سورة القدر مكية وهي خمس آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29068إنا أنزلناه في ليلة القدر nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=2وما أدراك ما ليلة القدر nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3ليلة القدر خير من ألف شهر nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=4تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=5سلام هي حتى مطلع الفجر ) .
[ ص: 496 ] هذه السورة مدنية في قول الأكثر ، وحكى
الماوردي عكسه ، وذكر
الواحدي أنها أول سورة نزلت
بالمدينة ، وفي الحديث : ( أن أربعة عبدوا الله تعالى ثمانين سنة لم يعصوه طرفة عين :
أيوب وزكريا وحزقيل ويوشع ) فعجب الصحابة من ذلك ، فقرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1إنا أنزلناه في ليلة القدر ) السورة ، فسروا بذلك ، ومناسبتها لما قبلها ظاهر ، لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقرأ باسم ربك ) فكأنه قال : اقرأ ما أنزلناه عليك من كلامنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1إنا أنزلناه في ليلة القدر ) والضمير عائد على ما دل عليه المعنى ، وهو ضمير القرآن .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره : أنزله الله تعالى ليلة القدر إلى سماء الدنيا جملة ، ثم نجمه على
محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي وغيره : إنا ابتدأنا إنزال هذا القرآن إليك في ليلة القدر ، وروي أن نزول الملك في
حراء كان في العشر الأواخر من رمضان ، وقيل المعنى : إنا أنزلنا هذه السورة في شأن ليلة القدر وفضلها ، ولما كانت السورة من القرآن ، جاء الضمير للقرآن تفخيما وتحسينا ، فليست ليلة القدر ظرفا للنزول ، بل على نحو قول
عمر رضي الله تعالى عنه : لقد خشيت أن ينزل في قرآن . وقول
عائشة : لأنا أحقر في نفسي من أن ينزل في قرآن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : عظم من القرآن من إسناد إنزاله إلي مختصا به ، ومن مجيئه بضميره دون اسمه الظاهر شهادة له بالنباهة والاستغناء عن التنبيه عليه ، وبالرفع من مقدار الوقت الذي أنزل فيه . انتهى ، وفيه بعض تلخيص ، وسميت ليلة القدر ؛ لأنه تقدر فيها الآجال والأرزاق وحوادث العالم كلها وتدفع إلى الملائكة لتمتثله ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقتادة وغيرهما ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : معناه ليلة القدر العظيم والشرف ، وعظم الشأن من قولك : رجل له قدر ، وقال
أبو بكر الوراق : سميت بذلك ؛ لأنها تكسب من أحياها قدرا عظيما لم يكن له قبل ، وترده عظيما عند الله تعالى ، وقيل : سميت بذلك ؛ لأن كل العمل فيها له قدر وخطر ، وقيل : لأنه أنزل فيها كتابا ذا قدر ، على رسول ذي قدر ، لأمة ذات قدر ، وقيل : لأنه ينزل فيها ملائكة ذات قدر وخطر ، وقيل : لأنه قدر فيها الرحمة على المؤمنين ، وقال
الخليل : لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7ومن قدر عليه رزقه ) أي ضيق ، وقد اختلف السلف والخلف في
nindex.php?page=treesubj&link=26778تعيين وقتها اختلافا متعارضا جدا ، وبعضهم قال : رفعت ، والذي يدل عليه الحديث أنها لم ترفع ، وأن العشر الأخير تكون فيه ، وأنها في أوتاره ، كما قال عليه الصلاة والسلام : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375007التمسوها في الثالثة والخامسة والسابعة والتاسعة ) . وفي الصحيح : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375008من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29068وما أدراك ما ليلة القدر ) تفخيم لشأنها ، أي لم تبلغ درايتك غاية فضلها ، ثم بين له ذلك ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة : ما كان في القرآن (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=2وما أدراك ) فقد أعلمه ، وما قال : وما يدريك ، فإنه لم يعلمه ، قيل : وأخفاها الله تعالى عن عباده ليجدوا في العمل ولا يتكلوا على فضلها ويقصروا في غيرها ، والظاهر أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3ألف شهر ) يراد به حقيقة العدد ، وهي ثمانون سنة وثلاثة أعوام ،
والحسن : في ليلة القدر أفضل من العمل في هذه الشهور ، والمراد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29068خير من ألف شهر ) عار من ليلة القدر ، وعلى هذا أكثر المفسرين ، وقال
أبو العالية : خير من ألف شهر رمضان لا يكون فيها ليلة القدر . وقيل : المعنى خير من الدهر كله ، لأن العرب تذكر الألف في غاية الأشياء كلها ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=96يود أحدهم لو يعمر ألف سنة ) يعني جميع الدهر . وعوتب
الحسن بن علي على تسليمه الأمر
لمعاوية فقال : إن الله تعالى أرى في المنام نبيه صلى الله عليه وسلم
بني أمية ينزون على مقبره نزو القردة ، فاهتم لذلك ، فأعطاه الله تعالى ليلة القدر ، وهي خير من مدة ملوك
بني أمية ، وأعلمه أنهم يملكون هذا القدر من الزمان ، قال
القاسم بن الفضل الجذامي : فعددنا ذلك فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوما ولا تنقص يوما ، وخرج قريبا من معناه
الترمذي [ ص: 497 ] وقال : حديث غريب . انتهى . وقيل : آخر ملوكهم
nindex.php?page=showalam&ids=17068مروان الجعدي في آخر هذا القدر من الزمان ، ولا يعارض هذا تملك
بني أمية في
جزيرة الأندلس مدة غير هذه ؛ لأنهم كانوا في بعض أطراف الأرض وآخر عمارة العرب ، بحيث كان في إقليم العرب إذ ذاك ملوك كثيرون غيرهم ، وذكر أيضا في تخصيص هذه المدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذكر رجلا من
بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر ، فعجب المؤمنون من ذلك وتقاصرت أعمالهم ، فأعطوا ليلة هي خير من مدة ذلك الغازي ، وقيل : إن الرجل فيما مضى ما كان يقال له عابد حتى يعبد الله تعالى ألف شهر ، فأعطوا ليلة ، إن أحيوها كانوا أحق بأن يسموا عابدين من أولئك العباد ، وقال
أبو بكر الوراق : ملك كل من
سليمان وذي القرنين خمسمائة سنة ، فصار ألف شهر ، فجعل الله العمل في هذه الليلة لمن أدركها خيرا من ملكهما .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29068تنزل الملائكة والروح ) تقدم الخلاف في الروح ، أهو
جبريل ، أم رحمة ينزل بها ، أم ملك غيره ، أم أشرف الملائكة ، أم جند من غيرهم ، أم حفظة على غيرهم من الملائكة ؟ والتنزل إما إلى الأرض ، وإما إلى سماء الدنيا (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=4بإذن ربهم ) متعلق بتنزل (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29068من كل أمر ) متعلق بتنزل ومن للسبب ، أي تتنزل من أجل كل أمر قضاه الله لتلك السنة إلى قابل ( وسلام ) مستأنف ، خبر للمبتدأ الذي هو هي ، أي هي سلام إلى أول يومها ، قاله
أبو العالية ونافع المقري nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء ، وهذا على قول من قال : إن تنزلهم لتقدير الأمور لهم . وقال
أبو حاتم : من بمعنى الباء ، أي بكل أمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وعكرمة والكلبي : ( من كل امرئ ) ، أي من أجل كل إنسان ، وقيل : يراد بكل امرئ الملائكة ، أي من كل ملك تحية على المؤمنين العاملين بالعبادة ، وأنكر هذا القول
أبو حاتم (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=5سلام هي ) أي هي سلام ، جعلها سلاما لكثرة السلام فيها ، قيل : لا يلقون مؤمنا ولا مؤمنة إلا سلموا عليه في تلك الليلة ، وقال
منصور nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي : سلام بمعنى التحية ، أي تسلم الملائكة على المؤمنين . ومن قال : تنزلهم ليس لتقدير الأمور في تلك السنة ، جعل الكلام تاما عند قوله : ( بإذن ربهم ) . وقال : ( من كل أمر ) متعلق بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29068سلام هي ) أي من كل أمر مخوف ينبغي أن يسلم منه هي سلام ، وقال
مجاهد : لا يصيب أحدا فيها داء ، وقال صاحب اللوامح : وقيل معناه هي سلام من كل أمر ، وأمري سالمة أو مسلمة منه ، ولا يجوز أن يكون سلام بهذه اللفظة الظاهرة التي هي المصدر عاملا فيما قبله لامتناع تقدم معمول المصدر على المصدر . كما أن الصلة كذلك لا يجوز تقديمها على الموصول . انتهى .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : تم الكلام عند قوله : ( سلام ) ، ولفظة ( هي ) إشارة إلى أنها ليلة سبع وعشرين من الشهر ، إذ هذه الكلمة ( هي ) السابعة والعشرون من كلمات هذه السورة . انتهى . ولا يصح مثل هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وإنما هذا من باب اللغز المنزه عنه كلام الله تعالى ، وقرأ الجمهور : ( مطلع ) بفتح اللام ،
وأبو رجاء nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وابن وثاب وطلحة وابن محيصن nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وأبو عمرو : بخلاف عنه بكسرها ، فقيل : هما مصدران في لغة
بني تميم ، وقيل : المصدر بالفتح ، وموضع الطلوع بالكسر عند
أهل الحجاز .
سُورَةُ الْقَدْرِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ خَمْسُ آيَاتٍ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29068إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=2وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=4تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=5سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) .
[ ص: 496 ] هَذِهِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ ، وَحَكَى
الْمَاوَرْدِيُّ عَكْسَهُ ، وَذَكَرَ
الْوَاحِدِيُّ أَنَّهَا أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ
بِالْمَدِينَةِ ، وَفِي الْحَدِيثِ : ( أَنَّ أَرْبَعَةً عَبَدُوا اللَّهَ تَعَالَى ثَمَانِينَ سَنَةً لَمْ يَعْصُوهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ :
أَيُّوبُ وَزَكَرِيَّا وَحِزْقِيلُ وَيُوشَعُ ) فَعَجِبَ الصَّحَابَةُ مِنْ ذَلِكَ ، فَقَرَأَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) السُّورَةَ ، فُسُّرُوا بِذَلِكَ ، وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا ظَاهِرٌ ، لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) فَكَأَنَّهُ قَالَ : اقْرَأْ مَا أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْكَ مِنْ كَلَامِنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى ، وَهُوَ ضَمِيرُ الْقُرْآنِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ : أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا جُمْلَةً ، ثُمَّ نَجَّمَهُ عَلَى
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِشْرِينَ سَنَةً ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُ : إِنَّا ابْتَدَأْنَا إِنْزَالَ هَذَا الْقُرْآنِ إِلَيْكَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَرُوِيَ أَنَّ نُزُولَ الْمَلَكِ فِي
حِرَاءَ كَانَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ، وَقِيلَ الْمَعْنَى : إِنَّا أَنْزَلْنَا هَذِهِ السُّورَةَ فِي شَأْنِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَفَضْلِهَا ، وَلَمَّا كَانَتِ السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ ، جَاءَ الضَّمِيرُ لِلْقُرْآنِ تَفْخِيمًا وَتَحْسِينًا ، فَلَيْسَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ظَرْفًا لِلنُّزُولِ ، بَلْ عَلَى نَحْوِ قَوْلِ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ . وَقَوْلُ
عَائِشَةَ : لَأَنَا أَحْقَرُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : عَظَّمَ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ إِسْنَادِ إِنْزَالِهِ إِلَيَّ مُخْتَصًّا بِهِ ، وَمِنْ مَجِيئِهِ بِضَمِيرِهِ دُونَ اسْمِهِ الظَّاهِرِ شَهَادَةً لَهُ بِالنَّبَاهَةِ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنِ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ ، وَبِالرَّفْعِ مِنْ مِقْدَارِ الْوَقْتِ الَّذِي أُنْزِلُ فِيهِ . انْتَهَى ، وَفِيهِ بَعْضُ تَلْخِيصٍ ، وَسُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ؛ لِأَنَّهُ تُقَدَّرُ فِيهَا الْآجَالُ وَالْأَرْزَاقُ وَحَوَادِثُ الْعَالَمِ كُلُّهَا وَتُدْفَعُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ لِتَمْتَثِلَهُ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ : مَعْنَاهُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ الْعَظِيمِ وَالشَّرَفِ ، وَعِظَمُ الشَّأْنِ مِنْ قَوْلِكَ : رَجُلٌ لَهُ قَدْرٌ ، وَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا تُكْسِبُ مَنْ أَحْيَاهَا قَدْرًا عَظِيمًا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْلُ ، وَتَرُدُّهُ عَظِيمًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ كُلَّ الْعَمَلِ فِيهَا لَهُ قَدْرٌ وَخَطَرٌ ، وَقِيلَ : لِأَنَّهُ أَنْزَلَ فِيهَا كِتَابًا ذَا قَدْرٍ ، عَلَى رَسُولٍ ذِي قَدْرٍ ، لِأُمَّةٍ ذَاتِ قَدْرٍ ، وَقِيلَ : لِأَنَّهُ يَنْزِلُ فِيهَا مَلَائِكَةٌ ذَاتُ قَدْرٍ وَخَطَرٍ ، وَقِيلَ : لِأَنَّهُ قَدَّرَ فِيهَا الرَّحْمَةَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَقَالَ
الْخَلِيلُ : لِأَنَّ الْأَرْضَ تَضِيقُ فِيهَا بِالْمَلَائِكَةِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ) أَيْ ضُيِّقَ ، وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=26778تَعْيِينِ وَقْتِهَا اخْتِلَافًا مُتَعَارِضًا جِدًّا ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ : رُفِعَتْ ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ أَنَّهَا لَمْ تُرْفَعْ ، وَأَنَّ الْعَشْرَ الْأَخِيرَ تَكُونُ فِيهِ ، وَأَنَّهَا فِي أَوْتَارِهِ ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375007الْتَمَسُوهَا فِي الثَّالِثَةِ وَالْخَامِسَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالتَّاسِعَةِ ) . وَفِي الصَّحِيحِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375008مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29068وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) تَفْخِيمٌ لِشَأْنِهَا ، أَيْ لَمْ تَبْلُغْ دِرَايَتُكَ غَايَةَ فَضْلِهَا ، ثُمَّ بَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ : مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=2وَمَا أَدْرَاكَ ) فَقَدْ أَعْلَمَهُ ، وَمَا قَالَ : وَمَا يُدْرِيكَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ ، قِيلَ : وَأَخْفَاهَا اللَّهُ تَعَالَى عَنْ عِبَادِهِ لِيَجِدُّوا فِي الْعَمَلِ وَلَا يَتَّكِلُوا عَلَى فَضْلِهَا وَيُقَصِّرُوا فِي غَيْرِهَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3أَلْفِ شَهْرٍ ) يُرَادُ بِهِ حَقِيقَةُ الْعَدَدِ ، وَهِيَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَثَلَاثَةُ أَعْوَامٍ ،
وَالْحَسَنُ : فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَفْضَلُ مِنَ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ الشُّهُورِ ، وَالْمُرَادُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29068خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) عَارٍ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ ، وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ : خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرِ رَمَضَانَ لَا يَكُونُ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى خَيْرٌ مِنَ الدَّهْرِ كُلِّهِ ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَذْكُرُ الْأَلْفَ فِي غَايَةِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=96يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ) يَعْنِي جَمِيعَ الدَّهْرِ . وَعُوتِبَ
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى تَسْلِيمِهِ الْأَمْرَ
لِمُعَاوِيَةَ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَى فِي الْمَنَامِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَنِي أُمَيَّةَ يَنْزُونَ عَلَى مَقْبَرِهِ نَزْوَ الْقِرَدَةِ ، فَاهْتَمَّ لِذَلِكَ ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْلَةَ الْقَدْرِ ، وَهِيَ خَيْرٌ مِنْ مُدَّةِ مُلُوكِ
بَنِي أُمَيَّةَ ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ هَذَا الْقَدْرَ مِنَ الزَّمَانِ ، قَالَ
الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْجُذَامِيُّ : فَعَدَدْنَا ذَلِكَ فَإِذَا هِيَ أَلْفُ شَهْرٍ لَا تَزِيدُ يَوْمًا وَلَا تَنْقُصُ يَوْمًا ، وَخَرَّجَ قَرِيبًا مِنْ مَعْنَاهُ
التِّرْمِذِيُّ [ ص: 497 ] وَقَالَ : حَدِيثٌ غَرِيبٌ . انْتَهَى . وَقِيلَ : آخِرُ مُلُوكِهِمْ
nindex.php?page=showalam&ids=17068مَرْوَانُ الْجَعْدِيُّ فِي آخِرِ هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الزَّمَانِ ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا تَمَلُّكُ
بَنِي أُمَيَّةَ فِي
جَزِيرَةِ الْأَنْدَلُسِ مُدَّةً غَيْرَ هَذِهِ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي بَعْضِ أَطْرَافِ الْأَرْضِ وَآخِرِ عِمَارَةِ الْعَرَبِ ، بِحَيْثُ كَانَ فِي إِقْلِيمِ الْعَرَبِ إِذْ ذَاكَ مُلُوكٌ كَثِيرُونَ غَيْرُهُمْ ، وَذُكِرَ أَيْضًا فِي تَخْصِيصِ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ لَبِسَ السِّلَاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلْفَ شَهْرٍ ، فَعَجِبَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ ذَلِكَ وَتَقَاصَرَتْ أَعْمَالُهُمْ ، فَأُعْطُوا لَيْلَةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُدَّةِ ذَلِكَ الْغَازِي ، وَقِيلَ : إِنَّ الرَّجُلَ فِيمَا مَضَى مَا كَانَ يُقَالُ لَهُ عَابِدٌ حَتَّى يَعْبُدَ اللَّهَ تَعَالَى أَلْفَ شَهْرٍ ، فَأُعْطُوا لَيْلَةً ، إِنْ أَحْيَوْهَا كَانُوا أَحَقَّ بِأَنْ يُسَمَّوْا عَابِدِينَ مِنْ أُولَئِكَ الْعُبَّادِ ، وَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ : مَلَكَ كُلٌّ مِنْ
سُلَيْمَانَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ ، فَصَارَ أَلْفَ شَهْرٍ ، فَجَعَلَ اللَّهُ الْعَمَلَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لِمَنْ أَدْرَكَهَا خَيْرًا مِنْ مُلْكِهِمَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29068تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ ) تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي الرُّوحِ ، أَهُوَ
جِبْرِيلُ ، أَمْ رَحْمَةٌ يَنْزِلُ بِهَا ، أَمْ مَلَكٌ غَيْرُهُ ، أَمْ أَشْرَفُ الْمَلَائِكَةِ ، أَمْ جُنْدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ ، أَمْ حَفَظَةٌ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ؟ وَالتَّنَزُّلُ إِمَّا إِلَى الْأَرْضِ ، وَإِمَّا إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=4بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ) مُتَعَلِّقٌ بِتَنَزَّلُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29068مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) مُتَعَلِّقٌ بِتَنَزَّلُ وَمِنْ لِلسَّبَبِ ، أَيْ تَتَنَزَّلُ مِنْ أَجْلِ كُلِّ أَمْرٍ قَضَاهُ اللَّهُ لِتِلْكَ السَّنَةِ إِلَى قَابِلٍ ( وَسَلَامٌ ) مُسْتَأْنَفٌ ، خَبَرٌ لِلْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ هِيَ ، أَيْ هِيَ سَلَامٌ إِلَى أَوَّلِ يَوْمِهَا ، قَالَهُ
أَبُو الْعَالِيَةِ وَنَافِعٌ الْمُقْرِي nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّ تَنَزُّلَهُمْ لِتَقْدِيرِ الْأُمُورِ لَهُمْ . وَقَالَ
أَبُو حَاتِمٍ : مِنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ ، أَيْ بِكُلِّ أَمْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَالْكَلْبِيُّ : ( مِنْ كُلِّ امْرِئٍ ) ، أَيْ مِنْ أَجْلِ كُلِّ إِنْسَانٍ ، وَقِيلَ : يُرَادُ بِكُلِّ امْرِئٍ الْمَلَائِكَةُ ، أَيْ مِنْ كُلِّ مَلَكٍ تَحِيَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الْعَامِلِينَ بِالْعِبَادَةِ ، وَأَنْكَرَ هَذَا الْقَوْلَ
أَبُو حَاتِمٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=5سَلَامٌ هِيَ ) أَيْ هِيَ سَلَامٌ ، جَعَلَهَا سَلَامًا لِكَثْرَةِ السَّلَامِ فِيهَا ، قِيلَ : لَا يَلْقَوْنَ مُؤْمِنًا وَلَا مُؤْمِنَةً إِلَّا سَلَّمُوا عَلَيْهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، وَقَالَ
مَنْصُورٌ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيُّ : سَلَامٌ بِمَعْنَى التَّحِيَّةِ ، أَيْ تُسَلِّمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ . وَمَنْ قَالَ : تَنَزُّلُهُمْ لَيْسَ لِتَقْدِيرِ الْأُمُورِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ ، جَعَلَ الْكَلَامَ تَامًّا عِنْدَ قَوْلِهِ : ( بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ) . وَقَالَ : ( مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29068سَلَامٌ هِيَ ) أَيْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ مُخَوِّفٍ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ مِنْهُ هِيَ سَلَامٌ ، وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : لَا يُصِيبُ أَحَدًا فِيهَا دَاءٌ ، وَقَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ : وَقِيلَ مَعْنَاهُ هِيَ سَلَامٌ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ، وَأَمْرِي سَالِمَةٌ أَوْ مُسَلَّمَةٌ مِنْهُ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَلَامٌ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي هِيَ الْمَصْدَرُ عَامِلًا فِيمَا قَبْلَهُ لِامْتِنَاعِ تَقَدُّمِ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْمَصْدَرِ . كَمَا أَنَّ الصِّلَةَ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْمَوْصُولِ . انْتَهَى .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ : ( سَلَامٌ ) ، وَلَفْظَةُ ( هِيَ ) إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ ، إِذْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ ( هِيَ ) السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ كَلِمَاتِ هَذِهِ السُّورَةِ . انْتَهَى . وَلَا يَصِحُّ مِثْلُ هَذَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَإِنَّمَا هَذَا مِنْ بَابِ اللُّغْزِ الْمُنَزَّهِ عَنْهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( مَطْلَعِ ) بِفَتْحِ اللَّامِ ،
وَأَبُو رَجَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَابْنُ وَثَّابٍ وَطَلْحَةُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو : بِخِلَافٍ عَنْهُ بِكَسْرِهَا ، فَقِيلَ : هُمَا مَصْدَرَانِ فِي لُغَةِ
بَنِي تَمِيمٍ ، وَقِيلَ : الْمَصْدَرُ بِالْفَتْحِ ، وَمَوْضِعُ الطُّلُوعِ بِالْكَسْرِ عِنْدَ
أَهْلِ الْحِجَازِ .