وما تضمنته هذه الآية الكريمة من عدم فائدة المعبودات من دون الله جاء موضحا في آيات من كتاب الله تعالى ; كقوله تعالى : قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون [ 39 \ 38 ] ، وقوله تعالى : قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا [ 17 \ 56 ] ، وقوله تعالى : قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض الآية [ 10 \ 18 ] ، وقوله تعالى : ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون [ 10 \ 18 ] ، وقوله تعالى : ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين [ 10 \ 106 ] ، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : لا تغن عني شفاعتهم شيئا ، أي : لا شفاعة لهم أصلا حتى تغني شيئا ، ونحو هذا أسلوب عربي معروف ، ومنه قول امرئ القيس :
على لاحب لا يهتدى بمناره إذا سافه العود النباطي جرجرا
فقوله : لا يهتدى بمناره ، أي : لا منار له أصلا حتى يهتدى به ، وقول الآخر :
لا تفزع الأرنب أهوالها ولا ترى الضب بها ينجحر
أي : لا أرنب فيها ، حتى تفزعها أهوالها ، ولا ضب فيها حتى ينجحر ، أي : يتخذ جحرا .
وهذا المعنى هو المعروف عند المنطقيين ، بقولهم : السالبة لا تقتضي وجود الموضوع ; كما تقدم إيضاحه .


