قوله تعالى : ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده   الآية . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن ما يفتحه للناس من رحمته وإنعامه عليهم بجميع أنواع النعم ، لا يقدر أحد كائنا ما كان أن يمسكه عنهم ، وما يمسكه عنهم من رحمته وإنعامه لا يقدر أحد كائنا من كان أن يرسله إليهم ، وهذا معلوم بالضرورة من الدين ، والرحمة المذكورة في الآية عامة في كل ما يرحم الله به خلقه من الإنعام الدنيوي والأخروي ، كفتحه لهم رحمة المطر ; كما قال تعالى : فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها    [ 30 \ 50 ] . 
وقوله تعالى : وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته    [ 7 \ 57 ] ، وقوله   [ ص: 278 ] تعالى : وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته  الآية [ 42 \ 28 ] ، ومن رحمته إرسال الرسل ، وإنزال الكتب ; كقوله تعالى : وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك    [ 28 \ 86 ] ، كما تقدم إيضاحه في سورة " الكهف " ، في الكلام على قوله تعالى : فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا  الآية [ 18 \ 65 ] . 
وما تضمنته هذه الآية الكريمة جاء موضحا في آيات كثيرة ; كقوله تعالى : وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله    [ 10 \ 107 ] ، وقوله تعالى : قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا  الآية [ 48 \ 11 ] ، وقوله تعالى : قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة  الآية [ 33 \ 17 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . 
وقد قدمنا بعض الكلام على هذا في سورة " الأنعام " ، في الكلام على قوله تعالى : وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير    [ 6 \ 17 ] ، و ما في قوله تعالى : ما يفتح الله    [ 35 \ 2 ] ، وقوله : وما يمسك  شرطية ، وفتح الشيء التمكين منه وإزالة الحواجز دونه ، والإمساك بخلاف ذلك . 
				
						
						
