( سورة القيامة مكية وهي أربعون آية )
( بسم الله الرحمن الرحيم )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1لا أقسم بيوم القيامة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=2ولا أقسم بالنفس اللوامة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=4بلى قادرين على أن نسوي بنانه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بل يريد الإنسان ليفجر أمامه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يسأل أيان يوم القيامة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=7فإذا برق البصر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وخسف القمر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وجمع الشمس والقمر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=10يقول الإنسان يومئذ أين المفر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=11كلا لا وزر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=12إلى ربك يومئذ المستقر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=13ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=14بل الإنسان على نفسه بصيرة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=15ولو ألقى معاذيره nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=16لا تحرك به لسانك لتعجل به nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=17إن علينا جمعه وقرآنه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=18فإذا قرأناه فاتبع قرآنه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=19ثم إن علينا بيانه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20كلا بل تحبون العاجلة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=21وتذرون الآخرة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=22وجوه يومئذ ناضرة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=23إلى ربها ناظرة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=24ووجوه يومئذ باسرة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=25تظن أن يفعل بها فاقرة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=26كلا إذا بلغت التراقي nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27وقيل من راق nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=28وظن أنه الفراق nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=29والتفت الساق بالساق nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=30إلى ربك يومئذ المساق nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=31فلا صدق ولا صلى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=32ولكن كذب وتولى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=33ثم ذهب إلى أهله يتمطى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=34أولى لك فأولى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=35ثم أولى لك فأولى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=36أيحسب الإنسان أن يترك سدى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=37ألم يك نطفة من مني يمنى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=38ثم كان علقة فخلق فسوى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=39فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=40أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) .
[ ص: 382 ] برق بكسر الراء : فزع ودهش ، وأصله من برق الرجل ، إذا نظر إلى البرق فدهش بصره ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة :
ولو أن لقمان الحكيم تعرضت لعينيه مي سافرا كاد يبرق
( قال الأعشى ) :
وكنت أرى في وجه مية لمحة فأبرق مغشيا علي مكانيا
وبرق بفتح الراء : شق بصره ، وهو من البريق ، أي : لمع بصره من شدة شخوصه . الوزر : ما يلجأ إليه من حصن أو جبل أو غيرهما ، قال الشاعر :
لعمرك ما للفتى من وزر من الموت يدركه والكبر
النضرة : النعمة وجمال البشرة وطراوتها ، قال الشاعر :
أبى لي قبر لا يزال مقابلي وضربة فأس فوق رأسي فاقره
أي : مؤثرة . التراقي جمع ترقوة : وهي عظام الصدر ، ولكل إنسان ترقوتان ، وهو موضع الحشرجة ، قال
دريد بن الصمة :
ورب عظيمة دافعت عنهم وقد بلغت نفوسهم التراقي
رقى يرقي من الرقية ، وهي ما يستشفى به للمريض من الكلام المعد لذلك . تمطى : تبختر في مشيته ، وأصله من المطا وهو الظهر ، أي : يلوي مطاه تبخترا . وقيل : أصله تمطط أي : تمدد في مشيته ، ومد منكبيه ، قلبت الطاء فيه حرف علة كراهة اجتماع الأمثال ، كما قالوا : تظنى من الظن ، وأصله تظنن . والمطيطا : التبختر ومد اليدين في المشي ، والمطيط : الماء الحاثر في أسفل الحوض ; لأنه يتمطط فيه ، أي : يمتد . وعلى هذا الاشتقاق لا يكون أصله من المط لاختلاف المادتين ، إذ مادة المطا ( م ط و ) ومادة تمطط ( م ط ط ) . سدى : مهمل ، يقال إبل سدى أي : مهملة ترعى حيث شاءت بلا راع ، وأسديت الشيء أي : أهملته ، وأسديت حاجتي : ضيعتها . قال الشاعر :
فأقسم بالله جهد اليمين ما خلق الله شيئا سدى
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13147أبو بكر بن دريد في المقصورة :
لم أر كالمزن سواما بهلا تحسبها مرعية وهي سدى
[ ص: 383 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29046لا أقسم بيوم القيامة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=2ولا أقسم بالنفس اللوامة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=4بلى قادرين على أن نسوي بنانه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بل يريد الإنسان ليفجر أمامه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يسأل أيان يوم القيامة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=7فإذا برق البصر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وخسف القمر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وجمع الشمس والقمر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=10يقول الإنسان يومئذ أين المفر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=11كلا لا وزر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=12إلى ربك يومئذ المستقر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=13ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=14بل الإنسان على نفسه بصيرة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=15ولو ألقى معاذيره nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=16لا تحرك به لسانك لتعجل به nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=17إن علينا جمعه وقرآنه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=18فإذا قرأناه فاتبع قرآنه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=19ثم إن علينا بيانه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20كلا بل تحبون العاجلة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=21وتذرون الآخرة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=22وجوه يومئذ ناضرة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=23إلى ربها ناظرة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=24ووجوه يومئذ باسرة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=25تظن أن يفعل بها فاقرة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=26كلا إذا بلغت التراقي nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27وقيل من راق nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=28وظن أنه الفراق nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=29والتفت الساق بالساق nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=30إلى ربك يومئذ المساق nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=31فلا صدق ولا صلى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=32ولكن كذب وتولى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=33ثم ذهب إلى أهله يتمطى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=34أولى لك فأولى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=35ثم أولى لك فأولى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=36أيحسب الإنسان أن يترك سدى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=37ألم يك نطفة من مني يمنى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=38ثم كان علقة فخلق فسوى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=39فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=40أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) .
[ ص: 384 ] هذه السورة مكية . ومناسبتها لما قبلها : أن في آخر ما قبلها قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=53كلا بل لا يخافون الآخرة nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=54كلا إنه تذكرة ) وفيها كثير من أحوال القيامة ، فذكر هنا يوم القيامة وجملا من أحوالها . وتقدم الكلام في (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1لا أقسم ) . والخلاف في " لا " ، والخلاف في قراءاتها في أواخر الواقعة . أقسم تعالى بيوم القيامة لعظمه وهوله . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1لا أقسم ) قيل : " لا " نافية ، نفى أن يقسم بالنفس اللوامة ، وأقسم بيوم القيامة ، نص على هذا
الحسن . والجمهور : على أن الله أقسم بالأمرين . واللوامة ، قال
الحسن : هي التي تلوم صاحبها في ترك الطاعة ونحوها ، فهي على هذا ممدوحة ، ولذلك أقسم الله بها . وروي نحوه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وعن
مجاهد ، تلوم على ما فات وتندم على الشر لم فعلته ؟ ، وعلى الخير لم لم تستكثر منه ؟ . وقيل : النفس المتقية التي تلوم النفوس في يوم القيامة على تقصيرهن في التقوى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقتادة : هي الفاجرة الخشعة اللوامة لصاحبها على ما فاته من سعي الدنيا وأعراضها ، فهي على هذا ذميمة ، ويحسن نفي القسم بها . والنفس اللوامة : اسم جنس بهذا الوصف . وقيل : هي نفس معينة ، وهي نفس
آدم - عليه السلام - لم تزل لائمة له على فعله الذي أخرجه من الجنة . قال
ابن عطية : وكل نفس متوسطة ليست بمطمئنة ولا أمارة بالسوء ، فإنها لوامة في الطرفين ، مرة تلوم على ترك الطاعة ، ومرة تلوم على فوت ما تشتهي ، فإذا اطمأنت خلصت وصفت . انتهى . والمناسبة بين القسمين من حيث أحوال النفس من سعادتها وشقاوتها وظهور ذلك في يوم القيامة ، وجواب القسم محذوف يدل عليه يوم القيامة المقسم به وما بعده من قوله : ( أيحسب ) الآية ، وتقديره لتبعثن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65فلا وربك لا يؤمنون ) والأبيات التي أنشدتها المقسم عليه فيها منفي ، وكان قد أنشد قول
امرئ القيس :
لا وأبيك ابنة العامري لا يدعي القوم إني أفر
( وقول
غوية بن سلمى ) :
ألا نادت أمامة باحتمالي لتحزنني فلا يك ما أبالي
قال : فهلا زعمت أن لا التي للقسم زيدت موطئة للنفي بعده ومؤكدة له ، وقدرت المقسم عليه المحذوف هاهنا منفيا ، نحو قولك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1لا أقسم بيوم القيامة ) لا تتركون سدى ؟ ( قلت ) : لو قصروا الأمر على النفي دون الإثبات لكان لهذا القول مساغ ، ولكنه لم يقسم . ألا ترى كيف لقى (
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=1لا أقسم بهذا البلد ) بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=4لقد خلقنا الإنسان في كبد ) وكذلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=75فلا أقسم بمواقع النجوم ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=77إنه لقرآن كريم ) ؟ ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وجواب القسم ما دل عليه قوله : (
nindex.php?page=treesubj&link=29046أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه ) وهو لتبعثن . انتهى ، وهو تقدير
النحاس . وقول من قال : جواب القسم هو : ( أيحسب الإنسان ) . وما روي عن
الحسن أن الجواب : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=4بلى قادرين ) وما قيل أن " لا " في القسمين لنفيهما ، أي : لا أقسم على شيء ، وأن التقدير : أسألك أيحسب الإنسان ؟ أقوال لا تصلح أن يرد بها ، بل تطرح ولا يسود بها الورق ، ولولا أنهم سردوها في الكتب لم أنبه عليها . والإنسان هنا الكافر المكذب بالبعث . روي
أن عدي بن ربيعة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا محمد ! حدثني عن يوم القيامة متى يكون أمره ؟ فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم [ ص: 385 ] أصدقك ولم أؤمن به ، أو يجمع الله هذه العظام بعد بلاها ؟ فنزلت . وقيل : نزلت في
أبي جهل ، كان يقول أيزعم
محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يجمع الله هذه العظام بعد بلاها وتفرقها ، فيعيدها خلقا جديدا ؟ وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3نجمع ) بنون (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3عظامه ) نصبا . و
قتادة : بالتاء مبنيا للمفعول ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3عظامه ) رفعا ، والمعنى : بعد تفرقها واختلاطها بالتراب وتطيير الرياح إياها في أقاصي الأرض . وقوله : ( أيحسب ) استفهام تقرير وتوبيخ ، حيث ينكر قدرة الله تعالى على إعادة المعدوم . ( بلى ) : جواب للاستفهام المنسحب على النفي ، أي : بلى نجمعها . وذكر العظام ، وإن كان المعنى إعادة الإنسان وجمع أجزائه المتفرقة ; لأن العظام هي قالب الخلق . وقرأ الجمهور : ( قادرين ) بالنصب على الحال من الضمير الذي في الفعل المقدر وهو يجمعها .
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة وابن السميقع : قادرون ، أي : نحن قادرون . (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=4على أن نسوي بنانه ) : وهي الأصابع ، أكثر العظام تفرقا وأدقها أجزاء ، وهي العظام التي في الأنامل ومفاصلها ، وهذا عند البعث . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والجمهور : المعنى نجعلها في حياته هذه بضعة ، أو عظما واحدا كخف البعير لا تفاريق فيه ، أي : في الدنيا فتقل منفعته بها ، وهذا القول فيه توعد ، والمعنى الأول هو الظاهر والمقصود من رصف الكلام . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري هذين القولين بألفاظ منمقة على عادته في حكاية أقوال المتقدمين . وقيل : ( قادرين ) منصوب على خبر كان ، أي : بلى كنا قادرين في الابتداء .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بل يريد الإنسان ) : بل إضراب ، وهو انتقال من كلام إلى كلام من غير إبطال . والظاهر أن ( يريد ) إخبار عن ما يريده الإنسان . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( بل يريد ) عطف على ( أيحسب ) فيجوز أن يكون قبله استفهاما ، وأن يكون إيجابا على أن يضرب عن مستفهم عنه إلى آخر ، أو يضرب عن مستفهم عنه إلى موجب . انتهى . وهذه التقادير الثلاثة لا تظهر ، وهي متكلفة ، بل المعنى : الإخبار عن الإنسان من غير إبطال لمضمون الجملة السابقة ، وهي نجمعها قادرين ، لنبين ما هو عليه الإنسان من عدم الفكر في الآخرة وأنه معني بشهواته . ومفعول ( يريد ) محذوف يدل عليه التعليل في (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5ليفجر ) . قال
مجاهد والحسن وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير والضحاك والسدي : معنى الآية : أن الإنسان إنما يريد شهواته ومعاصيه ; ليمضي فيها أبدا قدما راكبا رأسه مطيعا أمله ومسوفا بتوبته . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أيضا : ليظلم على قدر طاقته ، وعلى هذا فالضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5أمامه ) عائد على الإنسان ، وهو الظاهر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما يقتضي أن الضمير عائد على يوم القيامة أن الإنسان في زمان وجوده أمام يوم القيامة ، وبين يديه يوم القيامة خلفه ، فهو يريد شهواته ; ليفجر في تكذيبه بالبعث وغير ذلك بين يدي يوم القيامة ، وهو لا يعرف القدر الذي هو فيه . والأمام ظرف مكان استعير هنا للزمان ، أي : ليفجر فيما بين يديه ويستقبله من زمان حياته .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يسأل أيان يوم القيامة ) أي : متى يوم القيامة ؟ سؤال استهزاء وتكذيب وتعنت . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=7برق ) بكسر الراء .
nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت ونصر بن عاصم وعبد الله بن أبي إسحاق ،
وأبو حيوة nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة والزعفراني ،
وابن مقسم ونافع nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي وأبان عن
عاصم وهارون ومحبوب ، كلاهما عن
أبي عمرو ،
والحسن والجحدري : بخلاف عنهما بفتحها . قال
أبو عبيدة : برق بالفتح : شق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : خفت عند الموت . قال
مجاهد : هذا عند الموت . وقال
الحسن : هو يوم القيامة . وقرأ
أبو السمال : بلق باللام عوض الراء ، أي : انفتح وانفرج ، يقال : بلق الباب وأبلقته وبلقته : فتحته ، هذا قول أهل اللغة إلا
الفراء فإنه يقول : بلقه وأبلقه إذا أغلقه . وقال
ثعلب : أخطأ
الفراء في ذلك ، إنما هو بلق الباب وأبلقه إذا فتحه . انتهى . ويمكن أن تكون اللام بدلا من الراء ، فهما يتعاقبان في بعض الكلام ، نحو قولهم : نثره ونثله ، ووجر ووجل . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وخسف ) مبنيا للفاعل .
وأبو حيوة nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة ويزيد بن [ ص: 386 ] قطيب nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : مبنيا للمفعول . يقال : خسف القمر وخسفه الله ، وكذلك الشمس . قال
أبو عبيدة وجماعة من أهل اللغة : الخسوف والكسوف بمعنى واحد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12427ابن أبي أويس : الكسوف ذهاب بعض الضوء ، والخسوف جميعه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وجمع الشمس والقمر ) : لم تلحق علامة التأنيث ; لأن تأنيث الشمس مجاز ، أو لتغليب التذكير على التأنيث . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : حمل على المعنى ، والتقدير : جمع النوران أو الضياءان ، ومعنى الجمع بينهما ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار : يجمعان فيلقيان في النار ، وعنه يجمعان يوم القيامة ثم يقذفان في البحر ، فيكونان نار الله الكبرى . وقيل : يجمع بينهما في الطلوع من المغرب ، فيطلعان أسودين مكورين . وقال
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : يجعلان في نور الحجب ، وقيل : يجتمعان ولا يتفرقان ، ويقربان من الناس فيلحقهم العرق لشدة الحر ، فكأن المعنى : يجمع حرهما . وقيل : يجمع بينهما في ذهاب الضوء ، فلا يكون ثم تعاقب ليل ولا نهار . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=10المفر ) بفتح الميم والفاء ، أي : أين الفرار ؟ وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن بن علي بن أبي طالب ،
والحسن بن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والحسن وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=12341وأيوب السختياني وكلثوم بن عياض ، و
مجاهد وابن يعمر nindex.php?page=showalam&ids=15744وحماد بن سلمة وأبو رجاء وعيسى ،
وابن أبي إسحاق وأبو حيوة nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري : بكسر الفاء ، وهو موضع الفرار . وقرأ
الحسن : بكسر الميم وفتح الفاء ، ونسبها
ابن عطية nindex.php?page=showalam&ids=12300للزهري ، أي : الجيد الفرار ، وأكثر ما يستعمل هذا الوزن في الآلات وفي صفات الخيل ، نحو قوله :
مكر مفر مقبل مدبر معا
والظاهر أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=11كلا لا وزر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=12إلى ربك يومئذ المستقر ) من تمام قول الإنسان . وقيل : هو من كلام الله تعالى ، لا حكاية عن الإنسان . ( كلا ) : ردع عن طلب المفر (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=11لا وزر ) : لا ملجأ ، وعبر المفسرون عنه بالجبل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف بن الشخير : هو كان وزر فرار العرب في بلادهم ، فلذلك استعمل ، والحقيقة أنه الملجأ من جبل أو حصن أو سلاح أو رجل أو غيره . ( إلى ربك يومئذ ) أي : إلى حكمه يومئذ تقول أين المفر (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=12المستقر ) أي : الاستقرار ، أو موضع استقرار من جنة أو نار إلى مشيئته تعالى ، يدخل من شاء الجنة ، ويدخل من شاء النار . (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=13بما قدم وأخر ) قال
عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : بما قدم في حياته وأخر من سنة يعمل بها بعده . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا : بما قدم من المعاصي وأخر من الطاعات . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : بما قدم من ماله لنفسه ، وبما أخر منه للوارث . وقال
النخعي ومجاهد : بأول عمله وآخره . وقال
الضحاك : بما قدم من فرض وأخر من فرض . والظاهر حمله على العموم ، أي : يخبره بكل ما قدم وكل ما أخر ، مما ذكره المفسرون ومما لم يذكروه . ( بصيرة ) : خبر عن الإنسان ، أي : شاهد ، قاله
قتادة ، والهاء للمبالغة . وقال
الأخفش : هو كقولك فلان عبرة وحجة . وقيل : أنث لأنه أراد جوارحه ، أي : جوارحه على نفسه بصيرة . وقيل : ( بصيرة ) مبتدأ محذوف الموصوف ، أي : عين بصيرة ، و ( على نفسه ) الخبر . والجملة في موضع خبر عن الإنسان ، والتقدير : عين بصيرة ، وإليه ذهب
الفراء ، وأنشد :
كأن على ذي العقل عينا بصيرة بمقعده ، أو منظر هو ناظره
يحاذر حتى يحسب الناس كلهم من الخوف لا تخفى عليهم سرائره
وعلى هذا نختار أن تكون ( بصيرة ) فاعلا بالجار والمجرور ، وهو الخبر عن الإنسان . ألا ترى أنه قد اعتمد بوقوعه خبرا عن الإنسان ؟ وعلى هذا فالتاء للتأنيث . وتأول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ( البصيرة ) بالجوارح ، أو الملائكة الحفظة . والمعاذير عند الجمهور الأعذار ، فالمعنى : لو جاء بكل معذرة يعتذر بها عن نفسه ، فإنه هو الشاهد عليها والحجة البينة عليها . وقيل : المعاذير جمع معذرة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : قياس معذرة معاذر ، فالمعاذير ليس بجمع معذرة ، إنما هو اسم جمع لها ، ونحو المناكير في المنكر . انتهى . وليس هذا البناء من
[ ص: 387 ] أبنية أسماء الجموع ، وإنما هو من أبنية جمع التكسير ، فهو كمذاكير وملاميح والمفرد منهما لمحة وذكر . ولم يذهب أحد إلى أنهما من أسماء الجموع ، بل قيل : هما جمع للمحة وذكر على غير قياس ، أو هما جمع لمفرد لم ينطق به ، وهو مذكار وملمحة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي والضحاك : المعاذير : الستور بلغة اليمن ، واحدها معذار ، وهو يمنع رؤية المحتجب ، كما تمنع المعذرة عقوبة الذنب . وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج أيضا ، أي : وإن رمى مستورة يريد أن يخفي عمله ، فنفسه شاهدة عليه . وأنشدوا في أن المعاذير الستور قول الشاعر :
ولكنها ضنت بمنزل ساعة علينا ، وأطت فوقها بالمعاذر
وقيل : البصيرة : الكاتبان يكتبان ما يكون من خير أو شر ، أي : وإن تستر بالستور ، وإذا كانت من العذر ، فمعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=15ولو ألقى ) أي : نطق بمعاذيره وقالها . وقيل : ولو رمى بأعذاره واستسلم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ولو أدلى بحجة وعذر . وقيل : ولو أحال بعضهم على بعض ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31لولا أنتم لكنا مؤمنين ) . والعذرة والعذرى : المعذرة ، قال الشاعر :
ها إن ذي عذرة أن لا تكن نفعت
وقال فيها : ولا عذر لمجحود .
( سُورَةُ الْقِيَامَةِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ أَرْبَعُونَ آيَةً )
( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=2وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=4بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=7فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وَخَسَفَ الْقَمَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=10يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=11كَلَّا لَا وَزَرَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=12إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=13يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=14بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=15وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=16لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=17إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=18فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=19ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=21وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=22وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=23إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=24وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=25تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=26كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=28وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=29وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=30إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=31فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=32وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=33ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=34أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=35ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=36أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=37أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=38ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=39فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=40أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) .
[ ص: 382 ] بَرِقَ بِكَسْرِ الرَّاءِ : فَزِعَ وَدَهِشَ ، وَأَصْلُهُ مِنْ بَرِقَ الرَّجُلُ ، إِذَا نَظَرَ إِلَى الْبَرْقِ فَدُهِشَ بَصَرُهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذِي الرُّمَّةِ :
وَلَوْ أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ تَعَرَّضَتْ لِعَيْنَيْهِ مَيٌّ سَافِرًا كَادَ يَبْرُقُ
( قَالَ الْأَعْشَى ) :
وَكُنْتُ أَرَى فِي وَجْهِ مِيَّةَ لُمْحَةً فَأُبْرِقُ مَغْشِيًّا عَلِيَّ مَكَانِيَا
وَبَرَقَ بِفَتْحِ الرَّاءِ : شُقَّ بَصَرُهُ ، وَهُوَ مِنَ الْبَرِيقِ ، أَيْ : لَمَعَ بَصَرُهُ مِنْ شِدَّةِ شُخُوصِهِ . الْوِزْرُ : مَا يَلْجَأُ إِلَيْهِ مِنْ حِصْنٍ أَوْ جَبَلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ، قَالَ الشَّاعِرُ :
لَعَمْرُكَ مَا لِلْفَتَى مِنْ وِزْرٍ مِنَ الْمَوْتِ يُدْرِكُهُ وَالْكِبَرُ
النَّضِرَةُ : النِّعْمَةُ وَجَمَالُ الْبَشَرَةِ وَطَرَاوَتِهَا ، قَالَ الشَّاعِرُ :
أَبَى لِي قَبْرٌ لَا يَزَالُ مُقَابَلِي وَضَرْبَةُ فَأْسٍ فَوْقَ رَأْسِي فَاقِرَهْ
أَيْ : مُؤَثِّرَةٌ . التَّرَاقِي جَمْعُ تَرْقُوَةٍ : وَهِيَ عِظَامُ الصَّدْرِ ، وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ تَرْقُوَتَانِ ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْحَشْرَجَةِ ، قَالَ
دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ :
وَرُبَّ عَظِيمَةٍ دَافَعْتُ عَنْهُمْ وَقَدْ بَلَغَتْ نُفُوسُهُمُ التَّرَاقِي
رَقَى يَرْقِي مِنَ الرُّقْيَةِ ، وَهِيَ مَا يُسْتَشْفَى بِهِ لِلْمَرِيضِ مِنَ الْكَلَامِ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ . تَمَطَّى : تَبَخْتَرَ فِي مِشْيَتِهِ ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْمَطَا وَهُوَ الظَّهْرُ ، أَيْ : يَلْوِي مَطَاهُ تَبَخْتُرًا . وَقِيلَ : أَصْلُهُ تَمطَّطَ أَيْ : تَمَدَّدَ فِي مِشْيَتِهِ ، وَمَدَّ مَنْكِبَيْهِ ، قُلِبَتِ الطَّاءُ فِيهِ حَرْفَ عِلَّةٍ كَرَاهَةَ اجْتِمَاعِ الْأَمْثَالِ ، كَمَا قَالُوا : تَظَنَّى مِنَ الظَّنِّ ، وَأَصْلُهُ تَظَنَّنَ . وَالْمَطِيطَا : التَّبَخْتُرُ وَمَدُّ الْيَدَيْنِ فِي الْمَشْيِ ، وَالْمَطِيطُ : الْمَاءُ الْحَاثِرُ فِي أَسْفَلِ الْحَوْضِ ; لِأَنَّهُ يَتَمَطَّطُ فِيهِ ، أَيْ : يَمْتَدُّ . وَعَلَى هَذَا الِاشْتِقَاقِ لَا يَكُونُ أَصْلُهُ مِنَ الْمَطِّ لِاخْتِلَافِ الْمَادَّتَيْنِ ، إِذْ مَادَّةُ الْمَطَا ( م ط و ) وَمَادَّةُ تَمَطَّطَ ( م ط ط ) . سُدًى : مُهْمَلٌ ، يُقَالُ إِبِلٌ سُدًى أَيْ : مُهْمَلَةٌ تَرْعَى حَيْثُ شَاءَتْ بِلَا رَاعٍ ، وَأَسْدَيْتُ الشَّيْءَ أَيْ : أَهْمَلْتُهُ ، وَأَسْدَيْتُ حَاجَتِي : ضَيَّعْتُهَا . قَالَ الشَّاعِرُ :
فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ جَهْدَ الْيَمِينِ مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا سُدَى
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13147أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ فِي الْمَقْصُورَةِ :
لَمْ أَرَ كَالْمُزْنِ سَوَامًا بُهْلًا تَحْسَبُهَا مَرْعِيَّةً وَهِيَ سُدَى
[ ص: 383 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29046لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=2وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=4بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=7فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وَخَسَفَ الْقَمَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=10يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=11كَلَّا لَا وَزَرَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=12إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=13يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=14بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=15وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=16لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=17إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=18فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=19ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=21وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=22وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=23إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=24وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=25تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=26كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=28وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=29وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=30إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=31فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=32وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=33ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=34أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=35ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=36أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=37أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=38ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=39فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=40أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) .
[ ص: 384 ] هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ . وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا : أَنَّ فِي آخِرِ مَا قَبْلَهَا قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=53كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=54كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ ) وَفِيهَا كَثِيرٌ مِنْ أَحْوَالِ الْقِيَامَةِ ، فَذَكَرَ هُنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُمَلًا مِنْ أَحْوَالِهَا . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1لَا أُقْسِمُ ) . وَالْخِلَافُ فِي " لَا " ، وَالْخِلَافُ فِي قِرَاءَاتِهَا فِي أَوَاخِرِ الْوَاقِعَةِ . أَقْسَمَ تَعَالَى بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ لِعِظَمِهِ وَهَوْلِهِ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1لَا أُقْسِمُ ) قِيلَ : " لَا " نَافِيَةٌ ، نَفَى أَنْ يُقْسِمَ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ، وَأَقْسَمَ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ، نَصَّ عَلَى هَذَا
الْحَسَنُ . وَالْجُمْهُورُ : عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَقْسَمَ بِالْأَمْرَيْنِ . وَاللَّوَّامَةُ ، قَالَ
الْحَسَنُ : هِيَ الَّتِي تَلُومُ صَاحِبَهَا فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ وَنَحْوِهَا ، فَهِيَ عَلَى هَذَا مَمْدُوحَةٌ ، وَلِذَلِكَ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا . وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ
مُجَاهِدٍ ، تَلُومُ عَلَى مَا فَاتَ وَتَنْدَمَ عَلَى الشَّرِّ لِمَ فَعَلَتْهُ ؟ ، وَعَلَى الْخَيْرِ لِمَ لَمْ تَسْتَكْثِرْ مِنْهُ ؟ . وَقِيلَ : النَّفْسُ الْمُتَّقِيَةُ الَّتِي تَلُومُ النُّفُوسَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى تَقْصِيرِهِنَّ فِي التَّقْوَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ : هِيَ الْفَاجِرَةُ الْخَشِعَةُ اللَّوَّامَةُ لِصَاحِبِهَا عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْ سَعْيِ الدُّنْيَا وَأَعْرَاضِهَا ، فَهِيَ عَلَى هَذَا ذَمِيمَةٌ ، وَيَحْسُنُ نَفْيُ الْقَسَمِ بِهَا . وَالنَّفْسُ اللَّوَّامَةُ : اسْمُ جِنْسٍ بِهَذَا الْوَصْفِ . وَقِيلَ : هِيَ نَفْسٌ مُعَيَّنَةٌ ، وَهِيَ نَفْسُ
آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ تَزَلْ لَائِمَةً لَهُ عَلَى فِعْلِهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنَ الْجَنَّةِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَكُلُّ نَفْسٍ مُتَوَسِّطَةٍ لَيْسَتْ بِمُطَمْئِنَةٍ وَلَا أَمَّارَةٍ بِالسُّوءِ ، فَإِنَّهَا لَوَّامَةٌ فِي الطَّرَفَيْنِ ، مَرَّةً تَلُومُ عَلَى تَرْكِ الطَّاعَةِ ، وَمَرَّةً تَلُومُ عَلَى فَوْتِ مَا تَشْتَهِي ، فَإِذَا اطْمَأَنَّتْ خَلَصَتْ وَصَفَتْ . انْتَهَى . وَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْقَسَمَيْنِ مِنْ حَيْثُ أَحْوَالِ النَّفْسِ مِنْ سَعَادَتِهَا وَشَقَاوَتِهَا وَظُهُورِ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَجَوَابُ الْقَسَمِ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ يَوْمُ الْقِيَامَةِ الْمُقْسَمِ بِهِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ : ( أَيَحْسَبُ ) الْآيَةِ ، وَتَقْدِيرُهُ لِتُبْعَثُنَّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ ) وَالْأَبْيَاتُ الَّتِي أَنْشَدْتَهَا الْمُقْسَمُ عَلَيْهِ فِيهَا مَنْفِيٌّ ، وَكَانَ قَدْ أَنْشَدَ قَوْلَ
امْرِئِ الْقَيْسِ :
لَا وَأَبِيكِ ابْنَةَ الْعَامِرِيِّ لَا يَدَّعِي الْقَوْمُ إِنِّي أَفِرُّ
( وَقَوْلُ
غُوَيَّةَ بْنِ سُلْمَى ) :
أَلَا نَادَتْ أُمَامَةُ بِاحْتِمَالِي لِتُحْزِنَنِي فَلَا يَكُ مَا أُبَالِي
قَالَ : فَهَلَّا زَعَمْتَ أَنَّ لَا الَّتِي لِلْقَسَمِ زِيدَتْ مُوطِئَةً لِلنَّفْيِ بَعْدَهُ وَمُؤَكِّدَةً لَهُ ، وَقَدَّرْتَ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ الْمَحْذُوفَ هَاهُنَا مَنْفِيًّا ، نَحْوُ قَوْلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) لَا تُتْرَكُونَ سُدًى ؟ ( قُلْتُ ) : لَوْ قَصَرُوا الْأَمْرَ عَلَى النَّفْيِ دُونَ الْإِثْبَاتِ لَكَانَ لِهَذَا الْقَوْلِ مَسَاغٌ ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُقْسِمْ . أَلَا تَرَى كَيْفَ لَقَّى (
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=1لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ) بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=4لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) وَكَذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=75فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=77إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ) ؟ ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَجَوَابُ الْقَسَمِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=treesubj&link=29046أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ لَنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ ) وَهُوَ لَتُبْعَثُنَّ . انْتَهَى ، وَهُوَ تَقْدِيرُ
النَّحَّاسِ . وَقَوْلُ مَنْ قَالَ : جَوَابُ الْقَسَمِ هُوَ : ( أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ ) . وَمَا رُوِيَ عَنِ
الْحَسَنِ أَنَّ الْجَوَابَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=4بَلَى قَادِرِينَ ) وَمَا قِيلَ أَنَّ " لَا " فِي الْقَسَمَيْنِ لِنَفْيِهِمَا ، أَيْ : لَا أُقْسِمُ عَلَى شَيْءٍ ، وَأَنَّ التَّقْدِيرَ : أَسْأَلُكَ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ ؟ أَقْوَالٌ لَا تَصْلُحُ أَنْ يَرِدَ بِهَا ، بَلْ تُطْرَحُ وَلَا يُسَوَّدُ بِهَا الْوَرَقُ ، وَلَوْلَا أَنَّهُمْ سَرَدُوهَا فِي الْكُتُبِ لَمْ أُنَبِّهْ عَلَيْهَا . وَالْإِنْسَانُ هُنَا الْكَافِرُ الْمُكَذِّبُ بِالْبَعْثِ . رُوِيَ
أَنَّ عَدِيَّ بْنَ رَبِيعَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مُحَمَّدُ ! حَدِّثْنِي عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَتَى يَكُونُ أَمْرُهُ ؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : لَوْ عَايَنْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَمْ [ ص: 385 ] أُصَدِّقْكَ وَلَمْ أُؤْمِنْ بِهِ ، أَوْ يَجْمَعُ اللَّهُ هَذِهِ الْعِظَامَ بَعْدَ بَلَاهَا ؟ فَنَزَلَتْ . وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي
أَبِي جَهْلٍ ، كَانَ يَقُولُ أَيَزْعُمُ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ هَذِهِ الْعِظَامَ بَعْدَ بَلَاهَا وَتَفَرُّقِهَا ، فَيُعِيدُهَا خَلْقًا جَدِيدًا ؟ وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3نَجْمَعَ ) بِنُونٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3عِظَامَهُ ) نَصْبًا . وَ
قَتَادَةُ : بِالتَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3عِظَامَهُ ) رَفْعًا ، وَالْمَعْنَى : بَعْدَ تَفَرُّقِهَا وَاخْتِلَاطِهَا بِالتُّرَابِ وَتَطْيِيرِ الرِّيَاحِ إِيَّاهَا فِي أَقَاصِي الْأَرْضِ . وَقَوْلُهُ : ( أَيَحْسَبُ ) اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ وَتَوْبِيخٍ ، حَيْثُ يُنْكِرُ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى إِعَادَةِ الْمَعْدُومِ . ( بَلَى ) : جَوَابٌ لِلِاسْتِفْهَامِ الْمُنْسَحِبِ عَلَى النَّفْيِ ، أَيْ : بَلَى نَجْمَعُهَا . وَذَكَرَ الْعِظَامَ ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى إِعَادَةَ الْإِنْسَانِ وَجَمْعَ أَجْزَائِهِ الْمُتَفَرِّقَةِ ; لِأَنَّ الْعِظَامَ هِيَ قَالَبُ الْخَلْقِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( قَادِرِينَ ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الَّذِي فِي الْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ وَهُوَ يَجْمَعُهَا .
nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَابْنُ السَّمَيْقَعِ : قَادِرُونَ ، أَيْ : نَحْنُ قَادِرُونَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=4عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ) : وَهِيَ الْأَصَابِعُ ، أَكْثَرُ الْعِظَامِ تَفَرُّقًا وَأَدَقُّهَا أَجْزَاءً ، وَهِيَ الْعِظَامُ الَّتِي فِي الْأَنَامِلِ وَمَفَاصِلِهَا ، وَهَذَا عِنْدَ الْبَعْثِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْجُمْهُورُ : الْمَعْنَى نَجْعَلُهَا فِي حَيَاتِهِ هَذِهِ بُضْعَةً ، أَوْ عَظْمًا وَاحِدًا كَخُفِّ الْبَعِيرِ لَا تَفَارِيقَ فِيهِ ، أَيْ : فِي الدُّنْيَا فَتَقِلُّ مَنْفَعَتُهُ بِهَا ، وَهَذَا الْقَوْلُ فِيهِ تَوَعُّدٌ ، وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ وَالْمَقْصُودُ مِنْ رَصْفِ الْكَلَامِ . وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ بِأَلْفَاظٍ مُنَمَّقَةٍ عَلَى عَادَتِهِ فِي حِكَايَةِ أَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمِينَ . وَقِيلَ : ( قَادِرِينَ ) مَنْصُوبٌ عَلَى خَبَرِ كَانَ ، أَيْ : بَلَى كُنَّا قَادِرِينَ فِي الِابْتِدَاءِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ ) : بَلْ إِضْرَابٌ ، وَهُوَ انْتِقَالٌ مِنْ كَلَامٍ إِلَى كَلَامٍ مِنْ غَيْرِ إِبْطَالٍ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ ( يُرِيدُ ) إِخْبَارٌ عَنْ مَا يُرِيدُهُ الْإِنْسَانُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( بَلْ يُرِيدُ ) عَطْفٌ عَلَى ( أَيَحْسَبُ ) فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُ اسْتِفْهَامًا ، وَأَنْ يَكُونَ إِيجَابًا عَلَى أَنْ يُضْرَبَ عَنْ مُسْتَفْهَمٍ عَنْهُ إِلَى آخَرَ ، أَوْ يُضْرَبَ عَنْ مُسْتَفْهَمٍ عَنْهُ إِلَى مُوجِبٍ . انْتَهَى . وَهَذِهِ التَّقَادِيرُ الثَّلَاثَةُ لَا تَظْهَرُ ، وَهِيَ مُتَكَلَّفَةٌ ، بَلِ الْمَعْنَى : الْإِخْبَارُ عَنِ الْإِنْسَانِ مِنْ غَيْرِ إِبْطَالٍ لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ ، وَهِيَ نَجْمَعُهَا قَادِرِينَ ، لِنُبَيِّنَ مَا هُوَ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ مِنْ عَدَمِ الْفِكْرِ فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِشَهَوَاتِهِ . وَمَفْعُولُ ( يُرِيدُ ) مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5لِيَفْجُرَ ) . قَالَ
مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ : مَعْنَى الْآيَةِ : أَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يُرِيدُ شَهَوَاتِهِ وَمَعَاصِيهِ ; لِيَمْضِيَ فِيهَا أَبَدًا قُدُمًا رَاكِبًا رَأْسَهُ مُطِيعًا أَمَلَهُ وَمُسَوِّفًا بِتَوْبَتِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ أَيْضًا : لِيَظْلِمَ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ ، وَعَلَى هَذَا فَالضَّمِيرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5أَمَامَهُ ) عَائِدٌ عَلَى الْإِنْسَانِ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ فِي زَمَانِ وُجُودِهِ أَمَامَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خَلْفَهُ ، فَهُوَ يُرِيدُ شَهَوَاتِهِ ; لِيَفْجُرَ فِي تَكْذِيبِهِ بِالْبَعْثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ الْقَدْرَ الَّذِي هُوَ فِيهِ . وَالْأَمَامُ ظَرْفُ مَكَانٍ اسْتُعِيرَ هُنَا لِلزَّمَانِ ، أَيْ : لِيَفْجُرَ فِيمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَسْتَقْبِلُهُ مِنْ زَمَانِ حَيَاتِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ) أَيْ : مَتَى يَوْمُ الْقِيَامَةِ ؟ سُؤَالُ اسْتِهْزَاءٍ وَتَكْذِيبٍ وَتَعَنُّتٍ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=7بَرِقَ ) بِكَسْرِ الرَّاءِ .
nindex.php?page=showalam&ids=47وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ،
وَأَبُو حَيْوَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَالزَّعْفَرَانِيُّ ،
وَابْنُ مِقْسَمٍ وَنَافِعٌ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبَانٌ عَنْ
عَاصِمٍ وَهَارُونَ وَمَحْبُوبٍ ، كِلَاهُمَا عَنْ
أَبِي عَمْرٍو ،
وَالْحَسَنُ وَالْجَحْدَرِيُّ : بِخِلَافٍ عَنْهُمَا بِفَتْحِهَا . قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : بَرَقَ بِالْفَتْحِ : شَقَّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : خَفَتَ عِنْدَ الْمَوْتِ . قَالَ
مُجَاهِدٌ : هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ . وَقَرَأَ
أَبُو السَّمَّالِ : بَلَقَ بِاللَّامِ عِوَضَ الرَّاءِ ، أَيِ : انْفَتَحَ وَانْفَرَجَ ، يُقَالُ : بَلَقَ الْبَابُ وَأَبْلَقْتُهُ وَبَلَّقْتُهُ : فَتَحْتُهُ ، هَذَا قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ إِلَّا
الْفَرَّاءَ فَإِنَّهُ يَقُولُ : بَلَقَهُ وَأَبْلَقَهُ إِذَا أَغْلَقَهُ . وَقَالَ
ثَعْلَبٌ : أَخْطَأَ
الْفَرَّاءُ فِي ذَلِكَ ، إِنَّمَا هُوَ بَلَقَ الْبَابَ وَأَبْلَقَهُ إِذَا فَتَحَهُ . انْتَهَى . وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ بَدَلًا مِنَ الرَّاءِ ، فَهُمَا يَتَعَاقَبَانِ فِي بَعْضِ الْكَلَامِ ، نَحْوُ قَوْلِهِمْ : نَثَرَهُ وَنَثَلَهُ ، وَوَجَرَ وَوَجِلَ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وَخَسَفَ ) مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ .
وَأَبُو حَيْوَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَيَزِيدُ بْنُ [ ص: 386 ] قُطَيْبٍ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ . يُقَالُ : خَسَفَ الْقَمَرُ وَخَسَفَهُ اللَّهُ ، وَكَذَلِكَ الشَّمْسُ . قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ : الْخُسُوفُ وَالْكُسُوفُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12427ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ : الْكُسُوفُ ذَهَابُ بَعْضِ الضَّوْءِ ، وَالْخُسُوفُ جَمِيعُهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) : لَمْ تَلْحَقْ عَلَامَةُ التَّأْنِيثِ ; لِأَنَّ تَأْنِيثَ الشَّمْسِ مَجَازٌ ، أَوْ لِتَغْلِيبِ التَّذْكِيرِ عَلَى التَّأْنِيثِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ : حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى ، وَالتَّقْدِيرُ : جُمِعَ النُّورَانِ أَوِ الضِّيَاءَانِ ، وَمَعْنَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ : يُجْمَعَانِ فَيُلْقَيَانِ فِي النَّارِ ، وَعَنْهُ يُجْمَعَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يُقْذَفَانِ فِي الْبَحْرِ ، فَيَكُونَانِ نَارَ اللَّهِ الْكُبْرَى . وَقِيلَ : يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي الطُّلُوعِ مِنَ الْمَغْرِبِ ، فَيَطْلُعَانِ أَسْوَدَيْنِ مُكَوَّرَيْنِ . وَقَالَ
عَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ : يُجْعَلَانِ فِي نُورِ الْحُجُبِ ، وَقِيلَ : يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَتَفَرَّقَانِ ، وَيَقْرُبَانِ مِنَ النَّاسِ فَيَلْحَقُهُمُ الْعَرَقُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ ، فَكَأَنَّ الْمَعْنَى : يُجْمَعُ حَرُّهُمَا . وَقِيلَ : يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي ذَهَابِ الضَّوْءِ ، فَلَا يَكُونُ ثَمَّ تَعَاقُبُ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=10الْمَفَرُّ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْفَاءِ ، أَيْ : أَيْنَ الْفِرَارُ ؟ وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ،
وَالْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ nindex.php?page=showalam&ids=12341وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ وَكُلْثُومُ بْنُ عِيَاضٍ ، وَ
مُجَاهِدٌ وَابْنُ يَعْمُرَ nindex.php?page=showalam&ids=15744وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبُو رَجَاءٍ وَعِيسَى ،
وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَبُو حَيْوَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ : بِكَسْرِ الْفَاءِ ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْفِرَارِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ : بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ ، وَنَسَبَهَا
ابْنُ عَطِيَّةَ nindex.php?page=showalam&ids=12300لِلزُّهْرِيِّ ، أَيِ : الْجَيِّدُ الْفِرَارِ ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا الْوَزْنُ فِي الْآلَاتِ وَفِي صِفَاتِ الْخَيْلِ ، نَحْوُ قَوْلِهِ :
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعًا
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=11كَلَّا لَا وَزَرَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=12إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ ) مِنْ تَمَامِ قَوْلِ الْإِنْسَانِ . وَقِيلَ : هُوَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى ، لَا حِكَايَةً عَنِ الْإِنْسَانِ . ( كَلًّا ) : رَدْعٌ عَنْ طَلَبِ الْمَفَرِّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=11لَا وَزَرَ ) : لَا مَلْجَأَ ، وَعَبَّرَ الْمُفَسِّرُونَ عَنْهُ بِالْجَبَلِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17098مُطَرِّفُ بْنُ الشِّخِّيرِ : هُوَ كَانَ وِزْرُ فِرَارِ الْعَرَبِ فِي بِلَادِهِمْ ، فَلِذَلِكَ اسْتُعْمِلَ ، وَالْحَقِيقَةُ أَنَّهُ الْمَلْجَأُ مِنْ جَبَلٍ أَوْ حِصْنٍ أَوْ سِلَاحٍ أَوْ رَجُلٍ أَوْ غَيْرِهِ . ( إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ) أَيْ : إِلَى حُكْمِهِ يَوْمئِذٍ تَقُولُ أَيْنَ الْمَفَرُّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=12الْمُسْتَقَرُّ ) أَيِ : الِاسْتِقْرَارُ ، أَوْ مَوْضِعُ اسْتِقْرَارٍ مِنْ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ إِلَى مَشِيئَتِهِ تَعَالَى ، يُدْخِلُ مَنْ شَاءَ الْجَنَّةَ ، وَيُدْخِلُ مَنْ شَاءَ النَّارَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=13بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ) قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ : بِمَا قَدَّمَ فِي حَيَاتِهِ وَأَخَّرَ مِنْ سَنَةٍ يَعْمَلُ بِهَا بَعْدَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا : بِمَا قَدَّمَ مِنَ الْمَعَاصِي وَأَخَّرَ مِنَ الطَّاعَاتِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ : بِمَا قَدَّمَ مِنْ مَالِهِ لِنَفْسِهِ ، وَبِمَا أَخَّرَ مِنْهُ لِلْوَارِثِ . وَقَالَ
النَّخَعِيُّ وَمُجَاهِدٌ : بِأَوَّلِ عَمَلِهِ وَآخِرِهِ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : بِمَا قَدَّمَ مِنْ فَرْضٍ وَأَخَّرَ مِنْ فَرْضٍ . وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ ، أَيْ : يُخْبِرُهُ بِكُلِّ مَا قَدَّمَ وَكُلِّ مَا أَخَّرَ ، مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ وَمِمَّا لَمْ يَذْكُرُوهُ . ( بَصِيرَةً ) : خَبَرٌ عَنِ الْإِنْسَانِ ، أَيْ : شَاهِدٌ ، قَالَهُ
قَتَادَةُ ، وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ . وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : هُوَ كَقَوْلِكَ فُلَانٌ عِبْرَةٌ وَحُجَّةٌ . وَقِيلَ : أُنِّثَ لِأَنَّهُ أَرَادَ جَوَارِحَهُ ، أَيْ : جَوَارِحُهُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَقِيلَ : ( بَصِيرَةٌ ) مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْمَوْصُوفِ ، أَيْ : عَيْنٌ بَصِيرَةٌ ، وَ ( عَلَى نَفْسِهِ ) الْخَبَرُ . وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ خَبَرٍ عَنِ الْإِنْسَانِ ، وَالتَّقْدِيرُ : عَيْنٌ بَصِيرَةٌ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
الْفَرَّاءُ ، وَأَنْشَدَ :
كَأَنَّ عَلَى ذِي الْعَقْلِ عَيْنًا بَصِيرَةً بِمَقْعَدِهِ ، أَوْ مَنْظَرٍ هُوَ نَاظِرُهُ
يُحَاذِرُ حَتَّى يَحْسَبَ النَّاسَ كُلَّهُمْ مِنَ الْخَوْفِ لَا تَخْفَى عَلَيْهِمْ سَرَائِرُهُ
وَعَلَى هَذَا نَخْتَارُ أَنْ تَكُونَ ( بَصِيرَةٌ ) فَاعِلًا بِالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ ، وَهُوَ الْخَبَرُ عَنِ الْإِنْسَانِ . أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدِ اعْتَمَدَ بِوُقُوعِهِ خَبَرًا عَنِ الْإِنْسَانِ ؟ وَعَلَى هَذَا فَالتَّاءُ لِلتَّأْنِيثِ . وَتَأَوَّلَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ( الْبَصِيرَةَ ) بِالْجَوَارِحِ ، أَوِ الْمَلَائِكَةِ الْحَفَظَةِ . وَالْمَعَاذِيرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ الْأَعْذَارُ ، فَالْمَعْنَى : لَوْ جَاءَ بِكُلِّ مَعْذِرَةٍ يَعْتَذِرُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ ، فَإِنَّهُ هُوَ الشَّاهِدُ عَلَيْهَا وَالْحُجَّةُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهَا . وَقِيلَ : الْمَعَاذِيرُ جَمْعُ مَعْذِرَةٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : قِيَاسُ مَعْذِرَةٍ مَعَاذِرُ ، فَالْمَعَاذِيرُ لَيْسَ بِجَمْعِ مَعْذِرَةٍ ، إِنَّمَا هُوَ اسْمُ جَمْعٍ لَهَا ، وَنَحْوُ الْمَنَاكِيرِ فِي الْمُنْكَرِ . انْتَهَى . وَلَيْسَ هَذَا الْبِنَاءُ مِنْ
[ ص: 387 ] أَبْنِيَةِ أَسْمَاءِ الْجُمُوعِ ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَبْنِيَةِ جَمْعِ التَّكْسِيرِ ، فَهُوَ كَمَذَاكِيرَ وَمَلَامِيحَ وَالْمُفْرَدُ مِنْهُمَا لَمْحَةٌ وَذِكْرٌ . وَلَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إِلَى أَنَّهُمَا مِنْ أَسْمَاءِ الْجُمُوعِ ، بَلْ قِيلَ : هُمَا جَمْعٌ لِلَمْحَةٍ وَذِكْرٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ ، أَوْ هُمَا جَمْعٌ لِمُفْرَدٍ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ ، وَهُوَ مِذْكَارٌ وَمَلْمَحَةٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ : الْمَعَاذِيرُ : السُّتُورُ بِلُغَةِ الْيَمَنِ ، وَاحِدُهَا مِعْذَارٌ ، وَهُوَ يَمْنَعُ رُؤْيَةَ الْمُحْتَجِبِ ، كَمَا تَمْنَعُ الْمَعْذِرَةُ عُقُوبَةَ الذَّنْبِ . وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ أَيْضًا ، أَيْ : وَإِنْ رَمَى مَسْتُورَةً يُرِيدُ أَنْ يُخْفِيَ عَمَلَهُ ، فَنَفْسُهُ شَاهِدَةٌ عَلَيْهِ . وَأَنْشَدُوا فِي أَنَّ الْمَعَاذِيرَ السُّتُورُ قَوْلَ الشَّاعِرِ :
وَلَكِنَّهَا ضَنَّتْ بِمَنْزِلِ سَاعَةٍ عَلَيْنَا ، وَأَطَّتْ فَوْقَهَا بِالْمَعَاذِرِ
وَقِيلَ : الْبَصِيرَةُ : الْكَاتِبَانِ يَكْتُبَانِ مَا يَكُونُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ ، أَيْ : وَإِنْ تَسَتَّرَ بِالسُّتُورِ ، وَإِذَا كَانَتْ مِنَ الْعُذْرِ ، فَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=15وَلَوْ أَلْقَى ) أَيْ : نَطَقَ بِمَعَاذِيرِهِ وَقَالَهَا . وَقِيلَ : وَلَوْ رَمَى بِأَعْذَارِهِ وَاسْتَسْلَمَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : وَلَوْ أَدْلَى بِحُجَّةٍ وَعُذْرٍ . وَقِيلَ : وَلَوْ أَحَالَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=31لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ) . وَالْعُذْرَةُ وَالْعُذْرَى : الْمَعْذِرَةُ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
هَا إِنَّ ذِي عُذْرَةٍ أَنْ لَا تَكُنْ نَفَعَتْ
وَقَالَ فِيهَا : وَلَا عُذْرَ لِمَجْحُودٍ .