( سورة القلم مكية وهي اثنتان وخمسون آية )
( بسم الله الرحمن الرحيم )
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن والقلم وما يسطرون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=2ما أنت بنعمة ربك بمجنون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=3وإن لك لأجرا غير ممنون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وإنك لعلى خلق عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=5فستبصر ويبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=6بأييكم المفتون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=7إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=8فلا تطع المكذبين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=9ودوا لو تدهن فيدهنون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=10ولا تطع كل حلاف مهين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=11هماز مشاء بنميم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=12مناع للخير معتد أثيم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=13عتل بعد ذلك زنيم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=14أن كان ذا مال وبنين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=15إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=16سنسمه على الخرطوم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=17إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=18ولا يستثنون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=19فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=20فأصبحت كالصريم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=21فتنادوا مصبحين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=22أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=23فانطلقوا وهم يتخافتون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=24أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=25وغدوا على حرد قادرين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=26فلما رأوها قالوا إنا لضالون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=27بل نحن محرومون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=28قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=29قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=30فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=31قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=32عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=33كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعملون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=34إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=35أفنجعل المسلمين كالمجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=36ما لكم كيف تحكمون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=37أم لكم كتاب فيه تدرسون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=38إن لكم فيه لما تخيرون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=39أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=40سلهم أيهم بذلك زعيم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=41أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=45وأملي لهم إن كيدي متين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=46أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=47أم عندهم الغيب فهم يكتبون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=48فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=49لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=50فاجتباه ربه فجعله من الصالحين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=52وما هو إلا ذكر للعالمين .
[ ص: 305 ] المهين ، قال
الرماني : الوضيع لإكثاره من القبائح ، من المهانة ، وهي القلة . الهمز أصله في اللغة ، الضرب طعنا باليد أو بالعصا أو نحوها ، ثم استعير للذي ينال بلسانه . قال القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=17150منذر بن سعيد : وبعينه وإشارته . النميم والنميمة : مصدران لـ ( نم ) وهو نقل ما يسمع مما يسوء ويحرش النفوس . وقيل : النميم جمع نميمة ، يريدون به اسم الجنس . العتل ، قال
الكلبي nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء : الشديد الخصومة بالباطل . وقال معمر : هو الفاحش اللئيم . قال الشاعر :
بعتل من الرجال زنيم غير ذي نجدة وغير كريم
وقيل : الذي يعتل الناس أي : يجرهم إلى حبس أو عذاب ، ومنه : خذوه فاعتلوه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت : عتلته وعتنته باللام والنون . الزنيم : الدعي . قال
حسان :
زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع
( وقال أيضا ) :
بوأنت زنيم نيط في آل هاشم كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
والزنيم من الزنمة ، وهي الهنة من جلد الماعز ، تقطع فتخلى معلقة في حلقة ، سمي الدعي بذلك لأنه زيادة معلقة بغير أهله . وسمه : جعل له سمة ، وهي العلامة تدل على شيء . قال
جرير :
لما وضعت على nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق ميسمي وعلى البعيث جدعت أنف الأخطل
الخرطوم : الأنف ، والخرطوم من صفات الخمر ، قال الشاعر :
قد أشهد الشرب فيهم مزهر زنم والقوم تصرعهم صهباء خرطوم
قال
الشمنتري : الخرطوم أول خروجها من الدن ، ويقال لها الأنف أيضا ، وذلك أصفى لها وأرق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15409النضر بن شميل : الخرطوم : الخمر ، وأنشد
للأعرج المغني :
تظل يومك في لهو وفي لعب وأنت بالليل شراب الخراطيم
الصرام : جداد النخل . الحرد : المنع ، من قولهم : حاردت الإبل : إذا قلت ألبانها ، وحاردت السنة : قل مطرها وخيرها ، قاله
أبو عبيد والقتبي ، والحرد : الغضب . قال
أبو نضر أحمد بن حاتم صاحب
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : وهو مخفف ، وأنشد :
إذا جياد الخيل جاءت تردى مملوءة من غضب وحرد
( وقال
الأشهب بن رميلة ) :
أسود شرى لاقت أسود خفية تساقوا على حرد دماء الأساود
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت : وقد يحرك ، تقول : حرد بالكسر حردا فهو حردان ، ومنه قيل : أسد حارد ، وليوث حوارد ، والحرد : الانفراد ، حرد يحرد حرودا : تنحى عن قومه ونزل منفردا ولم يخالطهم ، وكوكب حرود : معتزل عن الكواكب . وقال الأصمعي : المنحرد : المنفرد في لغة هذيل . انتهى . والحرد : القصد ، حرد يحرد بالكسر : قصد ، ومنه حردت حردك أي : قصدت قصدك . ومنه قول الشاعر :
وجاء سيل كان من أمر الله يحرد حرد الجنة المغله
[ ص: 306 ] nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29039ن والقلم وما يسطرون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=2ما أنت بنعمة ربك بمجنون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=3وإن لك لأجرا غير ممنون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وإنك لعلى خلق عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=5فستبصر ويبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=6بأييكم المفتون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=7إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=8فلا تطع المكذبين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=9ودوا لو تدهن فيدهنون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=10ولا تطع كل حلاف مهين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=11هماز مشاء بنميم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=12مناع للخير معتد أثيم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=13عتل بعد ذلك زنيم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=14أن كان ذا مال وبنين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=15إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=16سنسمه على الخرطوم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=17إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=18ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=20فأصبحت كالصريم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=21فتنادوا مصبحين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=22أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=23فانطلقوا وهم يتخافتون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=24أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=25وغدوا على حرد قادرين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=26فلما رأوها قالوا إنا لضالون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=27بل نحن محرومون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=28قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=29قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=30فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=31قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=32عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=33كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعملون .
[ ص: 307 ] هذه السورة مكية . قال
ابن عطية : ولا خلاف فيها بين أحد من أهل التأويل . انتهى . ومعظمها نزل في
الوليد بن المغيرة وأبي جهل . ومناسبتها لما قبلها : أنه فيما قبلها ذكر أشياء من أحوال السعداء والأشقياء ، وذكر قدرته الباهرة وعلمه الواسع ، وأنه - تعالى - لو شاء لخسف بهم أو لأرسل عليهم حاصبا . وكان ما أخبر - تعالى - به هو ما تلقاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالوحي ، وكان الكفار ينسبونه مرة إلى الشعر ، ومرة إلى السحر ، ومرة إلى الجنون . فبدأ - سبحانه وتعالى - هذه السورة ببراءته مما كانوا ينسبونه إليه من الجنون ، وتعظيم أجره على صبره على أذاهم ، وبالثناء على خلقه العظيم .
( ن ) : حرف من حروف المعجم ، نحو " ص " و " ق " ، وهو غير معرب كبعض الحروف التي جاءت مع غيرها مهملة من العوامل ، والحكم على موضعها بالإعراب تخرص . وما يروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومجاهد : أنه اسم الحوت الأعظم الذي عليه الأرضون السبع . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا و
الحسن وقتادة والضحاك : أنه اسم الدواة . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17112معاوية بن قرة يرفعه أنه لوح من نور . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا : أنه آخر حرف من حروف الرحمن . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق : أنه نهر من أنهار الجنة - لعله لا يصح شيء من ذلك . وقال
أبو نصر عبد الرحيم القشيري في تفسيره : " ن " حرف من حروف المعجم ، فلو كان كلمة تامة أعرب كما أعرب القلم ، فهو إذن حرف هجاء كما في سائر مفاتيح السور . انتهى . ومن قال إنه اسم الدواة أو الحوت وزعم أنه مقسم به كالقلم ، فإن كان علما فينبغي أن يجر ، فإن كان مؤنثا منع الصرف ، أو مذكرا صرف ، وإن كان جنسا أعرب ونون ، وليس فيه شيء من ذلك فضعف القول به . وقال
ابن عطية : إذا كان اسما للدواة ، فإما أن يكون لغة لبعض العرب ، أو لفظة أعجمية عربت ، قال الشاعر :
إذا ما الشوق برح بي إليهم ألقت النون بالدمع السجوم
فمن جعله البهموت ، جعل القلم هو الذي خلقه الله وأمره بكتب الكائنات ، وجعل الضمير في ( يسطرون ) للملائكة . ومن قال : هو اسم ، جعله القلم المتعارف بأيدي الناس . نص على ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وجعل الضمير في ( يسطرون ) للناس ، فجاء القسم على هذا المجموع ، أمر الكتاب الذي هو قوام للعلوم وأمور الدنيا والآخرة ، فإن القلم أخو اللسان ونعمة من الله عامة . انتهى . وقرأ الجمهور : ( ن ) بسكون النون وإدغامها في واو ( والقلم ) بغنة ، وقوم بغير غنة ، وأظهرها
حمزة وأبو عمرو وابن كثير وقالون وحفص . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وابن أبي إسحاق والحسن وأبو السمال بكسر النون لالتقاء الساكنين . و
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير وعيسى بخلاف عنه بفتحها ، فاحتمل أن تكون حركة إعراب ، وهو اسم للسورة أقسم به ، وحذف حرف الجر فانتصب ، ومنع الصرف للعلمية والتأنيث ، ويكون ( والقلم ) معطوفا عليه . واحتمل أن يكون لالتقاء الساكنين ، وأوثر الفتح تخفيفا كأين . و ( ما ) يحتمل أن تكون موصولة ومصدرية ، والضمير في ( يسطرون ) عائد على الكتاب لدلالة القلم عليهم ، فإما أن يراد بهم الحفظة ، وإما أن يراد كل كاتب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يراد بالقلم أصحابه ، فيكون الضمير في ( يسطرون ) لهم ، كأنه قيل : وأصحاب القلم ومسطوراتهم أو وتسطيرهم . انتهى . فيكون كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40كظلمات في بحر لجي أي : وكذي ظلمات ; ولهذا عاد عليه الضمير في قوله : يغشاه موج .
وجواب القسم : ما أنت بنعمة ربك بمجنون . ويظهر أن بنعمة ربك قسم اعترض به بين المحكوم عليه والحكم على سبيل التوكيد والتشديد والمبالغة في انتفاء الوصف الذميم عنه ، صلى الله عليه وسلم . وقال
ابن عطية : بنعمة ربك
[ ص: 308 ] اعتراض ، كما تقول للإنسان : أنت بحمد الله فاضل . انتهى . ولم يبين ما تتعلق به الباء في ( بنعمة ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : يتعلق ( بمجنون ) منفيا ، كما يتعلق بعاقل مثبتا في قولك : أنت بنعمة الله عاقل ، مستويا في ذلك النفي والإثبات استواءهما في قولك : ضرب زيد عمرا ، وما ضرب زيد عمرا ، تعمل الفعل مثبتا ومنفيا إعمالا واحدا ، ومحله النصب على الحال ، كأنه قال : ما أنت بمجنون منعما عليك بذلك ، ولم تمنع الباء أن يعمل ( مجنون ) فيما قبله ; لأنها زائدة لتأكيد النفي ، والمعني : استبعاد ما كان ينسبه إليه كفار مكة عداوة وحسدا ، وأنه من إنعام الله - تعالى - عليه بحصافة العقل والشهامة التي يقتضيها التأهيل للنبوة بمنزلة . انتهى .
وما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري من أن بنعمة ربك متعلق ( بمجنون ) وأنه في موضع الحال ، يحتاج إلى تأمل ، وذلك أنه إذا تسلط النفي على محكوم به ، وذلك له معمول ، ففي ذلك طريقان : أحدهما : أن النفي يتسلط على ذلك المعمول فقط ، والآخر : أن يتسلط النفي على المحكوم به فينتفي معموله لانتفائه . بيان ذلك ، تقول : ما زيد قائم مسرعا ، فالمتبادر إلى الذهن أنه منتف إسراعه دون قيامه ، فيكون قد قام غير مسرع . والوجه الآخر أنه انتفى قيامه فانتفى إسراعه ، أي لا قيام فلا إسراع ، وهذا الذي قررناه لا يتأتى معه قول الزمخشري بوجه ، بل يؤدي إلى ما لا يجوز أن ينطق به في حق المعصوم ، صلى الله عليه وسلم . وقيل : معناه : ما أنت بمجنون ، والنعمة بربك . لقولهم : سبحانك اللهم وبحمدك ، أي : والحمد لله ، ومنه قول لبيد :
وأفردت في الدنيا بفقد عشيرتي وفارقني جار بأربد نافع
أي : وهو أربد . انتهى . وهذا تفسير معنى لا تفسير إعراب . وفي المنتخب ما ملخصه : المعنى : انتفى عنك الجنون بنعمة ربك ، أي : حصول الصفة المحمودة ، وزال عنك الصفة المذمومة بواسطة إنعام ربك . ثم قرر بهذه الدعوى ما هو كالدليل القاطع على صحتها ; لأن نعمه كانت ظاهرة في حقه من كمال الفصاحة والعقل والسيرة المرضية ، والبراءة من كل عيب ، والاتصاف بكل مكرمة ، فحصول ذلك وظهوره جار مجرى اليقين في كونهم كاذبين في قولهم : إنه مجنون . وإن لك لأجرا في احتمال طعنهم ، وفي دعاء الخلق إلى الله ، فلا يمنعك ما قالوا عن الدعاء إلى الله . وإنك لعلى خلق عظيم هذا كالتفسير لما تقدم من قوله : بنعمة ربك وتعريف لمن رماه بالجنون أنه كذب وأخطأ ، وأن من كان بتلك الأخلاق المرضية لا يضاف الجنون إليه ، ولفظه يدل على الاستعلاء والاستيلاء . انتهى . وإن لك لأجرا أي : على ما تحملت من أثقال النبوة ، ومن أذاهم مما ينسبون إليك مما أنت لا تلتبس به من المعائب غير ممنون أي : غير مقطوع ، مننت الحبل : قطعته ، وقال الشاعر :
غبس كواسب لا يمن طعامها
أي : لا يقطع . وقال
مجاهد : غير محسوب . وقال
الحسن : غير مكدر بالمن . وقال
الضحاك : بغير عمل . وقيل : غير مقدر ، وهو معنى قول
مجاهد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أو غير ممنون عليك ; لأنه ثواب تستوجبه على عملك وليس بتفضل ابتداء ، وإنما تمن الفواضل لا الأجور على الأعمال . انتهى ، وفيه دسيسة الاعتزال . وإنك لعلى خلق عظيم قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومجاهد : دين عظيم ، ليس دين أحب إلى الله تعالى منه . وقالت
عائشة : إن خلقه كان القرآن . وقال
علي : هو أدب القرآن . وقال
قتادة : ما كان يأتمر به من أمر الله تعالى . وقيل : سمي عظيما لاجتماع مكارم الأخلاق فيه ، من كرم السجية ، ونزاهة القريحة ، والملكة الجميلة ، وجودة الضرائب . ما دعاه أحد إلا قال لبيك ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374958إن الله بعثني لأتمم مكارم الأخلاق ، ووصى
أبا ذر فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374959وخالق الناس بخلق [ ص: 309 ] حسن . وعنه صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374960nindex.php?page=treesubj&link=19509ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من خلق حسن . وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374961أحبكم إلى الله تعالى أحسنكم أخلاقا . والظاهر تعلق بأييكم المفتون بما قبله . وقال
عثمان المازني : تم الكلام في قوله ( ويبصرون ) ثم استأنف قوله : بأييكم المفتون . انتهى . فيكون قوله : بأييكم المفتون استفهاما يراد به الترداد بين أمرين ، ومعلوم نفي الحكم عن أحدهما ، ويعينه الوجود ، وهو المؤمن ، ليس بمفتون ولا به فتون . وإذا كان متعلقا بما قبله ، وهو قول الجمهور ، فقال
قتادة وأبو عبيدة معمر : الباء زائدة ، والمعنى : أيكم المفتون ؟ وزيدت الباء في المبتدأ ، كما زيدت فيه في قوله : بحسبك درهم ، أي حسبك . وقال
الحسن والضحاك والأخفش : الباء ليست بزائدة ، والمفتون بمعنى الفتنة ، أي : بأيكم هي الفتنة والفساد الذي سموه جنونا ؟ وقال
الأخفش أيضا : بأيكم فتن المفتون ، حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه . ففي قوله الأول جعل المفتون مصدرا ، وهنا أبقاه اسم مفعول وتأوله على حذف مضاف . وقال
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء : الباء بمعنى ( في ) أي في أي فريق منكم النوع المفتون ؟ انتهى . فالباء ظرفية ، نحو : زيد
بالبصرة ، أي في
البصرة ، فيظهر من هذا القول أن الباء في القول قبله ليست ظرفية ، بل هي سببية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : المفتون ، المجنون ; لأنه فتن ، أي محن بالجنون ، أو لأن العرب يزعمون أنه من تخييل الجن ، وهم الفتان للفتاك منهم . انتهى . وقرأ ابن أبي عبلة : في أيكم المفتون .
( سُورَةُ الْقَلَمِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ آيَةً )
( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=2مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=3وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=5فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=6بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=7إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=8فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=9وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=10وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=11هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=12مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=13عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=14أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=15إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=16سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=17إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=18وَلَا يَسْتَثْنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=19فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=20فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=21فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=22أَنِ اغْدُوَا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=23فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=24أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=25وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=26فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=27بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=28قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=29قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=30فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=31قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=32عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=33كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=34إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=35أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=36مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=37أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=38إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=39أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=40سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=41أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=45وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=46أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=47أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=48فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=49لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=50فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=52وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ .
[ ص: 305 ] الْمَهِينُ ، قَالَ
الرُّمَّانِيُّ : الْوَضِيعُ لِإِكْثَارِهِ مِنَ الْقَبَائِحِ ، مِنَ الْمَهَانَةِ ، وَهِيَ الْقِلَّةُ . الْهَمْزُ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ ، الضَّرْبُ طَعْنًا بِالْيَدِ أَوْ بِالْعَصَا أَوْ نَحْوِهَا ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِلَّذِي يَنَالُ بِلِسَانِهِ . قَالَ الْقَاضِي
nindex.php?page=showalam&ids=17150مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ : وَبِعَيْنِهِ وَإِشَارَتِهِ . النَّمِيمُ وَالنَّمِيمَةُ : مَصْدَرَانِ لِـ ( نَمَّ ) وَهُوَ نَقْلُ مَا يَسْمَعُ مِمَّا يَسُوءُ وَيُحَرِّشُ النُّفُوسَ . وَقِيلَ : النَّمِيمُ جَمْعُ نَمِيمَةٍ ، يُرِيدُونَ بِهِ اسْمَ الْجِنْسِ . الْعُتُلُّ ، قَالَ
الْكَلْبِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ : الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ بِالْبَاطِلِ . وَقَالَ مَعْمَرٌ : هُوَ الْفَاحِشُ اللَّئِيمُ . قَالَ الشَّاعِرُ :
بِعُتُلٍّ مِنَ الرِّجَالِ زَنِيمٍ غَيْرِ ذِي نَجْدَةٍ وَغَيْرِ كَرِيمٍ
وَقِيلَ : الَّذِي يَعْتِلُ النَّاسَ أَيْ : يَجُرُّهُمْ إِلَى حَبْسٍ أَوْ عَذَابٍ ، وَمِنْهُ : خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابْنُ السِّكِّيتِ : عَتَلْتُهُ وَعَتَنْتُهُ بِاللَّامِ وَالنُّونِ . الزَّنِيمُ : الدَّعِيُّ . قَالَ
حَسَّانُ :
زَنِيمٌ تَدَاعَاهُ الرِّجَالُ زِيَادَةً كَمَا زِيدَ فِي عَرْضِ الْأَدِيمِ الْأَكَارِعُ
( وَقَالَ أَيْضًا ) :
بوَأَنْتَ زَنِيمٌ نِيطَ فِي آلِ هَاشِمٍ كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ الْقَدَحُ الْفَرْدُ
وَالزَّنِيمُ مِنَ الزَّنَمَةِ ، وَهِيَ الْهَنَةُ مِنْ جِلْدِ الْمَاعِزِ ، تُقْطَعُ فَتُخَلَّى مُعَلَّقَةً فِي حَلْقَةٍ ، سُمِّيَ الدَّعِيُّ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ مُعَلَّقَةٌ بِغَيْرِ أَهْلِهِ . وَسَمَهُ : جَعَلَ لَهُ سِمَةً ، وَهِيَ الْعَلَامَةُ تَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ . قَالَ
جَرِيرٌ :
لَمَّا وَضَعْتُ عَلَى nindex.php?page=showalam&ids=14899الْفَرَزْدَقَ مَيْسَمِي وَعَلَى الْبَعِيثِ جَدَعْتُ أَنْفَ الْأَخْطَلِ
الْخُرْطُومُ : الْأَنْفُ ، وَالْخُرْطُومُ مِنْ صِفَاتِ الْخَمْرِ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
قَدْ أَشْهَدُ الشَّرْبَ فِيهِمُ مِزْهَرٌ زَنِمُ وَالْقَوْمُ تَصْرَعُهُمْ صَهْبَاءُ خُرْطُومُ
قَالَ
الشَّمَنْتَرِيُّ : الْخُرْطُومُ أَوَّلُ خُرُوجِهَا مِنَ الدَّنِّ ، وَيُقَالُ لَهَا الْأَنْفُ أَيْضًا ، وَذَلِكَ أَصْفَى لَهَا وَأَرَقُّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15409النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ : الْخُرْطُومُ : الْخَمْرُ ، وَأَنْشَدَ
لِلْأَعْرَجِ الْمُغَنِيِّ :
تَظَلُّ يَوْمَكَ فِي لَهْوٍ وَفِي لَعِبٍ وَأَنْتَ بِاللَّيْلِ شَرَّابُ الْخَرَاطِيمِ
الصِّرَامُ : جِدَادُ النَّخْلِ . الْحَرْدُ : الْمَنْعُ ، مِنْ قَوْلِهِمْ : حَارَدَتِ الْإِبِلُ : إِذَا قَلَّتْ أَلْبَانُهَا ، وَحَارَدَتِ السَّنَةُ : قَلَّ مَطَرُهَا وَخَيْرُهَا ، قَالَهُ
أَبُو عُبَيْدٍ وَالْقُتَبِيُّ ، وَالْحَرْدُ : الْغَضَبُ . قَالَ
أَبُو نَضْرٍ أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ صَاحِبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيِّ : وَهُوَ مُخَفَّفٌ ، وَأَنْشَدَ :
إِذَا جِيَادُ الْخَيْلِ جَاءَتْ تَرَدَّى مَمْلُوءَةً مِنْ غَضَبٍ وَحَرْدِ
( وَقَالَ
الْأَشْهَبُ بْنُ رُمَيْلَةَ ) :
أُسُودُ شَرًى لَاقَتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ تَسَاقَوْا عَلَى حَرْدٍ دِمَاءَ الْأَسَاوِدِ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابْنُ السِّكِّيتِ : وَقَدْ يُحَرَّكُ ، تَقُولُ : حَرِدَ بِالْكَسْرِ حَرْدًا فَهُوَ حَرْدَانُ ، وَمِنْهُ قِيلَ : أَسَدٌ حَارِدٌ ، وَلُيُوثٌ حَوَارِدُ ، وَالْحَرْدُ : الِانْفِرَادُ ، حَرَدَ يَحْرِدُ حُرُودًا : تَنَحَّى عَنْ قَوْمِهِ وَنَزَلَ مُنْفِرَدًا وَلَمْ يُخَالِطْهُمْ ، وَكَوْكَبٌ حَرُودٌ : مُعْتَزِلٌ عَنِ الْكَوَاكِبِ . وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ : الْمُنْحَرِدُ : الْمُنْفَرِدُ فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ . انْتَهَى . وَالْحَرْدُ : الْقَصْدُ ، حَرَدَ يَحْرِدُ بِالْكَسْرِ : قَصَدَ ، وَمِنْهُ حَرَدْتُ حَرْدَكَ أَيْ : قَصَدْتُ قَصْدَكَ . وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
وَجَاءَ سَيْلٌ كَانَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ يَحْرِدُ حَرْدَ الْجَنَّةِ الْمُغِلَّهْ
[ ص: 306 ] nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29039ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=2مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=3وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=5فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=6بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=7إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=8فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=9وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=10وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=11هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=12مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=13عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=14أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=15إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=16سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=17إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=18وَلَا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=20فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=21فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=22أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=23فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=24أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=25وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=26فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=27بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=28قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=29قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=30فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=31قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=32عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=33كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْمَلُونَ .
[ ص: 307 ] هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَلَا خِلَافَ فِيهَا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ . انْتَهَى . وَمُعْظَمُهَا نَزَلَ فِي
الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَأَبِي جَهْلٍ . وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا : أَنَّهُ فِيمَا قَبْلَهَا ذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْ أَحْوَالِ السُّعَدَاءِ وَالْأَشْقِيَاءِ ، وَذَكَرَ قُدْرَتَهُ الْبَاهِرَةَ وَعِلْمَهُ الْوَاسِعَ ، وَأَنَّهُ - تَعَالَى - لَوْ شَاءَ لَخَسَفَ بِهِمْ أَوْ لَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ حَاصِبًا . وَكَانَ مَا أَخْبَرَ - تَعَالَى - بِهِ هُوَ مَا تَلَقَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْوَحْيِ ، وَكَانَ الْكُفَّارُ يَنْسُبُونَهُ مَرَّةً إِلَى الشِّعْرِ ، وَمَرَّةً إِلَى السِّحْرِ ، وَمَرَّةً إِلَى الْجُنُونِ . فَبَدَأَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - هَذِهِ السُّورَةَ بِبَرَاءَتِهِ مِمَّا كَانُوا يَنْسُبُونَهُ إِلَيْهِ مِنَ الْجُنُونِ ، وَتَعْظِيمِ أَجْرِهِ عَلَى صَبْرِهِ عَلَى أَذَاهُمْ ، وَبِالثَّنَاءِ عَلَى خُلُقِهِ الْعَظِيمِ .
( ن ) : حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ ، نَحْوَ " ص " وَ " ق " ، وَهُوَ غَيْرُ مُعْرَبٍ كَبَعْضِ الْحُرُوفِ الَّتِي جَاءَتْ مَعَ غَيْرِهَا مُهْمَلَةً مِنَ الْعَوَامِلِ ، وَالْحُكْمُ عَلَى مَوْضِعِهَا بِالْإِعْرَابِ تَخَرُّصٌ . وَمَا يُرْوَى عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ : أَنَّهُ اسْمُ الْحُوتِ الْأَعْظَمِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَرْضُونَ السَّبْعُ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَ
الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ : أَنَّهُ اسْمُ الدَّوَاةِ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17112مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ يَرْفَعُهُ أَنَّهُ لَوْحٌ مِنْ نُورٍ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا : أَنَّهُ آخِرُ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الرَّحْمَنِ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرٍ الصَّادِقِ : أَنَّهُ نَهْرٌ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ - لَعَلَّهُ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ . وَقَالَ
أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ : " ن " حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ ، فَلَوْ كَانَ كَلِمَةً تَامَّةً أُعْرِبَ كَمَا أُعْرِبَ الْقَلَمُ ، فَهُوَ إِذَنْ حَرْفُ هِجَاءٍ كَمَا فِي سَائِرِ مَفَاتِيحِ السُّوَرِ . انْتَهَى . وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ اسْمُ الدَّوَاةِ أَوِ الْحُوتِ وَزَعَمَ أَنَّهُ مُقْسَمٌ بِهِ كَالْقَلَمِ ، فَإِنْ كَانَ عَلَمًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُجَرَّ ، فَإِنْ كَانَ مُؤَنَّثًا مُنِعَ الصَّرْفَ ، أَوْ مُذَكَّرًا صُرِفَ ، وَإِنْ كَانَ جِنْسًا أُعْرِبَ وَنُوِّنَ ، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَضَعُفَ الْقَوْلُ بِهِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : إِذَا كَانَ اسْمًا لِلدَّوَاةِ ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لُغَةً لِبَعْضِ الْعَرَبِ ، أَوْ لَفْظَةً أَعْجَمِيَّةً عُرِّبَتْ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
إِذَا مَا الشَّوْقُ بَرَّحَ بِي إِلَيْهِمْ أَلْقَتِ النُّونَ بِالدَّمْعِ السُّجُومُ
فَمَنْ جَعَلَهُ الْبَهَمُوتَ ، جَعَلَ الْقَلَمَ هُوَ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ وَأَمَرَهُ بِكَتْبِ الْكَائِنَاتِ ، وَجَعَلَ الضَّمِيرَ فِي ( يَسْطُرُونَ ) لِلْمَلَائِكَةِ . وَمَنْ قَالَ : هُوَ اسْمٌ ، جَعَلَهُ الْقَلَمَ الْمُتَعَارَفَ بِأَيْدِي النَّاسِ . نَصَّ عَلَى ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَعَلَ الضَّمِيرَ فِي ( يَسْطُرُونَ ) لِلنَّاسِ ، فَجَاءَ الْقَسَمُ عَلَى هَذَا الْمَجْمُوعِ ، أَمْرُ الْكِتَابِ الَّذِي هُوَ قِوَامٌ لِلْعُلُومِ وَأُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَإِنَّ الْقَلَمَ أَخُو اللِّسَانِ وَنِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ عَامَّةٌ . انْتَهَى . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( ن ) بِسُكُونِ النُّونِ وَإِدْغَامِهَا فِي وَاوِ ( وَالْقَلَمِ ) بِغُنَّةٍ ، وَقَوْمٌ بِغَيْرِ غُنَّةٍ ، وَأَظْهَرَهَا
حَمْزَةُ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ وَقَالُونُ وَحَفْصٌ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْحَسَنُ وَأَبُو السَّمَّالِ بِكَسْرِ النُّونِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ . وَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِيسَى بِخِلَافٍ عَنْهُ بِفَتْحِهَا ، فَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ حَرَكَةَ إِعْرَابٍ ، وَهُوَ اسْمٌ لِلسُّورَةِ أَقْسَمَ بِهِ ، وَحُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ فَانْتَصَبَ ، وَمُنِعَ الصَّرْفَ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ ، وَيَكُونُ ( وَالْقَلَمِ ) مَعْطُوفًا عَلَيْهِ . وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ، وَأُوثِرَ الْفَتْحُ تَخْفِيفًا كَأَيْنَ . وَ ( مَا ) يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً وَمَصْدَرِيَّةً ، وَالضَّمِيرُ فِي ( يَسْطُرُونَ ) عَائِدٌ عَلَى الْكُتَّابِ لِدَلَالَةِ الْقَلَمِ عَلَيْهِمْ ، فَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِمُ الْحَفَظَةُ ، وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ كُلُّ كَاتِبٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْقَلَمِ أَصْحَابُهُ ، فَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي ( يَسْطُرُونَ ) لَهُمْ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : وَأَصْحَابِ الْقَلَمِ وَمَسْطُورَاتِهِمْ أَوْ وَتَسْطِيرِهِمْ . انْتَهَى . فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ أَيْ : وَكَذِي ظُلُمَاتٍ ; وَلِهَذَا عَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ : يَغْشَاهُ مَوْجٌ .
وَجَوَابُ الْقَسَمِ : مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ . وَيَظْهَرُ أَنَّ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ قَسَمٌ اعْتُرِضَ بِهِ بَيْنَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَالْحُكْمِ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي انْتِفَاءِ الْوَصْفِ الذَّمِيمِ عَنْهُ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : بِنِعْمَةِ رَبِّكَ
[ ص: 308 ] اعْتِرَاضٌ ، كَمَا تَقُولُ لِلْإِنْسَانِ : أَنْتَ بِحَمْدِ اللَّهِ فَاضِلٌ . انْتَهَى . وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْبَاءُ فِي ( بِنِعْمَةِ ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : يَتَعَلَّقُ ( بِمَجْنُونٍ ) مَنْفِيًّا ، كَمَا يَتَعَلَّقُ بِعَاقِلٍ مُثْبَتًا فِي قَوْلِكَ : أَنْتَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَاقِلٌ ، مُسْتَوِيًّا فِي ذَلِكَ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ اسْتِوَاءَهُمَا فِي قَوْلِكَ : ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا ، وَمَا ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا ، تُعْمِلُ الْفِعْلَ مُثْبَتًا وَمَنْفِيًّا إِعْمَالًا وَاحِدًا ، وَمَحَلُّهُ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : مَا أَنْتَ بِمَجْنُونٍ مُنْعِمًا عَلَيْكَ بِذَلِكَ ، وَلَمْ تَمْنَعِ الْبَاءُ أَنْ يَعْمَلَ ( مَجْنُونٌ ) فِيمَا قَبْلَهُ ; لِأَنَّهَا زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ ، وَالْمَعْنِيُّ : اسْتِبْعَادُ مَا كَانَ يَنْسُبُهُ إِلَيْهِ كُفَّارُ مَكَّةَ عَدَاوَةً وَحَسَدًا ، وَأَنَّهُ مِنْ إِنْعَامِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَيْهِ بِحَصَافَةِ الْعَقْلِ وَالشَّهَامَةِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا التَّأْهِيلُ لِلنُّبُوَّةِ بِمَنْزِلَةٍ . انْتَهَى .
وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ أَنَّ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ مُتَعَلِّقٌ ( بِمَجْنُونٍ ) وَأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، يَحْتَاجُ إِلَى تَأَمُّلٍ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَسَلَّطَ النَّفْيُ عَلَى مَحْكُومٍ بِهِ ، وَذَلِكَ لَهُ مَعْمُولٌ ، فَفِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ النَّفْيَ يَتَسَلَّطُ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْمُولِ فَقَطْ ، وَالْآخَرُ : أَنْ يَتَسَلَّطَ النَّفْيُ عَلَى الْمَحْكُومِ بِهِ فَيَنْتَفِي مَعْمُولُهُ لِانْتِفَائِهِ . بَيَانُ ذَلِكَ ، تَقُولُ : مَا زَيْدٌ قَائِمٌ مُسْرِعًا ، فَالْمُتَبَادِرُ إِلَى الذِّهْنِ أَنَّهُ مُنْتَفٍ إِسْرَاعُهُ دُونَ قِيَامِهِ ، فَيَكُونُ قَدْ قَامَ غَيْرَ مُسْرِعٍ . وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّهُ انْتَفَى قِيَامُهُ فَانْتَفَى إِسْرَاعُهُ ، أَيْ لَا قِيَامَ فَلَا إِسْرَاعَ ، وَهَذَا الَّذِي قَرَّرْنَاهُ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ بِوَجْهٍ ، بَلْ يُؤَدِّي إِلَى مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْطَقَ بِهِ فِي حَقِّ الْمَعْصُومِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : مَا أَنْتَ بِمَجْنُونٍ ، وَالنِّعْمَةُ بِرَبِّكَ . لِقَوْلِهِمْ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَيْ : وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ :
وَأُفْرِدْتُ فِي الدُّنْيَا بِفَقْدِ عَشِيرَتِي وَفَارَقَنِي جَارٌ بِأَرْبَدَ نَافِعُ
أَيْ : وَهُوَ أَرْبَدُ . انْتَهَى . وَهَذَا تَفْسِيرُ مَعْنًى لَا تَفْسِيرُ إِعْرَابٍ . وَفِي الْمُنْتَخَبِ مَا مُلَخَّصُهُ : الْمَعْنَى : انْتَفَى عَنْكَ الْجُنُونُ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ ، أَيْ : حُصُولُ الصِّفَةِ الْمَحْمُودَةِ ، وَزَالَ عَنْكَ الصِّفَةُ الْمَذْمُومَةُ بِوَاسِطَةِ إِنْعَامِ رَبِّكَ . ثُمَّ قَرَّرَ بِهَذِهِ الدَّعْوَى مَا هُوَ كَالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ عَلَى صِحَّتِهَا ; لِأَنَّ نِعَمَهُ كَانَتْ ظَاهِرَةً فِي حَقِّهِ مِنْ كَمَالِ الْفَصَاحَةِ وَالْعَقْلِ وَالسِّيرَةِ الْمَرْضِيَّةِ ، وَالْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ، وَالِاتِّصَافِ بِكُلِّ مَكْرُمَةٍ ، فَحُصُولُ ذَلِكَ وَظُهُورُهُ جَارٍ مَجْرَى الْيَقِينِ فِي كَوْنِهِمْ كَاذِبِينَ فِي قَوْلِهِمْ : إِنَّهُ مَجْنُونٌ . وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا فِي احْتِمَالِ طَعْنِهِمْ ، وَفِي دُعَاءِ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ ، فَلَا يَمْنَعُكَ مَا قَالُوا عَنِ الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ . وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ هَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : بِنِعْمَةِ رَبِّكَ وَتَعْرِيفٌ لِمَنْ رَمَاهُ بِالْجُنُونِ أَنَّهُ كَذَبَ وَأَخْطَأَ ، وَأَنَّ مَنْ كَانَ بِتِلْكَ الْأَخْلَاقِ الْمَرْضِيَّةِ لَا يُضَافُ الْجُنُونُ إِلَيْهِ ، وَلَفْظُهُ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِعْلَاءِ وَالِاسْتِيلَاءِ . انْتَهَى . وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا أَيْ : عَلَى مَا تَحَمَّلْتَ مِنْ أَثْقَالِ النُّبُوَّةِ ، وَمِنْ أَذَاهُمْ مِمَّا يَنْسُبُونَ إِلَيْكَ مِمَّا أَنْتَ لَا تَلْتَبِسُ بِهِ مِنَ الْمَعَائِبِ غَيْرَ مَمْنُونٍ أَيْ : غَيْرَ مَقْطُوعٍ ، مَنَنْتُ الْحَبْلَ : قَطَعْتُهُ ، وَقَالَ الشَّاعِرُ :
غُبْسٌ كَوَاسِبُ لَا يُمَنُّ طَعَامُهَا
أَيْ : لَا يُقْطَعُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : غَيْرَ مَحْسُوبٍ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : غَيْرَ مُكَدَّرٍ بِالْمَنِّ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : بِغَيْرِ عَمَلٍ . وَقِيلَ : غَيْرُ مُقَدَّرٍ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ
مُجَاهِدٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَوْ غَيْرُ مَمْنُونٍ عَلَيْكَ ; لِأَنَّهُ ثَوَابٌ تَسْتَوْجِبُهُ عَلَى عَمَلِكَ وَلَيْسَ بِتَفَضُّلٍ ابْتِدَاءً ، وَإِنَّمَا تُمَنُّ الْفَوَاضِلُ لَا الْأُجُورُ عَلَى الْأَعْمَالِ . انْتَهَى ، وَفِيهِ دَسِيسَةُ الِاعْتِزَالِ . وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ : دِينٍ عَظِيمٍ ، لَيْسَ دِينٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ . وَقَالَتْ
عَائِشَةُ : إِنَّ خُلُقَهُ كَانَ الْقُرْآنَ . وَقَالَ
عَلِيٌّ : هُوَ أَدَبُ الْقُرْآنِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : مَا كَانَ يَأْتَمِرُ بِهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى . وَقِيلَ : سُمِّيَ عَظِيمًا لِاجْتِمَاعِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فِيهِ ، مِنْ كَرَمِ السَّجِيَّةِ ، وَنَزَاهَةِ الْقَرِيحَةِ ، وَالْمَلَكَةِ الْجَمِيلَةِ ، وَجَوْدَةِ الضَّرَائِبِ . مَا دَعَاهُ أَحَدٌ إِلَّا قَالَ لَبَّيْكَ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374958إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ ، وَوَصَّى
أَبَا ذَرٍّ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374959وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ [ ص: 309 ] حَسَنٍ . وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374960nindex.php?page=treesubj&link=19509مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ . وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374961أَحَبُّكُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا . وَالظَّاهِرُ تَعَلُّقُ بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ بِمَا قَبْلَهُ . وَقَالَ
عُثْمَانُ الْمَازِنِيُّ : تَمَّ الْكَلَامُ فِي قَوْلِهِ ( وَيُبْصِرُونَ ) ثُمَّ اسْتَأْنَفَ قَوْلَهُ : بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ . انْتَهَى . فَيَكُونُ قَوْلُهُ : بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ اسْتِفْهَامًا يُرَادُ بِهِ التَّرْدَادُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ ، وَمَعْلُومٌ نَفْيُ الْحُكْمِ عَنْ أَحَدِهِمَا ، وَيُعَيِّنُهُ الْوُجُودُ ، وَهُوَ الْمُؤْمِنُ ، لَيْسَ بِمَفْتُونٍ وَلَا بِهِ فُتُونٌ . وَإِذَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِمَا قَبْلَهُ ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، فَقَالَ
قَتَادَةُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرٌ : الْبَاءُ زَائِدَةٌ ، وَالْمَعْنَى : أَيُّكُمُ الْمَفْتُونُ ؟ وَزِيدَتِ الْبَاءُ فِي الْمُبْتَدَأِ ، كَمَا زِيدَتْ فِيهِ فِي قَوْلِهِ : بِحَسْبِكَ دِرْهَمٌ ، أَيْ حَسْبُكَ . وَقَالَ
الْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ وَالْأَخْفَشُ : الْبَاءُ لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ ، وَالْمَفْتُونُ بِمَعْنَى الْفِتْنَةِ ، أَيْ : بِأَيِّكُمْ هِيَ الْفِتْنَةُ وَالْفَسَادُ الَّذِي سَمَّوْهُ جُنُونًا ؟ وَقَالَ
الْأَخْفَشُ أَيْضًا : بِأَيِّكُمْ فُتِنَ الْمَفْتُونُ ، حَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ . فَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ جَعَلَ الْمَفْتُونَ مَصْدَرًا ، وَهُنَا أَبْقَاهُ اسْمَ مَفْعُولٍ وَتَأَوَّلَهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ : الْبَاءُ بِمَعْنَى ( فِي ) أَيْ فِي أَيِّ فَرِيقٍ مِنْكُمُ النَّوْعُ الْمَفْتُونُ ؟ انْتَهَى . فَالْبَاءُ ظَرْفِيَّةٌ ، نَحْوُ : زَيْدٌ
بِالْبَصْرَةِ ، أَيْ فِي
الْبَصْرَةِ ، فَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْبَاءَ فِي الْقَوْلِ قَبْلَهُ لَيْسَتْ ظَرْفِيَّةً ، بَلْ هِيَ سَبَبِيَّةٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الْمَفْتُونُ ، الْمَجْنُونُ ; لِأَنَّهُ فُتِنَ ، أَيْ مُحِنَ بِالْجُنُونِ ، أَوْ لِأَنَّ الْعَرَبَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مِنْ تَخْيِيلِ الْجِنِّ ، وَهُمُ الْفُتَّانُ لِلْفُتَّاكِ مِنْهُمْ . انْتَهَى . وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : فِي أَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ .