[ ص: 356 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الفرقان
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=24أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا .
هذه الآية الكريمة تدل على انقضاء الحساب في نصف نهار ، لأن المقيل للقيلولة أو مكانها ، وهي الاستراحة نصف النهار في الحر .
وممن قال بانقضاء الحساب في نصف نهار :
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير لدلالة هذه الآية على ذلك ، كما نقله عنهم
ابن كثير وغيره .
وفي تفسير الجلالين ما نصه : وأخذ من ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=30362انقضاء الحساب في نصف نهار ، كما ورد في حديث ، انتهى منه ، مع أنه تعالى ذكر أن مقدار يوم القيامة خمسون ألف سنة في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=4في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة [ 70 \ 4 ] .
والظاهر في الجواب : أن
nindex.php?page=treesubj&link=30362_28766يوم القيامة يطول على الكفار ويقصر على المؤمنين ، ويشير لهذا قوله تعالى بعد هذا بقليل :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=26الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا [ 25 \ 26 ] فتخصيصه عسر ذلك اليوم بالكافرين يدل على أن المؤمنين ليسوا كذلك ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=9فذلك يومئذ يوم عسير nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=10على الكافرين غير يسير [ 74 \ 9 - 10 ] ، يدل بمفهومه أيضا على أنه يسير على المؤمنين غير عسير .
كما دل عليه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=8مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر [ 54 \ 8 ] ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير حدثني
يونس أنبأنا
ابن وهب أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث أن
سعيدا الصواف حدثه أنه بلغه أن يوم القيامة يقصر على المؤمنين حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس ، وأنهم يتقلبون في رياض الجنة حتى يفرغ من الناس ، وذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=24أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا ونقله عنه
ابن كثير في تفسيره ، ومن المعلوم أن السرور يقصر به الزمن ، والكروب والهموم سبب لطوله ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=9809أبو سفيان بن الحارث يرثي النبي صلى الله عليه وسلم [ الوافر ] :
[ ص: 357 ] أرقت فبات ليلي لا يزول وليل أخي المصيبة فيه طول
وقال الآخر :
فقصارهن مع الهموم طويلة وطوالهن مع السرور قصار
ولقد أجاد من قال :
ليلي وليلى نفى نومي اختلافهما في الطول والطول طوبى لي لو اعتدلا
يجود بالطول ليلي كلما بخلت بالطول ليلى وإن جادت به بخلا
ومثل هذا كثير في كلام العرب جدا ، وأما على قول من فسر المقيل بأنه المأوى والمنزل ،
كقتادة رحمه الله فلا تعارض بين الآيتين أصلا ، لأن المعنى على هذا القول : أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مأوى ومنزلا ، والعلم عند الله تعالى .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75nindex.php?page=treesubj&link=28996_30401أولئك يجزون الغرفة بما صبروا الآية .
هذه الآية الكريمة تدل على أنهم يجزون غرفة واحدة ، وقد جاءت آيات أخر تدل على خلاف ذلك ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=20لهم غرف من فوقها غرف مبنية ، [ 39 \ 20 ] ، وكقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=37وهم في الغرفات آمنون [ 34 \ 37 ] .
والجواب أن الغرفة هنا بمعنى الغرف ، كما تقدم مستوفى بشواهده في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29ثم استوى إلى السماء فسواهن ، الآية [ 2 \ 29 ] .
وقيل : إن المراد بالغرفة ، الدرجة العليا في الجنة ، وعليه فلا إشكال وقيل : الغرفة الجنة ، سميت غرفة لارتفاعها .
[ ص: 356 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الْفُرْقَانِ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=24أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا .
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى انْقِضَاءِ الْحِسَابِ فِي نِصْفِ نَهَارٍ ، لِأَنَّ الْمَقِيلَ لِلْقَيْلُولَةِ أَوْ مَكَانِهَا ، وَهِيَ الِاسْتِرَاحَةُ نِصْفَ النَّهَارِ فِي الْحَرِّ .
وَمِمَّنْ قَالَ بِانْقِضَاءِ الْحِسَابِ فِي نِصْفِ نَهَارٍ :
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ وَعِكْرِمَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ لِدَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى ذَلِكَ ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ
ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ .
وَفِي تَفْسِيرِ الْجَلَالَيْنَ مَا نَصُّهُ : وَأُخِذَ مِنْ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=30362انْقِضَاءُ الْحِسَابِ فِي نِصْفِ نَهَارٍ ، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ ، انْتَهَى مِنْهُ ، مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ أَنَّ مِقْدَارَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=4فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [ 70 \ 4 ] .
وَالظَّاهِرُ فِي الْجَوَابِ : أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30362_28766يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَطُولُ عَلَى الْكُفَّارِ وَيَقْصُرُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَيُشِيرُ لِهَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=26الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا [ 25 \ 26 ] فَتَخْصِيصُهُ عُسْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالْكَافِرِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَيْسُوا كَذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=9فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=10عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [ 74 \ 9 - 10 ] ، يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ يَسِيرٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ عَسِيرٍ .
كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=8مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاع يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ [ 54 \ 8 ] ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنِي
يُونُسُ أَنْبَأَنَا
ابْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16700عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ
سَعِيدًا الصَّوَّافَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقْصُرُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى يَكُونَ كَمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ ، وَأَنَّهُمْ يَتَقَلَّبُونَ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُفْرَغَ مِنَ النَّاسِ ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=24أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا وَنَقَلَهُ عَنْهُ
ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ السُّرُورَ يَقْصُرُ بِهِ الزَّمَنُ ، وَالْكُرُوبَ وَالْهُمُومَ سَبَبٌ لِطُولِهِ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=9809أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ يَرْثِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ الْوَافِرِ ] :
[ ص: 357 ] أَرِقْتُ فَبَاتَ لَيْلِي لَا يَزُولُ وَلَيْلُ أَخِي الْمُصِيبَةِ فِيهِ طُولُ
وَقَالَ الْآخَرُ :
فَقِصَارُهُنَّ مَعَ الْهُمُومِ طَوِيلَةٌ وَطِوَالُهُنَّ مَعَ السُّرُورِ قِصَارُ
وَلَقَدْ أَجَادَ مَنْ قَالَ :
لَيْلِي وَلَيْلَى نَفَى نَوْمِي اخْتِلَافُهُمَا فِي الطُّولِ وَالطُّولُ طُوبَى لِي لَوِ اعْتَدَلَا
يَجُودُ بِالطُّولِ لَيْلِي كُلَّمَا بَخِلَتْ بِالطُّولِ لَيْلَى وَإِنْ جَادَتْ بِهِ بَخِلَا
وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ جِدًّا ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ فَسَّرَ الْمَقِيلَ بِأَنَّهُ الْمَأْوَى وَالْمَنْزِلُ ،
كَقَتَادَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ أَصْلًا ، لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ : أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًا وَأَحْسَنُ مَأْوًى وَمَنْزِلًا ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75nindex.php?page=treesubj&link=28996_30401أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا الْآيَةَ .
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ يُجْزَوْنَ غُرْفَةً وَاحِدَةً ، وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=20لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ ، [ 39 \ 20 ] ، وَكَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=37وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ [ 34 \ 37 ] .
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْغُرْفَةَ هُنَا بِمَعْنَى الْغُرَفِ ، كَمَا تَقَدَّمَ مُسْتَوْفًى بِشَوَاهِدِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ ، الْآيَةَ [ 2 \ 29 ] .
وَقِيلَ : إِنَّ الْمُرَادَ بِالْغُرْفَةِ ، الدَّرَجَةُ الْعُلْيَا فِي الْجَنَّةِ ، وَعَلَيْهِ فَلَا إِشْكَالَ وَقِيلَ : الْغُرْفَةُ الْجَنَّةُ ، سُمِّيَتْ غُرْفَةً لِارْتِفَاعِهَا .