[ ص: 259 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة المائدة
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم الآية .
هذه الآية الكريمة تدل بعمومها على إباحة
nindex.php?page=treesubj&link=16962ذبائح أهل الكتاب مطلقا ولو سموا عليها غير الله أو سكتوا ولم يسموا الله ولا غيره لأن الكل داخل في طعامهم .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وأبو أمامة ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وعكرمة وعطاء والحسن ومكحول nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي والسدي nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان : أن المراد بطعامهم ذبائحهم .
كما نقله عنهم
ابن كثير ونقله
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ودخول ذبائحهم في طعامهم أجمع عليه المسلمون مع أنه جاءت آيات أخر تدل على أن ما سمي عليه غير الله لا يجوز أكله ، وعلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=16977ما لم يذكر اسم الله عليه لا يجوز أكله أيضا .
أما التي دلت على منع أكل ما ذكر عليه اسم غير الله ، فكقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173وما أهل به لغير الله [ 2 \ 173 ] في سورة " البقرة " .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وما أهل لغير الله به [ 5 3 ] في المائدة ، والنحل [ 16 \ 15 ] .
وقوله في " الأنعام " :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أو فسقا أهل لغير الله به [ 6 145 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=16989والمراد بالإهلال رفع الصوت باسم غير الله عند الذبح .
وأما التي دلت على منع أكل ما لم يذكر اسم الله عليه ، فكقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه الآية [ 6 121 ] .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=118فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=119وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه [ 6 \ 118 - 119 ] ، فإنه يفهم منه عدم الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه .
[ ص: 260 ] والجواب عن مثل هذا مشتمل على مبحثين :
المبحث الأول : في وجه الجمع بين عموم آية :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب مع عموم الآيات المحرمة لما أهل به لغير الله فيما إذا سمى الكتابي على ذبيحته غير الله ، بأن أهل بها للصليب أو
عيسى أو نحو ذلك .
المبحث الثاني : في وجه الجمع بين آية :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب أيضا مع قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه فيما إذا لم يسم الكتابي الله ولا غيره على ذبيحته .
أما المبحث الأول فحاصله أن بين قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وبين قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وما أهل لغير الله به عموما وخصوصا من وجه ، تنفرد آية :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب في الخبز والجبن من طعامهم مثلا ، وتنفرد آية :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وما أهل لغير الله به في ذبح الوثني لوثنه ويجتمعان في ذبيحة الكتابي التي أهل بها لغير الله ، كالصليب أو
عيسى فعموم قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وما أهل لغير الله به يقتضي تحريمها ، وعموم قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب يقتضي حليتها .
وقد تقرر في علم الأصول أن الأعمين من وجه يتعارضان في الصورة التي يجتمعان فيها ، فيجب الترجيح بينهما ، والراجح منهما يقدم ويخصص به عموم الآخر .
كما قدمنا في سورة " النساء " في الجمع بين قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وأن تجمعوا بين الأختين [ 4 \ 23 ] ، مع قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6أو ما ملكت أيمانهم [ 23 \ 6 ] ، وكما أشار له صاحب مراقي السعود بقوله :
وإن يك العموم من وجه ظهر فالحكم بالترجيح حتما معتبر
فإذا حققت ذلك فاعلم أن العلماء اختلفوا في هذين العمومين أيهما أرجح ، فالجمهور على ترجيح الآيات المحرمة وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ورواية عن
مالك ورواه
إسماعيل بن سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد .
كما ذكره صاحب المغني وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وربيعة ، كما نقله عنهما
البغوي في تفسيره وذكره
النووي في شرح المهذب عن
علي وعائشة ورجح بعضهم عموم آية
[ ص: 261 ] التحليل ، بأن الله أحل ذبائحهم وهو أعلم بما يقولون . كما احتج به
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي وعطاء على إباحة ما أهلوا به لغير الله .
قال مقيده عفا الله عنه : الذي يظهر والله تعالى أعلم ، أن عموم آيات المنع أرجح وأحق بالاعتبار من طرق متعددة . منها قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007221دع ما يريبك إلى ما لا يريبك . وقوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007223والإثم ما حاك في النفس الحديث . وقوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009081فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه .
ومنها أن
nindex.php?page=treesubj&link=28850درء المفاسد مقدم على جلب المصالح كما تقرر في الأصول ، وينبني على ذلك أن النهي إذا تعارض مع الإباحة كما هنا ، فالنهي أولى بالتقديم والاعتبار ، لأن ترك مباح أهون من ارتكاب حرام .
بل صرح جماهير من الأصوليين بأن النص الدال على الإباحة في المرتبة الثالثة من النص الدال على نهي التحريم لأن نهي التحريم مقدم على الأمر الدال على الوجوب لما ذكرنا من تقديم درء المفاسد على جلب المصالح ، والدال على الأمر مقدم على الدال على الإباحة للاحتياط في البراءة من عهدة الطلب .
وقد أشار إلى هذا صاحب مراقي السعود في مبحث الترجيح باعتبار المدلول بقوله :
وناقل ومثبت والآمر بعد النواهي ثم هذا الآخر
على إباحة إلخ . . .
فإن معنى قوله : " والآمر بعد النواهي " ، أن ما دل على الأمر بعدما دل على النهي ، فالدال على النهي هو المقدم وقوله : " ثم هذا الآخر على إباحة " ، يعني أن النص الدال على الأمر مقدم على الإباحة كما ذكرنا فتحصل أن الأول النهي فالأمر فالإباحة ، فظهر تقديم النهي عما أهل به لغير الله على إباحة
nindex.php?page=treesubj&link=27931طعام أهل الكتاب .
واعلم أن العلماء اختلفوا فيما حرم على أهل الكتاب كشحم الجوف من البقر والغنم المحرم على
اليهود ، هل يباح للمسلم مما ذبحه اليهودي ؟ فالجمهور على إباحة ذلك للمسلم لأن الذكاة لا تتجزأ ، وكرهه
مالك ومنعه بعض أصحابه
كابن القاسم وأشهب ، واحتج عليهم الجمهور بحجج لا ينهض الاحتجاج بها عليهم فيما يظهر ، وإيضاح ذلك أن أصحاب
مالك احتجوا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم قالوا :
[ ص: 262 ] المحرم عليهم ليس من طعامهم حتى يدخل فيما أحلته الآية .
فاحتج عليهم الجمهور بما ثبت في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=5078لعبد الله بن مغفل رضي الله عنه على أخذه جرابا من شحم
اليهود يوم
خيبر .
وبما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد بن حنبل عن
أنس nindex.php?page=hadith&LINKID=1009947أن النبي صلى الله عليه وسلم أضافه يهودي على خبز شعير وإهالة سنخة أي ودك متغير الريح ، وبقصة الشاة المسمومة التي سمتها اليهودية له صلى الله عليه وسلم ونهش من ذراعها ومات منها
nindex.php?page=showalam&ids=1054بشر بن البراء بن معرور ، وهي مشهورة صحيحة قالوا : إنه صلى الله عليه وسلم عزم على أكلها هو ومن معه ولم يسألهم هل نزعوا منها ما يعتقدون تحريمه من شحمها أو لا .
وقد تقرر في الأصول أن ترك الاستفصال بمنزلة العموم في الأقوال ، كما أشار له في مراقي السعود بقوله :
ونزلن ترك الاستفصال منزلة العموم في المقال
والذي يظهر لمقيده عفا الله عنه : أن هذه الأدلة ليس فيها حجة على أصحاب
مالك .
أما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=5078عبد الله بن مغفل وحديث
أنس رضي الله عنهما فليس في واحد منهما النص على خصوص الشحم المحرم عليهم ، ومطلق الشحم ليس حراما عليهم بدليل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=146إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم [ 6 146 ] ، فما في الحديثين أعم من محل النزاع والدليل على الأعم ليس دليلا على الأخص لأن وجود الأعم لا يقتضي وجود الأخص بإجماع العقلاء .
ومثل رد هذا الاحتجاج بما ذكرنا هو القادح في الدليل المعروف عند الأصوليين بالقول بالموجب ، وأشار له صاحب مراقي السعود بقوله :
والقول بالموجب قدحه جلا وهو تسليم الدليل مسجلا
من مانع أن الدليل استلزما لما من الصور فيه اختصما
أما القول بالموجب عند البيانيين فهو من أقسام البديع المعنوي وهو ضربان معروفان في علم البلاغة ، وقصدنا هنا القول بالموجب بالاصطلاح الأصولي لا البياني ، وأما
[ ص: 263 ] تركه صلى الله عليه وسلم الاستفصال في شاة اليهودية فلا يخفى أنه لا دليل فيه ، لأنه صلى الله عليه وسلم ينظر بعينه ولا يخفى عليه شحم الجوف ولا شحم الحوايا ولا الشحم المختلط بعظم ، كما هو ضروري فلا حاجة إلى السؤال عن محسوس حاضر .
وأجرى الأقوال على الأصول في مثل الشحم المذكور الكراهة التنزيهية لعدم دليل جازم على الحل أو التحريم ، لأن ما يعتقد الشخص أنه حرام عليه ليس من طعامه ، والذكاة لا يظهر تجزؤها فحكم المسألة مشتبه
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009948ومن ترك الشبهات استبرأ لدينه وعرضه .
وأما المبحث الثاني وهو الجمع بين قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم مع قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه فيما إذا لم يذكر الكتابي على ذبيحته اسم الله ولا اسم غيره .
فحاصله أن في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وجهين من التفسير :
أحدهما : وإليه ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وذكر
ابن كثير في تفسيره لها أنه قوي ، أن
nindex.php?page=treesubj&link=16989_16977المراد بما لم يذكر اسم الله عليه هو ما أهل به لغير الله ، وعلى هذا التفسير ، فمبحث هذه الآية هو المبحث الأول بعينه لا شيء آخر .
الوجه الثاني : أنها على ظاهرها ، وعليه فبين الآيتين أيضا عموم وخصوص من وجه تنفرد آية :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب فيما ذبحه الكتابي وذكر عليه اسم الله فهو حلال بلا نزاع .
وتنفرد آية :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه فيما ذبحه وثني أو مسلم لم يذكر اسم الله عليه ، فما ذبحه الوثني حرام بلا نزاع ، وما ذبحه المسلم من غير تسمية يأتي حكمه إن شاء الله ، ويجتمعان فيما ذبحه كتابي ولم يسم الله عليه فيعارضان فيه .
فيدل عموم :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب على الإباحة ، ويدل عموم :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه على التحريم ، فيصار إلى الترجيح كما قدمنا .
واختلف في هذين العمومين أيضا أيهما أرجح ، فذهب الجمهور إلى ترجيح عموم :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب الآية .
وقال بعضهم بترجيح عموم :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه .
[ ص: 264 ] قال
النووي في شرح المهذب : ذبيحة أهل الكتاب حلال سواء ذكروا اسم الله عليها أم لا ، لظاهر القرآن العزيز ، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور .
وحكاه
ابن المنذر عن
علي واللخمي وحماد بن سليمان وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق وغيرهم ، فإن ذبحوا على صنم أو غيره لم يحل ، انتهى محل الغرض منه بلفظه .
وحكى
النووي القول الآخر عن
علي أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر .
قال
مقيده عفا الله عنه : الذي يظهر والله تعالى أعلم ، أن لعموم كل من الآيتين مرجحا ، وأن مرجح آية التحليل أقوى وأحق بالاعتبار أما آية التحليل فيرجح عمومها بأمرين :
الأول : أنها أقل تخصيصا ، وآية التحريم أكثر تخصيصا ، لأن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ومن وافقه خصصوها بما ذبح لغير الله ، وخصصها الجمهور بما تركت فيه التسمية عمدا قائلين إن تركها نسيانا لا أثر له وآية التحليل ليس فيها من التخصيص غير صورة النزاع إلا تخصيص واحد ، وهو ما قدمنا من أنها مخصوصة بما لم يذكر عليه اسم غير الله على القول الصحيح .
وقد تقرر في الأصول أن
nindex.php?page=treesubj&link=22433الأقل تخصيصا مقدم على الأكثر تخصيصا ، كما أن ما لم يدخله التخصيص أصلا مقدم على ما دخله ، وعلى هذا جمهور الأصوليين . وخالف فيه
السبكي والصفي الهندي ، وبين صاحب نشر البنود في شرح مراقي السعود في مبحث الترجيح باعتبار حال المروي في شرح قوله :
تقديم ما خص على ما لم يخص وعكسه كل أتى عليه نص
أن الأقل تخصصا مقدم على الأكثر تخصيصا ، وأن ما لم يدخله التخصيص مقدم على ما دخله عند جماهير الأصوليين ، وأنه لم يخالف فيه إلا
السبكي وصفي الدين الهندي .
والثاني : ما نقله
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ونقله عنه
ابن كثير عن
عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري ومكحول أن آية :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب ناسخة لآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه .
[ ص: 265 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن كثير : إن مرادهم بالنسخ التخصيص ، ولكنا قدمنا أن التخصيص بعد العمل بالعام نسخ لأن التخصيص بيان والبيان لا يجوز تأخيره عن وقت العمل .
ويدل لهذا أن آية :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه من سورة " الأنعام " وهي مكية بالإجماع وآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب من " المائدة " وهي من آخر ما نزل من القرآن
بالمدينة ، وأما آية التحريم فيرجح عمومها بما قدمنا من مرجحات قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وما أهل لغير الله به لأن كلتاهما دلت على نهي يظهر تعارضه مع إباحة ، وحاصل هذه المسألة أن ذبيحة الكتابي لها خمس حالات لا سادسة لها :
الأولى : أن يعلم أنه سمى الله عليها ، وفي هذه تؤكل بلا نزاع ، ولا عبرة بخلاف
الشيعة في ذلك ، لأنهم لا يعتد بهم في الإجماع .
الثانية : أن يعلم أنه أهل بها لغير الله ففيها خلاف ، وقد قدمنا أن التحقيق أنها لا تؤكل لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وما أهل لغير الله به .
الثالثة : أن يعلم أنه جمع بين اسم الله واسم غيره ، وظاهر النصوص أنها لا تؤكل أيضا لدخولها فيما أهل لغير الله به .
الرابعة : أن يعلم أنه سكت ولم يسم الله ولا غيره ، فالجمهور على الإباحة وهو الحق ، والبعض على التحريم كما تقدم .
الخامسة : أن يجهل الأمر لكونه ذبح حالة انفراده فتؤكل على ما عليه جمهور العلماء ، وهو الحق إن لم يعرف الكتابي بأكل الميتة كالذي يسل عنق الدجاجة بيده ، فإن عرف بأكل الميتة لم يؤكل ما غاب عليه عند بعض العلماء ، وهو مذهب
مالك ، ويجوز أكله عند البعض ، بل قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي المالكي : إذا عايناه يسل عنق الدجاجة بيده ، قلنا الأكل منها لأنها مع طعامه ، والله أباح لنا طعامه . واستبعده
ابن عبد السلام .
قال مقيده عفا الله عنه : هو جدير بالاستبعاد ، فكما أن نساءهم يجوز نكاحهن ولا تجوز مجامعتهن في الحيض ، فكذلك طعامهم يجوز لنا من غير إباحة الميتة ، لأن غاية الأمر أن ذكاة الكتابي تحل مذكاة كذكاة المسلم .
[ ص: 266 ] وما وعدنا به من ذكر حكم
nindex.php?page=treesubj&link=16977ما ذبحه المسلم ولم يسم عليه . فحاصله أن فيه ثلاثة أقوال :
أرجحها : وهو مذهب الجمهور : أنه إن ترك التسمية عمدا لم تؤكل لعموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإن تركها نسيانا أكلت لأنه لو تذكر لسمى الله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير من حرم ذبيحة الناسي فقد خرج من قول الحجة وخالف الخبر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال
ابن كثير : إن
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير يعني بذلك ما رواه
البيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003114المسلم يكفيه اسمه إن نسي أن يسمي حين يذبح ، فليذكر اسم الله وليأكله .
ثم قال
ابن كثير : إن رفع الحديث خطأ أخطأ فيه
nindex.php?page=showalam&ids=17119معقل بن عبيد الله الجزري ، والصواب وقفه على
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
كما رواه بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=14171وعبد الله بن الزبير الحميدي .
ومما استدل به البعض على أكل
nindex.php?page=treesubj&link=16977ذبيحة الناسي للتسمية دلالة الكتاب والسنة والإجماع على العذر بالنسيان .
ومما استدل به البعض لذلك حديث رواه الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13357أبو أحمد بن عدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009949جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أرأيت الرجل منا يذبح وينسى أن يسمي ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اسم الله على كل مسلم ذكر
ابن كثير هذا الحديث وضعفه بأن في إسناده
مروان بن سالم أبا عبد الله الشامي وهو ضعيف .
القول الثاني : أن ذبيحة المسلم تؤكل ولو ترك التسمية عمدا ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله كما تقدم ، لأنه يرى أنه ما لم يذكر اسم الله عليه يراد به ما أهل به لغير الله لا شيء آخر ، وقد ادعى بعضهم انعقاد الإجماع قبل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على أن متروك التسمية عمدا لا يؤكل ، ولذلك قال
أبو يوسف وغيره : لو حكم حاكم بجواز بيعه لم ينفذ لمخالفته الإجماع . واستغرب
ابن كثير حكاية الإجماع على ذلك قائلا : إن الخلاف فيه قبل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي معروف .
[ ص: 267 ] القول الثالث : أن المسلم إذا لم يسم على ذبيحته لا تؤكل مطلقا تركها عمدا أو نسيانا . وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15858داود الظاهري .
وقال
ابن كثير : ثم نقل
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين أنهما كرها متروك التسمية نسيانا والسلف يطلقون الكراهة على التحريم كثيرا .
ثم ذكر
ابن كثير أن
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير لا يعتبر مخالفة الواحد أو الاثنين للجمهور فيعده إجماعا مع مخالفة الواحد أو الاثنين ، ولذلك حكى الإجماع على أكل متروك التسمية نسيانا مع أنه نقل خلاف ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين .
[ ص: 259 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الْمَائِدَةِ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ الْآيَةَ .
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ بِعُمُومِهَا عَلَى إِبَاحَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=16962ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ مُطْلَقًا وَلَوْ سَمَّوْا عَلَيْهَا غَيْرَ اللَّهِ أَوْ سَكَتُوا وَلَمْ يُسَمُّوا اللَّهَ وَلَا غَيْرَهُ لِأَنَّ الْكُلَّ دَاخِلٌ فِي طَعَامِهِمْ .
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو أُمَامَةَ وَمُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ وَعَطَاءٌ وَالْحُسْنُ وَمَكْحُولٌ nindex.php?page=showalam&ids=12354وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالسُّدِّيُّ nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ : أَنَّ الْمُرَادَ بِطَعَامِهِمْ ذَبَائِحُهُمْ .
كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ
ابْنُ كَثِيرٍ وَنَقَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَدُخُولُ ذَبَائِحِهِمْ فِي طَعَامِهِمْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مَعَ أَنَّهُ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا سُمِّيَ عَلَيْهِ غَيْرُ اللَّهِ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ ، وَعَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16977مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ أَيْضًا .
أَمَّا الَّتِي دَلَّتْ عَلَى مَنْعِ أَكْلِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ غَيْرِ اللَّهِ ، فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ [ 2 \ 173 ] فِي سُورَةِ " الْبَقَرَةِ " .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [ 5 3 ] فِي الْمَائِدَةِ ، وَالنَّحْلِ [ 16 \ 15 ] .
وَقَوْلِهِ فِي " الْأَنْعَامِ " :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [ 6 145 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=16989وَالْمُرَادُ بِالْإِهْلَالِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِاسْمِ غَيْرِ اللَّهِ عِنْدَ الذَّبْحِ .
وَأَمَّا الَّتِي دَلَّتْ عَلَى مَنْعِ أَكْلِ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، فَكَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ الْآيَةَ [ 6 121 ] .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=118فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=119وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [ 6 \ 118 - 119 ] ، فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْأَكْلِ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ .
[ ص: 260 ] وَالْجَوَابُ عَنْ مِثْلِ هَذَا مُشْتَمِلٌ عَلَى مَبْحَثَيْنِ :
الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ : فِي وَجْهِ الْجَمْعِ بَيْنَ عُمُومِ آيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مَعَ عُمُومِ الْآيَاتِ الْمُحَرِّمَةِ لِمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فِيمَا إِذَا سَمَّى الْكِتَابِيُّ عَلَى ذَبِيحَتِهِ غَيْرَ اللَّهِ ، بِأَنْ أَهَلَّ بِهَا لِلصَّلِيبِ أَوْ
عِيسَى أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ .
الْمَبْحَثُ الثَّانِي : فِي وَجْهِ الْجَمْعِ بَيْنَ آيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ أَيْضًا مَعَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيمَا إِذَا لَمْ يُسَمِّ الْكِتَابِيُّ اللَّهَ وَلَا غَيْرَهُ عَلَى ذَبِيحَتِهِ .
أَمَّا الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فَحَاصِلُهُ أَنْ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَبَيْنَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ ، تَنْفَرِدُ آيَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ فِي الْخُبْزِ وَالْجُبْنِ مِنْ طَعَامِهِمْ مَثَلًا ، وَتَنْفَرِدُ آيَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فِي ذَبْحِ الْوَثَنِيِّ لِوَثَنِهِ وَيَجْتَمِعَانِ فِي ذَبِيحَةِ الْكِتَابِيِّ الَّتِي أَهَلَّ بِهَا لِغَيْرِ اللَّهِ ، كَالصَّلِيبِ أَوْ
عِيسَى فَعُمُومُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا ، وَعُمُومُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَقْتَضِي حَلِّيَّتَهَا .
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ أَنَّ الْأَعَمَّيْنِ مِنْ وَجْهٍ يَتَعَارَضَانِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَجْتَمِعَانِ فِيهَا ، فَيَجِبُ التَّرْجِيحُ بَيْنَهُمَا ، وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا يُقَدَّمُ وَيُخَصَّصُ بِهِ عُمُومُ الْآخَرِ .
كَمَا قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ " النِّسَاءِ " فِي الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ [ 4 \ 23 ] ، مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ [ 23 \ 6 ] ، وَكَمَا أَشَارَ لَهُ صَاحِبُ مَرَاقِي السُّعُودِ بِقَوْلِهِ :
وَإِنْ يَكُ الْعُمُومُ مِنْ وَجْهٍ ظَهَرْ فَالْحُكْمُ بِالتَّرْجِيحِ حَتْمًا مُعْتَبِرْ
فَإِذَا حَقَّقْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي هَذَيْنِ الْعُمُومَيْنِ أَيُّهُمَا أَرْجَحُ ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى تَرْجِيحِ الْآيَاتِ الْمُحَرِّمَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ
مَالِكٍ وَرَوَاهُ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامِ أَحْمَدَ .
كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ وَرَبِيعَةَ ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمَا
الْبَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَذَكَرَهُ
النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ
عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ عُمُومَ آيَةِ
[ ص: 261 ] التَّحْلِيلِ ، بِأَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ ذَبَائِحَهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ . كَمَا احْتَجَّ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ عَلَى إِبَاحَةِ مَا أَهَلُّوا بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ : الَّذِي يَظْهَرُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ، أَنَّ عُمُومَ آيَاتِ الْمَنْعِ أَرْجِحُ وَأَحَقُّ بِالِاعْتِبَارِ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ . مِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007221دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007223وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ الْحَدِيثَ . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009081فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ .
وَمِنْهَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28850دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ ، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّهْيَ إِذَا تَعَارَضَ مَعَ الْإِبَاحَةِ كَمَا هُنَا ، فَالنَّهْيُ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ وَالِاعْتِبَارِ ، لِأَنَّ تَرْكَ مُبَاحٍ أَهْوَنُ مِنِ ارْتِكَابِ حَرَامٍ .
بَلْ صَرَّحَ جَمَاهِيرُ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ بِأَنَّ النَّصَّ الدَّالَّ عَلَى الْإِبَاحَةِ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ النَّصِّ الدَّالِّ عَلَى نَهْيِ التَّحْرِيمِ لِأَنَّ نَهْيَ التَّحْرِيمِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَمْرِ الدَّالِّ عَلَى الْوُجُوبِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَقْدِيمِ دَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ ، وَالدَّالُّ عَلَى الْأَمْرِ مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّالِ عَلَى الْإِبَاحَةِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ عُهْدَةِ الطَّلَبِ .
وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا صَاحِبُ مَرَاقِي السُّعُودِ فِي مَبْحَثِ التَّرْجِيحِ بِاعْتِبَارِ الْمَدْلُولِ بِقَوْلِهِ :
وَنَاقِلٌ وَمُثْبِتٌ وَالْآمِرُ بَعْدَ النَّوَاهِي ثُمَّ هَذَا الْآخَرُ
عَلَى إِبَاحَةٍ إلخ . . .
فَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ : " وَالْآمِرُ بَعْدَ النَّوَاهِي " ، أَنَّ مَا دَلَّ عَلَى الْأَمْرِ بَعْدَمَا دَلَّ عَلَى النَّهْيِ ، فَالدَّالُّ عَلَى النَّهْيِ هُوَ الْمُقَدَّمُ وَقَوْلُهُ : " ثُمَّ هَذَا الْآخَرُ عَلَى إِبَاحَةٍ " ، يَعْنِي أَنَّ النَّصَّ الدَّالَّ عَلَى الْأَمْرِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِبَاحَةِ كَمَا ذَكَرْنَا فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْأَوَّلَ النَّهْيُ فَالْأَمْرُ فَالْإِبَاحَةُ ، فَظَهَرَ تَقْدِيمُ النَّهْيِ عَمَّا أَهَلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ عَلَى إِبَاحَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=27931طَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِيمَا حُرِّمَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ كَشَحْمِ الْجَوْفِ مِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ الْمُحَرَّمِ عَلَى
الْيَهُودِ ، هَلْ يُبَاحُ لِلْمُسْلِمِ مِمَّا ذَبَحَهُ الْيَهُودِيُّ ؟ فَالْجُمْهُورُ عَلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِ لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَتَجَزَّأُ ، وَكَرِهَهُ
مَالِكٌ وَمَنَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ
كَابْنِ الْقَاسْمِ وَأَشْهَبَ ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِمُ الْجُمْهُورُ بِحُجَجٍ لَا يَنْهَضُ الِاحْتِجَاجُ بِهَا عَلَيْهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ
مَالِكٍ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ قَالُوا :
[ ص: 262 ] الْمُحَرَّمُ عَلَيْهِمْ لَيْسَ مِنْ طَعَامِهِمْ حَتَّى يَدْخُلَ فِيمَا أَحَلَّتْهُ الْآيَةُ .
فَاحْتَجَّ عَلَيْهِمُ الْجُمْهُورُ بِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ مِنْ تَقْرِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=showalam&ids=5078لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى أَخْذِهِ جِرَابًا مِنْ شَحْمِ
الْيَهُودِ يَوْمَ
خَيْبَرَ .
وَبِمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ
أَنَسٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=1009947أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَضَافَهُ يَهُودِيٌّ عَلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ أَيْ وَدَكٍ مُتَغَيِّرِ الرِّيحِ ، وَبِقِصَّةِ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ الَّتِي سَمَّتْهَا الْيَهُودِيَّةُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَهَشَ مِنْ ذِرَاعِهَا وَمَاتَ مِنْهَا
nindex.php?page=showalam&ids=1054بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ ، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ صَحِيحَةٌ قَالُوا : إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَزَمَ عَلَى أَكْلِهَا هُوَ وَمَنْ مَعَهُ وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ هَلْ نَزَعُوا مِنْهَا مَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ مِنْ شَحْمِهَا أَوْ لَا .
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ بِمَنْزِلَةِ الْعُمُومِ فِي الْأَقْوَالِ ، كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي مَرَاقِي السُّعُودِ بِقَوْلِهِ :
وَنَزِّلَنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ
وَالَّذِي يَظْهَرُ لِمُقَيِّدِهِ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ هَذِهِ الْأَدِلَّةَ لَيْسَ فِيهَا حُجَّةٌ عَلَى أَصْحَابِ
مَالِكٍ .
أَمَّا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=5078عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَحَدِيثُ
أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا النَّصُّ عَلَى خُصُوصِ الشَّحْمِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِمْ ، وَمُطْلَقُ الشَّحْمِ لَيْسَ حَرَامًا عَلَيْهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=146إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ [ 6 146 ] ، فَمَا فِي الْحَدِيثَيْنِ أَعَمُّ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْأَعَمِّ لَيْسَ دَلِيلًا عَلَى الْأَخَصِّ لِأَنَّ وُجُودَ الْأَعَمِّ لَا يَقْتَضِي وُجُودَ الْأَخَصِّ بِإِجْمَاعِ الْعُقَلَاءِ .
وَمِثْلُ رَدِّ هَذَا الِاحْتِجَاجِ بِمَا ذَكَرْنَا هُوَ الْقَادِحُ فِي الدَّلِيلِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ بِالْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ ، وَأَشَارَ لَهُ صَاحِبُ مَرَاقِي السُّعُودِ بِقَوْلِهِ :
وَالْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ قَدْحُهُ جَلَا وَهُوَ تَسْلِيمُ الدَّلِيلِ مُسْجَلَا
مِنْ مَانِعٍ أَنَّ الدَّلِيلَ اسْتَلْزَمَا لِمَا مِنَ الصُّوَرِ فِيهِ اخْتَصَمَا
أَمَّا الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ عِنْدَ الْبَيَانِيِّينَ فَهُوَ مِنْ أَقْسَامِ الْبَدِيعِ الْمَعْنَوِيِّ وَهُوَ ضَرْبَانِ مَعْرُوفَانِ فِي عِلْمِ الْبَلَاغَةِ ، وَقَصَدْنَا هُنَا الْقَوْلَ بِالْمُوجِبِ بِالِاصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّ لَا الْبَيَانِيِّ ، وَأَمَّا
[ ص: 263 ] تَرْكُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاسْتِفْصَالَ فِي شَاةِ الْيَهُودِيَّةِ فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيهِ ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ بِعَيْنِهِ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَحْمُ الْجَوْفِ وَلَا شَحْمُ الْحَوَايَا وَلَا الشَّحْمُ الْمُخْتَلِطُ بِعَظْمٍ ، كَمَا هُوَ ضَرُورِيٌّ فَلَا حَاجَةَ إِلَى السُّؤَالِ عَنْ مَحْسُوسٍ حَاضِرٍ .
وَأَجْرَى الْأَقْوَالِ عَلَى الْأُصُولِ فِي مِثْلِ الشَّحْمِ الْمَذْكُورِ الْكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِيَّةُ لِعَدَمِ دَلِيلِ جَازِمٍ عَلَى الْحِلِّ أَوِ التَّحْرِيمِ ، لِأَنَّ مَا يَعْتَقِدُ الشَّخْصُ أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ طَعَامِهِ ، وَالذَّكَاةُ لَا يَظْهَرُ تَجَزُّؤُهَا فَحُكْمُ الْمَسْأَلَةِ مُشْتَبِهٌ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009948وَمَنْ تَرَكَ الشُّبَهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ .
وَأَمَّا الْمَبْحَثُ الثَّانِي وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ مَعَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيمَا إِذَا لَمْ يَذْكُرِ الْكِتَابِيُّ عَلَى ذَبِيحَتِهِ اسْمَ اللَّهِ وَلَا اسْمَ غَيْرِهِ .
فَحَاصِلُهُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَجْهَيْنِ مِنَ التَّفْسِيرِ :
أَحَدُهُمَا : وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ، وَذَكَرَ
ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ لَهَا أَنَّهُ قَوِيٌّ ، أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16989_16977الْمُرَادَ بِمَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ هُوَ مَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ ، فَمَبْحَثُ هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ بِعَيْنِهِ لَا شَيْءَ آخَرَ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّهَا عَلَى ظَاهِرِهَا ، وَعَلَيْهِ فَبَيْنَ الْآيَتَيْنِ أَيْضًا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ تَنْفَرِدُ آيَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ فِيمَا ذَبَحَهُ الْكِتَابِيُّ وَذَكَرَ عَلَيْهِ اسْمَ اللَّهِ فَهُوَ حَلَالٌ بِلَا نِزَاعٍ .
وَتَنْفَرِدُ آيَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيمَا ذَبَحَهُ وَثَنِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ، فَمَا ذَبَحَهُ الْوَثَنِيُّ حَرَامٌ بِلَا نِزَاعٍ ، وَمَا ذَبَحَهُ الْمُسْلِمُ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ يَأْتِي حُكْمُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَيَجْتَمِعَانِ فِيمَا ذَبَحَهُ كِتَابِيٌّ وَلَمْ يُسَمِّ اللَّهَ عَلَيْهِ فَيُعَارِضَانِ فِيهِ .
فَيَدُلُّ عُمُومُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ عَلَى الْإِبَاحَةِ ، وَيَدُلُّ عُمُومُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى التَّحْرِيمِ ، فَيُصَارُ إِلَى التَّرْجِيحِ كَمَا قَدَّمْنَا .
وَاخْتُلِفَ فِي هَذَيْنِ الْعُمُومَيْنِ أَيْضًا أَيُّهُمَا أَرْجَحُ ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى تَرْجِيحِ عُمُومِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ الْآيَةَ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِتَرْجِيحِ عُمُومِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ .
[ ص: 264 ] قَالَ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ : ذَبِيحَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ حَلَالٌ سَوَاءٌ ذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا أَمْ لَا ، لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ ، هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ .
وَحَكَاهُ
ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ
عَلِيٍّ وَاللَّخْمِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَغَيْرِهِمْ ، فَإِنْ ذَبَحُوا عَلَى صَنَمٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَحِلَّ ، انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ .
وَحَكَى
النَّوَوِيُّ الْقَوْلَ الْآخَرَ عَنْ
عَلِيٍّ أَيْضًا
nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبِي ثَوْرِ وَعَائِشَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ .
قَالَ
مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ : الَّذِي يَظْهَرُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ، أَنَّ لِعُمُومِ كُلٍّ مِنَ الْآيَتَيْنِ مُرَجِّحًا ، وَأَنَّ مُرَجِّحَ آيَةِ التَّحْلِيلِ أَقْوَى وَأَحَقُّ بِالِاعْتِبَارِ أَمَّا آيَةُ التَّحْلِيلِ فَيُرَجَّحُ عُمُومُهَا بِأَمْرَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهَا أَقَلُّ تَخْصِيصًا ، وَآيَةُ التَّحْرِيمِ أَكْثَرُ تَخْصِيصًا ، لِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ وَمَنْ وَافَقَهُ خَصَّصُوهَا بِمَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَخَصَّصَهَا الْجُمْهُورُ بِمَا تُرِكَتْ فِيهِ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا قَائِلِينَ إِنَّ تَرْكَهَا نِسْيَانًا لَا أَثَرَ لَهُ وَآيَةُ التَّحْلِيلِ لَيْسَ فِيهَا مِنَ التَّخْصِيصِ غَيْرَ صُورَةِ النِّزَاعِ إِلَّا تَخْصِيصٌ وَاحِدٌ ، وَهُوَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِمَا لَمْ يُذْكَرْ عَلَيْهِ اسْمُ غَيْرِ اللَّهِ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ .
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22433الْأَقَلَّ تَخْصِيصًا مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَكْثَرِ تَخْصِيصًا ، كَمَا أَنَّ مَا لَمْ يَدْخُلْهُ التَّخْصِيصُ أَصْلًا مُقَدَّمٌ عَلَى مَا دَخَلَهُ ، وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ . وَخَالَفَ فِيهِ
السُّبْكِيُّ وَالصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ ، وَبَيَّنَ صَاحِبُ نَشْرِ الْبُنُودِ فِي شَرْحِ مَرَاقِي السُّعُودِ فِي مَبْحَثِ التَّرْجِيحِ بِاعْتِبَارِ حَالِ الْمَرْوِيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ :
تَقْدِيمُ مَا خُصَّ عَلَى مَا لَمْ يَخُصْ وَعَكْسُهُ كُلٌّ أَتَى عَلَيْهِ نَصْ
أَنَّ الْأَقَلَّ تَخَصُّصًا مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَكْثَرِ تَخْصِيصًا ، وَأَنَّ مَا لَمْ يَدْخُلْهُ التَّخْصِيصُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا دَخَلَهُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأُصُولِيِّينَ ، وَأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا
السُّبْكِيُّ وَصَفِيُّ الدِّينِ الْهِنْدِيُّ .
وَالثَّانِي : مَا نَقَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ
ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ
عِكْرِمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَكْحُولٍ أَنَّ آيَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ نَاسِخَةٌ لِآيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ .
[ ص: 265 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ كَثِيرٍ : إِنَّ مُرَادَهُمْ بِالنَّسْخِ التَّخْصِيصُ ، وَلَكِنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ التَّخْصِيصَ بَعْدَ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ نَسْخٌ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ بَيَانٌ وَالْبَيَانُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ .
وَيَدُلُّ لِهَذَا أَنَّ آيَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ سُورَةِ " الْأَنْعَامِ " وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَآيَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنَ " الْمَائِدَةِ " وَهِيَ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ
بِالْمَدِينَةِ ، وَأَمَّا آيَةُ التَّحْرِيمِ فَيُرَجَّحُ عُمُومُهَا بِمَا قَدَّمْنَا مِنْ مُرَجِّحَاتِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ لِأَنَّ كِلْتَاهُمَا دَلَّتْ عَلَى نَهْيٍ يَظْهَرُ تَعَارُضُهُ مَعَ إِبَاحَةٍ ، وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ ذَبِيحَةَ الْكِتَابِيِّ لَهَا خَمْسُ حَالَاتٍ لَا سَادِسَةَ لَهَا :
الْأُولَى : أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ سَمَّى اللَّهَ عَلَيْهَا ، وَفِي هَذِهِ تُؤْكَلُ بِلَا نِزَاعٍ ، وَلَا عِبْرَةَ بِخِلَافِ
الشِّيعَةِ فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّهُمْ لَا يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الْإِجْمَاعِ .
الثَّانِيَةُ : أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ أُهِلَّ بِهَا لِغَيْرِ اللَّهِ فَفِيهَا خِلَافٌ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ .
الثَّالِثَةُ : أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ اسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ غَيْرِهِ ، وَظَاهِرُ النُّصُوصِ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ أَيْضًا لِدُخُولِهَا فِيمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ .
الرَّابِعَةُ : أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ سَكَتَ وَلَمْ يُسَمِّ اللَّهَ وَلَا غَيْرَهُ ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَهُوَ الْحَقُّ ، وَالْبَعْضُ عَلَى التَّحْرِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ .
الْخَامِسَةُ : أَنْ يُجْهَلَ الْأَمْرُ لِكَوْنِهِ ذُبِحَ حَالَةَ انْفِرَادِهِ فَتُؤْكَلُ عَلَى مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ ، وَهُوَ الْحَقُّ إِنْ لَمْ يُعْرَفِ الْكِتَابِيُّ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ كَالَّذِي يَسُلُّ عُنُقَ الدَّجَاجَةِ بِيَدِهِ ، فَإِنْ عُرِفَ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ لَمْ يُؤْكَلْ مَا غَابَ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
مَالِكٍ ، وَيَجُوزُ أَكْلُهُ عِنْدَ الْبَعْضِ ، بَلْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ : إِذَا عَايَنَاهُ يَسُلُّ عُنُقَ الدَّجَاجَةِ بِيَدِهِ ، قُلْنَا الْأَكْلُ مِنْهَا لِأَنَّهَا مَعَ طَعَامِهِ ، وَاللَّهُ أَبَاحَ لَنَا طَعَامَهُ . وَاسْتَبْعَدَهُ
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ : هُوَ جَدِيرٌ بِالِاسْتِبْعَادِ ، فَكَمَا أَنَّ نِسَاءَهُمْ يَجُوزُ نِكَاحُهُنَّ وَلَا تَجُوزُ مُجَامَعَتُهُنَّ فِي الْحَيْضِ ، فَكَذَلِكَ طَعَامُهُمْ يَجُوزُ لَنَا مِنْ غَيْرِ إِبَاحَةِ الْمَيْتَةِ ، لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّ ذَكَاةَ الْكِتَابِيِّ تَحِلُّ مُذَكَّاةً كَذَكَاةِ الْمُسْلِمِ .
[ ص: 266 ] وَمَا وَعَدْنَا بِهِ مِنْ ذِكْرِ حُكْمِ
nindex.php?page=treesubj&link=16977مَا ذَبَحَهُ الْمُسْلِمُ وَلَمْ يُسَمِّ عَلَيْهِ . فَحَاصِلُهُ أَنَّ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ :
أَرْجَحُهَا : وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ : أَنَّهُ إِنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا لَمْ تُؤْكَلْ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنْ تَرَكَهَا نِسْيَانًا أُكِلَتْ لِأَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ لَسَمَّى اللَّهَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ مَنْ حَرَّمَ ذَبِيحَةَ النَّاسِي فَقَدْ خَرَجَ مِنْ قَوْلِ الْحُجَّةِ وَخَالَفَ الْخَبَرَ الثَّابِتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ : إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنَ جَرِيرٍ يَعْنِي بِذَلِكَ مَا رَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003114الْمُسْلِمُ يَكْفِيهِ اسْمُهُ إِنْ نَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ حِينَ يَذْبَحُ ، فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَلِيَأْكُلْهُ .
ثُمَّ قَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ : إِنَّ رَفْعَ الْحَدِيثِ خَطَأٌ أَخْطَأَ فِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=17119مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ ، وَالصَّوَابُ وَقْفُهُ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ .
كَمَا رَوَاهُ بِذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=16000سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ nindex.php?page=showalam&ids=14171وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ .
وَمِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْبَعْضُ عَلَى أَكْلِ
nindex.php?page=treesubj&link=16977ذَبِيحَةِ النَّاسِي لِلتَّسْمِيَةِ دَلَالَةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى الْعُذْرِ بِالنِّسْيَانِ .
وَمِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْبَعْضُ لِذَلِكَ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْحَافِظُ
nindex.php?page=showalam&ids=13357أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009949جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ مِنَّا يَذْبَحُ وَيَنْسَى أَنْ يُسَمِّيَ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اسْمُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ذَكَرَ
ابْنُ كَثِيرٍ هَذَا الْحَدِيثَ وَضَعَّفَهُ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ
مَرْوَانَ بْنَ سَالِمٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيَّ وَهُوَ ضَعِيفٌ .
الْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ ذَبِيحَةَ الْمُسْلِمِ تُؤْكَلُ وَلَوْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا ، وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ ، لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ مَا لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ يُرَادُ بِهِ مَا أَهَّلَ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ لَا شَيْءَ آخَرَ ، وَقَدِ ادَّعَى بَعْضُهُمُ انْعِقَادَ الْإِجْمَاعِ قَبْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا لَا يُؤْكَلُ ، وَلِذَلِكَ قَالَ
أَبُو يُوسُفَ وَغَيْرُهُ : لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِجَوَازِ بَيْعِهِ لَمْ يُنَفَّذْ لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ . وَاسْتَغْرَبَ
ابْنُ كَثِيرٍ حِكَايَةَ الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ قَائِلًا : إِنَّ الْخِلَافَ فِيهِ قَبْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ مَعْرُوفٌ .
[ ص: 267 ] الْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا لَمْ يُسَمِّ عَلَى ذَبِيحَتِهِ لَا تُؤْكَلُ مُطْلَقًا تَرَكَهَا عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا . وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=15858دَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ .
وَقَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ : ثُمَّ نَقَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16972وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمَا كَرِهَا مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ نِسْيَانًا وَالسَّلَفُ يُطْلِقُونَ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِ كَثِيرًا .
ثُمَّ ذَكَرَ
ابْنُ كَثِيرٍ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنَ جَرِيرٍ لَا يَعْتَبِرُ مُخَالَفَةَ الْوَاحِدِ أَوِ الِاثْنَيْنِ لِلْجُمْهُورِ فَيَعُدُّهُ إِجْمَاعًا مَعَ مُخَالَفَةِ الْوَاحِدِ أَوِ الِاثْنَيْنِ ، وَلِذَلِكَ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى أَكْلِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ نِسْيَانًا مَعَ أَنَّهُ نَقَلَ خِلَافَ ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16972وَابْنِ سِيرِينَ .