[ ص: 157 ] المعوذتان سورة الفلق وسورة الناس 
يذكر المفسرون عن  ابن مسعود  أنه كان يراهما معوذتين من غير القرآن ، ولكن  أبي بن كعب  قال : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني أن جبريل  عليه السلام قال له : قل أعوذ برب الفلق    [ 113 \ 1 ] فقلتها وقال قل أعوذ برب الناس    [ 114 \ 1 ] فقلتها فنحن نقول ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ، ذكره ابن كثير  عن  الإمام أحمد    . وذكر نحوه عن  البخاري  ثم قال : ثم قد رجع عن قوله إلى قول الجماعة ، فإن الصحابة رضي الله عنهم أثبتوهما في المصاحف الأئمة ، ونفذوها إلى سائر الآفاق . وروي عن  الإمام أحمد  أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بهما في الصلاة وساق عدة طرق في إثبات أنهما قرآن ، مما ينفي أي خلاف بعد ذلك في إثباتهما . وقد اعتذر القرطبي  عن  ابن مسعود  ، بأنه لم يسمعهما من النبي صلى الله عليه وسلم ، على أنهما قرآن وسمعهما فظنهما أنهما دعاء من الأدعية ، كقوله صلى الله عليه وسلم   " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق "   . ولما بلغه إثباتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع إلى قول الجمهور . ومن الجدير بالذكر التنويه عن ارتباطهما بسورة الإخلاص قبلهما . وهو أنه سبحانه لما ذكر أنه سبحانه وتعالى الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، والصمد من معانيه الذي تصمد الخلائق إليه في حاجاتهم ، جاء في هاتين السورتين توجيه العباد إلى من يستعيذون ويلوذون به ، وهو الله الصمد سبحانه ، فهو وحده الذي يعيذهم ويحفظهم وهو الذي يلجئون إليه سبحانه . وقل أعوذ برب الفلق : تعادل الاستعاذة بالخالق مما خلق    ; لأن كل منغلق عن غيره ، إلا الله الواحد الذي لم يلد ولم يولد . الثانية بعدها : قل أعوذ برب الناس  ، إله الناس . وسيأتي إن شاء الله تعالى تنبيه على ما يعطيه السياق من ختم المصحف الشريف بهاتين السورتين الكريمتين ، والمقارنة بينهما لبيان عظم منزلتهما . كما أن الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ، قد أحال على سورة الناس لإتمام مبحث إفراد الله تعالى بالعبادة ، كما سنوضحه كله إن شاء الله في محله ، وبالله تعالى التوفيق . 
				
						
						
