قوله تعالى : (  ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا      )   الآية [ 100 ] .  
231 - أخبرنا  أبو عمرو القنطري  فيما أذن لي في روايته ، أخبرني   محمد بن الحسين الحدادي  قال : أخبرنا  محمد بن يحيى بن خالد  ، أخبرنا  إسحاق بن إبراهيم  ، أخبرنا   المؤمل بن إسماعيل  ، حدثنا   حماد بن زيد  ، حدثنا  أيوب  ، عن  عكرمة  قال :  كان بين هذين الحيين من  الأوس   والخزرج   قتال من الجاهلية ، فلما جاء الإسلام اصطلحوا وألف الله بين قلوبهم ، وجلس يهودي في مجلس فيه نفر منالأوس   والخزرج ،   فأنشد شعرا قاله أحد الحيين في حربهم ، فكأنهم دخلهم من ذلك ، فقال الحي الآخرون قد قال شاعرنا في يوم كذا : كذا وكذا ، فقال الآخرون : وقد قال شاعرنا في يوم كذا : كذا وكذا ، [ قال ] فقالوا : تعالوا نرد الحرب جذعا كما كانت ، فنادى هؤلاء : يا  آل أوس   ، ونادى هؤلاء يا آل خزرج . فاجتمعوا وأخذوا السلاح واصطفوا للقتال ، فنزلت هذه الآية ، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى قام بين الصفين فقرأها ورفع صوته ، فلما سمعوا صوته أنصتوا [ له ] وجعلوا يستمعون إليه ، فلما فرغ ألقوا السلاح ، وعانق بعضهم بعضا . وجثوا يبكون     .  
232 - وقال   زيد بن أسلم     :  مرشاس بن قيس اليهودي -  وكان شيخا فدعا في الجاهلية ، عظيم الكفر ، شديد الضغن على المسلمين ، شديد الحسد لهم - فمر على نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من  الأوس   والخزرج   في مجلس [ قد ] جمعهم يتحدثون فيه ، فغاظه ما رأى من جماعتهم وألفتهم ، وصلاح ذات بينهم في الإسلام ، بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من العداوة ، فقال : قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد ، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمعوا بها من قرار . فأمر شابا من  اليهود   كان معه ، فقال : اعمد إليهم فاجلس معهم ، ثم      [ ص: 62 ] ذكرهم [ بيوم ]  بعاث   وما كان فيه ، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار . وكان  بعاث   يوما اقتتلت فيه  الأوس   والخزرج ،   وكان الظفر فيه  للأوس   على  الخزرج .   ففعل فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا ، حتى تواثب رجلان من الحيين :  أوس بن قيظي  أحد  بني حارثة   من  الأوس ،   وجبار بن صخر ،  أحد  بني سلمة   من  الخزرج .   فتقاولا ، وقال أحدهما لصاحبه : إن شئت [ والله ] رددتها [ الآن ] جذعة ، وغضب الفريقان جميعا وقالا قد فعلنا ، السلاح السلاح ، موعدكم الظاهرة . وهي حرة ، فخرجوا إليها ، وانضمت  الأوس   والخزرج   بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين حتى جاءهم ، فقال : يا معشر المسلمين أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ، بعد أن أكرمكم الله بالإسلام ، وقطع به عنكم أمر الجاهلية ، وألف بينكم ، فترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا ؟ الله الله ! فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان ، وكيد من عدوهم ، فألقوا السلاح من أيديهم ، وبكوا وعانق بعضهم بعضا ، ثم انصرفوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سامعين مطيعين ، فأنزل الله عز وجل : (  ياأيها الذين آمنوا      ) يعني  الأوس   والخزرج      (  إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب      ) يعني شاسا وأصحابه (  يردوكم بعد إيمانكم كافرين      ) . قال   جابر بن عبد الله     : ما كان [ من ] طالع أكره إلينا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأومأ إلينا بيده ، فكففنا وأصلح الله تعالى ما بيننا ، فما كان شخص أحب إلينا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما رأيت [ قط ] يوما أقبح ولا أوحش أولا ، وأحسن آخرا من ذلك اليوم     .  
				
						
						
