الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ختم النبوة وانقطاع الخوارق بها ومعنى الكرامات :

                          ( 5 ) لو كان للبشر حاجة بعد القرآن ومحمد - صلى الله عليه وسلم - إلى الآيات ، كما يدعي المفتونون بالكرامات ومخترعو الأديان والنحل الجديدة لما كان لختم النبوة معنى ; ولذلك ينكر البهائية والقاديانية ختم النبوة وانقطاع الوحي ، ويدعونهما للباب والبهاء ، ولغلام أحمد القادياني وخلفائه بلا انقطاع ، حتى سامها المرتزقة منهم والرعاع .

                          وقد بين شيخنا الأستاذ الإمام في رسالة التوحيد كيف ارتقى التشريع الديني في الأمم بارتقاء نوع الإنسان في الإدراك والعقل ، كارتقاء الأفراد من طفولة إلى شباب إلى كهولة بلغ فيها رشده واستوى ، وصار يدرك بعقله هذه الهداية العقلية العليا ( هداية القرآن ) بعد أن كان لا سبيل إلى إذعانه لتعليم الوحي ، إلا ما يدهش حسه ويعيي عقله من آيات الكون

                          بين في الكلام على وجه الحاجة إلى الرسالة أن سمو عقل الإنسان وسلطانه على قوى الكون الأعظم بما هي مسخرة له تنافي خضوعه واستكانته لشيء منها ، إلا ما عجز عن إدراك سببه ومنشئه فاعتقد أنه من قبل السلطان الغيبي الأعلى لمدبر الكون ومسخر الأسباب فيه فكان من رحمة الله تعالى به أنه أتاه من أضعف الجهات فيه وهي جهة الخضوع والاستكانة ، فأقام له من بين أفراده مرشدين هادين ، وميزهم من بينهم بخصائص في أنفسهم لا يشركهم فيها سواهم ، وأيد ذلك زيادة في الإقناع بآيات باهرات تملك النفوس ، وتأخذ الطريق على سوابق العقول فيستخذي الطامح ويذل الجامح ، ويصطدم بها عقل العاقل فيرجع إلى رشده وينبهر لها بصر الجاهل فيرتد عن غيه ) ) .

                          ثم قال في رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - : نبي صدق الأنبياء ولكنه لم يأت في الإقناع برسالته بما يلهي الأبصار أو يحير الحواس أو يدهش المشاعر ، ولكن طالب كل قوة بالعمل فيما أعدت له ، واختص العقل بالخطاب ، وحاكم إليه الخطأ والصواب ، وجعل في قوة الكلام ، وسلطان البلاغة ، وصحة الدليل ، مبلغ الحجة وآية الحق الذي ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) ( 41 : 42 ) .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية