سورة الإخلاص مكية وهي أربع آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قل هو الله أحد nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=2الله الصمد nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لم يلد ولم يولد nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4ولم يكن له كفوا أحد ) .
الصمد : فعل بمعنى مفعول من صمد إليه إذا قصده ، وهو السيد المصمود إليه في الحوائج ويستقل بها ، قال :
ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود بالسيد الصمد
وقال آخر :
علوته بحسام ثم قلت له خذها خزيت فأنت السيد الصمد
الكفو : النظير .
(
nindex.php?page=treesubj&link=29083nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قل هو الله أحد nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=2الله الصمد nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لم يلد ولم يولد nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4ولم يكن له كفوا أحد ) هذه السورة مكية في قول
عبد الله ،
والحسن ،
وعكرمة ،
وعطاء ،
ومجاهد ،
وقتادة ، مدنية في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب وأبي العالية والضحاك .
ولما تقدم فيما قبلها عداوة أقرب الناس إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو عمه
أبو لهب ، وما كان يقاسي من عباد الأصنام الذين اتخذوا مع الله آلهة ، جاءت هذه السورة مصرحة بالتوحيد ، رادة على عباد الأوثان والقائلين بالثنوية وبالتثليث وبغير ذلك من
[ ص: 528 ] المذاهب المخالفة للتوحيد .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أن
اليهود قالوا : يا
محمد صف لنا ربك وانسبه ، فنزلت ، وعن
أبي العالية ، قال قادة الأحزاب : انسب لنا ربك ، فنزلت ، فإن صح هذا السبب ، كان هو ضميرا عائدا على الرب ، أي (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قل هو الله ) أي ربي الله ، ويكون مبتدأ وخبرا ، وأحد خبر ثان ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وأحد بدل من قوله : ( الله ) أو على هو أحد . انتهى . وإن لم يصح السبب ، فهو ضمير الأمر ، والشأن مبتدأ ، والجملة بعده مبتدأ وخبر في موضع خبر هو ، وأحد بمعنى واحد ، أي فرد من جميع جهات الوحدانية ، أي في ذاته وصفاته لا يتجزأ ، وهمزة أحد هذا بدل من واو ، وإبدال الهمزة مفتوحة من الواو قليل ، من ذلك امرأة أناة ، يريدون وناة ؛ لأنه من الوني وهو الفتور ، كما أن أحدا من الوحدة .
وقال
ثعلب : بين واحد وأحد فرق ، الواحد يدخله العدد والجمع والاثنان ، والأحد لا يدخله ، يقال : الله أحد ، ولا يقال : زيد أحد ؛ لأن الله خصوصية له الأحد ، وزيد تكون منه حالات . انتهى . وما ذكر من أن أحدا لا يدخله ما ذكر منقوض بالعدد ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11795أبان بن عثمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ،
ونصر بن عاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
والحسن ،
وابن أبي إسحاق ،
وأبو السمال ،
وأبو عمرو في رواية
يونس ،
ومحبوب ،
nindex.php?page=showalam&ids=13721والأصمعي ،
واللؤلؤي ،
وعبيد ،
وهارون عنه : ( أحد الله ) بحذف التنوين لالتقائه مع لام التعريف وهو موجود في كلام العرب وأكثر ما يوجد في الشعر نحو قوله :
ولا ذاكرا الله إلا قليلا
ونحو قوله :
عمرو الذي هشم الثريد لقومه
(
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=2الله الصمد ) مبتدأ وخبر ، والأفصح أن تكون هذه جملا مستقلة بالأخبار على سبيل الاستئناف ، كما تقول : زيد العالم زيد الشجاع ، وقيل : الصمد صفة ، والخبر في الجملة بعده ، وتقدم شرح الصمد في المفردات ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ،
ويمان بن رياب : هو الذي لا يأكل ولا يشرب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب : يفسره ما بعده ، وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لم يلد ولم يولد ) . وقال
الحسن : (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=2الصمد ) : المصمت الذي لا جوف له ، ومنه قوله :
شهاب حروب لا تزال جياده عوابس يعلكن الشكيم المصمدا
وفي كتاب التحرير أقوال غير هذه لا تساعد عليها اللغة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : لا خلاف بين أهل اللغة أن الصمد هو السيد الذي ليس فوقه أحد ، الذي يصمد إليه الناس في أمورهم وحوائجهم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لم يلد ) لأنه لا يجانس حتى تكون له من جنسه صاحبة فيتوالدا ، ودل على هذا المعنى بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3ولم يولد ) لأن كل مولود محدث وجسم ، وهو قديم لا أول لوجوده ، وليس بجسم ولم يكافئه أحد ، يقال له كفو ، بضم الكاف وكسرها وفتحها مع سكون الفاء ، وبضم الكاف مع ضم الفاء ، وقرأ
حمزة وحفص : بضم الكاف وإسكان الفاء ، وهمز حمزة ، وأبدلها حفص واوا ، وباقي السبعة : بضمهما والهمز ، وسهل الهمزة
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج وأبو جعفر ،
وشيبة ونافع ، وفي رواية عن
نافع أيضا ( كفا ) من غير همز ، نقل حركة الهمزة إلى الفاء وحذف الهمزة ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16045سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس : ( كفاء ) بكسر الكاف وفتح الفاء والمد ، كما قال
النابغة :
لا تقذفني بركن لا كفاء له
الأعلم لا كفاء له : لا مثيل له ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي :
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه يختار أن يكون الظرف خبرا إذا قدمه ، وقد خطأه
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد بهذه الآية ، لأنه قدم الظرف ولم يجعله خبرا ، والجواب أن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه لم يمنع إلغاء الظرف إذا تقدم ، إنما أجاز أن يكون خبرا وأن لا يكون خبرا ، ويجوز أن يكون حالا من النكرة ، وهي أحد لما تقدم نعتها عليها نصب على الحال ، فيكون له الخبر على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه واختياره ، ولا يكون
للمبرد حجة على هذا القول . انتهى . وخرجه
ابن عطية أيضا على الحال .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : الكلام العربي الفصيح أن يؤخر الظرف الذي هو لغو غير مستقر ولا يقدم ، وقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه على ذلك في كتابه ، فما باله مقدما في أفصح الكلام وأعربه ؟ قلت : هذا
[ ص: 529 ] الكلام إنما سيق لنفي المكافأة عن ذات الباري سبحانه وتعالى ، وهذا المعنى مصبه ومركزه هو هذا الظرف ، فكان لذلك أهم شيء وأعناه وأحقه بالتقديم وأحراه . انتهى .
وهذه الجملة ليست من هذا الباب ، وذلك أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4ولم يكن له كفوا أحد ) ليس الجار والمجرور فيه تاما ، إنما هو ناقص لا يصلح أن يكون خبرا لكان ، بل هو متعلق ب (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4كفوا ) وقدم عليه ، فالتقدير : ولم يكن أحد كفوا له ، أي مكافئه ، فهو في معنى المفعول متعلق بكفوا ، وتقدم على كفوا للاهتمام به ، إذ فيه ضمير الباري تعالى ، وتوسط الخبر ، وإن كان الأصل التأخر ؛ لأن تأخر الاسم هو فاصلة فحسن ذلك ، وعلى هذا الذي قررناه يبطل إعراب
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي وغيره أن له الخبر وكفوا حال من أحد ؛ لأنه ظرف ناقص لا يصلح أن يكون خبرا ، وبذلك يبطل سؤال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وجوابه .
nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه إنما تكلم في هذا الظرف الذي يصلح أن يكون خبرا ، ويصلح أن يكون غير خبر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : وتقول : ما كان فيها أحد خيرا منك ، وما كان أحد مثلك فيها ، وليس أحد فيها خير منك ، إذا جعلت فيها مستقرا ولم تجعله على قولك : فيها زيد قائم ، أجريت الصفة على الاسم ، فإن جعلته على : فيها زيد قائم ، نصبت فتقول : ما كان فيها أحد خيرا منك ، وما كان أحد خيرا منك فيها ، إلا أنك إذا أردت الإلغاء ، فكلما أخرت الملغى كان أحسن ، وإذا أردت أن يكون مستقرا ، فكلما قدمته كان أحسن ، والتقديم والتأخير والإلغاء والاستقرار عربي جيد كثير ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4ولم يكن له كفوا أحد ) ، وقال الشاعر :
ما دام فيهن فصيل حيا
انتهى ، وما نقلناه ملخصا ، وهو بألفاظ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، فأنت ترى كلامه وتمثيله بالظرف الذي يصلح أن يكون خبرا ، ومعنى قوله : مستقرا ، أي خبرا للمبتدأ ولكان ، فإن قلت : فقد مثل بالآية الكريمة ، قلت : هذا الذي أوقع مكيا
nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري وغيرهما فيما وقعوا فيه ، وإنما أراد
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أن الظرف التام وهو في قوله :
ما دام فيهن فصيل حيا
أجرى فضلة لا خبرا ، كما أن له في الآية أجرى فضلة ، فجعل الظرف القابل أن يكون خبرا كالظرف الناقص في كونه لم يستعمل خبرا ، ولا يشك من له ذهن صحيح أنه لا ينعقد كلام من قوله : ولم يكن له أحد ، بل لو تأخر " كفوا " وارتفع على الصفة وجعل له خبرا ، لم ينعقد منه كلام ، بل أنت ترى أن النفي لم يتسلط إلا على الخبر الذي هو كفو ، وله متعلق به ، والمعنى : ولم يكن له أحد مكافئه ، وقد جاء في فضل هذه السورة أحاديث كثيرة ، ومنها أنها تعدل ثلث القرآن ، وقد تكلم العلماء على ذلك ، وليس هذا موضعه ، والله الموفق .
سُورَةُ الْإِخْلَاصِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ أَرْبَعُ آيَاتٍ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=2اللَّهُ الصَّمَدُ nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) .
الصَّمَدُ : فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ صَمَدَ إِلَيْهِ إِذَا قَصَدَهُ ، وَهُوَ السَّيِّدُ الْمَصْمُودُ إِلَيْهِ فِي الْحَوَائِجِ وَيَسْتَقِلُّ بِهَا ، قَالَ :
أَلَا بَكَّرَ النَّاعِي بِخَيْرِ بَنِي أَسَدِ بِعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ بِالسَّيِّدِ الصَّمَدِ
وَقَالَ آخَرُ :
عَلَوْتُهُ بِحُسَامٍ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ خُذْهَا خَزِيتَ فَأَنْتَ السَّيِّدُ الصَّمَدُ
الْكُفُوُ : النَّظِيرُ .
(
nindex.php?page=treesubj&link=29083nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=2اللَّهُ الصَّمَدُ nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ
عَبْدِ اللَّهِ ،
وَالْحَسَنِ ،
وَعِكْرِمَةَ ،
وَعَطَاءٍ ،
وَمُجَاهِدٍ ،
وَقَتَادَةَ ، مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=14980وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَالضَّحَّاكِ .
وَلَمَّا تَقَدَّمَ فِيمَا قَبْلَهَا عَدَاوَةُ أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ عَمُّهُ
أَبُو لَهَبٍ ، وَمَا كَانَ يُقَاسِي مِنْ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَعَ اللَّهِ آلِهَةً ، جَاءَتْ هَذِهِ السُّورَةُ مُصَرِّحَةً بِالتَّوْحِيدِ ، رَادَّةً عَلَى عُبَّادِ الْأَوْثَانِ وَالْقَائِلِينَ بِالثَّنَوِيَّةِ وَبِالتَّثْلِيثِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ
[ ص: 528 ] الْمَذَاهِبِ الْمُخَالِفَةِ لِلتَّوْحِيدِ .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ
الْيَهُودَ قَالُوا : يَا
مُحَمَّدُ صِفْ لَنَا رَبَّكَ وَانْسُبْهُ ، فَنَزَلَتْ ، وَعَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ ، قَالَ قَادَةُ الْأَحْزَابِ : انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ ، فَنَزَلَتْ ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا السَّبَبُ ، كَانَ هُوَ ضَمِيرًا عَائِدًا عَلَى الرَّبِّ ، أَيْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قُلْ هُوَ اللَّهُ ) أَيْ رَبِّي اللَّهُ ، وَيَكُونُ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا ، وَأَحَدٌ خَبَرٌ ثَانٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَأَحَدٌ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ : ( اللَّهُ ) أَوْ عَلَى هُوَ أَحَدٌ . انْتَهَى . وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ السَّبَبُ ، فَهُوَ ضَمِيرُ الْأَمْرِ ، وَالشَّأْنُ مُبْتَدَأٌ ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فِي مَوْضِعِ خَبَرِ هُوَ ، وَأَحَدٌ بِمَعْنَى وَاحِدٍ ، أَيْ فَرْدٌ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِ الْوَحْدَانِيَّةِ ، أَيْ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ لَا يَتَجَزَّأُ ، وَهَمْزَةُ أَحَدٍ هَذَا بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ ، وَإِبْدَالُ الْهَمْزَةِ مَفْتُوحَةً مِنَ الْوَاوِ قَلِيلٌ ، مِنْ ذَلِكَ امْرَأَةٌ أَنَاةٌ ، يُرِيدُونَ وَنَاةً ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْوَنْيِ وَهُوَ الْفُتُورُ ، كَمَا أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْوَحْدَةِ .
وَقَالَ
ثَعْلَبٌ : بَيْنَ وَاحِدٍ وَأَحَدٍ فَرْقٌ ، الْوَاحِدُ يَدْخُلُهُ الْعَدَدُ وَالْجَمْعُ وَالِاثْنَانِ ، وَالْأَحَدُ لَا يَدْخُلُهُ ، يُقَالُ : اللَّهُ أَحَدٌ ، وَلَا يُقَالُ : زَيْدٌ أَحَدٌ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ الْأَحَدُ ، وَزَيْدٌ تَكُونُ مِنْهُ حَالَاتٌ . انْتَهَى . وَمَا ذَكَرَ مِنْ أَنْ أَحَدًا لَا يَدْخُلُهُ مَا ذُكِرَ مَنْقُوضٌ بِالْعَدَدِ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11795أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ،
وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وَابْنُ سِيرِينَ ،
وَالْحَسَنُ ،
وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ،
وَأَبُو السَّمَّالِ ،
وَأَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ
يُونُسَ ،
وَمَحْبُوبٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13721وَالْأَصْمَعِيُّ ،
وَاللُّؤْلُؤِيُّ ،
وَعُبَيْدٌ ،
وَهَارُونُ عَنْهُ : ( أَحَدُ اللَّهُ ) بِحَذْفِ التَّنْوِينِ لِالْتِقَائِهِ مَعَ لَامِ التَّعْرِيفِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَأَكْثَرُ مَا يُوجَدُ فِي الشِّعْرِ نَحْوَ قَوْلِهِ :
وَلَا ذَاكِرَا اللَّهَ إِلَّا قَلِيلَا
وَنَحْوَ قَوْلِهِ :
عَمْرُو الَّذِي هَشَّمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=2اللَّهُ الصَّمَدُ ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ ، وَالْأَفْصَحُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ جُمَلًا مُسْتَقِلَّةً بِالْأَخْبَارِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِئْنَافِ ، كَمَا تَقُولُ : زَيْدٌ الْعَالِمُ زَيْدٌ الشُّجَاعُ ، وَقِيلَ : الصَّمَدُ صِفَةٌ ، وَالْخَبَرُ فِي الْجُمْلَةِ بَعْدَهُ ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الصَّمَدِ فِي الْمُفْرَدَاتِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ ،
وَيَمَانُ بْنُ رِيَابٍ : هُوَ الَّذِي لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ : يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ) . وَقَالَ
الْحَسَنُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=2الصَّمَدُ ) : الْمُصْمَتُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ :
شِهَابُ حُرُوبٍ لَا تَزَالُ جِيَادُهُ عَوَابِسَ يَعْلِكْنَ الشَّكِيمَ الْمُصْمَدَا
وَفِي كِتَابِ التَّحْرِيرِ أَقْوَالٌ غَيْرُ هَذِهِ لَا تُسَاعِدُ عَلَيْهَا اللُّغَةُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : لَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الصَّمَدَ هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ أَحَدٌ ، الَّذِي يَصْمِدُ إِلَيْهِ النَّاسُ فِي أُمُورِهِمْ وَحَوَائِجِهِمْ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لَمْ يَلِدْ ) لِأَنَّهُ لَا يُجَانَسُ حَتَّى تَكُونَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ صَاحِبَةٌ فَيَتَوَالَدَا ، وَدَلَّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3وَلَمْ يُولَدْ ) لِأَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ مُحْدَثٌ وَجِسْمٌ ، وَهُوَ قَدِيمٌ لَا أَوَّلَ لِوُجُودِهِ ، وَلَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَمْ يُكَافِئْهُ أَحَدٌ ، يُقَالُ لَهُ كُفُوٌ ، بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِهَا مَعَ سُكُونِ الْفَاءِ ، وَبِضَمِّ الْكَافِ مَعَ ضَمِّ الْفَاءِ ، وَقَرَأَ
حَمْزَةُ وَحَفْصٌ : بِضَمِّ الْكَافِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ ، وَهَمَزَ حَمْزَةُ ، وَأَبْدَلَهَا حَفْصٌ وَاوًا ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ : بِضَمِّهِمَا وَالْهَمْزِ ، وَسَهَّلَ الْهَمْزَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجُ وَأَبُو جَعْفَرٍ ،
وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ
نَافِعٍ أَيْضًا ( كُفًا ) مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ ، نَقَلَ حَرَكَةَ الْهَمْزَةِ إِلَى الْفَاءِ وَحَذَفَ الْهَمْزَةَ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16045سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ : ( كِفَاءً ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَالْمَدِّ ، كَمَا قَالَ
النَّابِغَةُ :
لَا تَقْذِفَنِّي بِرُكْنٍ لَا كِفَاءَ لَهُ
الْأَعْلَمُ لَا كِفَاءَ لَهُ : لَا مَثِيلَ لَهُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٌّ :
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ يَخْتَارُ أَنْ يَكُونَ الظَّرْفُ خَبَرًا إِذَا قَدَّمَهُ ، وَقَدْ خَطَّأَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، لِأَنَّهُ قَدَّمَ الظَّرْفَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ خَبَرًا ، وَالْجَوَابُ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ لَمْ يَمْنَعْ إِلْغَاءَ الظَّرْفِ إِذَا تَقَدَّمَ ، إِنَّمَا أَجَازَ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا وَأَنْ لَا يَكُونَ خَبَرًا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ النَّكِرَةِ ، وَهِيَ أَحَدٌ لَمَّا تَقَدَّمَ نَعْتُهَا عَلَيْهَا نُصِبَ عَلَى الْحَالِ ، فَيَكُونُ لَهُ الْخَبَرُ عَلَى مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ وَاخْتِيَارِهِ ، وَلَا يَكُونُ
لِلْمُبَرِّدِ حُجَّةٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ . انْتَهَى . وَخَرَّجَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ أَيْضًا عَلَى الْحَالِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : الْكَلَامُ الْعَرَبِيُّ الْفَصِيحُ أَنْ يُؤَخَّرَ الظَّرْفُ الَّذِي هُوَ لَغْوٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَلَا يُقَدَّمُ ، وَقَدْ نَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ ، فَمَا بَالُهُ مُقَدَّمًا فِي أَفْصَحِ الْكَلَامِ وَأَعْرَبِهِ ؟ قُلْتُ : هَذَا
[ ص: 529 ] الْكَلَامُ إِنَّمَا سِيقَ لِنَفْيِ الْمُكَافَأَةِ عَنْ ذَاتِ الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَصَبُّهُ وَمَرْكَزُهُ هُوَ هَذَا الظَّرْفُ ، فَكَانَ لِذَلِكَ أَهَمُّ شَيْءٍ وَأَعْنَاهُ وَأَحَقُّهُ بِالتَّقْدِيمِ وَأَحْرَاهُ . انْتَهَى .
وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْبَابِ ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) لَيْسَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِيهِ تَامًّا ، إِنَّمَا هُوَ نَاقِصٌ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِكَانَ ، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4كُفُوًا ) وَقُدِّمَ عَلَيْهِ ، فَالتَّقْدِيرُ : وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ كُفُوًا لَهُ ، أَيْ مُكَافِئَهُ ، فَهُوَ فِي مَعْنَى الْمَفْعُولِ مُتَعَلِّقٌ بِكُفُوًا ، وَتَقَدَّمَ عَلَى كُفُوًا لِلِاهْتِمَامِ بِهِ ، إِذْ فِيهِ ضَمِيرُ الْبَارِي تَعَالَى ، وَتَوَسَّطَ الْخَبَرُ ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ التَّأَخُّرَ ؛ لِأَنَّ تَأَخُّرَ الِاسْمِ هُوَ فَاصِلَةٌ فَحَسُنَ ذَلِكَ ، وَعَلَى هَذَا الَّذِي قَرَّرْنَاهُ يَبْطُلُ إِعْرَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٍّ وَغَيْرِهِ أَنَّ لَهُ الْخَبَرَ وَكُفُوًا حَالٌ مِنْ أَحَدٍ ؛ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ نَاقِصٌ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا ، وَبِذَلِكَ يَبْطُلُ سُؤَالُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ وَجَوَابُهُ .
nindex.php?page=showalam&ids=16076وَسِيبَوَيْهِ إِنَّمَا تَكَلَّمَ فِي هَذَا الظَّرْفِ الَّذِي يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا ، وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ خَبَرٍ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : وَتَقُولُ : مَا كَانَ فِيهَا أَحَدٌ خَيْرًا مِنْكَ ، وَمَا كَانَ أَحَدٌ مِثْلَكَ فِيهَا ، وَلَيْسَ أَحَدٌ فِيهَا خَيْرٌ مِنْكَ ، إِذَا جَعَلْتَ فِيهَا مُسْتَقِرًّا وَلَمْ تَجْعَلْهُ عَلَى قَوْلِكَ : فِيهَا زَيْدٌ قَائِمٌ ، أُجْرِيَتِ الصِّفَةُ عَلَى الِاسْمِ ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ عَلَى : فِيهَا زَيْدٌ قَائِمٌ ، نَصَبْتَ فَتَقُولُ : مَا كَانَ فِيهَا أَحَدٌ خَيْرًا مِنْكَ ، وَمَا كَانَ أَحَدٌ خَيْرًا مِنْكَ فِيهَا ، إِلَّا أَنَّكَ إِذَا أَرَدْتَ الْإِلْغَاءَ ، فَكُلَّمَا أَخَّرْتَ الْمُلْغَى كَانَ أَحْسَنَ ، وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِرًّا ، فَكُلَّمَا قَدَّمْتَهُ كَانَ أَحْسَنَ ، وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ وَالْإِلْغَاءُ وَالِاسْتِقْرَارُ عَرَبِيٌّ جَيِّدٌ كَثِيرٌ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) ، وَقَالَ الشَّاعِرُ :
مَا دَامَ فِيهِنَّ فَصِيلٌ حَيًّا
انْتَهَى ، وَمَا نَقَلْنَاهُ مُلَخَّصًا ، وَهُوَ بِأَلْفَاظِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، فَأَنْتَ تَرَى كَلَامَهُ وَتَمْثِيلَهُ بِالظَّرْفِ الَّذِي يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ : مُسْتَقِرًّا ، أَيْ خَبَرًا لِلْمُبْتَدَأِ وَلِكَانَ ، فَإِنْ قُلْتَ : فَقَدْ مَثَّلَ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ، قُلْتُ : هَذَا الَّذِي أَوْقَعَ مَكِّيًّا
nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيَّ وَغَيْرَهُمَا فِيمَا وَقَعُوا فِيهِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَنَّ الظَّرْفَ التَّامَّ وَهُوَ فِي قَوْلِهِ :
مَا دَامَ فِيهِنَّ فَصِيلٌ حَيًّا
أَجْرَى فَضْلَةً لَا خَبَرًا ، كَمَا أَنَّ لَهُ فِي الْآيَةِ أَجْرَى فَضْلَةً ، فَجَعَلَ الظَّرْفَ الْقَابِلَ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا كَالظَّرْفِ النَّاقِصِ فِي كَوْنِهِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ خَبَرًا ، وَلَا يَشُكُّ مَنْ لَهُ ذِهْنٌ صَحِيحٌ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ كَلَامٌ مِنْ قَوْلِهِ : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ ، بَلْ لَوْ تَأَخَّرَ " كُفُوًا " وَارْتَفَعَ عَلَى الصِّفَةِ وَجُعِلَ لَهُ خَبَرًا ، لَمْ يَنْعَقِدْ مِنْهُ كَلَامٌ ، بَلْ أَنْتَ تَرَى أَنَّ النَّفْيَ لَمْ يَتَسَلَّطْ إِلَّا عَلَى الْخَبَرِ الَّذِي هُوَ كُفُوٌ ، وَلَهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ ، وَالْمَعْنَى : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ مُكَافِئَهُ ، وَقَدْ جَاءَ فِي فَضْلِ هَذِهِ السُّورَةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ ، وَمِنْهَا أَنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ، وَقَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ .