[ ص: 155 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
سورة العنكبوت 
قوله تعالى : الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون     . قد قدمنا الكلام على الحروف المقطعة مستوفى في أول سورة " هود    " ، والاستفهام في قوله : أحسب الناس    [ 29 \ 2 ] ، للإنكار . 
والمعنى : أن الناس لا يتركون دون فتنة ، أي : ابتلاء واختبار ، لأجل قولهم : آمنا ، بل إذا قالوا : آمنا فتنوا ، أي : امتحنوا واختبروا بأنواع الابتلاء ، حتى يتبين بذلك الابتلاء الصادق في قوله : آمنا من غير الصادق . 
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة ، جاء مبينا في آيات أخر من كتاب الله ; كقوله تعالى : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب    [ 2 \ 214 ] ، وقوله : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين    [ 3 \ 142 ] ، وقوله تعالى : ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم    [ 47 \ 31 ] ، وقوله تعالى : ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب  الآية [ 3 \ 179 ] ، وقوله تعالى : وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور    [ 3 \ 154 ] ، وقوله تعالى : أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون    [ 9 \ 16 ] ، إلى غير ذلك من الآيات ، وقد أشار تعالى إلى ذلك بقوله هنا : ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا  الآية [ 29 \ 3 ] . 
وقد بينت السنة الثابتة أن هذا الابتلاء المذكور في هذه الآية يبتلى به المؤمنون على   [ ص: 156 ] قدر ما عندهم من الإيمان ; كقوله - صلى الله عليه وسلم - : " أشد الناس بلاء  الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل   " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					