قوله - تعالى - : وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين     . 
ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة توعد الأفاك الأثيم بالويل ، والبشارة بالعذاب الأليم . 
وقد قدمنا قريبا أن من صفاته أنه إذا سمع آيات الله تتلى عليه أصر مستكبرا كأن لم يسمعها ، وذكر في هذه الآية الكريمة أنه إذا علم من آيات الله شيئا اتخذها هزوا ، أي مهزوءا بها ، مستخفا بها ، ثم توعده على ذلك بالعذاب المهين . 
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الكفار يتخذون آيات الله هزوا ، وأنهم سيعذبون على ذلك يوم القيامة - قد بينه - تعالى - في غير هذا الموضع ، كقوله - تعالى - في آخر   [ ص: 191 ]   " الكهف " : ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا    [ 18 \ 106 ] . وقوله - تعالى - في " الكهف " أيضا : ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا  ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه  الآية [ 18 \ 56 - 35 ] . وقوله - تعالى - في سورة " الجاثية " هذه : وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين  ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا    [ 45 \ 34 - 35 ] . 
وقرأ هذا الحرف عامة القراء السبعة غير حمزة  وحفص  عن عاصم    - : هزؤا بضم الزاي بعدها همزة محققة . 
وقرأه حفص  عن عاصم  بضم الزاي وإبدال الهمزة واوا . 
وقرأه حمزة  هزءا ، بسكون الزاي بعدها همزة محققة في حالة الوصل . 
وأما في حالة الوقف ، فعن حمزة  نقل حركة الهمزة إلى الزاي ، فتكون الزاي مفتوحة بعدها ألف ، وعنه إبدالها واوا محركة بحركة الهمزة . 
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة : لهم عذاب مهين  أي لأن عذاب الكفار الذين كانوا يستهزءون بآيات الله لا يراد به إلا إهانتهم وخزيهم وشدة إيلامهم بأنواع العذاب . 
وليس فيه تطهير ولا تمحيص لهم ، بخلاف عصاة المسلمين ، فإنهم وإن عذبوا فسيصيرون إلى الجنة بعد ذلك العذاب . 
فليس المقصود بعذابهم مجرد الإهانة ، بل ليئولوا بعده إلى الرحمة ودار الكرامة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					