تنبيه
في هذه السورة ، وفي آية :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=9والذين هم على صلواتهم يحافظون [ 23 \ 9 ] ، التي هي من صفات المؤمنين معادلة كبيرة .
إحداهما : في
nindex.php?page=treesubj&link=23391_26724المنافقين تاركي الصلاة أو مضيعيها .
والأخرى في المؤمنين المحافظين عليها ، أي أن الصلاة هي المقياس والحد الفاصل .
وعليه قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009885العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن ترك الصلاة فقد كفر " .
أما أثر الصلاة في الإسلام ، وعلى الفرد والجماعة ، فهي أعظم من أن تذكر .
وقد وجدنا بعض آثارها وهو المراءاة في العمل ، أي ازدواج الشخصية والانعزال في منع الماعون ، أي لا يمد يد العون ولو باليسير لمجتمعه الذي يعيش فيه ، وقد جاءت نصوص صريحة في مهمة الصلاة عاجله وآجله .
ففي العاجل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=45إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر [ 29 \ 45 ] ، ومن الفحشاء : دع اليتيم وعدم إطعام المسكين ، في الدرجة الأولى .
[ ص: 118 ] ومنها : كل رذيلة منكرة ، فهي إذن سياج للإنسان يصونه عن كل رذيلة . وهي عون على كل شديدة ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45واستعينوا بالصبر والصلاة [ 2 \ 45 ] فجعلها قرينة الصبر في التغلب على الصعاب ، وهي في الآخرة نور ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=12يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم الآية [ 57 \ 12 ] ، مع قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009886إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء " .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29078ويمنعون الماعون ، قيل : في الماعون الزكاة لقلتها ، والماعون : القليل ، والماعون : المال في لغة قريش .
وقيل : هو ما يعين على أي عمل ، ومنه الدلو والفأس والإبرة والقدر ، ونحو ذلك .
وإذا كان السهو عن الصلاة يحمل على منع الماعون ، فإن من يمنع الماعون وهو الآلة أو الإناء يقضي به الحاجة ثم يرد ، كما هو بدون نقصان ، فلأن يمنع الصدقة أو الزكاة من باب أولى .
ومن هنا : لم يكن المنافق ليزكي ماله ولا يتصدق على محتاج ، بل ولا يقرض آخر قرضا حسنا . ولذا نجد تفشي الربا في المنافقين أشد وأكثر .
وهنا يأتي مبحثان : الأول منهما : حكم الرياء وما حده ؟
والثاني : حكم العارية .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=18691الرياء : فقيل هو مشتق من الرؤية ، والمراد به إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمد عليها ، وقد جاء في الحديث تسميته الشرك الخفي : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009887إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفي ، قالوا : وما الشرك الخفي يا رسول الله ؟ قال : الرياء ، فإنه أخفى في نفوسكم من دبيب النمل " .
وجاء قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا [ 18 \ 110 ] .
وبيان الشرك فيه أنه يعمل العمل مما هو أصلا لله ، كالصلاة أو الصدقة أو الحج ، ولكنه يظهره لقصد أن يحمده الناس عليه .
[ ص: 119 ] فكأن هذا الجزء منه مشاركة مع الله ، حيث أصبح من عمله جزء لطلب الثناء من الناس عليه .
وقد جاء حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند
مسلم : يقول الله تعالى : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009888أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، فمن عمل عملا أشرك معي غيري تركته وشركه " .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=18711حكم الرياء في العمل ، ففي هذا النص دلالة على رد العمل على صاحبه ، وتركه له .
فقيل : إنه يكون لا له فيه ، ولا عليه منه .
فقيل : لا يخلو من ذم ، كما حذر الله تعالى منه بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=47ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس [ 8 \ 47 ] .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009889من راءى راءى الله به ، ومن سمع سمع الله به " رواه
مسلم .
والتسميع : هو العمل ليسمع الناس به كما في حديث الوليمة " في اليوم الأول والثاني والثالث سمعة . ومن سمع سمع به " .
فالرياء مرجعه إلى الرؤية ، والتسميع مرجعه إلى السماع .
ومعلوم أنها نزلت في
قريش يوم
بدر ، وقد أحبط الله عملهم ، وردهم على أعقابهم .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وقيل : إنه محبط للأعمال لمسمى الشرك لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به [ 4 \ 48 ] .
وأجيب : بأنه يحبط العمل الذي هو فيه فقط ، فإن راءى في الصلاة أحبطها ولا يتعدى إلى الصوم ، وإن راءى في صلاة نافلة لا يتعدى إحباطها إلى صلاة فريضة ، وهكذا ، قد يبدأ عملا خالصا لله ، ثم يطرأ عليه شبح الرياء ، فهل يسلم له عمله أو يحبطه ما طرأ عليه من الرياء ؟
فقالوا : إن كان خاطرا ودفعه عنه فلا يضره ، وإن استرسل معه . فقد رجح
أحمد [ ص: 120 ] nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عدم بطلان العمل نظرا لسلامة القصد ابتداء .
ودليلهم في ذلك : ما روى
أبو داود في مراسيله عن
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني nindex.php?page=hadith&LINKID=1009890أن رجلا قال : يا رسول الله ، إن بني سلمة كلهم يقاتل ، فمنهم من يقاتل للدنيا ، ومنهم من يقاتل نجدة ، ومنهم من يقاتل ابتغاء وجه الله تعالى قال : " كلهم إذا كان أصل أمره أن تكون كلمة الله هي العليا " .
وذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : أن هذا في العمل الذي يرتبط آخره بأوله ، كالصلاة والصيام .
أما ما كان مثل القراءة والعلم . فإنه يلزمه تجديد النية الخالصة لله ، أي لأن كل جزء من القراءة ، وكل جزء من طلب العلم مستقل بنفسه ، فلا يرتبط بما قبله .
وهناك مسألة : وهي أن
nindex.php?page=treesubj&link=18713العبد يعمل العمل لله خالصا ، ثم يطلع عليه بعض الناس ، فيحسنون الثناء عليه فيعجبه ذلك . فلا خلاف أنه ليس من الرياء في شيء لما جاء في حديث
أبي ذر رضي الله عنه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009891أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يعمل من الخير يحمده الناس عليه ، فقال صلى الله عليه وسلم " عاجل بشرى المسلم " رواه
مسلم .
وقد ذكر بعض العلماء : أن من كان
nindex.php?page=treesubj&link=18712_18713يعمل عملا خفيا ، ثم حضر بعض الناس فتركه من أجلهم خشية الرياء ، أنه يدخل في الرياء ; لأنه يضعف في نفسه أن يخلص النية لله ، وفي هذا بعد ومشقة .
تَنْبِيهٌ
فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، وَفِي آيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=9وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [ 23 \ 9 ] ، الَّتِي هِيَ مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مُعَادَلَةٌ كَبِيرَةٌ .
إِحْدَاهُمَا : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=23391_26724الْمُنَافِقِينَ تَارِكِي الصَّلَاةِ أَوْ مُضَيِّعِيهَا .
وَالْأُخْرَى فِي الْمُؤْمِنِينَ الْمُحَافِظِينَ عَلَيْهَا ، أَيْ أَنَّ الصَّلَاةَ هِيَ الْمِقْيَاسُ وَالْحَدُّ الْفَاصِلُ .
وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009885الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ ، فَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ " .
أَمَّا أَثَرُ الصَّلَاةِ فِي الْإِسْلَامِ ، وَعَلَى الْفَرْدِ وَالْجَمَاعَةِ ، فَهِيَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ .
وَقَدْ وَجَدْنَا بَعْضَ آثَارِهَا وَهُوَ الْمُرَاءَاةُ فِي الْعَمَلِ ، أَيِ ازْدِوَاجُ الشَّخْصِيَّةِ وَالِانْعِزَالُ فِي مَنْعِ الْمَاعُونِ ، أَيْ لَا يَمُدُّ يَدَ الْعَوْنِ وَلَوْ بِالْيَسِيرِ لِمُجْتَمَعِهِ الَّذِي يَعِيشُ فِيهِ ، وَقَدْ جَاءَتْ نُصُوصٌ صَرِيحَةٌ فِي مُهِمَّةِ الصَّلَاةِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ .
فَفِي الْعَاجِلِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=45إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [ 29 \ 45 ] ، وَمِنَ الْفَحْشَاءِ : دَعُّ الْيَتِيمَ وَعَدَمُ إِطْعَامِ الْمِسْكِينِ ، فِي الدَّرَجَةِ الْأُولَى .
[ ص: 118 ] وَمِنْهَا : كُلُّ رَذِيلَةٍ مُنْكَرَةٍ ، فَهِيَ إِذَنْ سِيَاجٌ لِلْإِنْسَانِ يَصُونُهُ عَنْ كُلِّ رَذِيلَةٍ . وَهِيَ عَوْنٌ عَلَى كُلِّ شَدِيدَةٍ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ [ 2 \ 45 ] فَجَعَلَهَا قَرِينَةَ الصَّبْرِ فِي التَّغَلُّبِ عَلَى الصِّعَابِ ، وَهِيَ فِي الْآخِرَةِ نُورٌ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=12يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ الْآيَةَ [ 57 \ 12 ] ، مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009886إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ " .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29078وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ، قِيلَ : فِي الْمَاعُونِ الزَّكَاةُ لِقِلَّتِهَا ، وَالْمَاعُونُ : الْقَلِيلُ ، وَالْمَاعُونُ : الْمَالُ فِي لُغَةِ قُرَيْشٍ .
وَقِيلَ : هُوَ مَا يُعِينُ عَلَى أَيِّ عَمَلٍ ، وَمِنْهُ الدَّلْوُ وَالْفَأْسُ وَالْإِبْرَةُ وَالْقِدْرُ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ .
وَإِذَا كَانَ السَّهْوُ عَنِ الصَّلَاةِ يَحْمِلُ عَلَى مَنْعِ الْمَاعُونِ ، فَإِنَّ مَنْ يَمْنَعُ الْمَاعُونَ وَهُوَ الْآلَةُ أَوِ الْإِنَاءُ يَقْضِي بِهِ الْحَاجَةَ ثُمَّ يُرَدُّ ، كَمَا هُوَ بِدُونِ نُقْصَانٍ ، فَلِأَنْ يَمْنَعَ الصَّدَقَةَ أَوِ الزَّكَاةَ مِنْ بَابٍ أَوْلَى .
وَمِنْ هُنَا : لَمْ يَكُنِ الْمُنَافِقُ لِيُزَكِّيَ مَالَهُ وَلَا يَتَصَدَّقَ عَلَى مُحْتَاجٍ ، بَلْ وَلَا يُقْرِضَ آخَرَ قَرْضًا حَسَنًا . وَلِذَا نَجِدُ تَفَشِّي الرِّبَا فِي الْمُنَافِقِينَ أَشَدَّ وَأَكْثَرَ .
وَهُنَا يَأْتِي مَبْحَثَانِ : الْأَوَّلُ مِنْهُمَا : حُكْمُ الرِّيَاءِ وَمَا حَدَّهُ ؟
وَالثَّانِي : حُكْمُ الْعَارِيَةِ .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=18691الرِّيَاءُ : فَقِيلَ هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الرُّؤْيَةِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ إِظْهَارُ الْعِبَادَةِ لِقَصْدِ رُؤْيَةِ النَّاسِ لَهَا فَيُحْمَدُ عَلَيْهَا ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ تَسْمِيَتُهُ الشِّرْكَ الْخَفِيَّ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009887إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ ، قَالُوا : وَمَا الشِّرْكُ الْخَفِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الرِّيَاءُ ، فَإِنَّهُ أَخْفَى فِي نُفُوسِكُمْ مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ " .
وَجَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [ 18 \ 110 ] .
وَبَيَانُ الشِّرْكِ فِيهِ أَنَّهُ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِمَّا هُوَ أَصْلًا لِلَّهِ ، كَالصَّلَاةِ أَوِ الصَّدَقَةِ أَوِ الْحَجِّ ، وَلَكِنَّهُ يُظْهِرُهُ لِقَصْدِ أَنْ يَحْمَدَهُ النَّاسُ عَلَيْهِ .
[ ص: 119 ] فَكَأَنَّ هَذَا الْجُزْءَ مِنْهُ مُشَارَكَةٌ مَعَ اللَّهِ ، حَيْثُ أَصْبَحَ مِنْ عَمَلِهِ جُزْءٌ لِطَلَبِ الثَّنَاءِ مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ .
وَقَدْ جَاءَ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ
مُسْلِمٍ : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009888أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ ، فَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ " .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=18711حُكْمُ الرِّيَاءِ فِي الْعَمَلِ ، فَفِي هَذَا النَّصِّ دَلَالَةٌ عَلَى رَدِّ الْعَمَلِ عَلَى صَاحِبِهِ ، وَتَرْكِهِ لَهُ .
فَقِيلَ : إِنَّهُ يَكُونُ لَا لَهُ فِيهِ ، وَلَا عَلَيْهِ مِنْهُ .
فَقِيلَ : لَا يَخْلُو مِنْ ذَمٍّ ، كَمَا حَذَّرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=47وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ [ 8 \ 47 ] .
وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009889مَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ ، وَمَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ " رَوَاهُ
مُسْلِمٌ .
وَالتَّسْمِيعُ : هُوَ الْعَمَلُ لِيَسْمَعَ النَّاسُ بِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْوَلِيمَةِ " فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ سُمْعَةٌ . وَمَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ بِهِ " .
فَالرِّيَاءُ مَرْجِعُهُ إِلَى الرُّؤْيَةِ ، وَالتَّسْمِيعُ مَرْجِعُهُ إِلَى السَّمَاعِ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
قُرَيْشٍ يَوْمَ
بَدْرٍ ، وَقَدْ أَحْبَطَ اللَّهُ عَمَلَهُمْ ، وَرَدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ .
وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ مُحْبِطٌ لِلْأَعْمَالِ لِمُسَمَّى الشِّرْكِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [ 4 \ 48 ] .
وَأُجِيبَ : بِأَنَّهُ يُحْبِطُ الْعَمَلَ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَقَطْ ، فَإِنْ رَاءَى فِي الصَّلَاةِ أَحْبَطَهَا وَلَا يَتَعَدَّى إِلَى الصَّوْمِ ، وَإِنْ رَاءَى فِي صَلَاةِ نَافِلَةٍ لَا يَتَعَدَّى إِحْبَاطَهَا إِلَى صَلَاةِ فَرِيضَةٍ ، وَهَكَذَا ، قَدْ يَبْدَأُ عَمَلًا خَالِصًا لِلَّهِ ، ثُمَّ يَطْرَأُ عَلَيْهِ شَبَحُ الرِّيَاءِ ، فَهَلْ يَسْلَمُ لَهُ عَمَلُهُ أَوْ يُحْبِطُهُ مَا طَرَأَ عَلَيْهِ مِنَ الرِّيَاءِ ؟
فَقَالُوا : إِنْ كَانَ خَاطِرًا وَدَفَعَهُ عَنْهُ فَلَا يَضُرُّهُ ، وَإِنِ اسْتَرْسَلَ مَعَهُ . فَقَدْ رَجَّحَ
أَحْمَدُ [ ص: 120 ] nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ عَدَمَ بُطْلَانِ الْعَمَلِ نَظَرًا لِسَلَامَةِ الْقَصْدِ ابْتِدَاءً .
وَدَلِيلُهُمْ فِي ذَلِكَ : مَا رَوَى
أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16566عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ nindex.php?page=hadith&LINKID=1009890أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ بَنِي سَلَمَةَ كُلُّهُمْ يُقَاتِلُ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُقَاتِلُ لِلدُّنْيَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَاتِلُ نَجْدَةً ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَاتِلُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ : " كُلُّهُمْ إِذَا كَانَ أَصْلُ أَمْرِهِ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا " .
وَذُكِرَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنِ جَرِيرٍ : أَنَّ هَذَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي يَرْتَبِطُ آخِرُهُ بِأَوَّلِهِ ، كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ .
أَمَّا مَا كَانَ مِثْلَ الْقِرَاءَةِ وَالْعِلْمِ . فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ ، أَيْ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الْقِرَاءَةِ ، وَكُلَّ جُزْءٍ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ ، فَلَا يَرْتَبِطُ بِمَا قَبْلَهُ .
وَهُنَاكَ مَسْأَلَةٌ : وَهِيَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18713الْعَبْدَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ لِلَّهِ خَالِصًا ، ثُمَّ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ بَعْضُ النَّاسِ ، فَيُحْسِنُونَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ فَيُعْجِبُهُ ذَلِكَ . فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الرِّيَاءِ فِي شَيْءٍ لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ
أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009891أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَعْمَلُ مِنَ الْخَيْرِ يَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " عَاجِلُ بُشْرَى الْمُسْلِمِ " رَوَاهُ
مُسْلِمٌ .
وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : أَنَّ مَنْ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=18712_18713يَعْمَلُ عَمَلًا خَفِيًّا ، ثُمَّ حَضَرَ بَعْضُ النَّاسِ فَتَرَكَهُ مِنْ أَجْلِهِمْ خَشْيَةَ الرِّيَاءِ ، أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الرِّيَاءِ ; لِأَنَّهُ يَضْعُفُ فِي نَفْسِهِ أَنَّ يُخْلِصَ النِّيَّةَ لِلَّهِ ، وَفِي هَذَا بُعْدٌ وَمَشَقَّةٌ .