سورة الفلق مكية وهي خمس آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=1قل أعوذ برب الفلق nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=2من شر ما خلق nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=3ومن شر غاسق إذا وقب nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=4ومن شر النفاثات في العقد nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=5ومن شر حاسد إذا حسد )
الفلق : فعل بمعنى مفعول ، وتأتي أقوال أهل التفسير فيه إن شاء الله تعالى ، وقب الليل : أظلم ، والشمس : غابت ، والعذاب : حل ، قال الشاعر :
وقب العذاب عليهم فكأنهم لحقتهم نار السموم فأحصدوا
[ ص: 530 ] النفث : شبه النفخ دون تفل بريق ، قاله
ابن عطية : وقيل : نفخ بريق معه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وقال صاحب اللوامح : شبه النفخ من الفم في الرقبة ولا ريق معه ، فإذا كان بريق فهو التفل ، قال الشاعر :
فإن أبرأ فلم أنفث عليه وإن يفقد فحق له الفقود
(
nindex.php?page=treesubj&link=29084nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=1قل أعوذ برب الفلق nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=2من شر ما خلق nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=3ومن شر غاسق إذا وقب nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=4ومن شر النفاثات في العقد nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=5ومن شر حاسد إذا حسد ) .
هذه السورة مكية في قول
الحسن وعطاء وعكرمة وجابر ، ورواية
كريب عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مدنية ، في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في رواية
صالح وقتادة وجماعة ، قيل : وهو الصحيح ، وسبب نزول المعوذتين قصة سحر
لبيد بن الأعصم اليهودي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو جف ، والجف قشر الطلع فيه مشاطة رأسه عليه الصلاة والسلام وأسنان مشطه ، ووتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغروز بالإبر ، فأنزلت عليه المعوذتان ، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد في نفسه خفة حتى انحلت العقدة الأخيرة ، فقام فكأنما نشط من عقال ، ولما شرح أمر الإلهية في السورة قبلها ، شرح ما يستعاذ منه بالله من الشر الذي في العالم ومراتب مخلوقاته ، والفلق : الصبح ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله ومجاهد وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير والقرطبي وابن زيد ، وفي المثل : هو أبين من فلق الصبح ومن فرق الصبح ، وقال الشاعر :
يا ليلة لم أنمها بت مرتقبا أرعى النجوم إلى أن قدر الفلق
وقال الشاعر يصف الثور الوحشي :
حتى إذا ما انجلى عن وجهه فلق هاديه في أخريات الليل منتصب
وقيل : الفلق : كل ما يفلقه الله تعالى ، كالأرض والنبات والجبال عن العيون ، والسحاب عن المطر ، والأرحام عن الأولاد ، والحب والنوى وغير ذلك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا وجماعة من الصحابة والتابعين : الفلق : جب في جهنم ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : لما اطمأن من الأرض الفلق ، وجمعه فلقان ، وقيل : واد في جهنم . وقال بعض الصحابة : بيت في جهنم ، إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره .
وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=2من شر ما خلق ) بإضافة شر إلى ما ، وما عام يدخل فيه جميع من يوجد منه الشر من حيوان مكلف وغير مكلف وجماد ، كالإحراق بالنار ، والإغراق بالبحر ، والقتل بالسم ، وقرأ
عمرو بن فايد : ( من شر ) بالتنوين ، وقال
ابن عطية : وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد ، وبعض
المعتزلة القائلين بأن الله تعالى لم يخلق الشر : ( من شر ) بالتنوين ، ما خلق على النفي ، وهي قراءة مردودة مبنية على مذهب باطل ، الله خالق كل شيء ، ولهذه القراءة وجه غير النفي ، فلا ينبغي أن ترد ، وهو أن يكون ( ما خلق ) بدلا من ( شر ) على تقدير محذوف ، أي من شر شر ما خلق ، فحذف لدلالة شر الأول عليه ، أطلق أولا ثم عم ثانيا . والغاسق : الليل ، ووقب : أظلم ودخل على الناس ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والحسن ومجاهد ، وزمكه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري على عادته فقال : والغاسق : الليل إذا اعتكر ظلامه ، من قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78إلى غسق الليل ) ومنه : غسقت العين : امتلأت دمعا ، وغسقت الجراحة : امتلأت دما ، ووقوبه : دخول ظلامه في كل شيء . انتهى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : هو الليل ؛ لأنه أبرد من النهار ، والغاسق : البارد ، استعيذ من شره لأنه فيه تنبث الشياطين والهوام والحشرات وأهل الفتك ، قال الشاعر :
[ ص: 531 ] يا طيف هند لقد أبقيت لي أرقا إذ جئتنا طارقا والليل قد غسقا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب : النهار دخل في الليل ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب : المراد بالغاسق : الشمس إذا غربت . وقال
القتبي وغيره : هو القمر إذا دخل في ساهوره فخسف . وفي الحديث : (
نظر صلى الله عليه وسلم إلى القمر فقال : يا عائشة ، نعوذ بالله من هذا ، فإنه الغاسق إذا وقب ) . وعنه صلى الله عليه وسلم : (
الغاسق النجم ) . وقال
ابن زيد عن العرب : الغاسق : الثريا إذا سقطت ، وكانت الأسقام والطاعون تهيج عند ذلك ، وقيل : الحية إذا لدغت ، والغاسق سم نابها لأنه يسيل منه ، والنفاثات : النساء ، أو النفوس ، أو الجماعات السواحر ، يعقدن عقدا في خيوط وينفثن عليها ويرقين ، وقرأ الجمهور : ( النفاثات ) ،
والحسن : بضم النون ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر والحسن أيضا
وعبد الله بن القاسم ،
ويعقوب في رواية ( النافثات ) ،
والحسن أيضا
وأبو الربيع : ( النفثات ) بغير ألف ، نحو ( الخدرات ) ، والاستعاذة من شرهن هو ما يصيب الله تعالى به من الشر عند فعلهن ذلك .
وسبب نزول هاتين المعوذتين ينفي ما تأوله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري من قوله : ويجوز أن يراد به النساء ذات الكيادات من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28إن كيدكن عظيم ) تشبيها لكيدهن بالسحر والنفث في العقد ، أو اللاتي يفتن الرجال بتعرضهن لهم ، وعرضهن محاسنهن ، كأنهن يسحرنهم بذلك . انتهى .
وقال
ابن عطية : وهذا النفث هو على عقد تعقد في خيوط ونحوها على اسم المسحور فيؤذى بذلك ، وهذا الشأن في زماننا موجود شائع في صحراء المغرب ، وحدثني ثقة أنه رأى عند بعضهم خيطا أحمر قد عقدت فيه عقد على فصلان ، فمنعت من رضاع أمهاتها بذلك ، فكان إذا حل عقدة جرى ذلك الفصيل إلى أمه في الحين فرضع . انتهى .
وقيل : الغاسق الحاسد بالطرف ؛ لأنه إذا لم يدخل الليل لا يكون منسوبا إليه ، وكذا كل ما فسر به الغاسق ، وكذلك الحاسد ، لا يؤثر حسده إذا أظهره بأن يحتال للمحسود فيما يؤذيه ، أما إذا لم يظهر الحسد ، فإنما يتأذى به هو لا المحسود ، لاغتمامه بنعمة غيره ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يراد بشر الحاسد إثمه وسماجة حاله في وقت حسده وإظهار أثره . انتهى .
وعم أولا فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=2من شر ما خلق ) ثم خص هذه لخفاء شرها ، إذ يجيء من حيث لا يعلم ، وقالوا : شر العداة المراجي بكيدك من حيث لا تشعر ، ونكر ( غاسق ، وحاسد ) وعرف ( النفاثات ) ؛ لأن كل نفاثة شريرة ، وكل غاسق لا يكون فيه الشر إنما يكون في بعض دون بعض ، وكذلك كل حاسد لا يضر ، ورب حسد محمود ، وهو الحسد في الخيرات ، ومنه : لا حسد إلا في اثنتين ، ومنه قول
أبي تمام :
وما حاسد في المكرمات بحاسد
وقال آخر :
إن العلا حسن في مثلها الحسد
وقول المنظور إليه للحاسد ، إذا نظر الخمس على عينيك يعني به هذه السورة ، لأنها خمس آيات ، وعين الحاسد في الغالب واقعة نعوذ بالله من شرها .
سُورَةُ الْفَلَقِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ خَمْسُ آيَاتٍ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=1قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=2مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=3وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=4وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=5وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ )
الْفَلَقُ : فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ، وَتَأْتِي أَقْوَالُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَقَبَ اللَّيْلُ : أَظْلَمَ ، وَالشَّمْسُ : غَابَتْ ، وَالْعَذَابُ : حَلَّ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
وَقَبَ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ فَكَأَنَّهُمْ لَحِقَتْهُمْ نَارُ السَّمُومِ فَأُحْصِدُوا
[ ص: 530 ] النَّفْثُ : شِبْهُ النَّفْخِ دُونَ تَفْلٍ بِرِيقٍ ، قَالَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقِيلَ : نَفْخٌ بِرِيقٍ مَعَهُ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَقَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ : شِبْهُ النَّفْخِ مِنَ الْفَمِ فِي الرَّقَبَةِ وَلَا رِيقَ مَعَهُ ، فَإِذَا كَانَ بِرِيقٍ فَهُوَ التَّفْلُ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
فَإِنْ أَبْرَأْ فَلَمْ أَنْفِثْ عَلَيْهِ وَإِنْ يُفْقَدْ فَحَقَّ لَهُ الْفُقُودُ
(
nindex.php?page=treesubj&link=29084nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=1قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=2مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=3وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=4وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=5وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) .
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ
الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ وَجَابِرٍ ، وَرِوَايَةُ
كُرَيْبٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ مَدَنِيَّةٌ ، فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ
صَالِحٍ وَقَتَادَةَ وَجَمَاعَةٍ ، قِيلَ : وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَسَبَبُ نُزُولِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ قِصَّةُ سَحْرِ
لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ الْيَهُودِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ جُفٌّ ، وَالْجُفُّ قِشْرُ الطَّلْعِ فِيهِ مُشَاطَةُ رَأْسِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَأَسْنَانُ مُشْطِهِ ، وَوَتَرٌ مَعْقُودٌ فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً مَغْرُوزٌ بِالْإِبَرِ ، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ الْمُعَوِّذَتَانِ ، فَجَعَلَ كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، وَوَجَدَ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً حَتَّى انْحَلَّتِ الْعُقْدَةُ الْأَخِيرَةُ ، فَقَامَ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ ، وَلَمَّا شَرَحَ أَمْرَ الْإِلَهِيَّةِ فِي السُّورَةِ قَبْلَهَا ، شَرَحَ مَا يُسْتَعَاذُ مِنْهُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّرِّ الَّذِي فِي الْعَالَمِ وَمَرَاتِبِ مَخْلُوقَاتِهِ ، وَالْفَلَقُ : الصُّبْحُ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=36وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ وَالْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ زَيْدٍ ، وَفِي الْمَثَلِ : هُوَ أَبْيَنُ مِنْ فَلَقِ الصُّبْحِ وَمِنْ فَرَقِ الصُّبْحِ ، وَقَالَ الشَّاعِرُ :
يَا لَيْلَةً لَمْ أَنَمْهَا بِتُّ مُرْتَقِبًا أَرْعَى النُّجُومَ إِلَى أَنْ قُدِّرَ الْفَلَقُ
وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ الثَّوْرَ الْوَحْشِيَّ :
حَتَّى إِذَا مَا انْجَلَى عَنْ وَجْهِهِ فَلَقٌ هَادِيهِ فِي أُخْرَيَاتِ اللَّيْلِ مُنْتَصِبُ
وَقِيلَ : الْفَلَقُ : كُلُّ مَا يَفْلِقُهُ اللَّهُ تَعَالَى ، كَالْأَرْضِ وَالنَّبَاتِ وَالْجِبَالِ عَنِ الْعُيُونِ ، وَالسَّحَابِ عَنِ الْمَطَرِ ، وَالْأَرْحَامِ عَنِ الْأَوْلَادِ ، وَالْحَبِّ وَالنَّوَى وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ : الْفَلَقُ : جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ ، وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالُوا : لِمَا اطْمَأَنَّ مِنَ الْأَرْضِ الْفَلَقُ ، وَجَمْعُهُ فُلْقَانٌ ، وَقِيلَ : وَادٍ فِي جَهَنَّمَ . وَقَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ : بَيْتٌ فِي جَهَنَّمَ ، إِذَا فُتِحَ صَاحَ جَمِيعُ أَهْلِ النَّارِ مِنْ شِدَّةِ حَرِّهِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=2مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ) بِإِضَافَةِ شَرٍّ إِلَى مَا ، وَمَا عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ مَنْ يُوجَدُ مِنْهُ الشَّرُّ مِنْ حَيَوَانٍ مُكَلَّفٍ وَغَيْرِ مُكَلَّفٍ وَجَمَادٍ ، كَالْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ ، وَالْإِغْرَاقِ بِالْبَحْرِ ، وَالْقَتْلِ بِالسُّمِّ ، وَقَرَأَ
عَمْرُو بْنُ فَايِدٍ : ( مِنْ شَرٍّ ) بِالتَّنْوِينِ ، وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16711عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ ، وَبَعْضُ
الْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقِ الشَّرَّ : ( مِنْ شَرٍّ ) بِالتَّنْوِينِ ، مَا خَلَقَ عَلَى النَّفْيِ ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ مَرْدُودَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبٍ بَاطِلٍ ، اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَلِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَجْهٌ غَيْرُ النَّفْيِ ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُرَدَّ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ( مَا خَلَقَ ) بَدَلًا مِنْ ( شَرٍّ ) عَلَى تَقْدِيرِ مَحْذُوفٍ ، أَيْ مِنْ شَرٍّ شَرِّ مَا خَلَقَ ، فَحُذِفَ لِدَلَالَةِ شَرٍّ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ ، أَطْلَقَ أَوَّلًا ثُمَّ عَمَّ ثَانِيًا . وَالْغَاسِقُ : اللَّيْلُ ، وَوَقَبَ : أَظْلَمَ وَدَخَلَ عَلَى النَّاسِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ ، وَزَمَّكَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى عَادَتِهِ فَقَالَ : وَالْغَاسِقُ : اللَّيْلُ إِذَا اعْتَكَرَ ظَلَامُهُ ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ) وَمِنْهُ : غَسَقَتِ الْعَيْنُ : امْتَلَأَتْ دَمْعًا ، وَغَسَقَتِ الْجِرَاحَةُ : امْتَلَأَتْ دَمًا ، وَوُقُوبُهُ : دُخُولُ ظَلَامِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ . انْتَهَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : هُوَ اللَّيْلُ ؛ لِأَنَّهُ أَبْرَدُ مِنَ النَّهَارِ ، وَالْغَاسِقُ : الْبَارِدُ ، اسْتُعِيذَ مِنْ شَرِّهِ لِأَنَّهُ فِيهِ تَنْبَثُّ الشَّيَاطِينُ وَالْهَوَامُّ وَالْحَشَرَاتُ وَأَهْلُ الْفَتْكِ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
[ ص: 531 ] يَا طَيْفَ هِنْدٍ لَقَدْ أَبْقَيْتَ لِي أَرَقَا إِذْ جِئْتَنَا طَارِقًا وَاللَّيْلُ قَدْ غَسَقَا
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ : النَّهَارُ دَخَلَ فِي اللَّيْلِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنُ شِهَابٍ : الْمُرَادُ بِالْغَاسِقِ : الشَّمْسُ إِذَا غَرَبَتْ . وَقَالَ
الْقُتَبِيُّ وَغَيْرُهُ : هُوَ الْقَمَرُ إِذَا دَخَلَ فِي سَاهُورِهِ فَخُسِفَ . وَفِي الْحَدِيثِ : (
نَظَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْقَمَرِ فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ هَذَا ، فَإِنَّهُ الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ ) . وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
الْغَاسِقُ النَّجْمُ ) . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ عَنِ الْعَرَبِ : الْغَاسِقُ : الثُّرَيَّا إِذَا سَقَطَتْ ، وَكَانَتِ الْأَسْقَامُ وَالطَّاعُونُ تَهِيجُ عِنْدَ ذَلِكَ ، وَقِيلَ : الْحَيَّةُ إِذَا لَدَغَتْ ، وَالْغَاسِقُ سُمُّ نَابِهَا لِأَنَّهُ يَسِيلُ مِنْهُ ، وَالنَّفَّاثَاتُ : النِّسَاءُ ، أَوِ النُّفُوسُ ، أَوِ الْجَمَاعَاتُ السَّوَاحِرُ ، يَعْقِدْنَ عُقَدًا فِي خُيُوطٍ وَيَنْفُثْنَ عَلَيْهَا وَيَرْقِينَ ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( النَّفَّاثَاتِ ) ،
وَالْحَسَنُ : بِضَمِّ النُّونِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ أَيْضًا
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْقَاسِمِ ،
وَيَعْقُوبُ فِي رِوَايَةٍ ( النَّافِثَاتِ ) ،
وَالْحَسَنُ أَيْضًا
وَأَبُو الرَّبِيعِ : ( النَّفَّثَاتُ ) بِغَيْرِ أَلِفٍ ، نَحْوَ ( الْخَدَّرَاتِ ) ، وَالِاسْتِعَاذَةُ مِنْ شَرِّهِنَّ هُوَ مَا يُصِيبُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنَ الشَّرِّ عِنْدَ فِعْلِهِنَّ ذَلِكَ .
وَسَبَبُ نُزُولِ هَاتَيْنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ يَنْفِي مَا تَأَوَّلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ قَوْلِهِ : وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ النِّسَاءُ ذَاتُ الْكِيَادَاتِ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ) تَشْبِيهًا لِكَيْدِهِنَّ بِالسِّحْرِ وَالنَّفْثِ فِي الْعُقَدِ ، أَوِ اللَّاتِي يَفْتِنَّ الرِّجَالَ بِتَعَرُّضِهِنَّ لَهُمْ ، وَعَرْضِهِنَّ مَحَاسِنَهُنَّ ، كَأَنَّهُنَّ يَسْحَرْنَهُمْ بِذَلِكَ . انْتَهَى .
وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا النَّفْثُ هُوَ عَلَى عُقَدٍ تُعْقَدُ فِي خُيُوطٍ وَنَحْوِهَا عَلَى اسْمِ الْمَسْحُورِ فَيُؤْذَى بِذَلِكَ ، وَهَذَا الشَّأْنُ فِي زَمَانِنَا مَوْجُودٌ شَائِعٌ فِي صَحْرَاءِ الْمَغْرِبِ ، وَحَدَّثَنِي ثِقَةٌ أَنَّهُ رَأَى عِنْدَ بَعْضِهِمْ خَيْطًا أَحْمَرَ قَدْ عُقِدَتْ فِيهِ عُقَدٌ عَلَى فُصْلَانٍ ، فَمُنِعَتْ مِنْ رِضَاعِ أُمَّهَاتِهَا بِذَلِكَ ، فَكَانَ إِذَا حَلَّ عُقْدَةً جَرَى ذَلِكَ الْفَصِيلُ إِلَى أُمِّهِ فِي الْحِينِ فَرَضَعَ . انْتَهَى .
وَقِيلَ : الْغَاسِقُ الْحَاسِدُ بِالطَّرْفِ ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَدْخُلِ اللَّيْلُ لَا يَكُونُ مَنْسُوبًا إِلَيْهِ ، وَكَذَا كُلُّ مَا فُسِّرَ بِهِ الْغَاسِقُ ، وَكَذَلِكَ الْحَاسِدُ ، لَا يُؤَثِّرُ حَسَدُهُ إِذَا أَظْهَرَهُ بِأَنْ يَحْتَالَ لِلْمَحْسُودِ فِيمَا يُؤْذِيهِ ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَظْهَرِ الْحَسَدُ ، فَإِنَّمَا يَتَأَذَّى بِهِ هُوَ لَا الْمَحْسُودُ ، لِاغْتِمَامِهِ بِنِعْمَةِ غَيْرِهِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِشَرِّ الْحَاسِدِ إِثْمُهُ وَسَمَاجَةُ حَالِهِ فِي وَقْتِ حَسَدِهِ وَإِظْهَارِ أَثَرِهِ . انْتَهَى .
وَعَمَّ أَوَّلًا فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=2مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ) ثُمَّ خَصَّ هَذِهِ لِخَفَاءِ شَرِّهَا ، إِذْ يَجِيءُ مِنْ حَيْثُ لَا يُعْلَمُ ، وَقَالُوا : شَرُّ الْعُدَاةِ الْمَرَاجِي بِكَيْدِكَ مِنْ حَيْثُ لَا تَشْعُرُ ، وَنَكَّرَ ( غَاسِقٍ ، وَحَاسِدٍ ) وَعَرَّفَ ( النَّفَّاثَاتِ ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ نَفَّاثَةٍ شِرِّيرَةٌ ، وَكُلَّ غَاسِقٍ لَا يَكُونُ فِيهِ الشَّرُّ إِنَّمَا يَكُونُ فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ حَاسِدٍ لَا يَضُرُّ ، وَرُبَّ حَسَدٍ مَحْمُودٌ ، وَهُوَ الْحَسَدُ فِي الْخَيْرَاتِ ، وَمِنْهُ : لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
أَبِي تَمَّامٍ :
وَمَا حَاسِدٌ فِي الْمَكْرُمَاتِ بِحَاسِدِ
وَقَالَ آخَرُ :
إِنَّ الْعُلَا حَسُنَ فِي مِثْلِهَا الْحَسَدُ
وَقَوْلُ الْمَنْظُورِ إِلَيْهِ لِلْحَاسِدِ ، إِذَا نَظَرَ الْخَمْسُ عَلَى عَيْنَيْكَ يَعْنِي بِهِ هَذِهِ السُّورَةَ ، لِأَنَّهَا خَمْسُ آيَاتٍ ، وَعَيْنُ الْحَاسِدِ فِي الْغَالِبِ وَاقِعَةٌ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا .