nindex.php?page=treesubj&link=29064سورة الضحى مكية وهي إحدى عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=1والضحى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=2والليل إذا سجى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=3ما ودعك ربك وما قلى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4وللآخرة خير لك من الأولى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=5ولسوف يعطيك ربك فترضى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=6ألم يجدك يتيما فآوى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا فهدى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8ووجدك عائلا فأغنى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فأما اليتيم فلا تقهر nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وأما السائل فلا تنهر nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وأما بنعمة ربك فحدث )
[ ص: 485 ] سجا الليل : أدبر ، وقيل : أقبل ، ومنه :
يا حبذا القمراء والليل الساج وطرق مثل ملاء النساج
وبحر ساج : ساكن ، قال
الأعشى :
وما ذنبنا إن جاش بحر ابن عمكم وبحرك ساج لا يواري الدعامصا
وطرف ساج غير مضطرب بالنظر . وقال
الفراء : سجا الليل : أظلم وركد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : سجا الليل : اشتد ظلامه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=1والضحى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=2والليل إذا سجى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=3ما ودعك ربك وما قلى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4وللآخرة خير لك من الأولى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=5ولسوف يعطيك ربك فترضى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=6ألم يجدك يتيما فآوى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا فهدى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8ووجدك عائلا فأغنى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فأما اليتيم فلا تقهر nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وأما السائل فلا تنهر nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وأما بنعمة ربك فحدث ) .
هذه السورة مكية ، ولما ذكر فيما قبلها (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=17وسيجنبها الأتقى ) وكان سيد الأتقين رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ذكر تعالى هنا نعمه عليه . وقرأ الجمهور (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=3ما ودعك ) بتشديد الدال ،
nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير ، وابنه
هشام ،
وأبو حيوة ، وأبو بحرية وابن أبي عبلة بخفها أي ما تركك ، واستغنت العرب في فصيح كلامها بترك عن ودع ووذر ، وعن اسم فاعلهما بتارك ، وعن اسم مفعولهما بمتروك ، وعن مصدرهما بالترك ، وقد سمع ودع ووذر ، قال
أبو الأسود :
ليت شعري عن خليلي ما الذي غاله في الحب حتى ودعه
وقال آخر :
وثم ودعنا آل عمرو وعامر فرائس أطراف المثقفة السمر
والتوديع مبالغة في الودع ، لأن من ودعك مفارقا فقد بالغ في تركك (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=3وما قلى ) ما أبغضك ، واللغة الشهيرة في مضارع قلى يقلي ،
وطيئ تعلي بفتح العين وحذف المفعول اختصارا في ( قلى ) وفي ( فآوى ) وفي ( فهدى ) وفي ( فأغنى ) إذ يعلم أنه ضمير المخاطب ، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره :
أبطأ الوحي مرة على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو بمكة ، حتى شق ذلك عليه ، فقالت أم جميل امرأة أبي لهب : يا محمد ما أرى شيطانك إلا تركك ؟ فنزلت . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : إنما احتبس عنه
جبريل عليه السلام ، لجرو كلب كان في بيته .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29064وللآخرة خير لك من الأولى ) يريد الدارين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق وغيره .
[ ص: 486 ] ويحتمل أن يريد حالتيه قبل نزول السورة وبعدها ، وعده تعالى بالنصر والظفر ، قاله
ابن عطية اهتمالا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : كيف اتصل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4وللآخرة خير لك من الأولى ) بما قبله ؟ قلت : لما كان في ضمن نفي التوديع والقلى أن الله مواصلك بالوحي إليك ، وأنك حبيب الله ، ولا ترى كرامة أعظم من ذلك ، ولا نعمة أجل منه ، أخبره أن حاله في الآخرة أعظم من ذلك وأجل ، وهو السبق والتقدم على جميع أنبياء الله ورسله ، وشهادة أمته على سائر الأمم ، ورفع درجات المؤمنين وإعلاء مراتبهم بشفاعته (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29064ولسوف يعطيك ربك فترضى ) قال الجمهور : ذلك في الآخرة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : رضاه أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار . وقال أيضا : رضاه أنه وعده بألف قصر في الجنة بما تحتاج إليه من النعم والخدم . وقيل : في الدنيا بفتح
مكة وغيره ، والأولى أن هذا موعد شامل لما أعطاه في الدنيا من الظفر ، ولما ادخر له من الثواب ، واللام في ( وللآخرة ) لام ابتداء أكدت مضمون الجملة ، وكذا في ( ولسوف ) على إضمار مبتدأ ، أي ولأنت سوف يعطيك .
ولما وعده هذا الموعود الجليل ، ذكره بنعمه عليه في حال نشأته (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=6ألم يجدك ) يعلمك ( يتيما ) توفي أبوه ، عليه الصلاة والسلام ، وهو جنين ، أتت عليه ستة أشهر وماتت أمه ، عليه الصلاة والسلام ، وهو ابن ثماني سنين ، فكفله عمه
أبو طالب فأحسن تربيته . وقيل
nindex.php?page=showalam&ids=15639لجعفر الصادق : لم يتم النبي صلى الله عليه وسلم من أبويه ؟ فقال : لئلا يكون عليه حق لمخلوق . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ومن يدع التفاسير أنه من قولهم درة يتيمة ، وأن المعنى : ألم يجدك واحدا في
قريش عديم النظير فآواك . انتهى . وقرأ الجمهور : ( فآوى ) رباعيا ،
وأبو الأشهب العقيلي : ( فأوى ) ثلاثيا ، بمعنى رحم ، تقول : أويت لفلان : أي رحمته ، ومنه قول الشاعر :
أراني ولا كفران لله أنه لنفسي قد طالبت غير منيل
(
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا ) لا يمكن حمله على الضلال الذي يقابله الهدى ؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=28751_21376الأنبياء معصومون من ذلك ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هو ضلاله وهو في صغره في شعاب
مكة ، ثم رده الله إلى جده
عبد المطلب . وقيل : ضلاله من حليمة مرضعته ، وقيل : ضل في طريق
الشام حين خرج به
أبو طالب ، ولبعض المفسرين أقوال فيها بعض ما لا يجوز نسبته إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ولقد رأيت في النوم أني أفكر في هذه الجملة فأقول على الفور : ( ووجدك ) أي وجد رهطك ( ضالا ) فهداه بك . ثم أقول : على حذف مضاف ، نحو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82واسأل القرية ) . وقرأ الجمهور : ( عائلا ) أي فقيرا ، قال
جرير :
الله نزل في الكتاب فريضة لابن السبيل وللفقير العائل
كرر لاختلاف اللفظ ، وقرأ
اليماني : ( عيلا ) كسيد ، بتشديد الياء المكسورة ، ومنه قول
أحيحة بن الحلاج :
وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل
عال : افتقر ، وأعال : كثر عياله ، قال
مقاتل : ( فأغنى ) رضاك بما أعطاك من الرزق . وقيل : أغناك بالقناعة والصبر . وقيل : بالكفاف . ولما عدد عليه هذه النعم الثلاث ، وصاه بثلاث كأنها مقابلة لها (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فلا تقهر ) قال
مجاهد : لا تحتقر ، وقال
ابن سلام : لا تستزله ، وقال
سفيان : لا تظلمه بتضييع ماله ، وقال
الفراء : لا تمنعه حقه ، والقهر هو التسليط بما يؤذي ، وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9تقهر ) بالقاف ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12402وإبراهيم التيمي : بالكاف بدل القاف ، وهي لغة بمعنى قراءة الجمهور (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وأما السائل ) ظاهره المستعطي (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10فلا تنهر ) أي تزجره ، لكن أعطه أو رده ردا جميلا . وقال
قتادة : لا تغلظ عليه ، وهذه في مقابلة (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8ووجدك عائلا فأغنى ) ، فالسائل ، كما قلنا : المستعطي ، وقاله
الفراء وجماعة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء والحسن وغيرهما :
[ ص: 487 ] السائل هنا : السائل عن العلم والدين ، لا سائل المال ، فيكون بإزاء (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا فهدى ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وأما بنعمة ربك فحدث ) قال
مجاهد والكلبي : معناه بث القرآن وبلغ ما أرسلت به ، وقال
محمد بن إسحاق : هي النبوة . وقال آخرون : هي عموم في جميع النعم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : التحديث بالنعم : شكرها وإشاعتها ، يريد ما ذكره من نعمة الإيواء والهداية والإغناء وما عدا ذلك . انتهى . ويظهر أنه لما تقدم ذكر الامتنان عليه بذكر الثلاثة أمره بثلاثة : فذكر اليتيم أولا وهي البداية ، ثم ذكر السائل ثانيا وهو العائل ، وكان أشرف ما امتن به عليه هي الهداية ، فترقى من هذين إلى الأشرف وجعله مقطع السورة ، وإنما وسط ذلك عند ذكر الثلاثة ، لأنه بعد اليتيم هو زمان التكليف ،
nindex.php?page=treesubj&link=21374وهو عليه الصلاة والسلام معصوم من اقتراف ما لا يرضي الله عز وجل في القول والفعل والعقيدة ، فكان ذكر الامتنان بذلك على حسب الواقع بعد اليتيم وحالة التكليف ، وفي الآخر ترقى إلى الأشرف ، فهما مقصدان في الخطاب .
nindex.php?page=treesubj&link=29064سُورَةُ الضُّحَى مَكِّيَّةٌ وَهِيَ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=1وَالضُّحَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=2وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=3مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=5وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=6أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ )
[ ص: 485 ] سَجَا اللَّيْلُ : أَدْبَرَ ، وَقِيلَ : أَقْبَلَ ، وَمِنْهُ :
يَا حَبَّذَا الْقَمْرَاءُ وَاللَّيْلُ السَّاجِ وَطُرُقٌ مِثْلُ مِلَاءِ النَّسَّاجِ
وَبَحْرٌ سَاجٍ : سَاكِنٌ ، قَالَ
الْأَعْشَى :
وَمَا ذَنْبُنَا إِنْ جَاشَ بِحْرُ ابْنِ عَمِّكُمْ وَبَحْرُكَ سَاجٍ لَا يُوَارِي الدَّعَامِصَا
وَطَرَفٌ سَاجٍ غَيْرُ مُضْطَرِبٍ بِالنَّظَرِ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : سَجَا اللَّيْلُ : أَظْلَمَ وَرَكَدَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : سَجَا اللَّيْلُ : اشْتَدَّ ظَلَامُهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=1وَالضُّحَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=2وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=3مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=5وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=6أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) .
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ ، وَلَمَّا ذَكَرَ فِيمَا قَبْلَهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=17وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ) وَكَانَ سَيِّدُ الْأَتْقَيْنَ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ذَكَرَ تَعَالَى هُنَا نِعَمَهُ عَلَيْهِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=3مَا وَدَّعَكَ ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16561وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَابْنُهُ
هِشَامٌ ،
وَأَبُو حَيْوَةَ ، وَأَبُو بَحْرِيَّةَ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ بِخَفِّهَا أَيْ مَا تَرَكَكَ ، وَاسْتَغْنَتِ الْعَرَبُ فِي فَصِيحِ كَلَامِهَا بِتَرَكَ عَنْ وَدَعَ وَوَذَرَ ، وَعَنِ اسْمِ فَاعِلِهِمَا بِتَارِكٍ ، وَعَنِ اسْمِ مَفْعُولِهِمَا بِمَتْرُوكٍ ، وَعَنْ مَصْدَرِهِمَا بِالتَّرْكِ ، وَقَدْ سُمِعَ وَدَعَ وَوَذَرَ ، قَالَ
أَبُو الْأَسْوَدِ :
لَيْتَ شِعْرِي عَنْ خَلِيلِي مَا الَّذِي غَالَهُ فِي الْحُبِّ حَتَّى وَدَعَهُ
وَقَالَ آخَرُ :
وَثَمَّ وَدَعْنَا آلَ عَمْرٍو وَعَامِرٍ فَرَائِسَ أَطْرَافِ الْمُثَقَّفَةِ السُّمْرِ
وَالتَّوْدِيعُ مُبَالَغَةٌ فِي الْوَدْعِ ، لِأَنَّ مَنْ وَدَّعَكَ مُفَارِقًا فَقَدْ بَالَغَ فِي تَرْكِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=3وَمَا قَلَى ) مَا أَبْغَضَكَ ، وَاللُّغَةُ الشَّهِيرَةُ فِي مُضَارِعِ قَلَى يَقْلِي ،
وَطَيِّئٌ تُعْلِي بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَحَذْفِ الْمَفْعُولِ اخْتِصَارًا فِي ( قَلَى ) وَفِي ( فَآوَى ) وَفِي ( فَهَدَى ) وَفِي ( فَأَغْنَى ) إِذْ يُعْلَمُ أَنَّهُ ضَمِيرُ الْمُخَاطَبِ ، وَهُوَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ :
أَبْطَأَ الْوَحْيُ مَرَّةً عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ بِمَكَّةَ ، حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، فَقَالَتْ أُمُّ جَمِيلٍ امْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ : يَا مُحَمَّدُ مَا أَرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا تَرَكَكَ ؟ فَنَزَلَتْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ : إِنَّمَا احْتَبَسَ عَنْهُ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، لِجِرْوِ كَلْبٍ كَانَ فِي بَيْتِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29064وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ) يُرِيدُ الدَّارَيْنِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ .
[ ص: 486 ] وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ حَالَتَيْهِ قَبْلَ نُزُولِ السُّورَةِ وَبَعْدَهَا ، وَعَدَهُ تَعَالَى بِالنَّصْرِ وَالظَّفَرِ ، قَالَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ اهْتِمَالًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : كَيْفَ اتَّصَلَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=4وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ) بِمَا قَبْلَهُ ؟ قُلْتُ : لَمَّا كَانَ فِي ضِمْنِ نَفْيِ التَّوْدِيعِ وَالْقِلَى أَنَّ اللَّهَ مُوَاصِلُكَ بِالْوَحْيِ إِلَيْكَ ، وَأَنَّكَ حَبِيبُ اللَّهِ ، وَلَا تُرَى كَرَامَةٌ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَا نِعْمَةٌ أَجَلُّ مِنْهُ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ حَالَهُ فِي الْآخِرَةِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَجَلُّ ، وَهُوَ السَّبْقُ وَالتَّقَدُّمُ عَلَى جَمِيعِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ ، وَشَهَادَةُ أُمَّتِهِ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ ، وَرَفْعُ دَرَجَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِعْلَاءُ مَرَاتِبِهِمْ بِشَفَاعَتِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29064وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) قَالَ الْجُمْهُورُ : ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : رِضَاهُ أَنْ لَا يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ النَّارَ . وَقَالَ أَيْضًا : رِضَاهُ أَنَّهُ وَعَدَهُ بِأَلْفِ قَصْرٍ فِي الْجَنَّةِ بِمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ النِّعَمِ وَالْخَدَمِ . وَقِيلَ : فِي الدُّنْيَا بِفَتْحِ
مَكَّةَ وَغَيْرِهِ ، وَالْأَوْلَى أَنَّ هَذَا مَوْعِدٌ شَامِلٌ لِمَا أَعْطَاهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الظَّفَرِ ، وَلِمَا ادَّخَرَ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ ، وَاللَّامُ فِي ( وَلَلْآخِرَةُ ) لَامُ ابْتِدَاءٍ أَكَّدَتْ مَضْمُونَ الْجُمْلَةِ ، وَكَذَا فِي ( وَلَسَوْفَ ) عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ ، أَيْ وَلَأَنْتَ سَوْفَ يُعْطِيكَ .
وَلَمَّا وَعَدَهُ هَذَا الْمَوْعُودَ الْجَلِيلَ ، ذَكَّرَهُ بِنِعَمِهِ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشْأَتِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=6أَلَمْ يَجِدْكَ ) يَعْلَمْكَ ( يَتِيمًا ) تُوُفِّيَ أَبُوهُ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَهُوَ جَنِينٌ ، أَتَتْ عَلَيْهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَمَاتَتْ أُمُّهُ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِي سِنِينَ ، فَكَفَلَهُ عَمُّهُ
أَبُو طَالِبٍ فَأَحْسَنَ تَرْبِيَتَهُ . وَقِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=15639لِجَعْفَرٍ الصَّادِقِ : لِمَ يُتِّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَبَوَيْهِ ؟ فَقَالَ : لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْهِ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَمَنْ يَدَّعِ التَّفَاسِيرَ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ دُرَّةٌ يَتِيمَةٌ ، وَأَنَّ الْمَعْنَى : أَلَمْ يَجِدْكَ وَاحِدًا فِي
قُرَيْشٍ عَدِيمَ النَّظِيرِ فَآوَاكَ . انْتَهَى . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( فَآوَى ) رُبَاعِيًّا ،
وَأَبُو الْأَشْهَبِ الْعُقَيْلِيُّ : ( فَأَوَى ) ثُلَاثِيًّا ، بِمَعْنَى رَحِمَ ، تَقُولُ : أَوِيتُ لِفُلَانٍ : أَيْ رَحِمْتَهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
أُرَانِي وَلَا كُفْرَانَ لِلَّهِ أَنَّهُ لِنَفْسِي قَدْ طَالَبْتُ غَيْرَ مُنِيلِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالًّا ) لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الضَّلَالِ الَّذِي يُقَابِلُهُ الْهُدَى ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28751_21376الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : هُوَ ضَلَالُهُ وَهُوَ فِي صِغَرِهِ فِي شِعَابِ
مَكَّةَ ، ثُمَّ رَدَّهُ اللَّهُ إِلَى جَدِّهِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ . وَقِيلَ : ضَلَالُهُ مِنْ حَلِيمَةِ مُرْضِعَتِهِ ، وَقِيلَ : ضَلَّ فِي طَرِيقِ
الشَّامِ حِينَ خَرَجَ بِهِ
أَبُو طَالِبٍ ، وَلِبَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ أَقْوَالٌ فِيهَا بَعْضُ مَا لَا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ أَنِّي أُفَكِّرُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ فَأَقُولُ عَلَى الْفَوْرِ : ( وَوَجَدَكَ ) أَيْ وَجَدَ رَهْطَكَ ( ضَالًّا ) فَهَدَاهُ بِكَ . ثُمَّ أَقُولُ : عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، نَحْوَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ) . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( عَائِلًا ) أَيْ فَقِيرًا ، قَالَ
جَرِيرٌ :
اللَّهُ نَزَّلَ فِي الْكِتَابِ فَرِيضَةً لِابْنِ السَّبِيلِ وَلِلْفَقِيرِ الْعَائِلِ
كَرَّرَ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ ، وَقَرَأَ
الْيَمَانِيُّ : ( عَيِّلًا ) كَسَيِّدٍ ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَكْسُورَةِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
أُحَيْحَةَ بْنِ الْحَلَّاجِ :
وَمَا يَدْرِي الْفَقِيرُ مَتَى غِنَاهُ وَمَا يَدْرِي الْغَنِيُّ مَتَى يَعِيلُ
عَالَ : افْتَقَرَ ، وَأَعَالَ : كَثُرَ عِيَالُهُ ، قَالَ
مُقَاتِلٌ : ( فَأَغْنَى ) رِضَاكَ بِمَا أَعْطَاكَ مِنَ الرِّزْقِ . وَقِيلَ : أَغْنَاكَ بِالْقَنَاعَةِ وَالصَّبْرِ . وَقِيلَ : بِالْكَفَافِ . وَلَمَّا عَدَّدَ عَلَيْهِ هَذِهِ النِّعَمَ الثَّلَاثَ ، وَصَّاهُ بِثَلَاثٍ كَأَنَّهَا مُقَابِلَةٌ لَهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فَلَا تَقْهَرْ ) قَالَ
مُجَاهِدٌ : لَا تَحْتَقِرْ ، وَقَالَ
ابْنُ سَلَّامٍ : لَا تَسْتَزِلَّهُ ، وَقَالَ
سُفْيَانُ : لَا تَظْلِمْهُ بِتَضْيِيعِ مَالِهِ ، وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : لَا تَمْنَعْهُ حَقَّهُ ، وَالْقَهْرُ هُوَ التَّسْلِيطُ بِمَا يُؤْذِي ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9تَقْهَرْ ) بِالْقَافِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=12402وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ : بِالْكَافِ بَدَلَ الْقَافِ ، وَهِيَ لُغَةٌ بِمَعْنَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وَأَمَّا السَّائِلَ ) ظَاهِرُهُ الْمُسْتَعْطِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10فَلَا تَنْهَرْ ) أَيْ تَزْجُرْهُ ، لَكِنْ أَعْطِهِ أَوْ رُدَّهُ رَدًّا جَمِيلًا . وَقَالَ
قَتَادَةُ : لَا تُغْلِظُ عَلَيْهِ ، وَهَذِهِ فِي مُقَابَلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ) ، فَالسَّائِلُ ، كَمَا قُلْنَا : الْمُسْتَعْطِي ، وَقَالَهُ
الْفَرَّاءُ وَجَمَاعَةٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبُو الدَّرْدَاءِ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمَا :
[ ص: 487 ] السَّائِلُ هُنَا : السَّائِلُ عَنِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ ، لَا سَائِلَ الْمَالِ ، فَيَكُونُ بِإِزَاءِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) قَالَ
مُجَاهِدٌ وَالْكَلْبِيُّ : مَعْنَاهُ بُثَّ الْقُرْآنَ وَبَلِّغْ مَا أُرْسِلْتَ بِهِ ، وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : هِيَ النُّبُوَّةُ . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ عُمُومٌ فِي جَمِيعِ النِّعَمِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : التَّحْدِيثُ بِالنِّعَمِ : شَكْرُهَا وَإِشَاعَتُهَا ، يُرِيدُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ نِعْمَةِ الْإِيوَاءِ وَالْهِدَايَةِ وَالْإِغْنَاءِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ . انْتَهَى . وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُ الِامْتِنَانِ عَلَيْهِ بِذِكْرِ الثَّلَاثَةِ أَمَرَهُ بِثَلَاثَةٍ : فَذَكَرَ الْيَتِيمَ أَوَّلًا وَهِيَ الْبِدَايَةُ ، ثُمَّ ذَكَرَ السَّائِلَ ثَانِيًا وَهُوَ الْعَائِلُ ، وَكَانَ أَشْرَفُ مَا امْتَنَّ بِهِ عَلَيْهِ هِيَ الْهِدَايَةَ ، فَتَرَقَّى مِنْ هَذَيْنِ إِلَى الْأَشْرَفِ وَجَعَلَهُ مَقْطَعَ السُّورَةِ ، وَإِنَّمَا وَسَّطَ ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ الثَّلَاثَةِ ، لِأَنَّهُ بَعْدَ الْيَتِيمِ هُوَ زَمَانُ التَّكْلِيفِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=21374وَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعْصُومٌ مِنَ اقْتِرَافِ مَا لَا يُرْضِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالْعَقِيدَةِ ، فَكَانَ ذِكْرُ الِامْتِنَانِ بِذَلِكَ عَلَى حَسَبِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْيَتِيمِ وَحَالَةِ التَّكْلِيفِ ، وَفِي الْآخَرِ تَرَقَّى إِلَى الْأَشْرَفِ ، فَهُمَا مَقْصِدَانِ فِي الْخِطَابِ .