قوله عز وجل :
[ ص: 351 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=29043وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=17لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=18وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=19وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=20قل إنما أدعوا ربي ولا أشرك به أحدا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=21قل إنى لا أملك لكم ضرا ولا رشدا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=23إلا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=24حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=25قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=28ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا ) .
[ ص: 352 ] هذا من جملة الموحى المندرج تحت (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1أوحي إلي ) وأن مخففة من الثقيلة ، والضمير في ( استقاموا ) . قال
الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=15944وزيد بن أسلم وأبو مجلز : هو عائد على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=14فمن أسلم ) والطريقة : طريقة الكفر ، أي : لو كفر من أسلم من الناس (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16لأسقيناهم ) إملاء لهم واستدراجا . واستعارة الاستقامة للكفر قلقة لا تناسب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومجاهد ،
وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير : هو عائد على القاسطين ، والمعنى على الطريقة الإسلام والحق ; لأنعمنا عليهم ، نحو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=65ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا ) الآية . وقيل : الضمير في ( استقاموا ) عائد على الخلق كلهم ، و ( أن ) هي المخففة من الثقيلة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16لأسقيناهم ماء غدقا ) : كناية عن توسعة الرزق لأنه أصل المعاش . وقال بعضهم : المال حيث الماء . وقرأ الجمهور : ( غدقا ) بفتح الدال .
وعاصم في رواية
الأعشى بكسرها . ويقال : غدقت العين تغدق غدقا فهي غدقة ، إذا كثر ماؤها . ( لنفتنهم ) أي : لنختبرهم كيف يشكرون ما أنعم عليهم به ، أو لنمتحنهم ونستدرجهم ، وذلك على الخلاف فيمن يعود عليه الضمير في ( استقاموا ) .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وابن وثاب ، بضم واو ( لو ) . والجمهور بكسرها . وقرأ الكوفيون : ( يسلكه ) بالياء ، وباقي السبعة بالنون .
وابن جندب بالنون من أسلك ، وبعض التابعين بالياء من أسلك أيضا ، وهما لغتان : سلك وأسلك ، قال الشاعر :
حتى إذا أسلكوهم في قتائدة
وقرأ الجمهور : ( صعدا ) بفتحتين ، وذو مصدر صعد وصف به العذاب ، أي : يعلو المعذب ويغلبه ، وفسر بشاق . يقال : فلان في صعد من أمره ، أي : في مشقة . وقال
عمر : ما يتصعد بي شيء كما يتصعد في خطبة النكاح ، أي : ما يشق علي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : صعد : جبل في النار . وقال
الخدري : كلما وضعوا أيديهم عليه ذابت . وقال
عكرمة : هو صخرة ملساء في جهنم يكلف صعودها ، فإذا انتهى إلى أعلاها حدر إلى جهنم ، فعلى هذا يجوز أن يكون بدلا من ( عذاب ) على حذف مضاف ، أي : عذاب صعد . ويجوز أن يكون ( صعدا ) مفعول ( يسلكه ) ، ( وعذابا ) مفعول من أجله . وقرأ قوم : ( صعدا ) بضمتين .
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والحسن بضم الصاد وفتح العين . قال
الحسن : معناه لا راحة فيه .
وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=18وأن المساجد ) بفتح الهمزة عطفا على (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1أنه استمع ) فهو من جملة الموحى . وقال
الخليل : معنى الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=18وأن المساجد لله فلا تدعوا ) أي : لهذا السبب ، وكذلك عنده (
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لإيلاف قريش ) ( فليعبدوا ) وكذلك ( وأن هذه أمتكم ) أي : ولأن هذه . وقرأ
ابن هرمز وطلحة : ( وإن المساجد ) بكسرها على الاستئناف وعلى تقدير
الخليل ، فالمعنى : فلا تدعوا مع الله أحدا في المساجد ; لأنها لله خاصة ولعبادته ، والظاهر أن المساجد هي البيوت المعدة للصلاة والعبادة في كل ملة . وقال
الحسن : كل موضع سجد فيه فهو مسجد ، كان مخصوصا لذلك أو لم يكن ; لأن الأرض كلها مسجد هذه الأمة . وأبعد
ابن عطاء في قوله إنها الآراب التي يسجد عليها ، واحدها مسجد بفتح الجيم ، وهي الجبهة والأنف واليدان والركبتان والقدمان ، عد الجبهة والأنف واحدا ، وأبعد أيضا من قال :
المسجد الحرام ; لأنه قبلة المساجد ، وقال : إنه جمع مسجد وهو السجود . وروي أنها نزلت حين تغلبت
قريش على
الكعبة ، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : المواضع كلها لله ، فاعبده حيث كنت .
وقال ابن جبير : نزلت لأن الجن قالت : يا رسول الله كيف نشهد الصلاة معك على نأينا عنك ؟ فنزلت الآية ليخاطبهم على معنى أن عبادتكم حيث كنتم مقبولة إذا دخلنا المساجد . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=19وأنه لما قام عبد الله ) بفتح الهمزة ، عطفا على قراءتهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=18وأن المساجد ) بالفتح . وقرأ
ابن هرمز وطلحة ونافع وأبو بكر : بكسرها على الاستئناف . و عبد الله هو
محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( يدعوه ) أي : يدعو الله
[ ص: 353 ] ( كادوا ) أي : كاد الجن ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والضحاك : ينقضون عليه لاستماع القرآن . وقال
الحسن وقتادة : الضمير في ( كادوا ) لكفار
قريش والعرب في اجتماعهم على رد أمره . وقال
ابن جبير : المعنى أنها قول الجن لقومهم يحكون ، والضمير في ( كادوا ) لأصحابه الذين يطوعون له ويقيدون به في الصلاة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : هلا قيل رسول الله أو النبي ؟ ( قلت ) : لأن تقديره : وأوحي إلي أنه لما قام عبد الله ، فلما كان واقعا في كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه ، جيء به على ما يقتضيه التواضع والتذلل ، أو لأن المعنى أن عبادة عبد الله لله ليست بأمر مستبعد عن العقل ، ولا مستنكر حتى يكونوا عليه لبدا . ومعنى ( قام يدعوه ) : قام يعبده ، يريد قيامه لصلاة الفجر
بنخلة حين أتاه الجن ، فاستمعوا لقراءته - عليه السلام . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=19كادوا يكونون عليه لبدا ) أي : يزدحمون عليه متراكمين ; تعجبا مما رأوا من عبادته ، واقتداء أصحابه به قائما وراكعا وساجدا ، وإعجابا بما تلا من القرآن ; لأنهم رأوا ما لم يروا مثله ، وسمعوا بما لم يسمعوا بنظيره . انتهى ، وهو قول متقدم كثره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري بخطابته . وقرأ الجمهور : ( لبدا ) بكسر اللام وفتح الباء جمع لبدة ، نحو : كسرة وكسر ، وهي الجماعات شبهت بالشيء المتلبد بعضه فوق بعض ، ومنه قول
عبد مناف بن ربع :
صافوا بستة أبيات وأربعة حتى كأن عليهم جانبا لبدا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أعوانا . وقرأ
مجاهد وابن محيصن وابن عامر : بخلاف عنه بضم اللام جمع لبدة ، كزبرة وزبر . وعن
ابن محيصن أيضا : تسكين الباء وضم اللام ( لبدا ) . وقرأ
الحسن والجحدري وأبو حيوة وجماعة عن
أبي عمرو : بضمتين جمع لبد ، كرهن ورهن ، أو جمع لبود ، كصبور وصبر . وقرأ
الحسن والجحدري : بخلاف عنهما ، ( لبدا ) بضم اللام وشد الباء المفتوحة . قال
الحسن وقتادة وابن زيد : لما قام الرسول للدعوة ، تلبدت الإنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه ، فأبى الله إلا أن ينصره ويتم نوره . انتهى . وأبعد من قال عبد الله هنا
نوح - عليه السلام - كاد قومه يقتلونه حتى استنقذه الله منهم ، قاله
الحسن . وأبعد منه قول من قال إنه
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام . وقرأ الجمهور : قال إنما أدعو ربي أي : أعبده ، أي : قال للمتظاهرين عليه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=20إنما أدعو ربي ) أي : لم آتكم بأمر ينكر ، إنما أعبد ربي وحده ، وليس ذلك مما يوجب إطباقكم على عداوتي . أو قال للجن عند ازدحامهم متعجبين : ليس ما ترون من عبادة الله بأمر يتعجب منه ، إنما يتعجب ممن يعبد غيره . أو قال الجن لقومهم : ذلك حكاية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، وهذا كله مرتب على الخلاف في عود الضمير في ( كادوا ) . وقرأ
عاصم وحمزة وأبو عمرو بخلاف عنه : ( قل ) أي : قل يا
محمد لهؤلاء المزدحمين عليك ، وهم إما الجن وإما المشركون ، على اختلاف القولين في ضمير ( كادوا ) .
ثم أمره تعالى أن يقول لهم ما يدل على تبرئه من القدرة على إيصال خير أو شر إليهم ، وجعل الضر مقابلا للرشد تعبيرا به عن الغي ، إذ الغي ثمرته الضرر ، يمكن أن يكون المعنى : ضرا ولا نفعا ولا غيا ولا رشدا ، فحذف من كل ما يدل عليه مقابله . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج : ( رشدا ) بضمتين . ولما تبرأ - عليه السلام - من قدرته على نفعهم وضرهم ، أمر بأن يخبرهم بأنه مربوب لله تعالى ، يفعل فيه ربه ما يريد ، وأنه لا يمكن أن يجيره منه أحد ، ولا يجد من دونه ملجأ يركن إليه ، قال قريبا منه
قتادة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : حرزا . وقال
الكلبي : مدخلا في الأرض ، وقيل : ناصرا ، وقيل : مذهبا ومسلكا ، ومنه قول الشاعر :
يا لهف نفسي ! ونفسي غير مجدية عني ، وما من قضاء الله ملتحد
وقيل : في الكلام حذف وهو : قالوا له اترك ما تدعو إليه ونحن نجيرك ، فقيل له : قل لن يجيرني . وقيل : هو جواب لقول
وردان سيد الجن ، وقد ازدحموا عليه ، قال
وردان : أنا أرحلهم عنك ، فقال :
[ ص: 354 ] إني لن يجيرني أحد ، ذكره
الماوردي . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=23إلا بلاغا ) قال
الحسن : هو استثناء منقطع ، أي : لن يجيرني أحد ، لكن إن بلغت رحمني بذلك . والإجارة للبلاغ مستعارة ، إذ هو سبب إجارة الله تعالى ورحمته . وقيل على هذا المعنى : هو استثناء متصل ، أي : لن يجيرني في أحد ، لكن لم أجد شيئا أميل إليه وأعتصم به إلا أن أبلغ وأطيع فيجيرني الله ، فيجوز نصبه على الاستثناء من ( ملتحدا ) ، وعلى البدل وهو الوجه ; لأن ما قبله نفيا ، وعلى البدل خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج . وقال
أبو عبد الله الرازي : هذا الاستثناء منقطع ; لأنه لم يقل : ولم أجد ملتحدا بل ، قال : ( من دونه ) والبلاغ من الله لا يكون داخلا تحت قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22من دونه ملتحدا ) لأنه لا يكون من دون الله ، بل يكون من الله وبإعانته وتوفيقه . وقال
قتادة : التقدير لا أملك إلا بلاغا إليكم ، فأما الإيمان والكفر فلا أملك . انتهى ، وفيه بعد لطول الفصل بينهما . وقيل ، ( إلا ) في تقدير الانفصال : إن شرطية ولا نافية ، وحذف فعلها لدلالة المصدر عليه ، والتقدير : إن لم أبلغ بلاغا من الله ورسالته ، وهذا كما تقول : إن لا قياما قعودا ، أي : إن لم تقم قياما فاقعد قعودا ، وحذف هذا الفعل قد يكون لدلالة عليه بعده أو قبله ، كما حذف في قوله :
فطلقها فلست لها بكفء وإلا يعل مفرقك الحسام
التقدير : وإن لا تطلقها ، فحذف ( تطلقها ) لدلالة فطلقها عليه ، ومن لابتداء الغاية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : تابعا لـ
قتادة ، أي : لا أملك إلا بلاغا من الله ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22قل إني لن يجيرني ) : جملة معترضة اعترض بها لتأكيد نفي الاستطاعة عن نفسه ، وبيان عجزه على معنى إن الله إن أراد به سوء من مرض أو موت أو غيرهما ، لم يصح أن يجيره منه أحد أو يجد من دونه ملاذا يأوي إليه . انتهى . ( ورسالاته ) قيل : عطف على ( بلاغا ) أي : إلا أن أبلغ عن الله ، أو أبلغ رسالاته . الظاهر أن ( رسالاته ) عطف على ( الله ) ، أي : إلا أن أبلغ عن الله وعن رسالاته .
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :
[ ص: 351 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=29043وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=17لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=18وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=19وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=20قُلْ إِنَّمَا أَدْعُوا رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=21قُلْ إِنَّى لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=23إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=24حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=25قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=28لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ) .
[ ص: 352 ] هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُوحَى الْمُنْدَرِجِ تَحْتَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1أُوحِيَ إِلَيَّ ) وَأَنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ ، وَالضَّمِيرُ فِي ( اسْتَقَامُوا ) . قَالَ
الضَّحَّاكُ nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15944وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَأَبُو مِجْلِزٍ : هُوَ عَائِدٌ عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=14فَمَنْ أَسْلَمَ ) وَالطَّرِيقَةُ : طَرِيقَةُ الْكُفْرِ ، أَيْ : لَوْ كَفَرَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ النَّاسِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16لَأَسْقَيْنَاهُمْ ) إِمْلَاءً لَهُمْ وَاسْتِدْرَاجًا . وَاسْتِعَارَةُ الِاسْتِقَامَةِ لِلْكُفْرِ قَلِقَةٌ لَا تُنَاسِبُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ ،
وَقَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ : هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْقَاسِطِينَ ، وَالْمَعْنَى عَلَى الطَّرِيقَةِ الْإِسْلَامُ وَالْحَقُّ ; لَأَنْعَمْنَا عَلَيْهِمْ ، نَحْوُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=65وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا ) الْآيَةِ . وَقِيلَ : الضَّمِيرُ فِي ( اسْتَقَامُوا ) عَائِدٌ عَلَى الْخَلْقِ كُلِّهِمْ ، وَ ( أَنْ ) هِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ) : كِنَايَةٌ عَنْ تَوْسِعَةِ الرِّزْقِ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْمَعَاشِ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْمَالُ حَيْثُ الْمَاءِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( غَدَقًا ) بِفَتْحِ الدَّالِ .
وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ
الْأَعْشَى بِكَسْرِهَا . وَيُقَالُ : غَدَقَتِ الْعَيْنُ تُغْدِقُ غَدَقًا فَهِيَ غَدِقَةٌ ، إِذَا كَثُرَ مَاؤُهَا . ( لِنَفْتِنَهُمْ ) أَيْ : لِنَخْتَبِرَهُمْ كَيْفَ يَشْكُرُونَ مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِهِ ، أَوْ لِنَمْتَحِنَهُمْ وَنَسْتَدْرِجَهُمْ ، وَذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ يَعُودُ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي ( اسْتَقَامُوا ) .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ وَابْنُ وَثَّابٍ ، بِضَمِّ وَاوِ ( لَوْ ) . وَالْجُمْهُورُ بِكَسْرِهَا . وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ : ( يَسْلُكُهُ ) بِالْيَاءِ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِالنُّونِ .
وَابْنُ جُنْدُبٍ بِالنُّونِ مِنْ أَسْلَكَ ، وَبَعْضُ التَّابِعِينَ بِالْيَاءِ مِنْ أَسْلَكَ أَيْضًا ، وَهُمَا لُغَتَانِ : سَلَكَ وَأَسْلَكَ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
حَتَّى إِذَا أَسْلَكُوهُمْ فِي قُتَائِدَةٍ
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( صَعَدًا ) بِفَتْحَتَيْنِ ، وَذُو مَصْدَرِ صَعِدَ وَصَفَ بِهِ الْعَذَابَ ، أَيْ : يَعْلُو الْمُعَذَّبَ وَيَغْلِبُهُ ، وَفُسِّرَ بِشَاقٍّ . يُقَالُ : فُلَانٌ فِي صُعُدٍ مِنْ أَمْرِهِ ، أَيْ : فِي مَشَقَّةٍ . وَقَالَ
عُمَرُ : مَا يُتَصَعَّدُ بِي شَيْءٌ كَمَا يُتَصَعَّدُ فِي خُطْبَةِ النِّكَاحِ ، أَيْ : مَا يَشُقُّ عَلَيَّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ : صَعَدٌ : جَبَلٌ فِي النَّارِ . وَقَالَ
الْخُدْرِيُّ : كُلَّمَا وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ ذَابَتْ . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : هُوَ صَخْرَةٌ مَلْسَاءُ فِي جَهَنَّمَ يُكَلَّفُ صُعُودَهَا ، فَإِذَا انْتَهَى إِلَى أَعْلَاهَا حَدَرَ إِلَى جَهَنَّمَ ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ ( عَذَابٍ ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ : عَذَابٌ صَعَدٌ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( صَعَدًا ) مَفْعُولَ ( يَسْلُكْهُ ) ، ( وَعَذَابًا ) مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ . وَقَرَأَ قَوْمٌ : ( صُعُدًا ) بِضَمَّتَيْنِ .
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ بِضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ . قَالَ
الْحَسَنُ : مَعْنَاهُ لَا رَاحَةَ فِيهِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=18وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَطْفًا عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1أَنَّهُ اسْتَمَعَ ) فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُوحَى . وَقَالَ
الْخَلِيلُ : مَعْنَى الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=18وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا ) أَيْ : لِهَذَا السَّبَبِ ، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ) ( فَلْيَعْبُدُوا ) وَكَذَلِكَ ( وَأَنَّ هَذِهِ أُمَتُّكُمْ ) أَيْ : وَلِأَنَّ هَذِهِ . وَقَرَأَ
ابْنُ هُرْمُزَ وَطَلْحَةُ : ( وَإِنَّ الْمَسَاجِدَ ) بِكَسْرِهَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَعَلَى تَقْدِيرِ
الْخَلِيلِ ، فَالْمَعْنَى : فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا فِي الْمَسَاجِدِ ; لِأَنَّهَا لِلَّهِ خَاصَّةً وَلِعِبَادَتِهِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسَاجِدَ هِيَ الْبُيُوتُ الْمُعَدَّةُ لِلصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ فِي كُلِّ مِلَّةٍ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : كُلُّ مَوْضِعٍ سُجِدَ فِيهِ فَهُوَ مَسْجِدٌ ، كَانَ مَخْصُوصًا لِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَكُنْ ; لِأَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا مَسْجِدُ هَذِهِ الْأُمَّةِ . وَأَبْعَدَ
ابْنُ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ إِنَّهَا الْآرَابُ الَّتِي يُسْجَدُ عَلَيْهَا ، وَاحِدُهَا مَسْجَدٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ ، وَهِيَ الْجَبْهَةُ وَالْأَنْفُ وَالْيَدَانِ وَالرُّكْبَتَانِ وَالْقَدَمَانِ ، عَدَّ الْجَبْهَةَ وَالْأَنْفَ وَاحِدًا ، وَأَبْعَدَ أَيْضًا مَنْ قَالَ :
الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ ; لِأَنَّهُ قِبْلَةُ الْمَسَاجِدِ ، وَقَالَ : إِنَّهُ جَمَعَ مَسْجِدٌ وَهُوَ السُّجُودُ . وَرُوِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ حِينَ تَغَلَّبَتْ
قُرَيْشٌ عَلَى
الْكَعْبَةِ ، فَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمَوَاضِعُ كُلُّهَا لِلَّهِ ، فَاعْبُدْهُ حَيْثُ كُنْتَ .
وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ : نَزَلَتْ لِأَنَّ الْجِنَّ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نَشْهَدُ الصَّلَاةَ مَعَكَ عَلَى نَأْيِنَا عَنْكَ ؟ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ لِيُخَاطِبَهُمْ عَلَى مَعْنَى أَنَّ عِبَادَتَكُمْ حَيْثُ كُنْتُمْ مَقْبُولَةٌ إِذَا دَخَلْنَا الْمَسَاجِدَ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=19وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ، عَطْفًا عَلَى قِرَاءَتِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=18وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ ) بِالْفَتْحِ . وَقَرَأَ
ابْنُ هُرْمُزَ وَطَلْحَةُ وَنَافِعٌ وَأَبُو بَكْرٍ : بِكَسْرِهَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ . وَ عَبْدُ اللَّهِ هُوَ
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( يَدْعُوهُ ) أَيْ : يَدْعُو اللَّهَ
[ ص: 353 ] ( كَادُوا ) أَيْ : كَادَ الْجِنُّ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ : يَنْقَضُّونَ عَلَيْهِ لِاسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ : الضَّمِيرُ فِي ( كَادُوا ) لِكُفَّارِ
قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ فِي اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى رَدِّ أَمْرِهِ . وَقَالَ
ابْنُ جُبَيْرٍ : الْمَعْنَى أَنَّهَا قَوْلُ الْجِنِّ لِقَوْمِهِمْ يَحْكُونَ ، وَالضَّمِيرُ فِي ( كَادُوا ) لِأَصْحَابِهِ الَّذِينَ يَطَّوَّعُونَ لَهُ وَيُقَيَّدُونَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : هَلَّا قِيلَ رَسُولُ اللَّهِ أَوِ النَّبِيُّ ؟ ( قُلْتُ ) : لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ : وَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ ، فَلَمَّا كَانَ وَاقِعًا فِي كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ نَفْسِهِ ، جِيءَ بِهِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ التَّوَاضُعُ وَالتَّذَلُّلُ ، أَوْ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ عِبَادَةَ عَبْدِ اللَّهِ لِلَّهِ لَيْسَتْ بِأَمْرٍ مُسْتَبْعَدٍ عَنِ الْعَقْلِ ، وَلَا مُسْتَنْكَرٍ حَتَّى يَكُونُوا عَلَيْهِ لِبَدًا . وَمَعْنَى ( قَامَ يَدْعُوهُ ) : قَامَ يَعْبُدُهُ ، يُرِيدُ قِيَامَهُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ
بِنَخْلَةَ حِينَ أَتَاهُ الْجِنُّ ، فَاسْتَمَعُوا لِقِرَاءَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=19كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ) أَيْ : يَزْدَحِمُونَ عَلَيْهِ مُتَرَاكِمِينَ ; تَعَجُّبًا مِمَّا رَأَوْا مِنْ عِبَادَتِهِ ، وَاقْتِدَاءِ أَصْحَابِهِ بِهِ قَائِمًا وَرَاكِعًا وَسَاجِدًا ، وَإِعْجَابًا بِمَا تَلَا مِنَ الْقُرْآنِ ; لِأَنَّهُمْ رَأَوْا مَا لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ ، وَسَمِعُوا بِمَا لَمْ يَسْمَعُوا بِنَظِيرِهِ . انْتَهَى ، وَهُوَ قَوْلٌ مُتَقَدِّمٌ كَثَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ بِخَطَابَتِهِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( لِبَدًا ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْبَاءِ جَمْعُ لِبْدَةٍ ، نَحْوُ : كِسْرَةٍ وَكِسَرٍ ، وَهِيَ الْجَمَاعَاتُ شُبِّهَتْ بِالشَّيْءِ الْمُتَلَبِّدِ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
عَبْدِ مَنَافِ بْنِ رِبْعٍ :
صَافُّوا بِسِتَّةِ أَبْيَاتٍ وَأَرْبَعَةٍ حَتَّى كَأَنَّ عَلَيْهِمْ جَانِبًا لِبَدًا
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : أَعْوَانًا . وَقَرَأَ
مُجَاهِدٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَابْنُ عَامِرٍ : بِخِلَافٍ عَنْهُ بِضَمِّ اللَّامِ جَمْعُ لُبْدَةٍ ، كُزُبْرَةٍ وَزُبُرٍ . وَعَنِ
ابْنِ مُحَيْصِنٍ أَيْضًا : تَسْكِينُ الْبَاءِ وَضَمُّ اللَّامِ ( لُبْدًا ) . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَالْجَحْدَرِيُّ وَأَبُو حَيْوَةَ وَجَمَاعَةٌ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو : بِضَمَّتَيْنِ جَمْعٍ لَبْدٍ ، كَرَهْنٍ وَرُهُنٍ ، أَوْ جَمْعُ لَبُودٍ ، كَصَبُورٍ وَصُبُرٍ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَالْجَحْدَرِيُّ : بِخِلَافٍ عَنْهُمَا ، ( لُبَّدًا ) بِضَمِّ اللَّامِ وَشَدِّ الْبَاءِ الْمَفْتُوحَةِ . قَالَ
الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ : لَمَّا قَامَ الرَّسُولُ لِلدَّعْوَةِ ، تَلَبَّدَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ لِيُطْفِئُوهُ ، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَنْصُرَهُ وَيُتِمَّ نُورَهُ . انْتَهَى . وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ هُنَا
نُوحٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَادَ قَوْمُهُ يَقْتُلُونَهُ حَتَّى اسْتَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ ، قَالَهُ
الْحَسَنُ . وَأَبْعَدَ مِنْهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : قَالَ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي أَيْ : أَعْبُدُهُ ، أَيْ : قَالَ لِلْمُتَظَاهِرِينَ عَلَيْهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=20إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي ) أَيْ : لَمْ آتِكُمْ بِأَمْرٍ يُنْكَرُ ، إِنَّمَا أَعْبُدُ رَبِّي وَحْدَهُ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ إِطْبَاقَكُمْ عَلَى عَدَاوَتِي . أَوْ قَالَ لِلْجِنِّ عِنْدَ ازْدِحَامِهِمْ مُتَعَجِّبِينَ : لَيْسَ مَا تَرَوْنَ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ بِأَمْرٍ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ ، إِنَّمَا يُتَعَجَّبُ مِمَّنْ يَعْبُدُ غَيْرَهُ . أَوْ قَالَ الْجِنُّ لِقَوْمِهِمْ : ذَلِكَ حِكَايَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذَا كُلُّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَوْدِ الضَّمِيرِ فِي ( كَادُوا ) . وَقَرَأَ
عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَأَبُو عَمْرٍو بِخِلَافٍ عَنْهُ : ( قُلْ ) أَيْ : قُلْ يَا
مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُزْدَحِمِينَ عَلَيْكَ ، وَهُمْ إِمَّا الْجِنُّ وَإِمَّا الْمُشْرِكُونَ ، عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ فِي ضَمِيرِ ( كَادُوا ) .
ثُمَّ أَمَرَهُ تَعَالَى أَنْ يَقُولَ لَهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى تَبَرُّئِهِ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى إِيصَالِ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ إِلَيْهِمْ ، وَجَعَلَ الضَّرَّ مُقَابِلًا لِلرُّشْدِ تَعْبِيرًا بِهِ عَنِ الْغَيِّ ، إِذِ الْغَيُّ ثَمَرَتُهُ الضَّرَرُ ، يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا غَيًّا وَلَا رَشَدًا ، فَحَذَفَ مِنْ كُلِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مُقَابِلَهُ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجُ : ( رُشُدًا ) بِضَمَّتَيْنِ . وَلَمَّا تَبَرَّأَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى نَفْعِهِمْ وَضَرِّهِمْ ، أَمَرَ بِأَنْ يُخْبِرَهُمْ بِأَنَّهُ مَرْبُوبٌ لِلَّهِ تَعَالَى ، يَفْعَلُ فِيهِ رَبُّهُ مَا يُرِيدُ ، وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجِيرَهُ مِنْهُ أَحَدٌ ، وَلَا يَجِدُ مِنْ دُونِهِ مَلْجَأً يَرْكَنُ إِلَيْهِ ، قَالَ قَرِيبًا مِنْهُ
قَتَادَةُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : حِرْزًا . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : مَدْخَلًا فِي الْأَرْضِ ، وَقِيلَ : نَاصِرًا ، وَقِيلَ : مَذْهَبًا وَمَسْلَكًا ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
يَا لَهْفَ نَفْسِي ! وَنَفْسِي غَيْرُ مُجْدِيَةٍ عَنِّي ، وَمَا مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ مُلْتَحَدُ
وَقِيلَ : فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ وَهُوَ : قَالُوا لَهُ اتْرُكْ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ وَنَحْنُ نُجِيرُكَ ، فَقِيلَ لَهُ : قُلْ لَنْ يُجِيرَنِي . وَقِيلَ : هُوَ جَوَابٌ لِقَوْلِ
وَرْدَانَ سَيِّدِ الْجِنِّ ، وَقَدِ ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ ، قَالَ
وَرْدَانُ : أَنَا أُرَحِّلُهُمْ عَنْكَ ، فَقَالَ :
[ ص: 354 ] إِنِّي لَنْ يُجِيَرَنِي أَحَدٌ ، ذَكَرَهُ
الْمَاوَرْدِيُّ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=23إِلَّا بَلَاغًا ) قَالَ
الْحَسَنُ : هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ ، أَيْ : لَنْ يُجِيرَنِي أَحَدٌ ، لَكِنْ إِنْ بَلَّغْتُ رَحِمَنِي بِذَلِكَ . وَالْإِجَارَةُ لِلْبَلَاغِ مُسْتَعَارَةٌ ، إِذْ هُوَ سَبَّبُ إِجَارَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحِمَتِهِ . وَقِيلَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى : هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ ، أَيْ : لَنْ يُجِيرَنِي فِي أَحَدٍ ، لَكِنْ لَمْ أَجِدْ شَيْئًا أَمِيلُ إِلَيْهِ وَأَعْتَصِمُ بِهِ إِلَّا أَنْ أُبَلِّغَ وَأُطِيعَ فَيُجِيرَنِي اللَّهُ ، فَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ ( مُلْتَحَدًا ) ، وَعَلَى الْبَدَلِ وَهُوَ الْوَجْهُ ; لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ نَفْيًا ، وَعَلَى الْبَدَلِ خَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ : وَلَمْ أَجِدْ مُلْتَحَدًا بَلْ ، قَالَ : ( مِنْ دُونِهِ ) وَالْبَلَاغُ مِنَ اللَّهِ لَا يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ) لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، بَلْ يَكُونُ مِنَ اللَّهِ وَبِإِعَانَتِهِ وَتَوْفِيقِهِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : التَّقْدِيرُ لَا أَمْلِكُ إِلَّا بَلَاغًا إِلَيْكُمْ ، فَأَمَّا الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فَلَا أَمْلِكُ . انْتَهَى ، وَفِيهِ بُعْدٌ لِطُولِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا . وَقِيلَ ، ( إِلَّا ) فِي تَقْدِيرِ الِانْفِصَالِ : إِنْ شَرْطِيَّةٌ وَلَا نَافِيَةٌ ، وَحُذِفَ فِعْلُهَا لِدَلَالَةِ الْمَصْدَرِ عَلَيْهِ ، وَالتَّقْدِيرُ : إِنْ لَمْ أَبْلُغْ بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَتِهِ ، وَهَذَا كَمَا تَقُولُ : إِنْ لَا قِيَامًا قُعُودًا ، أَيْ : إِنْ لَمْ تَقُمْ قِيامًا فَاقْعُدْ قُعُودًا ، وَحَذْفُ هَذَا الْفِعْلِ قَدْ يَكُونُ لِدَلَالَةٍ عَلَيْهِ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ ، كَمَا حُذِفَ فِي قَوْلِهِ :
فَطَلِّقْهَا فَلَسْتَ لَهَا بِكُفْءٍ وَإِلَّا يَعْلُ مَفْرِقَكَ الْحُسَامُ
التَّقْدِيرُ : وَإِنْ لَا تُطَلِّقْهَا ، فَحَذَفَ ( تُطَلِّقْهَا ) لِدَلَالَةِ فَطَلِّقْهَا عَلَيْهِ ، وَمِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : تَابِعًا لِـ
قَتَادَةَ ، أَيْ : لَا أَمْلِكُ إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي ) : جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ اعْتَرَضَ بِهَا لِتَأْكِيدِ نَفْيِ الِاسْتِطَاعَةِ عَنْ نَفْسِهِ ، وَبَيَانِ عَجْزِهِ عَلَى مَعْنَى إِنَّ اللَّهَ إِنْ أَرَادَ بِهِ سُوءً مِنْ مَرَضٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ، لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُجِيرَهُ مِنْهُ أَحَدٌ أَوْ يَجِدَ مِنْ دُونِهِ مَلَاذًا يَأْوِي إِلَيْهِ . انْتَهَى . ( وَرِسَالَاتِهِ ) قِيلَ : عَطْفٌ عَلَى ( بَلَاغًا ) أَيْ : إِلَّا أَنْ أُبَلِّغَ عَنِ اللَّهِ ، أَوْ أُبَلِّغَ رِسَالَاتِهِ . الظَّاهِرُ أَنَّ ( رِسَالَاتِهِ ) عَطْفٌ عَلَى ( اللَّهِ ) ، أَيْ : إِلَّا أَنْ أُبَلِّغَ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رِسَالَاتِهِ .