nindex.php?page=treesubj&link=29070_29468قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=8ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .
في هاتين الآيتين مبحثان أحدهما في معنى من لعمومه ، والآخر في صيغة " يعمل " .
أما الأول فهو مطروق في جميع كتب التفسير على حد قولهم : من للعموم المسلم والكافر ، مع أن الكافر لا يرى من عمل الخير شيئا ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا [ 25 \ 23 ] ، وفي حق المسلم ، قد لا يرى كل ما عمل من شر ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ 4 \ 48 ] .
وقد بحث الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه هذه المسألة بتوسع في دفع إيهام الاضطراب بما يغني عن إيراده .
أما المبحث الثاني فلم أر من تناوله بالبحث ، وهو في صيغة " يعمل " ; لأنها صيغة مضارع ، وهي للحال والاستقبال .
والمقام في هذا السياق
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=6يومئذ يصدر الناس أشتاتا ، وهو يوم البعث ، وليس هناك مجال للعمل ، وكان مقتضى السياق أن يقال : فمن عمل مثقال ذرة خيرا يره . ولكن الصيغة هنا صيغة مضارع ، والمقام ليس مقام عمل ، ولكن في السياق ما يدل على أن المراد " يعمل مثقال ذرة " أي من الصنفين ما كان من ذلك ; لقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=6يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم ، فهم إنما يروا في ذلك اليوم أعمالهم التي عملوها من قبل ، فتكون صيغة المضارع هنا من باب الالتفات ، حيث كان السياق أولا من أول
[ ص: 59 ] السورة في معرض الإخبار عن المستقبل : إذا زلزلت الأرض زلزالها ، وإذا أخرجت الأرض أثقالها ، وإذا قال الإنسان ما لها . في ذلك اليوم الآتي تحدث أخبارها ، وفي ذلك اليوم يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم التي عملوها من قبل كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=40يوم ينظر المرء ما قدمت يداه [ 78 \ 40 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=49ووجدوا ما عملوا حاضرا [ 18 \ 49 ] .
ثم جاء الالتفات بمخاطبتهم على سبيل التنبيه والتحذير ، فمن يعمل الآن في الدنيا مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل الآن في الدنيا مثقال ذرة شرا يره في الآخرة ، ومثقال الذرة ، قيل : هي النملة الصغيرة ، لقول الشاعر :
من القاصرات الطرف لو دب محول من الذر فوق الإتب منها لأثرا
والإتب : قال في القاموس : الإتب بالكسر ، والمئتبة كمكنسة برد يشق ، فتلبسه المرأة من غير جيب ولا كمين ، وقيل : هي الهباء التي ترى في أشعة الشمس ، وكلاهما مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما .
وسيأتي زيادة إيضاح لكيفية الوزن في سورة القارعة إن شاء الله .
ولعل ذكر الذرة هنا على سبيل المثال لمعرفتهم لصغرها ; لأنه تعالى عمم العمل في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=40يوم ينظر المرء ما قدمت يداه [ 78 \ 40 ] ، أيا كان هو مثقال ذرة أو مثاقيل القناطير ، وقد جاء النص صريحا بذلك في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=61وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين [ 10 \ 61 ] .
وهنا تنبيهان : الأول من ناحية الأصول ، وهو أن النص على مثقال الذرة من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى ، فلا يمنع رؤية مثاقيل الجبال ، بل هي أولى وأحرى .
وهذا عند الأصوليين ما يسمى
nindex.php?page=treesubj&link=22063الإلحاق بنفي الفارق ، وقد يكون المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق به ، وقد يكون مساويا له ، فمن الأول هذه الآية وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما [ 17 \ 23 ] ، ومن المساوي قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا [ 4 \ 10 ] ، فإن إحراق ماله وإغراقه
[ ص: 60 ] ملحق بأكله ، بنفي الفارق وهو مساو لأكله في عموم الإتلاف عليه ، وهو عند الشافعي ما يسمى القياس في معنى الأصل ، أي النص .
التنبيه الثاني في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=61وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك .
رد على بعض المتكلمين في العصر الحاضر ، والمسمى بعصر الذرة ، إذ قالوا : لقد اعتبر القرآن الذرة أصغر شيء ، وأنها لا تقبل التقسيم ، كما يقول المناطقة : إنها الجوهر الفرد ، الذي لا يقبل الانقسام .
وجاء العلم الحديث ففتت الذرة وجعل لها أجزاء . ووجه الرد على تلك المقالة الجديدة ، على آيات من كتاب الله هو النص الصريح من مثقال ذرة ولا أصغر من ذلك إلا في كتاب .
فمعلوم ذلك عند الله ومثبت في كتاب ما هو أصغر من الذرة ، ولا حد لهذا الأصغر بأي نسبة كانت ، فهو شامل لتفجير الذرة ولأجزائها مهما صغرت تلك الأجزاء .
سبحانك ما أعظم شأنك ، وأعظم كتابك ، وصدق الله إذ يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38ما فرطنا في الكتاب من شيء [ 6 \ 38 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=29070_29468قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=8وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ .
فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مَبْحَثَانِ أَحَدُهُمَا فِي مَعْنَى مَنْ لِعُمُومِهِ ، وَالْآخَرُ فِي صِيغَةِ " يَعْمَلْ " .
أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ مَطْرُوقٌ فِي جَمِيعِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ : مَنْ لِلْعُمُومِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ ، مَعَ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرَى مِنْ عَمَلِ الْخَيْرِ شَيْئًا ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [ 25 \ 23 ] ، وَفِي حَقِّ الْمُسْلِمِ ، قَدْ لَا يَرَى كُلَّ مَا عَمِلَ مِنْ شَرٍّ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [ 4 \ 48 ] .
وَقَدْ بَحَثَ الشَّيْخُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِتَوَسُّعٍ فِي دَفْعِ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِيرَادِهِ .
أَمَّا الْمَبْحَثُ الثَّانِي فَلَمْ أَرَ مَنْ تَنَاوَلَهُ بِالْبَحْثِ ، وَهُوَ فِي صِيغَةِ " يَعْمَلْ " ; لِأَنَّهَا صِيغَةُ مُضَارِعٍ ، وَهِيَ لِلْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ .
وَالْمَقَامُ فِي هَذَا السِّيَاقِ
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=6يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا ، وَهُوَ يَوْمُ الْبَعْثِ ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَجَالٌ لِلْعَمَلِ ، وَكَانَ مُقْتَضَى السِّيَاقِ أَنْ يُقَالَ : فَمَنْ عَمِلَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَلَكِنَّ الصِّيغَةَ هُنَا صِيغَةُ مُضَارِعٍ ، وَالْمَقَامَ لَيْسَ مَقَامَ عَمَلٍ ، وَلَكِنْ فِي السِّيَاقِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ " يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ " أَيْ مِنَ الصِّنْفَيْنِ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=6يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ، فَهُمْ إِنَّمَا يُرَوْا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَعْمَالَهُمُ الَّتِي عَمِلُوهَا مِنْ قَبْلُ ، فَتَكُونُ صِيغَةُ الْمُضَارِعِ هُنَا مِنْ بَابِ الِالْتِفَاتِ ، حَيْثُ كَانَ السِّيَاقُ أَوَّلًا مِنْ أَوَّلِ
[ ص: 59 ] السُّورَةِ فِي مَعْرِضِ الْإِخْبَارِ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ : إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ، وَإِذَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ، وَإِذَا قَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا . فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْآتِي تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ، وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمُ الَّتِي عَمِلُوهَا مِنْ قَبْلُ كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=40يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ [ 78 \ 40 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=49وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا [ 18 \ 49 ] .
ثُمَّ جَاءَ الِالْتِفَاتُ بِمُخَاطَبَتِهِمْ عَلَى سَبِيلِ التَّنْبِيهِ وَالتَّحْذِيرِ ، فَمَنْ يَعْمَلِ الْآنَ فِي الدُّنْيَا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلِ الْآنَ فِي الدُّنْيَا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَمِثْقَالُ الذَّرَّةِ ، قِيلَ : هِيَ النَّمْلَةُ الصَّغِيرَةُ ، لِقَوْلِ الشَّاعِرِ :
مِنَ الْقَاصِرَاتِ الطَّرْفَ لَوْ دَبَّ مُحْوِلٌ مِنَ الذَّرِّ فَوْقَ الْإِتْبِ مِنْهَا لَأَثَّرَا
وَالْإِتْبُ : قَالَ فِي الْقَامُوسِ : الْإِتْبُ بِالْكَسْرِ ، وَالْمِئْتَبَةُ كَمِكْنَسَةٍ بُرْدٌ يُشَقُّ ، فَتَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ مِنْ غَيْرِ جَيْبٍ وَلَا كُمَّيْنِ ، وَقِيلَ : هِيَ الْهَبَاءُ الَّتِي تُرَى فِي أَشِعَّةِ الشَّمْسِ ، وَكِلَاهُمَا مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .
وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ إِيضَاحٍ لِكَيْفِيَّةِ الْوَزْنِ فِي سُورَةِ الْقَارِعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
وَلَعَلَّ ذِكْرَ الذَّرَّةِ هُنَا عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ لِمَعْرِفَتِهِمْ لِصِغَرِهَا ; لِأَنَّهُ تَعَالَى عَمَّمَ الْعَمَلَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=40يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ [ 78 \ 40 ] ، أَيًّا كَانَ هُوَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ أَوْ مَثَاقِيلَ الْقَنَاطِيرِ ، وَقَدْ جَاءَ النَّصُّ صَرِيحًا بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=61وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [ 10 \ 61 ] .
وَهُنَا تَنْبِيهَانِ : الْأَوَّلُ مِنْ نَاحِيَةِ الْأُصُولِ ، وَهُوَ أَنَّ النَّصَّ عَلَى مِثْقَالِ الذَّرَّةِ مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى ، فَلَا يَمْنَعُ رُؤْيَةَ مَثَاقِيلِ الْجِبَالِ ، بَلْ هِيَ أَوْلَى وَأَحْرَى .
وَهَذَا عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ مَا يُسَمَّى
nindex.php?page=treesubj&link=22063الْإِلْحَاقُ بِنَفْيِ الْفَارِقِ ، وَقَدْ يَكُونُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنَ الْمَنْطُوقِ بِهِ ، وَقَدْ يَكُونُ مُسَاوِيًا لَهُ ، فَمِنَ الْأَوَّلِ هَذِهِ الْآيَةُ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا [ 17 \ 23 ] ، وَمِنَ الْمُسَاوِي قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا [ 4 \ 10 ] ، فَإِنَّ إِحْرَاقَ مَالِهِ وَإِغْرَاقَهُ
[ ص: 60 ] مُلْحَقٌ بِأَكْلِهِ ، بِنَفْيِ الْفَارِقِ وَهُوَ مُسَاوٍ لِأَكْلِهِ فِي عُمُومِ الْإِتْلَافِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَا يُسَمَّى الْقِيَاسُ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ ، أَيِ النَّصِّ .
التَّنْبِيهُ الثَّانِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=61وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ .
رَدٌّ عَلَى بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْعَصْرِ الْحَاضِرِ ، وَالْمُسَمَّى بِعَصْرِ الذَّرَّةِ ، إِذْ قَالُوا : لَقَدِ اعْتَبَرَ الْقُرْآنُ الذَّرَّةَ أَصْغَرَ شَيْءٍ ، وَأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ التَّقْسِيمَ ، كَمَا يَقُولُ الْمَنَاطِقَةُ : إِنَّهَا الْجَوْهَرُ الْفَرْدُ ، الَّذِي لَا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ .
وَجَاءَ الْعِلْمُ الْحَدِيثُ فَفَتَّتَ الذَّرَّةَ وَجَعَلَ لَهَا أَجْزَاءً . وَوَجْهُ الرَّدِّ عَلَى تِلْكَ الْمَقَالَةِ الْجَدِيدَةِ ، عَلَى آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ هُوَ النَّصُّ الصَّرِيحُ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا فِي كِتَابٍ .
فَمَعْلُومٌ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَمُثْبَتٌ فِي كِتَابٍ مَا هُوَ أَصْغَرُ مِنَ الذَّرَّةِ ، وَلَا حَدَّ لِهَذَا الْأَصْغَرِ بِأَيِّ نِسْبَةٍ كَانَتْ ، فَهُوَ شَامِلٌ لِتَفْجِيرِ الذَّرَّةِ وَلِأَجْزَائِهَا مَهْمَا صَغُرَتْ تِلْكَ الْأَجْزَاءُ .
سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ شَأْنُكَ ، وَأَعْظَمَ كِتَابُكَ ، وَصَدَقَ اللَّهُ إِذْ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ [ 6 \ 38 ] .