قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29068_26777ليلة القدر خير من ألف شهر .
القدر : الرفعة ، والقدر : بمعنى المقدار .
[ ص: 34 ] قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في مذكرة الإملاء ووجه تسميتها ليلة القدر فيه وجهان :
أحدهما : أن معنى القدر الشرف والرفعة ، كما تقول العرب : فلان ذو قدر ، أي : رفعة وشرف .
الوجه الثاني : أنها سميت ليلة القدر ; لأن الله تعالى يقدر فيها وقائع السنة ، ويدل لهذا التفسير الأخير قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=4فيها يفرق كل أمر حكيم nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=5أمرا من عندنا [ 44 \ 3 - 5 ] .
وهذا المعنى قد ذكره رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الدخان من الأضواء .
والواقع أن في السورة ما يدل للوجه الأول وهو القدر والرفعة ، وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=2وما أدراك ما ليلة القدر nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3ليلة القدر خير من ألف شهر .
فالتساؤل بهذا الأسلوب للتعظيم كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=1القارعة nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=2ما القارعة nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=3وما أدراك ما القارعة [ 101 \ 1 - 3 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3خير من ألف شهر ، فيه النص صراحة على علو قدرها ورفعتها ، إذ أنها تعدل في الزمن فوق ثلاث وثمانين سنة ، أي فوق متوسط أعمار هذه الأمة .
وأيضا كونها اختصت بإنزال القرآن فيها ، وبتنزل الملائكة والروح فيها ، وبكونها سلاما هي حتى مطلع الفجر ، لفيه الكفاية بما لم تختص وتشاركها فيه ليلة من ليالي السنة .
وعليه : فلا مانع من أن تكون سميت بليلة القدر ، لكونها محلا لتقدير الأمور في كل سنة ، وأنها بهذا وبغيره علا قدرها وعظم شأنها ، والله تعالى أعلم .
تذكير بنعمة كبرى : إذا كانت أعمال العبد تتضاعف في تلك الليلة ، حتى تكون خيرا من ألف شهر ، كما في هذا النص الكريم . فإذا صادفها العبد في
المسجد النبوي يصلي ، وصلاة فيه بألف صلاة ، فكم تكون النعمة وعظم المنة ، من المنعم المتفضل سبحانه ، إنه لمما يعلي الهمة ويعظم الرغبة .
وقد اقتصرت على ذكر
المسجد النبوي دون
المسجد الحرام ، مع زيادة المضاعفة
[ ص: 35 ] فيه ; لأن بعض المفسرين قال بمضاعفة السيئة فيه .
كذلك أي أن المعصية في ليلة القدر كالمعصية في ألف شهر ،
والمسجد الحرام يحاسب فيه العبد على مجرد الإرادة ، فيكون الخطر أعظم ، وفي
المدينة أسلم .
ولعل ما يؤيد ذلك أن ليالي القدر كلها ، كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم في
المدينة ، وقد أثبتها أهل السنة كافة ، وادعت
الشيعة نسخها ورفعها كلية ، وهذا لا يلتفت إليه لصحة النصوص شبه المتواترة .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29068_26777لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ .
الْقَدْرُ : الرِّفْعَةُ ، وَالْقَدْرُ : بِمَعْنَى الْمِقْدَارِ .
[ ص: 34 ] قَالَ الشَّيْخُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ فِي مُذَكِّرَةِ الْإِمْلَاءِ وَوَجْهِ تَسْمِيَتِهَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ مَعْنَى الْقَدْرِ الشَّرَفُ وَالرِّفْعَةُ ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ : فُلَانٌ ذُو قَدْرٍ ، أَيْ : رِفْعَةٍ وَشَرَفٍ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّهَا سُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقَدِّرُ فِيهَا وَقَائِعَ السَّنَةِ ، وَيَدُلُّ لِهَذَا التَّفْسِيرِ الْأَخِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=4فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=5أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا [ 44 \ 3 - 5 ] .
وَهَذَا الْمَعْنَى قَدْ ذَكَرَهُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ فِي سُورَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْأَضْوَاءِ .
وَالْوَاقِعُ أَنَّ فِي السُّورَةِ مَا يَدُلُّ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْقَدْرُ وَالرِّفْعَةُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=2وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ .
فَالتَّسَاؤُلُ بِهَذَا الْأُسْلُوبِ لِلتَّعْظِيمِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=1الْقَارِعَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=2مَا الْقَارِعَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=3وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ [ 101 \ 1 - 3 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، فِيهِ النَّصُّ صَرَاحَةً عَلَى عُلُوِّ قَدْرِهَا وَرِفْعَتِهَا ، إِذْ أَنَّهَا تَعْدِلُ فِي الزَّمَنِ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً ، أَيْ فَوْقَ مُتَوَسِّطِ أَعْمَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ .
وَأَيْضًا كَوْنُهَا اخْتَصَّتْ بِإِنْزَالِ الْقُرْآنِ فِيهَا ، وَبِتَنَزُّلِ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ فِيهَا ، وَبِكَوْنِهَا سَلَامًا هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ، لَفِيهِ الْكِفَايَةُ بِمَا لَمْ تَخْتَصَّ وَتُشَارِكْهَا فِيهِ لَيْلَةٌ مِنْ لَيَالِي السَّنَةِ .
وَعَلَيْهِ : فَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ تَكُونَ سُمِّيَتْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ ، لِكَوْنِهَا مَحَلًّا لِتَقْدِيرِ الْأُمُورِ فِي كُلِّ سَنَةٍ ، وَأَنَّهَا بِهَذَا وَبِغَيْرِهِ عَلَا قَدْرُهَا وَعَظُمَ شَأْنُهَا ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
تَذْكِيرٌ بِنِعْمَةٍ كُبْرَى : إِذَا كَانَتْ أَعْمَالُ الْعَبْدِ تَتَضَاعَفُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، حَتَّى تَكُونَ خَيْرًا مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، كَمَا فِي هَذَا النَّصِّ الْكَرِيمِ . فَإِذَا صَادَفَهَا الْعَبْدُ فِي
الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ يُصَلِّي ، وَصَلَاةٌ فِيهِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ ، فَكَمْ تَكُونُ النِّعْمَةُ وَعِظَمُ الْمِنَّةِ ، مِنَ الْمُنْعِمِ الْمُتَفَضِّلِ سُبْحَانَهُ ، إِنَّهُ لَمِمَّا يُعْلِي الْهِمَّةَ وَيُعَظِّمُ الرَّغْبَةَ .
وَقَدِ اقْتَصَرْتُ عَلَى ذِكْرِ
الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ دُونَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، مَعَ زِيَادَةِ الْمُضَاعَفَةِ
[ ص: 35 ] فِيهِ ; لِأَنَّ بَعْضَ الْمُفَسِّرِينَ قَالَ بِمُضَاعَفَةِ السَّيِّئَةِ فِيهِ .
كَذَلِكَ أَيْ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كَالْمَعْصِيَةِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ ،
وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ يُحَاسَبُ فِيهِ الْعَبْدُ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِرَادَةِ ، فَيَكُونُ الْخَطَرُ أَعْظَمَ ، وَفِي
الْمَدِينَةِ أَسْلَمَ .
وَلَعَلَّ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ لَيَالِيَ الْقَدْرِ كُلَّهَا ، كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
الْمَدِينَةِ ، وَقَدْ أَثْبَتَهَا أَهْلُ السُّنَّةِ كَافَّةً ، وَادَّعَتِ
الشِّيعَةُ نَسْخَهَا وَرَفْعَهَا كُلِّيَّةً ، وَهَذَا لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ لِصِحَّةِ النُّصُوصِ شِبْهِ الْمُتَوَاتِرَةِ .