( تحرم ) تمنع ، وليس التحريم المشروع بوحي من الله ، وإنما هو امتناع لتطييب خاطر بعض من يحسن معه العشرة . ما أحل الله لك هو مباشرة
مارية جاريته ، وكان - صلى الله عليه وسلم - ألم بها في بيت بعض نسائه ، فغارت من ذلك صاحبة البيت ، فطيب خاطرها بامتناعه منها ، واستكتمها ذلك ، فأفشته إلى بعض نسائه . وقيل : هو عسل كان يشربه عند بعض نسائه ، فكان ينتاب بيتها لذلك ، فغار بعضهن من دخوله بيت التي عندها العسل ، وتواصين على أن يذكرن له على أن رائحة ذلك العسل ليس بطيب ، فقال : " لا أشربه " . و
nindex.php?page=showalam&ids=14423للزمخشري هنا كلام أضربت عنه صفحا ، كما ضربت عن كلامه في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43عفا الله عنك لم أذنت لهم وكلامه هذا ونحوه محقق قوي فيه ، ويعزو إلى المعصوم ما ليس لائقا . فلو حرم الإنسان على نفسه شيئا أحله الله ، كشرب عسل ، أو وطء سرية . واختلفوا إذا قال لزوجته : أنت علي حرام ، أو الحلال علي حرام ، ولا يستثني زوجته . فقال جماعة ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ومسروق وربيعة وأبو سلمة وأصبغ : هو كتحريم الماء والطعام . وقال - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=87لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم والزوجة من الطيبات ومما أحله الله . وقال
أبو بكر وعمر وزيد nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود و
عائشة nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب ، و
عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ، و
قتادة والحسن و
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وجماعة : هو يمين يكفرها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أيضا في إحدى روايتيه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أحد قوليه : فيه تكفير يمين وليس بيمين . وقال
أبو حنيفة وسفيان والكوفيون : هذا ما أراد من الطلاق ، فإن لم يرد طلاقها فهو لا شيء . وقال آخرون : كذلك ، فإن لم يرد فهو يمين . وفي التحرير ، قال
أبو حنيفة وأصحابه : إن نوى الطلاق فواحدة بائنة ، أو اثنين فواحدة ، أو ثلاثا فثلاث ، أو لم ينو شيئا فيمين وهو مول ، أو الظهار فظهار . وقال
ابن القاسم : لا تنفعه نية الظهار ويكون طلاقا . وقال
يحيى بن عمر : يكون ، فإن ارتجعها ، فلا يجوز له وطئها حتى يكفر كفارة الظهار فما زاد من أعداده ، فإن نوى واحدة فرجعية ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي وسفيان nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور أي : أي شيء نوى به من الطلاق وقع وإن لم ينو شيئا ، فقال
سفيان : لا شيء عليه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : تقع واحدة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : له نيته ولا يكون أقل من واحدة ، فإن لم ينو فلا شيء . وقال
ابن جبير : عليه عتق رقبة وإن لم يكن ظهارا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12135أبو قلابة وعثمان وأحمد وإسحاق : التحريم ظهار ، ففيه كفارة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن نوى أنها محرمة كظهر أمه ، فظهار أو تحريم عينها بغير طلاق ، أو لم ينو فكفارة يمين . وقال
مالك : هي ثلاث في المدخول بها ، وينوي في غير المدخول بها ، فهو ما أراد من واحدة أو اثنتين أو ثلاث . وقاله
علي وزيد nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة . وقيل : في المدخول بها ثلاث ، قاله
علي أيضا ، و
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم والحكم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=12873وعبد الملك بن الماجشون : هي ثلاث في الوجهين ، ولا ينوي في شيء . وروى
ابن خويز منداد عن
مالك ، وقاله
زيد nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان : إنها واحدة بائنة في المدخول بها وغير المدخول بها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=15136وعبد العزيز بن الماجشون : هي واحدة رجعية . وقال
أبو مصعب ومحمد بن الحكم : هي في
[ ص: 290 ] التي لم يدخل بها واحدة ، وفي المدخول بها ثلاث . وفي الكشاف لا يراه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يمينا ، ولكن سببا في الكفارة في النساء وحدهن ، وإن نوى الطلاق فهو رجعي . وعن
عمر : إذا نوى الطلاق فرجعي . وعن
علي : ثلاث . وعن
زيد : واحدة . وعن
عثمان : ظهار . انتهى . وقال أيضا :
nindex.php?page=treesubj&link=29037ولم يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لما أحله : " هو حرام علي " ، وإنما امتنع من
مارية ليمين تقدمت منه ، وهو قوله : والله لا أقربها بعد اليوم ، فقيل له :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=1لم تحرم ما أحل الله لك أي : لم تمتنع منه بسبب اليمين ؟ يعني أقدم على ما حلفت عليه وكفر ، ونحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=12وحرمنا عليه المراضع أي : منعناه منها . انتهى . و ( تبتغي ) في موضع الحال . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : تفسير لـ ( تحرم ) أو استئناف ( مرضاة ) رضا أزواجك ، أي : بالامتناع مما أحله الله لك .
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29037قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم . الظاهر أنه كان حلف على أنه يمتنع من وطء
مارية ، أو من شرب ذلك العسل ، على الخلاف في السبب ، و ( فرض ) إحالة على آية العقود ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان . و ( تحلة ) : مصدر حلل ، كتكرمة من كرم ، وليس مصدرا مقيسا ، والمقيس : التحليل والتكريم ; لأن قياس فعل الصحيح العين غير المهموز هو التفعيل ، وأصل هذا تحللة فأدغم . وعن
مقاتل : أعتق رقبة في تحريم
مارية . وعن
الحسن : لم يكفر . انتهى . فدل على أنه لم يكن ثم يمين . و بعض أزواجه
حفصة ، والحديث هو بسبب
مارية . فلما نبأت به أي : أخبرت
عائشة . وقيل : الحديث إنما هو : " شربت عسلا " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران : هو إسراره إلى
حفصة أن
أبا بكر وعمر يملكان إمرتي من بعدي خلافة . وقرأ الجمهور : فلما نبأت به . و
طلحة : أنبأت ، والعامل في إذا " اذكر " ، وذكر ذلك على سبيل التأنيب لمن أسر له فأفشاه . ونبأ وأنبأ ، الأصل أن يتعديا إلى واحد بأنفسهما ، وإلى ثان بحرف الجر ، ويجوز حذفه فتقول : نبأت به ، المفعول الأول محذوف ، أي غيرها . و من أنبأك هذا أي : بهذا قال نبأني أي نبأني به أو نبأنيه ، فإذا ضمنت معنى أعلم ، تعدت إلى ثلاثة مفاعيل ، نحو قول الشاعر :
نبئت زرعة ، والسفاهة كاسمها تهدي إلي غرائب الأشعار
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=3وأظهره الله عليه أي : أطلعه ، أي : على إفشائه ، وكان قد تكوتم فيه ، وذلك بإخبار
جبريل - عليه السلام . وجاءت الكناية هنا عن التفشية والحذف للمفشى إليها بالسر ، حياطة وصونا عن التصريح بالاسم ، إذ لا يتعلق بالتصريح بالاسم غرض . وقرأ الجمهور : ( عرف ) بشد الراء ، والمعنى : أعلم به وأنب عليه . وقرأ
السلمي والحسن وقتادة ، و
طلحة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وأبو عمرو في رواية
هارون عنه : بخف الراء ، أي : جازى بالعتب واللوم ، كما تقول لمن يؤذيك : لأعرفن لك ذلك ، أي : لأجازينك . وقيل : إنه طلق
حفصة وأمر بمراجعتها . وقيل : عاتبها ولم يطلقها . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب وعكرمة : ( عراف ) بألف بعد الراء ، وهي إشباع . وقال
ابن خالويه : ويقال إنها لغة يمانية ، ومثالها قوله :
أعوذ بالله من العقراب الشائلات عقد الأذناب
يريد : من العقرب .
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=3وأعرض عن بعض أي : تكرما وحياء وحسن عشرة . قال
الحسن : ما استقصى كريم قط . وقال
سفيان : ما زال التغافل من فعل الكرام ، ومفعول ( عرف ) المشدد محذوف ، أي : عرفها بعضه ، أي : أعلم ببعض الحديث . وقيل : المعرف خلافة الشيخين ، والذي أعرض عنه حديث
مارية . ولما أفشت
حفصة الحديث لـ
عائشة واكتتمتها إياه ، ونبأها الرسول - صلى الله عليه وسلم - به ، ظنت أن
عائشة فضحتها ، فقالت : من أنبأك هذا على سبيل التثبت ، فأخبرها أن الله هو الذي نبأه به ، فسكنت وسلمت . إن تتوبا إلى الله انتقال من غيبة إلى خطاب ، ويسمى الالتفات ، والخطاب لـ
حفصة و
عائشة . فقد صغت مالت عن الصواب ، وفي حرف عبد الله : راغت ، وأتى بالجمع في قوله : ( قلوبكما ) وحسن ذلك
[ ص: 291 ] إضافته إلى مثنى ، وهو ضميراهما ، والجمع في مثل هذا أكثر استعمالا من المثنى ، والتثنية دون الجمع ، كما قال الشاعر :
فتخالسا نفسيهما بنوافذ كنوافذ العبط التي لا ترفع
وهذا كان القياس ، وذلك أن يعبر بالمثنى عن المثنى ، لكن كرهوا اجتماع تثنيتين فعدلوا إلى الجمع ; لأن التثنية جمع في المعنى ، والإفراد لا يجوز عند أصحابنا إلا في الشعر ، كقوله :
حمامة بطن الواديين ترنمي
يريد : بطني .
وغلط
ابن مالك ، فقال في كتاب التسهيل : ونختار لفظ الإفراد على لفظ التثنية .
وقرأ الجمهور : ( تظاهرا ) بشد الظاء ، وأصله تتظاهرا ، وأدغمت التاء في الظاء ، وبالأصل قرأ
عكرمة ، وبتخفيف الظاء قرأ
أبو رجاء والحسن وطلحة وعاصم ونافع في رواية ، وبشد الظاء والهاء دون ألف قرأ
أبو عمرو في رواية ، والمعنى : وأن تتعاونا عليه في إفشاء سره والإفراط في الغيرة فإن الله هو مولاه أي : مظاهره ومعينه ، والأحسن الوقف على قوله : ( مولاه ) . ويكون (
وجبريل ) مبتدأ وما بعده معطوف عليه ، والخبر ( ظهير ) . فيكون ابتداء الجملة
بجبريل ، وهو أمين وحي الله واختتامه بالملائكة . وبدئ
بجبريل ، وأفرد بالذكر تعظيما له وإظهارا لمكانته عند الله . ويكون قد ذكر مرتين ، مرة بالنص ومرة في العموم . واكتنف صالح المؤمنين
جبريل تشريفا لهم واعتناء بهم ، إذ جعلهم بين الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون . فعلى هذا
جبريل داخل في الظهراء لا في الولاية ، ويختص الرسول بأن الله هو مولاه . وجوزوا أن يكون وجبريل وصالح المؤمنين عطفا على اسم الله ، فيدخلان في الولاية ، ويكون ( والملائكة ) مبتدأ ، والخبر ( ظهير ) فيكون
جبريل داخلا في الولاية بالنص ، وفي الظهراء بالعموم ، والظاهر عموم وصالح المؤمنين فيشمل كل صالح . وقال
قتادة والعلاء بن العلاء بن زيد : هم الأنبياء ، وتكون مظاهرتهم له كونهم قدوة ، فهم ظهراء بهذا المعنى . وقال
عكرمة والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ومجاهد : المراد
أبو بكر وعمر ، وزاد
مجاهد : و
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب . وقيل : الصحابة . وقيل : الخلفاء . وعن
ابن جبير : من برئ من النفاق ، و ( صالح ) يحتمل أن يراد به الجمع ، وإن كان مفردا فيكون كالسامر في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=67مستكبرين به سامرا أي سمارا . ويحتمل أن يكون جمعا حذفت منه الواو خطأ لحذفها لفظا ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=18سندع الزبانية وأفرد الظهير لأن المراد فوج ظهير ، وكثيرا ما يأتي فعيل نحو هذا للمفرد والمثنى والمجموع بلفظ المفرد ، كأنهم في المظاهرة يد واحدة على من يعاديه ، فما قدر تظاهر امرأتين على من هؤلاء ظهراؤه ، وذلك إشارة إلى تظاهرهما ، أو إلى الولاية .
وفي الحديث
أن عمر قال : يا رسول الله لا تكترث بأمر نسائك ، والله معك ، و جبريل معك ، وأبو بكر وأنا معك ، فنزلت . وروي عنه أنه قال لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم : عسى ربه إن طلقكن الآية ، فنزلت . وقرأ الجمهور : " طلقكن " بفتح القاف ،
وأبو عمرو في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : بإدغامها في الكاف ، وتقدم ذكر الخلاف في : أن يبدله في سورة الكهف ، والمتبدل به محذوف لدلالة المعنى عليه ، تقديره : أن يبدله خيرا منكن ; لأنهن إذا طلقهن كان طلاقهن لسوء عشرتهن ، واللواتي يبدلهن بهذه الأوصاف يكن خيرا منهن . وبدأ في وصفهن بالإسلام ، وهو الانقياد ، ثم بالإيمان ، وهو التصديق ، ثم بالقنوت ، وهو الطواعية ، ثم بالتوبة ، وهي الإقلاع عن الذنب ، ثم بالعبادة ، وهي التلذذ ، ثم بالسياحة ، وهي كناية عن الصوم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وقتادة والضحاك . وقيل : إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فسره بذلك ، قاله أيضا
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير nindex.php?page=showalam&ids=15944وزيد بن أسلم وابنه
عبد الرحمن . قال
الفراء والقتبي : سمي الصائم سائحا لأن السائح لا زاد معه ، وإنما يأكل من حيث يجد الطعام . وقال
زيد بن [ ص: 292 ] أسلم ويمان : مهاجرات . وقال
ابن زيد : ليس في الإسلام سياحة إلا الهجرة . وقيل : ذاهبات في طاعة الله . وقرأ الجمهور : ( سائحات ) و
عمرو بن فائد : ( سيحات ) وهذه الصفات تجتمع ، وأما الثيوبة والبكارة فلا يجتمعان ، فلذلك عطف أحدهما على الآخر ، ولو لم يأت بالواو لاختل المعنى . وذكر الجنسين لأن في أزواجه - صلى الله عليه وسلم - من تزوجها بكرا ، والثيب : الراجع بعد زوال العذرة ، يقال : ثابت تثوب ثووبا ، ووزنه فعيل كسيد .
ولما وعظ أزواج الرسول - صلى الله عليه وسلم - موعظة خاصة ، أتبع ذلك بموعظة عامة للمؤمنين وأهليهم ، وعطف ( وأهليكم ) على ( أنفسكم ) لأن رب المنزل راع وهو مسئول عن أهله . ومعنى وقايتهم : حملهم على طاعته وإلزامهم أداء ما فرض عليهم . قال
عمر :
يا رسول الله nindex.php?page=treesubj&link=29037_17970_17942نقي أنفسنا ، فكيف لنا بأهلينا ؟ قال : تنهونهن عما نهاكم الله تعالى عنه ، وتأمرونهن بما أمركم الله به ، فيكون ذلك وقاية بينهن وبين النار ، ودخل الأولاد في ( وأهليكم ) . وقيل : دخلوا في ( أنفسكم ) لأن الولد بعض من أبيه ، فيعلمه الحلال والحرام ويجنبه المعاصي . وقرئ : " وأهلوكم " بالواو ، وهو معطوف على الضمير في ( قوا ) وحسن العطف للفصل بالمفعول . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : أليس التقدير قوا أنفسكم وليق أهلوكم أنفسهم ؟ ( قلت ) : لا ، ولكن المعطوف مقارن في التقدير للواو ، و ( أنفسكم ) واقع بعده ، فكأنه قيل : قوا أنتم وأهلوكم أنفسكم . لما جمعت مع المخاطب الغائب غلبته عليه . فجعلت ضميرهما معا على لفظ المخاطب . انتهى . وتناقض في قوله هذا لأنه قدر ( وليق أهلوكم ) فجعله من عطف الجمل ; لأن ( أهلوكم ) اسم ظاهر لا يمكن عنده أن يرتفع بفعل الأمر الذي للمخاطب ، وكذا في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=35اسكن أنت وزوجك الجنة ثم قال : ولكن المعطوف مقارن في التقدير للواو . فتناقض لأنه في هذا جعله مقارنا في التقدير للواو ، وفيما قبله رفعه بفعل آخر غير الرافع للواو وهو و ( ليق ) وتقدم الخلاف في فتح الواو في قوله : ( وقودها ) وضمها في البقرة . وتفسير وقودها الناس والحجارة في البقرة عليها ملائكة هي الزبانية التسعة عشر وأعوانهم . ووصفهم بالغلظ ، إما لشدة أجسامهم وقوتها ، وإما لفظاظتهم ; لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159ولو كنت فظا غليظ القلب أي : ليس فيهم رقة ولا حنة على العصاة . وانتصب ما أمرهم على البدل ، أي : لا يعصون أمره لقوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=93أفعصيت أمري أو على إسقاط حرف الجر . أي : فيما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . قيل : كرر المعنى توكيدا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) أليس الجملتان في معنى واحد ؟ ( قلت ) : لا فإن معنى الأولى : أنهم يتقبلون أوامره ويلتزمونها ولا يأبونها ولا ينكرونها ، ومعنى الثانية : أنهم يؤدون ما يؤمرون ، لا يتثاقلون عنه ولا يتوانون فيه . لا تعتذروا خطاب لهم عند دخولهم النار ; لأنهم لا ينفعهم الاعتذار ، فلا فائدة فيه .
[ ص: 288 ] ( سُورَةُ التَّحْرِيمِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ آيَةً )
( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29037يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=2قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=3وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=7يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ .
[ ص: 289 ] هَذِهِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ ، وَسَبَبُ نُزُولِهَا مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي تَفْسِيرِ أَوَائِلِهَا ، وَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السُّورَةِ قَبْلَهَا أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ جُمْلَةً مِنْ أَحْكَامِ زَوْجَاتِ الْمُؤْمِنِينَ ، ذَكَرَ هُنَا مَا جَرَى مِنْ بَعْضِ زَوْجَاتِ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ : نِدَاءُ إِقْبَالٍ وَتَشْرِيفٍ وَتَنْبِيهٍ بِالصِّفَةِ عَلَى عِصْمَتِهِ مِمَّا يَقَعُ فِيهِ مَنْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ . لِمَ تُحَرِّمُ سُؤَالُ تَلَطُّفٍ ; وَلِذَلِكَ قَدَّمَ قَبْلَهُ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ . وَمَعْنَى ( تُحَرِّمُ ) تَمْنَعُ ، وَلَيْسَ التَّحْرِيمُ الْمَشْرُوعُ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ لِتَطْيِيبِ خَاطِرِ بَعْضِ مَنْ يُحْسِنُ مَعَهُ الْعِشْرَةَ . مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ هُوَ مُبَاشَرَةُ
مَارِيَةَ جَارِيَتِهِ ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَمَّ بِهَا فِي بَيْتِ بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَغَارَتْ مِنْ ذَلِكَ صَاحِبَةُ الْبَيْتِ ، فَطَيَّبَ خَاطِرَهَا بِامْتِنَاعِهِ مِنْهَا ، وَاسْتَكْتَمَهَا ذَلِكَ ، فَأَفْشَتْهُ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ . وَقِيلَ : هُوَ عَسَلٌ كَانَ يَشْرَبُهُ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَكَانَ يَنْتَابُ بَيْتَهَا لِذَلِكَ ، فَغَارَ بَعْضُهُنَّ مِنْ دُخُولِهِ بَيْتَ الَّتِي عِنْدَهَا الْعَسَلُ ، وَتَوَاصَيْنَ عَلَى أَنْ يَذْكُرْنَ لَهُ عَلَى أَنَّ رَائِحَةَ ذَلِكَ الْعَسَلِ لَيْسَ بِطَيِّبٍ ، فَقَالَ : " لَا أَشْرَبُهُ " . وَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423لِلزَّمَخْشَرِيِّ هُنَا كَلَامٌ أَضْرَبْتُ عَنْهُ صَفْحًا ، كَمَا ضَرَبْتُ عَنْ كَلَامِهِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ وَكَلَامُهُ هَذَا وَنَحْوُهُ مُحَقَّقٌ قَوِيٌّ فِيهِ ، وَيَعْزُو إِلَى الْمَعْصُومِ مَا لَيْسَ لَائِقًا . فَلَوْ حَرَّمَ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا أَحَلَّهُ اللَّهُ ، كَشُرْبِ عَسَلٍ ، أَوْ وَطْءِ سُرِّيَّةٍ . وَاخْتَلَفُوا إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ، أَوِ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ ، وَلَا يَسْتَثْنِي زَوْجَتَهُ . فَقَالَ جَمَاعَةٌ ، مِنْهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ وَمَسْرُوقٌ وَرَبِيعَةُ وَأَبُو سَلَمَةَ وَأَصْبَغُ : هُوَ كَتَحْرِيمِ الْمَاءِ وَالطَّعَامِ . وَقَالَ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=87لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَالزَّوْجَةُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَمِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ . وَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَزَيْدٌ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ وَ
عَائِشَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَابْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَ
عَطَاءٌ nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسُ nindex.php?page=showalam&ids=16049وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ ، وَ
قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ و
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ : هُوَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ : فِيهِ تَكْفِيرُ يَمِينٍ وَلَيْسَ بِيَمِينٍ . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ وَالْكُوفِيُّونَ : هَذَا مَا أَرَادَ مِنَ الطَّلَاقِ ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا فَهُوَ لَا شَيْءَ . وَقَالَ آخَرُونَ : كَذَلِكَ ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ فَهُوَ يَمِينٌ . وَفِي التَّحْرِيرِ ، قَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ : إِنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ ، أَوِ اثْنَيْنِ فَوَاحِدَةٌ ، أَوْ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَيَمِينٌ وَهُوَ مُولٍ ، أَوِ الظِّهَارَ فَظِهَارٌ . وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : لَا تَنْفَعُهُ نِيَّةُ الظِّهَارِ وَيَكُونُ طَلَاقًا . وَقَالَ
يَحْيَى بْنُ عُمَرَ : يَكُونُ ، فَإِنِ ارْتَجَعَهَا ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْئُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ فَمَا زَادَ مِنْ أَعْدَادِهِ ، فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَرَجْعِيَّةٌ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ وَسُفْيَانُ nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ أَيْ : أَيُّ شَيْءٍ نَوَى بِهِ مِنَ الطَّلَاقِ وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ، فَقَالَ
سُفْيَانُ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ : تَقَعُ وَاحِدَةٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ : لَهُ نِيَّتُهُ وَلَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ وَاحِدَةٍ ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَلَا شَيْءَ . وَقَالَ
ابْنُ جُبَيْرٍ : عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12135أَبُو قِلَابَةَ وَعُثْمَانُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ : التَّحْرِيمُ ظِهَارٌ ، فَفِيهِ كَفَّارَةٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : إِنْ نَوَى أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ كَظَهْرِ أُمِّهِ ، فَظِهَارٌ أَوْ تَحْرِيمٌ عَيَّنَهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ ، أَوْ لَمْ يَنْوِ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ . وَقَالَ
مَالِكٌ : هِيَ ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا ، وَيَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا ، فَهُوَ مَا أَرَادَ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوِ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ . وَقَالَهُ
عَلِيٌّ وَزَيْدٌ nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبُو هُرَيْرَةَ . وَقِيلَ : فِي الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلَاثٌ ، قَالَهُ
عَلِيٌّ أَيْضًا ، وَ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَالْحَكَمُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابْنُ أَبِي لَيْلَى nindex.php?page=showalam&ids=12873وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ : هِيَ ثَلَاثٌ فِي الْوَجْهَيْنِ ، وَلَا يَنْوِي فِي شَيْءٍ . وَرَوَى
ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ عَنْ
مَالِكٌ ، وَقَالَهُ
زَيْدٌ nindex.php?page=showalam&ids=15741وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ : إِنَّهَا وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15136وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ : هِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ . وَقَالَ
أَبُو مُصْعَبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ : هِيَ فِي
[ ص: 290 ] الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا وَاحِدَةٌ ، وَفِي الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلَاثٌ . وَفِي الْكَشَّافِ لَا يَرَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ يَمِينًا ، وَلَكِنْ سَبَبًا فِي الْكَفَّارَةِ فِي النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ ، وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَهُوَ رَجْعِيٌّ . وَعَنْ
عُمَرَ : إِذَا نَوَى الطَّلَاقَ فَرَجْعِيٌّ . وَعَنْ
عَلِيٍّ : ثَلَاثٌ . وَعَنْ
زَيْدٍ : وَاحِدَةٌ . وَعَنْ
عُثْمَانَ : ظِهَارٌ . انْتَهَى . وَقَالَ أَيْضًا :
nindex.php?page=treesubj&link=29037وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِمَا أَحَلَّهُ : " هُوَ حَرَامٌ عَلَيَّ " ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ
مَارِيَةَ لِيَمِينٍ تَقَدَّمَتْ مِنْهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُهَا بَعْدَ الْيَوْمِ ، فَقِيلَ لَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=1لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ أَيْ : لِمَ تَمْتَنِعُ مِنْهُ بِسَبَبِ الْيَمِينِ ؟ يَعْنِي أَقْدِمْ عَلَى مَا حَلَفْتَ عَلَيْهِ وَكَفِّرْ ، وَنَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=12وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ أَيْ : مَنَعْنَاهُ مِنْهَا . انْتَهَى . وَ ( تَبْتَغِي ) فِي مَوْضِعِ الْحَالِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : تَفْسِيرٌ لِـ ( تُحَرِّمُ ) أَوِ اسْتِئْنَافٌ ( مَرْضَاةَ ) رِضَا أَزْوَاجِكَ ، أَيْ : بِالِامْتِنَاعِ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَكَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29037قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ . الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ حَلَفَ عَلَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ وَطْءِ
مَارِيَةَ ، أَوْ مِنْ شُرْبِ ذَلِكَ الْعَسَلِ ، عَلَى الْخِلَافِ فِي السَّبَبِ ، وَ ( فَرَضَ ) إِحَالَةٌ عَلَى آيَةِ الْعُقُودِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ . وَ ( تَحِلَّةَ ) : مَصْدَرُ حَلَّلَ ، كَتَكْرِمَةٍ مِنْ كَرَّمَ ، وَلَيْسَ مَصْدَرًا مَقِيسًا ، وَالْمَقِيسُ : التَّحْلِيلُ وَالتَّكْرِيمُ ; لِأَنَّ قِيَاسَ فِعْلِ الصَّحِيحِ الْعَيْنِ غَيْرِ الْمَهْمُوزِ هُوَ التَّفْعِيلُ ، وَأَصْلُ هَذَا تَحْلِلَةٌ فَأُدْغِمَ . وَعَنْ
مُقَاتِلٍ : أَعْتَقَ رَقَبَةً فِي تَحْرِيمِ
مَارِيَةَ . وَعَنِ
الْحَسَنِ : لَمْ يُكَفِّرْ . انْتَهَى . فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ يَمِينٌ . وَ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ
حَفْصَةُ ، وَالْحَدِيثُ هُوَ بِسَبَبِ
مَارِيَةَ . فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ أَيْ : أَخْبَرَتْ
عَائِشَةَ . وَقِيلَ : الْحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ : " شَرِبْتُ عَسَلًا " . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17188مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ : هُوَ إِسْرَارُهُ إِلَى
حَفْصَةَ أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْلِكَانِ إِمْرَتِي مِنْ بَعْدِي خِلَافَةً . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ . وَ
طَلْحَةُ : أَنْبَأَتْ ، وَالْعَامِلُ فِي إِذَا " اذْكُرْ " ، وَذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّأْنِيبِ لِمَنْ أَسَرَّ لَهُ فَأَفْشَاهُ . وَنَبَّأَ وَأَنْبَأَ ، الْأَصْلُ أَنْ يَتَعَدَّيَا إِلَى وَاحِدٍ بِأَنْفُسِهِمَا ، وَإِلَى ثَانٍ بِحَرْفِ الْجَرِّ ، وَيَجُوزُ حَذْفُهُ فَتَقُولُ : نَبَّأَتْ بِهِ ، الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ غَيْرَهَا . وَ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا أَيْ : بِهَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ أَيْ نَبَّأَنِي بِهِ أَوْ نَبَّأَنِيهِ ، فَإِذَا ضُمِّنَتْ مَعْنَى أَعْلَمَ ، تَعَدَّتْ إِلَى ثَلَاثَةِ مَفَاعِيلَ ، نَحْوَ قَوْلِ الشَّاعِرِ :
نُبِّئْتُ زُرْعَةَ ، وَالسَّفَاهَةُ كَاسْمِهَا تُهْدِي إِلَيَّ غَرَائِبَ الْأَشْعَارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=3وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ أَيْ : أَطْلَعَهُ ، أَيْ : عَلَى إِفْشَائِهِ ، وَكَانَ قَدْ تُكُوتِمَ فِيهِ ، وَذَلِكَ بِإِخْبَارِ
جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَجَاءَتِ الْكِنَايَةُ هُنَا عَنِ التَّفْشِيَةِ وَالْحَذْفِ لِلْمُفْشَى إِلَيْهَا بِالسِّرِّ ، حِيَاطَةً وَصَوْنًا عَنِ التَّصْرِيحِ بِالِاسْمِ ، إِذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّصْرِيحِ بِالِاسْمِ غَرَضٌ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( عَرَّفَ ) بِشَدِّ الرَّاءِ ، وَالْمَعْنَى : أَعْلَمَ بِهِ وَأَنَّبَ عَلَيْهِ . وَقَرَأَ
السُّلَمِيُّ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ ، وَ
طَلْحَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ
هَارُونَ عَنْهُ : بِخَفِّ الرَّاءِ ، أَيْ : جَازَى بِالْعَتَبِ وَاللَّوْمِ ، كَمَا تَقُولُ لِمَنْ يُؤْذِيكَ : لَأَعْرِفَنَّ لَكَ ذَلِكَ ، أَيْ : لَأُجَازِيَنَّكَ . وَقِيلَ : إِنَّهُ طَلَّقَ
حَفْصَةَ وَأُمِرَ بِمُرَاجَعَتِهَا . وَقِيلَ : عَاتَبَهَا وَلَمْ يُطَلِّقْهَا . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعِكْرِمَةُ : ( عَرَّافٌ ) بِأَلِفٍ بَعْدَ الرَّاءِ ، وَهِيَ إِشْبَاعٌ . وَقَالَ
ابْنُ خَالَوَيْهِ : وَيُقَالُ إِنَّهَا لُغَةٌ يَمَانِيَةٌ ، وَمِثَالُهَا قَوْلُهُ :
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْعَقْرَابِ الشَّائِلَاتِ عُقَدَ الْأَذْنَابِ
يُرِيدُ : مِنَ الْعَقْرَبِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=3وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ أَيْ : تَكَرُّمًا وَحَيَاءً وَحُسْنَ عِشْرَةٍ . قَالَ
الْحَسَنُ : مَا اسْتَقْصَى كَرِيمٌ قَطُّ . وَقَالَ
سُفْيَانُ : مَا زَالَ التَّغَافُلُ مِنْ فِعْلِ الْكِرَامِ ، وَمَفْعُولُ ( عَرَّفَ ) الْمُشَدَّدُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ : عَرَّفَهَا بَعْضَهُ ، أَيْ : أَعْلَمَ بِبَعْضِ الْحَدِيثِ . وَقِيلَ : الْمُعَرَّفُ خِلَافَةُ الشَّيْخَيْنِ ، وَالَّذِي أَعْرَضَ عَنْهُ حَدِيثُ
مَارِيَةَ . وَلَمَّا أَفْشَتْ
حَفْصَةُ الْحَدِيثَ لِـ
عَائِشَةَ وَاكْتَتَمَتْهَا إِيَّاهُ ، وَنَبَّأَهَا الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ ، ظَنَّتْ أَنَّ
عَائِشَةَ فَضَحَتْهَا ، فَقَالَتْ : مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّثَبُّتِ ، فَأَخْبَرَهَا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي نَبَّأَهُ بِهِ ، فَسَكَنَتْ وَسَلَّمَتْ . إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ انْتِقَالٌ مِنْ غَيْبَةٍ إِلَى خِطَابٍ ، وَيُسَمَّى الِالْتِفَاتُ ، وَالْخِطَابُ لِـ
حَفْصَةَ وَ
عَائِشَةَ . فَقَدْ صَغَتْ مَالَتْ عَنِ الصَّوَابِ ، وَفِي حَرْفِ عَبْدِ اللَّهِ : رَاغَتْ ، وَأَتَى بِالْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ : ( قُلُوبُكُمَا ) وَحَسَّنَ ذَلِكَ
[ ص: 291 ] إِضَافَتُهُ إِلَى مُثَنَّى ، وَهُوَ ضَمِيرَاهُمَا ، وَالْجَمْعُ فِي مِثْلِ هَذَا أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا مِنَ الْمُثَنَّى ، وَالتَّثْنِيَةُ دُونَ الْجَمْعِ ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
فَتَخَالَسَا نَفْسَيْهِمَا بِنَوَافِذَ كَنَوَافِذِ الْعُبُطِ الَّتِي لَا تُرْفَعُ
وَهَذَا كَانَ الْقِيَاسَ ، وَذَلِكَ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْمُثَنَّى عَنِ الْمُثَنَّى ، لَكِنْ كَرِهُوا اجْتِمَاعَ تَثْنِيَتَيْنِ فَعَدَلُوا إِلَى الْجَمْعِ ; لِأَنَّ التَّثْنِيَةَ جَمْعٌ فِي الْمَعْنَى ، وَالْإِفْرَادُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا إِلَّا فِي الشِّعْرِ ، كَقَوْلِهِ :
حَمَامَةَ بَطْنِ الْوَادِيَيْنِ تَرَنَّمِي
يُرِيدُ : بَطْنَيِ .
وَغَلِطَ
ابْنُ مَالِكٍ ، فَقَالَ فِي كِتَابِ التَّسْهِيلِ : وَنَخْتَارُ لَفْظَ الْإِفْرَادِ عَلَى لَفْظِ التَّثْنِيَةِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( تَظَّاهَرَا ) بِشَدِّ الظَّاءِ ، وَأَصْلُهُ تَتَظَاهَرَا ، وَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الظَّاءِ ، وَبِالْأَصْلِ قَرَأَ
عِكْرِمَةُ ، وَبِتَخْفِيفِ الظَّاءِ قَرَأَ
أَبُو رَجَاءٍ وَالْحَسَنُ وَطَلْحَةُ وَعَاصِمٌ وَنَافِعٌ فِي رِوَايَةٍ ، وَبِشَدِّ الظَّاءِ وَالْهَاءِ دُونَ أَلِفٍ قَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةٍ ، وَالْمَعْنَى : وَأَنْ تَتَعَاوَنَا عَلَيْهِ فِي إِفْشَاءِ سِرِّهِ وَالْإِفْرَاطِ فِي الْغَيْرَةِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ أَيْ : مُظَاهِرُهُ وَمُعِينُهُ ، وَالْأَحْسَنُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ : ( مَوْلَاهُ ) . وَيَكُونُ (
وَجِبْرِيلُ ) مُبْتَدَأً وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ ، وَالْخَبَرُ ( ظَهِيرٌ ) . فَيَكُونُ ابْتِدَاءُ الْجُمْلَةِ
بِجِبْرِيلَ ، وَهُوَ أَمِينُ وَحْيِ اللَّهِ وَاخْتِتَامُهُ بِالْمَلَائِكَةِ . وَبُدِئَ
بِجِبْرِيلَ ، وَأُفْرِدَ بِالذِّكْرِ تَعْظِيمًا لَهُ وَإِظْهَارًا لِمَكَانَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ . وَيَكُونُ قَدْ ذُكِرَ مَرَّتَيْنِ ، مَرَّةً بِالنَّصِّ وَمَرَّةً فِي الْعُمُومِ . وَاكْتَنَفَ صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ
جِبْرِيلَ تَشْرِيفًا لَهُمْ وَاعْتِنَاءً بِهِمْ ، إِذْ جَعَلَهُمْ بَيْنَ الَّذِينَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ . فَعَلَى هَذَا
جِبْرِيلُ دَاخِلٌ فِي الظُّهَرَاءِ لَا فِي الْوِلَايَةِ ، وَيَخْتَصُّ الرَّسُولُ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ . وَجَوَّزُوا أَنْ يَكُونَ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ عَطْفًا عَلَى اسْمِ اللَّهِ ، فَيَدْخُلَانِ فِي الْوَلَايَةِ ، وَيَكُونُ ( وَالْمَلَائِكَةُ ) مُبْتَدَأً ، وَالْخَبَرُ ( ظَهِيرٌ ) فَيَكُونُ
جِبْرِيلُ دَاخِلًا فِي الْوَلَايَةِ بِالنَّصِّ ، وَفِي الظُّهَرَاءِ بِالْعُمُومِ ، وَالظَّاهِرُ عُمُومُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَشْمَلُ كُلَّ صَالِحٍ . وَقَالَ
قَتَادَةُ وَالْعَلَاءُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَيْدٍ : هُمُ الْأَنْبِيَاءُ ، وَتَكُونُ مُظَاهَرَتُهُمْ لَهُ كَوْنَهُمْ قُدْوَةً ، فَهُمْ ظُهَرَاءُ بِهَذَا الْمَعْنَى . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ : الْمُرَادُ
أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ، وَزَادَ
مُجَاهِدٌ : وَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ . وَقِيلَ : الصَّحَابَةُ . وَقِيلَ : الْخُلَفَاءُ . وَعَنِ
ابْنِ جُبَيْرٍ : مَنْ بَرِئَ مِنَ النِّفَاقِ ، وَ ( صَالِحُ ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجَمْعُ ، وَإِنْ كَانَ مُفْرَدًا فَيَكُونُ كَالسَّامِرِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=67مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا أَيْ سُمَّارًا . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا حُذِفَتْ مِنْهُ الْوَاوُ خَطَأً لِحَذْفِهَا لَفْظًا ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=18سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ وَأَفْرَدَ الظَّهِيرَ لِأَنَّ الْمُرَادَ فَوْجٌ ظَهِيرٌ ، وكَثِيرًا مَا يَأْتِي فَعِيلٌ نَحْوَ هَذَا لِلْمُفْرَدِ وَالْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ بِلَفْظِ الْمُفْرَدِ ، كَأَنَّهُمْ فِي الْمُظَاهَرَةِ يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَنْ يُعَادِيهِ ، فَمَا قَدْرُ تَظَاهُرِ امْرَأَتَيْنِ عَلَى مَنْ هَؤُلَاءِ ظُهَرَاؤُهُ ، وَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى تَظَاهُرِهِمَا ، أَوْ إِلَى الْوِلَايَةِ .
وَفِي الْحَدِيثِ
أَنَّ عُمَرَ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَكْتَرِثْ بِأَمْرِ نِسَائِكَ ، وَاللَّهُ مَعَكَ ، وَ جِبْرِيلُ مَعَكَ ، وَأَبُو بَكْرٍ وَأَنَا مَعَكَ ، فَنَزَلَتْ . وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِزَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ الْآيَةِ ، فَنَزَلَتْ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : " طَلَّقَكُنَّ " بِفَتْحِ الْقَافِ ،
وَأَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : بِإِدْغَامِهَا فِي الْكَافِ ، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي : أَنْ يُبْدِلَهُ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ ، وَالْمُتَبَدَّلُ بِهِ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ ، تَقْدِيرُهُ : أَنْ يُبْدِلَهُ خَيْرًا مِنْكُنَّ ; لِأَنَّهُنَّ إِذَا طَلَّقَهُنَّ كَانَ طَلَاقُهُنَّ لِسُوءِ عِشْرَتِهِنَّ ، وَاللَّوَاتِي يُبَدِّلُهُنَّ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ . وَبَدَأَ فِي وَصْفِهِنَّ بِالْإِسْلَامِ ، وَهُوَ الِانْقِيَادُ ، ثُمَّ بِالْإِيمَانِ ، وَهُوَ التَّصْدِيقُ ، ثُمَّ بِالْقُنُوتِ ، وَهُوَ الطَّوَاعِيَةُ ، ثُمَّ بِالتَّوْبَةِ ، وَهِيَ الْإِقْلَاعُ عَنِ الذَّنْبِ ، ثُمَّ بِالْعِبَادَةِ ، وَهِيَ التَّلَذُّذُ ، ثُمَّ بِالسِّيَاحَةِ ، وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنِ الصَّوْمِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ . وَقِيلَ : إِنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَّرَهُ بِذَلِكَ ، قَالَهُ أَيْضًا
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=15944وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَابْنُهُ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ . قَالَ
الْفَرَّاءُ وَالْقُتَبِيُّ : سُمِّيَ الصَّائِمُ سَائِحًا لِأَنَّ السَّائِحَ لَا زَادَ مَعَهُ ، وَإِنَّمَا يَأْكُلُ مِنْ حَيْثُ يَجِدُ الطَّعَامَ . وَقَالَ
زَيْدُ بْنُ [ ص: 292 ] أَسْلَمَ وَيَمَانٌ : مُهَاجِرَاتٌ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : لَيْسَ فِي الْإِسْلَامِ سِيَاحَةٌ إِلَّا الْهِجْرَةَ . وَقِيلَ : ذَاهِبَاتٌ فِي طَاعَةِ اللَّهِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( سَائِحَاتٍ ) وَ
عَمْرُو بْنُ فَائِدٍ : ( سَيَّحَاتٍ ) وَهَذِهِ الصِّفَاتُ تَجْتَمِعُ ، وَأَمَّا الثُّيُوبَةُ وَالْبَكَارَةُ فَلَا يَجْتَمِعَانِ ، فَلِذَلِكَ عُطِفَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِالْوَاوِ لَاخْتَلَّ الْمَعْنَى . وَذَكَرَ الْجِنْسَيْنِ لِأَنَّ فِي أَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ تَزَوَّجَهَا بِكْرًا ، وَالثَّيِّبُ : الرَّاجِعُ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرَةِ ، يُقَالُ : ثَابَتْ تَثُوبُ ثُوُوبًا ، وَوَزْنُهُ فَعْيِلٌ كَسَيِّدٍ .
وَلَمَّا وَعَظَ أَزْوَاجَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوْعِظَةً خَاصَّةً ، أَتْبَعَ ذَلِكَ بِمَوْعِظَةٍ عَامَّةٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلِيهِمْ ، وَعَطَفَ ( وَأَهْلِيكُمْ ) عَلَى ( أَنْفُسِكُمْ ) لِأَنَّ رَبَّ الْمَنْزِلِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ أَهْلِهِ . وَمَعْنَى وِقَايَتِهِمْ : حَمْلُهُمْ عَلَى طَاعَتِهِ وَإِلْزَامُهُمْ أَدَاءَ مَا فُرِضَ عَلَيْهِمْ . قَالَ
عُمَرُ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ nindex.php?page=treesubj&link=29037_17970_17942نَقِي أَنْفُسَنَا ، فَكَيْفَ لَنَا بِأَهْلِينَا ؟ قَالَ : تَنْهَوْنَهُنَّ عَمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَتَأْمُرُونَهُنَّ بِمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ وِقَايَةً بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ النَّارِ ، وَدَخَلَ الْأَوْلَادُ فِي ( وَأَهْلِيكُمْ ) . وَقِيلَ : دَخَلُوا فِي ( أَنْفُسِكُمْ ) لِأَنَّ الْوَلَدَ بَعْضٌ مِنْ أَبِيهِ ، فَيُعَلِّمُهُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ وَيُجَنِّبُهُ الْمَعَاصِيَ . وَقُرِئَ : " وَأَهْلُوكُمْ " بِالْوَاوِ ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي ( قُوا ) وَحَسُنَ الْعَطْفُ لِلْفَصْلِ بِالْمَفْعُولِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : أَلَيْسَ التَّقْدِيرُ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَلْيَقِ أَهْلُوكُمْ أَنْفُسَهُمْ ؟ ( قُلْتُ ) : لَا ، وَلَكِنَّ الْمَعْطُوفَ مُقَارِنٌ فِي التَّقْدِيرِ لِلْوَاوِ ، وَ ( أَنْفُسَكُمْ ) وَاقِعٌ بَعْدَهُ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ : قُوا أَنْتُمْ وَأَهْلُوكُمْ أَنْفُسَكُمْ . لَمَّا جُمِعَتْ مَعَ الْمُخَاطَبِ الْغَائِبِ غَلَبَتْهُ عَلَيْهِ . فَجَعَلَتْ ضَمِيرَهُمَا مَعًا عَلَى لَفْظِ الْمُخَاطَبِ . انْتَهَى . وَتَنَاقَضَ فِي قَوْلِهِ هَذَا لِأَنَّهُ قَدَّرَ ( وَلْيَقِ أَهْلُوكُمْ ) فَجَعَلَهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ ; لِأَنَّ ( أَهْلُوكُمُ ) اسْمٌ ظَاهِرٌ لَا يُمْكِنُ عِنْدَهُ أَنْ يَرْتَفِعَ بِفِعْلِ الْأَمْرِ الَّذِي لِلْمُخَاطَبِ ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=35اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ثُمَّ قَالَ : وَلَكِنَّ الْمَعْطُوفَ مُقَارِنٌ فِي التَّقْدِيرِ لِلْوَاوُ . فَتَنَاقَضَ لِأَنَّهُ فِي هَذَا جَعَلَهُ مُقَارِنًا فِي التَّقْدِيرِ لِلْوَاوِ ، وَفِيمَا قَبْلَهُ رَفَعَهُ بِفِعْلٍ آخَرَ غَيْرِ الرَّافِعِ لِلْوَاوِ وَهُوَ وَ ( لْيَقِ ) وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ : ( وَقُودُهَا ) وَضَمِّهَا فِي الْبَقَرَةِ . وَتَفْسِيرُ وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ فِي الْبَقَرَةِ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ هِيَ الزَّبَانِيَةُ التِسْعَةَ عَشَرَ وَأَعْوَانُهُمْ . وَوَصَفَهُمْ بِالْغِلَظِ ، إِمَّا لِشِدَّةِ أَجْسَامِهِمْ وَقُوَّتِهَا ، وَإِمَّا لِفَظَاظَتِهِمْ ; لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ أَيْ : لَيْسَ فِيهِمْ رِقَّةٌ وَلَا حِنَّةٌ عَلَى الْعُصَاةِ . وَانْتَصَبَ مَا أَمَرَهُمْ عَلَى الْبَدَلِ ، أَيْ : لَا يَعْصُونَ أَمْرَهُ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=93أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي أَوْ عَلَى إِسْقَاطِ حَرْفِ الْجَرِّ . أَيْ : فِيمَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ . قِيلَ : كَرَّرَ الْمَعْنَى تَوْكِيدًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) أَلَيْسَ الْجُمْلَتَانِ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ ؟ ( قُلْتُ ) : لَا فَإِنَّ مَعْنَى الْأُولَى : أَنَّهُمْ يَتَقَبَّلُونَ أَوَامِرَهُ وَيَلْتَزِمُونَهَا وَلَا يَأْبَوْنَهَا وَلَا يُنْكِرُونَهَا ، وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ : أَنَّهُمْ يُؤَدُّونَ مَا يُؤْمَرُونَ ، لَا يَتَثَاقَلُونَ عَنْهُ وَلَا يَتَوَانُونَ فِيهِ . لَا تَعْتَذِرُوا خِطَابٌ لَهُمْ عِنْدَ دُخُولِهِمُ النَّارَ ; لِأَنَّهُمْ لَا يَنْفَعُهُمُ الِاعْتِذَارُ ، فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ .