(
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=23ومن يعص الله ورسوله ) أي : بالشرك والكفر ، ويدل عليه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=23خالدين فيها أبدا ) . وقرأ الجمهور : ( فإن له ) بكسر الهمزة . وقرأ
طلحة : بفتحها ، والتقدير : فجزاؤه أن له . قال
ابن خالويه : وسمعت
ابن مجاهد يقول : ما قرأ به أحد وهو لحن ; لأنه بعد فاء الشرط . وسمعت ابن الأنباري يقول : هو ضراب ، ومعناه : فجزاؤه أن له نار جهنم . انتهى . وكان
ابن مجاهد إماما في القراءات ، ولم يكن متسع النقل فيها
كابن شنبوذ ، وكان ضعيفا في النحو . وكيف يقول ما قرأ به أحد ؟ وهذا
كطلحة بن مصرف قرأ به . وكيف يقول : وهو لحن ؟ والنحويون قد نصوا على أن إن بعد فاء الشرط يجوز فيها الفتح والكسر . وجمع ( خالدين ) حملا على معنى ( من ) ، وذلك بعد الحمل على لفظ ( من ) في قوله : ( يعص ) ( فإن له ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=24حتى إذا رأوا ) ( حتى ) هنا حرف ابتداء ، أي : يصلح أن يجيء بعدها جملة الابتداء والخبر ، ومع ذلك فيها معنى الغاية . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : بم تعلق ( حتى ) وجعل ما بعده غاية له ؟ ( قلت ) : بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=19يكونون عليه لبدا ) على أنهم يتظاهرون عليه بالعداوة ، ويستضعفون أنصاره ويستقلون عددهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=24حتى إذا رأوا ما يوعدون ) من يوم
بدر ، وإظهار الله له عليهم ، أو من يوم القيامة ( فسيعلمون ) حينئذ أنهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=24أضعف ناصرا وأقل عددا ) . ويجوز أن يتعلق بمحذوف دلت عليه الحال من استضعاف الكفار له واستقلالهم لعدده ، كأنه لا يزالون على ما هم عليه (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=24حتى إذا رأوا ما يوعدون ) . قال المشركون : متى يكون هذا الموعد إنكارا له ؟ فقيل : قل إنه كائن لا ريب فيه فلا تنكروه ، فإن الله قد وعد ذلك ، وهو لا يخلف الميعاد . وأما وقته فلا أدري متى يكون ; لأن الله لم يبينه لما رأى في إخفاء وقته من المصلحة . انتهى . وقوله : بم تعلق ( إن ) ؟ عنى تعلق حرف الجر ، فليس بصحيح ; لأنها حرف ابتداء ، فما بعدها ليس في موضع جر خلافا
للزجاج وابن [ ص: 355 ] درستويه ، فإنهما زعما أنها إذا كانت حرف ابتداء ، فالجملة الابتدائية بعدها في موضع جر ، وإن عنى بالتعلق اتصال ما بعدها بما قبلها ، وكون ما بعدها غاية لما قبلها ، فهو صحيح . وأما تقديره أنها تتعلق بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=19يكونون عليه لبدا ) فهو بعيد جدا لطول الفصل بينهما بالجمل الكثيرة . وقال
التبريزي : حتى جاز أن تكون غاية لمحذوف ، ولم يبين ما المحذوف . وقيل : المعنى دعهم حتى إذا رأوا ما يوعدون من الساعة (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=24فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا ) أهم أم أهل الكتاب ؟ والذي يظهر لي أنها غاية لما تضمنته الجملة التي قبلها من الحكم بكينونة النار لهم ، كأنه قيل : إن العاصي يحكم له بكينونة النار لهم ، والحكم بذلك هو وعيد حتى إذا رأوا ما حكم بكينونته لهم فسيعلمون . فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=23فإن له نار جهنم ) هو وعيد لهم بالنار ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=24من أضعف ) مبتدأ وخبر في موضع نصب لما قبله ، وهو معلق عنه لأن ( من ) استفهام . ويجوز أن تكون ( من ) موصولة في موضع نصب بـ ( سيعلمون ) ، وأضعف خبر مبتدأ محذوف . والجملة صلة لمن ، وتقديره : هو أضعف ، وحسن حذفه طول الصلة بالمعمول وهو ناصرا . قال
مكحول : لم ينزل هذا إلا في الجن ، أسلم منهم من وفق وكفر من خذل كالإنس ، قال : وبلغ من تابع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن سبعين ألفا ، وفزعوا عند انشقاق الفجر . ثم أمره تعالى أن يقول لهم إنه لا يدري وقت طول ما وعدوا به ، أهو قريب أم بعيد ؟ .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : ما معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=25أم يجعل له ربي أمدا ) والأمد يكون قريبا وبعيدا ؟ ألا ترى إلى قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=30تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ) ؟ ( قلت ) : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستقرب الموعد ، فكأنه قال : ( ما أدري أهو حال متوقع في كل ساعة ، أم مؤجل ضربت له غاية ) ؟ أي : هو عالم الغيب . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26فلا يظهر ) : فلا يطلع ، و ( من رسول ) تبيين لمن ارتضى ، يعني أنه لا يطلع على الغيب إلا المرتضي الذي هو مصطفى للنبوة خاصة ، لا كل مرتضى ، وفي هذا إبطال للكرامات ; لأن الذين تضاف إليهم ، وإن كانوا أولياء مرتضين ، فليسوا برسل . وقد خص الله الرسل من بين المرتضين بالاطلاع على الغيب وإبطال الكهانة والتنجيم ; لأن أصحابهما أبعد شيء من الارتضاء وأدخله في السخط . انتهى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26عالم الغيب ) . قال
الحسن : ما غاب عن خلقه ، وقيل : الساعة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ( إلا ) بمعنى لكن ، فجعله استثناء منقطعا . وقيل : ( إلا ) بمعنى ولا أي : ولا من ارتضى من رسول ، و ( عالم ) خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو عالم الغيب ، أو بدل من ( ربي ) . وقرئ : ( عالما ) بالنصب على المدح . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : علم الغيب ، فعلا ماضيا ناصبا الغيب ، والجمهور : عالم الغيب اسم فاعل مرفوعا . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26فلا يظهر ) من أظهر .
والحسن : يظهر بفتح الياء والهاء من ظهر . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27إلا من ارتضى من رسول ) : استثناء من ( أحدا ) أي : فإنه يظهره على ما يشاء من ذلك ، فإنه يسلك الله من بين يدي ذلك الرسول (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27ومن خلفه رصدا ) أي : حفظة يحفظونه من الجن ويحرسونه في ضبط ما يلقيه تعالى إلى ذلك الرسول من علم الغيب . وعن
الضحاك : ما بعث نبي إلا ومعه ملائكة يحرسونه من الشياطين أن يتشبهوا بصورة الملك .
وقال
القرطبي : قال العلماء : لما تمدح سبحانه بعلم الغيب واستأثر به دون خلقه ، كان فيه دليل على أنه لا يعلم الغيب أحد سواه ، ثم استثنى من ارتضاه من الرسل ، فأودعهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم ، وجعله معجزة لهم ودلالة صادقة على نبوتهم ، ثم ذكر استدلالا على بطلان ما يقوله المنجم ، ثم قال باستحلال دم المنجم . وقال
الواحدي : في هذا دليل على أن من ادعى أن النجوم تدل على ما يكون من حياة أو موت أو غير ذلك ، فقد كفر بما في القرآن . قال
أبو عبد الله الرازي والواحدي : تجوز
nindex.php?page=treesubj&link=28805الكرامات على ما قال صاحب الكشاف ، فجعلها تدل على المنع من الأحكام النجومية ولا تدل على الإلهامات مجرد تشبه ، وعندي أن الآية لا تدل على شيء مما قالوه ; لأن
[ ص: 356 ] قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26على غيبه ) ليس فيه صفة عموم ، فيكفي في العمل بمقتضاه أن لا يظهر خلقه تعالى على غيب واحد من غيوبه ، ويحمله على وقت قيام القيامة ، فلا يبقى دليل في الآية على أنه لا يظهر شيئا من الغيوب لأحد ، ويؤكده أنه ذكر هذه الآية عقيب قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=25إن أدري أقريب ما توعدون ) الآية ، أي : لا أدري وقت وقوع القيامة ، إذ هي من الغيب الذي لا يظهره الله لأحد . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27إلا من ارتضى ) : استثناء منقطع ، كأنه قال : فلا يظهر على غيبه المخصوص أحدا إلا من ارتضى من رسول ، فله حفظة يحفظونه من شر مردة الإنس والجن .
قال
أبو عبد الله الرازي : واعلم أنه لا بد من القطع بأنه ليس المراد من هذه الآية أنه لا يطلع أحد على شيء من المغيبات إلا الرسل - عليهم الصلاة والسلام - والذي يدل عليه وجوه ، أحدها : أنه ثبت بالأخبار القريبة من التواتر أن شقا وسطيحا كانا كاهنين يخبران بظهور
محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل زمان ظهوره ، وكانا في العرب مشهورين بهذا النوع من العلم حتى رجع إليهما كسرى في تعرف أخبار رسولنا ، صلى الله عليه وسلم . وثانيها : إطباق الأمم على صحة علم التعبير ، فيخبر المعبر عن ما يأتي في المستقبل ويكون صادقا . وثالثها : أن الكاهنة البغدادية التي نقلها السلطان
nindex.php?page=showalam&ids=16058سنجر بن ملكشاه من بغداد إلى خراسان سألها عن أشياء في المستقبل ، فأخبرت بها ووقعت على وفق كلامها ، فقد رأيت أناسا محققين في علوم الكلام والحكمة حكوا عنها أنها أخبرت عن الأشياء الغائبة على سبيل التفصيل وجاءت كذلك ، وبالغ
أبو البركات صاحب المعتبر في شرح حالها في كتاب التعبير ، وقال : فحصت عن حالها منذ ثلاثين سنة حتى تيقنت أنها كانت تخبر عن المغيبات أخبارا مطابقة موافقة . ورابعها : أنا نشاهد أصحاب الإلهامات الصادقة ، ليس هذا مختصا بالأولياء ، فقد يوجد في السحرة وفي الأحكام النجومية ما يوافق الصدق ، وإن كان الكذب يقع منهم كثيرا . وإذا كان ذلك مشاهدا محسوسا ، فالقول بأن القرآن يدل على خلافه مما يجر الطعن إلى القرآن ، وذلك باطل . فقلنا : إن التأويل الصحيح ما ذكرناه . انتهى ، وفيه بعض تلخيص . وإنما أوردنا كلام هذا الرجل في هذه
[ ص: 357 ] المسألة لننظر فيما ذكر من تلك الوجوه . أما قصة شق وسطيح فليس فيها شيء من الإخبار بالغيب ; لأنه مما يخبر به رئي الكهان من الشياطين مسترقة السمع ، كما جاء في الحديث : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374972إنهم يسمعون الكلمة ويكذبون ويلقون إلى الكهنة ويزيد الكهنة للكلمة مائة كذبة ) . وليس هذا من علم الغيب ، إذ تكلمت به الملائكة ، وتلقفها الجني ، وتلقفها منه الكاهن . فالكاهن لم يعلم الغيب . وأما
nindex.php?page=treesubj&link=24405تعبير المنامات ، فالمعبر غير المعصوم لا يعبر بذلك على سبيل البت والقطع ، بل على سبيل الحزر والتخمين ، وقد يقع ما يعبر به وقد لا يقع . وأما الكاهنة البغدادية وما حكي عنها فحسبه عقلا أن يستدل بأحوال امرأة لم يشاهدها ، ولو شاهد ذلك لكان في عقله ما يجوز أنه لبس عليه هذا ، وهو العالم المصنف الذي طبق ذكره الآفاق ، وهو الذي شكك في دلائل الفلاسفة وسامهم الخسف . وأما حكايته عن صاحب المعتبر ، فهو يهودي أظهر إسلامه وهو منتحل طريقة الفلاسفة . وأما مشاهدته أصحاب الإلهامات الصادقة ، فلي من العمر نحو من ثلاث وسبعين سنة أصحب العلماء وأتردد إلى من ينتمي إلى الصلاح ، فلم أر أحدا منهم صاحب إلهام صادق . وأما الكرامات ، فلا أشك في صدور شيء منها ، لكن ذلك على سبيل الندرة ، وذلك في من سلف من صلحاء هذه الأمة . وربما قد يكون في أعصارنا من تصدر منه الكرامات ، ولله تعالى أن يخص من شاء بما شاء والله الموفق .
وقرأ الجمهور : ( ليعلم ) مبنيا للفاعل . قال
قتادة : ليعلم
محمد - صلى الله عليه وسلم - أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم وحفظوا . وقال
ابن جبير : ليعلم
محمد أن الملائكة الحفظة الرصد النازلين بين يدي
جبريل وخلفه قد أبلغوا رسالات ربهم . وقال
مجاهد : ليعلم من أشرك وكذب أن الرسل قد بلغت ، وعلى هذا القول لا يقع لهم هذا العلم إلا في الآخرة . وقيل : ليعلم الله رسله مبلغة خارجة إلى الوجود ; لأن علمه بكل شيء قد سبق . واختار
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري هذا القول الأخير فقال : ( ليعلم الله أن قد أبلغوا رسالات ربهم ) : يعني الأنبياء . وحد أولا على اللفظ في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27من بين يديه ومن خلفه ) ، ثم جمع على المعنى كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=23فإن له نار جهنم خالدين ) والمعنى : ليبلغوا رسالات ربهم كما هي محروسة من الزيادة والنقصان ، وذكر العلم كذكره في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=31حتى نعلم المجاهدين ) . انتهى . وقيل : ( ليعلم ) أي : أي رسول كان أن الرسل سواه بلغوا . وقيل : ليعلم إبليس أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم سليمة من تخليطه وإسراف أصحابه . وقيل : ليعلم الرسل أن الملائكة بلغوا رسالات ربهم . وقيل : ليعلم
محمد أن قد بلغ
جبريل ومن معه إليه رسالة ربه . وقيل : ليعلم الجن أن الرسل قد بلغوا ما أنزل إليهم ، ولم يكونوا هم المتلقين باستراق السمع . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : ( ليعلم ) بضم الياء مبنيا للمفعول .
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة : بضم الياء وكسر اللام ، أي : ليعلم الله ، أي : من شاء أن يعلمه ، أن الرسل قد أبلغوا رسالاته . وقرأ الجمهور : ( رسالات ) على الجمع .
وأبو حيوة : على الإفراد . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=28وأحاط بما لديهم ) وأحاط مبنيا للفاعل ، أي : الله ، ( وأحصى ) مبنيا للفاعل ، أي : الله كل نصبا .
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة : وأحيط وأحصي مبنيا للمفعول كل رفعا . ولما كان ليعلم مضمنا معنى علم ، صار المعنى : قد علم ذلك ، فعطف وأحاط على هذا الضمير ، والمعنى : وأحاط بما عند الرسل من الحكم والشرائع لا يفوته منها شيء . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=28وأحصى كل شيء عددا ) أي : معدودا محصورا ، وانتصابه على الحال من كل شيء ، وإن كان نكرة لاندراج المعرفة في العموم . ويجوز أن ينتصب نصب المصدر لأحصى ; لأنه في معنى إحصاء . وقال
أبو البقاء : ويجوز أن يكون تمييزا . انتهى ، فيكون منقولا من المفعول ، إذ أصله : وأحصى عدد كل شيء ، وفي كونه ثابتا من لسان العرب خلاف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=23وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) أَيْ : بِالشِّرْكِ وَالْكُفْرِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=23خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( فَإِنَّ لَهُ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ . وَقَرَأَ
طَلْحَةُ : بِفَتْحِهَا ، وَالتَّقْدِيرُ : فَجَزَاؤُهُ أَنَّ لَهُ . قَالَ
ابْنُ خَالَوَيْهِ : وَسَمِعْتُ
ابْنَ مُجَاهِدٍ يَقُولُ : مَا قَرَأَ بِهِ أَحَدٌ وَهُوَ لَحْنٌ ; لِأَنَّهُ بَعْدَ فَاءِ الشَّرْطِ . وَسَمِعْتُ ابْنَ الْأَنْبَارِيِّ يَقُولُ : هُوَ ضِرَابٌ ، وَمَعْنَاهُ : فَجَزَاؤُهُ أَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ . انْتَهَى . وَكَانَ
ابْنُ مُجَاهِدٍ إِمَامًا فِي الْقِرَاءَاتِ ، وَلَمْ يَكُنْ مُتَّسِعَ النَّقْلِ فِيهَا
كَابْنِ شَنَبُوذَ ، وَكَانَ ضَعِيفًا فِي النَّحْوِ . وَكَيْفَ يَقُولُ مَا قَرَأَ بِهِ أَحَدٌ ؟ وَهَذَا
كَطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قَرَأَ بِهِ . وَكَيْفَ يَقُولُ : وَهُوَ لَحْنٌ ؟ وَالنَّحْوِيُّونَ قَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ إِنَّ بَعْدَ فَاءِ الشَّرْطِ يَجُوزُ فِيهَا الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ . وَجَمَعَ ( خَالِدِينَ ) حَمْلًا عَلَى مَعْنَى ( مَنْ ) ، وَذَلِكَ بَعْدَ الْحَمْلِ عَلَى لَفْظِ ( مَنْ ) فِي قَوْلِهِ : ( يَعْصِ ) ( فَإِنَّ لَهُ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=24حَتَّى إِذَا رَأَوْا ) ( حَتَّى ) هُنَا حَرْفُ ابْتِدَاءٍ ، أَيْ : يَصْلُحُ أَنْ يَجِيءَ بَعْدَهَا جُمْلَةُ الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهَا مَعْنَى الْغَايَةِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : بِمَ تَعَلَّقَ ( حَتَّى ) وَجَعَلَ مَا بَعْدَهُ غَايَةً لَهُ ؟ ( قُلْتُ ) : بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=19يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ) عَلَى أَنَّهُمْ يَتَظَاهَرُونَ عَلَيْهِ بِالْعَدَاوَةِ ، وَيَسْتَضْعِفُونَ أَنْصَارَهُ وَيَسْتَقِلُّونَ عَدَدَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=24حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ ) مِنْ يَوْمِ
بَدْرٍ ، وَإِظْهَارِ اللَّهِ لَهُ عَلَيْهِمْ ، أَوْ مِنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ( فَسَيَعْلَمُونَ ) حِينَئِذٍ أَنَّهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=24أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا ) . وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْحَالُ مِنَ اسْتِضْعَافِ الْكُفَّارِ لَهُ وَاسْتِقْلَالِهِمْ لِعَدَدِهِ ، كَأَنَّهُ لَا يَزَالُونَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=24حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ ) . قَالَ الْمُشْرِكُونَ : مَتَى يَكُونُ هَذَا الْمَوْعِدُ إِنْكَارًا لَهُ ؟ فَقِيلَ : قُلْ إِنَّهُ كَائِنٌ لَا رَيْبَ فِيهِ فَلَا تُنْكِرُوهُ ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَ ذَلِكَ ، وَهُوَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ . وَأَمَّا وَقْتُهُ فَلَا أَدْرِي مَتَى يَكُونُ ; لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُبَيِّنْهُ لِمَا رَأَى فِي إِخْفَاءِ وَقْتِهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ . انْتَهَى . وَقَوْلُهُ : بِمَ تَعَلُّقُ ( إِنْ ) ؟ عَنَى تَعَلُّقَ حَرْفِ الْجَرِّ ، فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ; لِأَنَّهَا حَرْفُ ابْتِدَاءٍ ، فَمَا بَعْدَهَا لَيْسَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ خِلَافًا
لِلزَّجَّاجِ وَابْنِ [ ص: 355 ] دَرَسْتُوَيْهِ ، فَإِنَّهُمَا زَعَمَا أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ حَرْفَ ابْتِدَاءٍ ، فَالْجُمْلَةُ الِابْتِدَائِيَّةُ بَعْدَهَا فِي مَوْضِعِ جَرٍّ ، وَإِنْ عَنَى بِالتَّعَلُّقِ اتِّصَالَ مَا بَعْدَهَا بِمَا قَبْلَهَا ، وَكَوْنَ مَا بَعْدَهَا غَايَةً لِمَا قَبْلَهَا ، فَهُوَ صَحِيحٌ . وَأَمَّا تَقْدِيرُهُ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=19يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ) فَهُوَ بِعِيدٌ جِدًّا لِطُولِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِالْجُمَلِ الْكَثِيرَةِ . وَقَالَ
التِّبْرِيزِيُّ : حَتَّى جَازَ أَنْ تَكُونَ غَايَةً لِمَحْذُوفٍ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا الْمَحْذُوفُ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى دَعْهُمْ حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ مِنَ السَّاعَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=24فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا ) أَهُمْ أَمْ أَهْلُ الْكِتَابِ ؟ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهَا غَايَةٌ لِمَا تَضَمَّنَتْهُ الْجُمْلَةُ الَّتِي قَبْلَهَا مِنَ الْحُكْمِ بِكَيْنُونَةِ النَّارِ لَهُمْ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : إِنَّ الْعَاصِيَ يُحْكَمُ لَهُ بِكَيْنُونَةِ النَّارِ لَهُمْ ، وَالْحُكْمُ بِذَلِكَ هُوَ وَعِيدٌ حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا حُكِمَ بِكَيْنُونَتِهِ لَهُمْ فَسَيَعْلَمُونَ . فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=23فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ ) هُوَ وَعِيدٌ لَهُمْ بِالنَّارِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=24مَنْ أَضْعَفُ ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ لِمَا قَبْلَهُ ، وَهُوَ مُعَلَّقٌ عَنْهُ لِأَنَّ ( مَنْ ) اسْتِفْهَامٌ . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ ( مَنْ ) مَوْصُولَةً فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِـ ( سَيَعْلَمُونَ ) ، وَأَضْعَفُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ . وَالْجُمْلَةُ صِلَةٌ لِمَنْ ، وَتَقْدِيرُهُ : هُوَ أَضْعَفُ ، وَحَسُنَ حَذْفُهُ طُولَ الصِّلَةِ بِالْمَعْمُولِ وَهُوَ نَاصِرًا . قَالَ
مَكْحُولٌ : لَمْ يَنْزِلْ هَذَا إِلَّا فِي الْجِنِّ ، أَسْلَمَ مِنْهُمْ مَنْ وُفِّقَ وَكَفَرَ مَنْ خُذِلَ كَالْإِنْسِ ، قَالَ : وَبَلَغَ مَنْ تَابَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْجِنِّ سَبْعِينَ أَلْفًا ، وَفَزِعُوا عِنْدَ انْشِقَاقِ الْفَجْرِ . ثُمَّ أَمَرَهُ تَعَالَى أَنْ يَقُولَ لَهُمْ إِنَّهُ لَا يَدْرِي وَقْتَ طُولِ مَا وُعِدُوا بِهِ ، أَهُوَ قَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ؟ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : مَا مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=25أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا ) وَالْأَمَدُ يَكُونُ قَرِيبًا وَبَعِيدًا ؟ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=30تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ) ؟ ( قُلْتُ ) : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَقْرِبُ الْمَوْعِدَ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : ( مَا أَدْرِي أَهُوَ حَالٌ مُتَوَقَّعٌ فِي كُلِّ سَاعَةٍ ، أَمْ مُؤَجَّلٌ ضُرِبَتْ لَهُ غَايَةٌ ) ؟ أَيْ : هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26فَلَا يُظْهِرُ ) : فَلَا يُطْلِعُ ، وَ ( مِنْ رَسُولٍ ) تَبْيِينٌ لِمَنِ ارْتَضَى ، يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُطْلِعُ عَلَى الْغَيْبِ إِلَّا الْمُرْتَضِي الَّذِي هُوَ مُصْطَفًى لِلنُّبُوَّةِ خَاصَّةً ، لَا كُلٌّ مُرْتَضًى ، وَفِي هَذَا إِبْطَالٌ لِلْكَرَامَاتِ ; لِأَنَّ الَّذِينَ تُضَافُ إِلَيْهِمْ ، وَإِنْ كَانُوا أَوْلِيَاءَ مُرْتَضِينَ ، فَلَيْسُوا بِرُسُلٍ . وَقَدْ خَصَّ اللَّهُ الرُّسُلَ مِنْ بَيْنِ الْمُرْتَضِينَ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى الْغَيْبِ وَإِبْطَالِ الْكِهَانَةِ وَالتَّنْجِيمِ ; لِأَنَّ أَصْحَابَهُمَا أَبْعَدُ شَيْءٍ مِنَ الِارْتِضَاءِ وَأَدْخَلُهُ فِي السُّخْطِ . انْتَهَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26عَالِمُ الْغَيْبِ ) . قَالَ
الْحَسَنُ : مَا غَابَ عَنْ خَلْقِهِ ، وَقِيلَ : السَّاعَةُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : ( إِلَّا ) بِمَعْنَى لَكِنْ ، فَجَعَلَهُ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا . وَقِيلَ : ( إِلَّا ) بِمَعْنَى وَلَا أَيْ : وَلَا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ، وَ ( عَالِمُ ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ : هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ ، أَوْ بَدَلٌ مِنْ ( رَبِّي ) . وَقُرِئَ : ( عَالِمًا ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَدْحِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : عَلِمَ الْغَيْبَ ، فِعْلًا مَاضِيًا نَاصِبًا الْغَيْبَ ، وَالْجُمْهُورُ : عَالِمُ الْغَيْبِ اسْمُ فَاعِلٍ مَرْفُوعًا . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26فَلَا يُظْهِرُ ) مِنْ أَظْهَرَ .
وَالْحَسَنُ : يَظْهَرُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْهَاءِ مَنْ ظَهَرَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) : اسْتِثْنَاءٌ مِنْ ( أَحَدًا ) أَيْ : فَإِنَّهُ يُظْهِرُهُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ يَسْلُكُ اللَّهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ ذَلِكَ الرَّسُولِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) أَيْ : حَفَظَةٌ يَحْفَظُونَهُ مِنَ الْجِنِّ وَيَحْرُسُونَهُ فِي ضَبْطِ مَا يُلْقِيهِ تَعَالَى إِلَى ذَلِكَ الرَّسُولِ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ . وَعَنِ
الضَّحَّاكِ : مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلَّا وَمَعَهُ مَلَائِكَةٌ يَحْرُسُونَهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ أَنْ يَتَشَبَّهُوا بِصُورَةِ الْمَلَكِ .
وَقَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : قَالَ الْعُلَمَاءُ : لَمَّا تَمَدَّحَ سُبْحَانَهُ بِعِلْمِ الْغَيْبِ وَاسْتَأْثَرَ بِهِ دُونَ خَلْقِهِ ، كَانَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ أَحَدٌ سِوَاهُ ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مَنِ ارْتَضَاهُ مِنَ الرُّسُلِ ، فَأَوْدَعَهُمْ مَا شَاءَ مِنْ غَيْبِهِ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ إِلَيْهِمْ ، وَجَعَلَهُ مُعْجِزَةً لَهُمْ وَدَلَالَةً صَادِقَةً عَلَى نُبُوَّتِهِمْ ، ثُمَّ ذَكَرَ اسْتِدْلَالًا عَلَى بُطْلَانِ مَا يَقُولُهُ الْمُنَجِّمُ ، ثُمَّ قَالَ بِاسْتِحْلَالِ دَمِ الْمُنَجِّمِ . وَقَالَ
الْوَاحِدِيُّ : فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنِ ادَّعَى أَنَّ النُّجُومَ تَدُلُّ عَلَى مَا يَكُونُ مِنْ حَيَاةٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ . قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ وَالْوَاحِدَيُّ : تَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=28805الْكَرَامَاتُ عَلَى مَا قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ ، فَجَعَلَهَا تَدَلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الْأَحْكَامِ النُّجُومِيَّةِ وَلَا تَدَلُّ عَلَى الْإِلْهَامَاتِ مُجَرَّدُ تَشَبُّهٍ ، وَعِنْدِي أَنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا قَالُوهُ ; لِأَنَّ
[ ص: 356 ] قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26عَلَى غَيْبِهِ ) لَيْسَ فِيهِ صِفَةُ عُمُومٍ ، فَيَكْفِي فِي الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يُظْهِرَ خَلْقَهُ تَعَالَى عَلَى غَيْبٍ وَاحِدٍ مِنْ غُيُوبِهِ ، وَيَحْمِلُهُ عَلَى وَقْتِ قِيَامِ الْقِيَامَةِ ، فَلَا يَبْقَى دَلِيلٌ فِي الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُظْهِرُ شَيْئًا مِنَ الْغُيُوبِ لِأَحَدٍ ، وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّهُ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ عُقَيْبَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=25إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ ) الْآيَةِ ، أَيْ : لَا أَدْرِي وَقْتَ وُقُوعِ الْقِيَامَةِ ، إِذْ هِيَ مِنَ الْغَيْبِ الَّذِي لَا يُظْهِرُهُ اللَّهُ لِأَحَدٍ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27إِلَّا مَنِ ارْتَضَى ) : اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ ، كَأَنَّهُ قَالَ : فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ الْمَخْصُوصِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ، فَلَهُ حَفَظَةٌ يَحْفَظُونَهُ مِنْ شَرِّ مَرَدَةِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ .
قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ لَا يَطَّلِعُ أَحَدٌ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ إِلَّا الرُّسُلُ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ ، أَحَدُهَا : أَنَّهُ ثَبَتَ بِالْأَخْبَارِ الْقَرِيبَةِ مِنَ التَّوَاتُرِ أَنَّ شِقًّا وَسَطِيحًا كَانَا كَاهِنَيْنِ يُخْبِرَانِ بِظُهُورِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ زَمَانِ ظُهُورِهِ ، وَكَانَا فِي الْعَرَبِ مَشْهُورَيْنِ بِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الْعِلْمِ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِمَا كِسْرَى فِي تَعَرُّفِ أَخْبَارِ رَسُولِنَا ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَثَانِيهَا : إِطْبَاقُ الْأُمَمِ عَلَى صِحَّةِ عِلْمِ التَّعْبِيرِ ، فَيُخْبِرُ الْمُعَبِّرُ عَنْ مَا يَأْتِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيَكُونُ صَادِقًا . وَثَالِثُهَا : أَنَّ الْكَاهِنَةَ الْبَغْدَادِيَّةَ الَّتِي نَقَلَهَا السُّلْطَانُ
nindex.php?page=showalam&ids=16058سَنْجَرُ بْنُ مَلِكْشَاهْ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى خُرَاسَانَ سَأَلَهَا عَنْ أَشْيَاءَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، فَأَخْبَرَتْ بِهَا وَوَقَعَتْ عَلَى وَفْقِ كَلَامِهَا ، فَقَدْ رَأَيْتُ أُنَاسًا مُحَقِّقِينَ فِي عُلُومِ الْكَلَامِ وَالْحِكْمَةِ حَكَوْا عَنْهَا أَنَّهَا أَخْبَرَتْ عَنِ الْأَشْيَاءِ الْغَائِبَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ وَجَاءَتْ كَذَلِكَ ، وَبَالَغَ
أَبُو الْبَرَكَاتِ صَاحِبُ الْمُعْتَبَرِ فِي شَرْحِ حَالِهَا فِي كِتَابِ التَّعْبِيرِ ، وَقَالَ : فَحَصْتُ عَنْ حَالِهَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً حَتَّى تَيَقَّنْتُ أَنَّهَا كَانَتْ تُخْبِرُ عَنِ الْمُغَيَّبَاتِ أَخْبَارًا مُطَابِقَةً مُوَافِقَةً . وَرَابِعُهَا : أَنَّا نُشَاهِدُ أَصْحَابَ الْإِلْهَامَاتِ الصَّادِقَةِ ، لَيْسَ هَذَا مُخْتَصًّا بِالْأَوْلِيَاءِ ، فَقَدْ يُوجَدُ فِي السَّحَرَةِ وَفِي الْأَحْكَامِ النُّجُومِيَّةِ مَا يُوَافِقُ الصِّدْقَ ، وَإِنْ كَانَ الْكَذِبُ يَقَعُ مِنْهُمْ كَثِيرًا . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُشَاهَدًا مَحْسُوسًا ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ مِمَّا يَجُرُّ الطَّعْنُ إِلَى الْقُرْآنِ ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ . فَقُلْنَا : إِنَّ التَّأْوِيلَ الصَّحِيحَ مَا ذَكَرْنَاهُ . انْتَهَى ، وَفِيهِ بَعْضُ تَلْخِيصٍ . وَإِنَّمَا أَوْرَدْنَا كَلَامَ هَذَا الرَّجُلِ فِي هَذِهِ
[ ص: 357 ] الْمَسْأَلَةِ لِنَنْظُرَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ تِلْكَ الْوُجُوهِ . أَمَّا قِصَّةُ شِقٍّ وَسَطِيحٍ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْإِخْبَارِ بِالْغَيْبِ ; لِأَنَّهُ مِمَّا يُخْبِرُ بِهِ رَئِيُّ الْكُهَّانِ مِنَ الشَّيَاطِينِ مُسْتَرِقَةً السَّمْعَ ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374972إِنَّهُمْ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ وَيَكْذِبُونَ وَيُلْقُونَ إِلَى الْكَهَنَةِ وَيَزِيدُ الْكَهَنَةُ لِلْكَلِمَةِ مِائَةَ كَذْبَةٍ ) . وَلَيْسَ هَذَا مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ ، إِذْ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ ، وَتَلَقَّفَهَا الْجِنِّيُّ ، وَتَلَقَّفَهَا مِنْهُ الْكَاهِنُ . فَالْكَاهِنُ لَمْ يَعْلَمِ الْغَيْبَ . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=24405تَعْبِيرُ الْمَنَامَاتِ ، فَالْمُعَبِّرُ غَيْرُ الْمَعْصُومِ لَا يُعَبِّرُ بِذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْبَتِّ وَالْقَطْعِ ، بَلْ عَلَى سَبِيلِ الْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ ، وَقَدْ يَقَعُ مَا يُعَبِّرُ بِهِ وَقَدْ لَا يَقَعُ . وَأَمَّا الْكَاهِنَةُ الْبَغْدَادِيَّةُ وَمَا حُكِيَ عَنْهَا فَحَسْبُهُ عَقْلًا أَنْ يَسْتَدِلَّ بِأَحْوَالِ امْرَأَةٍ لَمْ يُشَاهِدْهَا ، وَلَوْ شَاهَدَ ذَلِكَ لَكَانَ فِي عَقْلِهِ مَا يَجُوزُ أَنَّهُ لُبِّسَ عَلَيْهِ هَذَا ، وَهُوَ الْعَالِمُ الْمُصَنِّفُ الَّذِي طَبَّقَ ذِكْرُهُ الْآفَاقَ ، وَهُوَ الَّذِي شَكَّكَ فِي دَلَائِلِ الْفَلَاسِفَةِ وَسَامَهُمُ الْخَسْفَ . وَأَمَّا حِكَايَتُهُ عَنْ صَاحِبِ الْمُعْتَبَرِ ، فَهُوَ يَهُودِيٌّ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ وَهُوَ مُنْتَحِلٌ طَرِيقَةَ الْفَلَاسِفَةِ . وَأَمَّا مُشَاهَدَتُهُ أَصْحَابَ الْإِلْهَامَاتِ الصَّادِقَةِ ، فَلِي مِنَ الْعُمْرِ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً أَصْحَبُ الْعُلَمَاءَ وَأَتَرَدَّدُ إِلَى مَنْ يَنْتَمِي إِلَى الصَّلَاحِ ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْهُمْ صَاحِبَ إِلْهَامٍ صَادِقٍ . وَأَمَّا الْكَرَامَاتُ ، فَلَا أَشُكُّ فِي صُدُورِ شَيْءٍ مِنْهَا ، لَكِنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ النُّدْرَةِ ، وَذَلِكَ فِي مَنْ سَلَفَ مِنْ صُلَحَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ . وَرُبَّمَا قَدْ يَكُونُ فِي أَعْصَارِنَا مَنْ تَصْدُرُ مِنْهُ الْكَرَامَاتُ ، وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يَخُصَّ مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( لِيَعْلَمَ ) مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ . قَالَ
قَتَادَةُ : لِيَعْلَمَ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَحَفِظُوا . وَقَالَ
ابْنُ جُبَيْرٍ : لِيَعْلَمَ
مُحَمَّدٌ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الْحَفَظَةَ الرُّصَّدَ النَّازِلِينَ بَيْنَ يَدَيْ
جِبْرِيلَ وَخَلْفَهُ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : لِيَعْلَمَ مَنْ أَشْرَكَ وَكَذَّبَ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغَتْ ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَقَعُ لَهُمْ هَذَا الْعِلْمُ إِلَّا فِي الْآخِرَةِ . وَقِيلَ : لِيَعْلَمَ اللَّهُ رُسُلَهُ مُبَلِّغَةً خَارِجَةً إِلَى الْوُجُودِ ; لِأَنَّ عِلْمَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ قَدْ سَبَقَ . وَاخْتَارَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ هَذَا الْقَوْلَ الْأَخِيرَ فَقَالَ : ( لِيَعْلَمَ اللَّهُ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ ) : يَعْنِي الْأَنْبِيَاءَ . وَحَّدَ أَوَّلًا عَلَى اللَّفْظِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ) ، ثُمَّ جَمَعَ عَلَى الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=23فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ ) وَالْمَعْنَى : لِيُبَلِّغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ كَمَا هِيَ مَحْرُوسَةً مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ ، وَذَكَرَ الْعِلْمَ كَذِكْرِهِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=31حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ ) . انْتَهَى . وَقِيلَ : ( لِيَعْلَمَ ) أَيْ : أَيُّ رَسُولٍ كَانَ أَنَّ الرُّسُلَ سِوَاهُ بَلَّغُوا . وَقِيلَ : لِيَعْلَمَ إِبْلِيسُ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ سَلِيمَةً مِنْ تَخْلِيطِهِ وَإِسْرَافِ أَصْحَابِهِ . وَقِيلَ : لِيَعْلَمَ الرُّسُلُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَلَّغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ . وَقِيلَ : لِيَعْلَمَ
مُحَمَّدٌ أَنْ قَدْ بَلَّغَ
جِبْرِيلُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَيْهِ رِسَالَةَ رَبِّهِ . وَقِيلَ : لِيَعْلَمَ الْجِنُّ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَكُونُوا هُمُ الْمُتَلَقِّينَ بِاسْتِرَاقِ السَّمْعِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : ( لِيُعْلَمَ ) بِضَمِّ الْيَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ .
nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ ، أَيْ : لِيُعْلِمَ اللَّهُ ، أَيْ : مَنْ شَاءَ أَنْ يُعْلِمَهُ ، أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِهِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( رِسَالَاتِ ) عَلَى الْجَمْعِ .
وَأَبُو حَيْوَةَ : عَلَى الْإِفْرَادِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=28وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ ) وَأَحَاطَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، أَيِ : اللَّهُ ، ( وَأَحْصَى ) مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، أَيِ : اللَّهُ كُلٌّ نَصْبًا .
nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : وَأُحِيطَ وَأُحْصِيَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ كُلٌّ رَفْعًا . وَلَمَّا كَانَ لِيَعْلَمَ مُضَمَّنًا مَعْنَى عَلِمَ ، صَارَ الْمَعْنَى : قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ ، فَعَطَفَ وَأَحَاطَ عَلَى هَذَا الضَّمِيرِ ، وَالْمَعْنَى : وَأَحَاطَ بِمَا عِنْدَ الرُّسُلِ مِنَ الْحِكَمِ وَالشَّرَائِعِ لَا يَفُوتُهُ مِنْهَا شَيْءٌ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=28وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ) أَيْ : مَعْدُودًا مَحْصُورًا ، وَانْتِصَابُهُ عَلَى الْحَالِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً لِانْدِرَاجِ الْمَعْرِفَةِ فِي الْعُمُومِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ نَصْبَ الْمَصْدَرِ لَأَحْصَى ; لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى إِحْصَاءٍ . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَمْيِيزًا . انْتَهَى ، فَيَكُونُ مَنْقُولًا مِنَ الْمَفْعُولِ ، إِذْ أَصْلُهُ : وَأَحْصَى عَدَدَ كُلَّ شَيْءٍ ، وَفِي كَوْنِهِ ثَابِتًا مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ خِلَافٌ .