سورة الدهر مدنية وهي إحدى وثلاثون آية بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=10إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=11فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قوارير من فضة قدروها تقديرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=17ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=18عينا فيها تسمى سلسبيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=19ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=20وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=22إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=23إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=27إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=28نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=29إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=31يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم ) الأمشاج : الأخلاط ، واحدها مشج بفتحتين ، أو مشج كعدل ، أو مشيج كشريف وأشراف ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي ، وقال
رؤبة :
يطرحن كل معجل نشاج لم يكس جلدا من دم أمشاج
[ ص: 392 ] وقال
الهذلي :
كأن النصل والفوقين منها خلاف الريش سيط به مشيج
وقال
الشماخ :
طوت أحشاء مرتجة لوقت على مشج سلالته مهين
ويقال : مشج يمشج مشجا إذا خلط ، ومشيج : كخليط ، وممشوج : كمخ لوط . مزج الشيء بالشيء : خلطه ، وقال الشاعر :
كأن سبيئة من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماء
استطار الشيء : انتشر ، وتقول العرب : استطار الصدع في القارورة وشبهها واستطال ، ومنه قول الشاعر :
فبانت وقد أسأرت في الفؤا د صدعا على نأيها مستطيرا
وقال
الفراء : ( مستطير ) مستطيل . ويقال : يوم قمطرير وقماطر واقمطر ، فهو مقمطر إذا كان صعبا شديدا ، وقال الراجز :
قد جعلت شبوة تزبئر تكسو استها لحما وتقمطر
وقال الشاعر :
ففروا إذا ما الحرب ثار غبارها ولج بها اليوم الشديد القماطر
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : ( القمطرير ) الذي يعيش حتى يجتمع ما بين عينيه ، ويقال : اقمطرت الناقة ، إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها ورمت بأنفها ، فاشتقه من القطر ، وجعل الميم زائدة ، وقال
أسد بن ناعصة :
واصطليت الحروب في كل يوم بأسد الشر قمطرير الصباح
واختلف في هذا الوزن ، وأكثر النحاة لا يثبت افمعل في أوزان الأفعال . ( الزمهرير ) أشد البرد ، وقال
ثعلب : هو القمر بلغة
طي ، وأنشد قول الراجز :
وليلة ظلامها قد اعتكر قطعتها والزمهرير ما زهر
القارورة : إناء رقيق صاف توضع فيه الأشربة ، قيل : ويكون من الزجاج . " الزنجبيل " ، قال
الدينوري : نبت في أرض
عمان عروق تسري وليس بشجر ، يؤكل رطبا ، وأجوده ما يحمل من بلاد الصين ، كانت العرب تحبه ; لأنه يوجب لذعا في اللسان إذا مزج بالشراب فيتلذذون به ، قال الشاعر :
كأن جنبا من الزنجبيل بات بفيها واريا مستورا
وقال
المسيب بن علس :
وكأن طعم الزنجبيـ ل به إذا ذقته وسلافة الخمر
السلسبيل والسلسل والسلسال : ما كان من الشراب غاية في السلاسة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : لم أسمع السلسبيل إلا في القرآن . " ثم " ظرف مكان للبعد .
[ ص: 393 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29047هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=10إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=11فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ) .
هذه السورة مكية في قول الجمهور . وقال
مجاهد وقتادة : مدنية . وقال
الحسن وعكرمة : مدنية إلا آية واحدة فإنها مكية ، وهي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24ولا تطع منهم آثما أو كفورا ) . وقيل : مدنية إلا من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24فاصبر لحكم ربك ) إلخ ، فإنه مكي ، حكاه
الماوردي . ومناسبتها لما قبلها ظاهرة جدا لا تحتاج إلى شرح . ( هل ) حرف استفهام ، فإن دخلت على الجملة الاسمية لم يمكن تأويله بقد ; لأن قد من خواص الفعل ، فإن دخلت على الفعل فالأكثر أن تأتي للاستفهام المحض . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقتادة : هي هنا بمعنى قد . قيل : لأن الأصل أهل ، فكأن الهمزة حذفت واجتزئ بها في الاستفهام ، ويدل على ذلك قوله :
سائل فوارس يربوع لحلتها أهل رأونا بوادي القف ذي الأكم
فالمعنى : أقد أتى على التقدير والتقريب جميعا ، أي : أتى على الإنسان قبل زمان قريب حين من الدهر لم يكن كذا ، فإنه يكون الجواب : أتى عليه ذلك وهو بالحال المذكور . وما تليت عند
أبي بكر ، وقيل : عند
عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال : ليتها تمت ، أي : ليت تلك الحالة تمت ، وهي كونه شيئا غير مذكور ولم يخلق ولم يكلف . والإنسان هنا جنس بني
آدم ، والحين الذي مر عليه ، إما حين عدمه ، وإما حين كونه نطفة . وانتقاله من رتبة إلى رتبة حتى حين إمكان خطابه ، فإنه في تلك المدة لا ذكر له ، وسمي إنسانا باعتبار ما صار إليه . وقيل :
آدم - عليه الصلاة والسلام - والحين الذي مر عليه هي المدة التي بقي فيها إلى أن نفخ فيه الروح . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : بقي طينا أربعين سنة ، ثم صلصالا أربعين ، ثم حمأ مسنونا أربعين ، فتم خلقه في مائة وعشرين سنة ، وسمي إنسانا باعتبار ما آل إليه . والجملة من ( لم يكن ) في موضع الحال من الإنسان ، كأنه قيل : غير مذكور ، وهو الظاهر أو في موضع الصفة لـ ( حين ) فيكون العائد على الموصوف محذوفا ، أي : لم يكن فيه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29047إنا خلقنا الإنسان ) : هو جنس بني
آدم ; لأن
آدم لم يخلق من نطفة أمشاج : أخلاط ، وهو وصف للنطفة . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد عن أبيه : هي العروق التي في النطفة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومجاهد والربيع : هو ماء الرجل وماء المرأة ، اختلطا في الرحم فخلق الإنسان منهما . وقال
الحسن : اختلاط النطفة بدم الحيض ، فإذا حبلت ارتفع الحيض . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا و
عكرمة وقتادة : أمشاج منتقلة من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى غير ذلك إلى إنشائه إنسانا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا
والكلبي : هي ألوان النطفة . وقيل : أخلاط الدم والبلغم والصفراء والسوداء ، والنطفة أريد بها الجنس ، فلذلك وصفت بالجمع ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=76على رفرف خضر ) أو لتنزيل كل جزء من النطفة نطفة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : نطفة أمشاج ، كبرمة أعسار ، وبرد أكياس ، وهي ألفاظ مفرد غير جموع ، ولذلك
[ ص: 394 ] وقعت صفات للأفراد . ويقال أيضا : نطفة مشج ، ولا يصح أمشاج أن تكون تكسيرا له ، بل هما مثلان في الإفراد لوصف المفرد بهما . انتهى . وقوله مخالف لنص
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه والنحويين على أن أفعالا لا يكون مفردا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : وليس في الكلام أفعال إلا أن يكسر عليه اسما للجميع ، وما ورد من وصف المفرد بأفعال تأولوه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2نبتليه ) : نختبره بالتكليف في الدنيا . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : نصرفه في بطن أمه نطفة ثم علقة ، فعلى هذا هي حال مصاحبة ، وعلى أن المعنى نختبره بالتكليف ، فهي حال مقدرة ; لأنه تعالى حين خلقه من نطفة لم يكن مبتليا له بالتكليف في ذلك الوقت . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يراد ناقلين له من حال إلى حال ، فسمي ذلك الابتلاء على طريق الاستعارة . انتهى . وهذا معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقيل : نبتليه بالإيحان والكون في الدنيا ، فهي حال مقارنة . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، الأصل (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2فجعلناه سميعا بصيرا ) نبتليه ، أي : جعله سميعا بصيرا هو الابتلاء ، ولا حاجة إلى ادعاء التقديم والتأخير ، والمعنى يصح بخلافه ، وامتن تعالى عليه بجعله بهاتين الصفتين ، وهما كناية عن التمييز والفهم ، إذ آلتهما سبب لذلك ، وهما أشرف الحواس ، تدرك بهما أعظم المدركات .
ولما جعله بهذه المثابة ، أخبر تعالى أنه هداه إلى السبيل ، أي : أرشده إلى الطريق ، وعرفنا مآل طريق النجاة ومآل طريق الهلاك ، إذ أرشدناه طريق الهدى . وقال
مجاهد : سبيل السعادة والشقاوة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : سبيل الخروج من الرحم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أي : مكناه وأقدرناه في حالتيه جميعا ، وإذ دعوناه إلى الإسلام بأدلة العقل والسمع كان معلوما منه أنه يؤمن أو يكفر لإلزام الحجة . انتهى ، وهو على طريقة الالتزام . وقرأ الجمهور : ( إما ) بكسر الهمزة فيهما .
وأبو السمال وأبو العاج ، وهو كثير بن عبد الله السلمي شامي ولي
البصرة nindex.php?page=showalam&ids=17243لهشام بن عبد الملك : بفتحها فيهما ، وهي لغة حكاها
أبو زيد عن العرب ، وهي التي عدها بعض الناس في حروف العطف ، وأنشدوا :
يلحقها إما شمال عرية وإما صبا جنح العشي هبوب
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وهي قراءة حسنة ، والمعنى : إما شاكرا بتوفيقنا ، وإما كفورا فبسوء اختياره . انتهى . فجعلها إما التفصيلية المتضمنة معنى الشرط ، ولذلك تلقاها بفاء الجواب ، فصار كقول العرب : إما صديقا فصديق . وانتصب شاكرا وكفورا على الحال من ضمير النصب في (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3هديناه ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يكونا حالين من السبيل ، أي : عرفناه السبيل ، إما سبيلا شاكرا ، وإما سبيلا كفورا ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=10وهديناه النجدين ) فوصف السبيل بالشكر والكفر مجازا . انتهى . ولما كان الشكر قل من يتصف به ، قال ( شاكرا ) ولما كان الكفر كثر من يتصف به ويكثر وقوعه من الإنسان بخلاف الشكر جاء ( كفورا ) بصيغة المبالغة . ولما ذكر الفريقين أتبعهما الوعيد والوعد . وقرأ
طلحة nindex.php?page=showalam&ids=16711وعمرو بن عبيد وابن كثير ،
وأبو عمرو وحمزة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4سلاسل ) ممنوع الصرف وقفا ووصلا . وقيل عن
حمزة وأبي عمر : الوقف بالألف . وقرأ
حفص وابن ذكوان بمنع الصرف ، واختلف عنهم في الوقف ، وكذا عن
البزي . وقرأ باقي السبعة بالتنوين وصلا ، وبالألف المبدلة منه وقفا ، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، قيل : وهذا على ما حكاه
الأخفش من لغة من يصرف كل ما لا ينصرف إلا أفعل من ، وهي لغة الشعراء ، ثم كثر حتى جرى في كلامهم ، وعلل ذلك بأن هذا الجمع لما كان يجمع ، فقالوا : صواحبات
يوسف ونواكسي الأبصار ، أشبه المفرد فجرى فيه الصرف ، وقال بعض الرجاز :
والصرف في الجمع أتى كثيرا حتى ادعى قوم به التخييرا
والصرف ثابت في مصاحف
المدينة و
مكة والكوفة والبصرة ، وفي مصحف
أبي وعبد الله ، وكذا " قوارير " . وروى
هشام عن
ابن عامر : سلاسل في الوصل ، وسلاسلا بألف دون تنوين في
[ ص: 395 ] الوقف . وروي أن من العرب من يقول : رأيت عمرا بالألف في الوقف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5من كأس ) : " من " لابتداء الغاية (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5كان مزاجها كافورا ) قال
قتادة : يمزج لهم بالكافور ، ويختم لهم بالمسك . وقيل : هو على التشبيه ، أي : طيب رائحة وبرد كالكافور . وقال
الكلبي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5كافورا ) اسم عين في الجنة ، وصرفت لتوافق الآي . وقرأ
عبد الله : ( قافورا ) بالقاف بدل الكاف ، وهما كثيرا ما يتعاقبان في الكلمة ، كقولهم : عربي قح وكح ، و ( عينا ) بدل من (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5كافورا ) ومفعولا بـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5يشربون ) أي : ماء عين ، أو بدل من محل من كأس على حذف مضاف ، أي : يشربون خمرا خمر عين ، أو نصب على الاختصاص . ولما كانت الكأس مبدأ شربهم أتى بـ ( من وفي ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6يشرب بها ) أي : يمزج شرابهم بها ، أتى بالباء الدالة على الإلصاق ، والمعنى : يشرب عباد الله بها الخمر ، كما تقول : شربت الماء بالعسل ، أو ضمن (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6يشرب ) معنى يروى فعدي بالباء . وقيل : الباء زائدة والمعنى يشرب بها ، وقال
الهذلي :
شربن بماء البحر ثم ترفعت متى لجج خضر لهن نئيج
قيل أي : شربن ماء البحر . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة : ( يشربها ) .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6عباد الله ) هنا هم المؤمنون (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6يفجرونها ) : يثقبونها بعود قصب ونحوه حيث شاءوا ، فهي تجري عند كل واحد منهم ، هكذا ورد في الأثر . وقيل : هي عين في دار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29047يوفون بالنذر ) في الدنيا ، وكانوا يخافون . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7يوفون ) جواب من عسى يقول : ما لهم يرزقون ذلك ؟ . انتهى . فاستعمل ( عسى ) صلة لمن وهو لا يجوز ، وأتى بعد ( عسى ) بالمضارع غير مقرون بأن ، وهو قليل أو في شعر . والظاهر أن المراد بالنذر ما هو المعهود في الشريعة أنه نذر . قال
الأصم وتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : هذا مبالغة في وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات ; لأن من وفى بما أوجبه هو على نفسه كان لما أوجبه الله تعالى عليه أوفى . وقيل : النذر هنا عام لما أوجبه الله تعالى ، وما أوجبه العبد فيدخل فيه الإيمان وجميع الطاعات . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8على حبه ) أي : على حب الطعام ، إذ هو محبوب للفاقة والحاجة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومجاهد . أو على حب الله أي : لوجهه وابتغاء مرضاته ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض وأبو سليمان الداراني . والأول أمدح ; لأن فيه الإيثار على النفس . وأما الثاني فقد يفعله الأغنياء أكثر . وقال
الحسن بن الفضل : على حب الطعام ، أي : محبين في فعلهم ذلك ، لا رياء فيه ولا تكلف (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8مسكينا ) : وهو الطواف المنكسر في السؤال (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8ويتيما ) : هو الصبي الذي لا أب له (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8وأسيرا )
nindex.php?page=treesubj&link=14164والأسير معروف ، وهو من الكفار ، قاله
قتادة . وقيل : من المسلمين تركوا في بلاد الكفار رهائن وخرجوا لطلب الفداء . وقال
ابن جبير وعطاء : هو الأسير من أهل القبلة . وقيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8وأسيرا ) استعارة وتشبيه . وقال
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير وعطاء : هو المسجون . وقال
أبو حمزة اليماني : هي الزوجة . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري : هو المملوك والمسجون . وفي الحديث : "
غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك " .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9إنما نطعمكم لوجه الله ) : هو على إضمار القول ، ويجوز أن يكونوا صرحوا به خطابا للمذكورين ، منعا منهم وعن المجازاة بمثله أو الشكر ; لأن إحسانهم مفعول لوجه الله تعالى ، فلا معنى لمكافأة الخلق ، وهذا هو الظاهر . وقال
مجاهد : أما أنهم ما تكلموا به ، ولكن الله تعالى علمه منهم فأثنى عليهم به . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9لا نريد منكم جزاء ) أي : بالأفعال (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9ولا شكورا ) أي : ثناء بالأقوال . وهذه الآية قيل نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - وذكر
النقاش في ذلك حكاية طويلة جدا ظاهرة الاختلاف ، وفيها إشعار للمسكين واليتيم والأسير ، يخاطبون بها ببيت النبوة ، وإشعار
لفاطمة - رضي الله عنها - تخاطب كل واحد منهم ، ظاهرها الاختلاف لسفساف ألفاظها وكسر أبياتها وسفاطة معانيها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=10يوما عبوسا ) : نسبة العبوس إلى اليوم مجاز . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من
[ ص: 396 ] عينيه عرق كالقطران . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=11فوقاهم ) بخفة القاف .
وأبو جعفر : بشدها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=11ولقاهم نضرة ) : بدل عبوس الكافر (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=11وسرورا ) : فرحا بدل حزنه ، لا تكاد تكون النظرة إلا مع فرح النفس وقرة العين . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12وجزاهم ) . و
علي : وجازاهم على وزن فاعل (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12جنة وحريرا ) : بستانا فيه كل مأكل هنيء (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12وحريرا ) فيه ملبس بهي ، وناسب ذكر الحرير مع الجنة ; لأنهم أوثروا على الجوع والغذاء . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13لا يرون فيها ) أي : في
nindex.php?page=treesubj&link=30387الجنة (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13شمسا ) أي : حر شمس ولا شدة برد ، أي : لا شمس فيها فترى فيؤذي حرها ، ولا زمهرير يرى فيؤذي بشدته ، أي : هي معتدلة الهواء . وفي الحديث :
" هواء الجنة سجسج لا حر ولا قر " . وقيل : لا يرون فيها شمسا ولا قمرا ، والزمهرير في لغة
طيئ القمر .
وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ودانية ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : هو حال عطفا على (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13متكئين ) . وقال أيضا : ويجوز أن يكون صفة للجنة ، فالمعنى : وجزاهم جنة دانية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ما معناه أنها حال معطوفة على حال وهي لا يرون ، أي : غير رائين ، ودخلت الواو للدلالة على أن الأمرين مجتمعان لهم ، كأنه قيل : وجزاهم جنة جامعين فيها بين البعد عن الحر والقر ودنو الظلال عليهم . وقرأ
أبو حيوة : ودانية بالرفع ، واستدل به
الأخفش على جواز رفع اسم الفاعل من غير أن يعتمد نحو قولك : قائم الزيدون ، ولا حجة فيه ; لأن الأظهر أن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ظلالها ) مبتدأ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ودانية ) خبر له . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : ودانيا عليهم ، وهو كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=44خاشعة أبصارهم ) . وقرأ
أبي : ودان مرفوع ، فهذا يمكن أن يستدل به
الأخفش . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وذللت قطوفها ) قال
قتادة ومجاهد وسفيان : إن كان الإنسان قائما تناول الثمر دون كلفة ، وإن قاعدا أو مضطجعا فكذلك ، فهذا تذليلها ، لا يرد اليد عنها بعد ولا شوك . فأما على قراءة الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ودانية ) بالنصب ، كان (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وذللت ) معطوفا على ( دانية ) لأنها في تقدير المفرد ، أي : ومذللة ، وعلى قراءة الرفع كان من عطف جملة فعلية على جملة اسمية . ويجوز أن تكون في موضع الحال ، أي : وقد ذللت رفعت ( دانية ) أو نصبت .
سُورَةُ الدَّهْرِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=10إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=11فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=17وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=18عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=19وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=20وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=22إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=23إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=27إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=28نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=29إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=31يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ ) الْأَمْشَاجُ : الْأَخْلَاطُ ، وَاحِدُهَا مَشَجٌ بِفَتْحَتَيْنِ ، أَوْ مَشْجٌ كَعَدْلٍ ، أَوْ مَشِيجٌ كَشَرِيفٍ وَأَشْرَافٍ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ ، وَقَالَ
رُؤْبَةُ :
يَطْرَحْنَ كُلَّ مُعَجَّلٍ نَشَّاجِ لَمْ يُكْسَ جِلْدًا مِنْ دَمٍ أَمْشَاجِ
[ ص: 392 ] وَقَالَ
الْهُذَلِيُّ :
كَأَنَّ النَّصْلَ وَالْفَوْقَيْنِ مِنْهَا خِلَافَ الرِّيشِ سِيطَ بِهِ مَشِيجُ
وَقَالَ
الشَّمَّاخُ :
طَوَتْ أَحْشَاءَ مُرْتِجَةٍ لِوَقْتٍ عَلَى مَشَجٍ سُلَالَتُهُ مَهِينُ
وَيُقَالُ : مَشَجَ يَمْشُجُ مَشَجًا إِذَا خَلَطَ ، وَمَشِيجٌ : كَخَلِيطٍ ، وَمَمْشُوجٌ : كَمَخْ لُوطٍ . مَزَجَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ : خَلَطَهُ ، وَقَالَ الشَّاعِرُ :
كَأَنَّ سَبِيئَةً مِنْ بَيْتِ رَأْسٍ يَكُونُ مِزَاجُهَا عَسَلٌ وَمَاءُ
اسْتَطَارَ الشَّيْءُ : انْتَشَرَ ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ : اسْتَطَارَ الصَّدْعُ فِي الْقَارُورَةِ وَشِبْهِهَا وَاسْتَطَالَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
فَبَانَتْ وَقَدْ أَسْأَرَتْ فِي الْفُؤَا دِ صَدْعًا عَلَى نَأْيِهَا مُسْتَطِيرَا
وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : ( مُسْتَطِيرٌ ) مُسْتَطِيلٌ . وَيُقَالُ : يَوْمٌ قَمْطَرِيرٌ وَقُمَاطِرٌ وَاقْمَطَرَّ ، فَهُوَ مُقَمْطِرٌّ إِذَا كَانَ صَعْبًا شَدِيدًا ، وَقَالَ الرَّاجِزُ :
قَدْ جَعَلَتْ شَبْوَةُ تَزْبَئِرُّ تَكْسُو اسْتَهَا لَحْمًا وَتَقْمَطِرُّ
وَقَالَ الشَّاعِرُ :
فَفَرُّوا إِذَا مَا الْحَرْبُ ثَارَ غُبَارُهَا وَلَجَّ بِهَا الْيَوْمُ الشَّدِيدُ الْقُمَاطِرُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : ( الْقَمْطَرِيرُ ) الَّذِي يَعِيشُ حَتَّى يَجْتَمِعَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَيُقَالُ : اقْمَطَرَّتِ النَّاقَةُ ، إِذَا رَفَعَتْ ذَنَبَهَا وَجَمَعَتْ قُطْرَيْهَا وَرَمَتْ بِأَنْفِهَا ، فَاشْتَقَّهُ مِنَ الْقَطْرِ ، وَجَعَلَ الْمِيمَ زَائِدَةً ، وَقَالَ
أَسَدُ بْنُ نَاعِصَةَ :
وَاصْطَلَيْتُ الْحُرُوبَ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِأُسْدِ الشَّرِّ قَمْطَرِيرِ الصَّبَاحِ
وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْوَزْنِ ، وَأَكْثَرُ النُّحَاةِ لَا يُثْبِتُ افْمَعَلَّ فِي أَوْزَانِ الْأَفْعَالِ . ( الزَّمْهَرِيرُ ) أَشَدُّ الْبَرْدِ ، وَقَالَ
ثَعْلَبٌ : هُوَ الْقَمَرُ بِلُغَةِ
طَيٍّ ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ الرَّاجِزِ :
وَلَيْلَةٍ ظَلَامُهَا قَدِ اعْتَكَرْ قَطَعْتُهَا وَالزَّمْهَرِيرُ مَا زَهَرْ
الْقَارُورَةُ : إِنَاءٌ رَقِيقٌ صَافٍ تُوضَعُ فِيهِ الْأَشْرِبَةُ ، قِيلَ : وَيَكُونُ مِنَ الزُّجَاجِ . " الزَّنْجَبِيلُ " ، قَالَ
الدِّينَوَرِيُّ : نَبْتٌ فِي أَرْضِ
عُمَانَ عُرُوقٌ تَسْرِي وَلَيْسَ بِشَجَرٍ ، يُؤْكَلُ رَطْبًا ، وَأَجْوَدُهُ مَا يُحْمَلُ مِنْ بِلَادِ الصِّينِ ، كَانَتِ الْعَرَبُ تُحِبُّهُ ; لِأَنَّهُ يُوجِبُ لَذْعًا فِي اللِّسَانِ إِذَا مُزِجَ بِالشَّرَابِ فَيَتَلَذَّذُونَ بِهِ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
كَأَنَّ جَنْبًا مِنَ الزَّنْجَبِيلِ بَاتَ بِفِيهَا وَارِيًا مَسْتُورًا
وَقَالَ
الْمُسَيِّبُ بْنُ عَلَسٍ :
وَكَأَنَّ طَعْمَ الزَّنْجَبِيـ لِ بِهِ إِذَا ذُقْتَهُ وَسُلَافَةَ الْخَمْرِ
السَّلْسَبِيلُ وَالسَّلْسَلُ وَالسَّلْسَالُ : مَا كَانَ مِنَ الشَّرَابِ غَايَةً فِي السَّلَاسَةِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : لَمْ أَسْمَعِ السَّلْسَبِيلَ إِلَّا فِي الْقُرْآنِ . " ثَمَّ " ظَرْفٌ مَكَانٍ لِلْبُعْدِ .
[ ص: 393 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29047هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=10إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=11فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ) .
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ : مَدَنِيَّةٌ . وَقَالَ
الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ : مَدَنِيَّةٌ إِلَّا آيَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهَا مَكِّيَّةٌ ، وَهِيَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ) . وَقِيلَ : مَدَنِيَّةٌ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ) إِلَخْ ، فَإِنَّهُ مَكِّيٌّ ، حَكَاهُ
الْمَاوَرْدِيُّ . وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا ظَاهِرَةٌ جِدًّا لَا تَحْتَاجُ إِلَى شَرْحٍ . ( هَلْ ) حَرْفُ اسْتِفْهَامٍ ، فَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لَمْ يُمْكِنْ تَأْوِيلُهُ بِقَدْ ; لِأَنَّ قَدْ مِنْ خَوَاصِّ الْفِعْلِ ، فَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى الْفِعْلِ فَالْأَكْثَرُ أَنْ تَأْتِيَ لِلِاسْتِفْهَامِ الْمَحْضِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ : هِيَ هُنَا بِمَعْنَى قَدْ . قِيلَ : لِأَنَّ الْأَصْلَ أَهَلْ ، فَكَأَنَّ الْهَمْزَةَ حُذِفَتْ وَاجْتُزِئَ بِهَا فِي الِاسْتِفْهَامِ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ :
سَائِلْ فَوَارِسَ يَرْبُوعٍ لِحِلَّتِهَا أَهَلْ رَأَوْنَا بِوَادِي القُّفِّ ذِي الْأَكَمِ
فَالْمَعْنَى : أَقَدْ أَتَى عَلَى التَّقْدِيرِ وَالتَّقْرِيبِ جَمِيعًا ، أَيْ : أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ قَبْلَ زَمَانٍ قَرِيبٍ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ كَذَا ، فَإِنَّهُ يَكُونُ الْجَوَابُ : أَتَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَهُوَ بِالْحَالِ الْمَذْكُورِ . وَمَا تُلِيَتْ عِنْدَ
أَبِي بَكْرٍ ، وَقِيلَ : عِنْدَ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ : لَيْتَهَا تَمَّتْ ، أَيْ : لَيْتَ تِلْكَ الْحَالَةَ تَمَّتْ ، وَهِيَ كَوْنُهُ شَيْئًا غَيْرَ مَذْكُورٍ وَلَمْ يُخْلَقْ وَلَمْ يُكَلَّفْ . وَالْإِنْسَانُ هُنَا جِنْسُ بَنِي
آدَمَ ، وَالْحِينُ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ ، إِمَّا حِينُ عَدَمِهِ ، وَإِمَّا حِينُ كَوْنِهِ نُطْفَةً . وَانْتِقَالُهُ مِنْ رُتْبَةٍ إِلَى رُتْبَةٍ حَتَّى حِينِ إِمْكَانِ خِطَابِهِ ، فَإِنَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لَا ذِكْرَ لَهُ ، وَسُمِّيَ إِنْسَانًا بِاعْتِبَارِ مَا صَارَ إِلَيْهِ . وَقِيلَ :
آدَمُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْحِينُ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ هِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي بَقِيَ فِيهَا إِلَى أَنْ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : بَقِيَ طِينًا أَرْبَعِينَ سَنَةً ، ثُمَّ صَلْصَالًا أَرْبَعِينَ ، ثُمَّ حَمَأً مَسْنُونًا أَرْبَعِينَ ، فَتَمَّ خَلْقُهُ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَسُمِّيَ إِنْسَانًا بِاعْتِبَارِ مَا آلَ إِلَيْهِ . وَالْجُمْلَةُ مِنْ ( لَمْ يَكُنْ ) فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْإِنْسَانِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : غَيْرُ مَذْكُورٍ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِـ ( حِينٌ ) فَيَكُونُ الْعَائِدُ عَلَى الْمَوْصُوفِ مَحْذُوفًا ، أَيْ : لَمْ يَكُنْ فِيهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29047إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ ) : هُوَ جِنْسُ بَنِي
آدَمَ ; لِأَنَّ
آدَمَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ : أَخْلَاطٍ ، وَهُوَ وَصْفٌ لِلنُّطْفَةِ . فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=111وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ : هِيَ الْعُرُوقُ الَّتِي فِي النُّطْفَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالرَّبِيعُ : هُوَ مَاءُ الرَّجُلِ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ ، اخْتَلَطَا فِي الرَّحِمِ فَخُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْهُمَا . وَقَالَ
الْحَسَنُ : اخْتِلَاطُ النُّطْفَةِ بِدَمِ الْحَيْضِ ، فَإِذَا حَبِلَتِ ارْتَفَعَ الْحَيْضُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَ
عِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ : أَمْشَاجٌ مُنْتَقِلَةٌ مِنْ نُطْفَةٍ إِلَى عَلَقَةٍ إِلَى مُضْغَةٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ إِلَى إِنْشَائِهِ إِنْسَانًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا
وَالْكَلْبِيُّ : هِيَ أَلْوَانُ النُّطْفَةِ . وَقِيلَ : أَخْلَاطُ الدَّمِ وَالْبَلْغَمِ وَالصَّفْرَاءِ وَالسَّوْدَاءِ ، وَالنُّطْفَةُ أُرِيدَ بِهَا الْجِنْسُ ، فَلِذَلِكَ وُصِفَتْ بِالْجَمْعِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=76عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) أَوْ لِتَنْزِيلِ كُلِّ جُزْءٍ مِنَ النُّطْفَةِ نُطْفَةً . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ، كَبُرْمَةٍ أَعْسَارٍ ، وَبُرْدٍ أَكْيَاسٍ ، وَهِيَ أَلْفَاظُ مُفْرَدٍ غَيْرُ جُمُوعٍ ، وَلِذَلِكَ
[ ص: 394 ] وَقَعَتْ صِفَاتٍ لِلْأَفْرَادِ . وَيُقَالُ أَيْضًا : نُطْفَةُ مَشَجٍ ، وَلَا يَصِحُّ أَمْشَاجٌ أَنْ تَكُونَ تَكْسِيرًا لَهُ ، بَلْ هُمَا مِثْلَانِ فِي الْإِفْرَادِ لِوَصْفِ الْمُفْرِدِ بِهِمَا . انْتَهَى . وَقَوْلُهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ وَالنَّحْوِيِّينَ عَلَى أَنَّ أَفْعَالًا لَا يَكُونُ مُفْرَدًا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ أَفْعَالٌ إِلَّا أَنْ يُكْسَرَ عَلَيْهِ اسْمًا لِلْجَمِيعِ ، وَمَا وَرَدَ مِنْ وَصْفِ الْمُفْرَدِ بِأَفْعَالٍ تَأَوَّلُوهُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2نَبْتَلِيهِ ) : نَخْتَبِرُهُ بِالتَّكْلِيفِ فِي الدُّنْيَا . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : نُصَرِّفُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ، فَعَلَى هَذَا هِيَ حَالٌ مُصَاحِبَةٌ ، وَعَلَى أَنَّ الْمَعْنَى نَخْتَبِرُهُ بِالتَّكْلِيفِ ، فَهِيَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ ; لِأَنَّهُ تَعَالَى حِينَ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ لَمْ يَكُنْ مُبْتَلِيًا لَهُ بِالتَّكْلِيفِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ نَاقِلِينَ لَهُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ الِابْتِلَاءُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ . انْتَهَى . وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . وَقِيلَ : نَبْتَلِيهِ بِالْإِيحَانِ وَالْكَوْنِ فِي الدُّنْيَا ، فَهِيَ حَالٌ مُقَارِنَةٌ . وَقِيلَ : فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ، الْأَصْلُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ) نَبْتَلِيهِ ، أَيْ : جَعْلُهُ سَمِيعًا بَصِيرًا هُوَ الِابْتِلَاءُ ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى ادِّعَاءِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ، وَالْمَعْنَى يَصِحُّ بِخِلَافِهِ ، وَامْتَنَّ تَعَالَى عَلَيْهِ بِجَعْلِهِ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ ، وَهُمَا كِنَايَةٌ عَنِ التَّمْيِيزِ وَالْفَهْمِ ، إِذْ آلَتُهُمَا سَبَبٌ لِذَلِكَ ، وَهُمَا أَشْرَفُ الْحَوَاسِّ ، تُدْرَكُ بِهِمَا أَعْظَمُ الْمُدْرِكَاتِ .
وَلَمَّا جَعَلَهُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ ، أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ هَدَاهُ إِلَى السَّبِيلِ ، أَيْ : أَرْشَدَهُ إِلَى الطَّرِيقِ ، وَعَرَّفْنَا مَآلَ طَرِيقِ النَّجَاةِ وَمَآلَ طَرِيقِ الْهَلَاكِ ، إِذْ أَرْشَدْنَاهُ طَرِيقَ الْهُدَى . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : سَبِيلُ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : سَبِيلُ الْخُرُوجِ مِنَ الرَّحِمِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَيْ : مَكَّنَاهُ وَأَقْدَرْنَاهُ فِي حَالَتَيْهِ جَمِيعًا ، وَإِذْ دَعَوْنَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ بِأَدِلَّةِ الْعَقْلِ وَالسَّمْعِ كَانَ مَعْلُومًا مِنْهُ أَنَّهُ يُؤْمِنُ أَوْ يَكْفُرُ لِإِلْزَامِ الْحُجَّةِ . انْتَهَى ، وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِزَامِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( إِمَّا ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ فِيهِمَا .
وَأَبُو السَّمَّالِ وَأَبُو الْعَاجِ ، وَهُوَ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ شَامِيٌّ وَلِيَ
الْبَصْرَةَ nindex.php?page=showalam&ids=17243لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ : بِفَتْحِهَا فِيهِمَا ، وَهِيَ لُغَةٌ حَكَاهَا
أَبُو زَيْدٍ عَنِ الْعَرَبِ ، وَهِيَ الَّتِي عَدَّهَا بَعْضُ النَّاسِ فِي حُرُوفِ الْعَطْفِ ، وَأَنْشَدُوا :
يَلْحَقُهَا إِمَّا شَمَالٌ عَرِيَّةٌ وَإِمَّا صَبَا جُنْحِ الْعَشِيِّ هُبُوبُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَهِيَ قِرَاءَةٌ حَسَنَةٌ ، وَالْمَعْنَى : إِمَّا شَاكِرًا بِتَوْفِيقِنَا ، وَإِمَّا كَفُورًا فَبِسُوءِ اخْتِيَارِهِ . انْتَهَى . فَجَعَلَهَا إِمَّا التَّفْصِيلِيَّةِ الْمُتَضَمِّنَةِ مَعْنَى الشَّرْطِ ، وَلِذَلِكَ تَلَقَّاهَا بِفَاءِ الْجَوَابِ ، فَصَارَ كَقَوْلِ الْعَرَبِ : إِمَّا صَدِيقًا فَصَدِيقٌ . وَانْتَصَبَ شَاكِرًا وَكَفُورًا عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ النَّصْبِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3هَدَيْنَاهُ ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا حَالَيْنِ مِنَ السَّبِيلِ ، أَيْ : عَرَّفْنَاهُ السَّبِيلَ ، إِمَّا سَبِيلًا شَاكِرًا ، وَإِمَّا سَبِيلًا كَفُورًا ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=10وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) فَوَصَفَ السَّبِيلَ بِالشُّكْرِ وَالْكُفْرِ مَجَازًا . انْتَهَى . وَلَمَّا كَانَ الشُّكْرُ قَلَّ مَنْ يَتَّصِفُ بِهِ ، قَالَ ( شَاكِرًا ) وَلَمَّا كَانَ الْكُفْرُ كَثُرَ مَنْ يَتَّصِفُ بِهِ وَيَكْثُرُ وُقُوعُهُ مِنَ الْإِنْسَانِ بِخِلَافِ الشُّكْرِ جَاءَ ( كَفُورًا ) بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ . وَلَمَّا ذَكَرَ الْفَرِيقَيْنِ أَتْبَعَهُمَا الْوَعِيدَ وَالْوَعْدَ . وَقَرَأَ
طَلْحَةُ nindex.php?page=showalam&ids=16711وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَابْنُ كَثِيرٍ ،
وَأَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4سَلَاسِلَ ) مَمْنُوعَ الصَّرْفِ وَقْفًا وَوَصْلًا . وَقِيلَ عَنْ
حَمْزَةَ وَأَبِي عُمَرَ : الْوَقْفُ بِالْأَلِفِ . وَقَرَأَ
حَفْصٌ وَابْنُ ذَكْوَانَ بِمَنْعِ الصَّرْفِ ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُمْ فِي الْوَقْفِ ، وَكَذَا عَنِ
الْبَزِّيِّ . وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ بِالتَّنْوِينِ وَصْلًا ، وَبِالْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ مِنْهُ وَقْفًا ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ ، قِيلَ : وَهَذَا عَلَى مَا حَكَاهُ
الْأَخْفَشُ مِنْ لُغَةِ مَنْ يَصْرِفُ كُلَّ مَا لَا يَنْصَرِفُ إِلَّا أَفْعَلَ مِنْ ، وَهِيَ لُغَةُ الشُّعَرَاءِ ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى جَرَى فِي كَلَامِهِمْ ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا الْجَمْعَ لَمَّا كَانَ يُجْمَعُ ، فَقَالُوا : صَوَاحِبَاتُ
يُوسُفَ وَنَوَاكِسِي الْأَبْصَارِ ، أَشْبَهَ الْمُفْرَدَ فَجَرَى فِيهِ الصَّرْفُ ، وَقَالَ بَعْضُ الرُّجَّازِ :
وَالصَّرْفُ فِي الْجَمْعِ أَتَى كَثِيرًا حَتَّى ادَّعَى قَوْمٌ بِهِ التَّخْيِيرَا
وَالصَّرْفُ ثَابِتٌ فِي مَصَاحِفِ
الْمَدِينَةِ وَ
مَكَّةَ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ ، وَفِي مُصْحَفِ
أُبَيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ ، وَكَذَا " قَوَارِيرَ " . وَرَوَى
هِشَامٌ عَنِ
ابْنِ عَامِرٍ : سَلَاسِلَ فِي الْوَصْلِ ، وَسَلَاسِلَا بِأَلِفٍ دُونَ تَنْوِينٍ فِي
[ ص: 395 ] الْوَقْفِ . وَرُوِيَ أَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ : رَأَيْتُ عَمْرَا بِالْأَلِفِ فِي الْوَقْفِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5مِنْ كَأْسٍ ) : " مِنْ " لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ) قَالَ
قَتَادَةُ : يُمْزَجُ لَهُمْ بِالْكَافُورِ ، وَيُخْتَمُ لَهُمْ بِالْمِسْكِ . وَقِيلَ : هُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ ، أَيْ : طِيبُ رَائِحَةٍ وَبَرْدٍ كَالْكَافُورِ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5كَافُورًا ) اسْمُ عَيْنٍ فِي الْجَنَّةِ ، وَصُرِفَتْ لِتُوَافِقَ الْآيَ . وَقَرَأَ
عَبْدُ اللَّهِ : ( قَافُورًا ) بِالْقَافِ بَدَلَ الْكَافِ ، وَهُمَا كَثِيرًا مَا يَتَعَاقَبَانِ فِي الْكَلِمَةِ ، كَقَوْلِهِمْ : عَرَبِيٌّ قُحٌّ وَكُحٌّ ، وَ ( عَيْنًا ) بَدَلٌ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5كَافُورًا ) وَمَفْعُولًا بِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5يَشْرَبُونَ ) أَيْ : مَاءَ عَيْنٍ ، أَوْ بَدَلٌ مِنْ مَحَلٍّ مِنْ كَأْسٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ : يَشْرَبُونَ خَمْرًا خَمْرَ عَيْنٍ ، أَوْ نُصِبَ عَلَى الِاخْتِصَاصِ . وَلَمَّا كَانَتِ الْكَأْسُ مَبْدَأَ شُرْبِهِمْ أَتَى بِـ ( مِنْ وَفِي ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6يَشْرَبُ بِهَا ) أَيْ : يُمْزَجُ شَرَابُهُمْ بِهَا ، أَتَى بِالْبَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى الْإِلْصَاقِ ، وَالْمَعْنَى : يَشْرَبُ عِبَادُ اللَّهِ بِهَا الْخَمْرَ ، كَمَا تَقُولُ : شَرِبْتُ الْمَاءَ بِالْعَسَلِ ، أَوْ ضُمِّنَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6يَشْرَبُ ) مَعْنَى يَرْوَى فَعُدِّيَ بِالْبَاءِ . وَقِيلَ : الْبَاءُ زَائِدَةٌ وَالْمَعْنَى يَشْرَبُ بِهَا ، وَقَالَ
الْهُذَلِيُّ :
شَرِبْنَ بِمَاءِ الْبَحْرِ ثُمَّ تَرَفَّعَتْ مَتَّى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَئِيجُ
قِيلَ أَيْ : شَرِبْنَ مَاءَ الْبَحْرِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : ( يَشَرَبُهَا ) .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6عِبَادُ اللَّهِ ) هُنَا هُمُ الْمُؤْمِنُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6يُفَجِّرُونَهَا ) : يَثْقُبُونَهَا بِعُودِ قَصَبٍ وَنَحْوِهِ حَيْثُ شَاءُوا ، فَهِيَ تَجْرِي عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، هَكَذَا وَرَدَ فِي الْأَثَرِ . وَقِيلَ : هِيَ عَيْنٌ فِي دَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَنْفَجِرُ إِلَى دُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29047يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) فِي الدُّنْيَا ، وَكَانُوا يَخَافُونَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7يُوفُونَ ) جَوَابُ مَنْ عَسَى يَقُولُ : مَا لَهُمْ يُرْزَقُونَ ذَلِكَ ؟ . انْتَهَى . فَاسْتَعْمَلَ ( عَسَى ) صِلَةً لِمَنْ وَهُوَ لَا يَجُوزُ ، وَأَتَى بَعْدَ ( عَسَى ) بِالْمُضَارِعِ غَيْرَ مَقْرُونٍ بِأَنْ ، وَهُوَ قَلِيلٌ أَوْ فِي شِعْرٍ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّذْرِ مَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي الشَّرِيعَةِ أَنَّهُ نَذْرٌ . قَالَ
الْأَصَمُّ وَتَبِعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي وَصْفِهِمْ بِالتَّوَفُّرِ عَلَى أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ ; لِأَنَّ مَنْ وَفَّى بِمَا أَوْجَبَهُ هُوَ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ لِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ أَوْفَى . وَقِيلَ : النَّذْرُ هُنَا عَامٌّ لِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَمَا أَوْجَبَهُ الْعَبْدُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْإِيمَانُ وَجَمِيعُ الطَّاعَاتِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8عَلَى حُبِّهِ ) أَيْ : عَلَى حُبِّ الطَّعَامِ ، إِذْ هُوَ مَحْبُوبٌ لِلْفَاقَةِ وَالْحَاجَةِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ . أَوْ عَلَى حُبِّ اللَّهِ أَيْ : لِوَجْهِهِ وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14919الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَأَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ . وَالْأَوَّلُ أَمْدَحُ ; لِأَنَّ فِيهِ الْإِيثَارَ عَلَى النَّفْسِ . وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ يَفْعَلُهُ الْأَغْنِيَاءُ أَكْثَرَ . وَقَالَ
الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ : عَلَى حُبِّ الطَّعَامِ ، أَيْ : مُحِبِّينَ فِي فِعْلِهِمْ ذَلِكَ ، لَا رِيَاءَ فِيهِ وَلَا تَكَلُّفَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8مِسْكِينًا ) : وَهُوَ الطَّوَّافُ الْمُنْكَسِرُ فِي السُّؤَالِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8وَيَتِيمًا ) : هُوَ الصَّبِيُّ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8وَأَسِيرًا )
nindex.php?page=treesubj&link=14164وَالْأَسِيرُ مَعْرُوفٌ ، وَهُوَ مِنَ الْكُفَّارِ ، قَالَهُ
قَتَادَةُ . وَقِيلَ : مِنَ الْمُسْلِمِينَ تُرِكُوا فِي بِلَادِ الْكُفَّارِ رَهَائِنَ وَخَرَجُوا لِطَلَبِ الْفِدَاءِ . وَقَالَ
ابْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ : هُوَ الْأَسِيرُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ . وَقِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8وَأَسِيرًا ) اسْتِعَارَةٌ وَتَشْبِيهٌ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ : هُوَ الْمَسْجُونُ . وَقَالَ
أَبُو حَمْزَةَ الْيَمَانِيُّ : هِيَ الزَّوْجَةُ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : هُوَ الْمَمْلُوكُ وَالْمَسْجُونُ . وَفِي الْحَدِيثِ : "
غَرِيمُكَ أَسِيرُكَ فَأَحْسِنْ إِلَى أَسِيرِكَ " .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ ) : هُوَ عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا صَرَّحُوا بِهِ خِطَابًا لِلْمَذْكُورِينَ ، مَنْعًا مِنْهُمْ وَعَنِ الْمُجَازَاةِ بِمِثْلِهِ أَوِ الشُّكْرِ ; لِأَنَّ إِحْسَانَهُمْ مَفْعُولٌ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَلَا مَعْنَى لِمُكَافَأَةِ الْخَلْقِ ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : أَمَا أَنَّهُمْ مَا تَكَلَّمُوا بِهِ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَهُ مِنْهُمْ فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بِهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً ) أَيْ : بِالْأَفْعَالِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9وَلَا شُكُورًا ) أَيْ : ثَنَاءً بِالْأَقْوَالِ . وَهَذِهِ الْآيَةُ قِيلَ نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - وَذَكَرَ
النَّقَّاشُ فِي ذَلِكَ حِكَايَةً طَوِيلَةً جِدًّا ظَاهِرَةَ الِاخْتِلَافِ ، وَفِيهَا إِشْعَارٌ لِلْمِسْكِينِ وَالْيَتِيمِ وَالْأَسِيرِ ، يُخَاطَبُونَ بِهَا بِبَيْتِ النُّبُوَّةِ ، وَإِشْعَارٌ
لِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تُخَاطِبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، ظَاهِرُهَا الِاخْتِلَافُ لِسَفْسَافِ أَلْفَاظِهَا وَكَسْرِ أَبْيَاتِهَا وَسَفَاطَةِ مَعَانِيهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=10يَوْمًا عَبُوسًا ) : نِسْبَةُ الْعَبُوسِ إِلَى الْيَوْمِ مَجَازٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : يَعْبِسُ الْكَافِرُ يَوْمئِذٍ حَتَّى يَسِيلَ مِنْ
[ ص: 396 ] عَيْنَيْهِ عَرَقٌ كَالْقَطْرَانِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=11فَوَقَاهُمُ ) بِخِفَّةِ الْقَافِ .
وَأَبُو جَعْفَرٍ : بِشَدِّهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=11وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً ) : بَدَلَ عَبُوسِ الْكَافِرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=11وَسُرُورًا ) : فَرَحًا بَدَلَ حُزْنِهِ ، لَا تَكَادُ تَكُونُ النَّظْرَةُ إِلَّا مَعَ فَرَحِ النَّفْسِ وَقُرَّةِ الْعَيْنِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12وَجَزَاهُمْ ) . وَ
عَلِيٌّ : وَجَازَاهُمْ عَلَى وَزْنِ فَاعَلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12جَنَّةً وَحَرِيرًا ) : بُسْتَانًا فِيهِ كُلُّ مَأْكَلٍ هَنِيءٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12وَحَرِيرًا ) فِيهِ مَلْبَسٌ بَهِيٌّ ، وَنَاسَبَ ذِكْرَ الْحَرِيرِ مَعَ الْجَنَّةِ ; لِأَنَّهُمْ أُوثِرُوا عَلَى الْجُوعِ وَالْغِذَاءِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13لَا يَرَوْنَ فِيهَا ) أَيْ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30387الْجَنَّةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13شَمْسًا ) أَيْ : حَرَّ شَمْسٍ وَلَا شِدَّةَ بَرْدٍ ، أَيْ : لَا شَمْسَ فِيهَا فَتُرَى فَيُؤْذِي حَرُّهَا ، وَلَا زَمْهَرِيرَ يُرَى فَيُؤْذِي بِشِدَّتِهِ ، أَيْ : هِيَ مُعْتَدِلَةُ الْهَوَاءِ . وَفِي الْحَدِيثِ :
" هَوَاءُ الْجَنَّةِ سَجْسَجٌ لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ " . وَقِيلَ : لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا قَمَرًا ، وَالزَّمْهَرِيرُ فِي لُغَةِ
طَيِّئٍ الْقَمَرُ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَدَانِيَةً ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : هُوَ حَالٌ عَطْفًا عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13مُتَّكِئِينَ ) . وَقَالَ أَيْضًا : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْجَنَّةِ ، فَالْمَعْنَى : وَجَزَاهُمْ جَنَّةً دَانِيَةً . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : مَا مَعْنَاهُ أَنَّهَا حَالٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى حَالٍ وَهِيَ لَا يَرَوْنَ ، أَيْ : غَيْرَ رَائِينَ ، وَدَخَلَتِ الْوَاوُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَيْنِ مُجْتَمِعَانِ لَهُمْ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : وَجَزَاهُمْ جَنَّةً جَامِعِينَ فِيهَا بَيْنَ الْبُعْدِ عَنِ الْحَرِّ وَالْقُرِّ وَدُنُوِّ الظِّلَالِ عَلَيْهِمْ . وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ : وَدَانِيَةٌ بِالرَّفْعِ ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ
الْأَخْفَشُ عَلَى جَوَازِ رَفْعِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَمِدَ نَحْوُ قَوْلِكَ : قَائِمٌ الزَّيْدُونَ ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ ; لِأَنَّ الْأَظْهَرَ أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ظِلَالُهَا ) مُبْتَدَأً (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَدَانِيَةً ) خَبَرٌ لَهُ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : وَدَانِيًا عَلَيْهِمْ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=44خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ ) . وَقَرَأَ
أُبَيٌّ : وَدَانٍ مَرْفُوعٌ ، فَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِهِ
الْأَخْفَشُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا ) قَالَ
قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَسُفْيَانُ : إِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ قَائِمًا تَنَاوَلَ الثَّمَرَ دُونَ كُلْفَةٍ ، وَإِنْ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا فَكَذَلِكَ ، فَهَذَا تَذْلِيلُهَا ، لَا يَرُدُّ الْيَدَ عَنْهَا بُعْدٌ وَلَا شَوْكٌ . فَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَدَانِيَةً ) بِالنَّصْبِ ، كَانَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَذُلِّلَتْ ) مَعْطُوفًا عَلَى ( دَانِيَةٌ ) لِأَنَّهَا فِي تَقْدِيرِ الْمُفْرَدِ ، أَيْ : وَمُذَلَّلَةً ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الرَّفْعِ كَانَ مِنْ عَطْفِ جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ عَلَى جُمْلَةٍ اسْمِيَّةٍ . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، أَيْ : وَقَدْ ذُلِّلَتْ رُفِعَتْ ( دَانِيَةً ) أَوْ نُصِبَتْ .