[ ص: 460 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الزلزلة
nindex.php?page=treesubj&link=29070_29468قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=8ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .
هذه الآية الكريمة تقتضي أن كل إنسان كافرا كان أو مسلما يجازى بالقليل من الخير والشر .
وقد جاءت آيات أخر تدل على خلاف هذا العموم ، أما ما فعله الكافر من الخير ، فالآيات تصرح بإحباطه ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=16أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون [ 11 \ 16 ] ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا [ 25 \ 23 ] ، وكقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18أعمالهم كرماد الآية [ 14 \ 18 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39أعمالهم كسراب بقيعة الآية [ 24 \ 39 ] إلى غير ذلك من الآيات .
وأما ما عمله المسلم من الشر ، فقد صرحت الآيات بعدم لزوم مؤاخذته به ، لاحتمال المغفرة أو لوعد الله بها . كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، [ 4 \ 48 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=31إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم [ 4 \ 31 ] إلى غير ذلك من الآيات .
والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه :
الأول : أن الآية من العام المخصوص ، والمعنى :
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، إن لم يحبطه الكفر بدليل آيات إحباط الكفر عمل الكفار :
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=8ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ، إن لم يغفره الله له بدليل آيات احتمال الغفران والوعد به .
الثاني : أن الآية على عمومها ، وأن الكافر يرى جزاء كل عمله الحسن في الدنيا ، كما يدل عليه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15نوف إليهم أعمالهم فيها الآية [ 11 \ 15 ] ، وقوله :
[ ص: 461 ] nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20ومن كان يريد حرث الدنيا الآية [ 42 \ 20 ] ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39ووجد الله عنده فوفاه حسابه [ 24 \ 39 ] والمؤمن يرى جزاء عمله السيئ في الدنيا بالمصائب والأمراض والآلام .
ويدل لهذا ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط ،
والبيهقي في الشعب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، وجماعة عن
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009976بينا أبو بكر رضي الله عنه يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه : nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فمن يعمل مثقال ذرة الآية ، فرفع أبو بكر يده وقال : يا رسول الله إني لراء ما عملت من مثقال ذرة من شر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر أرأيت ما ترى في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذر الشر - الحديث .
الوجه الثالث : أن الآية أيضا على عمومها ، وأن معناها أن المؤمن يرى كل ما قدم من خير وشر ، فيغفر الله له الشر ويثيبه بالخير ، والكافر يرى كل ما قدم من خير وشر ، فيحبط ما قدم من خير ويجازيه بما فعل من الشر .
[ ص: 460 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=29070_29468قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=8وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ .
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ كَافِرًا كَانَ أَوْ مُسْلِمًا يُجَازَى بِالْقَلِيلِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ .
وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْعُمُومِ ، أَمَّا مَا فَعَلَهُ الْكَافِرُ مِنَ الْخَيْرِ ، فَالْآيَاتُ تُصَرِّحُ بِإِحْبَاطِهِ ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=16أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [ 11 \ 16 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [ 25 \ 23 ] ، وَكَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ الْآيَةَ [ 14 \ 18 ] وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ الْآيَةَ [ 24 \ 39 ] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ .
وَأَمَّا مَا عَمِلَهُ الْمُسْلِمُ مِنَ الشَّرِّ ، فَقَدْ صَرَّحَتِ الْآيَاتُ بِعَدَمِ لُزُومِ مُؤَاخَذَتِهِ بِهِ ، لِاحْتِمَالِ الْمَغْفِرَةِ أَوْ لِوَعْدِ اللَّهِ بِهَا . كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ، [ 4 \ 48 ] وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=31إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [ 4 \ 31 ] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ .
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْآيَةَ مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ ، وَالْمَعْنَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ، إِنْ لَمْ يُحْبِطْهُ الْكُفْرُ بِدَلِيلِ آيَاتِ إِحْبَاطِ الْكُفْرِ عَمَلَ الْكُفَّارِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=8وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ، إِنْ لَمْ يَغْفِرْهُ اللَّهُ لَهُ بِدَلِيلِ آيَاتِ احْتِمَالِ الْغُفْرَانِ وَالْوَعْدِ بِهِ .
الثَّانِي : أَنَّ الْآيَةَ عَلَى عُمُومِهَا ، وَأَنَّ الْكَافِرَ يَرَى جَزَاءَ كُلِّ عَمَلِهِ الْحَسَنِ فِي الدُّنْيَا ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا الْآيَةَ [ 11 \ 15 ] ، وَقَوْلُهُ :
[ ص: 461 ] nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا الْآيَةَ [ 42 \ 20 ] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ [ 24 \ 39 ] وَالْمُؤْمِنُ يَرَى جَزَاءَ عَمَلِهِ السَّيِّئِ فِي الدُّنْيَا بِالْمَصَائِبِ وَالْأَمْرَاضِ وَالْآلَامِ .
وَيَدُلُّ لِهَذَا مَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، وَجَمَاعَةٌ عَنْ
أَنَسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009976بَيْنَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْكُلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ الْآيَةَ ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَرَاءٍ مَا عَمِلْتُ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْ شَرٍّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَبَا بَكْرٍ أَرَأَيْتَ مَا تَرَى فِي الدُّنْيَا مِمَّا تَكْرَهُ فَبِمَثَاقِيلِ ذَرِّ الشَّرِّ - الْحَدِيثَ .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ : أَنَّ الْآيَةَ أَيْضًا عَلَى عُمُومِهَا ، وَأَنَّ مَعْنَاهَا أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى كُلَّ مَا قَدَّمَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ الشَّرَّ وَيُثِيبُهُ بِالْخَيْرِ ، وَالْكَافِرُ يَرَى كُلَّ مَا قَدَّمَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ ، فَيُحْبِطُ مَا قَدَّمَ مِنْ خَيْرٍ وَيُجَازِيهِ بِمَا فَعَلَ مِنَ الشَّرِّ .