قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=29055_28904فلا أقسم بالشفق nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=17والليل وما وسق nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=18والقمر إذا اتسق nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=19لتركبن طبقا عن طبق
الشفق لغة : رقة الشيء .
قال
القرطبي : يقال شيء شفيق ، أي : لا تماسك له لرقته ، وأشفق عليه أي : رق قلبه عليه ، والشفقة الاسم من الإشفاق وهو رقة القلب ، وكذلك الشفق .
قال الشاعر :
تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا والموت أكرم نزال على الحرم
فالشفق بقية ضوء الشمس وحمرتها ، فكأن تلك الرقة من ضوء الشمس .
ونقل عن
الخليل : الشفق : الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة إذا ذهب ، قيل : غاب الشفق . اهـ .
[ ص: 472 ] وهذا ما عليه الأئمة الثلاثة في توقيت
nindex.php?page=treesubj&link=883وقت المغرب من غروب الشمس إلى غياب الشفق ، وهو الحمرة بعد الغروب ، كما قال
الخليل .
وعند
أبي حنيفة - رحمه الله - : أن الشفق هو البياض الذي بعده .
وتقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في بيان أوقات الصلوات الخمس عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=18وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون [ 30 \ 17 - 18 ] ، ورجح أن الشفق : الحمرة .
ونقل
القرطبي قولا ، قال : وزعم الحكماء أن البياض لا يغيب أصلا .
وقال
الخليل : صعدت
منارة الإسكندرية فرمقت البياض ، فرأيته يتردد من أفق إلى أفق ، ولم أره يغيب .
وقال
ابن أويس : رأيته يتمادى إلى طلوع الفجر ، ثم قال : قال علماؤنا : فلما لم يتجدد وقته سقط اعتباره . اه .
فهو بهذا يرجح مذهب الجمهور في معنى الشفق ، والنصوص في ذلك من السنة فيها مقال .
فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني حديثا مرفوعا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009780 " الشفق الحمرة " .
وتكلم عليه
الشوكاني ، ثم ذكر من يقول به من الصحابة وهم :
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ،
وعبادة . ومن الأئمة :
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
وأبو يوسف ،
ومحمد من الفقهاء ،
والخليل nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء من أهل اللغة .
فأنت ترى أن
أبا يوسف ومحمدا من أصحاب
أبي حنيفة وافقا الجمهور .
وفي شرح الهداية أيضا رواية عن
أبي حنيفة .
أما ما ذكره
القرطبي ففيه نظر ، أي : من جهة عدم غياب البياض ، فإن المعروف عند علماء الفلك أن بين الأحمر والأبيض مقدار درجتين ، والدرجة تعادل أربع دقائق ، وعليه فالفرق بسيط . والله تعالى أعلم .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=29055_28904والليل وما وسق ، هو الجمع والضم للشيء الكثير ، ومنه سمي
[ ص: 473 ] الوسق بمقدار معين من مكيل الحب ، وهو ستون صاعا . وقيل : فيه معان أخرى ، ولكن هذا أرجحها .
والمعنى هنا : والليل وما جمعه من المخلوقات . قيل : كأنه أقسم بكل شيء كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=38فلا أقسم بما تبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=39وما لا تبصرون [ 69 \ 38 - 39 ] .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=18والقمر إذا اتسق ، أي : اتسع أي تكامل نوره ، وهو افتعل من وسق ، والقاعدة الصرفية أن فاء الفعل المثالي - أي الذي فاؤه واو - إذا بني على افتعل تقلب الواو تاء وتدغم التاء في التاء ، كما في : وصلته فاتصل ووزنته فاتزن ، اوتصل اوتزن ، وهكذا هنا اوتسق .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=29055_28899لتركبن طبقا عن طبق
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : اختلف القراء في قراءته ، فقرأه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وأصحابه ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وعامة
قراء مكة والكوفة : " لتركبن " بفتح التاء والباء ، واختلف قارئو ذلك في معناه ، فقال بعضهم : يعني يا
محمد ، ويعني حالات الترقي والعلو والشدائد مع القوم ، وهذا المعنى عن
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس .
وقيل : " طبقا عن طبق " : يعني سماء بعد سماء ، أي طباق السماء ، وهو عن
الحسن ،
وأبي العالية ،
ومسروق .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنها السماء تتغير أحوالها ، تتشقق بالغمام ، ثم تحمر كالمهل ، إلى غير ذلك . وقد رجح القراءة الأولى والمعنى الأول .
وقرأ عامة
قراء المدينة وبعض الكوفيين : " لتركبن " بالتاء وبضم الباء على وجه الخطاب للناس كافة .
وذكر المفسرون لمعناه حالا بعد حال معان عديدة : طفولة ، وشبابا ، وشيوخة ، فقرا وغنى ، وقوة وضعفا ، حياة وموتا وبعثا ، رخاء وشدة ، إلى كل ما تحتمله الكلمة .
وقال
القرطبي : الكل محتمل ، وكله مراد ، والذي يظهر - والله تعالى أعلم - : أن ذلك إنما هو بعامة الناس ويكون يوم القيامة ، إذ السياق في أصول البعث : "
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إذا السماء انشقت " ، "
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=3وإذا الأرض مدت " ، "
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=19فأما من أوتي كتابه بيمينه " وذكر الحساب المنقلب ، ثم التعبير بالمستقبل " لتركبن " ، ولو كان لأمر الدنيا من تغير الأحوال لكان
[ ص: 474 ] أولى به الحاضر أو الماضي ، وإن كان من المستقبل ما سيأتي من الزمن لكنه ليس بجديد ، إذ تقلب الأحوال في شأن الحياة أمر مستقر في الأذهان ، ولا يحتاج إلى هذا الأسلوب .
أما أمور الآخرة من بعث ، وحشر ، وعرض ، وميزان ، وصراط ، وتطاير كتب ، واختلاف أحوال الناس باختلاف المواقف ، في عرصات القيامة ، فهي الحرية بالتنبيه عليها والتحذير منها ، والعمل لأجلها في كدحه إلى ربه ، فلذا جاء بذلك وهو مشعر باستمرار حالة الإنسان بعد الكدح إلى حالات متعددة ودرجات متفاوتة .
ولو اعتبرنا حال المقسم به من حيث تطور الحال من شفق ، أو آخر ضوء الشمس ، ثم ليل ، وما جمع وغطى بظلامه ، ثم قمر يبدأ هلالا إلى اتساق نوره - لكان انتقالا من تغير حركات الزمن إلى تغير أحوال الإنسان قطعا ، وأن القادر على ذلك في الدنيا قادر على ذلك في الآخرة .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=29055_28904فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=17وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=18وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=19لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ
الشَّفَقُ لُغَةً : رِقَّةُ الشَّيْءِ .
قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : يُقَالُ شَيْءٌ شَفِيقٌ ، أَيْ : لَا تَمَاسُكَ لَهُ لِرِقَّتِهِ ، وَأَشْفَقَ عَلَيْهِ أَيْ : رَقَّ قَلْبُهُ عَلَيْهِ ، وَالشَّفَقَةُ الِاسْمُ مِنَ الْإِشْفَاقِ وَهُوَ رِقَّةُ الْقَلْبِ ، وَكَذَلِكَ الشَّفَقُ .
قَالَ الشَّاعِرُ :
تَهْوَى حَيَاتِي وَأَهْوَى مَوْتَهَا شَفَقَا وَالْمَوْتُ أَكْرَمُ نَزَّالٍ عَلَى الْحَرَمِ
فَالشَّفَقُ بَقِيَّةُ ضَوْءِ الشَّمْسِ وَحُمْرَتُهَا ، فَكَأَنَّ تِلْكَ الرِّقَّةَ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ .
وَنُقِلَ عَنِ
الْخَلِيلِ : الشَّفَقُ : الْحُمْرَةُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى وَقْتِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِذَا ذَهَبَ ، قِيلَ : غَابَ الشَّفَقُ . اهـ .
[ ص: 472 ] وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فِي تَوْقِيتِ
nindex.php?page=treesubj&link=883وَقْتِ الْمَغْرِبِ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى غِيَابِ الشَّفَقِ ، وَهُوَ الْحُمْرَةُ بَعْدَ الْغُرُوبِ ، كَمَا قَالَ
الْخَلِيلُ .
وَعِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : أَنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي بَعْدَهُ .
وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِي بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=18وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ [ 30 \ 17 - 18 ] ، وَرَجَّحَ أَنَّ الشَّفَقَ : الْحُمْرَةُ .
وَنَقَلَ
الْقُرْطُبِيُّ قَوْلًا ، قَالَ : وَزَعَمَ الْحُكَمَاءُ أَنَّ الْبَيَاضَ لَا يَغِيبُ أَصْلًا .
وَقَالَ
الْخَلِيلُ : صَعِدْتُ
مَنَارَةَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَرَمَقْتُ الْبَيَاضَ ، فَرَأَيْتُهُ يَتَرَدَّدُ مِنْ أُفُقٍ إِلَى أُفُقٍ ، وَلَمْ أَرَهُ يَغِيبُ .
وَقَالَ
ابْنُ أُوَيْسٍ : رَأَيْتُهُ يَتَمَادَى إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ عُلَمَاؤُنَا : فَلَمَّا لَمْ يَتَجَدَّدْ وَقْتُهُ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ . اه .
فَهُوَ بِهَذَا يُرَجِّحُ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ فِي مَعْنَى الشَّفَقِ ، وَالنُّصُوصُ فِي ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ فِيهَا مَقَالٌ .
فَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ حَدِيثًا مَرْفُوعًا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009780 " الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ " .
وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ
الشَّوْكَانِيُّ ، ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ يَقُولُ بِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُمُ :
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبُو هُرَيْرَةَ ،
وَعُبَادَةُ . وَمِنَ الْأَئِمَّةِ :
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ ،
وَأَبُو يُوسُفَ ،
وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ ،
وَالْخَلِيلُ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ .
فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ
أَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا مِنْ أَصْحَابِ
أَبِي حَنِيفَةَ وَافَقَا الْجُمْهُورَ .
وَفِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ أَيْضًا رِوَايَةٌ عَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ .
أَمَّا مَا ذَكَرَهُ
الْقُرْطُبِيُّ فَفِيهِ نَظَرٌ ، أَيْ : مِنْ جِهَةِ عَدَمِ غِيَابِ الْبَيَاضِ ، فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْفَلَكِ أَنَّ بَيْنَ الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ مِقْدَارُ دَرَجَتَيْنِ ، وَالدَّرَجَةُ تُعَادِلُ أَرْبَعَ دَقَائِقَ ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَسِيطٌ . وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=29055_28904وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ ، هُوَ الْجَمْعُ وَالضَّمُّ لِلشَّيْءِ الْكَثِيرِ ، وَمِنْهُ سُمِّيَ
[ ص: 473 ] الْوَسَقُ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَكِيلِ الْحَبِّ ، وَهُوَ سِتُّونَ صَاعًا . وَقِيلَ : فِيهِ مَعَانٍ أُخْرَى ، وَلَكِنَّ هَذَا أَرْجَحُهَا .
وَالْمَعْنَى هُنَا : وَاللَّيْلُ وَمَا جَمَعَهُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ . قِيلَ : كَأَنَّهُ أَقْسَمَ بِكُلِّ شَيْءٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=38فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=39وَمَا لَا تُبْصِرُونَ [ 69 \ 38 - 39 ] .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=18وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ، أَيْ : اتَّسَعَ أَيْ تَكَامَلَ نُورُهُ ، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنْ وَسَقَ ، وَالْقَاعِدَةُ الصَّرْفِيَّةُ أَنَّ فَاءَ الْفِعْلِ الْمِثَالِيِّ - أَيِ الَّذِي فَاؤُهُ وَاوٌ - إِذَا بُنِيَ عَلَى افْتَعَلَ تُقْلَبُ الْوَاوُ تَاءً وَتُدْغَمُ التَّاءُ فِي التَّاءِ ، كَمَا فِي : وَصَلْتُهُ فَاتَّصَلَ وَوَزَنْتُهُ فَاتَّزَنَ ، اوْتَصَلَ اوْتَزَنَ ، وَهَكَذَا هُنَا اوْتَسَقَ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=29055_28899لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ : اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَتِهِ ، فَقَرَأَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابُهُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ، وَعَامَّةُ
قُرَّاءِ مَكَّةَ وَالْكُوفَةِ : " لَتَرْكَبَنَّ " بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْبَاءِ ، وَاخْتَلَفَ قَارِئُو ذَلِكَ فِي مَعْنَاهُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَعْنِي يَا
مُحَمَّدُ ، وَيَعْنِي حَالَاتِ التَّرَقِّي وَالْعُلُوِّ وَالشَّدَائِدِ مَعَ الْقَوْمِ ، وَهَذَا الْمَعْنَى عَنْ
مُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ .
وَقِيلَ : " طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ " : يَعْنِي سَمَاءً بَعْدَ سَمَاءٍ ، أَيْ طِبَاقِ السَّمَاءِ ، وَهُوَ عَنِ
الْحَسَنِ ،
وَأَبِي الْعَالِيَةِ ،
وَمَسْرُوقٍ .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهَا السَّمَاءُ تَتَغَيَّرُ أَحْوَالُهَا ، تَتَشَقَّقُ بِالْغَمَامِ ، ثُمَّ تَحْمَرُّ كَالْمُهْلِ ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ . وَقَدْ رَجَّحَ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى وَالْمَعْنَى الْأَوَّلَ .
وَقَرَأَ عَامَّةُ
قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ : " لَتَرْكَبُنَّ " بِالتَّاءِ وَبِضَمِّ الْبَاءِ عَلَى وَجْهِ الْخِطَابِ لِلنَّاسِ كَافَّةً .
وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ لِمَعْنَاهُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ مَعَانٍ عَدِيدَةً : طُفُولَةً ، وَشَبَابًا ، وَشُيُوخَةً ، فَقْرًا وَغِنًى ، وَقُوَّةً وَضَعْفًا ، حَيَاةً وَمَوْتًا وَبَعْثًا ، رَخَاءً وَشِدَّةً ، إِلَى كُلِّ مَا تَحْتَمِلُهُ الْكَلِمَةُ .
وَقَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : الْكُلُّ مُحْتَمَلٌ ، وَكُلُّهُ مُرَادٌ ، وَالَّذِي يَظْهَرُ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - : أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ بِعَامَّةِ النَّاسِ وَيَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِذِ السِّيَاقُ فِي أُصُولِ الْبَعْثِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ " ، "
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=3وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ " ، "
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=19فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ " وَذَكَرَ الْحِسَابَ الْمُنْقَلِبَ ، ثُمَّ التَّعْبِيرَ بِالْمُسْتَقْبَلِ " لَتَرْكَبُنَّ " ، وَلَوْ كَانَ لِأَمْرِ الدُّنْيَا مِنْ تَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ لَكَانَ
[ ص: 474 ] أَوْلَى بِهِ الْحَاضِرُ أَوِ الْمَاضِي ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمُسْتَقْبَلِ مَا سَيَأْتِي مِنَ الزَّمَنِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِجَدِيدٍ ، إِذْ تَقَلُّبُ الْأَحْوَالِ فِي شَأْنِ الْحَيَاةِ أَمْرٌ مُسْتَقِرٌّ فِي الْأَذْهَانِ ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى هَذَا الْأُسْلُوبِ .
أَمَّا أُمُورُ الْآخِرَةِ مِنْ بَعْثٍ ، وَحَشْرٍ ، وَعَرْضٍ ، وَمِيزَانٍ ، وَصِرَاطٍ ، وَتَطَايُرِ كُتُبٍ ، وَاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ بِاخْتِلَافِ الْمَوَاقِفِ ، فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ ، فَهِيَ الْحَرِيَّةُ بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا ، وَالْعَمَلِ لِأَجْلِهَا فِي كَدْحِهِ إِلَى رَبِّهِ ، فَلِذَا جَاءَ بِذَلِكَ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِاسْتِمْرَارِ حَالَةِ الْإِنْسَانِ بَعْدَ الْكَدْحِ إِلَى حَالَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَدَرَجَاتٍ مُتَفَاوِتَةٍ .
وَلَوِ اعْتَبَرْنَا حَالَ الْمُقْسَمِ بِهِ مِنْ حَيْثُ تَطَوُّرِ الْحَالِ مِنْ شَفَقٍ ، أَوْ آخَرِ ضَوْءِ الشَّمْسِ ، ثُمَّ لَيْلٍ ، وَمَا جَمَعَ وَغَطَّى بِظَلَامِهِ ، ثُمَّ قَمَرٌ يَبْدَأُ هِلَالًا إِلَى اتِّسَاقِ نُورِهِ - لَكَانَ انْتِقَالًا مِنْ تَغَيُّرِ حَرَكَاتِ الزَّمَنِ إِلَى تَغَيُّرِ أَحْوَالِ الْإِنْسَانِ قَطْعًا ، وَأَنَّ الْقَادِرَ عَلَى ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ .