قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29073كلا لو تعلمون علم اليقين nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=6لترون الجحيم nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=7ثم لترونها عين اليقين .
لو : هنا شرطية ، جوابها محذوف باتفاق قدره
ابن كثير أي لو علمتم حق العلم ، لما ألهاكم التكاثر عن طلب الآخرة ، حتى صرتم إلى المقابر ، وعلم اليقين : أجاز
أبو حيان إضافة الشيء لنفسه ، أي : لمغايرة الوصف ، إذ العلم هو اليقين ، ولكنه آكد منه .
وعن
حسان قوله :
سرنا وساروا إلى بدر لحتفهم لو يعلمون يقين العلم ما ساروا
و "
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=6لترون الجحيم " : جواب لقسم محذوف .
وقال : المراد برؤيتها عند أول البعث ، أو عند الورود ، أو عند ما يتكشف الحال في القبر .
"
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=7ثم لترونها عين اليقين " : قيل : هذا للكافر عند دخولها ، هذا حاصل كلام المفسرين .
ومعلوم أن هذا ليس لمجرد الإخبار برؤيتها ، ولكن وعيد شديد وتخويف بها ; لأن مجرد الرؤية معلوم : "
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وإن منكم إلا واردها " [ 19 \ 71 ] ، ولكن هذه الرؤية أخص ، كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=53ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها [ 18 \ 53 ] ، أي : أيقنوا بدليل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=53ولم يجدوا عنها مصرفا [ 18 \ 53 ] .
وقد يبدو وجه في هذا المقام ، وهو أن الرؤية هنا للنار نوعان :
الرؤية الأولى : رؤية علم وتيقن ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=5لو تعلمون علم اليقين ، علما تستيقنون به حقيقة يوم القيامة لأصبحتم بمثابة من يشاهد أهواله ويشهد بأحواله ، كما في حديث الإحسان : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009873أن تعبد الله كأنك تراه " .
[ ص: 83 ] وقد وقع مثله في قصة الصديق لما أخبر نبأ الإسراء ، فقال : " صدق محمد ، فقالوا : تصدقه وأنت لم تسمع منه ؟ قال : إني لأصدقه على أكثر من ذلك " .
فلعلمه علم اليقين بصدقه صلى الله عليه وسلم فيما يخبر ، صدق بالإسراء كأنه يراه .
وتكون الرؤية الثانية رؤية عين ومشاهدة ، فهو عين اليقين .
وقد قدمنا
nindex.php?page=treesubj&link=18477مراتب العلم الثلاث : علم اليقين ، وعين اليقين ، وحق اليقين .
فالعلم : ما كان عن دلائل .
وعين اليقين : ما كان عن مشاهدة .
وحق اليقين : ما كان عن ملابسة ومخالطة ، كما يحصل العلم
بالكعبة ، وجهتها فهو علم اليقين ، فإذا رآها فهو عين اليقين بوجودها . فإذا دخلها وكان في جوفها فهو حق اليقين بوجودها . والله تعالى أعلم .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29073كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=6لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=7ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ .
لَوْ : هُنَا شَرْطِيَّةٌ ، جَوَابُهَا مَحْذُوفٌ بِاتِّفَاقٍ قَدَّرَهُ
ابْنُ كَثِيرٍ أَيْ لَوْ عَلِمْتُمْ حَقَّ الْعِلْمِ ، لَمَا أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ عَنْ طَلَبِ الْآخِرَةِ ، حَتَّى صِرْتُمْ إِلَى الْمَقَابِرِ ، وَعِلْمُ الْيَقِينِ : أَجَازَ
أَبُو حَيَّانَ إِضَافَةَ الشَّيْءِ لِنَفْسِهِ ، أَيْ : لِمُغَايِرَةِ الْوَصْفِ ، إِذِ الْعِلْمُ هُوَ الْيَقِينُ ، وَلَكِنَّهُ آكَدُ مِنْهُ .
وَعَنْ
حَسَّانَ قَوْلُهُ :
سِرْنَا وَسَارُوا إِلَى بَدْرٍ لِحَتْفِهِمُ لَوْ يَعْلَمُونَ يَقِينَ الْعِلْمِ مَا سَارُوا
وَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=6لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ " : جَوَابٌ لِقَسَمٍ مَحْذُوفٍ .
وَقَالَ : الْمُرَادُ بِرُؤْيَتِهَا عِنْدَ أَوَّلِ الْبَعْثِ ، أَوْ عِنْدَ الْوُرُودِ ، أَوْ عِنْدَ مَا يَتَكَشَّفُ الْحَالُ فِي الْقَبْرِ .
"
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=7ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ " : قِيلَ : هَذَا لِلْكَافِرِ عِنْدَ دُخُولِهَا ، هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الْمُفَسِّرِينَ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ لِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ بِرُؤْيَتِهَا ، وَلَكِنْ وَعِيدٌ شَدِيدٌ وَتَخْوِيفٌ بِهَا ; لِأَنَّ مُجَرَّدَ الرُّؤْيَةِ مَعْلُومٌ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا " [ 19 \ 71 ] ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الرُّؤْيَةَ أَخَصُّ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=53وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا [ 18 \ 53 ] ، أَيْ : أَيْقَنُوا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=53وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا [ 18 \ 53 ] .
وَقَدْ يَبْدُو وَجْهٌ فِي هَذَا الْمَقَامِ ، وَهُوَ أَنَّ الرُّؤْيَةَ هُنَا لِلنَّارِ نَوْعَانِ :
الرُّؤْيَةُ الْأُولَى : رُؤْيَةُ عِلْمٍ وَتَيَقُّنٍ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=5لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ، عِلْمًا تَسْتَيْقِنُونَ بِهِ حَقِيقَةَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَصْبَحْتُمْ بِمَثَابَةِ مَنْ يُشَاهِدُ أَهْوَالَهُ وَيَشْهَدُ بِأَحْوَالِهِ ، كَمَا فِي حَدِيثِ الْإِحْسَانِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009873أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ " .
[ ص: 83 ] وَقَدْ وَقَعَ مِثْلُهُ فِي قِصَّةِ الصِّدِيقِ لَمَّا أُخْبِرَ نَبَأَ الْإِسْرَاءِ ، فَقَالَ : " صَدَقَ مُحَمَّدٌ ، فَقَالُوا : تُصَدِّقُهُ وَأَنْتَ لَمْ تَسْمَعْ مِنْهُ ؟ قَالَ : إِنِّي لَأُصَدِّقُهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ " .
فَلِعِلْمِهِ عِلْمَ الْيَقِينِ بِصِدْقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يُخْبِرُ ، صَدَّقَ بِالْإِسْرَاءِ كَأَنَّهُ يَرَاهُ .
وَتَكُونُ الرُّؤْيَةُ الثَّانِيَةُ رُؤْيَةَ عَيْنٍ وَمُشَاهَدَةٍ ، فَهُوَ عَيْنُ الْيَقِينِ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا
nindex.php?page=treesubj&link=18477مَرَاتِبَ الْعِلْمِ الثَّلَاثَ : عِلْمُ الْيَقِينِ ، وَعَيْنُ الْيَقِينِ ، وَحَقُّ الْيَقِينِ .
فَالْعِلْمُ : مَا كَانَ عَنْ دَلَائِلَ .
وَعَيْنُ الْيَقِينِ : مَا كَانَ عَنْ مُشَاهَدَةٍ .
وَحَقُّ الْيَقِينِ : مَا كَانَ عَنْ مُلَابَسَةٍ وَمُخَالَطَةٍ ، كَمَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ
بِالْكَعْبَةِ ، وَجِهَتِهَا فَهُوَ عِلْمُ الْيَقِينِ ، فَإِذَا رَآهَا فَهُوَ عَيْنُ الْيَقِينِ بِوُجُودِهَا . فَإِذَا دَخَلَهَا وَكَانَ فِي جَوْفِهَا فَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ بِوُجُودِهَا . وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .