[ ص: 7 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29066_33679ثم رددناه أسفل سافلين
. قيل : رد إلى الكبر والهرم وضعف الجسم والعقل .
إن الثمانين وبلغتها قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=68ومن نعمره ننكسه في الخلق [ 36 \ 68 ] .
وذكر الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه هذا القول ، وساق معه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=54الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة [ 30 \ 54 ] ، وساق آية التين هذه :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=5ثم رددناه أسفل سافلين ، وقال : على أحد التفسيرين ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا [ 22 \ 5 ] ، وهذا المعنى مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير .
وقيل : رد إلى النار بسبب كفره ، وهذا مروي عن
مجاهد والحسن .
وقد رجح
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير المعنى الأول ، وهو كما ترى ، ما يشهد له القرآن في النصوص التي قدمنا ، واستدل لهذا الوجه من نفس السورة . وذلك لأن الله تعالى قال في آخرها :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=7فما يكذبك بعد بالدين [ 95 \ 7 ] ، أي : بعد هذه الحجج الواضحة ، وهي بدء خلق الإنسان وتطوره إلى أحسن أمره ، ثم رده إلى أحط درجات العجز أسفل سافلين ، وهذا هو المشاهد لهم ، يحتج به عليهم .
أما رده إلى النار فأمر لم يشهده ولم يؤمنوا به ، فلا يصلح أن يكون دليلا يقيمه عليهم ; لأن من شأن الدليل أن ينقل من المعلوم إلى المجهول ، والبعث هو موضع إنكارهم ، فلا يحتج عليهم لإثبات ما ينكرونه بما ينكرونه ، وهذا الذي ذهب إليه واضح .
ومما يشهد لهذا الوجه : أن حالة الإنسان هذه في نشأته من نطفة ، فعلقة ، فطفل ، فغلام ، فشيخ ، فهرم ، وعجز . جاء مثلها في النبات وكلاهما من دلائل البعث ، كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان [ 57 \ 20 ]
[ ص: 8 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=21ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب [ 39 \ 21 ] .
فكذلك الإنسان ; لأنه كالنبات سواء كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=17والله أنبتكم من الأرض نباتا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا [ 71 \ 17 - 18 ] .
ويكون الاستثناء إلا الذين آمنوا فإنهم لا يصلون إلى حالة الخوف وأرذل العمر ; لأن المؤمن مهما طال عمره ، فهو في طاعة ، وفي ذكر الله فهو كامل العقل ، وقد تواتر عند العامة والخاصة أن حافظ كتاب الله المداوم على تلاوته ، لا يصاب بالخرف ولا الهذيان .
وقد شاهدنا شيخ القراء
بالمدينة المنورة الشيخ
حسن الشاعر ، لا زال على قيد الحياة عند كتابة هذه الأسطر تجاوز المائة بكثير ، وهو لا يزال يقرئ تلاميذه القرآن ، ويعلمهم القراءات العشر ، وقد يسمع لأكثر من شخص يقرءون في أكثر من موضع وهو يضبط على الجميع .
وقد روى
الشوكاني مثله ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال ذلك .
[ ص: 7 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29066_33679ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ
. قِيلَ : رُدَّ إِلَى الْكِبَرِ وَالْهَرَمِ وَضَعْفِ الْجِسْمِ وَالْعَقْلِ .
إِنَّ الثَّمَانِينَ وَبُلِّغْتُهَا قَدْ أَحْوَجَتْ سَمْعِي إِلَى تُرْجُمَان
كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=68وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ [ 36 \ 68 ] .
وَذَكَرَ الشَّيْخُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ هَذَا الْقَوْلَ ، وَسَاقَ مَعَهُ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=54اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً [ 30 \ 54 ] ، وَسَاقَ آيَةَ التِّينِ هَذِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=5ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ، وَقَالَ : عَلَى أَحَدِ التَّفْسِيرَيْنِ ، وَقَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا [ 22 \ 5 ] ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ .
وَقِيلَ : رُدَّ إِلَى النَّارِ بِسَبَبِ كُفْرِهِ ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ
مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ .
وَقَدْ رَجَّحَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ ، وَهُوَ كَمَا تَرَى ، مَا يَشْهَدُ لَهُ الْقُرْآنُ فِي النُّصُوصِ الَّتِي قَدَّمْنَا ، وَاسْتَدَلَّ لِهَذَا الْوَجْهِ مِنْ نَفْسِ السُّورَةِ . وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي آخِرِهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=7فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ [ 95 \ 7 ] ، أَيْ : بَعْدَ هَذِهِ الْحُجَجِ الْوَاضِحَةِ ، وَهِيَ بَدْءُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ وَتَطَوُّرُهُ إِلَى أَحْسَنِ أَمْرِهِ ، ثُمَّ رَدُّهُ إِلَى أَحَطِّ دَرَجَاتِ الْعَجْزِ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ، وَهَذَا هُوَ الْمُشَاهَدُ لَهُمْ ، يُحْتَجُّ بِهِ عَلَيْهِمْ .
أَمَّا رَدُّهُ إِلَى النَّارِ فَأَمْرٌ لَمْ يَشْهَدْهُ وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ ، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا يُقِيمُهُ عَلَيْهِمْ ; لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الدَّلِيلِ أَنْ يُنْقَلَ مِنَ الْمَعْلُومِ إِلَى الْمَجْهُولِ ، وَالْبَعْثُ هُوَ مَوْضِعُ إِنْكَارِهِمْ ، فَلَا يُحْتَجُّ عَلَيْهِمْ لِإِثْبَاتِ مَا يُنْكِرُونَهُ بِمَا يُنْكِرُونَهُ ، وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ وَاضِحٌ .
وَمِمَّا يَشْهَدُ لِهَذَا الْوَجْهِ : أَنَّ حَالَةَ الْإِنْسَانِ هَذِهِ فِي نَشْأَتِهِ مِنْ نُطْفَةٍ ، فَعَلَقَةٍ ، فَطِفْلٍ ، فَغُلَامٍ ، فَشَيْخٍ ، فَهَرَمٍ ، وَعَجْزٍ . جَاءَ مَثَلُهَا فِي النَّبَاتِ وَكِلَاهُمَا مِنْ دَلَائِلِ الْبَعْثِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ [ 57 \ 20 ]
[ ص: 8 ] وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=21أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ [ 39 \ 21 ] .
فَكَذَلِكَ الْإِنْسَانُ ; لِأَنَّهُ كَالنَّبَاتِ سَوَاءٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=17وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا [ 71 \ 17 - 18 ] .
وَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ إِلَى حَالَةِ الْخَوْفِ وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ ; لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ مَهْمَا طَالَ عُمُرُهُ ، فَهُوَ فِي طَاعَةٍ ، وَفِي ذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ كَامِلُ الْعَقْلِ ، وَقَدْ تَوَاتَرَ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ أَنَّ حَافِظَ كِتَابِ اللَّهِ الْمُدَاوِمَ عَلَى تِلَاوَتِهِ ، لَا يُصَابُ بِالْخَرَفِ وَلَا الْهَذَيَانِ .
وَقَدْ شَاهَدْنَا شَيْخَ الْقُرَّاءِ
بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ الشَّيْخَ
حَسَنَ الشَّاعِرَ ، لَا زَالَ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ عِنْدَ كِتَابَةِ هَذِهِ الْأَسْطُرِ تَجَاوَزَ الْمِائَةَ بِكَثِيرٍ ، وَهُوَ لَا يَزَالُ يُقْرِئُ تَلَامِيذَهُ الْقُرْآنَ ، وَيُعَلِّمُهُمُ الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرَ ، وَقَدْ يَسْمَعُ لِأَكْثَرَ مِنْ شَخْصٍ يَقْرَءُونَ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ وَهُوَ يَضْبُطُ عَلَى الْجَمِيعِ .
وَقَدْ رَوَى
الشَّوْكَانِيُّ مِثْلَهُ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ .