[ ص: 508 ] بسم الله الرحمن الرحيم .
سورة الغاشية .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29059_30291هل أتاك حديث الغاشية nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=2وجوه يومئذ خاشعة nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=3عاملة ناصبة nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=4تصلى نارا حامية nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=5تسقى من عين آنية nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=6ليس لهم طعام إلا من ضريع nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=7لا يسمن ولا يغني من جوع
الكلام في هل هنا ، كالكلام في هل التي في أول سورة " الإنسان " ، أنها استفهامية أو أنها بمعنى قد ؟
ورجح
أبو السعود وغيره : أنها استفهامية ; للفت النظر ، وشدة التعجب ، والتنويه بشأن هذا الحديث ، وهو مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال - رضي الله عنه - : " لم يكن أتاه فأخبره به " وحديث الغاشية هو خبرها الذي يتحدث عنها .
والغاشية قال
أبو حيان : أصلها في اللغة : الداهية تغشى الناس ، واختلف في المراد بها هنا ، فقيل : يوم القيامة .
وقيل : النار . واستدل كل قائل بنصوص . فمن الأول قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=55يوم يغشاهم العذاب [ 29 \ 55 ] .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16785الفخر الرازي : وإنما سميت القيامة بهذا الاسم ; لأن ما أحاط بالشيء من جميع جهاته فهو غاش له ، والقيامة كذلك من وجوه :
الأول : أنها ترد على الخلق بغتة ، وهو كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=107أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة [ 12 \ 107 ] .
والثاني : أنها تغشى الناس جميعا من الأولين والآخرين .
والثالث : أنها تغشى الناس بالأهوال والشدائد .
[ ص: 509 ] ومن استدلالهم على أنها النار ، قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=50وتغشى وجوههم النار [ 14 \ 50 ] .
وقيل : الغاشية أهل النار يغشونها ، أي : يدخلونها ، فالغاشية كالدافة في حديث الأضاحي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : والراجح عندي أن الله تعالى أطلق ليعم ، فيجب أن تطلق ; ليعم أيضا .
والذي يظهر رجحانه - والله تعالى أعلم - : أنها في عموم القيامة ، وليس في خصوص النار ; فالنار من أهوال ودواهي القيامة ، وهو ما يشهد له القرآن في هذا السياق من عدة وجوه ، ومنها :
أنه جاء بعدها قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=2وجوه يومئذ [ 88 \ 2 ] ، ويوم أنسب للقيامة منه للنار .
ومنها : التصريح بعد ذلك ; بأن من كانت تلك صفاتهم : "
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=4تصلى نارا حامية " ، مما يدل على أن الغاشية شيء آخر سوى النار الحامية .
ومنها : أن التعميم ليوم القيامة يشمل جميع الخلائق ، وهو الأنسب بالموقف ، ثم ينجي الله الذين اتقوا .
وقد بين تعالى قسيم هذا الصنف ، مما يدل على أن الحديث المراد إلغاؤه ، إنما هو عن حالة عموم الموقف .
[ ص: 508 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
سُورَةُ الْغَاشِيَةِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29059_30291هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=2وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=3عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=4تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=5تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=6لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=7لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ
الْكَلَامُ فِي هَلْ هُنَا ، كَالْكَلَامِ فِي هَلْ الَّتِي فِي أَوَّلِ سُورَةِ " الْإِنْسَانِ " ، أَنَّهَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ أَوْ أَنَّهَا بِمَعْنَى قَدْ ؟
وَرَجَّحَ
أَبُو السُّعُودِ وَغَيْرُهُ : أَنَّهَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ ; لِلَفْتِ النَّظَرِ ، وَشِدَّةِ التَّعَجُّبِ ، وَالتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : " لَمْ يَكُنْ أَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ بِهِ " وَحَدِيثُ الْغَاشِيَةِ هُوَ خَبَرُهَا الَّذِي يَتَحَدَّثُ عَنْهَا .
وَالْغَاشِيَةُ قَالَ
أَبُو حَيَّانَ : أَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ : الدَّاهِيَةُ تَغْشَى النَّاسَ ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهَا هُنَا ، فَقِيلَ : يَوْمُ الْقِيَامَةِ .
وَقِيلَ : النَّارُ . وَاسْتَدَلَّ كُلُّ قَائِلٍ بِنُصُوصٍ . فَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=55يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ [ 29 \ 55 ] .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16785الْفَخْرُ الرَّازِيُّ : وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْقِيَامَةُ بِهَذَا الِاسْمِ ; لِأَنَّ مَا أَحَاطَ بِالشَّيْءِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ فَهُوَ غَاشٌّ لَهُ ، وَالْقِيَامَةُ كَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهَا تَرِدُ عَلَى الْخَلْقِ بَغْتَةً ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=107أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً [ 12 \ 107 ] .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا تَغْشَى النَّاسَ جَمِيعًا مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهَا تَغْشَى النَّاسَ بِالْأَهْوَالِ وَالشَّدَائِدَ .
[ ص: 509 ] وَمِنِ اسْتِدْلَالِهِمْ عَلَى أَنَّهَا النَّارُ ، قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=50وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ [ 14 \ 50 ] .
وَقِيلَ : الْغَاشِيَةُ أَهْلُ النَّارِ يَغْشَوْنَهَا ، أَيْ : يَدْخُلُونَهَا ، فَالْغَاشِيَةُ كَالدَّافَّةِ فِي حَدِيثِ الْأَضَاحِيِّ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : وَالرَّاجِحُ عِنْدِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ لِيَعُمَّ ، فَيَجِبُ أَنْ تُطْلَقَ ; لِيَعُمَّ أَيْضًا .
وَالَّذِي يَظْهَرُ رُجْحَانُهُ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - : أَنَّهَا فِي عُمُومِ الْقِيَامَةِ ، وَلَيْسَ فِي خُصُوصِ النَّارِ ; فَالنَّارُ مِنْ أَهْوَالِ وَدَوَاهِي الْقِيَامَةِ ، وَهُوَ مَا يَشْهَدُ لَهُ الْقُرْآنُ فِي هَذَا السِّيَاقِ مِنْ عِدَّةِ وُجُوهٍ ، وَمِنْهَا :
أَنَّهُ جَاءَ بَعْدَهَا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=2وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ [ 88 \ 2 ] ، وَيَوْمَ أَنْسَبُ لِلْقِيَامَةِ مِنْهُ لِلنَّارِ .
وَمِنْهَا : التَّصْرِيحُ بَعْدَ ذَلِكَ ; بِأَنَّ مَنْ كَانَتْ تِلْكَ صِفَاتُهُمْ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=4تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً " ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغَاشِيَةَ شَيْءٌ آخَرَ سِوَى النَّارِ الْحَامِيَةِ .
وَمِنْهَا : أَنَّ التَّعْمِيمَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ يَشْمَلُ جَمِيعَ الْخَلَائِقِ ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِالْمَوْقِفِ ، ثُمَّ يُنْجِي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا .
وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى قَسِيمَ هَذَا الصِّنْفِ ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُرَادَ إِلْغَاؤُهُ ، إِنَّمَا هُوَ عَنْ حَالَةِ عُمُومِ الْمَوْقِفِ .